المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * أصحاب النصف وشروطهم. * أصحاب الربع وشروطهم. * أصحاب الثمن. * - شرح الرحبية للحازمي - جـ ٨

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * أصحاب النصف وشروطهم. * أصحاب الربع وشروطهم. * أصحاب الثمن. *

‌عناصر الدرس

* أصحاب النصف وشروطهم.

* أصحاب الربع وشروطهم.

* أصحاب الثمن.

* أصحاب الثلثين وشروطهم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.

عندما ذكر الناظم رحمه الله تعالى الوارثين من الرجال والوارثات من النساء، ثم ذكر وعنون بـ (الْفُرُوْضِ الْمُقَدَّرَةِ في كِتَابِ اللهِ تَعَالَى) في الكتاب وهي ستة وقسم أولاً الإرث إلى نوعين: فرض وتعصيب. ثم ذكر أن الفرض في نص الكتاب ستة يعني فيما جاء في القرآن، وهذا لا ينافي أن يكون ثمَّ فرضًا ومجتهدًا فيه وهو الثلث الباقي كما سيأتي. شرع في بيان من يرثُ هذه الفروض المقدرة يعني سيذكر لنا هذه الفروض النصف وما بعده، ويذكر أصحاب كلّ منها، فالنصف له أصحاب، وكذلك الربع له أصحاب، والعلم بهذه مرده إلى الكتاب والسنة، لذلك هي مجمعٌ عليها، ولذلك الفن كله في الجملة مجمعٌ عليه، والخلاف إنما هو يسير.

(بابٌ) أو (بَابُ) من يرث النِّصْف)، يعني بالنص والإجماع وهم خمسة، ولا خلاف بين الفقهاء في كون هذه الخمسة قد حصر فيهم النصف، وذكر النصف كما سبق في القرآن في ثلاثة مواضع وأصحابه (خَمْسَةٍ) بالنص والإجماع، والنصف فيه لغات كما سبق ذكره.

قال الناظم:

وَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ

الزَّوْجُ وَالأُنْثَى مِنَ الأَوْلَادِ

وَبِنْتُ الابْنِ عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ

وَالأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِيْ

وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِيْ مِنَ الأَبِ

عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ

(بِنْتُ الابْنِ)، ثمّ قال:(عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ)، و (الأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِيْ)، (وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِيْ مِنَ الأَبِ) فهذه خمس الزوج، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب خمسة بالنص والإجماع.

ص: 1

(وَالنِّصْفُ) في بعض النسخ (فالنصف) وهو أولى لأنه لما ذكر الفروض المقدرة في نص الكتاب وأراد تبيينها كأنه قال إذا عرفت تلك الفروض المقدرة وأردت معرفة أصحاب هذه الفروض فالنصف، فالنصف حينئذٍ يكون الجملة جوابًا لشرط مقدر، وظاهر الشرح أنها بالفاء لا بالواو، لأنه إذا كانت بالواو حينئذٍ صارت استقلالاً استئنافًا كلامًا جديدًا، فالأولى أن تكون (فالنصف) حينئذٍ تكون الفاء فاء الفصيحة، ولذلك قبل التبويب قال: إذا عرفت ذلك وأردت معرفة أصحاب هذه الفروض فالنصف، هذا الذي يستقيم مع الشرح، وأما بالواو فهذه لا تدل على ما ذكره الشرح. ثم اعلم أن هذه النسخة التي هي مطبوعة كأنها محققة فيها سقط كبير، فقد راجعت بعضها مع الطبعة الحجرية التي عليها حاشية البيجوري ففيها سقط أيضًا بعضها مخل، إذًا (فالنصف) هذا مبتدأ (فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ) هذا الأصل، ولكن بالتنوين للوزن هنا قال (خَمْسَةٍ أَفْرَادِ) ويصح أن يكون خمسةٍ التنوين هنا عوضًا عن المضاف، فيكون أفراد هذا صفة لخمسة. إذًا هو بالتنوين قطعًا للوزن، ولا يصح أن يضاف لما بعده، (فالنصف) هذا مبتدأ و (فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ) فرض هذا خبر المبتدأ، وهو مضاف، وخمسةٍ بالتنوين مضاف إليه، ثم خمسة مضاف وأفراد مضاف إليه، إذا جعلناه التنوين هنا للضرورة، يعني كان مضاف ومضاف إليه ثم نوّن المضاف من أجل ضرورة الوزن، ويحتمل أنها (فَرْضُ خَمْسَةٍ) على أصله، فأفراد هذا نعت لـ (خَمْسَةٍ)، يجوز هذا ويجوز ذاك (فَرْضُ) هذا مصدر بمعنى اسم المفعول، أي مفروض، (وَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ) يعني مفروض لخمسة، موصوفة بأنها أفراد، (أَفْرَادِ) جمع فرد، والفرد ضد الزوج يعني واحدًا، يعني يكون الزوج واحدًا، والأنثى البنت واحدة كذلك، وبنت الابن تكون واحدة، والأخت الشقيقة واحدة، والأخت لأب واحدة، يعني يشترط انفراد كل واحدة من هذه الأصناف الخمسة، حينئذٍ صار هذا الشرط للاحتراز في بعضها دون بعض، لأن الزوج لا يكون إلا منفردًا، فيكون هذا الشرط في حقه لبيان الواقع، الزوج لا يتعدد إنما هو واحد، وأما البنت، وبنت الابن، وكذلك الأخت الشقيقة، والأخت لأب هذه تتعدد، قد تكون بنت وبنتين فأكثر، والأخت الشقيقة قد تكون أخوات، أختين أو أخوات فأكثر .. إلى آخره.

إذًا أفراد هذه صفة لخمسة، وهو أفعال جمع فرد، وهو ما يقابل الزوج، (وَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ) أي كل واحد منهم منفرد، من كل واحد منهم من هذه الخمسة التي سيأتي ذكرها يُشترط فيه أن يكون منفردًا، وهذا إذا كان كذلك والزوج لا يكون إلا منفردًا حينئذٍ يكون هذا شرط لبيان الواقع في شأن الزوج، وأما في شأن الأربعة الأصناف الأخرى فهو للاحتراز، يعني بنت واحدة احترز به عن البنتين فأكثر، وبنت الابن واحدة احترز به عن بنت الابن إذا كانت ابنتين فأكثر، كذلك الأخت الشقيقة، والأخت لأب، وهذا القيد بالنسبة للزوج لبيان الواقع لأنه لا يكون إلا منفردًا.

الأول قال: (الزَّوْجُ) هذا من أصحاب النصف، ولكن الناظم هنا أطلقه وإن كان لا يرث النصف إلا بشرط، يعني لا يستحق النصف إلا بشرط، وهذا قالوا: إنما هو مأخوذ من قوله:

ص: 2

وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ

مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ

حينئذٍ أُخذ الشرط هنا مما سيأتي، وهذا خلاف المعتاد، المعتاد أن يذكر الشرط أولاً وما سيأتي يحال على ما ذكر سابقًا، أما ألا يذكر أولاً ويحال على ما سيأتي هذا خلاف ما عليه أهل التصنيف وخاصة المتون. (الزَّوْجُ) هذا خبر لمبتدأ محذوف أحدهم أو أولهم الزوج كما قدره الشارح هنا، وإذا جُرّ حينئذٍ يكون بدلاً من خمسة أو من أفراد، يجوز هذا ويجوز ذاك، الزوج والأنثى من الأولاد وتعطف عليه ما سيأتي بالخفض، يعني:

وَبِنْتُ الابْنِ عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ

وَالأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِيْ

يكون بالجر إذا جررت الزوج لكن رفعه هو الظاهر.

(الزَّوْجُ) ويستحقه بشرط واحد وهو عدم الفرع الوارث، يعني بشرط عدمي لا بشرط وجودي، وقد سبق معنا أن الشرط قد يكون عدميًّا وقد يكون وجوديًّا، وجود تحققه أن تكون شيئًا معدومًا، والعكس بالعكس ألا يكون شيئًا موجودًا، الذي هو الشرط العدميّ، وهنا عدم الفرع الوارث يعني الذي يكون فرعًا للزوجة، سواء كان منه هو أو من غيره كأن يكون تزوجت مطلقة وعندها فرع وارث، حينئذٍ لا يرث النصف لوجود الفرع الوارث. إذًا يستحق الزوج النصف بشرط عدمي وهو شرط واحدٌ وهو عدم الفرع، يعني فرع الزوجة الوارث. قال بعضهم: يشترط في هذا الفرع الوارث أن يكون مجمعًا على إرثه، فإن لم يكن مجمعًا على إرثه بأن كان ثمّ اختلاف بين الفقهاء حينئذٍ لا يكون مانعًا للزوج من النصف، ولذلك قال الشرح هنا: بالإجماع عند عدم الفرع الوارث بالإجماع وهذا بالإجماع متعلق بقوله: الوارث، بمعنى أنه يشترط في هذا الفرع الوارث ألا يكون وارثًا بالإجماع، فإن كان ووجد وورث لكن بمعنى الاختلاف فلا يكون مانعًا للزوج عن النصف، والمراد بالفرع الوارث هنا المجمع على إرثه، فخرج غير الوارث كابن الرقيق أو قاتل أو نحو ذلك، لوجود الوصف المانع فهو محجوب بالوصف، وكذلك خرج أولاد البنات مطلقًا ومن قام به مانع من الأولاد وأولاد البنين للخلاف في هل هذا يرث أو لا؟

