المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تابع باب اتباع السنة - الإيمان للعدني

[العدني]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي الْقِتَالِ عَلَى كُلِّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكانِ الْإِسْلَامِ

- ‌بَابٌ الصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ التَّشْديدُ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابٌ فِي تَرْكِ الْمِرَاءِ

- ‌بَابٌ فِيمَا بُنِيَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ

- ‌بَابٌ فِي صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ

- ‌بَابٌ فِي شُرُوطِ كَمَالِ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ فَرَائِضُ الْإِسْلَامِ وَسِهَامُهُ

- ‌بَابٌ إِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

- ‌بَابٌ مُلَازَمَةُ الْعَمَلِ لِلْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ فِي الْقَدَرِ

- ‌تَابِعْ بَابَ فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ وَسِهَامِهِ

- ‌بَابٌ الْمُحافَظَةُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ عز وجل وَرُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى

- ‌تَابِعُ بَابِ إِطْلَاقِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

- ‌بَابٌ حُرْمَةُ دَمِ الْمُؤْمِنِ وَمَالِهِ

- ‌بَابٌ أَقْوَالُ الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فِي الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ وُجُوبُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌ بَابٌ حِرْصُ السَّلَفِ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابٌ الْمُجَاهَدَةُ عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ

- ‌بَابٌ نُقْصَانُ الْإِيمَانِ بِنُقْصَانِ الطَّاعَاتِ

- ‌تَابِعٌ لِبَابِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ

- ‌تَابِعُ بَابِ الْمُجَاهَدَةِ عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ

- ‌بَابٌ فِي رَفْعِ الْأَمَانَةِ وَالْإِيمَانِ مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ

- ‌بَابٌ فِي زَوَالِ الْإِيمَانِ عِنْدَ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي

- ‌بَابٌ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلَامَ الطَّيِّبَ

- ‌بَابٌ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ كَفُّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌بَابٌ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ الْمَدْحُ الْكَاذِبُ يُنَافِي الْإِيمَانَ

- ‌بَابٌ فِي الْأَمْرِ بِطَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَإِخْلَاصِ الْعَمَلِ للَّهِ

- ‌بَابٌ فِي الْعَصَبِيَّةِ

- ‌بَابٌ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ

- ‌بَابٌ دَعَائِمُ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ النَّهْيُ عَنِ النُّهْبَةِ

- ‌بَابٌ مُجَانَبَةُ الْكَذِبِ لِلْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ الْوُضُوءُ نِصْفُ الْإِيمَانِ

- ‌تَابِعْ بَابَ إِطْلَاقِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

- ‌بَابٌ التَّرْهِيبُ مِنْ أَذَى الْجَارِ وَأَنَّهُ يُنْقِصُ الْإِيمَانَ

- ‌بَابٌ وُجُوبُ الْمُوالَاةِ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضِ فِي اللَّهِ

- ‌بَابٌ ذَهَابُ الْعِلْمِ

- ‌بَابٌ التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌بَابٌ صِفَةُ الْمُسْلِمِ

- ‌بَابٌ الدِّينُ النَّصِيحَةُ

- ‌بَابٌ أفْضَلُ النَّاسِ إِيمَانًا أفْضَلُهُمْ مَعْرِفَةً

- ‌بَابٌ إِثْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ

- ‌ بَابٌ ذِكْرُ الْخَوَارِجِ وَصِفَاتِهِمْ

- ‌بَابٌ أيُّ الْإِسْلَامِ أفْضَلُ

- ‌بَابٌ الدُّعَاءُ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ

- ‌تَابِعْ بَابَ زَوَالِ الْإِيمَانِ عِنْدَ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي

- ‌تَابِعْ بَابَ الدُّعَاءِ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ

- ‌بَابٌ كَرَاهِيَةُ تَوَلِّي الْإِمَارَةِ

- ‌تَابِعُ بَابِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ

- ‌بَابٌ لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ

الفصل: ‌تابع باب اتباع السنة

‌تَابِعُ بَابِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ

ص: 145

80 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أيْمَنَ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، يَأْمُرَ: " أَنْ أَقْرَأَ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى النَّاسِ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّا نُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَنَحُثُّكُمْ عَلَى أَمْرِهِ، ونَرْضَى لَكُمْ طَاعَتَهُ، ونَسْخَطُ لَكُمْ مَعْصِيَتَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِعِلْمِهِ فَأَحْكَمَهُ، وَفَصَّلَهُ وأَعَزَّهُ، وحَفِظَهُ أَنْ يَأتِيَهُ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وضَرَبَ

