المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في السواك - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في السواك

وبعضهم قال: إن هذا سببه وجع كان في مأبضه باطن الركبة، ومنهم من يقول: إن العرب تستشفي بالبول قائماً من وجع الصلب، على كل حال هذه علل مستنبطة، والحديث نص في الجواز، فلا داعي للتضييق، وما في شك أن الجلوس أستر، ويغلب على الظن أنه ما يرتد إليه بوله، ولا رشاش، نعم، لكن فعله عليه الصلاة والسلام لبيان الجواز، ولا يمنع أنه إذا فعل شيئاً لبيان الجواز أن يكون غيره أكمل منه وأفضل.

"قال يحيى: وسئل مالك عن غسل الفرج من البول والغائط هل جاء فيه أثر؟ " يعني لو وجه هذا السؤال لطالب في الابتدائي، أن مالك نجم السنن، إمام دار الهجرة، إمام متبوع، صاحب سنة وأثر، لو سئل أصغر طلاب العلم هذا السؤال: عن غسل الفرج من البول والغائط هل جاء فيه أثر؟ ماذا يقول؟ وماذا قال مالك رحمه الله؟ "بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضؤون من الغائط" إيش يدل؟ على أي شيء؟ "بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضؤون من الغائط، وأنا أحب أن أغسل الفرج من البول أيضاً" يعني وإن جاز في الحجر، يعني عبارة، عبارة تدل على ورع، عبارة تدل على تمام الورع، حفظ عنه أنه سئل عن أربعين مسألة، وأجاب عن أربع أو ثمان أكثر ما قيل، وقال في الباقي: لا أعلم، والسائل يقول له: مالك، مالك إمام دار الهجرة، وقد جاءه من بعيد، قال: اذهب إلى العراق وقل لهم: إن مالك يقول: لا أدري.

وآحاد الطلاب وصغارهم يستنكف ويستكبر أن يقول: لا أدري، والله المستعان، نعم، هات السواك على شان ما نتأخر.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في السواك

عن مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع: ((يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيداً فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك)).

عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)).

عن مالك عن ابن شهاب عن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال: "لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في السواك

ص: 28

والسِواك بكسر السين على الأفصح، مذكر، وقيل: مؤنث، وأنكره الأزهري، مشتق من ساك إذا دلك، أو من قولهم: جاءت الإبل تتساوك، يعني من الهزال تتمايل، ويطلق على الفعل الذي هو التسوك، ويطلق أيضاً على الآلة التي هي العود وجمع السواك: سُوك، بواو واحدة، مضموم.

يقول: "حدثني عن يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق" عبيد بن السباق المدني من ثقات التابعين "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في يوم جمعة" بضم الميم جُمُعة، لغة الحجازيين، وفتحها لغة تميم، جمَعة كهمزة ولمزة، وإسكانها لغة، لغة عقيل، وبها قراء الأعمش، إسكانها، {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمعَةِ} [(9) سورة الجمعة].

"في يوم جمعة من الجمع" الجمع جمع جمعة ((يا معشر المسلمين)) المعشر الطائفة الذين يشملهم وصف واحد، الشباب معشر، والشيوخ معشر، والنساء معشر، وهكذا ((يا معشر المسلمين)) المسلمون يشملهم وصف وهو الإسلام، واحدهم معشر، وهم أيضاً معاشر إذا نظرنا إلى الأوصاف الجزئية.

((يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيداً)) يعني لهذه الأمة ((فاغتسلوا)) ولما قال اليهودي: لو علينا نزلت هذه الآية، يعني قوله تعلى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [(3) سورة المائدة] لاتخذنا اليوم الذي نزلت فيه عيداً، فماذا قال عمر رضي الله عنه؟ قد علمت متى نزلت؟ وأين نزلت؟ نزلت يوم جمعة، وهو عيد بالنسبة للمسلمين، ويوم الجمعة شأنه عظيم في الإسلام، خلاف بين أهل العلم في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة، عامة الناس عموم الناس بما في ذلك بعض طلاب العلم لا تجد فرق بين يوم الجمعة ويوم السبت، ما نرى فرق.

((إن هذا يوم جعله الله عيداً فاغتسلوا)) والأمر الأصل فيه الوجوب، ويؤيده حديث:((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)).

وبهذا قال بعض العلماء والجماهير على أنه سنة، جماهير أهل العلم على أن الغسل يوم الجمعة سنة، والأمر فيه للندب؛ لحديث:((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) وأيضاً صنيع عثمان رضي الله عنه حينما دخل وعمر رضي الله عنه يخطب، وذكر أنه اقتصر على الوضوء ولم ينكر عليه.

ص: 29

إذاً قوله في الحديث: ((غسل الجمعة واجب)) محمول عند الجمهور إلى أنه متأكد، يعني مثلما تقول: حقك واجب علي، رضاؤك علي فرض، أحياناً تقول كذا، وليس معنى أنك تأثم بتركه، فهو متحتم، ولا شك أن هناك اختلاف بين الاصطلاحات، أو بعض الألفاظ الشرعية مع الاصطلاحات العرفية، يعني الاصطلاح عند أهل العلم العرف الخاص عندهم أن الواجب يأثم لتركه، في الإطلاق الشرعي عند عامة أهل العلم لا يأثم لتركه.