ص: 3

حينئذٍ إذا وجد فرع وارث واختلف الفقهاء في توريثه أم لا، حينئذٍ لا يكون مانعًا للزوج عن النصف. إذًا (الزَّوْجُ) يرث النصف بشرط واحد عند عدم الفرع الوارث وهذا بالإجماع، ذكرًا كان أو أنثى وإن نزلا بمحض الذكور، يعني ابن ابن ابن .. إلى آخره كما ذكرناه سابقًا، والدليل على ذلك قوله جل وعلا:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12]. {وَلَكُمْ} اللام للتمليك هنا، لكم نصف ما ترك أزواجكم لكم هذا يحتمل الخطاب أنه للزوج ولغيره، لكن لما قال:{أَزْوَاجُكُمْ} علمنا أن المخاطب هو الزوج بالمقابل لأنه مضمر هنا ضمير {وَلَكُمْ} من؟ الابن، الأخ .. إلى آخره الأب، الأم، نقول: المراد به هنا الزوج، لماذا؟ لمقابلته لأزواجكم {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} لكم أنتم إذًا أيها الأزواج لماذا؟ لأن الذي يقابل الأزواج معنى الزوجات هو الزوج {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} هنا،

{وَلَكُمْ} يعني لكل زوج لأنه ليس المراد به الجمع كما ذكرناه من أن الزوج لا يتعدد وإنما هو شيء واحد، وإنما هنا قابل الجمع بالجمع {وَلَكُمْ} هذا جمع {أَزْوَاجُكُمْ} هذا جمع، أزواجكم هذا واضح لماذا؟ لأنه قد يتعدد الزوجات قد يتعددن تكون زوجة أو ثنتين أو ثلاث إلى أربع، وأما الزوج فلا، أي ولكل زوج نصف ما تركته زوجته فهو من مقابلة الجمع بالجمع حينئذٍ تقتضي القسمة على الآحاد، يعني لكل زوجٍ نصف ما ترك أزواجه، متى؟ إذا كنّ واحدة أو كن متعددات متى؟ قال:{إِنْ} . هذا إن الشرطية {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ} أي للزوجات الواحدة أو المتعددة {وَلَدٌ} ولفظ الولد يشمل الذكر والأنثى في لسان العرب: الولد يشمل الذكر والأنثى، وإن خصه بعض العرف بالذكر، لكن في لسان العرب الولد يشمل الذكر والأنثى. إذًا هذا نص واضح بَيِّن وأجمع أهل العلم على مدلوله وهو أن الزوج يرث النصف بشرط أن لا يكون ثم فرع وارث. قال الشارح هنا: وإنما لم يذكر اشترط عدم الفرع في إرث الزوج النصف للعلم به من مفهوم ما سيأتي في إرثه الربع، وهذا فيه إحالة على ما سيأتي وهو خلل، وسواء كان هذا الولد فرع الوارث منه أو من غيره، يعني لا يُشترط أن يكون هو أباه، بل قد يكون هذا الولد من غيره، وهذا يتصور فيما إذا تزوج مطلقةً وعندها ولد ثم ماتت، حينئذٍ يرثها ولكنه لا يرثها بالنصف لوجود الفرع الوارث ون لم يكن منه.

ص: 4

إذًا الخلاصة: يرث الزوج من زوجته النصف إن لم لها فرعٌ وراث، والفرع الوارث هم الأولاد وأولاد الأبناء وإن نزلوا، فأما أولاد البنات فهم فروع غير وارثين فلا يحجبون من يحجبه الفرع الوارث وهذا فيه خلاف، يعني ابن البنت يرث أو لا يرث؟ سبق أنه من ذوي الأرحام أليس كذلك؟ سبق معنا أنه من ذوي الأرحام، إذًا يرث أو لا يرث فيه خلاف لأن توريث ذوي الأرحام مختلف فيه، وإن كان المذهب عند الحنابلة أنهم يرثون، حينئذٍ لو وجد ابن بنت هل يكون مانعًا للزوج عن النصف، نقول: لا، لماذا؟ لأن هذا الفرع ليس وارثًا بالإجماع وإنما هو وارث مع الخلاف. إذًا الفرع الوارث هم الأولاد وأولاد الأبناء وإن نزلوا بمحض الذكور، فأما أولاد البنات فهم فروع غير وارثين فلا يحجبون من يحجبه الفرع الوارث. قال بعضهم تفضيلاً في هذا الموضع قال: الزوج يرث النصف بشرط واحد وهو عدم الفرع الوارث المجمع على إرثه بأن لم يكن هناك فرع أصلاً هذا واضح، إذا لم يكن ثم فرع أصلاً أو كان هناك فرع غير وارث، أو كان هناك فرع وارث مختلف في إرثه كولد البنت، فلا يحرم الزوج من النصف إلى الربع إلا الفرع الوارث المجمع على إرثه.

إذًا ليس كل فرع وارث يكون حاجبًا للزوج عن النصف إلى الربع، لأنه دائر بين أمرين إما نصف وإما ربع، متى يأخذ النصف؟ عند عدم وجود الفرع الوارث، إذا وُجد الفرع الوارث لا يلزم نقله مطلقًا إلى الربع، بل لابد من النظر في هذا الفرع هل هو مجمع على إرثه أم لا؟ حينئذٍ إذا كان مجمع على إرثه صح النقل من الفرض بالنصف إلى الفرض الربع وإلا فلا، والأنثى من الأولاد (وَالأُنْثَى) هذا الثاني ممر يرث النصف قال:(مِنَ الأَوْلَادِ) هذا بيان الواقع، لماذا؟ لأن الأولاد كما ذكرنا يشمل الأنثى وغيرها، والمراد الأنثى هنا البنت لأن الذي يرث النصف أو من أصحاب النصف هو البنت. قال الشارح: الواحدة. هذا تأكيد فقط لأنه قال: أفرادِ فيؤكد حينئذٍ كلما جاء صنف من هذه الأصناف الخمسة بأنه واحد تحقيق للشرط وإلا ليس للاحتراز، قد انتقده البيجوري لكنه انتقاد في غير محله، فالأنثى الواحدة من الأولاد يعني وهي البنت، المراد بالأنثى هنا البنت، [يعني بنت الابن هذه البنت نعم] البنت هذه ترث النصف ولكن بشرطين، لا تستحقه إلا بشرطين، الناظم هنا جرى على ذكر بعض الشروط وترك بعضًا، وهذا على خلاف المشتهر عند الفرضيين لأن لا يذكر صنف إلا ويذكر معه شروطه، لكن نذكره تتميمًا للفائدة.

إذًا البنت ترث النصف ولكن بشرطين:

الأول: عدم المعصب لها هو أخوها، لقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]. يعني: إن وُجد أخوها حينئذٍ عصبها، عصبها بماذا؟ بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وأما إذا لم يوجد أخوها حينئذٍ ترث النصف، إذًا يشترط في إرث البنت النصف عدم المعصب لها، من هو المعصب؟ الابن، يعني ألا يكون ابن.

ص: 5

هلك هالك عن بنت حينئذٍ إذا وُجد ابن عن بنت وابن لا ترث النصف، لماذا؟ لوجود المعصب وهو أخوها، حينئذٍ دخل في قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} . حينئذٍ يرث التوارث يكون بالتعصيب لا بالفرض، يكون للذكر وهو الابن مثل حظ الأنثيين، إذًا يشترط في توريث البنت النصف ألا يوجد المعصب لها وهو أخوها، لأنه إذًا وجد حينئذٍ انتقل إلى الإرث بالتعصيب، ولا يفهم من الاشتراط هنا دائمًا إبطال الفرض، لا، وإنما قد ينتقل إلى فرض آخر أو ينتقل من إرث بالفرض إلى إرث بالتعصيب، وقد يكون ثمَّ مانع وهو ما سيأتي في باب الحجب إن شاء الله تعالى.

الشرط الثاني: عدم المشارك لها وهو أختها، أختها بنت، إذًا واحدة احترازًا من البنتين إن كانتا بنتين انتقلا إلى فرض ثانٍ وهو الثلثان. إذًا الشرط الثاني فيما تستحقه البنت للنصف عدم المشرك لها وهو أختها لأنها حينئذٍ تنتقل من النصف إلى المشاركة في الثلثين، لقوله تعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11]. يعني اثنتين وزيادة {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11]، إذًا قوله:(وَالأُنْثَى مِنَ الأَوْلَادِ). ليس على إطلاقه إنما هو عند انفراد المعصب، سيذكر هو في آخر الأبيات (عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ) وهذا عام فيما ذكره من الإناث، ولكن يذكر في هذا الموضع ويزاد الذي ذكرناه وهو عدم المشاركة.

