المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (32) - شرح المحرر في الحديث - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (32)

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: المحرر –‌

‌ كتاب الصلاة (32)

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين)) رواه أبو داود في المراسيل، وقال: وقد أسند هذا ولا يصح.

هذا الحديث مرسل، والمرسل ضعيف، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لأنه مرسل، لكن له شاهد من حديث عقبة بن عامر، وفي إسناده أيضاً ضعف، إلا أنه يتقوى به المرسل، فهو حديث حسن بالطريقين حديث حسن؛ لأن مما يتقوى به المرسل مجيئه من وجه آخر، يرويه غير رجال الإسناد الأول اللي هو المرسل، والصحابي عقبة بن عامر يروي هذا الحديث والطريق إليه غير طريق المرسل بسند آخر يختلف عنه تماماً، وهو وإن كان فيه ابن لهيعة، وفيه مشرح بن هاعان كلاهما فيه كلام لأهل العلم، لكنه لا يصل إلى درجة الضعف الشديد الذي لا يرتقي، فهو شاهد لحديث الباب فيرتقي به إلى درجة الحسن.

يقول: "وعن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين)) " ويقول: بسجدتي سورة الحج كما تقدم المالكية والشافعية والحنابلة خلافاً للحنفية الذين يرون أن الثانية ليست بسجدة، إنما هي أمر بالصلاة ذات الركوع والسجود.

ص: 1

كون سورة الحج تفضل على القرآن يعني على غيرها من السور بهاتين السجدتين لا يعني أنها أفضل سورة في القرآن، فأعظم سورة في القرآن الفاتحة، وسورة الإخلاص ثلث القرآن، وكون الشيء يوجد له ميزة أو خصيصة أو يرجح من وجه لا يعني أنه أرجح من سائر الوجوه، وهذا على القول بأن القرآن يتفاضل، وهو الذي نصره شيخ الإسلام، وهو الذي تدل عليه النصوص، أعظم آية، أعظم سورة وهكذا، وإن كان بالنسبة لقائله وهو الله عز وجل واحد، وكله كلام الله -جل وعلا-، لكنه يتفاوت ويتفاضل كما دلت على ذلك النصوص، باعتبار المحتوى والمضمون، فمحتوى ومضمون سورة الإخلاص بما دلت عليه من التوحيد الذي هو أشرف معلوم أعظم من محتوى السورة التي قبلها {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [(1) سورة المسد].

ومن أهل العلم من يرى عدم التفضيل بين سور القرآن وآياته، لكن النصوص والأحاديث الصحيحة ترد عليه.

كون سورة الحج فضلت على سائر السور على سائر القرآن بسجدتين لا يعني أنها أفضل من غيرها، كما أن كون إبراهيم عليه السلام أول من يكسى يوم القيامة لا يعني أنه أفضل من محمد، فكون بعض الأشياء يمتاز بميزة أو بمنقبة أو بخصيصة لا يعني أنه أفضل من غيره مطلقاً، يعني في هذا الباب، في باب السجود هي فضلت على غيرها بسجدتين في أوائلها وفي آخرها، في أوائلها سورة في الصفحة الثالثة في الوجه الثالث، وفي الصفحة الأخيرة سجدة أخرى عند الجمهور، والحنفية لا يقولون بسجدة الحج الثانية، ويختلف عدد السجدات باعتبار هذه السجدة الثانية وعدم اعتبارها كما أنه يختلف العدد باعتبار سجدة (ص) على ما تقدم وعدم اعتبارها، ويختلف أيضاً العدد باعتبار سجدات المفصل وعدم اعتبارها مما مر ذكره بالأمس.

قال رحمه الله:

"وعن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [(1) سورة الانشقاق] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [(1) سورة العلق] رواه مسلم".

ص: 2

رواه مسلم فدل على أن السجدتين في المفصل ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما ثبت السجود في سورة النجم فسجدات المفصل ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام خلافاً لمن لا يرى السجود فيها، وهو قول المالكية والقول القديم للإمام الشافعي، ومن عداهم يقول بسجود سور المفصل الثلاث على ما تقدم الخلاف فيه.

