المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: العينة وما يشبهها - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٠٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: العينة وما يشبهها

قال ابن عقيل: إنما كره ذلك لمضارعته الربا، فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالباً، وعلله شيخنا ابن تيمية رضي الله عنه بأنه يدخل في بيع المضطر، فإن غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه، فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة كان ربحه على أهل الضرورة والحاجة، وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجراً من التجار، وللعينة صورة خامسة، وهي أقبح صورها، وأشدها تحريماً، وهي: أن المترابيين يتواطئان على الربا، ثم يعمدان إلى رجل عنده متاع فيشتريه منه المحتاج ثم يبيعه للمربي بثمن حال، ويقبضه منه ثم يبيعه إياه للمربي بثمن مؤجل، وهو ما اتفقا عليه، ثم يعيد المتاع إلى ربه، ويعطيه شيئاً، وهذه تسمى الثلاثية؛ لأنها بين ثلاثة، وإذا كانت السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية، وفي الثلاثية قد أدخلا بينهما محللاً يزعما أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا، وهو كمحلل النكاح، فهذا محلل الربا، وذلك محلل الفروج، والله تعالى لا تخفى عليه خافية، بل يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.

انتهى؟

طالب: إي انتهى يا شيخ.

الصورة الأخيرة الثلاثية، نعم، تعيدها؟ التحايل بجميع صوره وأشكاله منتشر يعني مما وجد سابقاً، ومما لم يوجد؛ لأن معاملات المسلمين في السابق إنما كانت بينهم، ولم يطلعوا على معاملات الكفار، الآن صار العالم كما يقولون: قرية واحدة، تعقد الصفقة مع يهودي مع نصراني مع

، وتأثر التجار بما عند الأعداء، وكل يوم يسأل عن صورة من صور المعاملة جديدة ما سمع بها ألبتة، والله المستعان.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: العينة وما يشبهها

ص: 7

الأحاديث التي أوردها تحت الترجمة كما أشرنا سابقاً ليس فيها ما يدل على العينة المصطلح عليها، إلا إذا كان الإمام مالك يتوسع في مفهومها فيدخل فيها بيع الطعام قبل قبضه، وإلا نقول: لعله ترجم بهذه الترجمة وجاء بما يشبهها ولم يأت بها؛ لأن الخبر الوارد فيها قد لا يثبت عنده، الخبر الوارد في العينة قد لا يثبت عند الإمام مالك، فجاء بما يشبهها، وبيّض للعينة، ولم يتيسر له ما يناسب الشق الأول من الترجمة.

ص: 8

يقول رحمه الله: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ابتاع)) " يعني اشترى ((طعاماً)) وهو ما يطعم، وهو نكرة في سياق الشرط فيعم الطعام الربوي وغير الربوي، فيكون شامل لجميع ما يطعم ربوياً كان أو غير ربوي، ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه)) يبع مجزوم بلا الناهية، في رواية ((فلا يبيعه)) بناء على أن (لا) نافية وليست ناهية، وهي أبلغ من الناهية في مثل هذا ((حتى يستوفيه)) يعني حتى يقبضه، فإما أن يكون إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة لأن بيع الطعام قبل قبضه داخل في مسمى العينة عند الإمام مالك، أو يكون تحت الشق الثاني من الترجمة، وهو ما يشبه العينة، وهذا الحديث متفق عليه مخرج عند الإمام البخاري من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي وعبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، ((فلا يبعه حتى يستوفيه)) يعني يقبضه والحديث الثاني أيضاً عن مالك عن عبد الله بن دينار العدوي مولى ابن عمر، والأول نافع مولى ابن عمر "عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه)) " والقبض والاستيفاء بمعنىً واحد، والمراد منهما تمام الملك واستقراره، وقطع دابر التحايل، يعني ما الفائدة من القبض؟ أولاً: الاطمئنان على سلامة السلعة تميزها من غيرها، ولتمام الملك واستقراره بالنسبة للمشتري، وأيضاً ليستفيد غيرهما من كيال وحمال وغير ذلك، فليستفيد الناس كلهم من هذا، المقصود أن القبض لا بد منه، ويكون بالاستيفاء بالكيل، ويحوزه أيضاً إلى رحله كما جاء في الحديث الصحيح، ولذا أردفه بالحديث الذي يليه قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام" يعني نشتري الطعام "فيبعث" يعني النبي صلى الله عليه وسلم "علينا من يأمرنا بانتقاله" أي نقل الطعام، يعني "حتى نحوزه إلى رحالنا" وقد جاء النص بهذا اللفظ: "حتى يحوزها التجار إلى رحالهم"، "من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه" فلا يباع الطعام في مكانه الذي أشتري فيه حتى يحاز إلى مكان آخر، وهل هذا خاص