قال هنا: (وَالأُنْثَى) أي الواحدة (مِنَ الأَوْلَادِ) وهي البنت عند انفرادها عن معصبها، والمعصب هنا هو أخوها، فترث بالفرض بخلاف ما لو كانت مع معصبها فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. وهذا دل عليه قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11]. وإن كانت متروكة واحدة فلها النصف، مفهومه إن كانت أكثر من واحدة اثنتين حينئذٍ ليس لها النصف، وإنما تنتقل على الفرض الآخر وهذا يستدل به على رد مذهب ابن عباس إن صح عنه. ثم قال:(وَبِنْتُ الابْنِ). هذا الصنف الثالث الذي يرث النصف، (وَبِنْتُ الابْنِ) يعني الواحدة لأنه قال:(أفراد). إذًا بنت الابن يشترط في كونها وارثة للنصف أن تكون واحدة منفردة فإن شاركتها أختها، حينئذٍ صار الحكم مختلفًا (وَبِنْتُ الابْنِ) الواحدة وإن نزل أبوها بمحض الذكور نزل أبوها كيف؟ بنت ابن ابن ابن ابن ابن الابن مهما نزل بشرط ألا يكون في السلسلة أنثى لا بد أن يكون بمحض الذكور، يعني ذكور خُلّص ألا يكون بين ذكر وذكر أنثى، لأنه حينئذٍ ينتقل إلى الأرحام، وترث بنت الابن النصف وتستحقه بثلاثة شروط:

ص: 6

الأول: عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منها، بنت الابن إذا وُجد أبوها حجبها، عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منها، حينئذٍ إذا كانت هي بنت ابن ابن الابن، وعندنا بنت ابن فحينئذٍ الثانية لا ترث مع الأولى، لماذا؟ لوجود فرع وارث أعلى منها، سيأتي تمييز الدرجات في باب التعصيب، لأنه قد يشتركان في نسب ولكن أحدهما يكون أعلى درجة من الأخرى، فلا شك أن ابن الابن أعلى من ابن ابن الابن، وابن ابن الابن أعلى من ابن ابن ابن الابن أليس كذلك؟ اشتركا في النسب في السلسلة إلا أن أحدهما أرفع وأعلى درجة من الآخر، الأنزل الأقل واسطة يكون حاجبًا لما كان أبعد واسطة، حينئذٍ عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منه.

ثانيًا: عدم المعصب وهو أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها، ابن عمها الذي في درجتها هذا سيأتي بحثه في باب التعصيب، عدم المعصب وهو أخوها بنت الابن، ابن الابن أخوها حينئذٍ يعصبها كيف يعصبها؟ ينتقل من الفرض من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب ليدخل في قوله:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} .

الشرط الثالث: عدم المشارك لها وهو أختها، وهذا معلوم من وقوله (أَفْرَادِ).

إذًا ذكر شرطين فيما يتعلق ببنت الابن، الأول أفراد، والثاني سيأتي التنصيص عليه (عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ) يعني الأخ المصعب لها الناقل لها عن الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب.

إذًا عدم المشارك وهو أختها أو بنت عمها التي في درجتها، وهذا سيأتي بسطه في باب التعصيب، والمراد هنا عدم المشاركة أن لا يشاركها، يعني إن وُجد معها من هو في مرتبتها ومنزلتها حينئذٍ انتقلا من الفرض بالنصف إلى الفرض بالثلثين، بنت الابن إن كن ثنتين فأكثر حينئذٍ صار فرضهما الثلثين لا النصف.

(وَبِنْتُ الابْنِ عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ) عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منها، عند فقد البنت فأكثر، ليس الحكم خالصًا بالواحدة وإنما بالمتعدد كذلك، وأما عند وجود البنت فلها الثلث تكملةً للثلثين، عند وجود البنت حينئذٍ ترث السدس كما سيأتي في باب السدس يعني بنت ابن مع بنت حينئذٍ ترث بنت الابن السدس، أليس كذلك؟ ترث السدس نعم تكملة للثلثين، ولذلك اشترط هنا ماذا؟ عند فقط البنت، هذا الشرط عدميًّا، لماذا؟ لأنه إن وُجد حينئذٍ انتقل من الإرث بفرض إلى الإرث بفرض آخر صار حاجبًا، وأما عند وجود بنت فلها الثلث تكملة للثلثين، وعند وجود للأكثر من البنت فلا شيء لها ما لم تعُصَّب بابن ابن كما سيأتي في محله.

وَبِنْتُ الابْنِ عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ

وَالأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِيْ

والأخت المراد بها الأخت الشقيقة لأنه قال: (وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِيْ مِنَ الأَبِ) ماذا نفهم؟ أن هذه المراد بها الشقيقة هذا بالإجماع، (في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِيْ) يعني في حكم كل من أفتى من أهل الملة والشريعة أن الأخت ترث النصف، والمراد به الأخت الشقيقة.

قلنا: الدليل على توريث بنت الابن قال: والثالث بنت الابن الواحدة عند فقد البنت فأكثر، وفقد الابن أيضًا وعند انفرادهن عن معصب لها، وهذا إجماعًا قياسًا على بنت الصلب.

ص: 7

إذًا الدليل هو الإجماع، ومستند الإجماع القياس ولا إشكال فيه، يعني عندنا دليل وعندنا دليل الدليل، ما هو الدليل؟ الإجماع، ثم ما دليله؟ لا بد أن يكون مستند على دليل شرعي هو القياس. إذًا إجماعًا فترث النصف للإجماع، مما وجه الإجماع؟ قال: قياسًا على بنت الصلب، بنت الصلب المباشرة علة القياس هذا، لأن ولد الولد ولد الابن كالولد إرثًا، ولد الولد ابن الابن كالابن: ليس كذلك؟ ابن الابن كالابن، قال: إرثًا وحجبًا، الذكر كالذكر والأنثى كالأنثى، إذًا بنت الابن مثل البنت، أليس كذلك؟ مثله كما يقال ابن الابن كالابن كذلك بنت الابن كالابن فصار هذا القياس واضح بين، وأجمع أهل العمل عليه. ثم قال:(وَالأُخْتُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِيْ). والأخت يعني الصنف الرابع الذي يرث النصف هو الأخت، يعني: الأخت الواحدة لأنه قال: (أفراد) الشقيقة لأنه قال بعدها: (الأُخْتُ الَّتِيْ مِنَ الأَبِ)، والأخت الشقيقة ترث النصف ولكن لا تستحقه إلا بأربعة شروط، هكذا التسلسل كلما جاء صنف زاد شرطًا على ما قبله، وتستحقه الأخت الشقيقة بأربعة شروط:

الأول: عدم المعصب وهو الأخ الشقيق، لأنه إن وُجد عَصَّبَهَا على أنها ترث بالتعصيب {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176]. {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً} لو واحد وواحدة يعني ذكر وأنثى يصدق على أدنى شيء، الواحد والواحدة، حينئذٍ قال تعالى:{فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} . كما أنه قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} . كذلك في الإخوة هنا رجالاً أو نساءً للذكر مثل حظ الأنثيين.

أو للجد على أحد قولي العلماء كما سيأتي في باب الجدّ، فلا يفرض لها معه إلا في مسألة الأكدرية كما سيأتي، المراد هنا عدم المعصب وهو الأخ الشقيق، فلا ترث الأخت الشقيق النصف إلا عند عدم أخيها وهو الأخ الشقيق، إن وُجد انتقل إلى التوريث بالتعصيب.

الشرط الثاني: ما هو؟ (أفراد) دل عليه قول: (أفراد) عدم المشارِكة، يعني ألا تكون معه أخت أخرى، لأنها إن وجدت أخت أخرى شقيقة صارت الثنتين أو زيد فأكثر حينئذٍ انتقلت إلى الفرض بالثلثين، عدم المشارِك وهو الأخت الشقيقة لقوله:{فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176].

الثالث: عدم الأصل من الذكور الوارث لا من الإناث، هذا احترازًا، الوارث أخرج به غير الوارث، والمراد به عدم الأصل هنا من الذكور الوارث، المراد به الأب أبو الأب على القول الثاني للعلماء كما سبق ذكره في الجد هناك، والمراد به الأب وأبو الأب (وَالْجَدُّ لَهُ) كما سبق المراد به الجد أبو الأب، وإن علا بمحض الذكور، والوارث يخرج به الأصل غير الوارث هذا واضح لأنه يكون محجوبًا، وهو المحجوب بوصف فلا يحجبها لأن وجوده كعدمه، المحجوب يوصف هذا كالعدم، والمحجوب بشخص كالموجود، سيأتي هذا، لكن القاعدة هكذا المحجوب بوصف كالقاتل هذا كالعدم وجوده وعدمه سواء، لا يذكر أصلاً

،

ص: 8

والمحجوب بشخص كالابن ابن الابن محجوب بالابن مثلاً، حينئذٍ هذا محجوب بشخص لا بوصف، هذا وجوده وجود، لا نقول: وجوده كعدمه، بل هو معتبر، والوارث يخرج به الأصل غير الوارثُ وهو المحجوب بوصف فلا يحجبها لأن وجوده كعدمه، وخرج أبو الأب المدلي بأنثى لأنه غير وارث لأنه أدلى بأنثى كأبي أم الأب، فلا يحجبها لأنه من ذوي الأرحام.

إذًا المراد بقوله: عدم الأصل من الذكور الوارث. المراد به الأب وأبو الأب هكذا. - احفظها هكذا -.

الشرط الرابع: عدم الفرع الوارث وهو الابن وابن الابن وإن نزلا، عدم الفرع الوارث يعني للميت، فلا ترث الأخت الشقيقة النصف مع وجود فرع للميت، فرع وارث، فإن وُجد وليس وارثًا حينئذٍ لا يحجبها، إن عدم هو الشرط الذي يتحقق معنا هنا.