يعني لما يقول ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، ويقول الحنفية: زكاة الفطر ليست بفرض، نقول: عناد هذا؟ يعني لما يأتيك سؤال في الامتحان في الفقه، في أبواب المعاملات، ويقول لك: عرف المفلس، وتأتي ورقة الإجابة: المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال .. ويجي المدرس ويقول: خطأ، صفر، إيش نقول هذا؟ إيش نقول: المدرس؟ هل نقول: إن المدرس ضال، الرسول يقول: المفلس كذا، ويقول خطأ؟ نعم، إيه لأن المسالة تحتاج إلى شيء من البسط؛ لأن بعض الناس يظن هذا عناد، الرسول يقول: واجب، وأنت تقول: ما هو بواجب؟ إيش معنا هذا؟ ابن عمر يقول: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحنفية يقولون: ما هو بفرض.

يعني لو قال شخص، أقسم أنه ما رأى في يوم من الأيام جمل أصفر، ويش تقول؟ وهو منصوص عليه بإيش؟ {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] نعم في القرآن، ويش تقول؟ نعم الحقائق تختلف، حقائق عرفية، وحقائق شرعية، وحقائق لغوية، قد يكون الإطلاق اللغوي غير الإطلاق العرفي، والإطلاق الشرعي غير الإطلاق اللغوي وهكذا.

المقصود أننا ننتبه من هذه، نضع هذه على بالنا؛ لئلا نقع في حرج، يعني الإنسان الرسول يقول:((غسل الجمعة واجب)) وأنت تقول: ما هو بواجب؟! ويش معنى هذا الكلام؟ يعني الأئمة أهل علم وعمل وورع، وعرفوا ما خفي عليهم هذا الحديث، واجب هذا إطلاق شرعي لا يقتضي مطابقته مع الاصطلاح العرفي عند أهل العلم، يعني أهل العلم اصطلاحهم أن الواجب يأثم بتاركه، لا يلزم أن يأثم هنا.

((فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه)) والطيب في الجمعة والعيد سنة عند الجمهور، وأوجبه أبو هريرة رضي الله عنه.

ص: 30

((وعليكم بالسواك)) أي: الزموه؛ لتأكد الاستحباب، وإلا فليس بواجب، وابن حجر -رحمه الله تعالى- غمز هذا الحديث، وما جاء من معناه مما يدل على وجوب السواك.

هذا الحديث كما ترون عند الإمام مالك عن ابن السباق، وهو تابعي، من ثقات التابعين "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" مرسل وصله ابن ماجه.

يقول ابن ماجه: حدثنا عمار بن خالد الواسطي، قال: حدثنا علي بن غراب عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عبيد بن السباق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر ضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات، على كل حال هو ضعيف بسبب صالح بن أبي الأخضر.

"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) " تمامه عند البخاري: ((مع كل صلاة)) وهو مخرج في البخاري من طريق عبد الله بن يوسف.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال: "لولا أن يشق على أمته لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" "لأمرهم" نعم.

هو أصل الحديث المرفوع هذا من كلام أبي هريرة الحديث المرفوع: ((لولا أن أشق على أمتي)) كسابقه ((لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) جاء الوضوء وجاء الصلاة، والصلاة في الصحيحين، والوضوء عند أحمد مرفوعاً أيضاً من طريق مالك عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة مرفوعاً، عند ابن خزيمة والبيهقي، هو حديث صحيح، ما فيه إشكال، وأصح منه الذي قبله؛ لأنه في الصحيحين.

ص: 31

والحديث بلفظة: ((لولا أن أشق)) (لولا) حرف امتناع لوجود، فامتنع الأمر لوجود المشقة، والأمر الممتنع هو أمر الوجوب، وإلا فأمر الاستحباب باق، والدلالة عليه دلائله كثيرة، والإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول:"الحديث فيه دليل على أن السواك ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لأمرهم به، شق عليهم أو لم يشق" وإلى القول بعدم وجوبه صار أكثر العلم، بل ادعى بعضهم فيه الإجماع، لكن حكى الشيخ أبو حامد وتبعه الماوردي .. من أبو حامد هذا؟ والماوردي يتبعه؟ نعم؟ الماوردي متوفى سنة كم؟ نعم؟ أربعمائة وخمسين، يعني قبل الغزالي بخمسة وخمسين سنة، نعم أبو حامد الإسفرائيني، وتبعه الماوردي عن إسحاق بن راهويه قال: هو واجب لكل صلاة، فمن تركه عامداً بطلت صلاته.

