الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من السنة حديث الباب، لكنه فيه ضعف، ونقل الإجماع على وجوب الزكاة في عروض التجارة ابن المنذر وابن هبيرة وغيرهما، ولم يخالف في ذلك إلا أهل الظاهر، وأهل الظاهر معروف الخلاف في اعتبارهم في الإجماع والخلاف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأئمة الأربعة وسائر الأمة على وجوب الزكاة في عروض التجارة، والقياس يقتضي ذلك فإنها –يعني عروض التجارة- مال نام أشبه بقية الأموال الزكوية" يعني بخلاف ما تقدم، فإن شيخ الإسلام وابن القيم لا يرون الزكاة في الحلي المعد للاستعمال؛ لأنه ليس بمال نام، وإنما هو معد كسائر ما يستعمل من المقتنيات التي اتفق أهل العلم على عدم وجوب الزكاة فيها.
"وروى البيهقي بإسناده عن أحمد بن حنبل قال: حدثنا حفص بن غياث قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة" هذا من كلام ابن عمر، وهو صحيح إلى ابن عمر، لكنه موقوف عليه، والعبرة بالعمومات التي ذكرها أهل العلم، وترجم عليها البخاري "باب ما جاء في زكاة الكسب والتجارة".
سم.
قال رحمه الله:
باب: زكاة المعدن والركاز
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) متفق عليه.
وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية صدقة، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع، فلما كان عمر بن الخطاب قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق" رواه البيهقي، وشيخه الحاكم من حديث نَعيم بن حماد.
نُعيم، نُعيم.
من حديث نُعيم بن حماد عن الدراوردي عنه، وقال الحاكم: احتج البخاري بنعيم بن حماد، ومسلم بالدراوردي.
بالدراوردي، الدراوردي.
بالدراوردي، وهذا حديث صحيح ولم يخرجاه، كذا قال، والمشهور ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم.
قال الشافعي رحمه الله: "ليس هذا مما يَثبُت"
…
يُثبِت.
مما يثبت أهل الحديث، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: زكاة المعدن والركاز
المعدن: ما يوجد في الأرض من ذهب وفضة ونحاس ونفط وغيرها مما يستفاد منه، هذه معادن، والركاز ما يوجد مدفوناً في الأرض، وإن كان هذا الركاز المدفون من دفن الجاهلية، فهذا يملكه آخذه بدون تعريف، وعليه أن يخرج منه الخمس، وإن كان عليه علامة مسلمين أو في بلاد مسلمين فإنه لا بد من تعريفه كسائر ما يلتقط.
قال رحمه الله: "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العجماء جرحها جبار)) " العجماء البهيمة، سميت عجماء تشبيهاً لها بالأعاجم الذين لا يتكلمون؛ لأن كلام الأعاجم عند أهل العربية لا يدخل في مسمى الكلام؛ لأن تعريف الكلام عندهم هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، بالوضع يعني العربي، وعلى هذا كلام الأعاجم ليس بكلام، لا يدخل في حد الكلام، والكلام الذي لا يفهم وجوده مثل عدمه، فكأنه غير موجود، فسميت عجماء؛ لأنها لا تتكلم، والمراد بذلك الدواب، إذا كسرت شيء أو جرحت أو أتلفت فإن جرحها جبار، هدر؛ لأن على أرباب الأموال حفظ أموالهم، وجاء التحديد بأن على أهل الأموال حفظ أموالهم بالنهار، وعلى أهل الدواب العكس
…
، على أن أهل الأموال حفظها عليهم بالليل، وعلى أهل الدواب حفظها في النهار كذا؟ نعم؟ أو العكس؟
طالب: العكس.
نعم الدواب الأصل فيها أن تسعى في النهار، هذا إذا كانت بدون قائد، أما إذا كان معها صاحبها فإنه يضمن ما أتلفت؛ لأن عليه أن يكفها عما تتلف، لكن إذا كانت ترعى بمفردها، وأتلفت شيئاً في النهار، فإنه جبار على أهل المواشي أن يحفظوها بالليل، وإن كان الحديث عاماً ((العجماء جرحها جبار)) يعني هدر مطلقاً لا يضمن، لكن جاء ما يدل على أن على أرباب المواشي أن يحفظوها بالليل، وكثير ما يحصل منها الضرر.
كم من حادث في الطرقات حصل بسبب هذه الحيوانات، كم من قائد سيارة في الليل يمشي فاصطدم ببعير مثلاً، الحكم في النهار يختلف عن الحكم بالليل، لكن أحياناً تحصل مسائل معضلة في مثل هذا الباب، تجد صاحب السيارة قد أسرع سرعة لا يملك معها السيارة، فاصطدم بهذا الجمل أو بهذه الناقة لا شك أن عليه كفل مما حصل، وتجد صاحب الدابة أهمل هذه الدابة، فجعلها تتسبب في حوادث السيارات، ومثل هذه الأمور إذا كان صاحب السيارة يمشي بسرعة معتادة، والسيارة ليس فيها شيء من الخلل، المقصود أن مثل هذه الأمور يعتريها ما يقتضي النظر للقاضي؛ لأنه قد يكون السائق احتاط لنفسه، وتفقد السيارة، ومشى السرعة المطلوبة، لكن هذا البعير قطع الطريق فجأة، هذا يضمن صاحب البعير، أما إذا كان صاحب السيارة قد اجتاز الطريق بسرعة أكثر، أو لم يتفقد سيارته، فحصل فيها خلل، أو أراد أن يحرفها فانقلبت به السيارة لضعفها، أو لعدم تكامل متطلباتها، فإن هذا أيضاً عليه كفل من الحادث، وهذه مسائل لا شك أنها بالنسبة للقضاة يحصل عندهم بسببها إشكالات كبيرة.
