المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ضلال الفلاسفة ومن وافقهم في قولهم بقدم العالم - شرح العقيدة الواسطية - عبد الرحيم السلمي - جـ ٤

[عبد الرحيم السلمي]

فهرس الكتاب

- ‌العقيدة الواسطية [4]

- ‌ما تضمنه قوله تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) من صفات الله عز وجل

- ‌معنى اسم الله تعالى (الأول) وما يؤخذ منه من الصفات

- ‌خطأ أهل الكلام في تسمية الله عز وجل بالقديم

- ‌معنى أسماء الله: الآخر والظاهر والباطن

- ‌ضلال الفلاسفة ومن وافقهم في قولهم بقدم العالم

- ‌الفرق بين آخرية الله وآخرية الجنة وأهلها

- ‌إثبات صفة العلم وبيان أدلتها وما يتعلق بها

- ‌الأدلة العقلية على إثبات صفة العلم

- ‌الأدلة السمعية على إثبات صفة العلم

- ‌الفرق بين علم الله بالأشياء قبل وجودها وعلمه بها بعد وجودها

- ‌شمولية علم الله تعالى

- ‌الطوائف المنحرفة في صفة العلم

- ‌الآثار التربوية والسلوكية لأسماء الله عز وجل وصفاته

- ‌الأسئلة

- ‌الفرق بين علم الله قبل وقوع الشيء وبعد وقوعه

- ‌الفرق بين القديم والأزلي

- ‌معنى دلالة الاسم على معناه بالمطابقة وعلى الذات بالتضمن وعلى الصفة الأخرى بالالتزام

- ‌وجه الفرق بين آخرية الله تعالى وآخرية الجنة

- ‌شروح العقيدة الواسطية

- ‌وجوب العمل على العبد مع سبق كتابة السعادة والشقاوة

الفصل: ‌ضلال الفلاسفة ومن وافقهم في قولهم بقدم العالم

‌ضلال الفلاسفة ومن وافقهم في قولهم بقدم العالم

لا توجد طائفة من الطوائف تنكر أن الله عز وجل هو الأول، لكن يوجد من الطوائف من يجعل مع الله سبحانه وتعالى من مخلوقاته قريناً له في الأولية، فيشرك في هذه الصفة، وهم الفلاسفة -قبحهم الله- الذين يقولون بقدم العالم، فإنهم يقولون: إن الإله علة موجبة تقتضي معلوله، فلما كان الإله لا أول له ولا بداية، وهو علة موجبة تقتضي معلولها، كان معلولها أيضاً لا بداية له، فاعتقدوا أن هذا الخلق قديم أزلي أول، كما أن الله عز وجل هو الأول، ويقولون: إنها نتجت عن الله عز وجل وصدرت عنه صدور المعلول عن علته بدون إرادة، ولهذا كفرهم السلف رضوان الله عليهم.

وممن يقول بهذا القول: ابن سينا -قبحه الله- وهو من الفلاسفة، فإن الفلاسفة ينقسمون إلى قسمين: الفلاسفة اليونانيون، والفلاسفة الإسلاميون، وهم ليسوا بمسلمين، لكن ينسبونهم إلى الإسلام؛ لأنهم ينتسبون إليه.

فالفلاسفة اليونانيون هم أرسطو وأفلاطون وبعضهم من الأطباء مثل أبقراط وجالينوس وغيرهم من الفلاسفة المتقدمين، وقد تكلموا عن شيء سموه الميتافيزيقيا، وهو ما وراء الطبيعة.

والفلاسفة كانوا يتكلمون عن الكون والإله بالظن، وليس عندهم أدلة من الرسل الكرام، ولذا فإن الفلاسفة لم يتبعوا نبياً من الأنبياء، وإنما أرادوا التوصل إلى الإله بمجرد عقولهم، فاخترعوا هذه المقولات التي من ضمنها أن هذا العالم قديم قدم الإله الذي صدر عنه، وهذا كفر بالله رب العالمين؛ لأن الأولية المطلقة هي لله سبحانه وتعالى.

ثم إنهم جعلوا في العالم نفس خصائص الإله، وهذا شرك بكل الاعتبارات شرك في الربوبية، وشرك في الألوهية، وشرك في الأسماء والصفات، ولهذا قابلهم المشتغلون بعلم الكلام فقالوا: إن الحوادث لها أول، ويقصدون بالحوادث: المخلوقات التي حدثت بعد أن لم تكن موجودة، فقالوا: إن لها بداية ولها منشأ، وقالوا: إن الله عز وجل قبل أن يخلق هذه المخلوقات كان معطلاً عن العمل ثم عمل، فجاءوا ببدعة جديدة، وهكذا أهل البدعة يردون البدعة ببدعة مثلها.

لما ظهرت الخوارج وكفروا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن سار على نهجهم ظهر الإرجاء كرد فعل للخوارج، وهكذا لما ظهرت القدرية الذين يمحون القدر جاءت الجبرية كرد فعل لهم فجعلوا العبد كالريشة في مهب الريح.

ولما ظهرت المعطلة الذين ينفون الصفات ظهر من المثبتة من يشبه الله عز وجل بخلقه، وهكذا أهل البدع يبنون عقائدهم على ردود الأفعال، ولا يميزون العقائد بالنصوص الشرعية كما هي طريقة أهل السنة والاتباع.

أقول: لما جاء الفلاسفة بهذه المقالة الكفرية، وهي: أن العالم أول مع الله عز وجل، وأنه قديم مع الله عز وجل؛ ظهر أهل الكلام كرد فعل للفلاسفة، وقالوا: إن الحوادث لها أول، فلما قيل: إذا كانت الحوادث لها أول هل الله عز وجل كان يعمل قبل هذه الحوادث؟ قالوا: ما كان يعمل قبل هذه الحوادث، وهو معطل عن الفعل والعياذ بالله، وهذا لا شك أنه ضلال وانحراف.

والصحيح: أن الله سبحانه وتعالى هو الأول ليس له بداية، وهو فعال لما يريد، فهو سبحانه وتعالى ليست له بداية، وهو يخلق سبحانه وتعالى في أي وقت، ولم تتعطل صفاته كما يزعم أهل الكلام.

ولا يعني هذا أن العالم قديم؛ لأنه مخلوق، ولا يمكن للمخلوق أن يكون مثل الخالق، وأولئك سووا بين المخلوق والخالق، فلاشك أنهم كفار.

وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح هذه القضية في منهاج السنة النبوية.

ص: 6