⦗ص: 146⦘

أمْثَالَهُ، وَبَيَّنَ عِبَرَهُ، وَجَعَلَهُ فُرْقَانًا مِنَ الشَّرِ، ونُورًا مِنَ الظُّلْمَةِ، وَبَصَرًا مِنَ الْعَمَى، وهُدًى مِنَ الضَّلَالَةِ، ثُمَّ تَمَّتِ النِعْمَةُ، وأُكْمِلَتِ الْعِبَادَةُ، وَحُفِظَتِ الْوَصِيَّةُ، وَجَرَتِ السُّنَّةُ وَمَضَتِ الْمَوْعِظَةُ، واعْتَقَدَ الْمِيثَاقُ، واسْتُوجِبَتِ الطَّاعَةُ، فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا، بِهَا سَبَقَ الْأَوَّلُونَ، وَبِهَا أَدْرَكَ الْآخِرُونَ، كِتَابًا تَوَلَّى حُكْمَهُ، وارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ، وافْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ، مَنْ حَفِظَهُ بَلَّغَهُ مَا سِوَاهُ، ومَنْ ضَيَّعَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ النُّبُوَّةَ، وابْتَعَثَهُ بِالرِّسَالَةِ، رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَالنَّاسُ حِينَئِذٍ فِي ظُلْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وضَالَّتِهَا، يَعْبُدُونَ أوْثَانَهَا، وَيَسْتَقْسِمُونَ بَأَزْلَامِهَا، عَنْهَا يَأْتَمِرُونَ أمْرَهُمْ، وَبِهَا يُحِلُّونَ حَلَالَهُمْ، وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُمْ، دِينُهُمْ بِدْعَةٌ، وَدَعْوَتُهُمْ فِرْيَةٌ، فَبَعَثَ اللَّهُ عز وجل بِالْحَقِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، رَحْمَةً مِنْهُ لَكُمْ ومِنَّةً مَنَّ بِهَا عَلَيْكُمْ، وبَشَّرَكُمْ وأَنْذَرَكُمْ ذِكْرَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَقَصَّ فِي الْكِتَابِ قِصَّةَ أمْرِهِمْ، كَيْفَ نَصَحَتْ لَهُمْ رَسُلُهُمْ، وكَيْفَ كَذَّبُوهُمْ وتَوَلَّوْا عَنْهُمْ، وكَيْفَ كَانَتْ عُقُوبَةُ اللَّهِ إيَّاهُمْ، فَوَعَظَكُمُ اللَّهُ بِنَكَالِ مَنْ قَبْلَكُمْ، وأمَرَكُمْ أَنْ تَقْتَدُوا بِصَالِحِ فِعَالِهِمْ، فَبَلَّغَ مُحَمَّدٌ الرِّسَالَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَعَمِلَ بِالطَّاعَةِ، وجَاهَدَ الْعَدُوَّ، فَأعَزَّ اللَّهُ بِهِ أمْرَهُ، وأظْهَرَ بِهِ نُورَهُ، وتَمَّتْ بِهِ كَلِمَتُهُ، وانْتَجَبَ لَهُ أقْوَامًا عَرِفُوا حقَّ اللَّهِ، واعْتَرَفُوا بِهِ، وبَذَلُوا لَهُ دِمَاءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ، فِيهِمْ مَنْ هَجَرَ دَارَهُ وعَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل، ومِنْهُمْ آوَى ونَصَرَ فآسَوْا بِأَنْفُسِهِمْ وَآسَوْا بِهِ. وَلَمْ يرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ، فأيَّدَ اللَّهُ بِهِمُ الدِّينَ، ودَمَغَ الْحَقُّ

