المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عناصر الدرس * فصل في الأشكال. * فصل في الاستثنائي.   فَصْلٌ فِي الأَشْكَالِ الشَّكْلُ - شرح القويسني على السلم المنورق للأخضري - جـ ٩

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ ‌عناصر الدرس * فصل في الأشكال. * فصل في الاستثنائي.   فَصْلٌ فِي الأَشْكَالِ الشَّكْلُ

‌عناصر الدرس

* فصل في الأشكال.

* فصل في الاستثنائي.

فَصْلٌ فِي الأَشْكَالِ

الشَّكْلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ

يُطْلَقُ عَنْ قَضِيَّتَىْ قِيَاسِ

مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ

إِذْ ذَاكَ بِالضَّرْبِ لَهُ يُشَارُ

وَلِلْمُقَدِّمَاتِ أَشْكَالٌ فَقَطْ

أَرْبَعَةٌ بِحَسَبِ الحَدِّ الوَسَطْ

حَمْلٌ بِصُغْرَى وَضْعُهُ بِكُبْرَى

يُدْعَى بِشَكْلٍ أَوَّلٍ وَيُدْرَى

وَحَمْلُهُ فِي الكُلِّ ثَانِيا عُرِفْ

وَوَضْعُهُ فِي الكُلِّ ثَالِثًا أُلِفْ

(فَصْلٌ فِي الأَشْكَالِ). (الشَّكْلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ) أي المناطقة فهو عام أريد به الخصوص (يُطْلَقُ عَنْ) أي هيئة (قَضِيَّتَىْ قِيَاسِ ** مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ)، كقولنا: الإنسان حيوان، والحيوان جسم فهيئة هاتين القضيتين تسمى شكلاً أي نوعًا خاصًا من القياس، (إِذْ) تعليلية، أي لأن (ذاك) الذي اعتبر فيه الأسوار (بِالضَّرْبِ لَهُ يُشَارُ) أي يسمى ضربًا خاصًا من الشكل، فالقضيتان المتقدمتان قريبًا شكل، فإن سورتهما بالكلية قلت: كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم، كانا ضربًا خاصًا من الشكل الأول. (وَلِلْمُقَدِّمَاتِ أَشْكَالٌ فَقَطْ) اسم فعل بمعنى انته مقدم من تأخير، (أَرْبَعَةٌ) بلا زيادة عليها، وهذه الأشكال الأربعة تَحْصُلُ من القياس (بِحَسَبِ) تكرار (الحَدِّ الوَسَطْ) فيه.

(حَمْلٌ بِصُغْرَى وَضْعُهُ بِكُبْرَى) أي حمل الحد الوسط في الصغرى ووضعه في الكبرى كالمثال المتقدم قريبًا (يُدْعَى بِشَكْلٍ أَوَّلٍ وَيُدْرَى) أي يسمى عندهم بالشكل الأول. (وَحَمْلُهُ فِي الكُلِّ ثَانِيا عُرِفْ)، أي حمل الحد الوسط في كل من الصغرى والكبرى، عرف عندهم بالشكل الثاني، كقولنا: كل إنسان حيوان ولا شيء من الحجر بحيوان (وَوَضْعُهُ فِي الكُلِّ ثَالِثًا أُلِفْ) أي وُضِع الحد الوسط في كل من الصغرى والكبرى يُسمى عندهم الشكل الثالث، كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل إنسان ناطق.

ــ - الشرح - ــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى: (فَصْلٌ فِي الأَشْكَالِ) أي في بيانتها وبيان شروطها وما يتعلق بها من أحكام.

الشَّكْلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ

يُطْلَقُ عَنْ قَضِيَّتَىْ قِيَاسِ

مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ

إِذْ ذَاكَ بِالضَّرْبِ لَهُ يُشَارُ

ص: 1

[(الشَّكْلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ) أي المناطقة]، فسر الشارح هنا الناس بالمناطقة، [فهو عام أريد به الخصوص] عام أريد به الخصوص يعني بعض الأفراد ليس كل الناس اللغويين وغيرهم، إنما أراد به اصطلاحًا خاصًا عند المناطقة، وقيده بذلك لأن الشكل عند أهل اللغة لا يختص بذلك، بل يطلق على هيئة الشيء مطلقًا، ولذلك مر معنا أن الصورة هي الشكل كما قال في القاموس، إذًا احترز بـ (عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ) بإضافته إلى الناس المناطقة عن الشكل عند أهل اللغة فله معنى آخر، إذ هو يطلق على هيئة الشيء مطلقًا، (الشَّكْلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ) هيئة [أي هيئة (قَضِيَّتَىْ قِيَاسِ)] هنا قدَّر ماذا؟ جعل قضيتي مضافًا لمحذوف، أي هيئة قضيتي مثنى، قضيتي قياس فالأصل قضيتين، حُذف من المضاف النون حينئذ نحتاج إلى ..

ص: 2

هل القضيتان هما الشكل أم هيئة القضيتين لا شك أن الثاني هو الشكل، لذلك نقول: الشكل في اللغة الأصل فيه أنه بمعنى الهيئة، حينئذ إذا كان كذلك فلا بد أن يكون ثَمَّ مقدرًا يطلق عن قضيتي يعني على هيئة قضيتي، أي على هيئتهما أي القضيتين؟ الحاصل أنه باجتماع الصغرى مع الكبرى باعتبار طرفي المطلوب مع الحد الوسط يعني مستوفيًّا للشروط التي ذكرها في القياس السابق، إذ الشكل هذا يطلق على هيئتي قضيتي القياس لكن مع التزام ما مضى، وهو تكرار الحد الوسط وأن يكون النتيجة موضوعها هو الحد الأصغر ومحمولها هو الحد الأكبر، ومشتمل على الأصغر هو الصغرى وتكون مقدمة، والمشتمل على الحد الأكبر الكبرى حينئذ تكون متأخرة، يعني باستيفاء ما مضى، أي على هيئتهما الحاصلة من اجتماع الصغرى مع الكبرى باعتبار طرفي المطلوب يعني النتيجة مع الحد الوسط، واحترز بقوله:(قَضِيَّتَىْ قِيَاسِ) عن قضيتي غير قياس كما لو قلت: كل إنسان حيوان، وكل فرس صهال، فلا تسمى هيئة قضيتين هنا قياسًا، لماذا؟ لعدم وجود الحد الوسط، لأنه لا يمكن أن ينتج إلا إذا وجد الحد المكرر، كل إنسان حيوان، وكل فرس صهال، حينئذ ما الجامع بين القضيتين؟ هذا لا يُسمى شكلاً لعدم وجود الحد الأوسط (مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ) أسوار جمع يراد به اثنان فأكثر، وأكثر ما يستعمله الناظم هنا في هذا النظم الجمع المراد به اثنان فأكثر، قيل: هو اصطلاح خاص عند المناطقة أن الجمع أقله اثنان (مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ) ظاهر كلام الناظم أن عدم اعتبار الأسوار شرط في الشكل، يعني يكون النظر إلى القضيتين بقطع النظر عن الأسوار ولذلك قال:(مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ) هذا شرط عدمي وهو داخل في مفهوم الشكل، ولذلك قال البيجوري: ظاهره أن عدم اعتبار الأسوار شرط في الشكل، كما أن اعتبارها شرط في الضرب، وعلى هذا فبين الشكل والضرب التباين، فثَمَّ اصطلاحان في هذا الفصل شكل وضرب، يجتمعان في أن النظر يكون في قضيتي القياس يعني في الهيئة، في الشكل لا يلتفت إلى الأسوار، وفي الضرب يلتفت إلى الأسوار، إذًا بينهما التباين، يطلق عن أي هيئة (قَضِيَّتَىْ قِيَاسِ)(مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْتَبَرَ الأَسْوَارُ)، يعني لا يلتفت إلى الأسوار في الشكل

[كقولنا: الإنسان حيوان] هذه مقدمة صغرى، [والحيوان جسم] هذه مقدمة كبرى، المقدمة الصغرى هنا اشتملت على ماذا؟ على موضوع النتيجة وهو الإنسان، والحيوان جسم اشتملت على محمول النتيجة وهو جسم، والحد الأوسط المكرر هو لفظ حيوان، [فهيئة هاتين القضيتين تسمى شكلاً]، هيئة يعني بانتظام القضيتين تركيبهما مع بعض وتقديم الصغرى على الكبرى مع اشتمال الصغرى على الحد الأصغر ووجود الحد الأوسط، واشتمال الكبرى على الحد الأكبر من غير أن يلتفت إلى الأسوار يسمى شكلاً، [تسمى شكلاً أي نوعًا خاصًا من القياس]، (إِذْ ذَاكَ بِالضَّرْبِ لَهُ يُشَارُ)، [(إِذْ) هذه تعليلية، أي لأن (ذَاكَ)] يعني لأن هيئة قضيتي قياس مع اعتبار الأسوار، لا مع عدم اعتبار الأسوار (إِذْ ذَاكَ بِالضَّرْبِ لَهُ يُشَارُ)، [(إِذْ ذَاكَ) الذي اعتبر فيه الأسوار] مع النظر إلى هيئة

ص: 3

القضيتين (بِالضَّرْبِ لَهُ يُشَارُ) يعني يشار له بالضرب، يُسمى ضربًا [أي يسمى ضربًا خاصًا من الشكل، فالقضيتان المتقدمتان قريبًا شكل، فإن سورتهما بالكلية قلت: كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم، كانا ضربًا خاصًا من الشكل الأول]، إذًا فرق بين الشكل والضرب، كل منهما ينظر فيه إلى هيئتي، إلى هيئة قضيتي القياس يعني مع اعتبار ما سبق في باب القياس، ثم إذا نُظِرَ يعني لُوحِظَ فيه الأسوار فهو ضرب، وإن لم يلاحظ فهو شكل، ولا يسمَّى شكلاً مع ملاحظة الأسوار، هذا الذي مشى عليه الناظم، ثَمَّ خلاف مبين في الأطول. والحاصل أن الضرب اسم لهيئة قضيتي القياس الحاصلة من اجتماع الصغرى مع الكبرى، باعتبار طرفي المطلوب مع الحد الوسط، بشرط اعتبار السوار، هذا بالضرب، كأن يلاحظ كون هاتين القضيتين كليتين بخلاف الشكل فإنه اسم للهيئة المذكورة لا بهذا الشرط، بل بشرط عدم اعتبار الأسوار.

وَلِلْمُقَدِّمَاتِ أَشْكَالٌ فَقَطْ

أَرْبَعَةٌ بِحَسَبِ الحَدِّ الوَسَطْ

(وَلِلْمُقَدِّمَاتِ) يعني مقدمتين فأكثر على ما مضى (أَشْكَالٌ فَقَطْ) اسم فعل بمعنى انته مقدم من تأخير، الأصل التركيب وللمقدمات أشكال أربعة فقط يعني فقط هذا بعد أربعة، وأربعة متقدم عليه، [(وَلِلْمُقَدِّمَاتِ أَشْكَالٌ فَقَطْ أَرْبَعَةٌ) بلا زيادة عليها، وهذه الأشكال الأربعة تَحْصُلُ من القياس]، أو تُحَصَّلُ من القياس [(بِحَسَبِ) تكرار (الحَدِّ الوَسَطْ) فيه]، يعني بالنظر لأحواله، يعني النظر هنا بالنظر إلى حال الحد الوسط، حينئذ الشكل ينقسم عند المناطقة إلى أربعة أنواع.

لماذا انقسم إلى أربعة أنواع؟

لأن الحد الوسط له أربعة أحوال، ولذلك قال:(وَلِلْمُقَدِّمَاتِ أَشْكَالٌ). إذًا جمع شكل وهو المراد هنا (أَرْبَعَةٌ بِحَسَبِ الحَدِّ الوَسَطْ) يعني الذي يحدد الشكل الأول عن الثاني عن الثالث عن الرابع هو حال الحد الوسط يعني له حال كما سيأتي.

