الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل" الرسول عليه الصلاة والسلام أشار إلى الغرماء: أن ضعوا، لكن هل هو على سبيل الإلزام والعقد أو من باب الإرفاق؟ إذا قلنا: من باب الإرفاق انتهى ما دخل في باب الربا "وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل، فيضع عنه وينقده، وليس هذا مثل الدين، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالاً في أن يتعجل العتق، فيجب له الميراث والشهادة والحدود" هو يريد أن يحصل على حقوق الأحرار، فيتعجل هذا في مقابل تعجيل القيمة "وتثبت له حرمة العتاقة، ولم يشترِ دراهم بدراهم، ولا ذهباً بذهب، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه: ائتني بكذا وكذا ديناراً وأنت حر، فوضع عنه من ذلك، قال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر" يعني قال: إن جئتني بخمسة آلاف خلال ستة أشهر بدل عشرة آلاف في سنة فأنت حر، استقروا على خمسة آلاف خلال ستة أشهر، ثم قال له: إن جئت بثلاثة آلاف خلال شهرين فأنت حر، هل يكون باع عليه الخمسة آلاف بثلاثة أو يكون وضع من دينه بطوعه واختياره؟ يعني لو سامحه، لو انتظر إلى الأجل إلى ستة أشهر، وقال: أنا ما دام أنا أبي منك خمسة آلاف هات أربعة ولك ألف؟ هل هذا من السماحة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء أم من باب الربا؟ لا، من باب السماحة بلا شك.
"فوضع عنه من ذلك، قال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر، فليس هذا ديناً ثابتاً، ولو كان ديناً ثابتاً لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس، فدخل معهم في مال مكاتبه".
نعم.
أحسن الله إليك.
باب جراح المكاتب:
قال مالك رحمه الله: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحاً يقع فيه العقل عليه، أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه، وكان على كتابته، فإن لم يقوَ على ذلك فقد عجز عن كتابته، وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة، فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل، وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه، وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده.
قال مالك رحمه الله: في القوم يكاتبون جميعاً فيجرح أحدهم جرحاً فيه عقل، قال مالك رحمه الله: من جرح منهم جرحاً فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة: أدوا جميعاً عقل ذلك الجرح، فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم، وإن لم يؤدوا فقد عجزوا، ويخير سيدهم، فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح، ورجعوا عبيداً له جميعاً، وإن شاء أسلم الجارح وحده، ورجع الآخرون عبيداً له جميعاً بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم.
قال مالك رحمه الله: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل، أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته، فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم، وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة، ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته، فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه.
قال مالك رحمه الله: وتفسير ذلك أنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم
…
أنه كأنه كاتبه.
أحسن الله إليك.
وتفسير ذلك كأنه كاتبه
…
أنه كأنه.
وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم، وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم، فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم، وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق، وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب مما بقي من كتابته وعتق، وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب، ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه، فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد، وإنما كاتبه سيده على ماله وكسْبه، ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده، ولا ما أصيب من عقل جسده، فيأكله ويستهلكه، ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده، ويحسب ذلك له في آخر كتابته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب جراح المكاتب:
"قال مالك: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحاً يقع فيه العقل عليه" يعني الدية "أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه" كوتب على عشرة آلاف في كل شهر ألف، ويستطيع أن يكسب أكثر من ذلك، فيؤدي الدية، دية هذا الجرح مع قسط الكتابة "إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه" وكان على كتابته، ما صار شيء، العقد ما تأثر "فإن لم يقوَ على ذلك" لا شك أن العقد يتأثر "إن لم يقوَ على ذلك فقد عجز عن كتابته" إذا كان لا يستطيع أن يوفر من كسبه أكثر من نجم الكتابة فمتى يؤدي عقل الجرح؟ لا شك أن هذا مؤثر على العقد "فقد عجز عن كتابته، وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة" وإذا أدى عقل الجرح، الجرح مثلاً خمسة آلاف، قدرت الجناية بخمسة آلاف، وهو مطلوب منه شهرياً يدفع ألف كتابة، لن يستطيع أن يؤدي، بيتأخر، تتأخر النجوم، فإنه قد عجز في هذه الحالة، لكن إن رضي السيد، قال: بدلاً من أن يدفع لي من الآن ننتظر شهرين ثلاثة خمسة إلى أن يؤدي عقل الكتابة، وتكون عقل الجراحة والكتابة تستأنف بعد ذلك، فالأمر لا يعدوه "وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة؛ لأنه مستقر والكتابة غير مستقرة".
"فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده" يقول: أنا والله ما أقدر أدفع شيء، وأيضاً هذه الجراحة قد تكون أكثر من قيمته وأكثر من كتابته.
"فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه" يعني دهس حراً، ودية الحر أكثر من قيمة العبد أضعاف، نعم، يكلف السيد أن يدفع القيمة كاملة الدية كاملة؟ أو يقول: خذوه، استرقوه، أو استوفوا من ثمنه من قيمته وما أشبه ذلك؟ المقصود أنه لا يكلف أكثر من قيمة العبد، فلا يجمع له بين مصيبتين.
"فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه، وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده".
لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، لكن يكفي أنه يفوت عليه العبد، الآن إذا زنت البكر تغرب سنة مع الجلد مائة، طيب، هل تغرب بدون محرم؟ نعم لا تغرب بدون محرم، طيب ما ذنب المحرم أن يغرب معها؟ قال العلماء: لأنه فرط في حفظها فتغريبه معها من جنايته، لا من جنايتها، فرط في حفظها، ألا نقول: إن السيد الآن يلزمه أن يدفع أكثر لأنه فرط في تمكينه من الأداة أو من الآلة؟ أعطي سيارة فيضمن، أعطى العبد سيارة وهو ما يحسن التصرف، أعطى الولد يعني لو مثلاً الأب أعطى الولد الذي لا يسوغ له نظاماً أن يقود السيارة، أعطاه سيارته وذهب ودهس آدمي، الدية على من؟ هي في الأصل على العاقلة، لكن العاقلة الآن ما لها وجود الآن، تفرق الناس، ولا يعرف أحدهم عاقلته، لكن هل الذي يضمن الأب أو الابن؟ هو مكلف الابن؟ نعم؟ هو مكلف ومباشر، لكنه الأب نظاماً مفرط، أعطى الولد الذي لم يبلغ السن النظامية، لكن هل بلوغ السن النظامية له أثر في تصرفات الولد أو لا أثر له؟ يعني الولد مكلف عمره خمسة عشر ستة عشر، هل نقول: إن كل مكلف يصلح لكل عمل؟ فيكون إعطاؤه الآلة تفريط ولو كان مكلفاً، وما دام الأب مفرط، وأعطى الولد الذي لا يصلح لهذا العمل؛ لأنه حتى التكليف تكليف بعض الناس وإن كان مكلفاً إلا أنه لا يمكن من بعض الأعمال التي لا يحسنها، فإذا مكن من بعض الأعمال التي لا يحسنها فلا شك أن من مكنه مفرط، ولا شك أنه يضمن أثر تفريطه، مثلما قلنا فيمن فرط في حفظ موليته فيغرب معها.
"قال مالك في القوم يكاتبون جميعاً فيجرح أحدهم جرحاً فيه عقل" دية، "قال مالك: من جرح منهم جرحاً فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة: أدوا جميعاً عقل ذلك الجرح" لماذا؟ لأن عقدهم واحد، فلا يتحرر أحدهم دون الآخر "فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم" ما صار شيء، والعقد لم يتأثر "وإن لم يؤدوا فقد عجزوا، ويخيرهم سيدهم، فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح ورجعوا عبيداً له جميعاً، وإن شاء أسلم الجارح وحده"، هذا الذي اعتدى وجنى يسلم للمجروح "وحده، ورجع الآخرون عبيداً له جميعاً بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم".
طيب لو قالوا: يسلم هذا الجاني، والقيمة خمسين ألف بدل ما هي على خمسة تصير على أربعة، إحنا ملتزمين بدين الكتابة، بعقد واحد اعتبره مات، وكل واحد حميل، كل واحد ضامن لصاحبه، هل لهم ذلك وإلا ليس لهم ذلك؟ يعني هل السيد يتضرر سواءً كانوا أربعة أو خمسة؟ ما يتضرر.
ومن صور الوفاء والسداد لهذا الدين دين الدية هذه أن يسلم الجاني، سلم الجاني التزم الأربعة بما التزم به الخمسة، لا شك أنهم إذا كانوا يستطيعون والسيد هو الذي يقدر مثل هذه الأمور، قد يقول: إنهم لا يستطيعون أن يؤدوا، وهم أربعة دين خمسة، لا يستطيعون، فله أن يعجزهم فيرجعوا أرقاء، ولهم أن يتحملوا ويكسبوا كسب الخمسة ويستمرون على الكتابة.
"قال مالك رحمه الله: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل" هذيك جناية المكاتب على غيره، وهنا جناية الغير على المكاتب عكس.
"إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل، أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته، فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم" يعني
…
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على حسب القيمة.
"فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم، وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم -الذي له الكتابة- ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته" يحسم هذا المبلغ مبلغ الجناية على العبد يحسم من قيمة الكتابة "فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه".
"قال مالك: وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم، وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم، فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر؛ لأنه استوفى الألف من الدية، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم، وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق" ما بقي عليه إلا ألف، واستوفى ألف من هذه الجناية خلاص انتهى، الألف في مقابل الألف.
"وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب ما بقي من كتابته وعتق" ويرد الزائد على المكاتب "وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب، ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه" نعم ما يعطى هو وعليه دين، دين الكتابة، يعطى السيد؛ لأنه احتمال أن يأكله ثم بعد ذلك يعجز نفسه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له أن يعجز نفسه، لكن الجناية لسيده ما هي له، دية الجناية لسيده.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو بيأخذها يحتسب، يحتسبها من الكتابة، إلا إذا أعجز نفسه انتهى الإشكال، يعود رقيق ولا له شيء.
"فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد" المعضوب الذي لا يستطيع التصرف، يعني مثل المقعد أو المشلول أو ما أشبه ذلك، يعني ناقص، مع ما أخذه سيده من الدية، هذا في مقابل هذا، "وإنما كاتبه سيده على ماله وكسبه، ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده، ولا ما أصيب من عقل جسده، فيأكله ويستهلكه، ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده، ويحسب ذلك له في آخر كتابته" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.