⦗ص: 147⦘

الْبَاطِلَ، وأُبْطِلَتْ دَعْوَةُ الطَّوَاغِيتِ، وَكُسِرَتِ الْأَزْلَامُ، وتُرِكَتْ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ، وَأُجِيبَ دَاعِيَ اللَّهِ وظَهَرَ دِينُ اللَّهِ، وَعَرَفَ النَّاسُ أَمْرَ اللَّهِ عز وجل، واعْتَرَفُوا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَشَهِدُوا بِالْحَقِّ، وَقَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وأدَّوْا فَرَائِضَ اللَّهِ عز وجل، وأَعْقَبَ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَمَنِ اسْتَجَابَ لَهُ أجْرًا ونَصْرًا وَوَعْدًا وَسُلْطَانًا، وَمَكَّنَ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى، وأَبْدَلَهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أمْنًا، فَلَمَّا أحْكَمَ اللَّهِ النَّهْيَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَخَلُصَتِ الدَّعْوَةُ، وايْتَطَى الْإِسْلَامُ لِأَهْلِهِ، شَرَّعَ الدِّينَ شَرَائِعَهُ، وفَرَضَ فَرَائِضَهُ، وأعْلَمَ الدِّينَ عَلَامَةً يَعْلَمُهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَحَدَّ الْحُدُودَ وَحَرَّمَ الْمَشَاعِرَ وَعَلَّمَ الْمَنَاسِكَ، وَمَضَتِ السُّنَّةُ، واسْتَتَابَ الْمُذْنِبَ، ودَعَا إِلَى الْهِجْرَةِ، وَفَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ، حُجَّةً لَهُ ونَصِيحَةً لِعِبَادِهِ، فَالْإِسْلَامُ عِنْدَ أَهْلِهِ عَظِيمٌ شَأْنُهُ، مَعْرُوفٌ سَبِيلُهُ، لِحُقُوقِهِ مُتَفَقِّدُونَ، ولَهُ مُتَعاهِدُونَ، يَعْرِفُونَهُ ويُعْرَفُونَ بِهِ، بِالِاجْتِهَادِ بِالنِّيَّةِ، وَالِاقْتِصَادِ بِالسُّنَّةِ، لَا يَبْطُرُهُمْ عَنْهُ رَخَاءٌ مِنَ الدُّنْيَا أصَابَهُمْ، وَلَا يُضَيِّعُونَهُ لِشِدَّةِ بَلَاءٍ نَزَلَ بِهِمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ جَاءَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ، أَيْقَنَتْ نُفُوسُهُمْ، واطْمَأَنَّتْ بِهِ قُلُوبُهُمْ، يَسِيرُونَ مِنْهُ عَلَى أعْلَامِ نَبِيِّهِ، وَسُبِلٍ واضِحَةٍ. حُكْمٌ فَرَغَ اللَّهُ مِنْهُ، لَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأهْوَاءُ، وَلَا تَزِيغُ بِهِ الْقُلُوبُ، عَهِدَ عَهْدَهُ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ كَبَعْضِ الْأُمَمِ الَّتِي مَضَتْ قَبْلَهَا جَاءَهَا نَذِيرٌ مِنْهَا، ودَعَاها بِمَا يُحْيِيهَا، وَنَصَحَ لَهَا، وَجَهَدَ وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، فاسْتَجَابَ لَهُ مُسْتَجِيبُونَ، وكَذَّبَ بِهِ مُكَذِّبُونَ، فَقَاتَلَ مَنْ كَذَّبَهُ بِمَنِ اسْتَجَابَ لَهُ. حَتَّى أحَلَّ حَلَالَ اللَّهِ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ، ثُمَّ نَزَلَ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَوْعُودُ اللَّهِ، الَّذِي وَعَدَ مِنْ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ، يُفَارِقُ رِجالٌ عَلَيْهِ رِجالًا، وَيُوالِي

