المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوجه الرابع: أن نفي الصفات نقص وإثباتها كمال - شرح القواعد السبع من التدمرية - جـ ١٤

[يوسف الغفيص]

فهرس الكتاب

- ‌شرح القواعد السبع من التدمرية [14]

- ‌القواعد السبع في صفات الله تعالى

- ‌القاعدة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالإثبات والنفي

- ‌صفات النفي تتضمن إثبات الكمال

- ‌آيات قرآنية تدل على أن النفي يتضمن إثبات الكمال

- ‌صفات الله تعالى تستلزم الكمال المطلق بخلاف صفات المخلوقين

- ‌التفصيل في مقام النفي لتحقيق كمال الإثبات

- ‌الكلام على قوله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)

- ‌نفي الرؤية لا يتضمن كمالاً لله تعالى

- ‌كل نفي لا يستلزم ثبوتاً فليس من صفات الله

- ‌مذهب المتكلمين الأوائل كالجهمية في نفي الصفات

- ‌نفي الصفات عن الله تعالى ليس فيه مدح ولا كمال

- ‌شبهة حول الحوادث

- ‌رفع النقيضين وجمعهما ممتنع

- ‌يلزم من نفي صفة الكمال عن الله وصفه بما يقابلها

- ‌قول النفاة أن نفي أحد المتقابلين يستلزم ثبوت الآخر فيما يقبل والرد عليه

- ‌الوجه الأول: أن غير القابل يمكن وصفه بالموت والصمم والعمى ونحو ذلك

- ‌الوجه الثاني: أن كل موجود يقبل الاتصاف بهذه الصفات وما يقابلها

- ‌الوجه الثالث: أن الذي لا يقبل الصفات أعظم نقصاً ممن يقبل الصفات ونقائضها

- ‌الوجه الرابع: أن نفي الصفات نقص وإثباتها كمال

- ‌مقارنة بين من ينفون عن الله النقيضين وبين من يصفونه بالنفي فقط

- ‌الرد على قول النفاة: إن العلو لا يكون إلا للمتحيز

- ‌المراد بلفظ التحيز

الفصل: ‌الوجه الرابع: أن نفي الصفات نقص وإثباتها كمال

‌الوجه الرابع: أن نفي الصفات نقص وإثباتها كمال

قال المصنف رحمه الله: [وأيضاً: فنفس نفي هذه الصفات نقص، كما أن إثباتها كمال، فالحياة من حيث هي، هي -مع قطع النظر عن تعيين الموصوف بها- صفة كمال].

هذا هو الوجه الرابع في الرد، يقول المصنف: إننا أثبتنا صفة العلم من باب أن عدم إثباتها يستلزم الجهل، وهذا دليل عقلي على أن نفي أحد المتقابلين يستلزم ثبوت الآخر، فعندما علم بالعقل أن الله منزه عن الجهل؛ دلَّ العقل ضرورة على أن الله متصف بالعلم.

هذا هو وجه الإثبات، لكن هل الإثبات بحكم العقل فضلاً عن حكم الشرع يقتصر على ذلك؟ نقول: لا.

فهناك أوجه وأدلة من العقل تقضي بهذه الصفات، ومن هذه الأوجه ما ذكره المصنف في الوجه الرابع، وهو أن هذه الصفات -كالحياة، والكلام، والسمع، والبصر، ونحوها- هي صفات كمال إذا كانت مطلقة ولم تضف لا إلى الله ولا إلى المخلوق، وهذا الكمال الذي هو كمال ضروري للموجود لا بد أن يكون واجب الوجود متصفاً به.

ومعلوم أن بني آدم حينما وصفوا بأنهم يعلمون ويسمعون ويبصرون؛ دل ذلك على كمالهم؛ لأن هذه صفات كمال، فكيف تصفون المخلوق بهذا الكمال وتعطلون الخالق عنه؟! سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً!

إذاً: من الأدلة على إثبات هذه الصفات: أن هذه الصفة بتجريدها عن الإضافة صفة كمال، والله تعالى أولى بأن يوصف بالكمال؛ ولذلك فقد سبق أن الله تعالى يذكر الصفات المطلقة على الإطلاق، وهي الكماليات المطلقة، وذلك كصفة العلم، فإن الله تعالى قد ذكرها مطردة مطلقة، بخلاف صفة الكيد والمكر، فإن الله تعالى لم يذكرها إلا مقيدة، كما قال تعالى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال:30] وغير ذلك من الآيات.

قال المصنف رحمه الله: [وكذلك العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والفعل ونحو ذلك، وما كان صفة كمال فهو سبحانه وتعالى أحق بأن يتصف به من المخلوقات، فلو لم يتصف به مع اتصاف المخلوق به؛ لكان المخلوق أكمل منه].

قوله: (لكان المخلوق أكمل منه):

وهذا غلط من جهة العقل وغلط من جهة الشرع؛ لأن الله يقول: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل:60] ولذلك فإن المحققين من المتكلمين -كـ ابن كلاب والأشعري وأمثالهم- مهما كان عندهم من الميل عن السنة والجماعة من المسائل، إلا أنهم أثبتوا جملة من الصفات وسموها: الصفات العقلية، وقد سبق أن قال المصنف: إن من يثبت الصفات السبع لو روجع فيها وقيل له: لماذا أثبتها ولم تثبت غيرها؟ لقال: لأنه دل عليها العقل، أي: أنها صفات لازمة من حيث الضرورة العقلية.

وقوله: أنها لازمة من حيث الضرورة العقلية، كلام صحيح؛ لكن من الصحيح أيضاً أن هناك جملة أخرى من الصفات لازمة من حيث الضرورة العقلية، وأن ما لم يثبته العقل لم يثبت في الشرع.

ص: 20