إذًا الشرط الرابع عدم الفرع الوارث وهو الابن وابن الابن وإن نزلا فلا تستحق معه شيئًا، والبنت وبنت الابن وإن نزل أبوها لأنها تكون حينئذٍ عصبةً مع الغير، وهذا سيأتي في التعصيب. إذًا خلاصة هذا الشرط: عدم الفرع الوارث. والدليل على ذلك قوله تعالى وهو مجمع عليه لكن سند الإجماع قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176]. {وَلَهُ أُخْتٌ} هذا أطلق هنا لا يشمل الأم كما ذكرناه سابقًا، فالآية هذه مخصوصة بالإجماع بالأخت الشقيقة والأخت لأب، هذا محل إجماع بين أهل العلم، لأنهم أجمعوا على أن هذه الآية نزلت في الإخوة للأبوين والإخوة للأب دون الإخوة للأم، إذًا الأخت الشقيقة ترث النصف بالإجماع، وإنما ترثه بأربعة شروط على ما سبق ذكره.

(في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِي) أي مجتهد (في مَذْهَبِ) أي حال كون هذا الحكم يعني في مذهب جار ومجرور متعلق بمحذوف حال (في مَذْهَبِ) أي حال كون هذا الحكم مندرجًا في الأحكام التي ذهب إليها كل مجتهد، فالمراد من المذهب الأحكام والمفتي هو المجتهد، ولذلك قال الشارح هنا: أي مجتهد. لأن ذلك مجمع عليه، وأصل المذهب مكان الذهاب، قد يعلق ما دام أنه مجمع أين وجه الاجتهاد، والمذهب مكان الذهاب، ثم أُطلق على ما ذهب إليه مجتهد وأصحابه من الأحكام في المسائل إطلاقًا مجازيًّا.

وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِيْ مِنَ الأَبِ

عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ

ص: 9

(وَبَعْدَهَا) أي بعد الأخت الشقيقة وفي بعض النسخ، وهكذا هذه الخامسة التي ترث النصف، وهكذا الأخت التي من الأب، وبعدها الأخت التي من الأب فرق بين النسختين وإذا قيل وهكذا ليس فيه فهم شرط، من بعدها الأخت التي من الأب، يعني يفهم منه أنها لا ترث النصف مع الشقيقة، وبعدها يعني بعد الأخت الشقيقة يأتي البعدية هنا عند عدم وجود الأولى وهي الأخت الشقيقة، فقد يفهم شرط من هذه النسخة وفيها زيادة فهي أولى. إذًا هذه النسخة تكون أولى من قوله وهكذا، وعلى النسخة الثانية وهكذا أي مثل الأخت الشقيقة الأخت التي من الأب في إرث النصف، مثل الأخت الشقيقة الأخت التي من الأب في إرث النصف، وعلى الثانية (وَبَعْدَهَا) يعني بعد أخت الشقيقة في إرثها النصف الأخت الواحدة التي من الأب، وتفيد أو يفيد قوله: بعدها اشتراط عدم الشقيقة لإرث الأخت التي من الأب للنصف. (الواحدة) كذلك تأكيد وتحقيق للشرط الذي ذكره سابقًا (فالنصف فرض خمسة أفراد) فإذا زاد الواحدة أو الواحد عند كل صنف حينئذٍ لا إشكال بل هو تحقيق للشرط.

(وَبَعْدَهَا الأُخْتُ) الأخت بعدها، (الأُخْتُ) هذا مبتدأ مؤخر، وبعدها هذا ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، وكذلك هكذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم.

(الَّتِيْ) هذا صفة للأخت (الَّتِيْ مِنَ الأَبِ) وهذا احترازًا عن التي من الأم فقط فإنها لا ترث النصف كما سيأتي في محله، عند انفرادها عن معصب لها. وقول المصنف هنا والناظم (عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ) هذا يعود على كل ما ذُكر، [وبنت] والزوج، والأنثى، الأنثى من الأولاد، وبنت الابن عند فقد البنت، والأخت، وبعدها الأخت، هذه الأربعة الأصناف قال:(عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ) الضمير يعود على أنثى من الأولاد، وبنت الابن، والأخت، وبعدها الأخت التي من الأب عند انفراد هذه المذكورات عن معصب وهو إما الابن أو الأخ، والأخت التي من الأب ترث النصف في خمسة شروط:

الأربعة السابقة وتزيد عليه واحدة الخامسة.

والخامسة عدم الأخت الشقيقة والأخ الشقيق، بدليل الآية وللإجماع السابقين.

إذًا كل ما اشترط في إرث الأخت الشقيقة للنصف من عدم المعصب وهو الأخ الشقيق، وهنا الأخ الشقيق كذلك، وعدم المشارِك وهو الأخت الشقيقة، وعدم الأصل من الذكور والوارث، وعدم الفرع الوارث، وهو الابن وابن الابن وإن نزل. هذه الشروط الأربعة كذلك موجودة في الأخت من الأب، وزد عليها ألا توجد أخت شقيقة ولا أخ شقيق، عدم الأخت الشقيقة والأخ الشقيق بدليل الآية والإجماع السابقين.

(عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ) أي عند انفراد كل واحدة منهن عن معصب مما ذكر معه فيما سبق، إما الابن، أو ابن الابن، أو الأخ الشقيق، أو الأخ لأب، واضح هذا؟ حينئذٍ هذا الشرط يرجع إلى كل ما ذكره الناظم.

ص: 10

قال الشارح هنا: ثم اعلم أن الذي عُلم من كلام المصنف رحمه الله تعالى هو اشتراط فقد المعصب لكل واحدة من الأربعة، وأما ما ذكرته غير ذلك فإنما تركه كغيره من المصنفين اكتفاء بذكره فيما سيأتي، قد يذكر في بعض المحال، لكن الأولى هنا إن ذكر أنما يذكر في أول موضع ولا يذكر فيما بعد ثم بحال عليه، هذا غير، التصنيف إنما يكون إذا ذكر الشرط أو كان له محلان حينئذٍ المحل الأول هو لأنسب، فإن جاء له محله آخر حينئذٍ يقول: قد سبق، أما بالعكس هذه فيه إبهام.

اكتفاءً بذكره فيما سيأتي، ولو ذكروا جميع ما يحتاج إليه في جميع الفروض لأدى إلى التكرار والتطويل، فليذكر في محله والعلم إنما يتعلم من أجل التحصيل.

إذًا هذه خمسة أصناف كلها ترث النصف على ما ذُكر معها من شروط (فالنصف فرض خمسة أفراد) يعني أصناف:

(الزوج) هذا الأول.

والثاني (البنت) أشار إليها بقوله: (وَالأُنْثَى مِنَ الأَوْلَادِ).

والثالث (بنت الابن) الواحدة وإن نزل أبوها عند فقد البنت فأكثر).

كذلك الأخت الرابع الأخت الشقيقة ثم الأخت من الأب.

الربعُ (بَابُ الرُّبُع) قال:

وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ

مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ

الربع سبق فيه لغتان، وذكر في القرآن في موضعين وأصحابه صنفان فقط، يعني لا يرث الربع إلا الزوج والزوجة، ولكلٍ شرطه. (وَالرُّبْعُ) رُبُع لكن هنا يتعين التسكين للوزن، (وَالرُّبْعُ) مبتدأ (فَرْضُ الزَّوْجِ) خبره كأنه قال: والربع فرضُ اثنين أو صنفين، وهذا يعلم من السياق لأنه ذكر نوعين صنفين فقط، حينئذٍ تجعله خبرًا لما ذكر، وإن جعله على ظاهره هذا هو الظاهر.

(وَالرُّبْعُ فَرْضُ) الربع مبتدأ، والفرض خبر، وهو مضاف والزوج مضاف إليه، وفرض هنا وإن كان مضافًا إلا أنه مصدر بمعنى اسم المفعول، يعني مفروض للزوج، الربعُ مفروض للزوج لكن بشرط واحد وهو وجود الفرع الوارث سواء كان منه أو من غيره، ولذلك قال:(إِنْ كَانَ مَعَهْ ** مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ).

(إِنْ كَانَ مَعَهْ) إن هذه شرطية، إذًا لها مفهوم، وكان هذه تامة بمعنى وجد، يعني إن وُجد من ولد الزوجة من قد منعه، إن كان من قد منع من ولد الزوجة معه. هذا التركيب (مَنْ قَدْ مَنَعَهْ) من هذا فاعل كان، يعني الذي قد منعه، منع الزوج، منع زوج من ماذا؟ من الإرث بالكلية أو من بعضه؟

من بعضه لأنه حجبه من النصف إلى الربع، يعني نصف النصف، انقصه وحجبه من النصف إلى نصف النصف، وهذا في نقصان، حجب بالنقصان. إذًا إن كان من قد منعه (مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ) من هذه بيانية، وهو بيان قدمه على الْمُبَيِّن، حينئذٍ بيان لمن قد منعه فهو بيان مقدم على المبيَّن، وكان هنا قلنا بمعنى وُجد فتفتقر إلى الفاعل ولا تحتاج إلى اسم ولا خبر، ومن هذه اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع فاعل كان (مَنْ قَدْ مَنَعَهْ)، والفاعل ضد مستتر يعود على ولد الزوجة، والها ضمير متصل مبني على الضم المقدر منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الوقف أو [الضم] وهو يعود على الزوج.