⦗ص: 148⦘

رِجالٌ عَلَيْهِ رِجالًا. فَمَنْ أرَادَ أَنْ يُسَائِلَنَا عَنْ أَمْرِنَا وَرَأْيِنَا فَإِنَّا قَوْمٌ اللَّهُ رَبُّنَا، وَالْإِسْلَامُ دِينُنَا، وَالْقُرْآنُ إِمَامُنَا، وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّنا، إِلَيْهِ نَسْنُدُ، ونُضِيفُ أَمْرَنَا إِلَى اللَّهِ ورَسُولِهِ، ونَرْضَى مِنْ أَئِمَّتِنَا بِأَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ، ونَرْضَى أَنْ يُطَاعَا ونَسْخَطُ أَنْ يُعْصَيَا، ونُعَادِي لَهُمَا مَنْ عادَاهُمَا، ونُرْجِي مِنْهُمْ أَهْلَ الْفُرْقَةِ الْأُوَلَ. ونُجَاهِدُ فِي أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ الْوِلَايَةَ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ لمْ تَقْتَتِلْ فيهِمَا الْأُمَّةُ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فيهِمَا، وَلَمْ يُشَكَّ فِي أَمْرِهِمَا، وَإِنَّمَا الْإِرْجَاءُ مِمَّنْ عَابَ الرِّجَالَ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ، ثُمَّ عَابَ عَلَيْنَا الْإِرْجَاءَ مِنَ الْأُمَّةِ وقَالَ مَتَى كَانَ الْإِرْجَاءُ. كَانَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى نَبِيِّ اللَّهِ، إِذْ قَالَ لَهُ فِرْعَونُ {مَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} طَهَ: قَالَ مُوسَى وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ: حَتَّى قَالَ: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] طَهَ:. فَلَمْ يُعَنَّفْ بِمِثْلِ حُجَّةِ مُوسَى، وَمِمَّنْ نُعَادِي فِيهِمْ، شَبِيبَةٌ مُتَمَنِّيَةٌ ظَهَرُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وأعْلَنُوا الْفِرْيَةَ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وعَلَى اللَّهِ، لَا يُفَارِقُونَ النَّاسَ بِبَصَرٍ نَافِذٍ، وَلَا عَقْلٍ بَالِغٍ فِي الْإِسْلَامِ، يَنْقُمُونَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى مَنْ عَمِلَهَا، ويَعْمَلُونَ بِهَا. إِذَا ظَهَرُوا بِهَا يَنْصُرونَ فِتْنَتَها وَمَا يَعْرِفُونَ الْمَخْرَجَ مِنْهَا، اتَّخَذُوا أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ إِمَامًا، وقَلَّدُوهُمْ دِينَهُمْ، يَتْلُونَ عَلَى حُبِّهِمْ ويُفَارِقُونَ عَلَى بُغْضِهِمْ، جُفَاةٌ عَلَى الْقُرْآنِ، أتْبَاعُ الْكُهَّانِ، يَرْجُونَ دَوْلَةً تَكُونُ فِي بَعْثٍ يَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ، أوْ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ، حَرَّفُوا كِتَابَ اللَّهِ، وارْتَشَوْا فِي الْحُكْمِ، وسَعَوْا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَاللَّهِ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، وفَتَحُوا أَبْوَابًا كَانَ اللَّهُ سَدَّهَا، وسَدُّوا أَبْوابًا كَانَ اللَّهُ فَتَحَهَا، وَمِنْ خُصُومَةِ هَذِهِ الشَّبِيبَةِ الَّتِي أَدْرَكْنَا، أَنْ يَقُولُوا: هُدِينَا بِوَحْيٍ ضَلَّ عَنْهُ النَّاسُ، وَعِلْمٍ خَفِيَ، ويَزْعُمُونَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ كَتَمَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْقُرْآنِ. وَلَوْ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ كاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، لَكَتَمَ شَأْنَ امْرَأَةِ زَيْدٍ {إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] الْأَحْزَابُ: وَقَوْلَهُ {لِمَ تُحَرِّمْ مَا أحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] التَّحْرِيمُ وَقَوْلَهُ {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنَ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] الْإِسْرَاءُ: فَهَذَا أَمْرُنَا ورَأْيُنَا، وَنَدْعُو إِلَى اللَّهِ مَنْ أَجَابَنَا، ونُجِيبُ إِلَيْهِ مَنْ دَعَانَا، لَا نَأْلُو فِيهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّنَا، وأدَاءِ الْحَقِّ الَّذِي

⦗ص: 149⦘

عَلَيْنَا، ونُذَكِّرُ بِهِ قَوْمَنَا وَمَنْ سَأَلَنَا مِنْ أَئِمَّتِنَا، فَيَسْتَحِلُّونَ بَعْدَهُ دِمَاءَنَا، أوْ يُعْرِضُوا دِمَاءَهُمْ لَنَا. فَالنَّاسُ مَجْمُوعُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي مَوْطِنِ صِدْقٍ، ويَوْمَ يَكُونُ الْحَقُّ للَّهِ، ويَبْرَأُ فِيهِ الْبَائِعُ مِنَ الْمَبْيُوعِ، وَيَدْعُو الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثُّبُورِ، فادَّخِرُوا مِنْ صَالِحِ الْحُجَجِ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ لَا يَكُونُ يَظْفَرُ بِحُجَّتِهِ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَظْفَرْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ، كِتَابٌ كَتَبْتُهُ نَصِيحَةً لِمَنْ قَبْلَهُ، وَحُجَّةً عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَالسَّلَامُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "

ص: 145