الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح: الموطأ -
كتاب الجامع
(1)
باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم
-، باب ما جاء في صفة عيسى ابن مريم عليه السلام والدجال - باب ما جاء في السنة في الفطرة- باب النهي عن الأكل بالشمال - باب ما جاء في المساكين
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم
-:
باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم:
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه سمعه يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط ولا بالسبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله عز وجل على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء صلى الله عليه وسلم".
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم:
صفة النبي عليه الصلاة والسلام الخلقية والخُلقية، وهي من سنته عليه الصلاة والسلام، وهي ملحقة بالسنة، فلا بد من الاطلاع على صفاته، وعلى شمائله وأخلاقه، وجميع ما يتعلق به؛ لأنه هو القدوة، وهو الأسوة، وحياته عليه الصلاة والسلام هي الترجمة العملية للدين بجميع فروعه.
يقول:
باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم:
وهنا في صفاته الخَلقية، قال:"حدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه سمعه يقول" يلاحظ على كثير من طلاب العلم الاهتمام بالسنة، والاهتمام بالأحكام، والاهتمام بالعقائد، لكن يلاحظ التقصير الشديد في السيرة النبوية، وشمائل المصطفى عليه الصلاة والسلام وخصائصه، يلاحظ هذا الأمر، مع أنها موجودة في كتب السنة، يعني ألفت على سبيل الاستقلال، وألف فيها تبعاً لأبواب الدين في الجوامع التي تجمع أكثر أبواب الدين، فتجد هذه الأمور المتعلقة به عليه الصلاة والسلام من سيرته وشمائله وخصائصه ومعجزاته ودلائل نبوته، كلها ألف فيها الشيء الكثير.
قد يقول قائل: إننا لا نرى في دروس شيوخنا دروس خاصة بالشمائل ولا بالسيرة، التقصير موجود، لكن هذه الأبواب تدرس ضمن الجوامع الكبيرة، صحيح البخاري فيه أبواب مفردة لهذا الشأن، الترمذي صنف الشمائل النبوية، وغيرهم كتبوا، لكن الذي يجعل بعض العلماء وبعض طلاب العلم لا يفردون هذه الأبواب بدروس خاصة، أو بعناية خاصة هو ما يوجد في كثير من الكتب التي ألفت في هذا الباب من الشمائل والخصائص وغيرها من الغلو، يعني كثير مما كتب في هذا الباب فيه شيء من الغلو والإطراء الذي جاء ذمه على لسانه عليه الصلاة والسلام، فيكتفون بما كتب في الجوامع كالبخاري، والترمذي، وغيرهما، الكتب الجامعة التي تجمع أكثر أبواب الدين، فيكتفون بهذا، ويكتفون بما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب ويتركون الكلام الذي فيه شيء من الإطراء والغلو، لا سيما إذا كان عمدته غير صحيح، وإلا فمثل كتاب الشفاء للقاضي عياض بالتعريف بحقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام، كتاب يكاد أن يكون كالورد في كثير من أقطار المسلمين، وإذا قيل: إنه يقرأ قريباً من قراءة القرآن، أو قد يكون أكثر مما يقرأ القرآن في بعض النواحي ما بعد، وطباعته كطباعة المصحف، رأينا طبعات كثيرة للشفاء مثلما يطبع المصحف، بالخط باليد، ويخطه الذي يخط المصحف، وبين كل جملتين أو حديثين دائرة، وقد يكون فيها رقم، تشبيهاً له بالمصحف من كل وجه، فضلاً عن كتاب دلائل الخيرات وغيره، كلها تكتب بهذه العناية، وكل هذا، كله من الغلو، وفي شروح الشفاء كلام لا يقبله معتدل في نظره إلى أبواب الدين أبداً، بل جاء النهي الصريح عن الإطراء ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)) ((إياكم والغلو)) غلو في النبي عليه الصلاة والسلام، ويرمونه المعتدل بالجفاء مع الأسف الشديد أنهم يرمون من اعتدل في هذا الباب، ونفى هذا الإطراء، وأنكر هذا الإطراء، تبعاً لتوجيهه عليه الصلاة والسلام يرمى بالجفاء، فمحبة الرسول عليه الصلاة والسلام لا شك أنها من واجبات الدين، ولا يؤمن أحدكم حتى يكون الرسول عليه الصلاة والسلام أحب إليه من كل شيء، من والده وولده، والناس أجمعين، وحتى يكون أحب إليه من نفسه، لكن محبته
لا تعني المبالغة في .. ، والإفراط والغلو فيه عليه الصلاة والسلام، الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم حتى وجد من بعضهم صرف محض حق الله -جل وعلا- له عليه الصلاة والسلام، هذا لا يجوز بحال، هذا الشرك، وهناك القصائد والمدائح النبوية، وكتب فيها المجلدات، وبعض الشعراء خصص نفسه لمدح النبي عليه الصلاة والسلام، وكثير من أشعاره لا يخلو من هذا الإطراء وهذا الغلو، وصار الناس يتلقفون هذه القصائد ويرددونها، وهي ديدنهم صباح مساء، وعاقهم مثل هذا عن التوفيق للعلم النافع، والعمل الصالح، فليست محبة النبي عليه الصلاة والسلام بترديد هذه الأناشيد، ولا تلك الجمل التي بالغوا فيها، وأطروا فيها النبي عليه الصلاة والسلام، إنما محبته تتمثل في اتباعه عليه الصلاة والسلام.
يقول: "حدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أنه سمعه يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير
…
" ليس بالطويل البائن يعني المفرط في الطول، الزيادة في الطول، وإن كان العرب يتمدحون بالطول، وأن أعزاء الرجال طيالها على ما قالوا، لكن مع ذلك فرق بين طول مقبول بين الناس، وبين طول مفرط، حتى قال ابن حجر في الفتح ما قال بالنسبة لمن طوله مفرط، الطول هذا يعني قال: إنه مظنة للسفه، يقول: لبعد القلب من الدماغ، هذا كلام ابن حجر، لكن لا يعني هذا أن القصار يمدحون بقصرهم، لا، التوسط هي صفته عليه الصلاة والسلام، ليس بالطويل البائن، يعني المفرط في الطول، ولا بالقصير، وإنما هو ربعة من الرجال، بين الطويل والقصير.
"وليس بالأبيض الأمهق" الذي يشبه من ابتلي بالبرص مثلاً، وليس بياضه مثل بياض الجص بحيث يقذر، لا، بياضه أيضاً فيه شيء من الأدمة، وفيه شيء من الحمرة، وليس بالأبيض الأمهق.
"ولا بالآدم" يعني الأسمر، شديد السمرة، إنما هو أزهر عليه الصلاة والسلام أبيض مشرب بحمرة.
"ولا بالجعد القطط ولا بالسبط" ولا بالجعد القطط، يعني شعره ليس بالجعد المتجعد كشعور الزنج، ولا بالسبط الذي فيه نعومة زائدة، بل شعره متوسط عليه الصلاة والسلام.