الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تناقض المتكلمين في الاستدلال
المسألة الخامسة: تناقض المتكلمين في الاستدلال.
إن أهل الكلام قالوا لا يستدل بالقرآن؛ لأن دلالته ظنية والسنة لا يستدل بها؛ لأن ثبوتها ظني، وحينئذ يستدل بالعقل، فنفوا الاستواء عن الله عز وجل وقالوا: إن الاستواء ليس من صفات الله سبحانه وتعالى، ومعنى الاستواء هو الاستيلاء، قيل لهم: ما الدليل على أن الاستواء هو الاستيلاء قالوا يقول الأخطل: قد استوى بشر على العراق من غير سيف ولا دم مهراق يعني: استولى عليها دون أن يستخدم السيف بحيث أنه يقتل الناس.
وهذا البيت لم يثبت عن الأخطل من حيث الإسناد، فانظروا كيف يتركون الاستدلال بالكتاب والسنة ويستدلون بما قال الأخطل وبناء عليه فسروا النص القرآني {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] بمعنى استولى.
والرد عليهم من أوجه: أولاً: أنه قول لم يثبت عن صاحبه ولا يمكن لهم أن يثبتوه بإسناد صحيح حتى ولو كان آحاداً، مع أن الأحاديث لا يقبلونها إذا كانت آحاداً.
ثانياً: أن هذا قول لرجل نصراني وربما يكون قاله لغرض في نفسه.
ثالثاً: هذا القول أخطأ فيه الأخطل لو ثبت عنه، فإن الاستواء إذا كان معدى بـ (إلى) لا يحتمل إلا معنى الارتفاع والعلو، ولا يحتمل معنى الاستيلاء، فهناك فرق بين استوى عليه وبين استولى إليه، فالتعدية تفرق في المعنى، وحينئذ نقول أن هؤلاء أخطئوا خطأ كبيراً في الاستدلال وهو أساس القضية، وهو أنهم تركوا الكتاب والسنة وتركوا الاستدلال بهما لاعتقادهم أنها ظنية واستدلوا بكلام للأخطل في معنى الاستواء، وبناء عليه فسروا الآية القرآنية وأولها وحرفوها.
لهذا قال ابن تيمية: (وإذا استدل يقول قال الأخطل).