المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجه كون قضاء الوطر في الحلال صدقة - شرح الأربعين النووية - العباد - جـ ٢٥

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[25]

- ‌شرح حديث: (ذهب أهل الدثور بالأجور)

- ‌الصدقات المقصور نفعها على المتصدق

- ‌الصدقات المتعدي نفعها

- ‌وجه كون قضاء الوطر في الحلال صدقة

- ‌شرح حديث: (كل سلامى من الناس عليه صدقة)

- ‌صدقة إصلاح ذات البين

- ‌صدقة إعانة الرجل في دابته

- ‌الصدقة بالكلمة الطيبة

- ‌صدقة المشي إلى الصلاة

- ‌صدقة إماطة الأذى عن الطريق

- ‌عموم الصدقات ودور ركعتي الضحى في الإجزاء عنها

- ‌شرح حديثي النواس بن سمعان ووابصة بن معبد في البر والإثم

- ‌وجه جعل البر حسن الخلق

- ‌معنى قوله: (والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)

- ‌الفرق بين البر والتقوى وبين الإثم والعدوان

- ‌معنى قوله: (استفت قلبك)

- ‌معنى قوله: (والإثم ما حاك في النفس)

- ‌الأسئلة

- ‌علة جمع الإمام النووي بين حديثي النواس ووابصة رضي الله تعالى عنهما

- ‌أثر النية في حصول الأجر على المباحات

- ‌حكم مساعدة الآخرين دون استشعار الأجر

- ‌دلالة قوله: (وإن أفتاك الناس)

- ‌وجه تسمية كتاب الدارمي بالمسند

- ‌صفة نقد الجهابذة النقاد للحديث

- ‌حكم تخصيص الوالد ولده بعطية دون إخوته

- ‌اعتراض على تعليل تسمية كتاب الدارمي مسنداً

- ‌نسبة تسمية مسند الدارمي إلى كتاب مفقود

- ‌دلالة إخبار النبي صلى الله عليه وسلم وابصة عن سبب مجيئه

- ‌المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى من الناس عليه صدقة)

- ‌مفارقة أمر الاستخارة للإثم والمشتبه

- ‌الفرق بين الفراسة والإلهام

- ‌اكتساب الفراسة

- ‌الضابط في طمأنينة القلب للشيء

- ‌حكم طمأنينة القلب لما يخالف الرخصة الشرعية

- ‌أجر الذاهب إلى المسجد بالسيارة

- ‌أجر العودة من الصلاة

- ‌حكم الصدقة عن المفاصل بغير ركعتي الضحى

- ‌شمول الصدقة للعمل الصالح

- ‌درجة حديث: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)

- ‌حكم اتخاذ المسجد طريقاً

- ‌درجة حديث: (اتق فراسة المؤمن)

- ‌الفرق بين الذمي والمستأمن والمعاهد

- ‌المراد بالطريق في قوله: (إماطة الأذى عن الطريق)

- ‌حكم حصول أجر الخطى إلى المسجد بغير وضوء

الفصل: ‌وجه كون قضاء الوطر في الحلال صدقة

‌وجه كون قضاء الوطر في الحلال صدقة

ثم ذكر بعد ذلك أمراً من الأمور التي للنفوس فيها حظ ووطر وهو قضاء الشهوة، والإنسان فيها يستفيد ويفيد، يحصن نفسه ويحصن غيره، ويعف نفسه ويعف غيره، وينال هذه الشهوة وهذه اللذة ومع ذلك يكون له فيها أجر، فدل على أن الأمور المباحة التي للنفوس فيها حظوظ وفيها قضاء الشهوة والوطر، إذا احتسبها الإنسان عند الله وقصد بها إعفاف نفسه وإعفاف غيره، وإحصان فرجه وإحصان غيره، والإحسان إلى نفسه والإحسان إلى غيره، فإنه يكون بذلك محصلاً للأجر.

الصحابة رضي الله عنهم: (يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!) قالوا ذلك؛ لأن هذا أمر يتعلق بأمور للنفس فيها حظ، فأرادوا الاستثبات في ذلك والتحقق، وهم عالمون وقاطعون بأن كل ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم حق، ولكن هذا من باب الاستثبات والاطمئنان، فالنبي صلى الله عليه وسلم قاس هذه المسألة على مسألة تقابلها، وهي قضاء الشهوة في أمر محرم، فإنه إذا قضاها في أمر محرم أثم، فإذا قضاها في أمر مشروع وأمر مباح فإنه يكون له في ذلك أجر.

وهذا فيه إثبات القياس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس كون الإنسان يأتي شهوته في أمر حلال على قضاء الشهوة في أمر حرام، وأنه إذا قضاها في أمر حرام فإنه يأثم ويستحق العقوبة، فكذلك إذا أتى بها في أمر مباح وأمر مشروع فإنه يكون قد أحسن، وهو مستحق للأجر والثواب على ذلك من الله عز وجل، وهذا يسمى قياس العكس؛ لأن المسألة المقيسة معاكسة للمسألة المقيس عليها، فالمقيس عليها هي فعل أمر حرام فيه قضاء شهوة يكون فيه إثم، ويقابل ذلك قضاء الشهوة في أمر مباح، فيكون في هذا أجر كما أن في ذلك وزراً.

قال عليه الصلاة والسلام: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر).

فالحديث دل على أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم السباقون إلى الخير وهم الحريصون على كل خير، وهم الذين كانوا يتنافسون في الخيرات ويتقربون إلى الله بالأعمال الصالحات، ومن كان عاجزاً عن شيء فإنه يجب أن يلحق بمن كان قادراً عليه، ولهذا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الاختلاف الذي بينهم وبين غيرهم فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يقدرون عليه، وأن الله تعالى يثيبهم على هذه الصدقات المتنوعة التي بعضها نفعه قاصر وبعضها نفعه متعدٍ، وأن كل ذلك صدقة منهم على أنفسهم فيما إذا كان النفع قاصراً، وصدقة منهم على أنفسهم وعلى غيرهم إذا كان النفع متعدياً.

ص: 5