ص: 9

بالطعام؟ كما يدل عليه مفهوم هذه الأحاديث المذكورة، إذ لو كان غيره في حكمه لما كان للتنصيص عليه فائدة، في الأول يقول: من ابتاع طعاماً، وفي الثاني من ابتاع طعاماً، كنا نبتاع الطعام، فهل هذا خاص بالطعام أو عام في جميع السلع؟ التنصيص على الطعام، لا شك أنه للاهتمام به، وهو فرد من أفراد ما يباع، فرد من أفراد السلع، وجاء عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن جميع السلع في حكم الطعام، قال: وما يخال بقية السلع إلا كذلك، يعني كالطعام، فمن أهل العلم من يقول: بأنه خاص بالطعام، وأما بقية ما يباع من السلع فلا تحتاج إلى حيازة، تباع وهي في مكانها، ويستدل لهذا بالتنصيص على الطعام في جميع هذه النصوص، إذ لو كان غيره في حكمه لما كان للتنصيص عليه فائدة، وهذا رأي الإمام مالك رحمه الله أن الحيازة خاصة والاستيفاء خاص بالطعام، وغيره يرى أن كل السلع في حكم الطعام إذ لا فرق؛ لقول ابن عباس:"وأحسب كل شيء مثله" الإمام مالك يفرق بين الطعام المباع جزافاً وبين الطعام المبيع كيلاً، فيجيز بيع الطعام جزافاً من غير حيازة ولا قبض، كسائر السلع عنده، وأما بالنسبة للمكيل والموزون فلا، وقالوا: لأن المراد الاستيفاء، ولا يكون الاستيفاء ولا يتم إلا بالكيل أو الوزن، كما في سورة المطففين، في سورة المطففين يقول:{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [(2) سورة المطففين] يعني بالكيل {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [(3) سورة المطففين] فالاستيفاء إنما يكون بالكيل والوزن، الآن في الأسواق يؤتى بالطعام من تمر وغيره، ويحرج عليه في السيارة فيشتريه زيد من الناس، ثم بعد ذلك يبيعه في سيارته، إن كان بيعه جملة فجملة وإلا بالتفريد يبيعه، وإن ضايقه صاحب السيارة واستعجل عليه نزله في مكانه، في محل السيارة، وهذا لا يكفي، لا بد من حيازته ونقله عن مكانه، لا بد من نقله عن مكانه، السيارات تباع وهي في المعارض، ويقولون: يكفي في قبضها استلام المفتاح، والتأكد من الأوراق، وتطبيق الأرقام من غير أن يحركها عن مكانها، فهذا على رأي مالك سائغ؛ لأنها ليست بطعام، لكن على رأي من يرى أنه لا بد من الحيازة في كل

ص: 10

شيء، لا بد أن يخرجها من المعرض.

