المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أصل القانون الكلي - شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص - جـ ٨

[يوسف الغفيص]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [8]

- ‌مذهب التفويض مذهب مخالف لطريقة السلف

- ‌حقيقة التفويض

- ‌أصل القانون الكلي

- ‌معنى القانون الكلي

- ‌أوجه رد القانون الكلي وإبطاله

- ‌التعبير الأحكم أنه لا تعارض بين النقل والعقل

- ‌التسليم لا يكون إلا بعلم ويقين

- ‌اضطراب منهج المتكلمين وبعده عن السنة

- ‌الجمع بين النفي والإثبات في مذهب السلف

- ‌الكلام عن الفرق بين صفات الله تعالى وصفات مخلوقاته

- ‌الاشتراك في الاسم المطلق لا يستلزم المماثلة

- ‌سبب اعتناء شيخ الإسلام بتقرير مسألة وجود الله تعالى

- ‌الاشتراك في الاسم المطلق بين الخالق والمخلوق ليس اشتراكاً لفظياً

- ‌كل ممثل معطل وكل معطل ممثل

- ‌تعطيل الصفات فرع عن مذهب الفلاسفة الملحدين

- ‌الاعتراض على الطحاوي في استعماله ألفاظ المتكلمين

- ‌قاعدة في الألفاظ المجملة في باب الأسماء والصفات

- ‌إنكار المعطلة لصفة العلو

- ‌خلاصة أدلة منكري العلو

- ‌معنى أن الله في السماء

- ‌الرد على منكري علو الله تعالى

- ‌إثبات العلو يلزم منه إثبات سائر الصفات

- ‌السؤال عن الله تعالى بـ (أين)

الفصل: ‌أصل القانون الكلي

‌أصل القانون الكلي

قال المصنف رحمه الله: [فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه].

التسليم أصل في الإيمان، قال تعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65]، ولكن التسليم لا يفهم منه أن مذهب السلف -فضلاً عن الدلائل الشرعية النقلية- يقع فيه ما يكون معارضاً للعقل.

وهذا يرد على القانون الكلي الذي ذكره المتكلمون، وأصله من كلام الجهمية وأساطين المعتزلة، فإن هؤلاء استعلموا طائفة من المقدمات الفلسفية المأثورة عن ملاحدة اليونان كـ أرسطو وأمثاله، في مسائل صفات الله، وتحصّل بما جعلوه من الدلائل الكلامية المولّدة من المقدمات الفلسفية نفي الصفات، وصار معتبرهم في نفي الصفات ما يسمى بدليل الأعراض، وهو دليل مركب من مقدمات فلسفية، ومبني على قياس الشمول أو قياس التمثيل، ومعلوم ببداهة العقل والشرع، أن الله سبحانه وتعالى منزه عن قياس الشمول، وقياس التمثيل، بل له المثل الأعلى، وهو معنى قوله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] ومعنى قوله: {وَلله الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل:60].

وجاء من بعدهم من أظهر الفلسفة على التصريح كـ ابن سينا فاستعمل دليل التركيب، وجاء طائفة بعد ذلك من مضطربة الأشعرية أبو المعالي الجويني، فإنه مضطرب الحال، فاستعمل دليل الاختصاص، وصارت هذه الأدلة الثلاثة -دليل الأعراض، ودليل التركيب ودليل الاختصاص- هي الدلائل التي عليها مدار القول عند نفاة الصفات من متكلمين وفلاسفة.

وهي أدلة محدثة مبتدعة مخالفة للعقل والشرع، وأصولها أصول فلسفية، فعارضت هذه الأدلة ظاهر القرآن وظاهر الحديث، وعن هذا التأصيل البدعي المخالف لما بعث به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ظهر هذا القانون في كلام المتكلمين وقد ذكره متقدمو أئمة الجهمية والمعتزلة، ثم لما جاء الأشعري، ومع كثرة انتسابه للسنة والجماعة، صار يتباعد عن التصريح بهذا القانون، ويعظم النصوص والآثار، ويكثر من الرد إليها، ولكن لما جاء أصحابه من بعده صرحوا بما صرحت به المعتزلة.

بل إن التصريح بهذا القانون، ليس مقصوراً على متأخري الأشاعرة، فقد استعمله طائفة من متقدميهم كالقاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، ولكن عناية أبي المعالي ومحمد بن عمر الرازي وأمثالهما به أظهر.

ص: 4