قال: "وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: أنا أتعجب" من إيش؟ ويش عندك؟

طالب:. . . . . . . . .

"أتعجب من حدثني لا يسجد في المفصل".

كذا عندك؟

طالب:. . . . . . . . .

النسخة التي معنا وهي معتنىً بها، يقول: في جميع الأصول: "حدبي""وأنا أنا أتعجب من حدبي لا يسجد في المفصل" وفي المستدرك: "حدثني" وهو الأصل، لكن المستدرك الإشكال فيه أن النسخة المطبوعة بالهند، وما تفرع عنها من طبعات لا يوثق به؛ لأنها كثيرة التصحيف والتحريف.

يقول: "أنا أتعجب من حدثني لا يسجد في المفصل" والذي في جميع الأصول لكتاب المحرر: "وأنا أتعجب من حدبي لا يسجد في المفصل" ويش معنى الحدبي؟ أنا أتعجب من حدثني أو ممن حدثني لا يسجد في المفصل هذا واضح معناه، ولعل الطابع لكتاب المستدرك التبس عليه المعنى فلم يفهم معناها، فقال: هي في صورة حدثني، أو يمكن من بعض النُسّاخ، المقصود أنه في المستدرك:"من حدثني" وفي جميع أصول المحرر: "من حدبي" يبقى ما معنى حدبي؟ قد يقول قائل: لماذا لا تكون لا حدبي ولا حدثني؟ من حديثي يعني يعتني بالحديث والرواية، ويقتفي أثر النبي عليه الصلاة والسلام كأنه قال: من أثري لا يسجد في المفصل، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ذلك.

حدبي ويش معناها؟ ما فسرت عندكم؟

طالب: شيخ ما يمكن يكون اسم الرجل؟

هاه؟

طالب: ما يمكن يكون اسم الرجل؟

لا لا ما يظهر، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ما أسمع.

طالب:. . . . . . . . .

جدي؟ احتمال، احتمال أن تكون لأن الصورة قريبة، فنحتاج إلى أن نرجع .. ، في قاموس وإلا شيء؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني محدودب الظهر من كثرة السجود، في كتاب هنا؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 3

لا يسجد في المفصل، والسبب في ذلك أن السجود في المفصل في السور الثلاث كله ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام على ما تقدم.

ص: 4

يقول: "رواه الحاكم بإسناد صحيح" لكن كيف يكون الإسناد صحيحاً وقد رواه الحاكم من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن علي؟ هو موقوف على كل حال، هو من قول علي رضي الله عنه، لكن لا يصل إلى درجة الصحيح فهو حسن للكلام المعروف في حفظ عاصم، يعني بالنسبة للحديث لا بالنسبة للقرآن، فهو إمام فيه؛ لماذا؟ لأننا نسمع من يتكلم في قراءته، ويلمز من يعتمد قراءة عاصم، وقد تكلم فيه من قبل أهل الحديث، ومر بنا مراراً في مناسبات أن حفظ بعض العلوم التي يتجه إليها الإنسان بكليته سهل، بينما حفظه لبقية العلوم التي لا يلتفت إليها قد يصعب عليه، يعني يسهل على بعض الناس الذي له عناية بالشعر أن يحفظ القصائد الطويلة؛ لأنه يهوى هذا الشعر، لكن لو وجه إلى حفظ القرآن عجز والعكس، كثير من طلاب العلم يحفظ القرآن ويتقنه ويجوده، لكن حفظه للسنة أو لغيرها أقل بكثير، ولا سيما أن القرآن يمكن ضبطه، وهو ميسر ومسهل {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(17) سورة القمر] لكن السنة مع انتشارها وسعتها وكثرتها الإحاطة بها دونها خرط القتاد، بل تفلتها باعتبار كثرة رواتها، وكثرة طرقها على كثير من المتعلمين حاشا الأئمة الحفاظ، فإنه في غاية الصعوبة، وقد يكون الشخص إماماً في باب ويتكلم فيه في أبواب، الإمام أبو حنيفة الإمام الأعظم عند السواد الأعظم من المسلمين إمام في الفقه والاستنباط، لكنه بالنسبة للرواية متكلم فيه، ابن إسحاق إمام أهل المغازي متكلم في روايته، وهكذا نجد من يتخصص في علم يتقنه ويضبطه، لكن إذا تكلم في علوم أخرى حصلت منه الأخطاء، وضُعّف بسببها، وهذا أمر مشاهد في المتقدمين والمتأخرين؛ لأن الإنسان إذا اهتم بشيء ضبطه وأتقنه، إذا التفت إليه وكانت له به حاجة فإنه يضبطه ويتقنه، في حديث اقتناء الكلب:((من اقتنى كلباً نقص من أجره كل يوم قيراط)) إلا ما استثني، كلب صيد، أو ماشية، أو زرع، قال ابن عمر:"وكان أبو هريرة صاحب زرع" بعض المفتونين والذين يلتقطون مثل هذه الألفاظ، قال: إن ابن عمر يطعن في أبي هريرة، وما دام صاحب زرع كأن هذه الجملة أقحمها أو هذه الكلمة أقحمها وحاشا أبا هريرة أن يتقول على