وأما مسألة تحويل الاسم من شخص إلى شخص بالاستمارة، هذا لا شك أنه قدر زائد على العقد الشرعي الذي يتم بالإيجاب والقبول؛ لأنه من زيادة التوثقة أن يقلب الاسم من فلان إلى فلان، لا شك أنه من زيادة توثقة، وإلا فالأصل في العقود أنها تتم بالإيجاب والقبول، لكن إن حصل زيادة توثقة من إفراغ للأرض أو تعديل للاسم قلب من فلان إلى فلان، أو كتابة عقد زواج مثلاً، كل هذا ليس بلازم في الأصل، الأصل في العقود الإيجاب والقبول، لكن هذه الأمور يُحتاج إليها عند النزاع والتخاصم، كما أن الكتابة أصلاً ليست بواجبة، ولو كان العقدين {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] على سبيل الإرشاد عند عامة أهل العلم استحباب، لكن متى يحتاج إلى مثل هذا؟ عند التخاصم، وقل مثل هذا في جميع الأمور التي يزاولها الناس من عقود، يعني لو طلق زوجته، وما كتب هذه الطلقة، أو راجعها ولا أشهد، إن لم يحصل تخاصم، تم الكلام اللفظي وانتهى ويدين، لكن إن حصل تخاصم لا بد من البينات على هذه الدعاوى.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن حكيم بن حزام" حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى المتوفى سنة اثنتين وخمسين "ابتاع طعاماً -يعني اشترى طعاماً- أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه -يقبضه- بلغ ذلك عمر بن الخطاب فرده، وقال: لا تبع طعاماً ابتعته حتى تستوفيه" يعني يأتي الطعام إلى ولي الأمر ثم يوزعه على الناس، إما أن يوزعه بعينه إن أمكن، وإلا يكتب صكوك فلان له عشرة آصع، وفلان له مائة صاع، وفلان له مائتا صاع، وفلان كذا كما سيأتي في الأثر الذي بعده، فمثل هذا لا يجوز بيعه حتى يقبضه، لا يجوز أن يبيعه المشتري حتى يقبضه ويستوفيه، لكن الذي وهب له هل يلزم قبضه ولا ما يلزم؟ لأن عندنا موهوب هذا الموهوب باع والذي اشتراه عمر بن عبد العزيز أمر لفلان بطعام اشتراه منه حكيم بن حزام باعه حكيم قبل أن يستوفيه، الآن الموهوب يحتاج إلى قبض؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 11

يحتاج وإلا ما يحتاج؟ القبض من أجل إيش؟ تمام الملك، وأيضاً التأكد من الاستيفاء الكامل، من تمام القدر الذي انتقل من فلان إلى فلان، يعني تعرفون أنتم في حال البيع والشراء لا بد أن تبرأ الذمة والعهدة، لكن إذا كنت متبرع أمرت لفلان بتسعة آصع، فكالهن صارت ثمانية مثلاً، أو أمرت له بعشرة وصارين تسعة يبي يجيء ويردهن عليك ويقول: لا، ناقصات، ظاهر الفرق وإلا مو بظاهر؟ ولذلك يتسامحون في الموهوب والموروث وما دخل بغير عقد، عقد تدخله المشاحة، يعني لو أن فلان وهب فلان سلعة ثم تبين فيها عيب جاء يردها عليه، قال: والله ما أقبل هذه السلعة فيها عيب، إذاً الموهوب لا يحتاج إلى قبض، ولذلك أمر به عمر

، يقول:"إن حكيم بن حزام ابتاع طعاماً أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الحزام قبل أن يستوفيه -يقبضه- فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فرده عليه، وقال: لا تبع طعاماً ابتعته" فهناك من ابتاع طعاماً والثاني: من ابتاع طعاماً، والثالث: نبتاع الطعام، لكن من عقود إرفاق، يعني هبة، إرث، عطية، وما أشبه ذلك كله غير مبنية على المشاحة، فهذا وجه ويدل عليه الخبر "فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فرده عليه، وقال: لا تبع طعاماً ابتعته حتى تستوفيه" طيب ما فائدة هذا الخبر مع أنه موجود أحاديث مرفوعة في الباب صريحة؟ ما فائدة ذكر هذا الموقوف بعد المرفوعات؟ فرده عليه؟

طالب:. . . . . . . . .

