الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناصر الدرس
* الحجب لغة واصطلاحا.
* أنواع الحجب ومن يحجب غيره.
* القريب المبارك والقريب المشؤوم.
* باب المُشَرَّكة.
* أركان المشركة وحكمها.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
انتهينا من باب التعصيب، وما يتعلق بالعصبة بأنواعها الثلاث.
ثم قال الناظم رحمه الله تعالى: (بَابُ الْحَجْب). أي: هذا باب بيان ما يتعلق بمسائل الحجب. والحجب هنا المراد به ذو الحجب، يعني: صاحب الحجب، باب بيان الحجب يعني: باب بيان ذي الحجب وهو المحجوب، وهو باب عظيم في الفرائض يحرم على من لم يعرف الحجب أن يُفتي في الفرائض هكذا قال الفقهاء: من لم يتقن هذا لا يحل له الفتوى في باب الفرائض. مع غيره يعني: من الأبواب السابقة لكن لعظم هذا الباب وشدة ما يتعلق به حينئذٍ خصَّه بهذه العبارة، وإلا الحكم عام.
باب الحجب. الحجب لغةً المنع، الحاجب حينئذٍ يكون في اللغة هو المانع، إذا كان الحجب هو المنع فحينئذٍ الحاجب هو المانع، ولذلك قلنا: باب الحجب، ليس المراد الحجب نفسه، وإنما المراد الحاجب. من الذي يحجب غيره، ومن الذي يكون محجوبًا بغيره. من الذي يَحْجِب، ومن الذي يُحْجَب. فالورثة على نوعين منهم من يَحْجِب ويُحْجَب .. إلى آخر ما سيأتي في الأقسام الأربعة.
إذا الحجب في اللغة المنع، فالحاجب حينئذٍ يكون في اللغة هو المانع.
واصطلاحًا عند أرباب الفرائض الحجب هو: منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه. أو هنا للتنويع، أراد بهذا الحدّ أن يجمع بين النوعين، لأن الحجب نوعان:
- حجب حرمان.
- وحجب نقصان.
وثَمَّ حجب مضي معنا في أول النظم وهو حجب الأوصاف، الذي يُعبر عنه بـ موانع الإرث [أحسنت] يسمى موانع الإرث، وهو الذي يُعبر عنه في هذا المقام بـ حجب الأوصاف لكنه ليس هو المراد، وإنما المراد به نوع أخص.
منع من قام به سبب الإرث، منع، أخذ في الحدّ المنع لأنه هو المعنى اللغوي لمادة حجب، من قام به سبب الإرث كالقرابة، فمنع من لم يقم به سبب الإرث لا يُسمى حجبًا اصطلاحًا، يعني: الشخص الذي يصح أن يوصف بأنه مُنع أو حُجب من الإرث هو الذي وُجد فيه سبب مقتضي للإرث، يعني: إما قرابة، وإما نكاح وإما .. . إما قرابة، قرابة هي النسب، ولاء هي الثاني.
إما قرابة وهي النسب، أو نكاح، أو ولاء. إن وجد سبب من هذه الأسباب الثلاث، ثم اتصف أو مُنع من الإرث هذا الذي يُسمى محجوبًا، وأما من لم يقم به واحد من الأسباب الثلاثة لا يُسمى محجوبًا لأنه ليس بوارثٍ، وإنما حجبه يكون متعلقًا بالورثة الذين مضوا معنا، ولذلك قال: من قام به سبب الإرث. يعني: من اتصف بسببه من الأسباب الثلاثة السابقة، إما أن يمنع من الإرث بالكلية الإرث المراد به هنا الموروث بالكلية، يعني: لا حظ له في الإرث البتة، وهذا يُسمى حجب حرمان. يعني يحرمه ويمنعه من الإرث بالكلية، كالابن مع ابن الابن، أيهما يرث؟ الابن يرث، وابن الابن يسقط، لماذا؟ لأنه محجوب، هكذا تعبر، لأنه محجوبٌ بأبيه فلا يرث مع من أدلى به كما سبق.
ابن الابن هل هو من الورثة؟ نعم قام به سبب وهو النسب القرابة. إذا قام به سبب الإرث ومع ذلك هو ممنوعٌ ومحجوبٌ من الإرث بالكلية ليس له نصيب البتة، هذا يُسمى حجب حرمان.
أو هذا نوع ثاني من نوعين الحجب من أوفر حظيه. أي: من أعظم نصيبيه، وهذا يسمى حجب نقصان، وهذا يكون فيما إذا كان للشخص فرضان مثلاً، سيأتي التعصيب إلى آخره، وهو أنواع. مثلاً الزوج أو الأم ترث الثلث، وترث السدس. متى ترث الثلث؟ إذا لم يوجد فرع وارث ولا عدد من الإخوة جمع من الإخوة. إذا ترث الثلث، إذا وُجد جمع من الإخوة انتقلت إلى السدس، حُجِبَتْ أو لا؟ حُجِبَتْ من أوفر حظيها من أعظم .. ، أي الحظين أعظم الثلث أم السدس؟ الثلث أعظم من السدس. [كيف السدس] الثلث أعظم من السدس حينئذٍ حجبوها من الثلث ونزلت إلى السدس. فنقول: هذا حجب نقصان، لم يمنعوها من الإرث بالكلية كما هو الشأن في ابن الابن منع بأبيه، لا حظ له البتة لا قليل ولا كثير، ما شم رائحة الإرث. وأما الأم هنا حينئذٍ تنزل من الثلث وهو الكثير إلى القليل وهو السدس بسبب وجود جمع من الإخوة. حينئذٍ نقول: الجمع من الإخوة حجبوا الأم من الثلث إلى السدس. وهذا هو النوع الذي أشار إليه بقوله: أو للتنويع من أوفر حظيه. أي: من أعظم نصيبيه وهذا يسمى حجب نقصان. إذا اشتمل هذا الحد على النوعين، الحجب وهو حجب الحرمان وحجب النقصان.
قال الشارح: وهو قسمان يعني: الحجب من حيث هو بالمعنى الأعم لأن ذكرنا أن الموانع تسمى ماذا؟ حجب أوصاف. إذا ثم معنى عام ومعنًى خاص، المعنى العام يشمل الموانع وما ذكره من الحجب: حجب الحرمان والنقصان. وثَمَّ حجم بمعنى الخاص الذي عرفه الشارح معنا هنا وهو الذي أراده الناظم بباب الحجب هو النوع الخاص، وأما الحجب من حيث هو بالمعنى الأعم فهو قسمان حجب بالأوصاف أي: بسببها وهي الموانع السابقة الرق والقتل واختلاف الدين، وحجبٌِ بالأشخاص يعني بسبب الأشخاص، وهو المراد عند الإطلاق. يعني فمتى أطلق الحجب فالمراد به الحجبُ بالأشخاص نقصانًا لا حرمانًا، وهو المقصود بالترجمة هنا، لأن ما سبق عنون له الناظم هناك في الموانع حينئذٍ لا داع إلى إعادتها مرة أُخرى.
وهو قسمان - أي حجب الأشخاص -. حجب الأشخاص قسمان:
- حجب نقصان.
- وحجب حرمان.
إذًا قولنا في تعريف الحجب منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه. هذا تعريف لحجب الأشخاص، وأما الأوصاف فقد مضى معنا. وهو قسمان - أي: الحجب بالأشخاص - حجب نقصان، حجبٌ يترتب عليه النقصان حينئذٍ نقول: هو من قام، أو هو منع من قام به سبب الإرث من أوفر حظيه.
حجب النقصان: منع من قام به سبب الإرث من أوفر حظيه، ويدخل على جميع الورثة، وهو سبعة أنواع. عند الفرضيين حجب النقصان سبعة أنواع، يعني: من باب التقسيم العام فقط، قد لا ينبني عليه شيء من حيث العمل لكن من باب ترتيب المسائل فقط يقال هو سبعة أقسام منها أربعة انتقالات، ومنها ثلاثة ازدحمات.
أما الانتقالات الأربعة فهي:
الأول: انتقال من فرضٍ إلى فرضٍ أقل منه. كما ذكرنا شأن الأم من الثلث إلى السدس، هذا فيه حجب نقصان وهو انتقال من فرضٍ إلى فرضٍ أقل منه، وهذا يكون في حق من له فرضان نعم وهو كذلك، يكون في حق من له فرضان، يعني من ثبت له في الشريعة الفرضان، وهم خمسة:(الزوجان، والأم، وبنت الابن، والأخت من الأب).
الزوجان، الزوجة لها فرضان الزوجة الربع والثمن، والزوج النصف والربع، والأم
…
وبنت الابن
…
[أحسنتم] بنت الابن واحدة النصف والسدس.
وَبِنْتُ الاِبْنِ تَأْخُذُ السُّدْسَ إذا
…
كَانَتْ مَعَ الْبِنْتِ مِثَالاً يُحْتَذَى
مضى معنا، والأخت من الأب النصف؟ السدس، [أحسنتم].
الثاني: انتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه. وهذا يكون في حق العصبة مع الغير كانتقال الأخت من النصف بالتعصيب إذا كانت مع البنت إلى الثلث بالتعصيب إذا كانت مع أخيها إذ لو كان معها أخوها كان الباقي بينهما {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11] وهذا سبق البارحة معنا.
الثالث: انتقال من فرضٍ إلى تعصيب أقل منه وهذا في حق ذوات النصف فإن لكل واحدةٍ منهن عند الإنفراد النصف، وإذا كان معها مُعَصِّبُها #10.07 نعم بنت الابن تؤخذ النصف عند عدم المعصب وهو أخوها، إن وجد أخوها انتقلت من الفرض إلى التعصيب. وهذا في حق ذوات النصف فإن لكل واحدةٍ منهن عند الإنفراد النصف، وإذا كان معها مُعَصِّبُها اقتسما {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} فانتقلت من النصف فرضًا إلى الثلث بالتعصيب مع ابنٍ، إلى الثلث بالتعصيب ليس فرضًا لأن نقول: إذا وجد أخوها حينئذٍ صار بثلاث رؤوس {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} ثلاثة لأن له سهمان. إذا صار لها كم؟ الثلث من بين الثلاثة، هذا مرادهم به.