ص: 5

النبي عليه الصلاة والسلام ما لم يقل، لكن أبو هريرة صاحب زرع، يهمه مثل هذا اللفظ فيضبطه ويتقنه ويحفظه، بينما غيره الذي لا يحتاج إليه قد لا يحفظه، وضربنا مثل لأن هذه كثيراً ما تثار مثل الكلام في عاصم، مثل الكلام في بعض الأئمة ليطعن فيما يتقنه بما لا يتقنه، ذكرنا هنا في هذا المسجد لو جاء شخص وألقى محاضرة عن مرض من الأمراض، وذكر الأسباب، وقد تصل إلى عشرين، ثم ذكر أنواع من العلاج والحمية يفصلها إلى خمسين مثلاً المصاب بهذا المرض لن يفوته شيء هل يفرط بشيء من هذه الأدوية والعلاجات والحمية، وما يتعلق بذلك؟ لا يمكن، يعض عليها بالنواجذ، لن يفوته شيء منها؛ لماذا؟ لأنه محتاج إليها، بينما الأكثر الذين ليس لديهم حاجة ولم يصابوا بهذا المرض تجدهم يفرطون في كثير منها، فإذا سألت الواحد أعطاك واحد أو اثنين أو خمسة من العشرين بينما ولو كان أضعف الناس حافظة المحتاج المريض بهذا المرض لو كان أضعف الناس حافظة تجده يضبط كل ما قيل؛ لأن النفس مشرئبة إلى معرفة العلاج، مستروحة متشوفة إلى هذا العلاج فتجده يصادف من قلبه المحل المكين.

فالإنسان إذا احتاج إلى شيء لا شك أنه يضبطه ويتقنه، أصحاب المهن كل يتقن في مهنته ما يتقن، وبعضهم لو تدخل شخص ولو كان من العلماء في بعض الأبواب طبيب مثلاً من أمهر الأطباء تدخله مكتبة شرعية، ثم إذا خرج تقول له: ويش فيها من الكتب؟ كم يضبط من كتاب؟ يمكن يضبط كتاب أو كتابين قرأ أسمائهم وكذا، لكن لو تدخل طالب علم شرعي لا سيما إذا كانت له عناية بالكتب يمكن يفصل لك المكتبة واحداً واحداً ويذكر لك العدد، وكم تسوى من القيمة؛ لأنه صاحب اهتمام، صاحب شأن.