وعدم النسخ أيضاً؛ لأنه استمر العمل به بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على أن الحكم محكم وليس بمنسوخ، كونه رده عليه هو الأصل؛ لأن النهي عنه

، ننظر إلى النهي فلا يبعه، يعود إلى ذات العقد أو إلى أمر خارج؟ نعم فيكون فاسداً.

"وحدثني عن مالك أنه بلغه" الحديث وصله مسلم من طريق الضحاك بن عثمان بن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 12

نعم، إيه، لا تثبت إلا بالقبض الشعير، هو ما هو بالموهوب حكيم، حكيم اشترى من الموهوب، متى يحتاج إلى ما تقول؟ متى يحتاج إليه؟ إذا مات الواهب مثلاً قبل قبض الموهوب، لكن إذا تصرف به الموهوب وقبضه المشتري منه فهو في حكم قبضه، تثبت الهبة بمثل هذا، أدركت الفرق؟ شوف الآن عندنا زيد وهب عمرو طعام أو أي سلعة فمات قبل قبضها، وهي عند الواهب، فالآن ما تم القبض فلا تثبت الهبة، هذا الموهوب تصرف بها وأناب من اشتراها عنه بأن يقبضها، وقبضها الذي اشتراها منه، والواهب حي يرزق، تختلف الصورة ترى، هم يقررون أن الهبة لا تثبت إلا بالقبض في حالات، فيما إذا رجع الواهب قبل القبض أو مات، لكن إذا كان حي ويرى هذا يتصرف ولا قال شيء، خلاص انتهى، أقره على البيع.

طالب:. . . . . . . . .

نعم، إيه.

على كل حال الموهوب لا يشترط فيه الاستيفاء الذي يشترط في المبيع، البيع العقود مبنية على مشاحة، لماذا؟ لا بد أن يستوفي؛ لئلا يبيعه عشرة آصع ثم تبين تسعة فيما بعد، لو بانت تسعة حصلت الخصومة، لكن لو واحد وهبه عشرة فبانت تسعة بيقول: وين العاشر؟! هو إذا باعه لا بد من الاستيفاء، استيفاء المشتري؛ لأن المشتري بيخاصم، أما الموهوب لن يخاصم، على كل حال ما لا يمكن حيازته يكون بالتخلية.

طالب:. . . . . . . . .

لا هذا ينتهي إلى ألا قبض، إذا قال: نبي العرف دخلت التجارة العالمية، وصارت المسألة مسألة اعتبارية، ومسألة

، ما فيها شيء لأهل العلم، ما ينفع يا أخي، ما ينتهي العرف، العرف ما ينتهي، عرف من؟ الآن الأمة دُخلت، أعراف من؟ شيخ الإسلام الأمة محفوظة في وقته، عرف المسلمين، لكن الآن اختلط عرف الكفار بعرف المسلمين بعرف المجرمين بعرف

، الله المستعان.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 13

إي حتى يحوزها، ينكر عليه إيه، النصوص ظاهرة في هذا "حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" التساهل ما ينتج فائدة أبداً، التساهل يطلب تساهل آخر وهكذا، لكن لو أن المادة حسمت انتهى الإشكال، تواطأ الناس عليها، ويقولون: إيش معنى نقل؟ نقل الطعام بالدراهم ويخسرون ويخسر البائع والمشتري على أي أساس؟ نقول: يخسر، مثل ما يطلب الربح يخسر، ومثل ما يربح هو يربح غيره، حمال وكيال خل الأمة كلها تستفيد، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

والله اللي عن جهل شيء، اللي عن جهل لا يعود لمثل هذا، والله في مثل هذا المختلف فيه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا ما يكفي، هذه حيازة الثمن، لكن حيازة المثمن ما جاءت.

وحدثني عن مالك، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال بس لا يبيعها في مكانها بانتقاله من المكان الذي ابتاعه فيه.