فكونها جرحها جبار ليس بمطلق، لكنها في الأصل ليست من أهل التكليف، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه من هذه الدواب، يعني شخص يمشي بين رعية من الإبل، يمشي، فخبطته إحدى هذه الدواب فوقصته فمات جبار، هدر، هو الذي عرض نفسه لها، فلا شك أن هناك من الصور ما يخرج عن هذا الحديث.
((والبئر جبار)) شخص حفر بئراً يستقي منها الناس، فجاء شخص فوقع فيها، هذا هدر، لكن لو أن صاحب البئر الذي حفر غطاها بغطاء لا يمنع من السقوط فيها، ولا يعرف أنها بئر، جاء بلوح رقيق ووضعه فوقها، ووضع فوقه التراب، ثم جاء واحد وسقط يضمن وإلا ما يضمن؟ يضمن؛ لأنه هو الذي غره وغشه بهذا.
ذكر الشاطبي رحمه الله في الموافقات أن اثنين ممن يدعون وصول الغاية في التوكل يمشيان في طريق فوقعا في بئر، ومن توكلهم على حد زعمهم أن الناس يمرون بهم ولا يطلبون منهم إخراجهم، حتى جاء قوم قالوا: إن هذه البئر في طريق الناس، فلو طممناها -يعني سقفناها-، وهما يسمعان تحت، فسكتا حتى طمت عليهم البئر وماتا فيها، يعني هل هذا من التوكل؟ ليس هذا من التوكل، هذا من التفريط، فعل السبب لا ينافي التوكل.
((البئر جبار)) عرفنا أنه إذا كانت ليس في طريق فيه شيء من الغرة، أما إذا وجد فيه شيء من الغرة، مثلما قلنا: لو وضع عليها لوح رقيق، وذر عليه شيء من التراب بحيث يتورط من يمشي عليها فيسقط، هذا يضمن بلا شك.
((البئر جبار)) إذا كانت واضحة للناس، يستقون منها، ويعرفون مكانها، لكن لو جاء أعمى ويمشي وسقط في بئر، يضمن وإلا ما يضمن؟ إذا حفرها إنسان متبرعاً بها لسقي الناس، وعرفها الناس، وصاروا يستقون بها، ويردون عليها انتهى، انتهت مسئوليته، فمن يقع فيها حينئذٍ جبار، لكن لو جاء أعمى فسقط فيها، هل نقول: يضمن صاحب البئر أو نقول: إن الأعمى مفرط؟
طالب: الأعمى مفرط.
يعني الأصل أن الأعمى يتخذ قائد، أو يتخذ عصى يستعين بها لمعرفة ما أمامه، لكنه إذا فرط فيضمن، فلا ضمان له، فهو هدر حينئذٍ.
((والمعدن جبار)) يعني الذي يسقط فيه؛ لأنه يحفر كالبئر، ويستخرج ما فيه جبار.
((وفي الركاز الخمس)) في الركاز: ما يوجد من دفن الجاهلية فيه الخمس، طيب لماذا الخمس والأموال تتفاوت؟ العشر، نصف العشر، ربع العشر، وهنا الخمس أشد؛ لأن حصوله ليس فيه أدنى كلفة، يعني المعشرات الخارج من الأرض إذا كان يسقى بماء السماء فيه العشر، لكن صاحبه ينتظره لمدة عام، ويتعب عليه من جهات أخرى بالحرث والذر، وتعديل الماء، وما أشبه ذلك، فيه أتعاب، لكن الركاز؟ حفر حفرة في دقائق، واستخرج هذا الركاز، هذا ليس فيه تعب، فضوعف فيه المأخوذ، وإن لم يكن زكاة، إنما فيه الخمس، ومصرفه مصرف الفيء.
طالب:. . . . . . . . .
في المصالح العامة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يُعرّف، يعرف إذا كان عليه علامة مسلم يعرف.
طالب: حديث ابن عباس.
المقصود أنه يعرف ما جاء أحد، تعريفه ما يضره.
قال رحمه الله: "وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه -بلال بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية الصدقة، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع" الحديث مضعف عند أهل العلم، وفيه انقطاع، والصواب فيه ما سيأتي، ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم، هذا فيه انقطاع غير واحد من علمائهم، قال:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية الصدقة، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع، فلما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس العقيق" الإقطاع: وهي أن ولي الأمر يهب ويعطي بعض الناس ما يختص به دون غيره من الأراضي الموات، فهل يتم الملك بمجرد الإقطاع، أو يكون هذا ليس بتمليك، وإنما هو مجرد اختصاص؟ فإن تم الإحياء ملك وإلا فلا؟
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبلال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس العقيق" يعني الإقطاع ما زال جارٍ، لكن هل يفيد التمليك أو يفيد الاختصاص؟
طالب: الاختصاص.