في الحديث الذي يليه يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ص: 6

"وعن البراء رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالداً" يأمره بالرجوع، بالقفول إلى النبي عليه الصلاة والسلام "ومن كان معه، إلا رجل ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي" يعني أحب أن يتخلف ويجلس مع علي رضي الله عنه "فليعقب معه، قال البراء: فكنت ممن عقب معه" يعني جلست معه "فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلى بنا علي، وصفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني بعد ما سلم من صلاته قرأ عليهم الذين خرجوا إليهم "كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعاً" القبيلة كاملة، وإذا كانت بإهمال الدال -بالدال المهملة- فهي ساكنة الميم القبيلة، بخلاف همَذان بلد، اللي منها البديع وغيره "فأسلمت همدان جميعاً، فكتب علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجداً" وهذا هو الشاهد من الحديث في الترجمة، وهو سجود شكر "ثم رفع رأسه فقال:((السلام على همدان، السلام على همدان)) " لأنهم أسلموا من غير قتال ولا عناء ولا كلفة، فسلم عليهم النبي عليه الصلاة والسلام مرتين، يقول المؤلف: " رواه البيهقي" يعني بتمامه، وإلا فأصله في البخاري، يعني دون قصة إسلام همدان وسجود الشكر.

ص: 7

قال: "رواه البيهقي، وقد أخرج البخاري صدر هذا الحديث، ولم يسقه بتمامه، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه" لأن الرواة الذين أخرج البيهقي الحديث من طريقهم خرج لهم البخاري في صحيحه، فالحديث أصله في البخاري، وبقيته صحيح على شرطه؛ لأن الرواة مخرج لهم في الصحيح، إلا أنه في الإسناد أبو إسحاق السبيعي، وهو معروف بالتدليس وقد عنعن، قد يقول قائل: إن الحديث على شرط البخاري، البخاري فيه أبو إسحاق معنعن من غير تصريح، فإذا وجدنا في البيهقي رواية أبي إسحاق بالعنعنة مثل ما وجدنا في البخاري، يعني المؤلف قال: سجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه؛ لأن الرواة الذين أخرج الحديث البيهقي من طريقهم كلهم في الصحيح حتى أبي إسحاق بالعنعنة موجودة في الصحيح، فهو على شرطه، لكن هل عنعنة أبي إسحاق مقبولة أو لا بد أن يصرح بالتحديث؟ وإذا قلنا: لا بد أن يصرح بالتحديث هل هذا في جميع المصنفات أو يستثنى من ذلك ما جاء في الصحيحين؟ فمعنعنات الصحيحين محمولة على الاتصال؛ لماذا؟ لأنهم قالوا: إنها وجدت مصرح بها في المستخرجات وغيرها، ولا شك أن الثقة بالصحيحين، وتلقي الأمة لهذين الكتابين بالقبول يجعلنا نتجاوز مثل هذا في الصحيحين بخلاف ما إذا وجدنا نظيره في غيرهما.

ص: 8

كلام المؤلف مستقيم وإلا غير مستقيم؟ وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه، على شرط البخاري، نعم البخاري يخرج لأبي إسحاق وإن لم يصرح بالسماع، وهو في البيهقي عن أبي إسحاق بالعنعنة، وأبو إسحاق مدلس، فهو على شرطه من حيث الظاهر، في الصورة، لكن من حيث حمل معنعنات الصحيحين على الاتصال عند أهل العلم يجعل ما جاء في غير الصحيحين بالعنعنة يتوقف فيه حتى يوجد التصريح من هذا المدلس، يعني في مسلم كثير من حديث أبي الزبير عن جابر بالعنعنة، وأبو الزبير مدلس لا بد أن يصرح بالتحديث، فهل يقال: فيما خرجه مسلم من طريقه لا بد من التصريح؟ أبداً، كفانا المؤونة البخاري ومسلم، وأما إذا وجد مثل هذا في كتاب لم تشترط فيه الصحة، أو اشترطت فيه الصحة لكن لم تطبق كالصحاح غير الصحيحين، فإنه لا بد من التصريح، ولذا تجدون المحقق يقول: ضعيف بهذا التمام، يعني مسألة الشكر وما يتعلق بها سجود الشكر لا توجد في البخاري، وأما ما يوجد في البخاري فهذا لا إشكال فيه، طيب إذا كان الحديث في غير الصحيحين الحديث في البيهقي أو عند أبي داود أو الترمذي أو النسائي أو في المسند، وأصله في الصحيح يكفي أن يكون أصله في الصحيح؟ يكفي أو لا يكفي؟ نعم؟ نعم الذي في الصحيح منه صحيح، والزيادة التي لا توجد في الصحيح نعم لا يحكم لها بالصحة، وإنما تدرس ويحكم عليها بما يليق بها، وقد يقول قائل: إن كون أصل الحديث في الصحيح وأعرض صاحب الصحيح عن هذه الزيادة التي ذكرها غيره إعراض البخاري ومسلم عن بعض الألفاظ، أو بعض الجمل في بعض الأحاديث ويوردها غيرهم بعضهم يطعن في هذه الزيادة بمجرد إعراض البخاري أو مسلم عنها، وبعضهم يقول: لا، هذه زيادة والزيادة إن كان راويها ثقة فهي مقبولة، وعلى كل حال هذه من المسائل التي لا يحكم بها من حيث النظر لا في المتن ولا في الإسناد، وإنما النظر فيها للقرائن، القرائن المرجحة لثبوت هذه الزيادة وعدم ثبوتها، المقصود أن الشاهد من الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام لما بلغه إسلام همدان سجد شكراً، ولا شك أن هذه نعمة، وبهم يتقوى الإسلام، ويكثر سواد المسلمين، فهي نعمة حاصلة متجددة تقتضي الشكر، والشكر يعبر عنه بالسجود.

