المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجه كون التعطيل شرا من التشبيه - شرح العقيدة الطحاوية - ناصر العقل - جـ ٢٩

[ناصر العقل]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [29]

- ‌ما عليه أكثر متأخري الحنفية من كون الكلام معنى واحداً والعبارات مخلوقة

- ‌فساد القول بأن كلام الله تعالى معنى واحد وأن ما أنزله إنما هو تعبير عنه

- ‌ذكر الأقوال فيما يتناوله مسمى الكلام عند الإطلاق

- ‌موافقة أبي الحسن الأشعري لابن كلاب في مسألة كلام الله وغيرها

- ‌ضلال المتكلمين في انتهاج رد خبر الآحاد في الاعتقاد واستدلالهم بشعر للأخطل النصراني

- ‌خطأ استدلال المتكلمين ببيت الأخطل في مسألة الكلام

- ‌ردود على من اعتقد أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس

- ‌اعتقاد أن كلام الله معنى قائم بنفسه تعالى لازمه القول بخلق القرآن

- ‌أدلة عقلية على بطلان القول بأن كلام الله معنى قائم بنفسه تعالى

- ‌كلام الله ليس كلام البشر ولا يشبه كلامهم

- ‌ما تذرع به أهل الكلام من إثبات الإعجاز في معنى القرآن دون لفظه لنفي تكلم الله به

- ‌ما يثبت لله من الصفات لا يعني وصف الله بمعنى من معاني البشر

- ‌معنى التعطيل والتشبيه وذكر مواقف الفرق من صفات الله تعالى

- ‌موقف السلف وأتباعهم من صفات الله تعالى

- ‌موقف المعطلة

- ‌موقف المؤولة

- ‌موقف المشبهة

- ‌معنى أن المعطل يعبد عدماً والمشبه يعبد صنماً

- ‌وجه كون التعطيل شراً من التشبيه

الفصل: ‌وجه كون التعطيل شرا من التشبيه

‌وجه كون التعطيل شراً من التشبيه

قال رحمه الله تعالى: [ويأتي في كلام الشيخ: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه).

وكذا قوله: (وهو بين التشبيه والتعطيل)، أي: دين الإسلام، ولا شك أن التعطيل شر من التشبيه لما سأذكره إن شاء الله تعالى].

قوله: [ولا شك أن التعطيل شر من التشبيه] هذا من وجوه: الوجه الأول: أن التعطيل مصادمة صريحة للنصوص، ومصادمة صريحة للعقول، فمن زعم أن ربه ليس له ذات ولا أسماء ولا صفات؛ فقد صادم نصوص القرآن والسنة مصادمة مباشرة، ورد الوحي رداً صريحاً لا تأول فيه ولا شبهة.

والوجه الثاني أن التعطيل موهم ملبس؛ لأن المعطل يأتي إلى سذج الناس وقليلي العلم ويقول لهم: إني لا أفهم من هذه الصفة أو هذا الاسم إلا ما أعرفه في المخلوقات، وهذا لا يليق بالله عز وجل، وإذا حكمت بأني لا أفهم من ذلك إلا ما أعرفه في المخلوق فسأقع قطعاً في التشبيه، ودفعاً للتشبيه ننفي المعنى إطلاقاً ونقول: هذه الألفاظ ليس لها معان، إنما هي مجرد ضبط لمفاهيم الناس أو مخاطبتهم بظاهر غير الباطن، أو بمعنى غير المعنى الحقيقي إلى آخره، فالتعطيل موهم، بمعنى أنه تنطلي شبهاته على بعض الناس، خاصة الأذكياء الذين ليس عندهم علم شرعي، أما العوام فالغالب أنهم في هذه الأمور على الفطرة ويسلمون من التعمق في هذه الأمور ولا يدركونها، ومن الخير لهم أن لا يدركوها، لكن بعض الأذكياء تنطلي عليهم هذه الشبهات إذا لم يكن عندهم فقه في الدين، فيأتي المعطل ويلبس، فإذا لبس وقعت شبهاته في قلوب الناس، فوقعوا في التعطيل أو التأويل، ومن هنا تكون الفتنة بالتعطيل أكثر، وهذا هو السبب الذي جعل التعطيل والتأويل يبقى إلى يومنا هذا والتشبيه ينقطع؛ لأن التشبيه لا يصادم النصوص مصادمة، إنما هو خطأ في فهم النصوص، فالمشبه لا ينكر أن الله عز وجل له أسماء وصفات، بل يثبتها، لكن يثبتها على وجه مغلوط مبالغة في الإثبات، وذلك عدم فقه لنصوص التنزيه لله عز وجل، وعدم فهم لما في قوله عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11]، فهذا فهم ناتج عن قصور وليس ناتجاً عن إلحاد قلب وعن سوء نية أو عن تلبيس، فلذلك التشبيه لم يستمر، لأنه يصطدم بالعقول اصطداماً مباشراً، لكنه لا يصطدم بالنصوص، إنما بعد بيان النصوص يتبين لأدنى من عنده علم أن التشبيه مرفوض بالبداهة وبالفطرة بعكس التعطيل، فإنه وإن كان مرفوضاً بالبداهة وبالفطرة، لكن فيه شبهات تنطوي على ضعاف الفقه وضعاف العلم.

قال رحمه الله تعالى: [وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيهاً، بل صفات الخالق كما يليق به، وصفات المخلوق كما يليق به.

وقوله: (فمن أبصر هذا اعتبر).

أي: من نظر بعين بصيرته فيما قاله من إثبات الوصف ونفي التشبيه ووعيد المشبه اعتبر وانزجر عن مثل قول الكفار].

ص: 20