ص: 11

إذًا يستحق الزوج فرض الربع بشرط واحد وهو وجود الفرع الوارث سواء كان منه أو من غيره، الفرع الوارث يعني ولد الزوجة سواء كان منه هو الزوج أو من غيره، فالتصور هنا يكون ماتت زوجة وتركت زوجها والزوج وارث وهي التي ماتت، حينئذٍ إن وُجد لها فرعٌ ولد أو بنت من هذا الزوج الذي هو معها أو من سابق حينئذٍ حجبه من النصف إلى الربع، إن لم يكن لها لا منه ولا من سابقه حينئذٍ يرث النصف على ما سبق، إذًا يتصور في ماذا؟ في زوجة هالكة ماتت يعني، حينئذٍ إذا تركت زوجًا يرثها ننظر إلى الزوجة، هل لها ابن أو لا، سواه كان من الزوج أو من غيره؟ وهذا متصور، فإن كان لها فرعًا وارثًا حينئذٍ منع الزوج من النصف إلى الربع، وإلا فيرث النصف.

وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ

مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ ...............

قلنا: (مِنْ وَلَدِ) من هذه جار ومجرور متعلق بمحذوف بيان لمن وهو مقدم على المبين (قَدْ مَنَعَهْ) أي إن وُجد مع الزوج الشخص الذي منعه عن النصف ورده إلى الربع وهو ولد الزوجة ذكرًا كان أو أنثى واحدًا أو متعددًا وقوله (مَنْ قَدْ مَنَعَهْ) ليس المراد أنه منعه عن الإرث بالكلية، وإنما منعه بعض حقه الأكبر وهو النصف، ورده إلى الربع لقوله تعالى:{فإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء: 12]. {فإِنْ كَانَ لَهُنَّ} للزوجات، للزوجة أو الزوجات، {وَلَدٌ} قلنا يشمل الذكر أو الأنثى، حينئذٍ يصدق على الواحد وعلى المتعدد لأنه نكرة في سياق الشرط فلا يشترط فيه التعدد {فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} حينئذٍ ثبت له الربع، هذا الصنف الأول.

والصنف الثاني: وهو الزوجة فأكثر الزوجة الواحدة فثنتين فثلاث فأكثر إلى أربع، وتستحقه بشروط واحد وهو عدم الفرع الوارث، ولذلك قال:

وَهْوَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَا

مَعْ عَدَمِ الأَوْلَادِ فِيْمَا قُدِّرَا

ص: 12

(وَهْوَ) أي الربع لكل زوجة منفردة عند زوجها، (أَوْ أَكْثَرَا) الألف هذه للإطلاق، بأن تكون زوجتين فأكثر، حينئذٍ الواحدة إذا انفردت ترث الربع، ثنتين يرثن الربع، ثلاث يرثن الربع، أربع يرثن الربع، إذًا إذا كانت واحدة تفرد بالربع، وإذا كانت ثنتين اشتركن في الربع ليس لكل واحدة، لأن لو كانت أربع التركة كلها ذهبت، ربع ربع ربع ربع، صارت كاملة لم يبق شيئًا، وإنما يشتركن الأربع في الربع، فحينئذٍ كل واحدة تأخذ نصف الربع، وهو أي الربع لكل زوجة منفردة عند زوجها أو أكثرا الألف هذه للإطلاق، مع عدم الأولاد مع هذا الشرط، يعني هذا الحكم السابق وهو أن الزوجة منفردة أو الأكثر يرثن الربع هذا ثابت مع عدم الأولاد، يعني يُشترط في استحقاق الربع للزوجة أو أكثر فقد وعدم الفرع الوارث، الفرع الوارث ممن؟ فرع من؟ أي العكس الأول هناك تقول: فرع الزوجة لأن الزوج هو الذي سيأخذ المال هو الذي يكون حيًّا، فالفرع يكون للميت، وهنا اعكس فالزوجة تأخذ الربع حينئذٍ يُشترط عدم الفرع الوارث ليس لها وإنما للزوج سواء كان منها أو من غيرها، لأنه يحتمل أن يكون متزوج وعنده أولاد، ثم يأخذ الثانية فيموت قبل أن يولد لها، حينئذٍ الثانية ليس عندها ولد من زوجها، ولكن عنده ولد من غيرها فيكون حاجبًا لها، واضح؟ (مَعْ عَدَمِ الأَوْلَادِ) يعني هذا ثابت مع عدم الأولاد فيما قدرا (فِيْمَا) في هذه سببية وما اسم موصول بمعنى الذي (قُدِّرَا) الألف للإطلاق، أي وإرث الزوجة الربع مع عدم الأولاد بسبب ما قُدِّرَ وبُيِّنَ في كتاب الله تعالى، وهذا إذا لوحظ المقدر الخاص في الآية {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12]، وأما بقطع النظر عن الآية وإنما المراد به المقدر في كتاب الله، حينئذٍ يكون قوله فيما قدر في كتاب الله يكون أطلق هنا ولا تكون في سببية، وأما بقطع النظر عن هذه الآية وإنما لوحظ المقدر فيه القرآن فحسب كان من ظرفية الخاص في العام، وهذا المتبادر من النظم يعني فيما قدر في كتاب الله، فيما فرض في كتاب الله تعالى.

هنا قال: (وَهْوَ) أي الربع لكل زوجة أو أكثر من زوجة إلى أربع من عدم الأولاد، الأَولاد قلنا: جمع ولد ن فحينئذٍ يشمل الذكور والإناث للميت من الزوجة أو من غيرها فيما قدر أي فرض في قوله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} . فإن كان لكم ولد فاختلف الحكم، حينئذٍ المفهوم هنا معتبر وله مكانته، مع عدم الأولاد إذًا المراد به عدم الفرع الوارث، والمراد بالفرع الوارث هو الولد، وولد الابن وإن نزلا.

قال الناظم:

وَذِكْرُ أَوْلَادِ البَنِيْنَ يُعْتَمَدْ

حَيْثُ اعْتَمَدْنَا الْقَوْلَ في ذِكْرِ الْوَلَدْ

ص: 13

هو قال ماذا؟ مع عدم الأولاد، طيب ولد الولد، هل هو حاجب أم لا؟ قال:(وَذِكْرُ أَوْلَادِ البَنِيْنَ يُعْتَمَدْ) يعني: يعتبر، فقولنا: مع عدم الأولاد يشمل الأولاد وأولاد الأولاد وإن نزلوا بمحض الذكور، فليس خاصًا بالولد فقط، وإنما ولد الولد هو بمنزلة الولد، وهل هو صادق عليه حقيقة أم مجازًا؟ هذا محل خلاف بين العلماء، ولذلك قال الشارح هنا: ولما كان الولد لا يشمل ولد الابن حقيقة، يعني إذا قيل: الابن كما سبق فيما سبق الابن وابن الابن، هل الابن يشمل ابن الابن حقيقة يدخل فيه؟

المشهور: لا.

وقيل: يدخل فيه لغة.

وقيل يدخل فيه مجازًا.

فيها ثلاثة أقوال، وعليه يبني على هذا الفهم قوله تعالى:{إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12]. إن قلنا بأن ولد الولد لا يدخل حقيقة، حينئذٍ اختص الحكم في الآية بالولد فحسب، فنحتاج إلى قياس ولد الولد على الولد، إن قلنا بأنه داخل فيه حقيقة حينئذٍ النص دل على ماذا؟ {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} وكذلك ولد الولد لأن اللفظ الولد في لسان العرب يطلق على الولد حقيقة وعلى ولده كذلك حقيقة، فيكون النص داخلاً فيه، إن كان يُطلق عليه مجازًا بأنه ولد حينئذٍ يأتي الخلاف عند الأصوليين هل اللفظ الواحد يجوز استعماله في حقيقته ومجازًا معًا، فمن جوَّزه قال: هذا النص دل على الولد وولد الولد، ومن منعه قال: هذا النص يدل على الولد فحسب فنحتاج إلى ولد الولد لإدخاله في النص.

إذًا المشهور أن ولد الولد لا يدخل في لفظ الولد، ولذلك قال هنا الشارح: ولما كان الولد لا يشمل ولد الولد حقيقة على المشهور صرح بأولاد الابن بقوله: (وَذِكْرُ أَوْلَادِ البَنِيْنَ يُعْتَمَدْ). يعني في كونهم مانعين مع عدم الأولاد فيما قدّرا، مع عدم الأولاد وأولاد الأولاد، هذا خلاصة البيت الذي زاده مع عدم الأولاد فحسب وأولاد الأولاد، هل يشترط عدمهم من أجل توريث الزوجة والزوجات؟ نقول: نعم يشترط، فكأنه يرجع إلى ما سبق فتقول:

وَهْوَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَا

مَعْ عَدَمِ الأَوْلَادِ ...............

