المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أهل العلم يقولون: إذا تحرك ثلاث حركات في ركن واحد - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: أهل العلم يقولون: إذا تحرك ثلاث حركات في ركن واحد

أهل العلم يقولون: إذا تحرك ثلاث حركات في ركن واحد بطلت الصلاة.

ما حكم تفسير الصحابي؟

تفسير الصحابي عده بعض أهل العلم من المرفوع، وإن لم يصرح برفعه؛ لأنه لا يتصور أن يقول في كلام الله عز وجل برأيه، مع علمه بالتشديد في ذلك، لكن الواقع يشهد بخلاف ذلك، وإن قال به الحاكم، يقول: تفسير الصحابي له حكم الرفع، لكن أهل العلم حملوا كلام الحاكم على أسباب النزول.

وعدّ ما فسره الصحابي

رفعاً فمحول على الأسبابِ

فالصحابة أعرف الناس بتفسير القرآن.

يقول: ما حكم الحديث الذي يرويه الصحابي إذا كان صغيراً؟

إذا روى الصغير، تحمل في حال الصبا قبل البلوغ يصح تحمله إذا أده بعد البلوغ، نعم التبليغ البلوغ، عند عامة أهل العلم، وأما بالنسبة للتحمل التمييز، التحمل يصح بعد التمييز، والأداء لا بد من أن يكون مكلفاً، أما بالنسبة للصحابة -رضوان الله عليهم-، حتى ولو قدر أنهم لم يسمعوه من النبي عليه الصلاة والسلام لصغر، أو لتأخر إسلام، أو لغيبةٍ عن التحديث، فمراسيل الصحابة مقبولة عند عامة أهل العلم، وقد نقل عليه الاتفاق، وإن خالف في ذلك أبو إسحاق الاسفرائيني.

أما الذي أرسله الصحابي

فحكمه الوصل على الصوابِ

إذا أضاف الصحابي الفعل إلى عهد النبي عليه الصلاة والسلام فهو مرفوع "كنا نعزل، والقرآن ينزل""ذبحنا فرساً على عهد رسول الله" عده أهل العلم من المرفوع؛ لأنه في وقت التنزيل، وإن فرق بعضهم بين ما يخفى وما لا يخفى، على أن قول جابر:"كنا نعزل، والقرآن ينزل" مما يخفى.

يقول: ماذا يفهم منه إن لم يضفه؟

إن لم يضفه، كنا نفعل، لم يضفه إلى عهد النبي عليه الصلاة والسلام، إن كان يستدل بهذا القول على حكم شرعي، فالذي يغلب على الظن أنه يريد عصر النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يصرح به؛ لأنه بصدد الاستدلال على حكم شرعي، وإن كان في مسألة عادية فالأمر سهل.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.

قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-:

‌باب: المستحاضة

ص: 9

عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش: يا رسول الله إني لا أطهر افأدعُ الصلاة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنكِ، وصلي)).

عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة كانت تهراق الدماء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصلي)).

عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة أنها رأت زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وكانت تستحاض، فكانت تغتسل وتصلي.

عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن أن القعقاع بن حكيم، وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله كيف تغتسل المستحاضة؟ فقال:"تغتسل من طهر إلى طهر، وتتوضأ لكل صلاة، فإن غلبها الدم استثفرت".

عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلاً واحداً، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة".

قال مالك: الأمر عندنا أن المستحاضة إذا صلت أن لزوجها أن يصيبها، وكذلك النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم، فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها، وإنما هي بمنزلة المستحاضة.

قال مالك: "الأمر عندنا في المستحاضة على حديث هشام بن عروة عن أبيه، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: المستحاضة

المستحاضة هي التي لا يرقأ دم حيضتها، كما قال ابن سيدة، وقال الجوهري: استحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها، فالمستحاضة هي التي ينزل عليها الدم في غير وقت العادة.

ص: 10

يقول الأزهري: الحيض جريان دم المرأة في أوقات معلومة يرخيه قعر الرحم بعد بلوغها، والاستحاضة جريانه في غير أوانه، يسيل من عرق في أدنى الرحم دون قعره، الأزهري النقل عن ابن سيدة في الاستحاضة والمستحاضة التي لا يرقأ دم حيضتها، والجوهري يقول: استحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها.