الرابع: انتقاله من تعصيب إلى فرضٍ أقل منه، عكس ما قبله. وهذا يكون في حق الأب والجد فقط، كانتقال الأب والجد مع الابن من أرث جميع المال تعصيبًا إلى السدس فرضًا، إذا وجد الابن حينئذٍ انتقل الأب والجد من الإرث بالتعصيب لجميع المال إلى سدس فرضًا.
أما الازدحامات فهي ثلاثة:
مزاحمةٌ في الفرض، وهذا يكون في حق سبعةٍ من الورثة، وهم:(الجدة، والزوجة، والعدد من البنات، وبنات الابن، والأخوات من الأب، والعدد من أولاد الأم).
مزاحمة يعنى ما يشترط فيه العدد، أو ما قد يكون فيه العدد، إذا قيل: لكل إخوة لأم لهم الثلث ليس واحد قد يكونوا عشرة، إذا زاحموا بعضهم، قد يكون ثلاثة لهم الثلث كل واحد له نصيب أكثر، إذا كانوا خمسة قل نصيبهم، عشرة قل نصيبهم، وهلم جرا فصارت فيه مزاحمة.
ثانيًا: فمثلاً البنات فإن بعضهن يزاحم بعضهن في الثلثي.
الثاني: مزاحمة في التعصيب، وهذا يكون في حق كل عاصبٍ، كما في البنتين فإن بعضهم يزاحم بعضًا في التعصيب.
ثالثًا: مزاحمةٌ في العول. العول سيأتي في آخر المنظومة، هو لم ينظم ذلك لأنه ليس قائلاً به، بالعول وهذا يكون في حق أصحاب الفروض إذا تزاحموا في الفريضة الواحدة لأنه ليس بعضهم أحق بالإرث من بعضٍ فيلحق النقص جميعهم حتى يتمكن من قسمتها. زوج وأم وأخت لغير أم، الزوج كم له؟ النصف، والأم؟ الثلث، وأخت لغير أم إما شقيقة أو لأب؟ النصف نعم صارت المسألة من ست. النصف للزوج كم؟ ثلاثة، والثلث للأم الثلث للأم كم، كيف نأتي في باب الحساب؟ ستة على ثلاثة؟ نعم إذا الثلث للأم اثنان، ثلاث واثنين خمسة، الأخت لأب أو الشقيقة لها النصف كم ثلاثة، ثلاث وخمسة صار عول، هذا سيأتينا في آخر الباب.
إذا حجب النقصان سبعة أنواع؛ أربع انتقالات، وثلاث مزاحمات.
وحجب الحرمان وقد سبق بعضه في العصبات وذكر هنا شيئًا منه مقدمًا حجب الأصول فقال:
وَالْجَدُّ مَحْجُوْبٌ عَنِ الْمِيْرَاثِ
…
بِالأَبِ في أَحْوَالِهِ الثَّلَاثِ
(وَالْجَدُّ) معلوم، الجد الوارث، وأما غير الوارث فليس بوارث لأنه كما سبق إذا أُطلق الجد أو الابن إلى آخره من الورثة فالمراد به من اتصف بالورث، يعني من قام به سبب ولم يأت له مانع. (وَالْجَدُّ مَحْجُوْبٌ) يعني ممنوعٌ مع قيام سبب الإرث (عَنِ الْمِيْرَاثِ) يعني عن الإرث (بِالأَبِ) فالأب يحجب الجدّ، إذا وُجد في مسألة أبٌ وجد مباشرة تقول: الجد يسقط محجوب، لماذا؟ لأن الأب أقرب منه (بِالأَبِ) الباء سببية هنا يعني بسببه لأنه أدلى به، أي لأن الجد انتسب إلى الميت بواسطة الأب، والقاعدة السابقة التي ذكرنا أن باب الحجب يقوم عليها مع القاعدة التي معها أن كلّ من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، فالجد أدلى بالأب يعني توسط إلى الميت ما عرفه إلا عن طريق الأب، حينئذٍ لو وُجد الأب والجد سقط الجد.
(في أَحْوَالِهِ) الضمير يحتمل أنه يعود على الأب أو على الجد (أَحْوَالِهِ الثَّلَاثِ) التي ذكرناها سابقًا:
[أنه قد يرث بالإرث](1) أنه قد يرث بالفرض فقط.
أو بالتعصيب فقط.
أو بهما معًا.
فالأحوال الثلاثة ثابتة للأب هي ثابت للجد، فكما أن الأب يرث بالفرض فقط أو بالتعصيب فقط وقد يجمع بينهما في بعض المسائل، كذلك الجد يرث بهذه الأحوال الثلاثة.
إذا أول من ذكر من الأصول الجد فهو محجوب بالأب لأنه أدلى به.
(1) سبق.
(وَتَسْقُطُ الْجَدَّاتُ مِنْ كُلِّ جِهَهْ بِالأُمِّ) الأم تحجب الجدات، كل جدة سواء كانت من جهة الأب أو من جهة الأم أو من جهة الأب والأم، إذا وجدت الأم فهي محجوبة بـ فالجدة محجوبة بالأم، وذلك قال:(وَتَسْقُطُ) يعني من الورثة (الْجَدَّاتُ) اثنان فأكثر فالجمع مراد (مِنْ كُلِّ جِهَهْ) أي من جهة الأم أو من جهة الأب أو من جهتهما، (بِالأُمِّ) يعني بسبب الأم فالباء سببية، أما التي من جهة الأم أم الأم تسقط بالأم هذا واضح لأنها اجتمعت معها، فكل من أدلى بواسطة حينئذٍ حجبتها، كما أن الجد أدلى بالأب حينئذٍ حجبه إذا وجد معه، كذلك أم الأم تحجبها الأم لأنها واسطتها وأدلت بها إلى الميت، أما التي هي من جهة الأم فلإدلائها بها، وأما التي من قبل الأب فلكون الأم أقرب من يرث بالأمومة، ووجه كون الأم أقرب من يرث بالأمومة أنها ترث بالأمومةِ بلا واسطة. يعني الأم ترث بلا واسطة، والجدات يرثن بالأمومة بواسطة، جد أنثى هي أم سواء كانت أم أب أو أم أم إذا هي أم ترث بالأمومة لكنها هل هي مثل الأم، ثَمَّ فرقٌ. الفرق هو أن الأم ترث بلا واسطة، أم الميت مباشرة، وأما أم الأم وأم الأب وأم أبي الأب هي أمومة لكنها بواسطة. إذا كل منهما اشتركا في الأمومة، الأم والجدة، حينئذٍ إذا وجدت أم الأم مع الأم حجبتها لأنها أدلت بها، كذلك إذا وجدت الأم مع أم الأب حجبتها لماذا؟ لأن أم الأب ترث بالأمومة، حينئذٍ أشبهت أم الأم، والفرق بينهما أن تلك أن هذه بواسطة وتلك بغير واسطة، أنها ترث بالأمومة بلا واسطة، والجدات يرثن بالأمومة بواسطة، فالتي من جهة الأب ترث بالأمومة بواسطة الأب، يعني: باعتبار كونها أم أب، والتي من جهة الأم ترث بالأمومة بواسطة الأم أي باعتبار كونها أم أم، على كلٍّ الجدات لا يرثن مع الأم، فالأم تحجبها كما أن الأب يحجب الجد. وتسقط الجدات يعني: من الورثة (مِنْ كُلِّ جِهَهْ) يعني من الجهات التي ذكرناها (بِالأم) يعني بسبب الأم، فمتى ما وجدت الأم حجبت الجدات، (فَافْهَمْهُ) إذا علمت ما ذكرته لك من الحكم السابق (فَافْهَمْهُ) الفاء فاء الفصيحة. (فَافْهَمْهُ) المراد به اعلمه، يعني أعلم الحكم الذي ذكرته لك مع فهمه، فعلمٌ وفهمٌ حينئذٍ لا بد من اجتماعهما. (فَافْهَمْهُ) أي ما ذكرته لك من حجب الجد بالأب وسقوط الجدات بالأم، يعني إذا رددناه على البيت السابق وهو على ما ذكره في هذا البيت. أو (فَافْهَمْهُ) يعني ما ذكر لك من سقوط الجدات بالأم. (وَقِسْ) هذا أمر من القياس (مَا أَشْبَهَه) لماذا؟ لأنه ذكر في هذا البيت والبيت السابق حجب الجد بالأب، وذكر في هذا البيت حجب الجدة بالأم.
إذا الرابط مشترك وهو أن كلَّ من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، وقس على ما ذُكر من [حجب الأب](1) حجب الجد بالأب لكونه أدلى به قس عليه غيره، فكلّ من أدلى بواسطة فحينئذٍ تقيسه على ما ذكر فتحجبه بتلك الواسطة. (وَقِسْ مَا أَشْبَهَهْ) في حجب البعيد بالقريب. وقوله:(أَشْبَهَهْ) الضمير هنا لما ذُكر من حجب الجد بالأب وحجب الجدات بالأم. قال الشارح: فيحجب كل جدٍّ قريب كل جدٍّ أبعد منه لإدلائه به. كل جدٍّ قريب يحجب كل جدٍّ بعيد لإدلائه به، وتحجب الجدات بعضهن بعضًا على التفصيل الذي ذكرناه في آخر باب السدس. وتحجب الجدات بعضهن بعضًا على التفصيل السابق، ويحجب كل من الأب أو الجد الجدة التي تدلي به دون غيرها، هذا على المذاهب الثلاثة، وأما عند الحنابلة فلا، الحنابلة هذه المسألة مستسناة يحجب كل من الأب والجد الجدة، لا الأب لا يحجب الجدة، والجد لا يحجب الجدة، هذا في المذهب عند الحنابلة، وأما عند الأئمة الثلاثة فعلى ما ذكره الشارح.
وَهَكَذَا ابْنُ الاِبْنِ بِالإِبْنِ فَلَا
…
تَبْغِ عَنِ الْحُكْمِ الصَّحِيْحِ مَعْدِلَا
(1) سبق.