وأولادهم، فنص على أولادهم بهذا البيت، أتى ببيت كامل من أجل هذه اللفظة، (وَذِكْرُ أَوْلَادِ البَنِيْنَ) ذكر مبتدأ وهو مضاف، وأولاد البنين مضاف إليه، يعتمد الجملة خبر، يعتمد يعني يعتبر، وليس المراد أنه يعتمد من خلاف لأن المسألة محل إجماع، حيث اعتمدنا القول (في ذِكْرِ الْوَلَدْ). لأننا ذكرنا فيما سبق (مَعْ عَدَمِ الأَوْلَادِ) نفينا الأولاد، نقول: لأننا اعتمدنا القول في ذكر الولد ولم ننص على ولد الولد فلا يتوهم متوهم بأن ولد الولد لا يكون مانعًا، بل هو حكم أبيه، (حَيْثُ) هذه حيث للتعليل، (حَيْثُ اعْتَمَدْنَا) يعني اعتبرنا القول فيما سبق في ذكر الولد فقط دون ولده، والصواب أن الحكم عام، أي لأنَّا اعتبرنا القول الكائن في ذكر الولد، وظرفيه القول في الذكر من ظرفية العام في الخاص، والمراد ذلك الخاص.

ص: 14

قال الشارح هنا: (وَذِكْرُ أَوْلَادِ البَنِيْنَ) الذكور والإناث يعتمد حيث اعتمدنا القول في ذكر الولد في حجب الزوج من النصف إلى الربع والزوجة من الربع إلى الثمن لأن أولاد الابن كالأولاد. وهذا محل إجماع عند عدمهم إرثًا وحجبًا، ومحل إجماع، الذكر كالذكر، والأنثى كالأنثى قياسًا على الأولاد.

إذًا يعملون عمل آبائهم إرثًا وحجبًا، إما حجبًا بالكلية أو حجب نقصان.

إذًا الذي يرث الربع صنفان الزوج والزوجة، الزوج يرثه بشرط عدم الفرع الوارث، والزوجة كذلك ترثه مع عدم الفرع الوارث، والمراد بالفرع الوارث في المسألتين الولد وولد الابن وإن نزلا بمحض الذكور، وهذا محل وفاق وإجماع.

لكن بقي مسألة وهي إذا تركا خمسة أو خمس زوجات، هلك هالك عن خمسة زوجات لأن قوله (أَوْ أَكْثَرَا) الحد النهائي الشرعي أربعة، ترك خمسة هل يتصور أو لا؟ كيف؟

نعم صورها بعضهم بما ذكر أسلم عن خمس أو ست ثم مات مباشرة، الأصل أن يخير بين الخمس يبقي أربع ويسرح الخامسة، لكن مات مباشرة، هل نورث الخمس؟ نقول: يشتركن في الربع [ها] قرعة؟ [ها ها] أو ننظر الأولى هي التي تبقى والثانية ونعرف، أيهما أولى؟ الكل يرث؟

قيل: بإرثهن معًا الكل للضرورة، لكن هذا ضعيف، والصواب أنه يقال: إما بقرعة، وإما أن تعرف الأخيرة فحينئذٍ تترك هي التي لا تكون زوجة خامسة.

ومثله لو وقع خطأً، وهذا يقع حتى عند بعض الناس، تزوج خامسة وقد طلق الرابعة طلاقًا رجعيًّا ويعقد قبل خروج الزوجة من العدة، حينئذٍ وقع الثاني في عدة الرابعة وهي زوجة لأن طلاقها رجعي، هذا الخامسة العدد هذا باطل، حينئذٍ لو مات مباشرة يكون ترك خمس زوجات، يتصور أو لا؟ الصورة كيف؟ يكون عنده أربع زوجات، طلق واحدة طلاقًا رجعيًّا طلقة واحدة في طهر لما يجامعها فيه، حينئذٍ هي زوجة حتى تنتهي عدتها، ثلاثة قروء، طيب مَرّ أسبوع وتزوج ما يدري بعض الناس يجهل، حينئذٍ نقول: هذه الزوجة التي تزوجها هذه خامسة لأن التي طلقها مازالت زوجة، ولذلك يلغز عند الفقهاء هل للرجل عدة أم لا؟ هذه صورتها، نعم يعتد مع زوجته [ها ها] لا يتزوج حتى تنتهي وتنقضي عدة هذه المطلقة الرجعية.

فلا يجوز له أن يتزوج، فإن وقع حينئذٍ نكاح باطل لأنها خامسة.

ثم قال: (بَابُ الثُّمُن)

وذكر في القرآن مرة واحدة، وهو فرض صنف واحد هذه كلها ستحفظونها وتراجعونها إن شاء الله - اتركوا الأمور تمشي - وستكون عليها مسائل بعد ما ننتهي من السدس إن شاء الله لأنها مسائل متفق عليها وأصناف معدودة وشروطها واضحة بينة لكن التطبيق هو الذي يفضح هل فهمتم أم لا؟ تذاكرون حتى ننتهي من الأصناف من يرث السدس، ثم نأتي على مسائل تطبيقية.

إذًا الثمن ذكر في القرآن مرة واحدة، وهو فرض صنف واحد وهو الزوجة واحدة كانت أو أكثر إلى أربعة وتستحقه بشرط واحد وهو وجود الفرع الوارث، وهو الولد سواء كان منها أو من غيرها، وكذا ولد الابن وإن نزلا، الفرع الوارث المراد به الولد وولده وإن نزلا. إذًا يشترط في هذا الصنف وجود الفرع الوارث مقابل لما سبق، يُشترط في الصنف الثاني وهو الزوجة أن ترث الربع عدم الفرع الوارث، إن وُجد نقلها من الربع إلى الثمن، واضح؟ طيب.

ص: 15

وَالثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ

مَعَ الْبَنِيْنَ أَوْ مَعَ الْبَنَاتِ

(وَالثُّمْنُ) بسكون الميم للوزن والضرورة لا بد (لِلزَّوْجَةِ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، وتقدير الخبر هنا يعلم مما سبق، فرض الزوج، إذًا مفروض للزوجة حينئذٍ نقدر الخبر هنا خاصًا وهذا لا إشكال فيه لأن متعلق الجار والمجرور إذا كان خاصًا ودل عليه دليل جاز حذفه، وإما إذا لم يدل عليه دليل فلا يجوز حذفه، وهنا قد دل عليه دليل وهو ما سبق.

(وَالثُّمْنُ) مفروض للزوجة أي الواحدة (وَالزَّوْجَاتِ) إن كن متعددات ثنتين ثلاث إلى أربع وهو المنتهى فيشتركن فيه. قوله: (وَالزَّوْجَاتِ) المراد بالجمع هنا هل نقول: أقله ثلاث أو ما زاد على الواحدة؟

ما زاد على الواحدة، حينئذٍ لا يفهم من الجمع هنا المعنى اللغوي الذي يختلف فيه عند الأصوليين والنحاة، فالمراد بالجمع هنا ما فوق الواحدة، ولذلك قابل الزوجة بالزوجات (وَالثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ) الواحدة، (وَالزَّوْجَاتِ) اثنتين فأكثر، حينئذٍ يكون معنى الجمع هنا ما فوق الواحدة (مَعَ الْبَنِيْنَ أَوْ مَعَ الْبَنَاتِ) يعني مع وجود الفرع الوارث سواء كان هذا الفرع بنتًا أو كان ابنًا، فقوله مع البنين (أل) هذه للجنس، لأنه لا يشترط الجمع ولو بقينا على ظاهر اللفظ حينئذٍ لابد اثنين فأكثر، وإذا جرينا على لسان العرب لا بد من ثلاث فأكثر، والمراد وجود واحدة فقط فرع وارث، إما بنت واحدة، ومن باب أولى ثنتين فأكثر، أو ابن واحد ومن باب أولى ثنتين فأكثر. إذًا (أل) في قوله البنين والبنات للجنس، وأل الجنسية تبطل معنى الجمعية، فحينئذٍ يصدق بواحدٍ (مَعَ الْبَنِيْنَ أَوْ مَعَ الْبَنَاتِ) حينئذٍ أو هذه للتنويع وفيه معنى التعميم، يعني عمم معنى الفرع الوارث، فيشمل الذكور ويشمل الإناث، ويشمل الذكور إذا كان واحد فأكثر، ويشمل الإناث إذا كانت واحدة فأكثر، والدليل على ذلك قوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12]. والنص واضح وقد أجمع أهل العمل على ذلك. حينئذٍ نقول: الثمن هذا فرض صنف واحد وهو الذي ذكره المصنف هنا بقوله: الزوجة إن كانت واحدة، أو للزوجات إن كن اثنتين فأكثر، حينئذٍ إذا كن اثنتين فأكثر يشتركن في الثمن، لا نقول لكل واحدة الثمن، وإنما يشتركن في الثمن، فيوزع بينهن بالتساوي، مع البنين الواحد فأكثر، أو مع البنات الواحدة فأكثر الذي ذكرناه.