والأزهري يقول: الحيض جريان دم المرأة في أوقات معلومة يرخيه قعر الرحم بعد بلوغها، والاستحاضة جريانه في غير أوانه، يسيل من عرق في أدنى الرحم دون قعره، تلاحظون النقل مع أن هؤلاء من المتقدمين من أهل اللغة، وتنبغي العناية بهم؛ لأن المتأخرين تأثروا بالاصطلاحات والمذاهب، المتأخرين نعم المتأخرون من أهل اللغة تأثروا بالمذاهب الأصلية والفرعية، فتجدون لمذاهبهم أثراً في كتبهم، وهذا مسائل تختلف فيها المذاهب، فإذا ذهبت إلى كتاب متأخر لتبحث عن معنى هذه الكلمة في اللغة تجد أن المذهب الفقهي له أثر أو العقدي، فالأولى بطالب العلم أن يعني بالمتقدمين، وكثير من طلاب العلم عنايتهم بكتب -وإن كانت محسوبة ومعدودة من كتب اللغة- إلا أنها تخدم مذاهب بعينها، كثير من الإخوان يرجع في تعريف الاصطلاحات الفقيه إلى المصباح المنير مثلاً، هذا يخدم غريب الفقه الشافعي، والباحث ينبغي أن يكون متجرداً، إذا أراد أن يبحث أصل المسألة يبحثها من كتاب متجرد، أو يجمع بين كتب تجمع المذاهب كلها؛ ليتبين له هذه الفروق المؤثرة؛ لأن بعض .. ، مثلاً لو أردت تعريف الخمر، وذهبت إلى المطرزي مثلاً، وجدت أثر المذهب في تعريف الخمر مثلاً، وإن عرفته من كتب من الطرف الآخر الذي يختلف مع الحنيفة في حقيقة الأمر، نازعك الحنفي في التعريف، فإما أن تذهب إلى كتب المتقدمين، وهو الأولى لك، ومن خير ما يرجع إليه كتاب تهذيب اللغة للأزهري، الجوهري في صحاحه على أوهام فيه فهو أولى، أولى من كتب المتأخرين.

ص: 11

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: قالت فاطمة بنتُ أبي حبيش" القرشية الأسدية "يا رسول الله إني لا أطهر" أي لا ينقطع عنها الدم "أفأدع الصلاة؟ " يعني حتى ينقطع، ولو مكث سنة، سنتين؛ لأن منهن من استحيضت سبع سنين، فهل تدع الصلاة هذا المدة الطويلة، أشكل عليها أن تصلي والصلاة يطلب لها الطهارة، ونزول الدم ناقض للطهارة، والحائض ممنوعة من الصلاة، بل تحرم عليها، أشكل عليها هذا، فسألت:"أفأدع الصلاة؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما ذلك عرق)) " في أدنى الرحم ((وليست بالحيضة)) يعني على اصطلاح الناس اليوم يسمونه إيش؟ نزيف ((إنما ذلك عرق وليس بالحيضة -التي تمنع من الصيام والصلاة- فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة)) وجوباً، فيحرم على الحائض أن تصوم، أو أن تصلي وقت حيضها، ولذا يقول أهل العلم:"ولا يصحان منها بل يحرمان".

((فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فغسلي عنك الدم وصلي)) قدرها من إيش؟ من الوقت، نعم، يعني قدر ما كانت تحيض قبل الاستحاضة، فإذا كانت عادتها سبعة أيام في وقت معلوم من الشهر، إذا جاء هذا الوقت تترك الصلاة فيه.

ومقتضى هذا أنه ولو كان لون الدم واحداً لم يتغير، وهذا يحتج به من يقول: إن المستحاضة تعمل بالعادة، بعادتها، ولا تنظر إلى الدم؛ لأنه يقول:((فإذا أقبلت)) إذا أقبلت الحيضة كيف تعرف الحيضة؟ إما بالوقت أو بالتمييز، باللون والرائحة، وجاء ما يدل على الوقت، وجاء ما يدل على التمييز، وبكل منهما قال جمع من الأئمة.

((فإذا ذهب قدها)) أي زمنها ((فاغسلي عنك الدم وصلي)) بعد الاغتسال من هذه العادة المقدرة، ولو لم يتحدد لها أول ولا آخر من خلال ....

ونرى في الحديث الذي يليه، يقول:"وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة" قال أيوب السختياني: هي فاطمة بنت أبي حبيش التي في الحديث السابق، القصة واحدة "أن امرأة كانت تهراق الدماء".