(حَمْلٌ بِصُغْرَى وَضْعُهُ بِكُبْرَى) يعني يكون الحد الوسط محمولاً بالصغرى موضوعًا في الكبرى، هذا يسمى الشكل الأول، إذا جاء الحد الوسط المكرر في الصغرى محمولاً وفي الكبرى موضوعًا.

.......................

يُدْعَى بِشَكْلٍ أَوَّلٍ وَيُدْرَى

وَحَمْلُهُ فِي الكُلِّ ثَانِيا عُرِفْ

...........................

ص: 4

[أي حمل الحد الوسط في الصغرى] بجعله محمولاً [ووضعه في الكبرى] بجعله موضوعًا كما [كالمثال المتقدم قريبًا] كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم، المثال السابق: كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم، ما هو الحد الوسط؟ حيوان، أين هو في المقدمة الصغرى؟ محمول أين هو في المقدمة الكبرى؟ موضوع، هذا يسمى ماذا؟ يسمى شكلاً أولاً (يُدْعَى بِشَكْلٍ أَوَّلٍ وَيُدْرَى) يعني ويدرى بشكل أول، حذف من الثاني لدلالة الأول عليه، [أي يسمى عندهم بالشكل الأول (وَحَمْلُهُ فِي الكُلِّ ثَانِيا عُرِفْ)] يعني كون الحد الوسط محمولاً في المقدمة الصغرى والكبرى يُسمى شكلاً ثانيًا، [أي حمل الحد الوسط في كل من الصغرى والكبرى عرف] أي سُمِّيَ [عندهم] عند المناطقة [بالشكل الثاني، كقولنا: كل إنسان حيوان ولا شيء من الحجر بحيوان]، أين الحد الوسط؟ حيوان، محمول في الصغرى، كل إنسان حيوان، وكذلك هو محمول في الكبرى، ولا شيء من الحجر بحيوان، هذا يسمى [شكلاً أولاً](1) شكلاً ثانيًا (وَوَضْعُهُ فِي الكُلِّ) بأن يكون موضوعًا في المقدمتين الصغرى والكبرى، ثالثًا أُلِفَ شكلاً (ثَالِثًا)، ثالث هذا نعت لمحذوف و (أُلِفْ) بمعنى سُمِّيَ أو عُرِفَ أي وُضِع الحد الوسط في كل من الصغرى والكبرى أو وضع الحد الأكبر اثنان ##، أو [وَضْع الحد الوسط في كل من الصغرى والكبرى يُسمى عندهم الشكل الثالث، كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل إنسان ناطق]، إنسان هو الحد الوسط وهو موضوع في الصغرى موضوع في الكبرى.

- - -

وَرَابِعُ الأَشْكَالِ عَكْسُ الأَوَّلِ

وَهْيَ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي التَّكَمُّلِ

(وَرَابِعُ الأَشْكَالِ عَكْسُ الأَوَّلِ) أي والشكل الرابع هو عكس الشكل الأول، فيكون الحد الوسط فيه موضوعًا في الصغرى محمولاً في الكبرى كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل ناطق إنسان (وَهْيَ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي التَّكَمُّلِ) أي وهذه الأشكال الأربعة على الترتيب في الأكملية فأكملها الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع لأن كل واحد أوضح في الإنتاج مما بعده.

ــ - الشرح - ــ

(1) سبق.

ص: 5

(وَرَابِعُ الأَشْكَالِ عَكْسُ الأَوَّلِ) ورابع الأشكال عكس الأول أي

[والشكل الرابع] من حيث الحد الوسط [هو عكس الشكل الأول فيكون الحد الوسط فيه موضوعًا في الصغرى محمولاً في الكبرى] عكس السابق، السابق يكون محمولاً في الصغرى موضوعًا في الكبرى هنا العكس [كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل ناطق إنسان]، إنسان هو الحد الوسط الذي هو موضوع في الصغرى محمول في الكبرى، واضح هذا؟ إذًا الأشكال أربعة، وتقسيم الأشكال إلى أربعة أنواع بالنظر إلى حال الحد الوسط على ما سبق (وَهْيَ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي التَّكَمُّلِ)، (وَهْيَ) أي الأشكال (عَلَى التَّرْتِيبِ فِي التَّكَمُّلِ) يعني أي هذه الأشكال أكمل من الثاني [على الترتيب] الأول أكملها أعلاها، ثم الثاني أكمل من الثالث، ثم الثالث أكمل من الرابع، والرابع أدنى من الثالث، والثالث أدنى من الثاني، والثاني أدنى من الأول، إذًا أي الأشكال أقوى عند المناطقة؟ هو الأول ثم على الترتيب [أي وهذه الأشكال الأربعة على الترتيب في الأكملية فأكملها الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع لأن كل واحد أوضح في الإنتاج مما بعده]، يعني العبرة هنا بماذا؟ بالإنتاج لأن الأشكال لو قيل من حيث هي ليس كل شكل يُنتج، بل هذه الأربعة ليست كلها منتجة، يعني بعضها عقيم، فنتيجته تكون كاذبة فاسدة، فحينئذ الأول أوضحها في الإنتاج، ثم الثالث، ثم الرابع.

- - -

فَحَيْثُ عَنْ هَذَا النِّظَامِ يُعْدَلُ

فَفَاسِدُ النِّظَامِ أَمَّا الأَوَّلُ

فَشَرْطُهُ الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُ

وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً كُبْرَاهُ

(فحيث عن هذا النظام يُعدل) أي وحيث يُعدل عن هذا الترتيب بأن لم يتكرر الحد الوسط (فَـ) القياس (فَاسِدُ النِّظَامِ) كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل فرس صهال، بل لا يسمى قياسًا لأن القياس عندهم ما استلزم النتيجة، وهذا لا نتيجة له لعدم تكرار وسطٍ فيه، ثم شرع في شروط إنتاج الأشكال مبتدئًا بالأول فقال:(أَمَّا) الشكل (الأَوَّلُ)، (فَشَرْطُهُ) أي شرط إنتاجه (الإيجاب في صغراه كلية كانت أو جزئية

(وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً كُبْرَاهُ) موجبة أو سالبة، فيحصل من ذلك أربع صور من ضرب الموجبتين الصُّغْرَيَيْنِ في الكليتَيْنِ الكُبْرَيَيْنِ فضروبه المنتجة أربعة:

الأول: من موجبتين كليتين نحو: كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم، والنتيجة موجبة كلية وهي كل إنسان جسم.

الثاني: من موجبة كلية صغرى، وسالبة كلية كبرى، نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الحيوان بحجر.

الثالث: من موجبة جزئية صغرى، وموجبة كلية كبرى، نحو: بعض الحيوان إنسان، وكل إنسان ناطق، والنتيجة موجبة جزئية وهي بعض الحيوان ناطق.

ص: 6

الرابع: من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الإنسان بفرس، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بفرس. وخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة كلية أو جزئية، فلا إنتاج لها مع كبريات الأربع: فهذه ثمانية كلها عقيمة، وخرج باشتراط كلية الكبرى ما لو كانت الكبرى جزئية موجبة أو سالبة فلا إنتاج لها مع الموجبتين الصغريين، فهذه أربعة أضرب عقيمة أيضًا، فعلم أن المنتج من الشكل الأول أربعة أَضْرُب، وأن العقيم منه اثنا عشر، ثمانية خارجة باشتراط إيجاب الصغرى، وأربعة خارجة باشتراط كلية الكبرى.

ــ - الشرح - ــ

فَحَيْثُ عَنْ هَذَا النِّظَامِ يُعْدَلُ

فَفَاسِدُ النِّظَامِ .........

يعني إذا لم يكن الحد الوسط على النمط المذكور في الأشكال الأربعة فهو فاسد النظام، يعني لا يكون منتجًا البتة، [(فحيث عن هذا النظام يُعدل) أي وحيث يُعدل عن هذا الترتيب بأن لم يتكرر الحد الوسط] على النمط السابق في الأشكال الأربعة (فَـ) القياس (فَاسِدُ النِّظَامِ) يعني ترتيبه فاسد، [كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل فرس صهال]. هذا لا يُنتج لعدم وجود الحد الوسط أصلاً، وهذا انتفى عنه شرط تكرار الحد الوسط أو وجوده، [بل لا يسمى قياسًا] كما مر معنا [لأن القياس عندهم ما استلزم النتيجة، وهذا لا نتيجة له لعدم تكرار وسطٍ فيه]، واضح؟.

[ثم شرع في شروط إنتاج الأشكال مبتدئًا بالأول (فَفَاسِدُ النِّظَامِ)](أَمَّا الأَوَّل) الشكل الأول حمل بصغرى ووضعه بكبرى هل كلما وُجِد الشكل الأول بهذا النمط يكون منتجًا؟

الجواب: لا، لا بد من شرطين، يعني مع كون الحد الوسط محمولاً في الصغرى موضوعًا مع الكبرى لا يلزم منه الإنتاج مطلقًا، بل لا بد من تعيين نوعية المقدمة الصغرى، وكذلك نوعية المقدمة الكبرى من حيث الكم والكيف، حينئذ نقول:(أَمَّا الأَوَّلُ) يعني [الشكل] الأول [(فَشَرْطُهُ) أي شرط إنتاجه (الإيجاب في صغراه وأن ترى كلية كبراه شرطه)، ومعلوم أن الشرط ما يلزم [من وجوده](1) من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود، إذًا لا بد أن يتحقق هذا الشرط في الشكل الأول من أجل أن يُنتج، فإن تخلف فلا إنتاج، ولذلك سيذكر الشارح كغيره يذكرون الأمثلة .. إلى آخره هذا لا يحفظ، وإنما تَضْبِط الشرط فقط، فإذا تحقق الشرط الوجودي حينئذ أنتج، إن انتفى الشرط الأول أو انتفى الشرط الثاني ولو مع وجود الأول أو انتفى الشرطان فهو عقيم، لا يحتاج إلى ذكر الأمثلة التي يذكرها الشراح، (فَشَرْطُهُ الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُ) يعني أن تكون الصغرى موجبة، هنا شرط في ماذا؟ في الكم أو في الكيف؟ في الكيف أن يكون موجبًا والكم مطلق، إذًا (فَشَرْطُهُ الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُ) سواء

[كانت كلية أو جزئية]، فلا نظر في المقدمة الصغرى من حيث الكم، وإنما الشرط من حيث الكيف، حينئذ إذا وُجِد شرط الأول وهو (الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُ) حينئذ نقول: مع وجود الشرط الثاني أنتج، وإن كانت الصغرى سالبة فحينئذ نقول: تخلف الشرط فلا إنتاج، وأن تُرى كلية كبراه، هذا شرط من حيث الكم لا من حيث الكيف.

(1) سبق.

ص: 7

إذًا [(فَشَرْطُهُ الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُ) كلية كانت أو جزئية (وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً)] أن تكون المقدمة الكبرى كلية سواء كانت سالبة أو موجبة، فشرطه أي شرط إنتاجه (الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُ) كلية كانت أو جزئية

[(وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً كُبْرَاهُ) موجبة أو سالبة] حينئذ الشرط الأول من حيث الكيف أن تكون الصغرى موجبة سواء كانت كلية أو جزئية.