ص: 9

"وعن أبي عون الثقفي عن رجل لم يسمه أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتاه فتح اليمامة سجد" عن رجل لم يسمه هذا راوٍ يسمونه مبهم، مبهم وإلا مهمل وإلا مجهول؟ عن رجل لم يسمه؟ مبهم، والمهمل؟ لو قال: عن محمد ولم ينسبه، ولم يتميز من غيره صار مهملاً، عن رجل لم يسمه، مجهول لو قال: عن محمد بن عبد الله الأنصاري، وهو لم يروِ عنه إلا واحد صار مجهول العين، وإن روى عنه ثاني فأكثر ولم يضعف صار مجهول الحال، وهنا المهمل ألا يدخل في حيز الجهالة من باب أولى؟ المبهم هنا؟ يعني إذا كان محمد مهمل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري يروي عنه شخص واحد مجهول، فكيف برجل لم يسم؟ هذا أدخل في باب الجهالة، وسمي مجهول الذات، لا مجهول العين، ولا مجهول الحال، أشد، مجهول الذات.

"أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتاه فتح اليمامة سجد" فتح اليمامة كان بقتل مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، لا شك أن هذه نعمة من نعم الله -جل وعلا- أن قتل هذا الطاغية، سجد شكراً لله -جل وعلا-، لكن الخبر ضعيف؛ لأن فيه رجل لم يسم.

"ورواه أبو بكر ابن أبي شيبة في كتاب الفتوح" والمحقق يقول: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، فهل المراد الفتوح من كتاب المصنف، أو أن الفتوح كتاب مستقل؟ هو مخرج في المصنف، والمؤلف يقول: رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في كتاب الفتوح، فهل الفتوح كتاب مستقل؟ أو كتاب من كتب المصنف له؟ يعني لو قيل: رواه البخاري في الأدب، واتفق أن الحديث مخرج في الأدب من صحيح البخاري وفي الأدب المفرد، حينئذٍ يكون ما في إشكال، وللبخاري كتاب في الأدب المفرد، وكتاب الأدب من الصحيح، ولا يمنع أن يكون لابن أبي شيبة كتاب اسمه: الفتوح، وأن يكون الفتوح كتاباً من كتب المصنف، وهذا يحتاج إلى مراجعة، أحد عنده القاموس وإلا المعجم؟

من أين جيء بهذا؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب: من كتاب العين يا شيخ.

ما في غيره؟

طالب:. . . . . . . . .

يقول: حدبي له معنيان: الناقة التي بدت حراقيفها، وبدا عظم ظهرها، والأرض التي ارتفعت، يعني احدودبت، نعم وحينئذٍ يكون الحدبي هو الذي أجهد نفسه في العبادة، فأشبه الناقة التي بدا عظم ظهرها من العجاف.

سم.

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 10