المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلا - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٣٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلا

"وحدثني عن مالكٍ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القارّي عن أبيه أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قِبل أبي موسى الأشعري" يعني من جهة اليمن أو البصرة؟ لأنه صار في اليمن وصار في البصرة "فسأله عن الناس فأخبره" سأل عن الأخبار فأعطاه الأخبار "ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغرّبة خبر؟ " يعني من أخبار غريبة "فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه" ارتد نسأل الله السلامة والعافية "قال: فما فعلتهم به؟ قال: قرّبناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً" يعني ثلاث ليالٍ "وأطعمتموه كل يومٍ رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله" يعني هذا مطلوب أن يستتاب ثلاثاً، ولا يبادر بقتله وتفوّت عليه الفرصة، بل تتاح له فرصة الدخول في الإسلام مرة أخرى، يراجع دينه "لعله يتوب، ويراجع أمر الله، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني" نعم الأصل أن عمر مسؤول عن رعيته، وأنه لا يولي إلا الأكفأ الذين من أهل الاجتهاد، ومن أهل التحري، فعمر رضي الله عنه تبرأ مما حصل، فولي الأمر إذا ولّى الكفء الذي له أهلية النظر في المسائل العلمية واجتهد، وأخطأ كما هنا لا تلحق الملامة من ولاه؛ لأنه مطالب أن يبحث عن أجدر الناس، وأولى الناس في هذا المنصب، ثم بعد ذلك التفاريع ليس مسؤولاً عنها، الجزئيات، إذا اجتهد هذا المولى من قبل ولي الأمر ولي الأمر لا يتحمل أخطاءه، يحتمل أخطاءه لو ولى غير كفء، فهو مسؤول عنه وعن أخطائه إذا ولى غير كفء "فقال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني" وعلى هذا برئ من العهدة؛ لأنه ولى من تبرأ الذمة بتوليته، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً

حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمّان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)).

ص: 11

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له: ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله، أو قتلهما معاً، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك، فسأل أبو موسى الأشعري عن ذلك علي بن أبي طالب، فقال له علي بن أبي طالب: إن هذا الشيء ما هو بأرضي، عزمت عليك لتخبرنّي؟ فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي: أنا أبو حسن إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليعطَ برمّته.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً

وجد مع امرأته رجلاً لا يشك في كونه جامعها جماعاً كاملاً، وليس بحضرته شهود، المرأة مستحقة للرجم لأنها زانية ومحصنة، وهذا أيضاً قد يكون محصناً فهو مستحق للقتل، فهل لآحاد الناس أن يتولوا مثل هذه الأمور؟ يقتلون؟ لا، ليس لهم ذلك، إنما هذا من خصائص ولي الأمر، ليس لأحد ٍأن يتعدى أو يفتات عليه في هذه الأمور.

ص: 12

قال: "حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمّان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة" وهو المعروف بغيرته "قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) " أتركه حتى تأتي بالشهداء، نعم عليك أن تحول بينه وبينها، ما تقول: والله أنا أتركهم، أنا ما عندي شهود، لكن لا تتصرف تصرف ليس لك، إقامة الحدود من حقوق السلطان، فلا يجوز أن يفتات عليه، أما كونه تحول بينها، أو تقاتله مقاتلة دون عرضك فهذا لك، أما أن تقتله؟ القتل غير المقاتلة ((من قتل دون عرضه فهو شهيد)) هذا وجد مع امرأته شخصاً يعاشرها معاشرةً تامة أيقتله فتقتلونه؟ قال:((نعم)) وإلا لو تركت المسألة هكذا لكثرت الدعاوى، إذا كان بين شخص وآخر خصومة، أو منافسة في دنيا دعاه إلى بيته إلى وليمة، وأكرمه ثم استدرجه إلى أن يدخله في غرفة النوم ثم يقتله، ثم يقول: إنه وجده مع امرأته؛ لأن هذه الأمور لا تنتهي لو تركت إلى اجتهادات الناس، ولذا قال: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أو أمهله حتى آتي بأربعة شهداء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((نعم)) وعلى هذا من استحق القتل على أي وجهٍ كان افترض أنه مرتد، ليس الأمر إليك، افترض أنه ما يصلي، وأنت ممن يرى أن تارك الصلاة كافر يقتل مرتد، أنت ما تنفذ، هذه الأمور إلى السلطان ليست لآحاد الناس، لكن كونك تحول بين المنكر ومن يريده هذا مطلوب منك، كونك تدافع عن عرضك تدافع عن عرضك، كونك تقتل أو تقتل دون عرضك شيء آخر، أما أن تقتل من وقع في المعصية لا؛ لأن هذا حد والحد إنما هو للسلطان، فلا بد من الإتيان بأربعة شهداء ليثبت فيه حقه حد الرجم، أما أن يتولى قتله فلا.

ص: 13

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له: ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله أو قتلهما معاً" يعني قتل هذا الزاني وامرأته؛ لأنهما زنيا نسأل الله السلامة والعافية، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، أشكل عليه القضاء باعتبار أن كل منهما مستحق للقتل، فكيف يقتل شخص بقتل من يستحق القتل؟ أشكل على معاوية رضي الله عنه "فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له عليّ بن أبي طالب عن ذلك" المنافسة التي بينهما والخصومة والقتال ما منعه من الاعتراف لصاحب الفضل بفضله، ولا حمله ذلك على أن يتجاهل الخصم، بل هو مقرّ له، مذعن له بالفضل وبالعلم، ولذلك أرسل له من يسأله "كتب إلى أبي موسى يسأل علي بن أبي طالب" ومعروف ما بين علي ومعاوية -رضي الله عن الجميع- "فقال له علي" قال لأبي موسى "إن هذا الشيء ما هو بأرضي" هذا ليس بالعراق، فأين وجد؟ "عزمت عليك لتخبرنّي؟ " عزمت يعني أكدت عليك إلا أن تخبرني به، هل أنت السائل بالفعل وجاءك صاحب القضية فرفعت ليّ الأمر، أو القضية عند غيرك ممن كلفك بسؤالي؟ "عزمت عليك لتخبرني؟ فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي: أنا أبو حسن" هذه كنيته، هذه كنية علي رضي الله عنه "إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليُعطَ برمّته" يسلم إلى أولياء المقتول، يقتادون منه، أو يقبلون الدية، الأمر إليهم، وهذا لا شك أنه من باب ضبط الأمن وإلا لو ترك مثل هذه الأمور إلى آحاد الناس ما انتهت، فليعط برمته، أن يسلم إلى أولياء المقتول يقتلونه قصاصاً، أو يختارون الدية إن عدلوا عن القصاص، المقصود أنه مستحق للقتل؛ لأن هناك وسائل تثبت بها الحدود، والحدود ليست لأفراد الناس، فإذا تمت هذه الوسائل بالشهود الأربعة، طيب افترضنا أنه وجد مع امرأته رجلاً وعنده أربعة شهود فقتله، هل يقتل به أو لا يقتل؟ مفهوم هذا الكلام أنه لا يقتل، لكن لا يمنع من أن يعزّر، لا يمنع من تعزيره لافتياته عن الإمام، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 14