والشرط الثاني من حيث الكم: أن تكون الكبرى كلية سواء كانت موجبة أو سالبة لتحقق هذين الشرطين أنتج الشكل الأول، إن انتفيا أو انتفى أحدهما فلا إنتاج تضبطه هكذا، هذا أيسر في الضبط، [فيحصل من ذلك أربع صور من ضرب] اثنين في اثنين لأن الأولى إيجاب في صغراه كلية أو جزئية، والثاني كلية سالبة أو موجبة، اثنان في اثنين بأربعة، إذًا الذي يُنتج من الشكل الأول أربعة، واثنا عشر عقيم، لماذا؟ لأن كل شكل من هذه الأربعة الأصل في القياس أن يكون ستة عشر، لأن الأولى أربعة، والثانية أربعة لأن الأحوال أربعة الأقسام الحملية السابقة معنا، أربعة في أربعة ستة عشر هذا الأصل، لكنها ليست منتجة، وإنما المنتج ما توفر أو وُجِدَ فيه الشرطان المذكوران وهي أربعة، والاثنا عشر تكون عقيمة ليست منتجة، ولا تحفظ الاثني عشر وإنما تعرفها وتضبطها من حيث وجود الشرط، فإذا انتفى الشرط بأن كانت الأولى مثلاً سالبة، أو كانت الثانية ليست كلية بل جزئية، حينئذ نقول: لا إنتاج. [فيحصل من ذلك أربع صور من ضرب الموجبتين الصُّغْرَيَيْنِ في الكليتَيْنِ الكُبْرَيَيْنِ فضروبه المنتجة أربعة]، واضح هذا؟ لأن الصغرى إذا قلنا: الإيجاب صار ماذا؟ صار ثنتين جزئية وكلية، والثانية قلنا: كلية وهي اثنتان سالبة أو موجبة، اثنان في اثنين بأربعة:

[الأول: من موجبتين كليتين نحو: كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم]، الأولى كلية وهي موجبة، والثانية كلية وهي موجبة، [والنتيجة موجبة كلية وهي كل إنسان جسم].

[الثاني: من موجبة كلية صغرى، وسالبة كلية كبرى، نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الحيوان بحجر]، انظر الأولى موجبة بقطع النظر عن كونها كلية أو لا، ولا شيء من الحيوان بحجر الثانية سالبة وهي كلية، والنتيجة سالبة كلية، وهي لا شيء من الإنسان بحجر.

[الثالث: من موجبة جزئية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، وكل إنسان ناطق، والنتيجة موجبة جزئية وهي بعض الحيوان ناطق].

[الرابع: من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الإنسان بفرس، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بفرس].

ص: 8

هذه أربعة أنواع من الشكل الأول وكلها منتجة وكلها إذا تأملتها وجدت أنها وجد فيها الشرطان، الأولى موجبة بقطع النظر عن كونها كلية أو جزئية، والثانية كلية بقطع النظر عن كونها سالبة أو موجبة، حينئذ صارت النتيجة أربعة أنواع، [وخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة كلية أو جزئية]، فلا تنتج، لو كانت الصغرى سالبة سواء كانت جزئية أو كلية، [فلا إنتاج لها مع كبريات الأربعة] الثانية، يعني يُتَصَوَّر في الأولى أن تكون ماذا؟ سالبة سواء كانت كلية أو جزئية، اثنتان سالبة جزئية، سالبة كلية، هذا انتفاء الشرط مع كبريات الأربعة التي تكون في الثانية كلية جزئية وعلى كلٍّ إما موجبة أو سالبة، اثنان في أربع بثمانية، إذًا تَخَلُّف الشرط الأول من إنتاج الشكل الأول يخرج به ثمان عقيمة، ثمانية أضرب عقيمة، ولذلك قال:[وخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة كلية أو جزئية] هذان ثنتان [فلا إنتاج لها]، لو قال لهما [مع الكبريات الأربعة]: اثنان في أربع [فهذه ثمانية كلها عقيمة] لماذا؟ لعدم توفر الشرط الأول، [وخرج باشتراط كلية الكبرى] الثاني [ما لو كانت الكبرى جزئية موجبة أو سالبة فلا إنتاج لها مع الموجبتين الصغريين]، اثنان في اثنين، [فهذه أربعة أضرب عقيمة أيضًا]، ثمانية وأربع اثنا عشر، مع الأربعة المنتجة ستة عشر، هذا الأصل لأن القسمة العقلية ستة عشر، أربعة في أربعة بستة عشر، الذي وُجِدَ منه إنتاج هو الأربعة،

[فهذه أربعة أضرب عقيمة أيضًا] وهذه أربعة أضرب عقيمة أيضًا [فعلم أن المنتج من الشكل الأول أربعة أَضْرُب، وأن العقيم منه اثنا عشر، ثمانية خارجة باشتراط إيجاب الصغرى، وأربعة خارجة باشتراط كلية الكبرى]. إذًا الذي يُضْبَط هو حقيقة الشكل الأول حمل بصغرى وضعه بكبرى يُشترط فيه إيجاب الصغرى كلية الكبرى المنتج أربعة، والأمثلة واضحة.

- - -

وَالثَّانِ أنْ يَخْتَلِفَا فِي الكَيْفِ مَعْ

كُلِّيَّةِ الكُبْرَى لَهُ شَرْطٌ وَقَعْ

(وَ) الشكل (الثَّانِ أنْ يَخْتَلِفَا) مقدمتاهما أي اختلافهما (فِي الكَيْفِ) بأن تكون إحداهما موجبة والأخرى سالبة (مَعْ كُلِّيَّةِ الكُبْرَى لَهُ) أي للشكل الثاني (شَرْطٌ وَقَعْ) أي واقع له فيصدق ذلك بكون الكبرى كلية موجبة أو سالبة، فإن كانت موجبة لم تُنتج إلا مع السالبتين الصغريين، وإن كانت سالبة لم تُنتج إلا مع الموجبتين الصغريين فضروبه المنتجة حينئذ أربعة:

الأول: من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى، نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الحجر بحيوان، والنتيجة سالبة كلية، وهي لا شيء من الإنسان بحجر.

الثاني: عكسه، نحو: لا شيء من الحجر بحيوان، وكل إنسان حيوان، والنتيجة سالبة كلية وهي لا شيء من حجر بإنسان.

الثالث: من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الفرس بإنسان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بفرس.

ص: 9

والرابع: من سالبة جزئية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: ليس بعض الحيوان بإنسان، وكل ناطق إنسان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بناطق، وخرج بشرط اختلافهما في الكيف ما لو اتفقتا بأن كانتا موجبتين أو سالبتين كليتين أو جزئيتين أو الأولى كلية والثانية جزئية أو بالعكس فلا إنتاج لها.

فهذه ثمانية أضرب خرجت باختلاف الكيف كلها عقيمة، وخرج باشتراط كلية الكبرى ما لو كانت جزئية موجبة فلا إنتاج لها مع السالبتين الصغريين، أو جزئية سالبة فلا إنتاج لها مع الموجبتين الصُّغْرَيَيْنِ، فهذه أربعة عقيمة أيضًا خرجت باشتراط كلية الكبرى فجملة عقيم اثنا عشرة نوعًا كالأول.

ــ - الشرح - ــ

[(وَ) الشكل (الثَّانِ)]، ما هو الثاني؟

لا، ما هو الشكل الثاني؟

.

حمل في الصغرى وحمل في الكبرى أن يكون محمولاً فيهما، إذًا ماذا قال فيما مضى؟ (وَحَمْلُهُ فِي الكُلِّ ثَانِيا عُرِفْ) إذًا أن يكون محمولاً في الصغرى وفي الكبرى، (وَ) الشكل (الثَّانِ أنْ يَخْتَلِفَا) يعني [مقدمتاهما أي اختلافهما (فِي الكَيْفِ) بأن تكون إحداهما موجبة والأخرى سالبة]، هذا الشرط الأول يعني يشترط لإنتاج الشكل الثاني وهو كون الحد الوسط محمولاً في المقدمتين الصغرى والكبرى شرطان:

أولاً: أن يختلف المقدمتان بالسلب والإيجاب، إذا كانت الصغرى موجبة فالكبرى سالبة، إذًا كانت الصغرى سالبة فالكبرى موجبة، إذًا سالبتان لا إنتاج، موجبتان لا إنتاج، واضح هذا؟ أن يختلفا في الكيف بأن تكون إحداهما موجبة والأخرى سالبة [(مَعْ كُلِّيَّةِ الكُبْرَى لَهُ) أي بالشكل الثاني (شَرْطٌ وَقَعْ) أي واقع له]. إذًا الشرط الثاني كلية كبرى وافق الشكل الأول؟ وافق الشكل الأول بالشرط الثاني.

إذًا يشترط لإنتاج الشرط الثاني شرطان:

ص: 10

الأول اختلافهما في الكيف الثاني كلية الكبرى، [فيصدق ذلك بكون الكبرى كلية موجبة أو سالبة]، كالشكل السابق لأنه أطلق الكلية، فالشرط الأول باعتبار الكيف والشرط الثاني باعتبار الكم، وأن تُرى كلية كبراه مع كلية الكبرى سواء كانت سالبة أو موجبة [فيصدق ذلك بكون الكبرى كلية موجبة أو سالبة فإن كانت موجبة لم تُنتج إلا مع السالبتين الصغريين]، هذا إن كانت سالبة إن كانت ماذا؟ فإن كانت موجبة، الثانية الكبرى إن كانت موجبة كلية موجبة لم تنتج إلا مع السالبتين الصغريين، [وإن كانت المقدمة الكبرى كلية سالبة لم تُنتج إلا مع الموجبتين الصغريين فضروبه المنتجة حينئذ أربعة] بالاستقراء والتتبع، يعني ما وجد فيه الشرطان السابقان. [الأول من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى]، موجبة كلية صغرى وسالبة إذًا وجد الشرط الأول الصغرى موجبة والثانية سالبة، ووجد الشرط الثاني وهو الكلية الكبرى، [نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الحجر بحيوان، والنتيجة سالبة كلية، وهي لا شيء من الإنسان بحجر]، سيأتي ضابط النتيجة كيف تأخذها من المقدمتين، [الثاني: عكسه] يعني سالبة كلية صغرى من سالبة كلية صغرى وموجبة كلية كبرى عكس السابق، [نحو: لا شيء من الحجر بحيوان، وكل إنسان حيوان، والنتيجة سالبة كلية وهي لا شيء من حجر بإنسان. الثالث: من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الفرس بإنسان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بفرس. والرابع: من سالبة جزئية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: ليس بعض الحيوان بإنسان، وكل ناطق إنسان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بناطق، تطبق عليها الشرطين حينئذ يتضح لك الأمر، وخرج بشرط اختلافهما في الكيف يعني خرج بشرط الأول ما لو اتفقتا بأن كانتا موجبتين أو سالبتين كليتين أو جزئيتين أو الأولى كلية] يعني موجبة والثانية جزئية موجبة [أو بالعكس]، الأولى موجبة جزئية والثانية موجبة كلية، إذًا إذا اتفقتا حينئذ نقول: لا إنتاج، سالبتين كليتين، أو موجبتين، أو جزئيتين سالبتين، أو موجبتين حينئذ خطأ لماذا؟ لأن الشرط الاختلاف، فإذا اتفقتا حينئذ نقول: لا إنتاج. أو الأولى موجبة كلية والثانية موجبة جزئية أو العكس [فلا إنتاج لها].

[فهذه ثمانية أضرب خرجت باختلاف الكيف كلها عقيمة]، قالوا: لأنهما إما أن يكونا موجبتين أو سالبتين وعلى كلٍّ إما أن يكونا كليتين أو جزئيتين أو الصغرى كلية والكبرى جزئية، أو الصغرى جزئية والكبرى كلية، على ما ذكره الشارح في عبارة أخرى، [فهذه ثمانية أضرب خرجت باختلاف الكيف كلها عقيمة، وخرج باشتراط كلية الكبرى ما لو كانت جزئية]، لو كانت الكبرى [جزئية موجبة] مع كون الفرض أنهما اختلفا في الكيف فحينئذ [فلا إنتاج لها مع السالبتين الصغريين، أو جزئية سالبة] يعني كانت الكبرى جزئية سالبة [فلا إنتاج لها مع الموجبتين الصُّغْرَيَيْنِ فهذه أربعة عقيمة أيضًا، خرجت باشتراط كلية الكبرى فجملة عقيم اثنا عشرة نوعًا]، يعني الشكل الثاني قريب من الشكل بل هو مطابق للشكل الأول، المنتج أربع والعقيم اثنا عشر، إذًا الشكل الثاني حمله في الكل يشترط فيه شرطان:

ص: 11

الأول: باعتبار الكيف وهو اختلافهما سلبًا وإيجابًا.