(وَهَكَذَا) أي مثل ذا السابق في الحكم وهو أنه محجوب (ابْنُ الاِبْنِ) بسبب الابن واضح (ابْنُ الاِبْنِ) محجوب (بِالإِبْنِ) لماذا؟ للقاعدة لأنه أدلى، لأن (ابْنُ الاِبْنِ) أدلى (بِالإِبْنِ) بأبيه حينئذٍ إذا وُجد الأب حجبه، كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، (وَهَكَذَا) أي مثل ذا السابق في الحكم، (هَكَذَا) هذا خبر و (ابْنُ الاِبْنِ) مبتدأ مؤخر، (ابْنُ الاِبْنِ)، (وَهَكَذَا) يسقط مثل ما سبق يسقط (ابْنُ الاِبْنِ بِالإِبْنِ) الهمزة بالتحقيق لا بد من هذا أي بسبب الابن. قال الشارح:(وبنت الابن) لأنها مثله بنت الابن تُحْجَبُ بالابن أليس كذلك؟ يعني: بأبيها لأنها أدلت به (فَلَا ** تَبْغِ عَنِ الْحُكْمِ الصَّحِيْحِ مَعْدِلَا) إذا علمت ما ذُكر فلا تبغي فالفاء هنا فاء الفصيحة، و (تَبْغِ) يعني تطلب (فَلَا ** تَبْغِ) تبغي بالياء أصله لكنه جُزم بلا الناهية. هذه لام ناهية تجزم وتبغ هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وجزمه حذف حرف العلة وهو الياء، لأنه من بغى، بغى الشيء بُغْيَةً طلبه. إذا لا تبغي يعني لا تطلب عن الحكم الذي هو حجب (ابْنُ الاِبْنِ بِالإِبْنِ) (الصَّحِيْحِ مَعْدِلَا) يعني ميلاً إلى حكمٍ آخر. يُقال: عَدَلَ عَدْلاً وعُدُولاً مَالَ، ويُقال عَدَلَ عن الطريق حَادَ يعني: لا تحد {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] يعدلون به غيره وهذا باطل، وهناك ذلك (لا ** تَبْغِ عَنِ الْحُكْمِ الصَّحِيْحِ مَعْدِلَا) بالكسر على المشهور وإن كان القياس الفتح لأنه ليس مراد به اسم مكان واسم زمان، وإنما المراد به الحدث، فحينئذٍ الأصل فيه مَعْدَلاً القياس فيه الفتح، لكن المسموع الكسر مثل مسجِد ومسجَد، القياس مسجَد لكن المسموع والمشهور في لسان العرب هو الكسر. إذا (مَعْدِلَا) المشهور بكسر الدال لكن القياس فتحها لأنه المراد منه الحدث، ولذلك فسره الشارح هنا أي: ميلاً إلى حكمٍ الباطل. إذا ابن الابن محجوب بالابن، بنت الابن محجوبة بالابن، بالقاعدة أن كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، (فَلا ** تَبْغِ) لا تطلب (عَنِ الْحُكْمِ الصَّحِيْحِ) الذي هو حجب (ابْنُ الاِبْنِ بِالإِبْنِ) ويحتمل شموله لما سبق، ولذلك عبر عنه بالصحيح أي المصحح معدلاً يعني: ميلاً إلى غيره فيكون باطلاً بأن تورث ابن الابن مع الابن، هذا باطل، أو تورث بنت الابن مع أبيها الابن، نقول: هذا باطل لأنه بالإجماع أن ابن الابن لا يرث مع أبيه، وبالإجماع بنت الابن لا ترث مع أبيها، حينئذٍ يكون هذا من الباطل
وَتَسْقُطُ الإخوة بِالْبَنِيْنَا
…
وَبِالأَبِ الأَدْنَى كَمَا رُوِّيْنَا
(وَتَسْقُطُ) الإخوة مطلقًا والمراد جنس الإخوة الصادق بالواحد والمتعدد، يعني: الإخوة جمع لكن ليس مرادًا الجمع يعني: إذا وُجد الجمع سقط الإخوة بالبنين، وإذا لم يكن جمع حينئذٍ لا يسقط؟ لا، مراد جنس الإخوة الصادق بالواحد وبالمتعدد. (وَتَسْقُطُ الإخوة) أي جنسهم مطلقًا يعني دون تفصيل، كلّ أخٍ ومثلها الأخت تسقط بالبنين، فالابن يُسقط الإخوة كلهم بمعنى أنهم سواء كانوا أشقاء أو لأبٍ أو لأم، أو كانوا ذكورًا وإناثًا. إذا تسقط الإخوة أطلق الناظم هنا فيشمل مطلق كلّ الإخوة سواء كانوا أشقاء أو كانوا لأب أو كانوا لأم، سواء كانوا ذكورًا كلهم أو كانوا إناثًا أو كانوا خليطًا ذكورًا وإناثًا، بل زاد الشارح أو كانوا خناثى. إذا الإخوة يسقطون بالبنين. بالبنين كذلك المراد به الجنس يعني: بالابن الواحد فما زاد، فكل ابنٍ سواء كان واحد أو متعدد أسقط الإخوة مطلقًا سواء كان واحدًا أو متعدِّدًا. إذا الأخ لا يرث مع الابن هذا المراد فيحجبه،
…
(وَتَسْقُطُ الإخوة بِالْبَنِيْنَا) الألف هذه للإطلاق، وأل في البنين هذه للجنس فتُبطل معنى الجمعية ولذلك قال الشارح: والمراد الواحد فأكثر كما هو معلوم، وسوف يصرح به في بني الابن. (وَبِالأَبِ) يعني وتسقط الإخوة بالبنين أولاً، وكذلك تسقط الإخوة بالأب [فلا يرث الأب](1) فلا يرث الإخوة مع الأب، (وَبِالأَبِ) أي وتسقط الإخوة بالأب الأدنى، من هو الأب الأدنى؟ الأب الحقيقي. وأما الجدّ فسيأتي في باب الجد والإخوة أنه يُسمى أبًا لكنه أعلى، فعندنا الأب على نوعين:
أبٌ أدنى الذي هو حقيقي. أبو الميت يعني: الوالد الذي ولده.
والأب الأعلى الذي هو الجدّ.
هنا قال: (وَبِالأَبِ الأَدْنَى) احتراز من الأب الأعلى وهو الجد لأنه فيه خلاف سيأتي في بابٍ مستقل (الجد مع الإخوة) هل يرثون أو لا يرثون فيه خلاف الجمهور على أنهم يرثون. إذا قوله: (الأَدْنَى) يعني الأقرب، وهو وصفٌ احترز به عن غيره احترازًا عن الأب الأعلى وهو الجد. (كَمَا رُوِّيْنَا) بالبناء للمجهول وحينئذٍ فأصله رُوِيَ لنا فدخله الحذف للجار والإيصال للضمير ويصح قراءته بالبناء للمعلوم كما رَوَيْنَا، كما روينا ذلك ما الذي رَوَيْناه سقوط الإخوة بالبنين وسقوط الإخوة بالأب الأدنى (كَمَا رُوِّيْنَا) ذلك في معنى ما ورد في القرآن العزيز فإن الكلالة من لم يُخَلِّفُ ولدًا ولا وَالدًا، الكلالة التي جاءت في سورة النساء من لم يُخَلِّفُ ولدًا ولا وَالدًا مفهومه أن من خَلَّفَ ولدًا أو وَالدًا فلا شيء لإخوته، فيُعلم من هذا سقوط الإخوة البنين وبالأب الأدنى، و (كَمَا رُوِّيْنَا) ما يؤدي إلى ذلك عن رسول الله ع في قوله:«فما بقي فلأولى رجل ذكر» ولا نشك أن كل من الابن والأب وكذا ابن الابن أولى من الإخوة، هم أولى من الإخوة لأنهم أقرب، الأب أولى من الإخوة، والابن وابن الابن أولى من الإخوة، أو (كَمَا رُوِّيْنَا) ذلك عن الفقهاء والفرضيين وغيرهم فإنه مجمع عليه.
(1) سبق.
إذا هذا الحكم لا خلاف فيه، سواء كان مدلوله مأخوذًا من القرآن كما ذكره في آية الكلالة، أو من النص النبوي:«ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» . أو بالإجماع ما دام أنه مجمع عليه حينئذٍ يكون أقوى، والمراد بأن الإجماع أقوى لأنه لا يحتمل إذا قيل بأنه ابن الابن لا يرث مع أبيه أو الإخوة يسقطون بالـ .. ، هذا نص لا يحتمل غيره، بخلاف مثلاً بعض نصوص القرآن أو بعض نصوص السنة النبوية، حينئذٍ يرد احتمال أن هذا غير مراد منطوق مفهوم غيره ناسخٍ إلى آخره فالاحتمال وارد، ولذلك عند الأصوليين أن دلالة الإجماع من حيث الدلالة لا من حيث السند دلالة الإجماع أقوى لأنها لا تحتمل لا تحتمل إلا شيء واحد ثم لا تحتمل النسخ، وأما النص لا فهو محتمل أن يكون منسوخًا وكذلك نص سواء كان من القرآن أو كان من سنة نبوية، وأما الإجماع فلا فلذلك يكون مقدمًا من حيث الدلالة، وإن كان مستند الإجماع إما كتاب وإما سنة وإما قياس، قد يُنقل المستند وقد لا ينقل، فلا يقال كيف حينئذٍ نقول: إجماع أقوى. نحن لا نقول إجماع أقوى من حيث الثبوت من حيث وصوله إلينا هذه مسألة، ووصول القرآن إلينا مسألة أخرى، وصول القرآن إلينا القراءة المتواترة متواتر قطعي، والإجماع وصوله إلينا قد يكون متواترًا وقد لا يكون. من حيث الثبوت فرق بين ثبوت القرآن وثبوت الإجماع، ثبوت القرآن لا يكون إلا متواترًا هذا الأصل فيه، وثبوت الإجماع قد يكون وقد لا يكون ففرق بينهما.
إذا المقصود أنه إذا أُجمع على مسألة حينئذٍ صارت هي المعتمدة.
