المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه: - شرح الدروس المهمة لعامة الأمة - جـ ٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه:

‌الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه:

ومع الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه، وهو آخر الدروس.

الموت نهاية كل حي، فلا بد أن يمر على كل مخلوق ذي روح، ولذا وجب على المتعلمين تعلمه، والمعلمين تعليمه؛ لأن ما يتعلق بالموت من فروض الكفايات، من تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وغير ذلك مما يتعلق به.

يقول: "وإليك تفصيل ذلك" تجهيز الميت "إذا تيقن الموت أغمضت عيناه، وشد لحياه"، لا بد من تيقن خروج الروح، ولا يكفي موت الدماغ، وإن قرر الأطباء أنه في حكم الميت، لكنه ليس بميت، حتى تخرج روحه، وعلى هذا لا يجوز أن يفعل به أي شيء مما يتعلق بالأموات، أو يتسبب في موته، ما دامت الروح باقية، ولو قرر الأطباء أنه قد مات دماغياً، فإذا تيقن الموت بخروج الروح والعلامات ظاهرة، يعرفها من زاولها.

ص: 19

يقول: "إذا تيقن الموت أغمضت عيناه" لأن العين إذا خرجت الروح تتبع الروح، فإذا خرجت الروح تبعها البصر وشخص، وحينئذ تغمض عيناه، ليكون شكله مقبولاً، ولئلا يدخل في هذه العين شيء من الهوام، "وشد لحياه" لئلا ينفتح فمه، وهذا كله من حرمة المسلم، ليكون شكله بعد وفاته مقبولاً كشكله حال حياته، وعند تغسيله "تستر عورته" وجوباً، لا يجوز أن تكشف عورة الميت؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، لا يجوز أن تكشف العورة، بل على غاسله أن يستر عورته ولا يباشر شيئاً منها، "ثم يرفع قليلاً" لكي يخرج ما في بطنه، "ويعصر بطنه عصراً رفيقاً" لا بشدة وقوة، بل يكون برفق، لكي يخرج ما يمكن خروجه من بطنه، "ثم يلف الغاسل على يده خرقة أو نحوها فينجيه بها" ينجيه يزيل ما على مخرجه، أو ما علق، أو ما في مخرجه من نجاسة، هذا الاستنجاء، إزالة أثر النجاسة من المخرج، "ثم يوضئه وضوء الصلاة" يوضئه وضوء الصلاة، وقد جاء في حديث أم عطية أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لهن وهن بصدد غسل ابنته زينب:((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) فيوضأ الميت وضوء الصلاة، كما يفعل الحي إذا أراد الاغتسال المشروع، يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يغتسل، "ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر أو نحوه" السدر ينظف البدن، يقوم مقامه المنظفات الأخرى مما يزيل الأوساخ كالصابون والأشنان، والشامبو وما أشبه ذلك، المقصود التنظيف، "ثم يغسل شقه الأيمن"((ابدأن بميامنها)) "ثم الأيسر، ثم يغسله كذلك مرة ثانية وثالثة" يغسل الميت أولى وثانية وثالثة، فإن رأى الغاسل الزيادة على ذلك فلا بأس إلى السبع، للحاجة ((إن رأيتن ذلك)) ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) وليس مرد هذه الرؤية إلى التشهي، إن كان قريباً يزاد في غسله ليزداد التنظيف، لا، إن كانت الحاجة داعية إلى الزيادة على ثلاث فليزاد عليها، وليقطع على وتر.

"يمر في كل مرة يده على بطنه، فإن خرج منه شيء غسله وسد المحل بقطن" يعني إذا انتهى من هذه الغسلات "سد المحل بقطن أو نحوه، فإن لم يستمسك" بالقطن خرج مع وجود القطن "فبطين حر" طين حر، أو ما يقوم مقامه.