والثاني: أن تُرى كلية كبراه كالشكل الأول.

إن وجد الشرطان حينئذ الإنتاج وهو محصور في أربعة، إن تخلف أحد الشرطين أو هما فلا إنتاج وهو اثنا عشر ضربًا عقيمًا، وهذا أوضح من حيث الضبط.

- - -

وَالثَّالِثُ الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُمَا

وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً إِحْدَاهُمَا

(وَ) الشكل (الثَّالِثُ) شرطه (الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُمَا) أي المقدمتين، سواء كانت كلية أو جزئية (وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً إِحْدَاهُمَا) أي المقدمتين الصغرى أو الكبرى فإن كانت الصغرى موجبة كلية أنتجت مع الكبريات الأربع لوجود الشرطين فيها، وإن كانت موجبة جزئية لم تُنتج إلا مع الكليتين الكبريين فضروبه المنتجة ستة:

الأول: من موجبتين كليتين نحو: كل إنسان حيوان، وكل إنسان جسم، والنتيجة جزئية وهي: بعض الحيوان جسم.

الثاني: من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الإنسان بحجر، والنتيجة سالبة جزئية، وهي ليس بعض الحيوان بحجر.

الثالث: من موجبة جزئية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، وكل حيوان جسم، والنتيجة موجبة جزئية، وهي بعض الإنسان جسم.

الرابع: من موجبة كلية صغرى وموجبة جزئية كبرى نحو: كل حيوان جسم، وبعض الحيوان إنسان، والنتيجة موجبة جزئية، وهي بعض الجسم إنسان.

الخامس: من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الحيوان بحجر، والنتيجة ليس بعض الإنسان بحجر.

السادس: من موجبة كلية صغرى وسالبة جزئية كبرى نحو: كل إنسان حيوان، وبعض الإنسان ليس بكاتب، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بكاتب.

وخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة كلية أو جزئية فلا تنتج مع الكبريات الأربع، فهذه ثمانية كلها عقيمة، وباشتراط كلية إحداهما ما لو كانت الصغرى موجبة جزئية مع الجزئيتين الكبريين الموجبة والسالبة فلا إنتاج لها فهذان ضربان عقيمان فجملة عقيم هذا الشكل عشرة، والمنتج منه ستة قد تقدمت.

ــ - الشرح - ــ

يعني [(وَ) الشكل (الثَّالِثُ)] ما ضابط؟ وضعه في الكلي، أن يكون الحد الأوسط موضوعًا في الصغرى والكبرى هل يُنتج مطلقًا، لا، وإنما بشرطين:

الأول: الإيجاب في صغراهما يعني في صغرى المقدمتين أن تكون موجبة.

الثاني: أن ترى كلية إحداهما.

الشكل الأول والثاني الشرط في الكلية أن يكون مقدمة الكبرى، وأما هنا فلا، أن تكون إحدى المقدمتين كلية سواء كانت الأولى الصغرى أو الكبرى، لكن الصغرى يجب أن تكون موجبة هذان شرطان:

الأول يتعلق بالكيف.

والثاني يتعلق بالكم.

ص: 12

[(وَ) الشكل (الثَّالِثُ) شرطه (الإِيجَابُ فِي صُغْرَاهُمَا) أي المقدمتين، سواء كانت كلية أو جزئية هاتان صورتان [(وَأَنْ تُرَى كُلِّيَّةً إِحْدَاهُمَا) أي المقدمتين الصغرى أو الكبرى فإن كانت الصغرى موجبة كلية أنتجت مع الكبريات الأربع]- التي ذكرناها سابقا كلية وإما جزئية وعلى كلٍّ إما موجبة أو سالبة – [لوجود شرطين فيها، وإن كانت موجبة جزئية لم تُنتج إلا مع الكليتين الكبريين فضروبه المنتجة ستة]، زاد على الأول والثاني بضربين، إذًا الشكل الثالث الصور أو الأضرب المنتجة ستة:

[الأول: من موجبتين كليتين نحو: كل إنسان حيوان، وكل إنسان جسم، والنتيجة جزئية وهي: بعض الحيوان جسم.

الثاني: من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الإنسان بحجر، والنتيجة سالبة جزئية، وهي ليس بعض الحيوان بحجر.

الثالث: من موجبة جزئية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، وكل حيوان جسم، والنتيجة موجبة جزئية، وهي بعض الإنسان جسم.

الرابع: من موجبة كلية صغرى وموجبة جزئية كبرى نحو: كل حيوان جسم، وبعض الحيوان إنسان، والنتيجة موجبة جزئية، وهي بعض الجسم إنسان.

الخامس: من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الحيوان بحجر، والنتيجة ليس بعض الإنسان بحجر.

السادس: من موجبة كلية صغرى وسالبة جزئية كبرى نحو: كل إنسان حيوان، وبعض الإنسان ليس بكاتب، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليست بعض الحيوان بكاتب].

هذه ستة أضرب طَبِّق عليها الشرطين السابقين تجدهما كما هما [وخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة] قطعًا هذا، إذا قلنا: صغرى موجبة حينئذ إذا كانت سالبة كلية أو جزئية لا إنتاج، [وخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة كلية أو جزئية فلا تنتج مع الكبريات الأربع، فهذه ثمانية كلها عقيمة]، يعني الثانية تكون أربع أحوال اثنين في أربعة بثمانية عقيمة، [وباشتراط كلية إحداهما ما لو كانت الصغرى موجبة جزئية مع الجزئيتين الكبريين]، الأولى تكون جزئية والثانية جزئيتين كبريين حينئذ لا إنتاج لماذا؟ لأنه لم تكن إحدى المقدمتين كلية حينئذ لا إنتاج [وباشتراط كلية إحداهما ما لو كانت الصغرى موجبة جزئية مع جزئيتين كبريين الموجبة والسالبة فلا إنتاج لها فهذان ضربان عقيمان]، يعني خرج بالشرط الثاني وهو كلية إحداهما ضربان، لأنه إذا لم تكن إحداهما كلية مع كون الفرض أن الصورة موجبة، فإما أن تكون الكبرى موجبة أو سالبة هذان ضربان، وخرجا، [فجملة عقيم هذا الشكل عشرة] لأن المنتج ستة، إذا عرفت المنتج أنه ستة عرفت أن الذي خرج عشرة، [والمنتج منه ستة قد تقدمت].

- - -

وَرَابِعٌ عَدَمُ جَمْعِ الخِسَّتَيْنْ

إِلَاّ بِصُورَةٍ فَفِيهَا يَسْتَبِينْ

ص: 13

(وَرَابِعٌ) أي وشكل رابع شرطه (عَدَمُ جَمْعِ الخِسَّتَيْنْ) من جنس كسالبتين، أو جزئيتين أو من جنسين كسالبة وجزئية، ولو في مقدمة واحدة، ومحل هذا الشرط إن لم تكن الصغرى موجبة جزئية، فإن كانت موجبة جزئية فشرطه كون الكبرى سالبة كلية – كما يأتي - فإن كانت الصغرى موجبة كلية أنتجت مع غير السالبة الجزئية الكبرى، وإن كانت الصغرى سالبة كلية أنتجت مع الموجبة الكلية الكبرى، وإن كانت سالبة جزئية لم تنتج لاجتماع الخستين فيها فحصل من ذلك أربعة أضرب: ثلاثة مع الموجبة الكلية الصغرى، وواحد مع السالبة الكلية الكبرى أيضًا، وهذا كما عرفت في غير الصغرى التي استثناها المصنف بقوله:(إِلَاّ بِصُورَةٍ فَفِيهَا [يَسْتَبِينْ]) أي يظهر فيها جمع الخستين من جنسين في مقدمتين.

ــ - الشرح - ــ

ص: 14

(وَرَابِعٌ) عدم جمع الخستين إلا بصورة، إلا في الباء بمعنى في، فيها

[تستبين] وفي نسخة [يستبين] صغراهما موجبة جزئية كبراهما سالبة كلية، [(وَرَابِعٌ) أي وشكل رابع]، الشكل الرابع ليس له إلا شرط واحد، ما ضابط الشكل الرابع؟ أي عكس الأول، أي وشكل رابع [شرطه

(عَدَمُ جَمْعِ الخِسَّتَيْنْ)] يعني يُشترط لإنتاجه شرط واحد وهو (عَدَمُ جَمْعِ الخِسَّتَيْنْ)، عرفنا الخستان ما هما؟ السلب والجزئية، إلا في صورة واحدة استثناها الناظم، إلا بصورة يعني في صورة، ففيها تستبين، يعني يظهر جمع الخستين، السين هنا والتاء زائدتان، صغراهما موجبة جزئية كبراهما سالبة، إذًا اجتمع الخستان هنا إما باعتبار الاثنين أو باعتبار الواحد، يعني لو وُجد الصغرى السالبة والكبرى جزئية اجتمع خستان لكن باعتبار مقدمتين، وإن وجد أن الصغرى سالبة جزئية والكبرى كلية موجبة، كذلك وجد فيه الخستان.

ص: 15

إذًا النظر هنا من من الجهتين، عدم جمع الخستين سواء كانتا من جنسين، جنس الكم وجنس الكيف، أو من جنس واحد إلا في الصورة المستثناة، ولذلك قال الشارح:[من جنس كسالبتين] هذا خسة، أو [جزئيتين أو من جنسين كسالبة وجزئية] فهو أعم، [ولو في مقدمة واحدة] يعني قد يكون اجتماع الخستين باعتبار المقدمتين معًا، وقد يكون باعتبار مقدمة واحدة يعني النظر يكون فيه من جهتين، إما في مقدمة واحدة اجتمع فيها الخستان فلا ## فشرطه الشكل الرابع، أو باعتبار المقدمتين، [ومحل هذا الشرط] وهو عدم جمع الخستين [إن لم تكن الصغرى موجبة جزئية فإن كانت موجبة جزئية فشرطه كون الكبرى سالبة كلية] يعني الذي استثناها الناظم إلا محل - لو لم يذكره هنا كان أجود – [ومحل هذا الشرط إن لم تكن الصورة موجبة جزئية] إلا بصورة ففيها تستبين صغرهما موجبة جزئية، طيب فإن كانت موجبة جزئية فشرطه في الإنتاج كون الكبرى سالبة، كبراهما سالبة كلية، يعني محل هذا الشرط عدم اجتماع الخستين إلا في الصورة المستثناة، فاجتمع فيه خستان ومع ذلك أنتج، إلا بصورة يعني في صورة ففيها تستبين يستبين جمع الخستين ومع ذلك أنتج، يعني تخلف الشرط ووجد الإنتاج، صغراهما موجبة جزئية، هذه خسة، كبراهما سالبة، إذًا هذه خسة، نقول: هذا أنتج لكنه مستثنى [فإن كانت الصغرى موجبة كلية أنتجت مع غير السالبة الجزئية الكبرى]، إن كانت الصغرى موجبة كلية أنتجت مع غير السالبة الجزئية، السالبة الجزئية واضحة اجتمع فيها مقدمة واحدة، إذًا إذا كانت الصورة موجبة كلية وكانت الكبرى سالبة جزئية فلا إنتاج، [وإن كانت الصغرى سالبة كلية أنتجت مع الموجبة الكلية الكبرى] ولا يمكن أن تكون الكبرى سالبة كذلك لاجتماع الخستين، [وإن كانت الصغرى سالبة كلية أنتجت مع الموجبة الكلية الكبرى]، يعني الثانية لا يكون فيها ما يضاف إلى الأولى فيجتمع فيها الخستان هذا المراد، [وإن كانت سالبة جزئية لم تنتج لاجتماع الخستين]، يعني إن كانت الكبرى سالبة جزئية لم تنتج لاجتماع الخستين [فيها فحصل من ذلك أربعة أضرب: ثلاثة مع الموجبة الكلية الصغرى، وواحد مع السالبة الكلية الكبرى أيضًا، وهذا كما عرفت في غير الصغرى التي استثناها المصنف بقوله:(إِلَاّ بِصُورَةٍ فَفِيهَا يَسْتَبِينْ) أي يظهر فيها جمع خستين من جنسين في مقدمتين]، يعني يظهر فيها يعني الصغرى المستثناة جمع الخستين، من جنسين في مقدمتين، يعني موجبة مع سالبتين، إحدى المقدمتين وُجد فيها السلب، والمقدمة الأخرى وُجد فيها الجزئية ومع ذلك أنتجت.

