الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح: الموطأ -
كتاب الجامع (10)
باب ما يتقى من الشؤم - باب ما يكره من الأسماء.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
بحث كيف ينادى ثلاثاً على راعي الإبل -بهيمة الأنعام-؟
في سنن أبي داود -وأشار الألباني رحمه الله بقوله: "صحيح"- حدثنا عياش بن الوليد الرقام، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحتلب وليشرب، فإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثاً، فإن أجابه فليستأذنه وإلا فليحتلب وليشرب ولا يحمل)).
قال ابن قيم الجوزية: "وقد روى البيهقي من حديث يزيد بن هارون عن سعيد الجريري عن أبي نظرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أتى أحدكم على راع فلينادي يا راعي الإبل ثلاثاً، فإن أجابه وإلا فليحلب وليشرب، ولا يحملن، وإذا أتى أحدكم على حائط فلينادي ثلاثاً: يا صاحب الحائط، فإن أجابه وإلا فليأكل ولا يحملن)) وهذا الإسناد على شرط مسلم، وإنما أعله البيهقي بأن سعيداً الجريري تفرد به، وكان قد اختلط في آخر عمره، وسماع يزيد بن هارون منه في حال اختلاطه، وأعل حديث سمرة بالاختلاف في سماع الحسن منه، وهاتان العلتان بعد صحتهما لا يخرجان الحديثين عن درجة الحسن المحتج به في الأحكام عند جمهور الأمة، وقد ذهب إلى القول بهذين الحديثين الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه.
وفي جامع الترمذي -وقال الألباني: صحيح- حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، قال: حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحتلب وليشرب، وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثاً، فإن أجابه أحد فليستأذنه، فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل)).
قال: وفي الباب عن عمر وأبي سعيد، قال أبو عيسى: حديث سمرة حديث حسن صحيح غريب، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق، قال أبو عيسى: وقال علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح، وقد تكلم بعض أهل الحديث في رواية الحسن عن سمرة، وقالوا: إنما يحدث عن صحيفة سمرة.
وقال الكاندهلوي في أوجز المسالك إلى موطأ مالك على قوله صلى الله عليه وسلم: ((فلا يحتلبن أحد إلا بإذنه)) قال الحافظ قال ابن عبد البر: في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئاً إلا بإذنه، وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه، فنبه به على ما هو أولى منه، وبهذا أخذ الجمهور، ولكن سواءً كان بإذن خاص أو عام، واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه، وإن لم يقع منه إذن عام أو خاص، وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقاً في الأكل والشرب سواءً علم بطيب نفسه، سواءً علم بطيب نفس صاحبه أو لو يعلم، والحجة لهم ما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من رواية الحسن عن سمرة مرفوعاً:((إذا أتى أحدكم على ماشية فان كان صاحبها فيها فليصوت ثلاثاً، فان أجاب فليستأذن، فإن أذن له وإلا فليحتلب وليشرب ولا يحمل)) إسناده صحيح إلى الحسن.
فمن صحح يا شيخ؟
إيه يعني فمن صحح رواية الحسن عن سمرة صحح.
هنا قال: فمن صح سماعه.
صحح سماعه.
أحسن الله إليك.
فمن صحح سماعه من سمرة صححه، ومن لا أعله بالانقطاع.
ومن لا، يعني ومن لا يصحح أعله بالانقطاع.
ومن لا أعله بالانقطاع، لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعاً:((إذا أتيت على راعي فناده ثلاثاً فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط)) فذكر مثله، أخرجه ابن ماجه والطحاوي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح، فهو أولى بأن يعمل به، وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه، فلا يلتفت إليه، ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه من الجمع منها: حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه، والنهي على ما إذا لم يعلم.
ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره، أو بالمضطر، أو بحال المجاعة مطلقاً، وهي متقاربة.
ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار.
قالوا: فيحمل حديث الإذن على ما إذا لم يكن المالك محتاجاً، وحديث النهي على ما إذا كان مستغنياً، ومنهم من حمل الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة، والنهي على ما إذا كانت مصرورة.
واختار ابن العربي الحمل على العادة، وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو، وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة، والنهي على ما كان للمسلمين، واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين.
وفي المرقاة عن شرح السنة: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه إلا إذا اضطر في مخمصة، ويضمن، ومثل لا ضمان عليه لأن الشرع أباحه له.
وذهب أحمد وإسحاق وغيرهما إلى إباحته لغير المضطر أيضاً إذا لم يكن المالك حاضراً.
انتهى؟
طالب: نعم انتهى.
يعني مر بنا في درس الأمس، في الدرس الماضي، مر بنا أنه لا يجوز أن يحلب من الماشية إلا بإذن صاحبها، وجاء في الزروع والثمار أنه يأكل غير متخذ خبنة، وأن القياس متجه بالنسبة للبن في ضروع الإبل على الزرع والتمر في رؤوس النخل، يعني الباب واحد، لكن جاء النهي عن حلب الإبل إلا بإذن صاحبه، وأنه لا يجوز ذلك بحال، وجاء في حديث جابر وأبي سعيد، وفي حديث سمرة وأبي سعيد كما سمعتم، وإن كان كل واحد منهما له علة، وعلة ظاهرة وقادحة إلا أن من أهل العلم من يرى أن أحدهما يجبر الآخر؛ لأن السماع من المختلط حال الاختلاط قادح مضعف للحديث، والخلاف في سماع الحسن من سمرة أيضاً عند أهل العلم أكثرهم أو الكثير منهم يرون أنه لم يسمع منه مطلقاً، ومنهم من يقول: إنه سمع منه حديث العقيقة فقط، وهذا مصرح به في الصحيح في البخاري عن حبيب بن الشهيد، قال لي ابن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة؟ قال: من سمرة، فدل على أنه سمع منه حديث العقيقة، ويبقى ما عداه على الانقطاع، ومنه حديث الباب، لكنه ينجبر بالحديث الثاني عند جمع من أهل العلم، ويصل إلى درجة الحسن لغيره، أما وصوله إلى درجة الصحيح فدونه خرط القتاد، يعني النزاع في كونه حسن لغيره، أما التصحيح فلا.