ص: 12

روى الليث وغيره عن سليمان بن يسار أن رجلاً أخبره عن أم سلمة، هنا يقول: عن سليمان بن يسار عن أم سلمة مباشرة، وروى الليث عن سليمان بن يسار راويه، يكون عندنا أن رجلاً أخبره عن أم سلمة فهو على هذا إيش؟ منقطع.

قال النووي في الخلاصة: حديث صحيح، رواه مالك والشافعي وأحمد أبو داود والنسائي بأسانيد على شرط البخاري ومسلم، فلم يلتفت النووي إلى رواية الليث، ولا يمنع أن يكون سليمان رواه بواسطة مرة، ومرة بغير واسطة، مرة رواه بالواسطة ومرة بغير واسطة، الذي يقدح إذا لم يروه إلا بواسطة، ثم أبهم الواسطة في طريق، وأسقطها في طريق آخر، هذا يضر، يؤثر، لكن إذا روى الخبر بغير واسطة، أو رواه بواسطة، ثم تيسر له أن يصل إليه بغير واسطة، العلو مطلوب، فكونه يسقط الواسطة لا بأس، وكونه يذكر الواسطة أحياناً، ويسقطها أحياناً لا بأس، وهذا إذا غلب على الظن ذلك؛ لأنه لا يحكم بحكم مطرد في مثل هذا، أن سليمان رواه بواسطة أو بدون واسطة، إذا دلت القرائن على أنه رواه بغير واسطة كما استروح إليه النووي في كلامه الذي ذكرنا، فالأمر ليس بمستبعد، فهو ممكن، أقول: ممكن، سليمان أدرك أم سلمة.

"أن امرأة كانت تهراق الدماء" يعني من كثرته "في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة" استفتت لها بأمرها إيّاها، يعني طلبت منها أن تستفتي النبي عليه الصلاة والسلام، وفي الحديث السابق هي السائلة، في الحديث الذي قبله ماذا قالت؟ نعم؟ "يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع؟ " هي السائلة، فيتحمل أنها أمرت أم سلمة أن تسأل، ثم سألت لتتأكد، أو أنها سألت أولاً، ثم نسيت، فأمرت أم سلمة، خجلت أن تسأل ثانية، مثلما تقدم في حديث علي:"كنت رجل مذاءً فأمرت المقداد" وفي بعض طرقه أنه سأل، ويطلق على الآمر أنه سائل، إذا كلف أحد يسأل فقد سأل، وعلى كل حال الأمر سهل في مثل هذا.

ص: 13

"فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((لتنظر)) " اللام لا م الأمر " ((إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة)) " يعني والصيام قدر ذلك من الشهر ((فإذا خلفت ذلك فلتغتسل)) خلفت تلك الأيام، يعني تركتها وراء ((فلتغتسل، ثم لتستثفر)) تشد فرجها بثوب ((ثم لتصلي)) عندكم ياء وإلا ما في ياء؟ نعم؟ اللام لام إيش؟ يأتي لام الأمر مع الياء؟ أو نقول: الياء للإشباع؟ {إنه من يتقي ويصبر} [(90) سورة يوسف].

"ألم يأتيك والأنباء تنمي" هذا إشباع.

في حديث فاطمة هذا براويتيه دليل على العمل بالعادة، وهذا بالنسبة للمعتادة، غير المعتادة لا تخلو إما أن تكون مميزة أو غير مميزة، فإن كانت مميزة إيش يعني مميزة؟ يعني بلغت سن التمييز؟ أي نعم تميز الدم، تميز دم عادتها من غيره، إن لم تكن معتادة وكانت مميزة تعمل بالتمييز، إن لم تكن معتادة ولا مميزة تنظر إلى عادة قريباتها، لكن إذا وجد معتادة مميزة في الوقت نفسه، يعني عادتها قبل الاستحاضة سبعة أيام، ثم جاءتها الاستحاضة ستة أشهر مثلاً، وفي كل شهر يأتيها الدم الأسود المنتن خمسة أيام مثلاً، هل تجلس سبعة أيام باعتبار عادتها السابقة وهي معتادة، أو تجلس هذه الخمسة؟ وبأسلوب آخر أو بعبارة أخرى هل المقدم العادة أو التمييز؟