ص: 14

يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" وقلنا: إنه وصله مسلم "أن صكوكاً" جمع صك، وهو الورقة التي يكتب فيها الأمر بالعطاء من الطعام لمستحقه، الصكوك يعني ولي الأمر يأمر بطعام فيعطيه ورقة، خذ هذه الورقة جاهزة مطبوعة فيها مائة صاع، أو فيها قطعة أرض، أو فيها أي سلعة من السلع "بلغه أن صكوكاً خرجت للناس في زمان" يعني إمارة "مروان بن الحكم على المدينة من قبل معاوية رضي الله عنه من طعام الجار" الجار قالوا: موضع بساحل البحر يجمع فيه الطعام، ثم يفرق على الناس بصكوك، بوثائق "فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم" الآن إذا أمر لزيد من الناس بقطعة أرض، هذا أمر سامي بقطعة أرض لزيد من الناس هل له أن يبيع هذه الورقة قبل أن تطبق على الواقع أو ليس له ذلك؟ يمنح فلان في مدينة كذا أرض مساحتها ألف متر، هل له أن يبيع هذه الأرض؟ الآن الصور والتكالب على هذه الورقة من وجوه، أحد يشتري الأرض، وأحد يقول: ادفع لي مبلغ أطبقها لك في مكان مناسب مرتفع على النصف على الربع على مبلغ كذا، كل هذا ليستعمل جاهه، وقد يستعمل شيء من الرشوة لتطبق له في مكان مناسب، والناس يستعملون هذا بكثرة، ويكثر السؤال عنه، يقول:"فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها" يقبضوها "فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهو أبو هريرة كما في صحيح مسلم "على مروان بن الحكم فقالا: أتحل -تجيز- بيع الربا يا مروان؟ " وفي رواية: أحللت؟ "فقال: أعوذ بالله" يعني أعتصم به من أن أحل الربا "وما ذاك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها" إذا كانت هذه الصكوك على شيء متفاوت، لكن إذا كان فيها محدد لزيد من الناس القطعة الفلانية، أو له مائة صاع من التمر من نوع كذا، وقال جمع من أهل العلم: إن الهبة يتسامح في قبضها، لكن إذا كان شيء متفاوت، فيكون بيع مجهول، ما تدري وين تطبق هذه الأرض؟ ولا تدري من أي نوع من أنواع التمر؟ يقول:"وما ذاك؟ قالا: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها" ثم باعوها، تبايعها ثم باعوها، يعني الكلام في الموهوب وإلا اللي اشترى من الموهوب؟ إي نعم، هذه الصكوك اللي تبايعها الناس ثم باعوها

ص: 15

قبل أن يستوفوها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفى "فبعث مروان الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها" يعني إلى أصحابها، وفي هذا ما عليه الأمراء في الصدر الأول من الامتثال لأمر الله ورسوله، وفيه أيضاً ما كان عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- من الإنكار، فزيد بن ثابت وأبو هريرة أنكرا على مروان، ولأبي سعيد مواقف من هذا النوع، فالمقصود أن الصحابة -رضوان الله عليهم- كان هذا ديدنهم وهذا منهجهم ينكرون، لكن معروف أن الإنكار لا بد أن يكون بالأسلوب المناسب الذي يحقق المصلحة، ولا يترتب عليه مفسدة أعظم منه، هذا الأصل فيه؛ لأن القصد من ذلك إزالة هذا المنكر، وين؟

طالب: في الأصل.

ويردونها إلى أهلها أصحابها.

طالب:. . . . . . . . .

لأنك عندك فقال: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها، فهل الإنكار على من وهب الأصلي لماذا باعها قبل أن يقبض أو الذي اشتراها من هذا الموهوب ثم باعها قبل أن يقبض؟ لأن اللفظ الأول يدل على الاحتمال الثاني.

طالب:. . . . . . . . .