ص: 20

يقول: "أو بوسائل الطب الحديثة كاللزق ونحوه" وهناك أمور يسد بها هذا المخرج لئلا يخرج منه شيء، وموجود في المستشفيات والصيدليات وغيرها، فلا يلزم أن يكون بالطين، كان هذا معمول به عند المتقدمين ما عندهم إلا طين أو شبهه، الطين الحر: يعني يشبه الأسمنت في قوته وتماسكه "ويعيد وضوئه" يعني إن خرج منه شيء؛ لأنه في حكم المنتقض، "وإن لم ينقي بثلاث زيد إلى خمس أو إلى سبع" كما سمعنا في حديث أم عطية:((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) يعني إن كانت الحاجة داعية إلى سبع "ثم ينشف بثوب، ويجعل الطيب في مغابنه، ومواضع سجوده"((اجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) الكافور: طيب، نوع من الطيب، فيه خاصية أيضاً يطرد الهوام، ويصلب الجسد، الكافور يقوم مقامه الأطياب الأخرى، سواء كانت سائلة أو بخور، "يجعل الطيب في مغابنه" يعني الأماكن التي يغطي بعضها بعضاً، هذه المغابن، "ومواضع سجوده" لشرفها، "وإن طيبه كله كان حسناً" يعني إذا كان الطيب يستوعب البطن كله أفضل، "ويجمر أكفانه بالبخور، وإن كان شاربه أو أضافره طويلة أخذ منها

ولا يسرح شعره" لئلا يسقط منه شيء، فيبقى الشعر كما هو، والمرأة يظفر شعرها ثلاثة قرون، ويستل من ورائها، يجعل شعر المرأة ثلاث ظفائر، ثلاث ظفائر تجعل خلف المرأة، ثلاث، كما جاء في حديث أم عطية.

ثم بعد ذلكم تكفين الميت.

ص: 21

يقول: "الأفضل أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة" كما ثبت في الصحيح من حديث عائشة: "أن النبي عليه الصلاة والسلام كفن بثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة" هذا ما فعله الصحابة بالنبي عليه الصلاة والسلام، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، وبعضهم يرى أنه لا بأس أن يكفن في قميص، بل الأفضل أن يكفن بالقميص؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كفن ابن أبي بالقميص، ولا يفعل النبي عليه الصلاة والسلام إلا الأفضل، النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح كُفن بثلاثة أثواب، وجاء النص على أنه ليس فيها قميص ولا عمامة، فكيف يقال: إنه يكفن في القميص أفضل؟ نعم النبي عليه الصلاة والسلام كفن ابن أبي في قميصه مكافئة له، لما أعطى العباس قميصاً كافأه النبي عليه الصلاة والسلام فكفنه بقميصه، وجبراً لخاطر ولده، "يدرج فيه إدراجاً" يعني لف لف، "وإن كف في قميص وإزار ولفافة فلا بأس" المقصود أن يستر البدن، لكن الأفضل أن تكون ثلاثة أثواب، إيش معنى أثواب؟ لها أكمام ولها أزار وإلا لا؟ نعم، لا، ثلاث قطع من القماش، فالقطعة يقال لها: ثوب.

يقول: "وإن كفن في قميص وإزار ولفافة فلا بأس" يجوز ذلك، لكن الأفضل أن تكون ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، "والمرأة تكفن في خمسة أثواب" لأن المرأة بحاجة إلى الستر أكثر من الرجل، فيزاد في كفنها، فتكفن في خمسة أثواب في "درع وخمار وإزار ولفافتين، ويكفن الصبي في ثوب واحد إلى ثلاثة أثواب، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين" يعني الصبي الذي لم يكلف، أمره أخف من المكلف، فإذا كان الرجل المكلف يكفن في ثلاثة أثواب فالصبي من الذكور في ثواب واحد إن احتيج إلى ثاني لا بأس، إن احتيج إلى ثالث فلا بأس، لكن الأصل واحد، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين، بدل من أن تكفن المكلفة بخمسة أثواب.

من أحق الناس بغسل الميت؟

ص: 22