الآن عندنا في الحديث العادة، وجاء ما يدل على اعتبار التمييز، والنظر إلى لون الدم، فإنه أسود يُعرِف، يعني له رائحة، أو يُعرَف، فهل المقدم العادة أو التمييز؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، فالحديث فيه عمل المعتادة بعادتها، وبه قال أبو حنيفة وأحمد والشافعي في أحد قوليه، سواء كانت مميزة أو لا، تعمل بالعادة، ومذهب مالك وأصح قولي الشافعي أن المميزة تعمل بالتمييز، وإن كانت غير مميزة دمها لا يتغير فالعادة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني كالمبتدئة؟ يعني كالمبتدئة إذا تكرر ثلاثاً استقرت عادتها، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 14

لا هو عندنا النصوص كلها تدل على العادة أو التمييز، أو ترد إلى نسائها، فأن كانت معتادة ومميزة في الوقت نفسه فالخلاف يحصل، إن كانت معتادة فقط دون تمييز ترد إلى عادتها، إن كانت مميزة دون عادة ترد على التمييز، إن كانت معتادة مميزة فالخلاف، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا اللي يظهر أن القوة في التمييز أكثر من العادة، القوة في التمييز أكثر من العادة، القوة في التمييز في تمييز الدم لونه في وقت الصحة، يعني قبل الاستحاضة نعم له لون معين، ويأتي هذا اللون في أثناء مدة الاستحاضة، لا شك أن هذا أقوى من مسألة أيام؛ لأن جريان الدم لمدة شهر كامل عادتها تأتي في الثلث الأول، نعم، ما الفرق بين الدم الذي في الثلث الأول إذا كان لا يتغير عن الدم الذي في الثلث الثاني؟ يعني لولا وجود هذه النصوص التي ترد فيها المرأة إلى عادتها اختلطت الأمور، نعم، لكن التمييز شبه يقين، فالذي يترجح عندي العمل بالتمييز أقوى من العمل بالعادة، لكن إذا لم يوجد تمييز ترد إلى عادتها، والنصوص صحيحة وصريحة في الباب، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

المسألة إذا تعدت، إذا انتهت عادتها فلا تعتبر، إذا كانت في أثناء وقت العادة تعد، والمسألة مفترضة في مستحاضة الدم جاري فلا يرد مسألة صفرة ولا كدرة.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟ هذا في حيض وإلا في استحاضة يجي صفرة وكدرة؟ الدم جارٍ باستمرار، يعني الصفرة والكدرة التي كانت تأتيها قبل الاستحاضة هذه الكدرة والصفرة كانت تأتيها في أثناء مدة الحيض أو بعد نهايته؟ المقصود أنها إذا رأت الطهر فلا اعتبار بصفرة ولا كدرة، إذا لم تر الطهر فالصفرة والكدرة حيض، قول أم عطية، ويش كانت ترى هذه الصفرة والكدرة بعد الطهر وإلا قبل الطهر؟ قبل الطهر حيض، نعم، وفيها الصفرة والكدرة، لكن هذه الصفرة قبل رؤية الطهر، الحد الفاصل هو رؤية الطهر، فإذا وجد الطهر فما قبله معتبر، وما بعده غير معتبر.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة"

ص: 15

الوسواس عند النساء كما يحصل في الطهارة، في الوضوء، في النية، وما أشبه ذلك يأتي هنا، امرأة منذ أيام، وهي تتصل وتقول: إنه يزيد وينقص، وما أدري إيش؟ طيب أنت ميزي، تقول: ما أدري، ترين طهر؟ تقول: أرى طهر، ويش نوع هذه الرؤية؟ ما تدري يعني امرأة معتادة من سنين، لكن سببه الوسواس؛ لأنها تقول: أخشى أكفر، ما هنا كفر، أنت تأكدي بس، هل حيض وإلا ما هو بحيض؟ وإن كان حيض حرام تصلي بعد، فالمسألة تحتاج إلى أن تتفقه النساء في هذا الباب، لا بد أن يتفقه النساء في هذا الباب؛ لأنه مثلما ذكرنا سابقاً أن الاحتياط فيه صعب، ما يمكن الاحتياط فيه، إن صلت في وقت العادة ارتكبت محرم، وإن تركت الصلاة في وقت الطهر فالأمر أعظم.

يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة أنها رأت زينب بنت جحش" التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وكانت تستحاض، فكانت تغتسل وتصلي.