أولاً: الخبر -خبر الباب- ضعيف، يعني لا يستدل به على أن الإقطاع لا يفيد التمليك، وأنه مجرد اختصاص كما صنع عمر رضي الله عنه، الخبر ضعيف، فنرجع إلى الأصل، ولي الأمر –السلطان- إذا أعطى يعطي تمليكاً أو اختصاصاً؟ هو إذا أعطى مال فلا شك أنه تمليك، وإذا أعطى أرضاً مواتاً وجاء في الخبر:((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) فبالإحياء يملك، ولو لم يقطعه، إذا سبق إلى أرض مباحة ليست لأحد ثم أحياها ملكها بالنص، أما إذا أقطعها ولم يقم بإحيائها، إن أقطعها فأحياها فلا إشكال، وإن أقطعها ثم تحجرها ولم يحيها فهذا محل خلاف بين أهل العلم، ومن يقول بأنه ملك يقول: كما يعطيه السلطان من سائر الأموال، وإذا أعطى السلطان من غير تطلع ولا استشراف جاء الأمر بأخذ عطية السلطان، في صحيح مسلم دون أن يستشرف المسلم لمثل هذه الأعطيات، الاستشراف مكروه، وفي صحيح مسلم:((أما إذا كان ثمناً لدينك فلا)) يعني إذا أعطيت شيء ومن وراء هذه العطية أهداف بأن تتنازل عن شيء في مقابل هذه العطية فلا.
نأتي إلى حديث الباب: "فلما كان عمر بن الخطاب قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل" هذا قد يستند إليه ويعتمد عليه من يرى أن الإقطاع مجرد اختصاص، ولا يملك إلا بالإحياء، والذي يقول: إن المقطع يملك بمجرد الإقطاع، وأن ولي الأمر له أن يتصرف في الأراضي الموات حسب المصلحة، حسب ما تقتضيه المصلحة، فإنه يملكه كسائر الأموال، يعني لو أعطاك مبلغ من المال من بيت المال من غير نظر ولا استشراف تملك هذا المال وتتصرف فيه كيفما شئت.
"لم يقطعك إلا لتعمل قال: فأقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس العقيق" أخذه من بلال ووزعه على الناس.
"رواه البيهقي وشيخه الحاكم، من حديث نُعيم بن حماد عن الدراوردي عنه، قال الحاكم: احتج البخاري بنعيم بن حماد" لكن لم يحتج به على سبيل الاستقلال، وعلى سبيل الاحتجاج، إنما خرج له في الشواهد، "ومسلم بالدراوردي" نعم خرج الإمام مسلم للدراوردي، وقال:"هذا حديث صحيح ولم يخرجاه" يعني البخاري ومسلم "كذا قال" وإذا قيل من قبل أهل العلم: كذا قال، فهذا دلالة على عدم الاقتناع بما قال، "والمشهور ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم" ما رواه مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، الذي من طريقه يروى هذا الخبر "عن غير واحد من علمائهم" ربيعة ما أدرك إلا أنس بن مالك، فهل يكون غير واحد من علمائهم من الصحابة أو من التابعين؟ من التابعين، قد يقول قائل: إن غير واحد ومن العلماء لا تضر جهالتهم؛ لأنهم جمع من أهل العلم، يجبر بعضهم بعضاً، ولو لم تعرف أسماؤهم، وهذه طريقة لبعض أهل العلم، التوثيق بالكثرة مع الجهالة، يعني أفرادهم مجاهيل لا تعرف أعيانهم، لكن بمجموعهم ووصفهم بأنهم من أهل العلم يكفي هذا، كما روى ابن عدي عن عدة من شيوخه قصة البخاري في قلب الأحاديث، يقول أهل العلم: ابن عدي ثقة، ويروي عن عدة من شيوخه، لم يسمهم، لكن بمجموعهم تنجبر هذه الجهالة، جهالة الأفراد تنجبر بالمجموع بالعدة، فبعضهم يجبر بعضاً.
وهنا يقول: "عن غير واحد من علمائهم" ويبقى أنهم مجموعة من التابعين، من علماء التابعين، فيكون الخبر حينئذٍ مرسلاً "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم" يعني لا يؤخذ منها أجرة على الأرض، أو مزارعة، أو مخابرة، أو مساقاة، إنما يؤخذ منها الزكاة، فكأنهم ملكوا هذه الأرض، وصارت ملكاً لهم، لكن يبقى أن الخبر مرسل، والمرسل من قبيل الضعيف عند الجمهور.
واحتج مالك كذا النعمانُ
…
به وتابعوهما ودانوا
مالك يذكر مثل هذا للاحتجاج به؛ لأنه يعمل بالمرسل.
واحتج مالك كذا النعمانُ
…
به وتابعوهما ودانوا
ورده جماهر النقادُ
…
للجهل بالساقط في الإسنادِ