- - -

صُغْرَاهُمَا مُوجَبَةٌ جُزْئِيِّهْ

كُبْرَاهُمَا سَالِبَةٌ كُلِّيَّهْ

فعلم من ذلك أن ضروب المنتجة خمسة:

الأول: من موجبتين كليتين نحو: كل إنسان حيوان، وكل ناطق إنسان، والنتيجة موجبة جزئية وهي: بعض الحيوان ناطق.

الثاني: من موجبتين الصغرى كلية والكبرى جزئية، كقولنا: كل إنسان حيوان، وبعض الجسم إنسان، والنتيجة جزئية، وهي: بعض الحيوان جسم.

الثالث: من سالبة كلية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: لا شيء من الإنسان بفرس، وكل ناطق إنسان، والنتيجة سالبة كلية وهي: لا شيء من الفرس بناطق.

ص: 16

الرابع: من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الفرس بإنسان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بفرس.

الخامس: وهو صورة الاستثناء من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الحجر بحيوان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الإنسان بحجر.

وخرج باشتراط عدم جمع الخستين إن لم تكن الصورة موجبة جزئية والكبرى سالبة كلية ما لو اجتمعا فلا إنتاج وذلك صادق بكون الصغرى موجبة كلية والكبرى سالبة جزئية، وبكون الصغرى سالبة كلية والكبرى غير الموجبة الكلية، وبكون الصغرى سالبة جزئية مع الكبريات الأربع، فهذه ثمانية كلها عقيمة، وباشتراط كون الكبرى سالبة كلية فيما إذا كانت الصغرى موجبة جزئية ما لو كانت الكبرى غير السالبة الكلية بأن كانت موجبة كلية أو جزئية أو سالبة جزئية فلا إنتاج حينئذ، فهذه ثلاثة أضرب عقيمة أيضًا، وجملة عقيم هذا الشكل أحد عشر. وقد أشار المصنف إلى منتج كل شكل ويعلم من عقيمه بأن ضروب كل شكل بحسب القسمة العقلية ستة عشر، من ضرب الصغريات الأربع الموجبات والسالبات في الكبريات الأربع كذلك، فإذا ذُكِرَ مُنْتِجُهَا عُلِمَ أن الباقي من الستة عشر عقيم.

ــ - الشرح - ــ

[فعلم من ذلك أن ضروب المنتجة هي خمسة:

الأول: من موجبتين كليتين نحو: كل إنسان حيوان، وكل ناطق إنسان، والنتيجة موجبة جزئية وهي: بعض الحيوان ناطق.

الثاني: من موجبتين الصغرى كلية والكبرى جزئية، كقولنا: كل إنسان حيوان، وبعض الجسم إنسان، والنتيجة جزئية، وهي: بعض الحيوان جسم.

الثالث: من سالبة كلية صغرى وموجبة كلية كبرى نحو: لا شيء من الإنسان بفرس، وكل ناطق إنسان، والنتيجة سالبة كلية وهي: لا شيء من الفرس بناطق.

الرابع: من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الفرس بإنسان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الحيوان بفرس.

الخامس: وهو صورة الاستثناء من موجبة جزئية صغرى وسالبة كلية كبرى نحو: بعض الحيوان إنسان، ولا شيء من الحجر بحيوان، والنتيجة سالبة جزئية وهي: ليس بعض الإنسان بحجر].

هذا المنتج كم؟ خمسة، وشرطه عدم اجتماع الخستين إلا في الصورة التي ذكرها الناظم [وخرج باشتراط عدم جمع الخستين إن لم تكن الصورة موجبة جزئية والكبرى سالبة كلية ما لو اجتمعا فلا إنتاج [، يعني اجتمع الخستان فلا إنتاج سواء باعتبار مقدمة واحدة أو باعتبار مقدمتين، [وذلك أي الاجتماع صادق بكون الصغرى موجبة كلية والكبرى سالبة جزئية، وبكون الصغرى سالبة كلية والكبرى غير الموجبة الكلية، وبكون الصغرى سالبة جزئية مع الكبريات الأربع، هذه ثمانية كلها عقيمة، وباشتراط كون الكبرى سالبة كلية فيما إذا كانت الصغرى موجبة جزئية ما لو كانت الكبرى غير السالبة الكلية بأن كانت موجبة كلية أو جزئية أو سالبة جزئية فلا إنتاج حينئذ، فهذه ثلاثة أضرب عقيمة أيضًا وجملة عقيم هذا الشكل أحد عشر]. وتضبط الشرط وتحققه على المنتج فتتضح لك الصور.

- - -

فَمُنْتِجٌ لِأَوَّلٍ أَرْبَعَةُ

كَالثَّانِ ثُمَّ ثَالِثٌ فَسِتَّةُ

ص: 17

وَرَابِعٌ بِخَمْسَةٍ قَدْ أَنْتَجَا

وَغَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ لَنْ يُنْتِجَا

وَتَتْبَعُ النَّتِيْجَةُ الأَخَسَّ مِنْ

تِلْكَ المُقَدِّمَاتِ هَكَذَا زُكِنْ

فقال: (فَمُنْتِجٌ لِأَوَّلٍ) أي فالمنتج للشكل الأول (أَرْبَعَةُ كَالثَّانِ) أي وهو كالثاني فيكون منتجه أربعة وعقيم كل منهما اثني عشر، (ثُمَّ ثَالِثٌ فَـ) فمنتجه (سِتَّةُ) وعقيمه عشرة، (وَ) شكل (رَابِعٌ بِخَمْسَةٍ قَدْ أَنْتَجَا) أي أنتج خمسة فعقيمه أحد عشر (وَغَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ) من الضروب التي لم تستوف شروط الإنتاج (لَنْ يُنْتِجَا) بل هو عقيم، وقد تقدم بيان ذلك مستوفيًّا في كل شكل.

(وَتَتْبَعُ النَّتِيْجَةُ الأَخَسَّ مِنْ ** تِلْكَ المُقَدِّمَاتِ .. ) أي من مقدمتي القياس، وهو ما فيه سلب أو جزئية، فإذا كانت إحدى المقدمتين سالبة كقولنا: كل إنسان ناطق، ولا شيء من الناطق بصاهل، كانت النتيجة سالبة وهي: لا شيء من الإنسان بصاهل، وإن كانت إحدى المقدمتين جزئية كقولنا بعض الحيوان إنسان، وكل إنسان ناطق، كانت النتيجة جزئية وهي: بعض الحيوان ناطق (هَكَذَا زُكِنْ) أي علم.

ــ - الشرح - ــ

(فَمُنْتِجٌ) هذه الفاء سببية لأن ما تقدم سبب لما سيذكره، (فَمُنْتِجٌ لِأَوَّلٍ) اللام بمعنى من أو على تقدير مضاف والأصل فمنتج من ضروب الأول أو من ضروب أول يعني الشكل الأول أربعة، كالثاني يعني كالمنتج من الثاني، كل منهما أربعة، ثم ثالث فستة، فستة الفاء زائدة وستة هذا خبر لمحذوف، أي فالمنتج له ستة، (وَرَابِعٌ) أي (وَرَابِعٌ بِخَمْسَةٍ قَدْ أَنْتَجَا) بخمسة متعلق بقوله (قَدْ أَنْتَجَا) والألف للإطلاق يعني الشكل الرابع قد أنتج بخمسة أضرب (وَغَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ لَنْ يُنْتِجَا).

إذًا المنتج من الأشكال الأربعة كم؟ أربعة وأربعة ثمانية، وستة أربعة عشر، وخمسة تسعة عشر.

إذًا المنتج من الأشكال تسعة عشر تحفظها بشروطها فقط. [وقد أشار المصنف إلى منتج كل شكل ويعلم من عقيمه بأن ضروب كل شكل بحسب القسمة العقلية ستة عشر، من ضرب الصغريات الأربع الموجبات والسالبات في الكبريات الأربع كذلك]، يعني أربعة في أربعة ستة عشر، [فإذا ذُكِرَ مُنْتِجُهَا عُلِمَ أن الباقي من الستة عشر عقيم]. فقال:

(فَمُنْتِجٌ لِأَوَّلٍ) أي فالمنتج للشكل الأول (أَرْبَعَةُ كَالثَّانِ) أي وهو كالثاني فيكون منتجه أربعة وعقيم كل منهما اثني عشر، (ثُمَّ ثَالِثٌ) فمنتجه

(فَسِتَّةُ) وعقيمه عشرة، (و) شكل (وَرَابِعٌ بِخَمْسَةٍ قَدْ أَنْتَجَا) أي أنتج خمسة فعقيمه أحد عشر (وَغَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ) من الضروب التي لم تستوف شروط الإنتاج (لَنْ يُنْتِجَا) بل هو عقيم، وقد تقدم بيان ذلك مستوفيًّا في كل شكل.

وَتَتْبَعُ النَّتِيْجَةُ الأَخَسَّ مِنْ

تِلْكَ المُقَدِّمَاتِ هَكَذَا زُكِنْ

ص: 18

(وَتَتْبَعُ النَّتِيْجَةُ الأَخَسَّ) هذه أفعل ليست على بابها (مِنْ تِلْكَ المُقَدِّمَاتِ هَكَذَا زُكِنْ) أي علم أي من مقدمتي القياس، مقدمات جمع فسره الشارح بالمقدمتين، [وهو ما فيه سلب أو جزئية، فإذا كانت إحدى المقدمتين سالبة] حينئذ النتيجة تكون سالبة تتبع الأخس، وإذا كانت إحدى المقدمتين جزئية كانت النتيجة جزئية يعني تتبع الأخس في السلب [والجزئية، كقولنا: كل إنسان ناطق، ولا شيء من الناطق بصاهل، كانت النتيجة سالبة وهي: لا شيء من الإنسان بصاهل، وإن كانت إحدى المقدمتين جزئية كقولنا بعض الحيوان إنسان، وكل إنسان ناطق، كانت النتيجة جزئية وهي: بعض الحيوان ناطق (هَكَذَا زُكِنْ) أي علم]. إذًا النتيجة في استحصالها كيف متى نقول هي سالبة. ومتى نقول هي موجبة. ومتى نقول هي جزئية؟ ومتى نقول هي كلية؟ نقول: ننظر في المقدمتين الأخس إن وجد جزئية فهي جزئية، وإن وجد سلب فهي سالبة وإلا على الأصل.

- - -

وَهَذِهِ الأَشْكَالُ بِالحَمْلِىِّ

مُخْتَصَّةٌ وَلَيْسَ بِالشَّرْطِيِّ

(وَهَذِهِ الأَشْكَالُ بِالحَمْلِىِّ) أي وهذه الأشكال الأربعة (مُخْتَصَّةٌ) بالحملي من القضايا (وَلَيْسَ) ما ذكر من الأشكال الأربعة بالشرطي وهذا رأي ضعيف، والصحيح جريان الأشكال لأربعة في الحمليات والشرطيات كما تقدم التنبيه عليه والتمثيل له.

