المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: النداء في السفر وعلى غير وضوء: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: النداء في السفر وعلى غير وضوء:

يقول: هل يؤذن للصلاة شريط بدل المؤذن؟

لا، لا يجوز أن يوضع شريط يؤذن للصلاة بدل المؤذن؛ لأن الأذان عبادة شرعية، ولو قلنا بهذا لقلنا بعد أيضاً: يوضع شريط يصلي بالناس، هذا لا يجوز؛ لأنها عبادة، توسع الناس في هذه المحدثات في مواطن العبادة، بل في العبادات نفسها المحضة أمر غير مرضي، ينبغي أن يقتصر منها على قدر الحاجة، أنا قلت: إدخال مثل هذه الآلات في العبادات المحضة على خلاف الأصل، فينبغي أن يقتصر منها على قدر الحاجة.

يقول: امرأة نفساء في أواخر شعبان رأت الطهر في نهار رمضان وصامته، في بعض ليالي تلك الأيام ترى دم قليل، هل صيامها صحيح؟

إذا انقطع عنها الدم بالكلية في النهار صيامها صحيح -إن شاء الله-.

يقول: هل كلمة العي بفتح العين أم بكسرها؟ وما الفرق؟

بكسرها، شفاء العي السؤال، العي هو العجز، ولعله يقصد بذلك الفتح العَي وبعضهم يطلقه على العجز عن الكلام، وهو الإرتاج، نعم، وفي حديث ابن عمر: كيف يكون عيياً من في جوفه كتاب الله؟! الله المستعان.

هذا يقول: يلاحظ على الطلاب في نهاية الدرس القيام قبل قيام الشيخ، وأثناء السؤال لا يستطيع الجميع الإجابة والمشاركة بسبب هذا التجمهر؟

على كل حال إن كانت له حاجة وأراد الانصراف فلا بأس، أما من لم تكن له حاجة فلينتظر ليسمع ما يطرح من سؤال والجواب عليه، ولعل فيه فائدة -إن شاء الله-.

سم.

‌باب: النداء في السفر وعلى غير وضوء:

أحسن الله إليك.

قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-: باب النداء في السفر وعلى غير وضوء:

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول: ((ألا صلوا في الرحال)).

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلا في الصبح، فإنه كان ينادي فيها ويقيم، وكان يقول:"إنما الأذان للإمام الذي يجتمع الناس إليه".

عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال له: "إذا كنت في سفر فإن شئت أن تؤذن وتقيم فعلت، وإن شئت فأقم ولا تؤذن".

ص: 33

قال مالك: "لا بأس أن يؤذن الرجل وهو راكب".

عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك، فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النداء في السفر" يعني الأذان في السفر، وهو ما يقابل الحضر من الإسفار، وهو البروز والظهور؛ لأن المسافر يبرز ويظهر ويخرج عن البلد، ومنه قيل لمن أبدت شيئاً من محاسنها سافرة؛ لأنها أبرزت ذلك وأظهرته.

"وعلى غير وضوء" قال ابن عبد البر في الاستذكار: هكذا عن يحيى في ترجمة الباب: "وعلى غير وضوء" ولم يتابعه أحد على هذه الزيادة، يعني من رواة الموطأ فيما علمت، ولا في الباب ما يدل على ذلك، يعني ما في ما يدل على الوضوء للأذان، ولا عدمه، ولا في الباب ما يدل على ذلك أيضاً، ولو كان في مكان قوله:"على غير وضوء" والأذان راكباً كان صواباً؛ لأنها مسألة في الباب مذكورة، يعني باب: النداء في السفر وراكباً، أو أذان الراكب، أو ما أشبه ذلك، وليس في حديث مالك هذا أنه كان في السفر، يعني حديث مالك عن ابن عمر، أن عبد الله بن عمر أذن بالصلاة في ليلة برد .. ، ذات برد وريح، يقول ابن عبد البر: وليس في حديث مالك هذا أنه كان في السفر، ولكنه قيده بترجمة الباب، باب: النداء في السفر، وقد روي أن ذلك في السفر"، هذا كلام ابن عبد البر.

في صحيح البخاري أن ابن عمر أذن في ليلة باردة بضجنان، بضجنان، ضاد، جيم، نون، ألف، نون، بضجنان، وهو جبل على بريد بمكة، وقال صاحب الفائق: بينه وبين مكة خمسة وعشرون ميلاً، خمسة وعشرون ميلاً، على بريد من مكة، خمسة وعشرون ميلاً بينهم فرق؟ البريد كم؟ يعني ستة عشر؟ نعم ستة عشر ميلاً، الفرق كبير، نعم.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح" وعرفنا أنه كان بضجنان، يعني مسافر، "فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول: ((ألا صلوا في الرحال)) ".

ص: 34

والرحال: جمع رحل، وهو المنزل والمسكن، المنزل والمسكن، طيب المسافر ما له منزل ولا مسكن كيف يصلي في الرحال؟ رحله ما يستصحبه من متاع في السفر يصلي عند رحله، عند متاعه.