أَوْ بِبَنِي الْبَنِيْنَ كَيْفَ كَانُوْا
…
سِيَّانِ فِيْهِ الْجَمْعُ وَالْوِحْدَانُ
لما كان الابن حقيقةً خاصًا بابن الصلب، وكان ابن الابن كالابن في حجب الإخوة إجماعًا صرح بذلك، لأنه قال:(وَتَسْقُطُ الإخوة بِالْبَنِيْنَا) بالابن هل ابن الابن كالابن؟
هذا محل سؤال، فصرح الناظم بأن ابن الابن يحجب الإخوة كما أن الابن يحجب الإخوة، والمسألتان مجمع عليهما، بمعنى أن الإجماع انعقد، على أن ابن الابن يحجب الإخوة كما أن أباه يحجب الإخوة، ولذلك نص على ذلك.
و (بِبَنِي الْبَنِيْنَ) يعني وتسقط الإخوة بجنس بني البنين الصادق بالواحد والأكثر (كَيْفَ كَانُوْا)، (كَيْفَ) هذا اسم استفهام في محل نصب خبر لكان، إن كانت كان ناقصة حينئذ (كَيْفَ) في محل نصب خبر لكان، و (الواو) في كانوا تكون اسمها، أو على الحال إذا كانت تامة، كان يحتمل أنها ناقصة ويحتمل أنها تامة، إذا كانت ناقصة (الواو) اسم كان، أين خبرها؟ (كَيْفَ) إذا كانت تامة، فـ (الواو) فاعل، و (كَيْفَ) تكون في محل نصب حال، وعلى كلٍّ هي اسم استفهام، (كَيْفَ كَانُوْا) اسم استفهام في محل نصب، إما خبر لكان إن كانت ناقصة، أو في محل نصب على أنها حال إن كانت كان تامة، والواو إما أن تكون اسمها إذا كانت ناقصة، أو تكون فاعلاً لكان (سِيَّانِ فِيْهِ الْجَمْعُ وَالْوُحْدَانُ)،
…
(وَالْوِحْدَانُ) بكسر الواو وضمها وِحْدَان وُحْدَان (سِيَّانِ) بكسر النون تثنية سي وهو خبر مقدم، و (الْجَمْعُ) وما عُطف عليه مبتدأ مؤخر. الجمع والوحدان سيان يعني سواء لا فرق بين الجمع والوحدان فيما ذكر وما سبق، يعني في بني البنين لا يُشترط أن يكون جمعًا بل الواحد والاثنين والثلاث في حكم واحد، وكذلك قوله:(بِالْبَنِيْنَا) لا يُشترط فيه الجمع، فليس شرطًا الجمع هنا، وإنما المراد به جنس البنين وجنس بني البنين.
إذًا (سِيَّانِ) نقول: بكسر النون تثنية سي وهو خبر مقدم، و (الْجَمْعُ) وما عطف عليه مبتدأ مؤخر. (فِيْهِ) متعلق بـ (سِيَّانِ) والضمير هنا يعود على ماذا؟ على الحكم السابق، يعني تسقط الإخوة ببني البنين، وتسقط الإخوة بالبنين (سِيَّانِ) يستويان في هذا الحكم (الْجَمْعُ) اثنان فأكثر (وَالْوِحْدَانُ) جمع واحد، حينئذ لا فرق بين الواحد وبين الجمع
…
(الْوِحْدَانُ) بضم الواو جمع واحد، إذا كانت بضم الواو فهي جمع واحد، أو بكسر الواو (الْوِحْدَانُ) بكسر الواو فهو جمع أوحاد بمعنى واحد، إذًا كلاهما المؤدى والنتيجة أن المراد به الفرض الواحد. إذًا كما يحجب الفرد وكذلك يحجب الجمع فلا فرق حينئذ من حيث وصفهما بالحجب.
إذًا و (بِبَنِي الْبَنِيْنَ كَيْفَ كَانُوْا ** سِيَّانِ فِيْهِ) في هذا الحكم (الْجَمْعُ وَالْوِحْدَانُ) سيان أي: سواء، (فِيْهِ) أي الحكم المذكور وهو حجب الإخوة بهم (الْجَمْعُ) الصادق باثنين فما زاد [والمراد ما فوق الواحد [و (الْوِحْدَانُ) جمع واحد وليس الجمع هنا مراد، (الْوِحْدَانُ) جمع واحد أقل الجمع اثنان هل هذا المراد؟ لا، ليس المراد، إنما المراد به جمع واحد فالدلالة على ما انصب على المفرد، وليس الجمع مرادًا، بل المراد به الواحد مجازًا مرسلاً، من إطلاق الاسم الكلي مرادًا به الجزء، لأن المفرد جزء الجمع، وذلك لمقابلته بالجمع المراد به ما فوق الواحد، لما قوبل به الجمع علمنا أن المراد به الواحد، فأَطْلَقَ الجمع وأراد به الواحد. (الْوِحْدَانُ) جمع واحد لكن في النظم هنا ما المراد به؟ هل المراد به الجمع أقله اثنان أو المراد به الواحد؟ الواحد. إذًا هذا حقيقة أو مجاز؟ مجاز ليس بالحقيقة، هذا المراد. من أين أخذنا أنه مجاز؟ بمقابلته بالجمع، لأن الذي يقابل الجمع اثنان فأكثر، هو الواحد ففرق بين اللفظين.
إذًا الإخوة يحجبون بالابن والأب وابن الابن، كم؟ ثلاثة. لما كان للأم يحجبون بما يحجب به الأشقاء ولأب بالأب والابن وابن الابن، إلا أنهم يزيدون عليه بثلاثة كذلك زاد الناظم فقال:
(وَيَفْضُلُ) يعني يزيد
وَيَفْضُلُ ابْنُ الأم بِالإِسْقَاطِ
…
بِالْجَدِّ فَافْهَمْهُ عَلَى احْتِيَاطِ
إذًا هذا تعميم لما ذكر سابقًا لأنه قال: (وَتَسْقُطُ الإخوة). قلنا: هذا عام، يشمل الأشقاء ولأب ولأم يسقطون بهذه الثلاثة الأب والابن وابن الابن، استوي الثلاثة الأنواع الأشقاء أب أم، بقي أن الإخوة لأم يُسْقَطُون بما سقط به الإخوة الأشقاء ولأب إلا أنهم يزيدون بثلاثة أخرى، فالجد يحجب من؟ يحجب الإخوة لأم ولا يحجب الإخوة الأشقاء ولا لأب. إذًا هذا يسمى فضلاً وزيادة ولذلك عبر عنه بـ قول:(وَيَفْضُلُ).
قال الشارح هنا: (ولما كان الإخوة لأم يحجبون بما يحجب به الأشقاء). وهو ثلاثة الابن وابن الابن والأب، وزيادة على ذلك صرح بالزائد تم ما سبق. فقوله:(وَيَفْضُلُ ابْنُ الأم)، (ابْنُ الأم) المراد به الأخ لأم
…
(وَيَفْضُلُ) أي ويزيد الأخ للأم على من؟ على الأخ الشقيق والأخ لأب، فيعلم من ذلك أن الأخ لأم يسقط بما يسقط به الأخ الشقيق، يُعْلَم من هذا النص بقوله [يزيد]. وبقوله:(وَتَسْقُطُ الإخوة) لأنه عام أتى بـ (أل) فهي عامة، شَمِلَ الإخوة كلهم إذًا دخل الإخوة لأم في قوله (وَتَسْقُطُ الإخوة)، ثم خصهم بحكم زائد على ما سبق قال:(وَيَفْضُلُ ابْنُ الأم بِالإِسْقَاطِ ** بِالْجَدِّ) فدل ذلك على أن الحكم كما يكون في الأخ الشقيق والأخ لأب وكذلك في الأخ لأم إلا أنه يزيد كما سيذكره الناظم رحمه الله تعالى، فيعلم بذلك أن الأخ للأم يسقط بما يسقط به الأخ الشقيق والأخ لأب، ويزيد عليهما بأنه يسقط بما سيذكره من الجد والبنت وبنت الابن فيسقط بستة، الثلاثة السابقون الابن وابن الابن والأب ويزيد عليه بالجد وبنت الابن والبنت. قال:(بِالْجَدِّ)، (وَيَفْضُلُ ابْنُ الأم) قال:
(وكذلك بنت الأم، وهما الأخ والأخت للأم) إذًا ابن الأم المراد به الأخوات ذكرًا كان أو أنثى إنما المراد نسبته للأم، (وَيَفْضُلُ) يزيد (ابْنُ الأم) الأخ لأم (بِالإِسْقَاطِ) متعلق بقوله:(يَفْضُلُ)(بِالإِسْقَاطِ) يعني أنه يحجب (بِالْجَدِّ) يعني بسبب الجد (فَافْهَمْهُ) أي إذا علمت ما ذكرته لك مما ذكرت لك من الحكم السابق (فَافْهَمْهُ) يعني فاعلمه، اعلم الحكم المذكور (عَلَى احْتِيَاطِ) على تثبت، فلا تقل بأن الأخ لأم يُحجب بما يُحجب به الأشقاء ولأب فقط وتسكت، لا، بقي شيء آخر وإذا التبست عليك المسائل فيأتيك الجد مع الأخ لأم تقول: لا يحجبه، لأنه لا يحجب الشقيق، ولا الأخ لأب، لا، يحجبه وهذا استثناء مما سبق. (وَيَفْضُلُ ابْنُ الأم). قال هنا في الحاشية:(ولو قال ولد الأم ليشمل الذكر والأنثى لكان أصوب) لابن ابن هذا خاص بالذكر ابن الأم، فابن الأم ليس بقيد، (وهما الأخ والأخت للأم)، (بالإسقاط) أي الحجب (بِالْجَدِّ فَافْهَمْهُ) أي ذلك فهمًا صحيحًا مطابقًا للواقع (عَلَى احْتِيَاطِ) على تثبت، ويقين يعني على جزم لا على شك وتردد. وهذا شأن المسائل كلها، قالوا: لا بد أن يكون متيقنًا من المسائل، وهذا إنما يكون بكثرة التكرار، أما أظن، ومرت معي