هو ما هو بربا لكن يجمعه مع الربا التحريم، أحللت الربا؟ من باب التنفير، الزيادة في التنفير، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إلا في ضابط هم يقولون: قبض كل شيء بحسبه، وفصلوا، المعدود بعده، والمذروع بذرعه، والمكيل بكيله، والموزون بوزنه

إلى آخره، إلى أن يصل إلى ما لا يمكن قبضه، ما لا يمكن قبضه كالأراضي مثلاً، قالوا: مثل هذا يكون بالتخلية، ومن تمام القبض الإفراغ.

طالب:. . . . . . . . .

لا هو لو أخرجها من المعرض أحوط، هو يخرجها ويدور عليها ويميزها ويطبق أرقامها، ويعرف أن هذه سيارته، ولو أعادها إلى مكانها مرة ثانية ما في إشكال.

ص: 16

ويقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً أراد أن يبتاع طعاماً من رجل إلى أجل" قصص واقعية "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً أراد أن يبتاع طعاماً من رجل إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن يبيعه الطعام إلى السوق" هذا ما عنده طعام، بيع التورق الآن جله على هذا، تأتي إلى شخص تريد منه مبلغ مائة ألف، ثم تقول: أنا أريد مائة ألف، لكن لا أريد مائة ألف بمائة وعشرة إلى الحول، أبى اشتري منك سيارة قيمتها تصفي لي مائة ألف، وأشتريها منك بمائة وعشرة إلى ما بعد سنة، يقول: أنا ما عندي والله سيارة، لكن روح إلى المعارض، وشوف السيارة التي تحقق هدفك، أنا اشتريها لك، وأبيعها عليك، وين؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 17

لا، ما يلزم، الآن هو وعد، مجرد وعد، ما عَقَدَ عقْد معه، قال: أنت اذهب إلى المعارض، أو أذهب أنا وإياك ونشوف السيارة التي تصلح لك اشتريها لك وأملكها ملك تام مستقر قبل أن أبرم معك شيء وأنت الآن ما زلت خارج العقد بإمكاني أن أثبت العقد على نفسي، وألتزم به، وأن برا، بغيت ترجع في كلامك ارجع أنت حر، لكن بعضهم لا يؤخذ على هذا الوعد خمسمائة ريال مثلاً، هذا إلزام هذا، هذا بيع ما لا يملك، لكن لو قال: أنا أشتريها ويعده أن يشتري له، وبالفعل يشتري فيملكها ملك تام مستقر ثم يبيعها عليه هذا التورق، هنا في هذه المسألة "بلغه أن رجلاً أراد أن يبتاع طعاماً من رجل إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن يبيعه الطعام إلى السوق فجعل يريه الصبر" تبي هذه، تبي هذه، تبي هذه "ويقول له: من أيها تحب أن أبتاع لك" يعني أشتري لك "فقال المبتاع الذي يريد الشراء: أتبيعني ما ليس عند؟! " هذا بناء على أنه يلزمه بهذا الكلام قبل أن يشتري، وإلا ما يسمى بيع، إلى الآن هو مجرد وعد، لكن يمكن أنه قايل له: شوف لا تورطنا نشتري وما تشتري أنت يمكنه هذا؛ لأنه قال: أتبيعني ما ليس عندك؟ ولو كانت على الصورة التي شرحناها ما في بيع بينهما "وقد جاء النهي عنه فأتيا عبد الله بن عمر فذكرا ذلك له، فقال عبد الله بن عمر للمبتاع: لا تبتع منه ما ليس عنده" لكنه إذا تم شراء السلعة من قبل من وعد صاحبه تم ملكها وقبضها وحاز الحيازة الشرعية، ونقد ثمنها، أو ثبت في ذمته وصارت في ملكه له غنمها وغرمها، يعني قابلة للزيادة والنقص له وعليه قبل أن يبرم العقد مع الثاني صارت عنده "وقال للبائع: لا تبع ما ليس عندك" يعني وقد جاء النهي عنه في حديث حكيم بن حزام، وقال له النبي عليه الصلاة والسلام:((لا تبع ما ليس عندك)) وين؟

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه لا يلزمه بشيء.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 18

