المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إثبات صفتي العلو والاستواء لله عز وجل - شرح العقيدة الواسطية - عبد الرحيم السلمي - جـ ١٠

[عبد الرحيم السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌العقيدة الواسطية [10]

- ‌نفي الصفات السلبية عن الله وإثبات كمال ضدها

- ‌إثبات صفتي العلو والاستواء لله عز وجل

- ‌نفاة صفة الاستواء والرد على شبهات استدلالهم

- ‌أدلة إثبات علو الله عز وجل

- ‌أقسام نفاة صفة العلو

- ‌ذكر بعض الآيات الدالة على علو الله عز وجل

- ‌الأسئلة

- ‌وجود الزنادقة في هذا الزمان

- ‌حكم من ادعى أن السماوات والأرض أكبر من الذات الإلهية

- ‌حكم من عبد صفة من صفات الله

- ‌المقصود بذات الله

- ‌أهمية الدعاء والمناصرة للمستضعفين والمجاهدين

- ‌مقصود المعطلة من نفي صفات الله وأسمائه

- ‌عقيدة الكوثري

- ‌حكم التسمي بأسماء الله عز وجل

- ‌حكم قول: (لله صفات سلبية)

- ‌صفة الإرادة بين كونها ذاتية أو فعلية

- ‌حديث عمران بن حصين في أولية الله تعالى

- ‌نظرة في القول بوجود خلق من الجن قبل آدم عليه السلام

- ‌حكم الفرق التي نفت صفات الله عز وجل

- ‌تعقيب على تفسير بعض المعاجم للاستواء بالاستيلاء

- ‌حكم إطلاق لفظ الجسم على الله عز وجل

- ‌خطر المتصدرين للفتوى على الفضائيات بغير علم وواجب المسلم تجاههم

- ‌الفرق بين ابن عربي وابن العربي

- ‌حكم من لم يكفر الكافر

- ‌معنى الزندقة

- ‌استواء الله عز وجل على العرش بعد خلق السماوات والأرض

- ‌حكم من أنكر صفة من صفات الله عز وجل

- ‌حكم أخذ العلم وإفادته ممن عنده أخطاء في العقيدة من العلماء

- ‌حكم تكفير الرازي والزمخشري وأمثالهما

- ‌حكم الصلاة خلف من يعتقد أن الله في كل مكان

- ‌صفة الاستواء بين كونها ذاتية أو فعلية

- ‌حكم من يرى أن الأطفال لا يدرسون الآيات التي فيها ترهيب

- ‌حكم الموالد وما يقال فيها من أشعار

الفصل: ‌إثبات صفتي العلو والاستواء لله عز وجل

‌إثبات صفتي العلو والاستواء لله عز وجل

وفي هذا الدرس سيكون حديثنا -إن شاء الله- عن صفة من أعظم الصفات الشرعية التي طال فيها الكلام، وهي صفة علو الله سبحانه وتعالى على خلقه، وأيضاً صفة استواء الله عز وجل على عرشه، ودائماً تلاحظون أن صفة الاستواء تقرن بصفة العلو، والسبب في ذلك هو: أن الاستواء يعتبر دليلاً من أدلة العلو، كما أن النزول يعتبر دليلاً من أدلة العلو، وكذلك المجيء والإتيان ونحوها من الصفات تعتبر من أدلة العلو، وقد بدأ المؤلف رحمه الله بالآيات الدالة على استواء الله سبحانه وتعالى على عرشه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] في سبعة مواضع: في سورة الأعراف قوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54].

وقال في سورة يونس عليه السلام: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس:3].

وقال في سورة الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد:2].

وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5].

وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان:59].

وقال في سورة الم السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة:4].

وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:4]].

هذه الآيات جميعاً تدل على صفة من صفات الله سبحانه وتعالى وهي صفة استواء الله سبحانه وتعالى على العرش، والله عز وجل استوى على العرش حقيقة، كما تدل هذه الآيات، والعرش من أعظم مخلوقات الله سبحانه وتعالى، وهو مخلوق من مخلوقات الله عز وجل خلقه الله سبحانه وتعالى قبل خلق السماوات والأرض، والعرش من أوائل المخلوقات التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وهو سرير الملك، وقد استوى الله سبحانه وتعالى عليه بعد أن خلق السماوات والأرض.

والدليل على أن هذه الصفة كانت بعد خلق السماوات والأرض هو استعمال (ثم) وهي تدل على الترتيب والتراخي، فإن الله عز وجل يقول:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس:3]، وهكذا بقية الأدلة تجدون أنها جاءت بلفظ (ثم)، وثم تدل على الترتيب والتراخي، فاستواء الله عز وجل على العرش كان بعد خلق السماوات والأرض، فهو إذاً صفة فعلية اختيارية كانت بعد خلق السماوات والأرض.

والاستواء معناه معلوم، ولكن كيفيته مجهولة، كما قال الإمام مالك عندما سئل عن الاستواء وعن هذه الآية بالذات فقال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، قال له الرجل: كيف استوى؟ فأطرق الإمام مالك وعلته الرحضاء -يعني: العرق- ثم قال: (الاستواء معلوم) يعني: معلوم معناه في لغة العرب.

(والكيف مجهول، والإيمان به واجب) يعني: الإيمان بمعناه والإيمان بكيفيته المجهولة بالنسبة لنا واجب.

(والسؤال عنه بدعة)، وقوله:(السؤال عنه) الضمير في قوله: (عنه) يرجع إلى الكيفية ولا يرجع إلى المعنى، فإن الإيمان بمعنى الاستواء واجب؛ لأنه من تدبر القرآن، والله عز وجل يقول:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، ويقول سبحانه وتعالى:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص:29].

فمعاني صفات الله عز وجل واضحة؛ لأنها جاءت بلغة العرب، وهذا القرآن نزل بلسان عربي مبين، ولا يمكن أن يخاطبنا الله عز وجل بألغاز أو بأحاجي لا معاني لها، ولا يمكن أن يخاطبنا الله عز وجل بكلام لا نفهمه، فنحن نفهم معاني الصفات، لكن لا ندرك كيفيتها، ولا ندرك حقيقتها وكنهها؛ لأنها من صفات الخالق، وهناك فرق كبير بين الخالق والمخلوق، ولأن الله عز وجل لم يخبرنا بكيفية صفاته وإنما بين لنا معانيها؛ لما فيها من الفوائد العظيمة لنا في إيماننا وأخلاقنا وآدابنا.

إذاً: فقوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) يتضمن إثبات صفة الاستواء لله سبحانه وتعالى، وهو كذلك يتضمن إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى.

وهذه الصفة الثابتة لله عز وجل معناها هو كما حكى جماعة من المفسرين من السلف الصالح رضوان الله عليهم قالوا: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) قالوا: (استوى) بمعنى: علا وارتفع واستقر.

فك

ص: 3