…
إلى آخره هذا ما يصلح في باب العلم، تأتيك مسألة فرضية: وأظن أنه يحجبه وأظن أنها ترث السدس [ها ها] وأظن أن لها كذا هذا ما يصلح لا بد أن تكون عندك المسائل يقينية، والوصول إلى هذه الرتبة يكون بكثرة مزاولة المسألة، يعني بعض الناس يظن المسألة، يعني إذا يقرأ شيء مفهوم يريد شيء آخر جديد، نقول: لا، تمر عليها من أجل تثبيت وتأكيد المعلومة، لأن الشيء لما يكون معلومًا مثلاً وأنت لك شهر عنه ليس كما لو كان لك إطلاع عليه قبل يوم أو يومين المسألة تختلف. [نعم]
(وَبِالْبَنَاتِ) يعني ويفضل ابن الأم بالإسقاط بالبنات، والمراد بالبنات هنا جنس البنات، الصادق للواحدة والمتعددة، إذًا ابن الأم ولد الأم الأخ للأم الأخت للأم، الأخ لأم يسقط بماذا؟ البيت الذي معنا (بِالْبَنَاتِ) يعني بالبنت الواحدة فأكثر هذا الذي أريده، بالبنت الواحدة فأكثر. إذًا البنت تحجب الأخ لأم، البنت تحجب الأخت للأم سواء كانوا واحدًا أو متعددين (وَبِالْبَنَاتِ) أي ويفضل ابن الأم بالإسقاط بالبنات، المراد به الجنس فيشمل الواحدة فأكثر (وَبَنَاتِ الاِبْنِ) هذا الثالث (بِالْجَدِّ)، (وَبِالْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الاِبْنِ) صاروا كم؟ ستة، فيسقط الأخ لأم أي يُحجب والأخت لأم كذلك بستة، الابن وابن الابن والأب والجد والبنت وبنت الابن كلها منصوصة في الأبيات فحفظها يساعدك على استحضارها، (وَبَنَاتِ الاِبْنِ) المراد به الجنس يعني الشامل للواحدة والصادق على الواحدة فأكثر (جَمْعَاً وَوِحْدَانَاً) أي سواء كنَّ جمعًا وهو ما فوق الواحدة فيصدق باثنتين فأكثر، أو وحدانًا بضم الواو أو كسرها كما سبق والمراد به الواحدة بدليل مقابلته لقوله:(جَمْعَاً) على ما سبق (جَمْعَاً وَوِحْدَانَاً)، (جَمْعَاً وَوِحْدَانَاً فَقُلْ لِيْ زِدْنِيْ)، (جَمْعَاً وَوِحْدَانَاً) هذا يرجع الى البنات وبنات الابن كأنه أراد أن ينص على أن (أل) في البنات للجنس، والإضافة في بنات الابن للجنس، الإضافة قد تكون للجنس و (أل) قد تكون للجنس، نص على هذا تصريحًا بقوله:(جَمْعَاً وَوِحْدَانَاً) يعني سواء كانت البنت واحدة أو كانت جمعًا فهي تُسقط الأخ لأم وسواء كانت بنات الابن واحدة جمعًا أو وحدانًا فهي تسقط الأخ أو ابن الأم (فَقُلْ لِيْ زِدْنِيْ) فقل إذا علمت ذلك (فَقُلْ لِيْ) الفاء هنا فاء الفصيحة إذا علمت هذا (قُلْ لِيْ) إذا علمت ما ذكر (فَقُلْ لِيْ زِدْنِيْ) يعني من هذا العلم المتفق عليه ومن غيره لأنه حذف المتعلَّق وهو يؤذن بالعموم {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114] هذا فيه استئناف لما ذكر، فينبغي لطالب العلم الزيادة من العلم.
فتلخص من كلام الناظم أن الإخوة للأم وهذا يشمل الأخوات يُحجبون بستة بالابن - وابن الابن - والبنت - وبنت الابن - والأب، والجدة إجماعًا، لآية الكلالة الأولى لمفهومها لأن الكلالة: من لم يخلف والدًا ولا ولدًا - مما ذكرناه فيما سبق - لكن خُصّ من الكلالة الأم والجدة فلا يَحْجُبان ولد الأم بالإجماع، يعني لم يذكرهم الناظم هنا، وإنما ذكر الجد ولم يذكر الجدة، وذكر البنات وبنات الابن ولم يذكر الأم، حينئذ ما لم يذكره الأصل فيه أنه لا يحجب.
ثُمَّ بَنَاتُ الاِبْنِ يَسْقُطْنَ مَتَى
…
حَازَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ يَا فَتَى
إِلَاّ إذا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ
…
..........................
هذا يسمى الأخ المبارك الذي وعدناكم به (ثُمَّ) يعني يأتي بعد المرتبة التي ذكرت السابقة (بَنَاتُ الاِبْنِ) يعني جنس بنات الابن الصادق بالواحدة فأكثر (يَسْقُطْنَ) يُحجبن (ثُمَّ بَنَاتُ الاِبْنِ) يعني جنسهن الصادق بالواحدة فأكثر (يَسْقُطْنَ) من عدد الورثة يعني يُحجبن بالبنات، متى؟ حاز البنات الثلثين لأن بنت الابن كما سبق في باب السدس تأخذ السدس، واحدة وأكثر متى؟ مع البنت صاحبة النصف لكن لو وجد بنات حينئذ انتقلن إلى الثلثين، وإذا أخذن الثلثين حينئذ لا شيء لبنات الابن، تسقط، ولذلك قال:(مَتَى ** حَازَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ)، أما لو كانت بنت واحدة فلها النصف وبنات الابن لهن السدس، واضح؟
ولذلك قيده متى؟
هذا [إطلاق](1) تقييد، تقييد (ثُمَّ بَنَاتُ الاِبْنِ يَسْقُطْنَ) من عدد الورثة، ويُحجبن بالبنات عن حوزهن عند حوزهن بالثلثين كما قال الناظم:(مَتَى حَازَ) أي جمع (الْبَنَاتُ) اثنتان فأكثر الثلثين يعني متى استحق البنات الثلثين بأن كن اثنتين فأكثر، فالمراد من الحيازة الاستحقاق لا الأخذ، لأنه لا يتوقف سقوط بنات الابن عليه (مَتَى حَازَ) يعني أخذن أو استحققن، الحكم مقيد بماذا؟ بالأخذ بالفعل تستلم المال التركة الثلثين، أو تستحق ولو لم تستلم؟ الثاني الاستحقاق، إذًا ليس المراد به الأخذ إنما المراد به الاستحقاق، متى حاز لأن الأصل في الحوز هو الأخذ وليس هذا المراد، وإنما المراد به الاستحقاق (مَتَى حَازَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ) فإن لم يحزن الثلثين حينئذ ورثت بنت الابن وتأخذ السدس مع البنت. (يَا فَتَى) هذا في الأصل الفتى الشاب أو
الصغير، والمراد هنا من له تنبه في الفرائض، يعني ليس الفتى هكذا، إنما (يَا فَتَى) من له تنبه في الفرائض، لأن الفرائض تحتاج إلى فهم أكثر من كونها حفظ، نعم تحتاج إلى حفظ لكن الفهم لا بد أن يكون مستحضر. لمفهوم قول ابن مسعود رضي الله عنه السابق في بنت وبنت ابن وأخت حيث قال:(للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين). لما قال: تكملة الثلثين. إذا علمنا أنها أخذت السدس لأن البنات لم يأخذن الثلثين، وأما إذا أخذنا الثلثين فليس لها شيء البتة يسقطن. وأخبر أن ذلك بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم. فمفهوم قوله: أنه لو كمل الثلثان للبنات بأن كن اثنتين فأكثر لا شيء لبنات الابن. إذًا هنا للبنت النصف مثلاً، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، لو أخذنا البنات الثلثين حينئذ بنت الابن تسقط أليس كذلك؟ لو عندنا مثلاً مسألة ابن مسعود في بنت وبنت ابن وأخت، البنت لها النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين أليس كذلك؟ لو وجد بنات أخذن الثلثين بنت الابن تسقط إلا إذا وجد أخوها معها مُعَصِّبها، إلا إذا وجد أخوها حينئذ يُسمى هذا الأخ الأخ المبارك، يعني الذي لولاه لسقطت، صحيح، لولا وجود الأخ بنت الابن لا شيء لها لأنها إنما ورثت السدس تكملة الثلثين وقد أخذنا الثلثين، إذًا لا شيء لها إلا إذا وجد أخوها فإنه يُعَصِّبُهَا كما قال هنا:(إِلَاّ إذا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ) أي إلا إذا قواهن الذكر أخًا كان أو لا فلا يسقطن.
إذًا:
(1) سبق.
ثُمَّ بَنَاتُ الاِبْنِ يَسْقُطْنَ مَتَى
…
حَازَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ .....