يقول: ((ألا صلوا في الرحال)) جاء في البخاري يقول: على إثره، يعني على إثر الأذان:((ألا صلوا في الرحال)) وإذا كان على إثر الأذان يعني بعده، بعد الأذان، فعلى هذا إذا فرغ من الأذان بجميع جمله قال: ألا صلوا في الرحال، في رواية مسلم: كان يقول في آخر ندائه، في آخر ندائه، لا يلزم أن يكون بعده، في آخر ندائه، استظهر ابن حجر تبعاً لابن خزيمة وهو صحيح من حيث المعنى كلامهم، أن قوله:((ألا صلوا في الرحال)) بدل من الحيعلتين، يعني بدلاً من أن يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، يعني تعالوا إلى الصلاة، نعم هلموا إلى الصلاة، نعم، يقول بدل ذلك: ألا صلوا في الرحال، هو من حيث المعنى صحيح؛ لأنه لو قال: حي على الصلاة حي على الفلاح، ألا صلوا في الرحال، صار إيش؟ تناقض معنى تعالوا إلى الصلاة هلموا إلى الصلاة، ولا تجون، صلوا في رحالكم، نعم، الكلام على أنه العبادة أيضاً معقولة، النداء لإيش؟ لنحضر إلى الصلاة، لنعلم الوقت، هذا كلام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-، نقول: لا، لأن المعنى واحد، لكن ما في تناقض، ما يلزم عليه تناقض، تعالوا ولا تجون، هذا التناقض بعينه، هذه وجهة نظر من؟ ابن خزيمة واستظهره ابن حجر، ولا شك أنه ظاهر من حيث المعنى، من حيث المعنى ظاهر، يعني إيش معنى حي على الصلاة؟ يعني: تعالوا، هلموا، أقبلوا إلى الصلاة، أقبلوا إلى الفلاح، سبب الفلاح الصلاة، ألا صلوا في الرحال، ما في إلا إنه على إثره يقول، في الصحيح، على إثره ألا صلوا في الرحال، صحيح ذكرنا برواية فإذا جئت على حي على الصلاة فقل: ألا صلوا في الرحال، صلوا في رحالكم، هذا مجرد استظهار من ابن حجر، كيف؟ نعم وهو فيها نص، نعم.

وظاهر خبر ابن عمر وهو في السفر، والجمهور على أنه مطلق عند الحاجة في السفر والحضر، يعني صنيع ابن عمر إيش؟ في السفر، والجمهور على أنه لا يقتصر على السفر، بل يقول المؤذن: ألا صلوا في رحالكم في الحضر والسفر عند الحاجة، وهذا قول الجمهور.

ص: 35

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يزيد على الإقامة في السفر" لا يزيد على الإقامة في السفر؛ لأنه لا معنى للتأذين إلا ليجتمع الناس يعني من وجهة نظر إيش؟ ابن عمر، "لا يزيد على الإقامة في السفر" لعدم وجود من يجتمع بسبب الأذان، "إلا في الصبح فإنه كان ينادي -يعني يؤذن- فيها" يعني الصبح تختلف عن غيرها؟ الصبح الناس نيام، أو جلهم نيام، فيحتاجون إلى من يوقظهم، فيقظون بالأذان، وما عدا ذلك هم مستيقظون، في غير الصبح من الأوقات هم مستيقظون، فلا يحتاجون إلى تأذين، وهذا موقوف، "فإنه كان ينادي فيها ويقيم" إظهاراً للشعيرة، وكان يقول:"إنما الأذان للإمام الذي يجتمع الناس إليه"، إنما الأذان للإمام الذي يجتمع الناس إليه.

وفي رواية عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عمر: إنما التأذين لجيش أو ركب عليهم أمير فينادي بالصلاة ليجتمعوا إليها، وأما غيرهم فإنما هي الإقامة، وحكي نحوه عن مالك، يعني لا يؤذن إلا في هذه الحالات، إذا وجد أناس متفرقون يجمعهم الأذان أذن وإلا فلا.

والمشهور من مذهبه، وعليه الأئمة الثلاثة وغيرهم مشروعية الأذان لكل أحد، وبالغ عطاء فقال: إذا كنت في سفر فلم تؤذن ولم تقم فأعد الصلاة، ولعله كان يراه شرطاً في صحة الصلاة، إذا كنت في سفر فلم تؤذن ولم تقم فأعد الصلاة، لكن هذا إذا كان شرط لصحة الصلاة، وعامة أهل العلم على أنه ليس بشرط، فرض كفاية، ومنهم من يقول: سنة مؤكدة، ولا شك أنه شعيرة من شعائر الدين، من تركه إذا تركه أهل بلد أثم، وقاتلهم الإمام على تركه، وكذا بقية الشعائر، ولكنه مع هذا الإثم الصلاة لا أثر له فيها؛ لأن الجهة منفكة، وهو أمر خارج الصلاة، لأنه إذا عاد عادت المخالفة والنهي إلى أمر خارج، لا يؤثر هذا العبادة

ص: 36