بنات جحش مبتليات، ثلاث، زينب التي هي أم المؤمنين رضي الله عنها، وكانت تحت زيد بن الحارث {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [(37) سورة الأحزاب] ولم تكن في يوم من الأيام تحت عبد الرحمن بن عوف، هذه واحدة، الثانية أم حبيبة، زينب هذه كان اسمها:"برة" فغير، غيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى "زينب"، الثانية أم حبيبة هي زوج "عبد الرحمن بن عوف" وهذه كنية، ولا يبعد أن يكون اسمها:"زينب" لأن الاسم الثاني طارئ بالنسبة لأختها، والثالثة "حمنة" وهي زوج طلحة بن عبيد الله.

طالب:. . . . . . . . .

احتمال، لكنها بلا شك زوجة طلحة بن عبيد الله، وكلهن مبتليات بالاستحاضة.

"أنها رأت زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وكانت تستحاض، فكانت تغتسل وتصلي" يعني إذا ذهبت، أو إذا ذهب وقت عادتها، ذهبت حيضتها تغتسل وتصلي.

ص: 16

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن القعقاع بن حكيم" الكناني "وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله، كيف تغتسل المستحاضة؟ فقال: "تغتسل من طهر إلى طهر" يعني إذا ذهبت عادتها اغتسلت، وما عدا ذلك فلا تغتسل "تغتسل من طهر إلى طهر" بالمهملة طهر، من الرواة من رواه: "من ظهر إلى ظهر" بالظاء المشابهة، يعني تغتسل مرة واحدة في اليوم، نعم تغتسل من طهر إلى طهر، يعني إذا ذهبت حيضتها اغتسلت، وما عدا ذلك لا يلزمها أن تغتسل، بل تتوضأ لكل صلاة كغيرها ممن حدثه دائم، كمن به سلسل بول، سلسل ريح مثلاً، من به جرح لا يرقى، على كل حال تتوضأ لكل صلاة وجوباً عند الأكثر.

وقال بعضهم: استحباباً، ولا يجب إلا بحدث، وهذا فرع عن ما تقدمت الإشارة إليه، وهو أن مثل هذه الطهارة هل هي رافعة أو مبيحة؟ فمن قال: تتوضأ وجوباً بناءً على أن هذا الطهارة لا ترفع الحدث، بل تبيح الصلاة، ومن قال: استحباباً، قال: إن الطهارة ترفع الحدث، والوضوء لا يجب إلا بالحدث، حدث جديد، هذا قول الأكثر أحوط، تغتسل وجوباً "فإن غلبها الدم استثفرت"

طالب:. . . . . . . . .

لكل صلاة، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

وضوء، وضوء لكل صلاة، أما الاغتسال إذا ذهبت حيضتها، إذا ذهبت وقتها، أو تمييزها على ما تقدم تغتسل، ثم بعد ذلك تتوضأ لكل صلاة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على شان إيش؟ هو بينقطع عنها الدم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو لو قيل بوجوب الاغتسال لكل صلاة، قيل: يتجه الجمع، أما مسألة الوضوء كغيرها من الأصحاء.

هنا يقول أحمد وإسحاق: إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط، وقد ورد في بعض الروايات:((اغتسلي لكل صلاة)) لكن الصواب: "توضئي لكل صلاة" الأمر به بالوضوء لا بالغسل.

يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلاً واحداً" يعني عند انقضاء مدة حيضها غسلاً واحداً؛ لأنه المأمور به "ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة" وجوباً عند الجمهور، واستحباباً عند مالك، مالك يرى أنه يرفع.

ص: 17

"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أن المستحاضة إذا صلت أن لزوجها أن يصيبها" وبهذا قال الجمهور، وفي البخاري عن ابن عباس:"لزوجها أن يصيبها إذا صلت الصلاة أعظم" وكذلك النفساء؛ لأنه لو منع منها زوجها لحصل ضرر وعنت ومشقة لطول المدة، بخلاف الحائض التي تنقضي مدتها بالأسبوع أو أقل أو أكثر بقليل مثل هذا لا يتضرر.

وكذلك النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم، وأقصاه عند مالك ستون يوماً، وقال الأكثر: أربعون يوماً، وهو المرجح، فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها، يعني بعد انقضاء مدة النفاس، وكل على مذهبه، مالك الستين، والجمهور على الأربعين، إذا رأت الدم بعد الأربعين عند الجمهور فإنه في حكم الاستحاضة، ما لم يصادف وقت عادة، فإن لزوجها أن يصيبها؛ لأنها في حكم المستحاضة.