وعن داود أنه قال: هو واجب لكن ليس بشرط، يعني يأثم تاركه ولا أثر في تركه على الصلاة، واحتج من قال بوجوبه بورود الأمر به، فعند ابن ماجه:((تسوكوا)) وفي الموطأ: ((عليكم بالسواك)) يعني حديث الباب، قال ابن حجر: ولا يثبت شيء منها، فحديث الباب:((لولا أن اشق)) و"لولا أن يشق" دلالة على أن السواك ليس بواجب، وهو الحديث -حديث الباب- من أظهر الأدلة على أن الأصل في الأمر الوجوب، من أظهر الأدلة على أن الأصل في الأمر الوجوب؛ لأنه امتنع أمر الوجوب لوجود المشقة مع

، نفي الأمر بالحديث مع ثبوت أمر الاستحباب، فالمنفي في الحديث هو أمر الوجوب، فدل على أن الأصل في الأمر الوجوب، مع قوله -جل وعلا-:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(63) سورة النور] والسواك سنة في كل وقت، ويتأكد عند الصلاة والوضوء، والقيام من النوم، وتغير الفم، ولا يمنع منه الصائم ولو بعد الزوال لعموم الأدلة؛ ولضعف ما ورد في ذلك.

يقول: ألا يمكن أن يكون تحنيك الرجل الذي يحتسب من الصالحين أو العلماء للطفل هو من باب التفاؤل بأن يصبح صالحاً كمن حنكه أم كله يدخل في إطار

؟

لا، هو تبرك على كل حال، والصلاح لا يسري بمثل هذا، نعم بالدعاء يرجى.

يقول: هل ثبت أنه لا يقرأ في صلاة الضحى إلا الفاتحة؟

لا، لا أعرف هذا.

ص: 32

سؤال آخر: كان هناك مانع من وصول الماء صمغ يقول: صمغ، حاولت أن أزيله ولم يذهب بشكل كامل، بل بقي منه شيء يسير خفت أن تخرج الصلاة إن اشتغلت بإزالته، فصليت، ما حكم صلاتي؟ وهل علي إعادة؟

على كل حال هذا اليسير، اليسير إن كان يسيراً جداً فهو معفواً عنه، وإن كان يمنع وصول الماء إلى البشرة، وكان كثيراً واليسر والكثرة أمور نسبية، قد يكون يسير في نظرك وهو في الحقيقة كثير، وعلى كل حال إيصال الماء إلى البشرة لا بد منه، فإذا وجد ما يمنع من وصول الماء إلى البشرة وجبت إزالته.

يقول: منهم الذين لا تجوز لهم الزكاة؟

هم من عدا الثمانية الأصناف، الذين ذكروا في آية التوبة.

أليست أم حبيبة أسمها رملة؟

أم حبيبة يقصد بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وهذه غير بنت جحش، هي غيرها.

يقول: أنا مبتدئ في طلب العلم، فبماذا تنصحوني؟ وهل هذا الدرس مناسب لي مع العلم أن هناك دروس مبسطة كشرح عمدة الأحكام والروض المربع للشيخ صالح الفوزان وغيره؟

على كل حال إن تيسرت لك ملازمة الكبار فالزم.

هذا كلام يحتاج إلى وقفه.

يقول: كيف نقول: إن الأمة تلقت صحيح البخاري بالقبول، وقد اعترض عليه الدارقطني وغيره في بعض الأحاديث؟

كونه اعترض على البخاري في أحاديث يسيرة من ألوف مؤلفة من الأحاديث، هذا لا يعني أن البخاري محل للنقد، الأمر الثاني: أن ما اعترض عليه في الغالب الراجح قوله، فلا يرد مثل هذا الكلام، هذا الكلام يشم منه التقليل من شأن صحيح البخاري، وإذا تطاولنا على أعظم كتاب في السنة فنترك فرصة للسفهاء أن يتطاولوا على ما دونه، والله المستعان.

يقول أيضاً: يلاحظ على كثير من العلماء والمشايخ وطلبة العلم أنهم يهتمون كثيراً بالسنة المطهرة، ويهملون كتاب الله عز وجل حتى لا تكاد تجد درساً عن كتاب الله عز وجل فهماً وتفسيراً وتطبيقاً -الله المستعان- يقول: حتى لا يوجد هذا عندكم عندي يقصد أنا؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 33

الآن دروس التفسير لا شك، لكن هو يريد ما كنت أنويه، وطرحته على بعض الإخوان، أننا ننشئ تفسير إنشاء، لكن الإشكال يرد على أن الإنشاء الذي ليس له خطام ولا زمام، ما سبق أن قررناه في تفسير الجلالين، يعني سنة ونصف، ثلاثة فصول دراسية في ورقة من البقرة، يعني في الفاتحة وورقة واحدة من البقرة، لكن لو وضع له ترتيب معين، وخطة سير معينة، يكون متوسط، ليس بالطويل ولا بالقصير، لا شك أن هذه أمنية نسعى -إن شاء الله- إلى تحقيقها، القرطبي الآن من سنة ثلاثة عشرة، أحد عشر عاماً، وقد قطعنا نصفه، الآن نحن في سورة الإسراء.

ويقول: نتمنى أن نكون لكم درساً في تفسير القرآن، والنظر في هذا الموضوع نظراً جاداً؛ لئلا يصدق علينا القول:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [(30) سورة الفرقان].

الهجر موجود، والتقصير حاصل، ونسأل الله -جل وعلا- العفو والمسامحة.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد

ص: 34