إذا لم يكن لهن أخ معصب، فإن كان لهن أخ حينئذ يرثن لا يسقطن، إذًا قوله:(إِلَاّ إذا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ) هذا استثناء من قوله: (يَسْقُطْنَ) حينئذ إذا عصبهن الذكر فلا يسقطن، أي إلا إذا قواهن الذكر أخًا كان أو لا فلا يسقطن (إِلَاّ إذا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ مِنْ وَلَدِ الإِبْنِ)، (الإِبْنِ) بالهمز همزة القطع من أجل الوزن (مِنْ وَلَدِ الإِبْنِ عَلَى مَا ذَكَرُوْا)، (مِنْ وَلَدِ)، (مِنْ) هنا بيانية مشوبة بالتبعيض أي الذي هو بعض ولد الابن (عَلَى مَا ذَكَرُوْا) يعني الفرضيون، أي حال كون ذلك جاء على ما ذكره الفرضيون. قال هنا الشارح:(وهو القريب المبارك). المشهور يُسمى الأخ المبارك لكن هذا من باب التغليب لأنه قد لا يكون أخًا قد يكون ابن عم لكن المشهور أنه يُسمى بالأخ المبارك، لكن تعميم المصنف هنا أدق (وهو القريب المبارك) أي الذي جعل الله فيه بركة (سواء كان في درجة بنت الابن أو أنزل منها لاحتياجها إليه) سواء كان هذا الذكر الذي عَصَّبَهَا في درجة بنت الابن، يعني سواء كان أخاها أو ابن عمها، بنت ابن، ابن ابن هذا بدرجها، (أو أنزل منها) ابن ابن ابن، إذا كانت هي عمته أو عمة أبيه أو جدته (لاحتياجها إليه) تحتاجه في ماذا؟ من أجل أن ترث، من أجل ماذا؟ من أجل أن ترث، إذ لولاه لسقطت أي لاحتياج بنت الابن إلى الذكر من ولد الابن وهو علة لتعصبه لها، فكأنه قال: وإنما عصبها لاحتياجها إليه، وإنما احتاجت إليه لأنه لم يفضل لها من الثلثين شيء، وهي إنما ورثت تكملة للثلثين، فإذا استوفى البنات الثلثين سقطت إلا إذا وجد أخوها فهي محتاجة إليه من أجل أخذ شيء من المال. (عَلَى مَا ذَكَرُوْا) أي الفرضيون، وقدمت في باب التعصيب خلافًا لابن مسعود رضي الله عنه حيث جعل الفاضل بعد فرض البنات للذكر خاصة، وأسقط بنات الابن.
وَمِثْلُهُنَّ الأَخَوَاتُ الَّلَاتِيْ
…
يُدْلِيْنَ بِالْقُرْبِ مِن الْجِهَاتِ
إذا أَخَذْنَ فَرْضَهُنَّ وَافِيَا
…
أَسْقَطْنَ أَوْلَاد الأَبِ الْبَوَاكِيَا
(الْبَوَاكِيَا) جمع باكية، لأن ليس لها إلا البكاء إذا سقطت (وَمِثْلُهُنَّ) الضمير يعود على من؟ أين القواعد، هناك بنات (وَمِثْلُهُنَّ) الأخوات، (وَمِثْلُهُنَّ) أي مثل البنات هناك بنات الابن والبنات من الذي يسقط الثاني؟ البنات يسقطن بنات الابن إذا أخذنا الثلثين ولم يوجد معصب لبنات الابن، واضح؟ بنات الابن والبنات، البنات يحجبن يسقطن بنات الابن متى؟ إذا أخذن الثلثين ولم يكن معصب لبنات الابن، (وَمِثْلُهُنَّ) مثل البنات (الأَخَوَاتُ الَّلَاتِيْ ** يُدْلِيْنَ بِالْقُرْبِ مِن الْجِهَاتِ) يعني الأخوات الشقائق تأخذ الثلثين ويبقى معها الأخت التي من الأب، وسبق أن الأخت من الأب تأخذ السدس متى؟ مع صاحبة النصف التي هي الأخت الشقيقة، فإن وجد عدد من الأخوات الشقائق يعني أخذن الثلثين حينئذ أسقطن الأخت لأب، فالحال في البنات مع بنات الابن هو الحال مع الأخوات الشقائق مع الأخت لأب، الأخت لأب تأخذ السدس مع صاحبة النصف وهي الأخت الشقيقة، أن وجد تكملة الثلثين، أن أخذن الأخوات الشقايق وكنَّ جمعًا أخذنَّ الثلثين أسقطن الأخوات لأب الأخت لأب، (وَمِثْلُهُنَّ) في إسقاط الأخوات أي ومثل البنات في إسقاط الأخوات لأب عند استغراقهن الثلثين إلا إذا كان هنالك الأخ لأب فيعصبهن، (وَمِثْلُهُنَّ الأَخَوَاتُ الَّلَاتِيْ) وهن الأخوات الشقائق (يُدْلِيْنَ) يعني ينتسبن بالقرب من الجهات ينتسبن إلى الميت بسبب قربهن من الجهات، هنا جمع الجهات وهما جهتان فقط أب وأم من الجهتين، والمراد بالجمع ما فوق الواحد، لأن لقرب الجهتين جهة الأب وجهة الأم (مِن الْجِهَاتِ) أي جهات الأب والأم، وهن الأخوات الشقيقات (إذا أَخَذْنَ) الشقيقات (فَرْضَهُنَّ وَافِيَا) كاملاً الشقيقات، جمع هنا فحينئذ إذا أخذن فرضهن وافيًا يعني الثلثين
…
(أَسْقَطْنَ أَوْلادَ الأَبِ الْبَوَاكِيَا) أولاد الأب المراد بهم الأخوات لأب، لو قال: بنات الأب أحسن، لأن أولاد هذا يشمل الذكر والأنثى، والمراد به هنا الأنثى، ولذلك قال هنا: قوله: أولاد الأب الصواب بنات الأب بدليل قوله: (وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ حَاضِرَا) نعم (إذا أَخَذْنَ فَرْضَهُنَّ) يعني مفروضهنّ، فرض هنا بمعني مفروض كما سبق معنا مرارًا، (وَافِيَا) أي كاملاً وهو حال من (فَرْضَهُنَّ)، وهي حال لازمة لأن فرضهن لا يكون إلا كاملاً، إذ العدد منهن لا يرث أقل من الثلثين بالإجماع، (إذا أَخَذْنَ فَرْضَهُنَّ وَافِيَا) وهو الثلثان كما قال الشارح بأن كن اثنتين فأكثر أسقطن أولاد الأب وهن الأخوات لأب، فالشأن هنا الأخوات لأب مع الأخوات الشقائق كشأن بنت الابن مع البنات، فالحكم واحد، الأخت لأب تأخذ السدس مع صاحبة النصف الأخت الشقيقة تكملة للثلثين، فإن أخذن الشقائق الثلثين كاملاً أسقطن الأخت لأب إلا إذا وجد أخ لها يُعَصِّبُها فحينئذ ترث معه تَعْصِيبًا (أَسْقَطْنَ أَوْلادَ الأَبِ)، (وهن الأخوات للأب سواء الواحدة والأكثر) وقوله:(الْبَوَاكِيَا) جمع باكية، (الْبَوَاكِيَا) الألف هذه للإطلاق، جمع باكية، إيماء إلى أنهن لم يحصل لهن إلا البكاء على الميت فقط.
إذًا (وَمِثْلُهُنَّ) أي مثل البنات (الأَخَوَاتُ) وهذا مطلق فقيده الناظم بقوله: (الَّلَاتِيْ ** يُدْلِيْنَ بِالْقُرْبِ مِن الْجِهَاتِ) يعني الأخوات الشقايق، هذا تقييد واحتراز (إذا أَخَذْنَ) أولئك أو تلك الشقيقات (فَرْضَهُنَّ وَافِيَا) يعني مفروضهن كاملاً وهو الثلثان حينئذ أسقطن أولاد الأب البواكيا
وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ حَاضِرَا
…
عَصَّبَهُنَّ بَاطِنَاً وَظَاهِرَا
هذا كقوله فيما سبق (إِلَاّ إذا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ) مسألتان مبناهما على شيء واحد (وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ حَاضِرَا ** عَصَّبَهُنَّ)، (وَإِنْ يَكُنْ) أي يوجد (أَخٌ لَهُنَّ) اللام هنا بمعنى معه، يعني معهن حاضرًا حالة كونه حاضرًا أي موجودًا، واحترز به عن المفقود، والمفقود سيأتي له كلام خاص (عَصَّبَهُنَّ) هذا جواب إن الشرطية، جواب الشرط (بَاطِنًا وَظَاهِرَا)، (بَاطِنًا) يقصدون به التدين يعني بينه وبين الله (بَاطِنَاً) عند الله، و (وَظَاهِرَا) عند القاضي والمفتي أراد به التعميم فقط (وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ) أي وإن يكن مع الأخوات للأب أخ لأب حاضرًا معهن (عَصَّبَهُنَّ) واقتسما، إذا كان واحدًا وهي واحدة أو اكتسبوا الباقي بعد الفرض {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (بَاطِنَاً وَظَاهِرَا) فيه إيماء إلى أن ذلك حكم بالحق لنفوذه (بَاطِنًا وَظَاهِرَا)
وَلَيْسَ ابْنُ الأخ بِالْمُعَصِّبِ
…
مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ في النَّسَبِ