"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في المستحاضة على حديث هشام بن عروة عن أبيه، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك" يعني ليس عليها إلا أن تغتسل غسلاً واحداً إذا انقضت عادتها، ثم تتوضأ لكل صلاة.

ابن حجر في فتح الباري عد المستحاضات في عهد النبي عليه الصلاة والسلام من الصحابيات وصل العدد إلى عشر بنات جحش الثلاث، وفاطمة بنت أبي حبيش، وسودة بن زمعة، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وسهلة بنت سهيل، وأسماء بنت مرثد، وبادية بنت غيلان، عشر، ثلاث بنات جحش، الثلاث، وفاطمة بنت أبي حبيش، وسودة، وأم سلمة، يعني ثلاث من نساء النبي عليه الصلاة والسلام، وأسماء بنت عميس، نعم وكانت تحت؟

طالب:. . . . . . . . .

قبله؟ جعفر ثم أبي بكر، ثم علي -رضي الله عن الجميع-، وسهلة بنت سهيل، وأسماء بنت مرثد، وبادية بنت غيلان، عشر.

على كل حال هو حدث، والطهاة هذه من حدث، ووضوؤها التي تتوضأه لا يرفع الحدث، ولو رفع الحدث لقلنا: إنه لا يلزمها أن تتوضأ لكل صلاة، ما لم تحل بحدث آخر.

طالب:. . . . . . . . .

هو إذا خرج من مخرجه نقض بلا شك، لكن إذا خرج من غير المخرج السبيلين، من البدن، نعم؟ هل ينقض أو لا ينقض؟ هذا محل الخلاف، هو يخرج من عرق.

ص: 18

على كل حال ذكرنا الخلاف سابقاً، كما هو معروف، ودون، وفي زيادة، وعرفنا أن مالك لا يرى وجوب الوضوء لكل صلاة، إنما يستحب ذلك استحباباً، فعلى هذا يوجه كلامه، وتوضئي لكل صلاة استحباباً.

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه إذا مر عليها وقت فأكثر لا بد أن تتوضأ.

يقول في تنوير الحوالك: عن القاضي يونس بن مغيث في كتابه: (الموعب) في شرح الموطأ، أن بنات جحش كل واحدة منهن اسمها زينب، زينب، زينب الكبرى، زينب الوسطى، زينب الصغرى، نعم بنات جحش كل واحدة منهن أسمها زينب، ولقب إحداهن حمنة، وكنية الأخرى أم حبيبة، نعم هذا ما في إشكال، مثلما ذكرنا سابقاً أنه حتى لو لم يكن هذه التسميات موجودة، فلا يمنع أن تكون أم حبيبة اسمها زينب؛ لأن زينب كان اسمها برة.

هذا يقول، يذكر عن أبيه أنه يصلي الصلوات الخمس، ويصوم ويصلي صلاة الليل، ويقرأ القرآن، عنده مشكلة يقول: هي أنه أي شيء يريد أن يعمل يستشير ساحر -نسأل الله العافية- كيف نتعامل معه؟

إن كان يستشيره ينبني على ذلك أنه يصدقه نسأل الله العافية، وإذا كان مجرد الذهاب إلى الساحر لم تقبل صلاته أربعين يوماً، ومن صدق الساحر كفر بما أنزل على محمد -نسأل الله العافية-.

كيف نتعامل معه؟

ينصح إن امتثل وإلا فيُهجر ويترك.

يقول: ويأخذ مني النقود ليعمل على ما يريد الساحر؟

لا توافق على دفع النقود إليه، بل امتنع، نعم امنعه من مالك ليرتدع ويزدجر، ولا يجوز لك أن تعينه على مثل هذا العمل، أنت بدفعك المال إليه عون له، والله -جل وعلا- يقول:{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [(2) سورة المائدة] وهذا من أعظم الإثم -نسأل الله السلامة والعافية- الهجر لمثل هذا إذا لم يرتدع فلا بد منه؛ لأن ضرره متعدي بمجالسته.

يقول: ابن قرقول يقول: هذا لا يقبل ولا يتلفت إليه؛ لأنه لا يسمع إلا من هذا الوجه، وأهل المعرفة بهذا الشأن لا يثبتونه، وإنما حمل عليه من قاله أنه إيش؟ لا ينسب إلى مالك وهم.

ص: 19