أَوْ مَعَ أَوْلَادِ الْبَنِيْنَ فَاعْلَمِ

وَلَا تَظُنَّ الْجَمْعَ شَرْطًا فَافْهَمِ

ص: 16

(أَوْ) هذه للتنويع، (مَعَ أَوْلَادِ الْبَنِيْنَ) كذلك أل هنا للجنس فتبطل معنى الجمعية، فيصدق بالواحد والواحدة فأكثر قياسًا على الأولاد. إذًا الفرع الوارث وجودًا وعدمًا يشمل المباشر وما نزل عنه، الولد وولد الولد، الابن وابن الابن .. وهكذا، حينئذٍ قوله:(أَوْ مَعَ أَوْلَادِ الْبَنِيْنَ) هذا استدراك لقوله: أو (مَعَ الْبَنِيْنَ أَوْ مَعَ الْبَنَاتِ) لأنه يرد إذا كان مع البنين هذا الولد الصلب طيب وولد الولد هل يكون كذلك أو لا؟ نعم يكون كذلك، حينئذٍ يأخذ حكمه ولذلك نص عليه (أَوْ مَعَ أَوْلَادِ الْبَنِيْنَ فَاعْلَمِ)، (فَاعْلَمِ) يعني فاعلم ذلك الحكم السابق يعني فافهمه (وَلَا تَظُنَّ الْجَمْعَ شَرْطًا) لَمَّا علق الحكم هناك على الجمع مع البنين أو مع البنات أولاد البنين هل الجمع مراد أم لا؟ قال: لا، ليس بشرط، وإنما المراد به ما يصدق بالواحد (وَلَا تَظُنَّ الْجَمْعَ شَرْطًا فَافْهَمِ)، (فَافْهَمِ)، (فَاعْلَمِ) كلاهما بمعنى واحد فـ (أل) الداخلة على الجمع جنسية فتبطل معنى الجمعية، والعلم والفهم بمعنًى عند بعضهم، والأول إذ كان علم ليس بمعنى الفهم يفسر بالإدراك المطلق، والفهم يفسر بالإدراك الخاص.

ثم قال: (بَابُ الثُّلُثَيْن)

هذا كما سبق ذكر في القرآن في موضعين، وأصحاب الثلثين أربعة أصناف، أصحاب النصف خمسة، وأصحاب الثلثين أربعة أصناف. قال رحمه الله:

وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ جَمْعَا

مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا

وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ

فَافْهَمْ مَقَالِيْ فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ

[[[[سؤال]]]

س: هذا يقول: .. # 59.53 من زوج آخر، هل يحجب الزوج النصف إلى الربع؟

ج: نقول: نعم، هذا داخل في، نعتبر الزوجة هي الميت، الفرع الوارث باعتبار الميت هو.

س: هذا يقول: الزوج يأخذ النصف شرطه لو كان عنده أربع زوجات وماتوا جميعًا [ها ها] في وقت واحد، هل يأخذ من كل زوجة النصف، أم يأخذ النصف باجتماع الزوجات الأربعة؟

ج: إيش رأيكم؟ كل واحدة نصف، اجعلهن كل واحدة مليون.]]] انتهت الأسئلة]]

إذًا قال هنا: (بَابُ الثُّلُثَيْن)

ذكر في القرآن في موضعين، وأصحاب الثلثين أربعة أصناف:

الصنف الأول أشار إليه بقوله: (لِلْبَنَاتِ). (وَالثُّلُثَانِ) بضم اللام للوزن، وإن كان لغة يجوز الإسكان، لكن هنا يتعين الضم (وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ)، (وَالثُّلُثَانِ) مبتدأ و (لِلْبَنَاتِ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر يقدر ماذا؟ مفروض (وَالثُّلُثَانِ) مفروض أو مفروضان؟ إن قصدت الثلثين من حيث هو قلت ماذا؟ مفروضان، وإن أردت لأنه مثنى ثلث وثلث ثلثان حينئذٍ لا بد من المطابقة، وإن أولته بالفرض فرض الثلثين مفروض، فيجوز هذا ويجوز ذاك باعتبار التأويل.

ص: 17

إذًا (وَالثُّلُثَانِ) مفروض مفروضان لا إشكال فيه، الأول يطابق، والثاني يكون باعتبار الفرض. مفروض للبنات ثنتان فأكثر وصرّح بذلك الناظم وقال: جمعًا أي حال كونهن جمعًا. فجمعًا منصوب من المجرور للبنات اللام حرف جر والبنات اسم مجرور باللام، حينئذٍ جاءت الحال هنا من الاسم المجرور، أي حال كونهن جمعًا، فهو حال من البنات (مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا) فسر الجمع لأن الجمع هنا يختلف، الجمع هنا في باب الفرائض يختلف. قال:(مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ) فليس المراد بالجمع هنا ثلاثة فأكثر، وإنما المراد به ما زاد عن واحدة فيصدق بالثنتين، إذًا البنتان فأكثر لهن الثلثان، ولو قيل بأن المراد بالجمع حقيقته اللغوية حينئذٍ يصدق بماذا؟ بثلاثة فأكثر. إذًا والثلثان للبنات جمعًا (مَا زَادَ) ما اسم موصول بمعنى الذي بدل من البنات أو من جمعًا، يجوز هذا ويجوز ذاك، ويصح أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف أي والجمع ما زاد، وهذا جيّد لأنه أراد أن يفسر معنى الجمع، و (الْجَمْعَ) المراد به هنا ما زاد عن واحدة (فَسَمْعَا) أي فاسمع ما قلته لك سمعًا، فهو مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا. إذًا الصنف الأول الذي يرث الثلثين هو البنات ويستحق البنات الثلثين بشرطين:

الأول: أن يكنّ اثنتين فأكثر، وهذا قد نص عليه الناظم، لا أن يكن ثلاثة فأكثر كما روي عن ابن عباس لأنه قد أجمع العلماء على هذا، والمسألة فيها نزاع طويل عريض أخذوا عطا مع ابن عباس وغيره، هل المراد بالجمع فوق اثنتين ثلاثة فأكثر فالثنتان لهما النصف، أو نقول: ثنتان لهما الثلثان؟ هذ محل النزاع، ونحن قلنا: نذكر هنا المرجح فقط وإجماع أهل العلم، وقد حكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في الفتوى الجزء الواحد والثلاثين صفحة ثلاثمائة وخمسين، حكى الإجماع على أن البنتين يرثن الثلثين ولا يشترط في الجمع أن يكون ثلاثًا فأكثر. وإذا كان كذلك نقف على هذه المعلومة. إذًا الشرط الأول أن يكن اثنتين فأكثر لا ثلاثًا فأكثر، ولذلك نص الناظم على ذلك قال:(مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ) يكون مرتقيًا عن واحدة.

والشرط الثاني لميراث البنتين الثلثين: عدم المعصّب. وهو ابن الميت بصلبه، فلو وُجد معصب حينئذٍ لم يرثن الثلثين، بل يرثن بالتعصيب فيكون معصبًا لهن، لقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إذًا الصنف الأول الذي يرث الثلثين البنات، والمراد بالبنات هنا جمعًا والمراد بالجمع ثنيتين فأكثر، ولا نقيده بالثلاثة كما روي عن ابن عباس.

ص: 18

قال الشارح: والثلثان فرض أربعة أصناف. ذكر المصنف الأول منهم بقوله: (لِلْبَنَاتِ جَمْعَا) والمراد اثنتين فأكثر، وقد صرح بذلك في قوله:(مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ) اثنتين أو أكثر (فَسَمْعَا) سمع طاعة، أي: امتثال وإذعان أي قبول موافقة للإجماع إذًا خصص الجمع هنا بما زاد عن واحدة موافقة للإجماع، فالمسألة فيها إجماع، وما رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن للبنتين النصف لمفهوم قوله تعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} . [النساء: 11]. {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} ، إذًا ثلاث فأكثر {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} لكن هذا المفهوم مفهوم ظرف وهو معارض لمفهوم شرط آخر، فهو منكر لم يصح عنه أولاً، وقيل: رجع إلى موافقة الجمهور. على كلٍّ هذا إما أنه لا يصح عن ابن عباس وهذا الذي ذكره الشارح هنا الشنشوري، أو أنه ثبت عنه أنه أعطى البنتين النصف وأعطى الثلاث فأكثر الثلثين، ثم رجع إلى موافقة الجمهور، الذي صح عنه موافقة الناس كما قال ابن عبد البر: ودليل الإجماع فيما زاد على الثنتين الآية المذكورة {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وفي البنتين القياس على الأختين، لأن النص واضح أنه مفهوم ظرف، وهذا من أحسن الأجوبة عن شبهة ابن عباس رضي الله عنهما السابق، انظر سماها شبهة ليست بدليل، لماذا؟ لأنها خالفت أمرًا قطعيًّا وهو إجماع، هذا إن صحت عنه. قوله:(فَسَمْعَا) منصوب على أنه مفعول مطلق وعامله محذوف وجوبًا لأنه بدل من اللفظ بفعله، يعني المصدر هنا عوضًا عن التلفظ بالفعل، والمحذوف عامله وجوبًا قسمان واقعٌ في الطلب وواقع في الخبر، وهذا سبق بيانه في موضعه لأنه قال:(فَسَمْعَا). الفاء هنا واقعة في ماذا؟ إما أنه واقع في الطلب فيكون التقدير فاسمع لمن يقول باستحقاق الثنتين فأكثر من البنات للثلثين، ويجوز أن يكون من قبيل المصدر الواقع في الخير فيكون المعنى سمعت ما ورد من القول باستحقاق الثنتين فأكثر للثلثين (فَسَمْعَا).

ثم ذكر الصنف الثاني بقوله:

وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ

فَافْهَمْ مَقَالِيْ فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ

إذًا الصنف الثاني بنات الابن، اثنتان فأكثر لأنه ذكرهن ماذا؟ جمعًا (َهْوَ كَذَاكَ) أفرد الضمير هنا باعتبار كون الثلثين فرضًا ولم يقل وهما، أي: الثلثان قال: (وَهْوَ). أي: الثلثان، وأفرد الضمير هنا باعتبار كون الثلثين فرضًا (كَذَاكَ) أي مثل كونه للبنات ثابت ومفروض لبنات الابن اثنتان فأكثر وإن نزل أبوهما بمحض الذكور، وسواء كانتا أختين أو بنتي عم متحابِيَتَيْنِ قياسًا على بنتي الصلب، لأن بنت الابن كالبنت ويأخذن الثلثين بثلاثة شروط - هذ المهم - يأخذن الثلثين بثلاثة شروط:

الأول: عدم المعصب. إذا قيل: بنت الابن عدم المعصب من؟ ابن الابن من أخٍ لهن يعني أخوهم، أو ابن عم في درجتهن كما سيأتي في التعصيب.