ــ - الشرح - ــ

(وَهَذِهِ الأَشْكَالُ بِالحَمْلِىِّ) يعني بالقياس الحملي (مُخْتَصَّةٌ وَلَيْسَ بِالشَّرْطِيِّ) هذا تصريح بما بما عُلم [أي وهذه الأشكال الأربعة (مُخْتَصَّةٌ) بالحملي من القضايا (وَلَيْسَ) ما ذكر من الأشكال الأربعة بالشرطي] وليس ما ذكر، ما قال: وليست. ولذلك أوله الشارح وليس ما ذكر يعني اسم ليس يعود إلى مذكر، وليس ما ذكر من الأشكال الأربعة بالشرطي

[وهذا رأي ضعيف، والصحيح جريان الأشكال لأربعة في الحمليات والشرطيات كما تقدم التنبيه عليه والتمثيل له] فيما مضى من الاقتراني.

- - -

وَالحَذْفُ فِي بَعْضِ المُقَدِّمَاتِ

أَوِ النَّتِيْجَةِ لِعِلْمٍ آتٍ

وَتَنْتَهِي إِلَى ضَرُورَةٍ لِمَا

مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ قَدْ لَزِمَا

ص: 19

(وَالحَذْفُ فِي بَعْضِ المُقَدِّمَاتِ) أي حذف إحدى المقدمتين (أَوِ النَّتِيْجَةِ لِعِلْمٍ) بالمحذوف (آتٍ) أي جائز، كقولنا: هذا يحدّ لأنه زان، فإن المعنى وكل زان يُحدّ، فقد حذفت الكبرى [الكبرى] وكقولنا: هذا زان، وكل زان يحدّ، فقد حذفت النتيجة، لأن المعنى هذا يحدُّ، فحذفت للعلم بها من القياس. (وَتَنْتَهِي) أي المقدمات (إِلَى) ذي

(ضَرُورَةٍ) إن لم تكن هي ضرورية، (لِمَا) يلزم على تقدير عدم انتهائها إلى ضرورة (مِنْ دَوْرٍ)، وهو توقف الآخر على ما يتوقف عليه (اوْ تَسَلْسُلٍ) وهو ترتب أمر على أمر إلى ما لا نهاية له، (قَدْ لَزِمَا)، فلزوم الدور فيما إذا استدل على المتأخر بما يتوقف عليه ذلك المتأخر، ولزوم التسلسل فيما إذا توقف الأول على أدلة مترتبة لا غاية لها، فإن انتهى الأمر إلى دليل غير ضروري مقدماته ولا مسلمة لم يكف. مثال ما مقدماته ضرورية هذا العدد ينقسم إلى متساويين، وكل منقسم كذلك زوج، ومثال ما مقدماته نظرية قولك: العالم صفاته حادثة، وكل من صفاته حادثة فهو حادث، فنستدل على الصغرى بقولنا: صفاته متغيرة، وكل متغير حادث، والأولى من هاتين المقدمتين ضرورية للمشاهدة، ونستدل على الثانية منهما بالتغير إن كان من عدم إلى وجود كان الوجود طارئًا، أو من وجود إلى عدم كان الوجود جائزًا، والجائز لا يقع إلا حادثًا، ونستدل على الكبرى من القياس الأول بقولنا: كل من كان صفاته حادثة لا يعرى عن الحوادث، وكل من لا يعرى عن الحوادث لا يسبقها، وكل من لا يسبق الحوادث فهو حادث، فقد انتهينا إلى الضرورة، ولا عبرة باعتبار بعض الفلاسفة على بعض تلك المقدمات فإن ذلك مكابرة.

ــ - الشرح - ــ

وَالحَذْفُ فِي بَعْضِ المُقَدِّمَاتِ

أَوِ النَّتِيْجَةِ لِعِلْمٍ آتٍ

ما علم من المقدمتين أو النتيجة جاز حذفه في الذكر فلا يذكر، يعني جاز أن يطوى إذا كان إحدى المقدمتين معلومة عند المخاطب حينئذ جاز حذفها، كذلك النتيجة يجوز حذفها، ولذلك كثيرًا ما يقولون: العالم متغير، وكل متغير حادث، ويسكتون يعني لا يذكروا النتيجة لماذا؟ لأنها معلومة (وَالحَذْفُ فِي بَعْضِ المُقَدِّمَاتِ) في هذه بمعنى اللام أي لبعضها، والمراد إحداها، إما الصغرى وإما الكبرى، (فِي بَعْضِ المُقَدِّمَاتِ) يعني بعضها، إذًا حذف الصغرى والكبرى معًا أصلاً إنه لا يجوز، أو النتيجة يعني حذف النتيجة مع ذكر المقدمتين (لِعِلْمٍ) أي عند العلم بالمحذوف، واللام بمعنى عند (آتٍ) هذا متعلق بقوله:(لِعِلْمٍ)، [(وَالحَذْفُ فِي بَعْضِ المُقَدِّمَاتِ) أي حذف إحدى المقدمتين (أَوِ النَّتِيْجَةِ لِعِلْمٍ) بالمحذوف (آتٍ) أي جائز، كقولنا: هذا يحد لأنه زان، فإن المعنى وكل زان يُحدّ، فقد حذفت الكبرى (الكبرى)] كرر الكبرى هنا، [وكقولنا: هذا زان، وكل زان يحد، فقد حذفت النتيجة] يعني النتيجة هذا يحد، هذا يحد لأنه زان، هذا يحد هذه النتيجة هذا يحد لأنه زان حينئذ حذف الكبرى كل زان يحد،

[وكقولنا: هذا زان، وكل زان يحد، فقد حذفت النتيجة لأن المعنى هذا يحدُّ فحذفت للعلم بها من القياس].

ص: 20

وَتَنْتَهِي إِلَى ضَرُورَةٍ لِمَا

مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ قَدْ لَزِمَا

[(وَتَنْتَهِي) أي المقدمات] من حيث النتيجة [(إِلَى) ذي (ضَرُورَةٍ)] يعني مقدمة ضرورية متى؟ [إن لم تكن هي ضرورية (إِلَى)] ذي لو قال: إلى ذات لكان أولى، [(إِلَى) ذي (ضَرُورَةٍ)] يعني صاحب ضرورة، لو قال: صاحبة كان أولى [إن لم تكن ضرورية (لِمَا مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ)، (لِمَا) يلزم على تقدير عدم انتهائها إلى ضرورة]، (مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ)، [(من دور) وهو توقف الآخر على ما يتوقف عليه (اوْ تَسَلْسُلٍ) وهو ترتب أمر على أمر إلى ما لا نهاية له، (قَدْ لَزِمَا)] يعني المقصود النتيجة لا بد أن تكون ضرورية، [فلزوم الدور فيما إذا استدل] أو استدل [على المتأخر بما يتوقف عليه ذلك المتأخر، ولزوم التسلسل فيما إذا توقف الأول على أدلة مترتبة لا غاية لها، فإن انتهى الأمر إلى دليل غير ضروري مقدماته ولا مسلمة لم يكف]، لا بد أن تكون المقدمة ضرورية أو مسلمة عند الخصم، [مثال ما مقدماته ضرورية هذا العدد ينقسم إلى متساويين وكل منقسم كذلك زوج]، هذا مسلم، وهذا من الضرورة، كل ما كان منقسمًا إلى اثنين متساويين فهو زوج، [ومثال ما مقدماته نظرية قولك العالم صفاته حادثة، وكل من صفاته حادثة فهو حادث، فنستدل على الصغرى]، إذًا إذا لم تكن إحدى المقدمتين ضرورية أو مسلمة لا بد من استدلال لها، يعني لا تذكر المقدمة هكذا، بل لا بد من ذكر دليلها، قد يكون الدليل مشاهد، وقد يكون محسوسًا، وقد يكون مسلمًا .. إلى آخره، [فنستدل على الصغرى بقولنا: صفاته متغيرة، وكل متغير حادث، والأولى من هاتين المقدمتين] صفاته متغيرة

[ضرورية للمشاهدة] تراه بعينك، [ونستدل على الثانية منهما بالتغير إن كان من عدم إلى وجود كان الوجود طارئًا]، يعني كل متغير حادث نستدل عليها بماذا؟ للتغير [إن كان من عدم إلى وجود كان الوجود طارئًا] فهو حادث [أو من وجود إلى عدم كان الوجود جائزًا، والجائز لا يكون إلا حادثًا، ونستدل على الكبرى من القياس الأول] السابق، وكل من صفاته حادث فهو حادث، [بقولنا: كل من كان صفاته حادثة لا يعرى عن الحوادث، وكل من لا يعرى عن الحوادث لا يسبقها، وكل من لا يسبق الحوادث فهو حادث، فقد انتهينا إلى الضرورة، ولا عبرة باعتبار بعض الفلاسفة على بعض تلك المقدمات فإن ذلك مكابرة].

المقصود أن النتيجة أو المقدمات تنتهي إلى ضرورة، فإن لم تكن حينئذ نحتاج إلى الاستدلال، وقد يُسلم، وقد لا يُسلم.

وَتَنْتَهِي إِلَى ضَرُورَةٍ لِمَا

مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ .........

قال في الشرح: [إن لم تكن ضرورية]، إن كانت ضرورية فلا إشكال فيها، ولذلك.

فَإِنَّ لَازِمَ المُقَدِّمَاتِ

بِحَسَبِ المُقَدِّمَاتِ آتِ

إذا كانت المقدمات يقينية حينئذ لزم منها أن تكون النتيجة يقينية، إذا كانت نظرية لا بد أن تكون النتيجة ضرورية، لأنه لو لم تكن ضرورية حينئذ لزم الدور أو التسلسل.

- - -

فَصْلٌ فِي القِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ

وَمِنْهُ مَا يُدْعَى بِالِاسْتِثْنَائِي

يُعْرَفُ بِالشَّرْطِي بِلَا امْتِرَاءِ

ص: 21

وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ

أَوْ ضِدِّهَا بِالفِعْلِ لَا بِالقُوَّةِ

فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ ذَا اتِّصَالِ

أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ وَضْعَ التَّالِي

وَرَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ وَلَا

يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا لِمَا انْجَلَى

(فَصْلٌ فِي القِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ). (وَمِنْهُ) أي القياس (مَا) أي الذي (يُدْعَى) أي يسمى (بِالِاسْتِثْنَائِي) لاشتماله على أداة الاستثناء وهي لكن - كما سيأتي - (يُعْرَفُ) ذلك القياس الاستثنائي (بِالشَّرْطِي) لاشتماله على مقدمة شرطية، وتُسمى الكبرى، والمشتملة على أداة الاستثناء صغرى.

(بِلَا امْتِرَاءِ) أي شك، كمَّل به البيت، وعرف القياس الاستثنائي بقوله:(وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ** أَوْ ضِدِّهَا) أي نقيضها بأن تكون مذكورة فيه أو نقيضها (بِالفِعْلِ) أي بصورتها (لَا بِالقُوَّةِ) أي لا تكون متفرقة الأجزاء كما في القياس الاقتراني، فإن نتيجته قد ذُكرت، لكنها متفرقة الأجزاء في مقدمتيه موضوعها في الصغرى ومحمولها في الكبرى. وأما القياس الاستثنائي ففيه عين النتيجة، أو نقيضها بصورته كما يأتي

(فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ) أي القضية الشرطية، وذَكَّرَ باعتبار كونها قولاً (ذَا اتِّصَالِ) أي هي ذات اتصال أي متصلة (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ) المقدم أي إثباته (وَضْعَ التَّالِي) أي إثباته (وَ) أنتج (رَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ) مثال ذلك كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه إنسان ينتج فهو حيوان، فقد أنتج إثبات المقدم إثبات التالي لأن المقدم ملزوم، والتالي لازم، ويلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، ولو قلت في هذا المثال: لكنه ليس بحيوان أنتج فهو ليس بإنسان، لأن رفع اللازم يوجب رفع الملزوم، فعلم أن المنتج منه ضربان (وَلَا يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا) أي لا يلزم الإنتاج من عكسهما أي من وضع التالي أو رفع المقدم، فلو قلت في المثال المتقدم: لكنه حيوان لم ينتج إنه إنسان لأن اللازم قد يكون أعم من الملزوم، ولا يلزم من إثبات الأعم إثبات الأخص، وكذا لو قلت: لكنه ليس بإنسان لا ينتج شيئًا لأن رفع الأخص لا يوجب رفع العام، والملزوم هنا أخص من لازمه، وهذا معنى قوله:(لِمَا انْجَلَى). أي لما اتضح من أن التالي لازم، وقد يكون أعم من ملزومه، فلا يلزم من إثباته إثبات ملزومه، ولا من نفي ملزومه نفيه، فهذان الضربان عقيمان.

