الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح العقيدة الواسطية
مسألة رؤية الله عز وجل
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
يسأل يقول: ما الفرق بين قول المعتزلة في القرآن والماتريدية؟
ذكرنا في الدرس الماضي أن المعتزلة يقولون: إن الله -جل وعلا- خلق كلامه منفصلاً عنه، فحينما كلم موسى، التي تكلمت الشجرة، خلق الكلام فيها، خلق الكلام في الشجرة وهي التي تكلمت، وهي التي قالت:{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [(12) سورة طه] ولذا يردُّ عليهم أهل الحق بأنه لا فرق بين هذا، وبين قول فرعون:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [(24) سورة النازعات] يعني مخلوق صادر من مخلوق، إذاً لا فرق، هذا قول المعتزلة: خلقه الله -جل وعلا- منفصلاً عنه -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-.
وأما قول أبي منصور الماتريدي: أن كلامه يتضمن معنىً قائماً بذاته، هو ما خلقه في غيره، يتضمن معنىً قائماً بذاته، يعني غير منفصل عنه، هو ما خلقه في غيره، إذن ماذا يكون الفرق بينهما؟
مسألة الانفصال والاتصال، فالمعتزلة يقولون: منفصلٌ عنه، خلقه كغيره من المخلوقات، يعني كما يخلق فلان من بني آدم، منفصلاً عنه، والماتريدية يقولون: هو معنىً قائم بذاته، وفي الوقت نفسه هو ما خلقه في غيره، كأن الماتريدية يوافقون المعتزلة بمسألة الخلق، إلا أنهم لما أُلزم المعتزلة بصحة كلام فرعون -على حد زعمهم- على قول المعتزلة يكون كلام فرعون:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} صحيح، مثل الشجرة أيش الفرق؟ لما ألزموا بهذا، قالوا: هو معنىً قائم بذاته -جل وعلا- هو ما خلقه في غيره، وهذا تناقض؛ لأن هذه المذاهب الباطلة المخالفة للكتاب والسنة هي تبدأ في أول الأمر بمخالفة يسيرة، ثم تتطور يكون لهذه المخالفة لازم، يلزم عليها لازم، ثم يناقش المتبني لهذا القول، فيلتزم باللازم؛ لأن كل قول له لازم، يعني مثل ما يقول أهل السنة في إثبات الرؤية، يقول المبتدعة: لو أثبتنا الرؤية للزم منها أن يكون الله -جل وعلا- جسم يرى، والقاعدة عند أهل السنة أنهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله عليه الصلاة والسلام وعلى الكيفية التي يعلمها -جل وعلا- ولا نعملها، فعلى هذا لا نلتزم باللازم، ومن أهل السنة من يقول: إن لازم الحق حق، لازم الحق حق، فإذا كان من لازم إثبات ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه أن يكون جسماً، والجسم لم يرد نفيه ولا إثباته في النصوص، لكنه من لازم ما أثبت يثبت، ولازم الحق حق، ومنهم من يقول: لا نثبت إلا ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، سواءً كان ذلك في كتابه أو على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام وما لم يذكر نفياً ولا إثباتاً لا نثبته ولا ننفيه.
يعني من لازم الرؤية، كما يقول الأشاعرة إنه -جل وعلا- يكون منحازاً إلى جهة؛ لأن الذي ليس في جهة لا يمكن رؤيته؛ لأن البصر إنما ينتهي إلى جهة، نقول: لا مانع من إثبات الجهة المثبتة لله -جل وعلا- في الكتاب والسنة، وهي العلو.
أقول: هذه المذاهب البدعية تبدأ بمخالفة يسيرة، ثم بعد ذلك يلزم على هذه المخالفة لازم ويصر هذا المبتدع على قوله، ثم يلتزم باللازم، يلزم من قوله كذا؟ يقول: نعم، يلزم، ويلتزم به، فيزداد الأمر، ثم يلزم على هذا اللازم لازم أشد منه، ثم يلتزم به، وقد التزم النفاة حتى صار معبودهم العدم، العدم المحض، الذي لا وجود له البتة، والتزم المشبهة بما ألزموا به حتى صار معبودهم صنماً، موصوفاً بصفات المخلوقين.
فالتناقض الوارد في كلام الماتريدية أنه معنىً قائم بنفسه هو ما خلقه في غيره، إن كانوا يريدون المعنى قائم بذات الله -جل وعلا- والحروف قامت بغيره، فهل يمكن الانفصال أو لا يمكن بين المعنى والحرف؟ يمكن الانفصال وإلا ما يمكن؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، المكتوب من عمل المخلوق، المداد قصدك المداد؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، يرون القرآن المكتوب، ما هو الكتابة، لا، يعني نفرق بين مذهب أهل السنة، المداد مخلوق عند أهل السنة، والرق والورق والجلد والغلاف كلها مكتوبة، وإن شذ من شذ من بعض الجهال من قال إن المداد، وما يتبعه حتى الجلد قديم، وألزم كما تقدم، وألزم بكون الكاتب أيضاً يمكن يصير قديم بعد، إذا كانت الكتابة قديمة إذن الكاتب قديم.
هؤلاء المبتدعة لما التزموا بهذه اللوازم حصل منها ما حصل من البعد الشديد عن الحق الثابت في الكتاب والسنة، لا شك أنهم أتوا بالمضحكات بعد ذلك؛ لأن هذه اللوازم ترتب عليها لوازم أشنع منها فالتزموا بها، والذي لا يعتصم بالكتاب والسنة، ويجعل الكتاب قائده لا شك أنه يضل، يضل إذا اعتمد على عقله دون أن يسير بالكتاب والسنة، والذي لا يعتصم بالكتاب والسنة يضل بلا شك.