هذا استثناء لأنه قال: (وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ) هل ابن الأخ مثل الأخ في التعصيب؟ الجواب: لا، فيما سبق البنات إلا إذا عصبهن الذكر، قلنا: لو كان أنزل منها لا إشكال فيه، هل هنا الحكم مثل الحكم السابق؟ الجواب: لا. ابن الأخ لأب لا يعصب الأخت لأب بل هي تسقط مباشرة، ولا يعتبر هذا أخًا مباركًا، لماذا؟ لأنه أنزل منها، ولذلك قال الشارح:(ولما كانت الأخوات للأب ليس كبنات الابن في جميع الأحكام لأن بنت الابن يعصبها من هو أنزل منها). كابن ابن الابن، إذا لم يكن لها في الثلثين شيء، ولا كذلك الأخت للأب فإنه لا يُعَصِّبُهَا إلا الأخ للأب فقط فلا يعصبها ابن الأخ وإن احتاجت إليه صرح بذلك في ضمن حكم عام فقال:(وَلَيْسَ إبْنُ الأخ)، (إبْنُ) بقطع الهمزة من أجل الوزن (وَلَيْسَ إبْنُ الأخ بِالْمُعَصِّبِ) اسم فاعل من عصب ومفعوله ما بعده (بِالْمُعَصِّبِ مَنْ مِثْلَهُ). إذا هذه من الفوارق بين المسألتين، مبنى المسألة واحد، والأحكام تكاد تكون واحدة، إلا في هذه المسألة بنات الابن إذا أخذن البنات الثلثين حينئذ يسقطن إلا إذا وجد المعصب من هو المعصب، أخوها الابن أو ابن الابن وإن نزل فالحكم عام، هذه المسألة مثلها إلا إذا وجد المعصب للأخت لأب أو الأخوات لأب من هو المعصب؟ الأخ لأب فقط، هل من نزل كذلك حكمه؟ الجواب: لا، هذا من الفوارق بين المسألتين
وَلَيْسَ ابْنُ الأخ بِالْمُعَصِّبِ
…
مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ
(وَلَيْسَ ابْنُ الأخ بِالْمُعَصِّبِ ** مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ)، (مَنْ مِثْلَهُ) يحتمل أن تكون من هنا نكرة موصوفة، و (مِثْلَهُ) بالنصب على أنه صفة بمعنى مماثلة أي أنثى مماثلة في الدرجة (بِالْمُعَصِّبِ) المعصب هذا اسم فاعل، والفاعل هو، و (مَنْ) إذا كانت نكرة حينئذ صارت في محل نصب مفعول به، أليس كذلك؟ والعامل فيه معصب لأنه يطلب مفعولاً به. (مِثْلَهُ) بالنصب صفة لـ (مَنْ) ويحتمل أنها موصولة و (مِثْلُهُ) بالرفع على أنه خبر لمبتدأٍ محذوف أي التي هي مثله، وحذف المصنف الصلة هنا لازم لعدم الطول يعني (مَنْ مِثْلَهُ)، (مَنْ مِثْلُهُ) يجوز الوجهان والنصب أحسن، (أَوْ فَوْقَهُ) عطف على مثله على الوجهين فيه، وهو معلوم بالأولى من المعطوف عليه (وَلَيْسَ ابْنُ الأخ بِالْمُعَصِّبِ مَنْ مِثْلَهُ). إذًا من باب أولى أن يُعَصِّبَ من فوقه، هذا تصريح بالأولوية (في النَّسَبِ) هذا تَنازعه كل من (مِثْلَهُ)، و (فَوْقَهُ). قال الشارح هنا:(وليس ابن الأخ وابنه) ابن ابن الأخ (وإن نزل سواء كان شقيقًا أو لأب (بِالْمُعَصِّبِ مَنْ مِثْلَهُ) هذا شامل لأخواته وبنات عمه (من بنات الأخ) بيان لمن (مِثْلَهُ) لأنهن من ذوي الأرحام (أَوْ فَوْقَهُ) في النسب من بنات الأخ يعني اللاتي فوقه أو من الأخوات للأب المحتاجات إليه (لأنه ليس لهن شيء في الثلثين) لأنه لَمَّا لم يُعَصّب من في درجته لم يُعَصِّبْ من فوقه بالأولى. قال الشارح: (فائدة) ذكر بعض المسائل، القريب المبارك هو من لولاه لسقطت الأنثى التي يَعْصِبُهَا، لولا وجوده سقطت، ولما وجد ورثت، هذه بركة، يعني وجوده صار فيه نوع بركة على أخته سواء كان أخاها مطلقًا أو ابن عمها، أو أنزل منها في أولاد الابن، وهذا كهالك عن: بنتين وبنت ابن، وابن ابن. قسِّموا؟ البنتان لهما الثلثان، والباقي لبنت الابن وابن الابن، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} لو كانت المسألة هكذا: بنتان وبنت ابن؟ سقطت بنت الابن ليس لها شيء، وجد أخوها ابن الابن معها ورثت {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} فللبنتين الثلثان والباقي لابن الابن وبنت الابن تعصيبًا، وأما القريب المشؤوم: فهو الذي لولاه لورثت العكس، يعني وجوده حرم أخته - الله المستعان - الذي لولاه لورثت، ولا يكون ذلك إلا مساويًا للأنثى من أخ مطلقًا، وابن عم، كبنت الابن، ومَثَّلَ له هنا بصورة: زوج وأم وأب وبنت وبنت ابن؟
الزوج له الربع هنا، والأم السدس، والأب السدس، والبنت لها النصف، وبنت الابن السدس. حينئذ هنا تعول المسألة لخمسة عشر، فلو كان معهم ابن ابن سقط وسقطت معه بنت الابن لاستغراق الفروض وتكون إذ ذاك عائلة لثلاثة عشر، فلولاه لورثت كما بَيَّنَّا، فهو أخ مشؤوم عليها، والله أعلم).
وكهالك عن: زوج، وأخت شقيقة، وأخت لأب وأخ لأب؟
فللزوج النصف، وللشقيقة النصف، ولاشيء للأخت لأب ولا للأخ لأب لعدم وجود باق، ولولا وجود الأخ لأب لأخذت الأخت لأب السدس تكملة للثلثين فتزيد المسألة بالعول وهذا يتضح بالعول وسيأتي معنا إن شاء الله في محله.
(الفائدة الثانية: المحجوب بالوصف وجوده كالعدم). المحجوب بالوصف المراد به: القاتل والرقيق واختلاف الدين. يعني من اتصف بواحد من الموانع وجوده كالعدم لا أثر له البتة، المحجوب بالوصف وهو من قام به مانع من موانع الإرث كالعدم فلا يرث - وهذا معلوم - ولا يحجب أحدًا لا حرمانًا ولا نقصانًا، لا يتعلق بـ لا حرمانًا ولا نقصانًا، والمحجوب بالشخص لا يحجب أحدًا حرمانًا، وقد يحجب نقصانًا. يعني المحجوب بالشخص قد يكون له أثر فينتقل ذاك الذي تأثر من فرض إلى فرض أقل منه (وذلك في مسائل ذكر منها هنا أم وأب وإخوة). هل الإخوة محجوبون بالأب؟ نعم
(وتسقط الإخوة بالبنين وبالأب الأدنى) إذًا الإخوة محجوبون حجب ماذا؟ حجب شخص؟ حرمان طيب، الأم كم لها؟ السدس لماذا؟ لوجود جمع من الإخوة، هم محجوبون بالأب وأثَّروا حتى حجبوا الأم من فرض إلى فرض أقل منه، إذًا هو محجوب وأثَّر، حجب غيره حجب نقصان.
إذًا لا يضر فللأم السدس والباقي للأب، وأما الإخوة سقطوا.
(الفائدة الثالثة: الحجب بالوصف يتأتى دخوله على جميع الورثة) الخمسة عشر في الذكور والعشرة في النساء (والحجب بالشخص نقصانًا كذلك) يعني يتأتى في كل الورثة، كل وارث يتصور فيه أن يكون حاجبًا حجب نقصان، وأما الحجب بالشخص حرمانًا فلا يدخل على ستة، وهم: الأب والأم والابن والبنت والزوج والزوجة. وضابطهم كلمن أدلى بالميت بنفسه غير المعتق والمعتقة.
أقسام الورثة باعتبار الحجب وعدمه أربعة أقسام:
الأول: لا يُحْجَب ولا يَحْجِب وهم: الزوجان الزوج والزوجة، لا يَحْجِب غيره ولا يُحجب.
الثاني: يَحْجِب غيره ولا يُحجب، وهم: الأبوان والولدان.
الثالث: يُحْجُبُهم غيرهم ولا يُحْجِبُونهم، وهم: الإخوة لأم.
الرابع: يُحْجَب ويَحْجِب غيره وهم: بقية الورثة.
ولما أنهى الكلام بقي مسألة واحدة متعلقة بما ذكر وهي المشرِّكة أو المشرَّكة.
لما أنهى الكلام على العصبات والحجب وكان من أحكام العاصب - وإن لم يصرح به لكونه معلومًا - أنه إذا استغرق الفروض التركة سقط العاصب.
هذا قلنا: لم يصرح به لأنه معلوم من قوله: أو كان ما يفضل بعد الفرض له، قلنا هذا أو كان ما يفضل بعد الفرض له، إن بقي شيء من أصحاب الفروض بعد أخذ فروضهم أخذه، إذا لم يبق له شيء ليس له شيء سقط مباشرة. إذًا معلوم مما سبق لا نقول: لم يذكره. وإنما ذكره من باب الأولوية يعني نص على شي ودخل فيه شيء آخر أنه إذا استغرق الفروض التركة سقط العاصب إلا الأخت لغير أم كما في (الأكدرية) وإلا الإخوة الأشقاء في (المشرَّكة) هذه مسألة خاصة عُرِضَتْ على عمر رضي الله عنه وأفتى فيها بفتوتين مرة في عام قال بتشريكهم، ومرة قال بعدم تشريكهم.