هو مجرد وعد، يعني أنت تبي

، محتاج لمائة ألف، تروح لمؤسسة أو لرجل فرد أو شركة، أو أي جهة، وتقول لهم: أنا محتاج مائة ألف، لكن أنا ما أبي ربا، أبي حلال، ولا وسيلة في مثل هذا إلا التورق إن لم يحصل القرض، يندر الآن من يقرض، أو السلم المجمع عليه، لكنه نادر أيضاً، يعني أنت ما عندك مصنع تبي تصنع له سيارة بعد سنة من أجل أن يعطيك مائة ألف، أو تضمن له سيارة ولو من صناعة غيرك؛ ليكون سلم على الخلاف في المُسْلِم هل يشترط أن يكون مالك لأصل السلعة أو لا؟ نعم فما هنا إلا التورق، التورق هذا يبي يقول لك: أنا والله ما عندي سلعة ما عندي إلا دراهم، أبا أعطيك مائة ألف بمائة وعشرة لمدة سنة، تقول: لا والله أنا ما آكل الربا، أنا أريد أن تشتري لي سيارة، تشتري لك سيارة، ما يشتري لك أنت، يشتري لنفسه سيارة، ثم يملكها ملك تام مستقر له غنمها وعليه غرمها لو اشتراها بمائة ألف مثلاً اليوم، وتأخرت عليه لك أسبوع ثم بعد أسبوع صارت تسوى مائة وخمسين، له، لو جاء دفعات كبيرة من هذه السيارة وبعد أسبوع جئت أنت قال: والله ما تسوى إلا ثمانين، وبدلاً من أن يبيعها عليك بمائة وعشرة يبيعها عليك بتسعين خسر، نعم له غنمها وعليه غرمها، يملكها ملك تام ومستقر ويحوزها، ثم بعد ذلك يبيعها عليك، ولو كان ما اشتراها إلا من أجلك؛ لأن هذا وعد.

طالب:. . . . . . . . .

الطرف الثالث؟ من غير تواطؤ؟

طالب:. . . . . . . . .

لا ما في إشكال، طرف ثالث ذاك، اللهم إلا أن يكون البيع بين صاحب المعرض وبين التاجر هذا مواطأة قلت له: ترى أنا ببيع عليك ولا تزيد علينا ولا تكسب علينا، المسألة بس، قال: هذه حيل ما تصلح.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن أنت افترض أن التاجر ما عنده سلعة، هذا التاجر ما عنده سلعة، ما عنده إلا دراهم، والمشتري الثاني المحتاج هذا ما يأكل الربا، فيشتري له هذا التاجر سيارة، ويبيعها عليه بقيمة أكثر مما تستحقها، بعد أن يملكها ملك ما في إشكال -إن شاء الله تعالى-، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 19

يقبضونها الأول يقبضها ويخرجها عن المعرض، وإن أعادها إليه لا بأس، المقصود أنه ميزها وطبق أرقامها وحركها، وعرف أنها سليمة مائة بالمائة، وأخرجها عن محلها الأول ورجعها، الثاني يفعل بها ذلك.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن عبد الرحمن المؤذن المدني يقول لسعيد بن المسيب: إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار" تعطى الناسُ أو تعطى الناسَ؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال أعطى يتعدى إلى مفعولين، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

إي يعطى لكن الناس وش ضبطها؟

طالب:. . . . . . . . .

الآن الفعل أعطى يتعدى إلى مفعولين، أعطيت زيداً الكتابَ، يتعدى إلى مفعولين والفاعل التاء، لكن لو بني هذا الفعل أُعطي زيدٌ الكتابَ أو أُعطي زيداً الكتابُ؟ يجوز الوجهان؛ لأن أحد المفعولين يكون نائب فاعل، لكن المرجح عندهم والأولى أن يكون هو الفاعل المعنوي، عندنا فاعل الإعطاء التاء التي حذفت للبناء على المجهول، وبقي عندنا مفعولان، هذان المفعولان أحدهما آخذ والثاني مأخوذ، فزيد آخذ والكتاب مأخوذ، فالأولى بأن يكون نائب الفاعل زيد، وهنا نقول: تُعطى الناسُ الأرزاقَ "بالجار" الذي تقدم أنه موضع بالساحل، ساحل البحر يجمع فيه الطعام "إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله، ثم أريد أن أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل، فقال له سعيد: أتريد أن توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت؟ فقال: نعم، فنهاه عن ذلك" لماذا؟ لئلا يبيعه قبل قبضه.