ــ - الشرح - ــ

ص: 22

(فَصْلٌ فِي القِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ) هذا النوع الثاني من نوعي القياس، الأول الاقتراني، والثاني الاستثنائي (فَصْلٌ فِي القِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ) قال:

[(وَمِنْهُ) أي القياس] من حيث هو عاد الضمير إلى مطلق القياس [(مَا) أي الذي (يُدْعَى) أي يسمى (بِالِاسْتِثْنَائِي)] لماذا؟ [لاشتماله على أداة الاستثناء وهي لكن]، هل لكن أداة استثناء ليس أداة استثناء، وإنما لما أفادت ما قد يفيده الاستثناء سميت استثناءً، وإلا لكن ليست للاستثناء وإنما هي للاستدراك، وسميت أداة استثناء مع كونها أداة استدراك لشبه الاستدراك بالاستثناء لإحداثه فيما قبله شيئا لم يوجد فيه. إذًا يُسمى بالاستثناء لماذا لاشتماله على أداة الاستثناء وهي لكن، سميت أداة استثناء وهي أداة استدراك في الأصل لأنها تحدث فيما قبلها مثل ما يحدثه الاستثناء، يعني فيه عطف على ما سبق، وفيه إخراج كما هو الشأن في الاستثناء [(يُعْرَفُ) ذلك القياس الاستثنائي (بِالشَّرْطِي) لاشتماله على مقدمة شرطية، وتُسمى الكبرى، والمشتملة على أداة الاستثناء الصغرى]. إذًا هذا النوع من القياس له اسمان، استثنائي لوجود لفظ لكن، ويُسمى بالشرطي لوجد إحدى المقدمتين وهي شرطية، إذًا الاستثنائي قياس مؤلف من مقدمتين إحداهما شرطية وتُسمى كبرى، والأخرى استثنائية وتُسمى صغرى. إذًا الصغرى هي الاستثنائية، والكبرى هي الشرطية، ولذلك يُسمى باسمين:

الأول: الاستثنائي لاشتماله على أداة الاستثناء.

والثاني: بالشرطي لاشتماله على الشرطية.

وإنما سميت الشرطية كبرى والاستثنائية صغرى لأن ألفاظ الاستثنائية على نحو النصف من ألفاظ الشرطية، يعني قد يقال لماذا قلنا: الاستثنائية هي الصغرى والشرطية هي الكبرى؟ نقول: الشرطية ألفاظها كثيرة، والاستثنائية مؤلفة من كلمتين، لكنه إنسان، كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود لكنه موجود. الثانية استثنائية وهي على النصف مما سبق [وعرَّفه الناظم بقوله: نعم] (1)[(بِلَا امْتِرَاءِ) أي بلا شك كمَّل به البيت، وعرف القياس الاستثنائي بقوله:]

وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ

أَوْ ضِدِّهَا ................

الاقتراني ما دل على النتيجة بالقوة يعني لا بصورتها بل بأجزائها متفرقة في المقدمتين، هنا إما عينها النتيجة، وإما ضدها يعني موجود في القياس (وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ) يعني ضد النتيجة [أي نقيضها بأن تكون] النتيجة [مذكورة فيه] يعني في القياس بنصها [أو نقيضها (بِالفِعْلِ) أي بصورتها (لَا بِالقُوَّةِ) أي لا تكون متفرقة الأجزاء كما في القياس الاقتراني، فإن نتيجته قد ذُكرت، لكنها متفرقة الأجزاء في مقدمتيه موضوعها في الصغرى ومحمولها في الكبرى]- كما مر معنا – [وأما القياس الاستثنائي ففيه عين النتيجة] بلفظها الموضوع والمحمول، [أو نقيضها بصورته كما يأتي].

قال: (وَهْوَ الَّذِي)، إذًا:

وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ

أَوْ ضِدِّهَا بِالفِعْلِ .........

(1) سبق.

ص: 23

(ضِدِّهَا) المراد به الضد اللغوي وهو مطلق المنافي، (لَا بِالقُوَّةِ)، إذا قال بالفعل فُهم أنه لا بالقوة، إذًا هذا يكون تصريحًا بالمفهوم يعني أن القياس الاستثنائي هو الذي دل على النتيجة بالفعل أو على ضدها كذلك. قال:

فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ ذَا اتِّصَالِ

أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ وَضْعَ التَّالِي

وَرَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ وَلَا

يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا لِمَا انْجَلَى

الشرطية مرَّ معنا أنها إما متصلة وإما منفصلة، (فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ) هذا بيان كيفية إنتاج القياس الشرطي (فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ ذَا اتِّصَالِ) يعني متصلة [(فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ ذَا اتِّصَالِ) أي القضية الشرطية وذَكَّرَ باعتبار كونها قولاً]، ولم يقل: تك، قال: يك [(ذَا اتِّصَالِ) أي هي ذات اتصال أي متصلة (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ وَضْعَ التَّالِي)، (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ)] ذاك المراد به [المقدم أي إثباته]، الوضع هنا المراد به الإثبات والرفع المراد به النتيجة [(أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ) أي المقدم أي إثباته (وَضْعَ التَّالِي) أي إثباته (وَ) أنتج (وَرَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ)] يعني إذا نفي التالي يُنتج ماذا؟ رفع الأول على النص الذي ذكره الناظم (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ) أي المقدم إثباته (وَضْعَ التَّالِي) أي أنتج إثبات المقدم في الاستثنائية إثبات التالي في النتيجة، [مثال ذلك] مثال يتضح به المقال [كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه إنسان]، أين الشرطية؟ كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا، أين المقدم؟ هذا إنسان، أين التالي؟ حيوان، لكنه إنسان، هذه استثنائية ماذا صنعت؟ أثبت المقدم صحيح؟ إذًا أثبت المقدم لكنه إنسان هنا إثبات المقدم يُنتج ماذا؟

إثبات التالي، إذا أَثْبَتَ المقدم حينئذ أنتج في النتيجة إثبات التالي، ولذلك قال: أنتج وضع ذاك وضع، إذا أُثْبِتَ المقدم عين المقدم عينه بلفظه لا بنقيضه حينئذ أَثْبَتَ التالي، فإذا قلت: كل ما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا، هذه شرطية مؤلفة من مقدم وتالي المقدم إنسان والتالي حيوان، لكنه هو إنسان هذا إثبات، أَثْبَتَ ماذا؟ أَثْبَتَ عين المقدم، أنتج عين التالي فهو حيوان، [فقد أنتج إثبات المقدم] وهو إنسان [إثبات التالي] وهو حيوان، لماذا؟ [لأن المقدم] الذي هو إنسان [ملزوم، والتالي لازم، ويلزم من وجود الملزوم وجود اللازم]، إذا قلت: هذا إنسان لزم منه [ها ها] أنه حيوان، لماذا؟ لأن الإنسان ملزوم والحيوان لازم، فحينئذ يلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، [ولو قلت في هذا المثال: لكنه ليس بحيوان] أَثْبَتَ ماذا؟ نقيض التالي [أنتج فهو ليس بإنسان]، لأن نفي اللازم [لأن رفع اللازم] نفي اللازم [يوجب رفع الملزوم] إذا قلت: هذا ليس بحيوان. إذًا ليس بإنسان، واضح هذا؟ وإذا أنتج (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ وَضْعَ التَّالِي)، (وَرَفْعُ تَالٍ) يعني نفيه، نفي أنه ليس بحيوان، (رَفْعَ أَوَّلٍ) لكنه ليس بإنسان، واضح؟ في إشكال؟ طيب.

ص: 24

إذًا مثال ذلك كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه إنسان يُنتج فهو حيوان، فقد أنتج إثبات المقدم الذي هو إنسان، إثبات التالي الذي هو حيوان، لماذا؟ لأن المقدم ملزوم وهو الإنسان، والتالي لازم وهو الحيوان، ويلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، ولو قلت في هذا المثال: لكنه ليس بحيوان. هنا استثنيت رفع أو نفيت التالي، أنتج رفع المقدم فهو ليس بإنسان، لأن رفع اللازم ونفيه يوجب رفع الملزوم وهو # 1.04.36 .. [فعلم أن المنتج منه ضربان] نفيًا وإثباتًا، (وَلَا يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا)، ما هو عكسهما؟ انظر إلى البيت (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ وَضْعَ التَّالِي) عكسه: وضع التالي وضع المقدم، لا ينتج (وَرَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ) عكسه: رفع أول رفع تالي، لا ينتج، واضح هذا؟ تربطه بالبيت وهذا الفائدة من الحفظ نعم، [(وَلَا يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا) أي لا يلزم الإنتاج في عكس من عكسهما أي من وضع التالي أو رفع المقدم] على عكس السابق، [فلو قلت في المثال المتقدم: لكنه حيوان لم ينتج إنه إنسان]، المثال السابق كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه حيوان، فهو إنسان؟ لا، لأن إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص. إذًا إذا أثبت التالي لا يلزم منه إثبات المقدم، فإذا قلت: كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه حيوان، لا يلزم فهو إنسان، لأن إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص، لكنه حيوان لم ينتج إنه إنسان، لماذا؟ لأن اللازم هنا حيوان قد يكون أعم من الملزوم الذي هو إنسان ولا يلزم من إثبات الأعم إثبات الأخص، وكذا لو قلت: لكنه ليس بإنسان يعني رفع تالي رفع أول، رفع المقدم لو قلت ماذا؟ المثال السابق كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه ليس بإنسان، لا ينتج شيئًا، لماذا؟ لأنك نفيت الأخص، لا ينتج شيئًا لأن رفع الأخص وهو إنسان لا يوجب رفع الأعم وهو حيوان، فإذا قيل: لكنه ليس بإنسان، لا يلزم رفع الثاني وهو ليس بحيوان، لماذا؟ لأنك إذا نفيت كونه إنسانًا لا يلزم منه نفي أنه حيوان لأنه قد يكون فرسًا [لأن رفع الأخص] وهو إنسان [لا يوجب رفع العام] وهو حيوان، [والملزوم هنا أخص من لازمه]، الإنسان أخص من الحيوان، فنفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، [وهذا معنى قوله:(لِمَا انْجَلَى). أي لما اتضح من أن التالي لازم، وقد يكون أعم من ملزومه] المقدم، [فلا يلزم من إثباته] يعني الأعم [إثبات ملزومه] وهو الأخص، [ولا من نفي يعني رفع ملزومه نفيه، فهذان الضربان عقيمان].

إذًا (فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ ذَا اتِّصَالِ) الشرطية المتصلة أضربها أربعة: اثنان منتجان، واثنان عقيمان. إثبات المقدم يُنتج إثبات التالي، رفع التالي يُنتج رفع الأول، عكسهما لا إنتاج ضربان عقيمان وضربان منتجان.