(باب المشرِّكة)
أو (المشرَّكة) باب (المشرَّكة) بفتح الراء وهو المشهور، يعني (باب) بيان المسألة (المشرَّكة) هذه مسألة واحدة: زوج، وذو سدس، وإخوة لأم، وشقيق فأكثر، حينئذ سميت مشرَّكة بفتح الراء وهذا اختاره أو ضبطه به ابن الصلاح والنووي رحمهما الله تعالى، أي المشرَّك فيها، فدخله الحذف للجار والإيصال للضمير، ويجوز الكسر مشرِّكة على نسبة التشريك إليها مجازًا عقليًّا لأن المشرِّك حقيقة المجتهد ظاهرًا والشارع باطنًا، لكن لَمَّا كانت المسألة مشتملة على الأخ الشقيق المشارِك لأولاد الأم في قرابتها التي هي سبب في التشريك بينها وبينهم نسب إليها التشريك مجازًا يعني الذي شرَّك هو المجتهد أو الشرع، أما هو بنفسه لم يشرِّك نفسه مع الإخوة لأم. وكذلك يُسمِّيَ (المشترَكة) تُسمِّى (المشترَكة) بتاء بعد الشين مع فتح الراء على المشهور أي مشترك فيها وبكسرها مجازًا كما سبق: مشتَركة مشرِِّكة. وتسمّى (بالحِمارية) نسبة للحمار لأنهم قالوا: هب إن أبانا حمارًا ونسبت إلى ذلك، وتسمّى (الحجرية) هب إن أبانا حجرًا في اليمِّ، (واليَمِّية) نسبة إلى اليَمِّ. لها أسماء متعددة وتسمّى (المنبرية) لأنها عرضت على عمر وهو يخطب على المنبر، إذًا أسماؤها متعددة والمسمى مسألة واحدة وهي زوج، وذو سدس. [زوجة] زوج، وأم، وإخوة لأم شقيق فأكثر. ولذلك قال الناظم:
وَإِنْ تَجِدْ زَوْجًا وَأُمًّا وَرِثَا
…
وَإِخْوَةً لِلأُمِّ حَازُوا الثُّلُثَا
وَإِخْوَةً أَيْضَاً لأُمٍّ وَأَبِ
…
وَاسْتَغْرَقُوا الْمَالَ بِفَرْضِ النُّصُبِ
(وَإِنْ تَجِدْ زَوْجًا وَأُمًّا) يعني معهم في مسألة واحدة، أو جدة والمراد صاحب سدس، وإنما نص الناظم كغيره على الأم لأن المسألة هي التي عرضت على عمر رضي الله تعالى عنه فذكر له زوج وأم، ومثلها الجدة، فاقتصر هنا على الأم مع أن مثلها الجدة لأن المشرّكة التي وقعت لعمر فيها أم وجدة. لكن الجدة فأكثر كالأم في الحكم (وَرِثَا) هذا قيد احترز به عمَّا إذا قام بهما مانع من الإرث، يعني زوج قد ورث لم يقم به مانع من الإرث، وأم قد ورثت لم يقم بها مانع من الإرث، إذًا (وَرِثَا) الألف هذه للفاعل (وَإِخْوَةً لِلأُمِّ) أي وتجد أيضًا (إِخْوَةً لِلأُمِّ حَازُوا) يعني جمعوا، والمراد به الاستحقاق، إذًا الاستحقاق هو الذي يترتب عليه الحكم، أي استحقوه وورثوه والجملة وصف للأخوة وهو لبيان الواقع أو للاحتراز عمّا إذا قام بهم مانع من الإرث (حَازُوا الثُّلُثَا) الألف هذه للإطلاق، فورّث الزوج النصف والأم أو الجدة السدس (وَإِخْوَةً لِلأُمِّ) اثنين فأكثر (حَازُوا الثُّلُثَا) إذًا ماذا بقي؟ بقي الأشقاء ولذلك قال:(وَإِخْوَةً أَيْضًا لأُمٍّ وَأَبِ) أي وتجد مع من ذكر إخوةً أشقاء كما وجدت إخوة لأم (وَاسْتَغْرَقُوا الْمَالَ) من الذي استغرق؟ الزوج والأم والإخوة للأم، استغرقوا المال انتهى لم يبق شيء، وإذا لم يبق شيء حينئذ العاصب ما حكمه؟ سقط هذا الأصل، أنه يسقط ليس له شيء لماذا؟ لقاعدة: أن كل عاصب إنما يرث إذا لم يكن معه صاحب فرض يرث كل المال، أو يرث إذا كان معه صاحب فرض وبقي له شيء حينئذ يرث ذلك الباقي، وأما إذا كان معه صاحب فرض واستغرق أصحاب الفروض التركة لم يبق له شيء سقط ليس له شيء، وهنا استغرقت التركة الزوج له النصف والأم لها الثلث والإخوة لأم كم؟ نصَّ هو (حَازُوا الثُّلُثَا) لهم الثلث، حينئذ استغرقت التركة، لم يبق شيء للإخوة الأشقاء فالأصل فيهم أنه يسقطون
وَإِخْوَةً أَيْضَاً لأُمٍّ وَأَبِ
…
وَاسْتَغْرَقُوا الْمَالَ بِفَرْضِ النُّصُبِ
والحال أنهم استغرقوا، الجملة حالية بتقدير قد، وهذا مجرد توضيح وإلا فقد عُلِمَ من المثال فلا حاجة إليه (بِفَرْضِ النُّصُبِ) فرض مصدر بمعنى مفروض، و (النُّصُبِ) جمع نصيب أي بالنصب المفروضة فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف. قال هنا:(فالمسألة أصلها ستة: للزوج النصف ثلاثة، وللأم أو الجدة السدس واحد، وللإخوة لأم الثلث اثنان، ومجموع الأنصبة ستة، فلم يبق للعصبة الشقيق شيء) ولا شيء للأشقاء لاستغراق الفروض والعاصب لا يأخذ إلا ما تبقى بعد الفروض، هذه عرضت على الخليفة الراشد عمر فأفتى بإسقاط الإخوة الأشقاء في مرة أخرى، وجاءوا إليه مرة أخرى فشرّكهم، والأولى المسألة التي ذكرها هنا هي القول الأول لعمر رضي الله تعالى عنه. (فلم يبق للعصبة الشقيق شيء فكان مقتضى الحكم السابق أن يسقط لاستغراق الفروض وذلك هو الذي قضى به عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أولاً وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى، وهو أحد القولين عند الشافعية وإحدى الروايتين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه. وهذا هو الصحيح لقوله: {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} حينئذ لا يشرّك معهم الأشقاء فيبقى على ظاهر النص، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر». وهنا لم يبق شيء حينئذ يسقطون، فالصواب أن الإخوة الأشقاء لا يرثون شيء في هذه المسألة، ثم وقعت هذه المسألة نفسها: زوج وأم وإخوة لأم مع أشقاء لعمر رضي الله عنه، أوتي بمثلها فأراد أن يقضي بما قضى به أولاً، يعني: بأن يسقط الإخوة الأشقاء لكونه لم يبق شيء من التركة. فقال له بعض الإخوة لعمر: هب أنا أبانا كان حجرًا ملقى في اليم). وفي بعض الروايات: (هب أن أبانا كان حمارًا) ولذلك سميت (الحمارية) فلذلك سميت بما تقدم، فلما قيل له ذلك قضى بالتشريك بين الإخوة للأم والإخوة الأشقاء، يعني الإخوة الأشقاء من جهتين والإخوة للأم من جهة واحدة، اشتركا في ماذا؟ في الأم، إذًا اجعل الأب كأنه حجر اجعل الأب كأنه حمار كأنه غير موجود، والشبه هنا في لأنه ميت لا ينتفع به كما أنه لا ينتفع بالحجر ونحو ذلك. كأنهم يعني أولاد أم بالنسبة لقسمة الثلث بينهم فقط لا من كل الوجوه، بعد أن كان أسقطهم في العام الماضي فقيل له في ذلك، فقال: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي. ووافقه على ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. إذًا شرَّك عمر الأشقاء مع الإخوة للأم في الثلث، حينئذ يستوون في التوزيع كل منهم يأخذ نصيبه لا للذكر مثل حظ الأنثيين، إنما للذكر مساو لما هو الأنثى.
فَاجْعَلْهُمُ كُلُّهُمُ لأُمِّ
…
وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ حَجَرًا في الْيَمِّ
(فَاجْعَلْهُمُ) هذا بضم الميم مع الإشباع جواب شرط في قوله: تجد (وَإِنْ تَجِدْ زَوْجَاً) إلى آخره، (فَاجْعَلْهُمُ) أي الإخوة مطلقًا الأشقاء والإخوة للأم (كُلُّهُمُ) أيضًا بضم الميم مع الإشباع وهو توكيد للضمير في وقوله:(فَاجْعَلْهُمُ) العائد على الإخوة مطلقًا (لأُمِّ) هذا متعلق بمحذوف يعني إخوة لأم كأنهم إخوة لأم، والأب الذي افترقوا به أسقطه (وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ)، (أَبَاهُمْ) بإسكان الميم (حَجَرَاً في الْيَمِّ) كأنه حجر فيه تشبيه بليغ بحذف أداة التشبيه ووجه الشبه عدم الانتفاع بكله، كما أن أباهم ميت فلا ينتفع به كذلك الحجر لا ينتفع به. إذًا شبَّهوا أباهم بالحجر في اليمّ يعني ملقى في اليمّ وهو البحر متعلق بمحذوف أي ملقى، وهذا كناية عن قطع النظر فيه بالكلية. إذًا (فَاجْعَلْهُمُ كُلُّهُمُ لأُمِّ) اجعل الإخوة الأشقاء بالنسبة إلى أنهم اشتركوا مع الإخوة للأم في الأم كأنهم إخوة لأم، حينئذ يشتركون في ماذا؟ يشتركون في الثلث، وهذا اجتهاد من عمر رضي الله عنه وهو مقابل للنص السابق الذي ذكرناه.
وَاقْسِمْ عَلَى الإِخْوَةِ ثُلْثَ التَّرِكَهْ
…
فَهَذِهْ الْمَسْأَلَةُ الْمُشَرِّكَهْ
(وَاقْسِمْ عَلَى الإِخْوَةِ) الجميع الأشقاء والذين لأم فقط (ثُلْثَ التَّرِكَهْ)، (ثُلْثَ) بإسكان اللام يعني اقسم على الإخوة على عدد رؤوسهم بينهم بالسوية، فلو كانت مع الأشقاء فيها أنثى أخذت كواحد من الذكور، لأن الإخوة {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} ، الإخوة الأشقاء يرثون فيما بينهم {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وأما الإخوة لأم فلا نصيب الذكر كنصيب الأنثى، كذلك لو ادْخل معهم الأشقاء ولو كانوا إناثًا نصيب الذكر كنصيب الأنثى ولا نقول بأن الذكر له حظ الأنثيين، فلو كان مع الأشقاء فيهم أنثى أخذت كواحد من الذكور.
فهذه المسألة المشتركة المشهورة من زمن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت ولا بد من تسميتها والحكم فيها بما ذكر من هذه الأركان الأربعة وهي: زوج، وذو سدس من أم أو جدة، واثنان فأكثر من أولاد الأم، وعصبة شقيق ومحترز أركانه معروف في موضعه، والصحيح أنها تجري على القاعدة أن الإخوة الأشقاء لا يرثون شيئًا في هذه المسألة للقاعدة السابقة وهو قول ابن عباس وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأُبَيّ بن كعب ومذهب أبي حنيفة وأحمد وهو أنهم يسقطون بالإخوة لأم لعموم قوله تعالى {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} خصّ الثلث بالإخوة للأم، ولحديث «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» . وهؤلاء ليس لهم شيء لأنه لم يبق لهم شيء فيسقطون حينئذ.
هذه المسألة متعلقة بما ذكر، وهي ما وجد فيها الأصناف المذكورة، حينئذٍ فالقاعدة تكون عامة. والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.