ص: 20

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندها الذي لا اختلاف فيه" وهذا تأكيد للمجتمع عليه "أنه من اشترى طعاماً براً أو شعيراً أو سلتاً - نوع من الشعير- أو ذرة أو دخاً أو شيئاً من الحبوب القِطنية" تقدم أن القطنية واحدة القطاني كالعدس والحمص واللوبيا ونحوها "أو شيئاً مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة كالتمر والزبيب والزيوت أو شيئاً من الأدم - جمع إدام ككتب جمع كتاب- أو شيئاً من الأدم كلها الزيت والسمن والعسل" لأنها كلها يؤتدم بها "والخل والجبن والشبرق" أو الشيرق، هذا كلها مع لفظ ثالث اسمه: الشيرج، والمقصود به زيت السمسم "واللبن وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع شيئاً من ذلك حتى يقبضه ويستوفيه" عملاً بعموم الأحاديث التي تشمل الربوي وغير الربوي، على ما تقدم من مجيء الطعام نكرة في سياق الشرط، فتعم جميع الأطعمة التي يدخل فيها الربا، والتي لا يدخل فيها الربا.

طالب:. . . . . . . . .

وش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

وش الدلالة على تخصيص الموزون؟ والمكيل؟

طالب:. . . . . . . . .

مكيل وإلا موزون وإلا معدود؟ المقصود أنها طعاماً، طعاماً يشمل الجميع، الطعام الأصل فيه ما يطعم، فإذا جاء نكرة في سياق الشرط لا شك أنه يعم.

يقول: لو زاد البائع من سعر السلعة ثلاثة أضعاف أو أربعة أضعاف ما اشتراه به؟

هو يعني اشترى سلعة بمائة وطلب عليها ثلاثمائة، لا شك أن مثل هذا أولاً: غبن عند المحاكمة يرد عليه بخيار الغبن، والأمر الثاني: أنه لا ينبغي أن يسود هذا الشح وهذا التكالب بين المسلمين، بل لا بد أن يكون بينهم التعاون والتراحم، وفي الصدر الأول ما كان أحد أولى بدرهمه وديناره من أخيه، كما مر بنا، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أضعاف؟

طالب:. . . . . . . . .

هو الإشكال لو يأتي الزبون ويقول له: الساعة بعشرين ما شراها، لكن لو يقول له: بمائة، أو مائتين أو حتى خمسمائة، كلما يرتفع سعرها تصير أفضل وأجود في نظر المشتري، وهم يتعذرون بهذا، لكن ليس بعذر، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا لو نزل بها مشت، هذا سببه رفع الثمن.

ص: 21

يقول: ما الحكم في الاشتراك ضمن صناديق استثمارية في البنوك مثل الراجحي والأهلي و .... وغيرها؟

الاشتراك في صناديق الاستثمار في مثل هذه الأماكن لا شك أن الشبهة قوية، ولو قالوا: إنهم يتعاملون معاملات مرابحة وشرعية، لا ، لا، على الإنسان أن يستبرئ لدينه، وأن يترك الشبهات، وأقل ما فيها الشبهة، وأما البنوك التي عرف منها الإقدام على الربا لا يجوز التعامل معها إلا لضرورة، وأن يكون العقد بينك وبينه عقد صحيح، وتعرف هذا العقد، وأما توكيلهم وجعلهم يضاربون بأموالك، ويشتغلون وهم في الأصل غير ثقات، ما الذي يؤمنك أن يتعاملوا بها على غير وجهها الشرعي؟

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 22