- - -

وَإِنْ يَكُنْ مُنْفَصِلاً فَوَضْعُ ذَا

يُنْتِجُ رَفْعَ ذَاكَ وَالعَكْسُ كَذَا

وَذَاكَ فِي الأَخَصِّ ثُمَّ إِنْ يَكُنْ

مَانِعَ جَمْعٍ فَبِوَضْعِ ذَا زُكِنْ

رَفْعٌ لِذَاكَ دُونَ عَكْسٍ وَإِذَا

مَانِعَ رَفْعٍ كَانَ فَهْوَ عَكْسُ ذَا

ص: 25

(وَإِنْ يَكُنْ) القياس الشرطي (مُنْفَصِلاً) أي إن تكن القضية الشرطية منفصلة فهي على ثلاثة أقسام: حقيقية، ومانعة جمع، ومانعة خلو. فإن كانت حقيقية (فَوَضْعُ ذَا) أي أحد طرفيها (يُنْتِجُ رَفْعَ ذَاكَ) الآخر (وَالعَكْسُ كَذَا) أي ورفع أحد طرفيها يُنتج وضع الآخر كقولنا: الموجود إما قديم أو حادث لكنه قديم، يُنتج أنه ليس بحادث، أو لكنه حادث، يُنتج أنه ليس بقديم، فلو قلت: لكنه ليس بقديم، أنتج أنه حادث، أو أنه ليس بحادث أنتج أنه قديم، فقد أنتج وضع أحد الطرفين رفع الآخر، ورفع أحد الطرفين ووضع الآخر، وهو المراد بقوله:(وَذَاكَ فِي الأَخَصِّ). أي في الحقيقية، فإن كانت المنفصلة مانعة جمع فقد أشار إليها بقوله:(ثُمَّ إِنْ يَكُنْ) أي الشرطي بمعنى القضية الشرطية (مَانِعَ جَمْعٍ فَبِوَضْعِ ذَا) أي أحد طرفيها (زُكِنْ) أي علم. (رَفْعٌ لِذَاكَ) أي الطرف الآخر لمنعها الجمع بينهما (دُونَ عَكْسٍ) فلا يلزم من رفع أحد طرفيها وضع الآخر لجواز الخلو عنهما، مثال ذلك أن تقول: هذا إما أسود أو أبيض لكنه أسود، يُنتج أنه غير أبيض، أو لكنه أبيض ينتج أنه غير أسود، ولو قلت: لكنه ليس بأسود لم ينتج أنه أبيض ولا غير أبيض، وكذا لو قلت: لكنه ليس بأبيض لم ينتج أنه أسود أو غير أسود، وإن كانت القضية المنفصلة مانعة خلو فقد أشار إليها بقوله:(وَإِذَا مَانِعَ رَفْعٍ كَانَ) أي وإن كانت القضية الشرطية مانعة خلو (فَهْوَ عَكْسُ ذَا) أي فالقضية مانعة الخلو عكس مانعة الجمع بمعنى أن رفع أحد طرفيها يُنتج وضع الآخر لمنعها$ الخلو عنهما، ووضع أحد طرفيها لا ينتج شيئًا لجواز الجمع بينهما، مثالها أن تقول: هذا الشيء إما غير أبيض أو غير أسود لكنه أبيض، يُنتج أنه غير أسود، أو لكنه أسود ينتج أنه غير أبيض، فقد لزم من رفع أحد طرفيها ثبوت الآخر، ولو قلت: لكنه غير أبيض لم يُنتج أنه أسود ولا غيره، أو قلت: لكنه غير أسود لم ينتج أنه أبيض ولا غيره.

ــ - الشرح - ــ

(وَإِنْ يَكُنْ مُنْفَصِلاً) يعني الشرطية المنفصلة، ومر معنا أنها ثلاثة أنواع:

مانعة جمع وخلو أو والأخص.

ومانعة جمع.

ص: 26

ومانعة خلو. وإن يكن [القياس شرطي (مُنْفَصِلاً) أي إن تكن القضية الشرطية منفصلة فهي على ثلاثة أقسام: حقيقية، ومانعة جمع، ومانعة خلو]. أين مانعة جمع وخلو معًا؟ هي عين الحقيقية [نعم]،

[فإن كانت حقيقية] أنتج أربعة منها يُنتج أربعة (فَوَضْعُ ذَا يُنْتِجُ رَفْعَ ذَاكَ) مثل ماذا؟ مانعة الجمع والخلو معًا، العدد إما زوج أو فرد هذه مانعة جمع وخلو، إثبات أحدهما يلزم رفع الآخر، العدد إما زوج أو لكنه زوج فهو غير فرد، (فَوَضْعُ ذَا يُنْتِجُ رَفْعَ ذَاكَ) يعني إثبات عين المقدم أو التالي يُنتج رفع يعني نفي عين المقدم أو التالي، إن أَثْبَتَّ أن العدد زوج نفيت الفرد إن أثبتت أنه فرد نفيت الزوجية هذا المراد هنا، (فَوَضْعُ ذَا) يعني إثبات أحد الطرفين كما قال الشارح:(فَوَضْعُ ذَا) الوضع هنا المراد به الإثبات، والرفع المراد به النفي، [(فَوَضْعُ ذَا) أي أحد طرفيها] يعني إثبات أحد الطرفين (يُنْتِجُ) ماذا؟ (رَفْعَ ذَاكَ) يعني [الآخر (وَالعَكْسُ كَذَا)]، يعني الرفع ينتج الإثبات والعكس كذا [أي ورفع أحد طرفيها يُنتج وضع الآخر] لأنه يمتنع ارتفاعهما، أي ورفع أحد طرفيها ينتج وضع يعني إثبات الآخر، لأنه يمتنع ارتفاعهما، [كقولنا: الموجود]. لو جاء بالمثال المشهور كان أحسن [الموجود إما قديم أو حادث] هذه لا يجتمعان، قديم حادث، لا يجتمعان ولا يرتفعان، إما هذا أو ذاك، [لكنه قديم]، ماذا صنع هُنا؟ [لكنه قديم] أثبت ماذا؟ المقدم [نعم] الأول قديم وهو المقدم، وحادث هذا التالي، لكنه قديم هذا وضع المقدم، [يُنتج أنه ليس بحادث] إذا أثبتت أنه قديم أنتج نقيض التالي وهو [أنه ليس بحادث] وهو رفع التالي، أو قال:[لكنه حادث] هنا أثبت التالي، [يُنتج أنه ليس بقديم، فلو قلت: لكنه ليس بقديم أنتج] إثبات التالي الذي هو حادث، [لكنه ليس بقديم] إذًا هو حادث، [أنتج أنه حادث] يعني وضع التالي، أو قلت: أنه [ليس بحادث أنتج أنه قديم، فقد أنتج وضع أحد الطرفين ورفع الآخر، ورفع أحد الطرفين ووضع الآخر، وهو المراد بقوله:

(وَذَاكَ فِي الأَخَصِّ)]. إذًا مانحة الجمع والخلو المنتج منه أربعة لأنه في الإثبات في موضعين، وفي النفي في موضعين حينئذ يكون المنتج أربعة

[(وَذَاكَ فِي الأَخَصِّ) أي في الحقيقية، فإن كانت المنفصلة مانعة جمع فقد أشار إليها بقوله: (ثُمَّ إِنْ يَكُنْ)] وذاك في الأخص، ثم التي للترتيب الذكري.

.......... إِنْ يَكُنْ

مَانِعَ جَمْعٍ فَبِوَضْعِ ذَا زُكِنْ

رَفْعٌ لِذَاكَ دُونَ عَكْسٍ ....

...........................

ص: 27

(إِنْ يَكُنْ مَانِعَ جَمْعٍ) انظر في المتن (مَانِعَ جَمْعٍ فَبِوَضْعِ ذَا) يعني بوضع إثبات أحد الطرفين فُهِمَ منه رفع الآخر (رَفْعٌ لِذَاكَ)، لماذا؟ لأنه يمتنع اجتماعهما، مانعة الجمع يمتنع الاجتماع دون ماذا؟ دون الخلو دون عكس، وهو رفع ذا إثبات للآخر، رفع ذا عكس فوضع ذا رفع لذاك، رفع ذا وضع لذاك عكسه لا، فإن كانت المنفصلة مانعة جمع [فقد أشار إليها بقوله:(ثُمَّ إِنْ يَكُنْ) أي الشرطي بمعنى القضية الشرطية (مَانِعَ جَمْعٍ فَبِوَضْعِ ذَا زُكِنْ) أي أحد طرفيها (زُكِنْ) أي علم (رَفْعٌ لِذَاكَ) أي الطرف الآخر لمنعها الجمع بينهما (دُونَ عَكْسٍ) فلا يلزم من رفع أحد طرفيها وضع الآخر لماذا؟ لجواز الخلو عنهما، مثال ذلك أن تقول: هذا إما أسود أو أبيض لكنه أسود]، النتيجة غير أبيض، إذا كان أسود فهو غير أبيض، إما أسود أو أبيض] يجتمعان؟ لا، يرتفعان؟ نعم. إذًا إذا أثبتت أحد الطرفين المقدم قلت:[لكنه أسود] هنا أثبتت ماذا؟ المقدم، [يُنتج] ماذا؟ [أنه غير أبيض] وهو رفع التالي، ولذلك قال:(فَبِوَضْعِ ذَا)، (رَفْعٌ لِذَاكَ) يعني إذا أثبتت المقدم رفعت التالي، أو قلت [لكنه أبيض ينتج أنه غير أسود، ولو قلت: لكنه ليس بأسود] رفعته ونفيته المقدم [لم ينتج أنه أبيض]، يعني إذا لم يكن أسود قد يكون أحمر، إذًا لا ينتج أنه أبيض [ولا غير أبيض، وكذا لو قلت: لكنه ليس بأبيض لم ينتج أنه أسود أو غير أسود]، واضح هذا؟ إذًا المنتج كم؟ نوعين ضربين، [وإن كانت القضية المنفصلة مانعة خلو فقد أشار إليها بقوله:(وَإِذَا مَانِعَ رَفْعٍ كَانَ فَهْوَ عَكْسُ ذَا)] أي عكس مانعة الجمع، وإذا مانع رفع ايش إعراب مانعة؟ خبر كان، وكان هذه متأخرة، وإذا كان وهي مؤخرة من تقديم، وإذا كان وهذه شرطية (مَانِعَ رَفْعٍ كَانَ فَهْوَ عَكْسُ ذَا) يعني مانعة الجمع أي فالقضية [(وَإِذَا مَانِعَ رَفْعٍ كَانَ) أي وإن كانت القضية الشرطية مانعة خلو (فَهْوَ عَكْسُ ذَا) أي فالقضية مانعة الخلو عكس مانعة الجمع بمعنى أن رفع أحد طرفيها يُنتج وضع الآخر لماذا؟ لمنعها الخلو عنهما، ووضع أحد طرفيها لا ينتج شيئًا لجواز الجمع بينهما، مثالها أن تقول: هذا الشيء إما غير أبيض أو غير أسود لكنه أبيض، يُنتج أنه غير أسود]، إذا أثبتت أنه أبيض حينئذ نقول هو:[غير أسود، أو لكنه أسود ينتج أنه غير أبيض، فقد لزم من رفع أحد طرفيها ثبوت الآخر، ولو قلت: لكنه غير أبيض لم يُنتج أنه أسود ولا غيره] لأن لم يحدد، إذا لم يكن إذا هو ليس بأبيض لا تقل هو أحمر أو أسود لأنه أعم [أو قلت: لكنه غير أسود لم ينتج أنه أبيض ولا غيره].

إذًا مانعة الجمع والخلو معًا يُنتج في أربعة أضرب، ومانعة الجمع يُنتج في ضربين، ومانعة الخلو ينتج في ضربين. والله أعلم.

وصلِّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

- - -

ص: 28