الثاني: عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منهن.

الشرط الثالث: أن يكن اثنتين فأكثر كما سبق.

إذًا هذه ثلاثة شروط.

الأول: عدم المعصب، وهو ابن الابن من أخ لهن، أو ابن عم في درجتهن.

ص: 19

الثاني: عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منهن، من ابن صلب، أو ابن ابن، أو بنات صلب، أو بنات ابن واحدة فأكثر.

الثالث: أن يكن اثنتين فأكثر.

(فَافْهَمْ مَقَالِي) فافهم أيها المخاطب مقالي أي قولي مصدر ميمي (فَافْهَمْ مَقَالِي فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ) فهم هذا مفعول مطلق، وهو مضاف لما بعده حينئذٍ يكون نوعيًّا، أي: مثل فهم إنسان صافي الذهن، والفهم هنا إما أن يفسر بمعنى العلم، أو بمعنى إدراك الخاص (فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ)، أي: خالصة من كدرات الشكوك والأوهام، والذهن لغة الفطنة، والفطنة قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء وهي مرادفة للذكاء وضدها البلادة. نقول: هذا فطين، وهذا بليد. والمراد هنا العقل، ويقال: ذَهُنَ بالضم ذهانة حفظ قلبهُ ما أودعهُ، فيكون الذهن حينئذٍ بمعنى الحفظ (فَافْهَمْ مَقَالِي فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ) إذًا النوع الثاني أو الصنف الثاني الذي يرث الثلثين (بنات الابن)، ويشترط فيهن أن يكن اثنتين فأكثر مع عدم المعصب ومع عدم الفرع الوارث الذي هو على منهن.

وَهْوَ لِلأُخْتَيْنِ فَمَا يَزِيْدُ

قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالْعَبِيْدُ

الصنف الثالث كذلك الرابع، وهم الأختان الشقائق، والأختان لأب، أو الأخوات (وَهْوَ) إما بإسكان الهاء حينئذٍ يكون للأختين بوصل الهمزة، (وَهْوَ لِلأُخْتَيْنِ) وكذلك أفرد الضمير لما سبق وهو ولم يقل هما للأختين بوصل الهمزة (فَمَا يَزِيْدُ) يعني ما زاد عن الأختين، الأختين فأكثر وهذا المراد بالجمع، (قَضَى بِهِ) قضى بما ذكر الحكم السابق (الأَحْرَارُ) أفتى به (الْعَبِيْدُ)، (قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ) جمع حرّ، أي: حكم به، (وَالْعَبِيْدُ) العبيد هذا من قبيل ماذا؟ علفتها تبنًا وماءً باردًا. إذا كان قضى بمعنى قضاء الاصطلاحي فالعبد لا يكون قاضيًا، ويجوز أن يكون العبد مفتيًا، حينئذٍ نقول: علفتها تبنًا وماءً باردًا. أي: أنلتها، أو سقيتها، ونقدر للعبيد أنه فاعل لفعل محذوف وأفتى به العبيد يكون ماذا؟ صالحًا لما ذُكر. والأخوات الشقائق يأخذن الثلثين لقوله تعالى:{فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} . ويأخذنه بأربعة شروط:

الأول: أن يكن اثنتين فأكثر للآية لأنه قال: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} . إذًا لا بد أن يكن اثنتين وهذا المراد بالجمع في هذا الموضع. أن يكن اثنتين فأكثر للآية.

الشرط الثاني: عدم المعصب لهن. وهو الأخ الشقيق فأكثر، فلو أن هناك أخ شقيق واحدًا كان أو أكثر لم يرثن الثلثين إجماعًا. لقوله:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} . إذا وُجد الأخ الشقيق مع الأخت الشقيقة عصَّبها سواء كانت واحدة أو أكثر [نعم]. وكذا الجد على أحد قولي العلماء يعصبهن كالأخ الشقيق.

ثالثًا: عدم الفرع الوارث. وهم الأولاد، وأولاد الابن وإن نزلوا، والفرع الوارث هو المراد هناك في باب الثمن والنصف.

الرابع: عدم الأصل من الذكور الوارث، وهو الأب بالإجماع، والجد على القول الثاني. عدم الأصل من الذكور الوارث، هذه أربعة شروط تشترط للتوريث الأخوات الشقائق الثلثين.

ص: 20

(هَذَا إِذَا كُنَّ لأُمٍّ وَأَبِ) هذا استدراك لما سبق، تقييد لأنه قال:(وَهْوَ لِلاُخْتَيْنِ) ومعلوم أن أختين يطلق ويراد به الشقائق ويطلق ويراد به لأب أو لأم ثلاثة، الأم ليست بواردة هنا حينئذٍ قال:(هَذَا) الحكم السابق وهو توريث الأختين الثلثين (إِذَا كُنَّ) أي الأخوات (لأُمٍّ وَأَبِ) وهما الشقائق، (أَوْ لأَبٍ) هذا النوع الثاني (أَوْ لأَبٍ) فقط احترز به عن الأخوات لأم، والأخوات لأب يأخذن الثلثين بخمسة شروط الأربعة السابقة في الشقائق، والخامسة عدم الأشقاء والشقائق، يعني الأخت لأب لا ترث الثلثين مع وجود الأخت الشقيقة ولا الأخ الشقيق فلا بد من عدمهم.

عدم الأشقاء والشقائق وإن كان من الأشقاء ولو واحدًا ذكرًا كان أو أنثى لم ترث الأخوات لأب الثلثين، بل يحجبن بالذكر وكذا بالشقيقتين إلا إن كان معهن من يعصبهن، أما الأخت الشقيقة الواحدة فترث معها الأخت أو الأخوات لأب السدس تكملة الثلثين كما سيأتي في باب السدس.

إذًا هذان النوعان الصنفان الأخوات الشقائق، والأخوات لأب.

وَهْوَ لِلأُخْتَيْنِ فَمَا يَزِيْدُ

قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالْعَبِيْدُ

قال الشارح: وذكر الصنفين الثالث والرابع بقوله: (وَهْوَ) أي الفرض المذكور وهو الثلثان للأختين الشقيقتين أو الأب لا لأم فقط كما صرح به، (فَمَا يَزِيْدُ) عن اثنتين كثلاث وأربع، وهكذا (قَضَى بِهِ) أي بما ذكرته، وهذا تفسيرًا للضمير (قَضَى بِهِ) ما هو هذا الحكم السابق من فرض الثلثين مطلقًا يعني عن التقييد بصنف مخصوص فيكون راجعًا للإطلاق يعني للأصناف الأربعة، أو للأختين فأكثر، وهذا هو المتبادر يعني (قَضَى بِهِ) أي بهذا الحكم وهو كون للثلثين فرضًا للأختين. (الأَحْرَارُ وَالْعَبِيْدُ) أي أفتوا به. فإن العبد لا يكون قاضيًا، يعني: أوَّل قضى بمعنى أفتى، ونؤله تأويلاً آخرًا على ما ذكرناه، قضى على أصله وهو الاصطلاحي به الأحرار، لأن القاضي يكون حرًّا، وأما العبد فلا يكون قاضيًا حينئذٍ نقدر للعبيد من باب علفتها تبنًا وسقيتها ماءً، ولما كان إطلاق الأختين شاملاً للأختين من الأم صرح بأن المراد الأخوات لأبوين أو لأب لا لأم بقوله:(هَذَا إِذَا كُنَّ لأُمٍّ وَأَبِ) أي ما ذكر من فرض الثلثين لأختين فأكثر، (إِذَا كُنَّ) أي الأخوات لأم وأب وهن الشقيقات أو لأب فقط لا لأم فقط (فَاحْكُمْ)، وفي بعض النسخ فاعمل بهذا الحكم المذكور وهو كون الثلثين لأختين الشقيقة أو لأب أو كونهما للأصناف الأربعة، فيكون ماذا؟ عامًا، فاعمل بهذا، أي الحكم المذكور من الأصناف كلها الأربعة، أو في الأخير (تُصِبِ). هذا مجزوم في جواب الأمر وكسرت باؤه لصحة النظم. أصله يصبْ بالسكون لكنه كسر لأجل النظم من الصواب (تُصِبِ) مأخوذ من الصواب وهو موافقة الواقع ضد الخطأ ومخالفة الواقع، من قولهم: صاب السهم. هذا بدون همزة صوبًا واويًا وصِيبًا أو صَيْبًا يائيًا، وأصاب بالهمز وقع بالرمية بمعنى مرمية وهي ما يُرمى من الحيوان أو غيره بالسهم، والسحاب الموضع، أي: أصاب السحاب الموضع أمطره.

هذه أربعة أصناف ترث الثلثين ثم قال: (بَابُ الثُّلُث).

والله أعلم.

ص: 21

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد [وعلى آله وصحبه أجمعين].

ص: 22