الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على كل حال المسألة عند أهل العلم مختلف فيها، ولهم مسالك في المسألة، منهم من يثبت العدوى، ويحمل الحديث على تعدي المرض وانتقاله بنفسه من شخص إلى آخر، يعني لا عدوى يعني لا ينتقل المرض بنفسه بغير تقدير الله -جل وعلا-، وأما كونه سبب والمسبب هو الله -جل وعلا- فينتقل بسبب المخالطة، هذا قول مقرر عند أهل العلم ومعروف وعليه الأطباء، ويدل له:((فر من المجذوم)) بقية الحديث، وأما بالنسبة للقول الثاني وهو نفي العدوى بالكلية، وأنها لا أثر لها، وأن مخالطة المريض كمخالطة الصحيح، لا فرق، لكن يخشى أن ينتقل المرض بتقدير الله -جل وعلا- لا بسبب المخالطة، يعني أصيب هذا الشخص ابتداءً، هذا المريض موجود يخدمه شخص سليم، أصيب هذا السليم بهذا المرض سواءً خالط هذا المريض أو لم يخالطه على حد سواء؛ لأنه لا عدوى، والنص في قوله صلى الله عليه وسلم:((فمن أعدى الأول)) صريح في هذا، وأما الأمر بالفرار من المجذوم على هذا القول حماية لجناب التوحيد، حماية لجناب التوحيد؛ لئلا يصاب بنفس المرض، ثم يقول، يقع في نفسه أن هذا الحديث ليس بصحيح، مخالف للواقع، وما أشبه ذلك، وهناك من يقول: لا عدوى مطلقاً إلا في الجذام؛ لقوله: ((فر من المجذوم)) وعلى كل حال الأقوال معروفة، والأطباء لهم رأي في هذا، والحديث محتمل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كم من صحيح خالط المرضى ولم يصب، كم من صحيح، كان الناس كلهم مرضى ما من بيت إلا وفيه مريض، يعني لو قلنا: إن السبب يترتب أثره عليه حتماً، لصار كل الناس مرضى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عاد يقولون: إنهم يحتاطون وكمامات ومطهرات، الله المستعان.
سم.
أحسن الله إليك.
باب ما يكره من الأسماء:
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب: ((من يحلب هذه؟ )) فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اسمك؟ )) فقال له الرجل: مرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اجلس)) ثم قال: ((من يحلب هذه؟ )) فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اسمك؟ )) فقال: حرب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اجلس)) ثم قال: ((من يحلب هذه؟ )) فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اسمك؟ )) فقال: يعيش، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((احلب)).
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل: "ما اسمك؟ فقال: جمرة فقال: ابن من؟ فقال: ابن شهاب، قال: ممن أنت؟ قال: من الحرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار، فقال: بأيها؟ قال: بذات لظى، قال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا، قال: فكما كان
…
فكان كما قال.
أحسن الله إليك.
قال: فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه".
الخبر الأول مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا معضل بلا شك، وهو موصول من طرق أخرى، لكن في إسناده من فيه ضعف، فالخبر ضعيف، ولو ثبت يعني لو ثبت الخبر الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعجبه الفأل، يعني يسمع الاسم الحسن فيرتاح إليه، وهذا أمر طبيعي وجبلي كما في هذا الحديث أنه عليه الصلاة والسلام لم يرض أن يحلب اللقحة من اسمه قبيح، وغير النبي عليه الصلاة والسلام بعض الأسماء، لكن لما جاء الاسم الحسن مكنه من الحلب، ومثل ذلك أيضاً في خبر عمر رضي الله عنه اسمه جمرة بن شهاب من الحرقة، كلها نيران تتوقد، نسأل الله العافية، فرتب النتيجة على هذه المقدمات إن صح الخبر، وإلا فيحيى بن سعيد يحكي قصة لم يشهدها.
لابن القيم رحمه الله كلام على هذين الخبرين، فقال -رحمه الله تعالى-:
فصل: وأما الأثر الذي ذكره مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة
…
الحديث إلى آخره، فالجواب عنه أنه ليس بحمد الله فيه شيء من الطيرة، وحاشا أمير المؤمنين رضي الله عنه من ذلك، وكيف يتطير وهو يعلم أن الطيرة شرك من الجبت؟! وهو القائل في حديث اللقحة ما تقدم؟ لكن وجه ذلك -والله أعلم- أن هذا القول كان منه مبالغة في الإنكار عليه؛ لاجتماع أسماء النار والحريق في اسمه واسم أبيه وجده وقبيلته وداره ومسكنه، فوافق قوله: اذهب فقد احترق منزلك قدراً، ولعل قوله كان السبب، وكثيراً ما يجري مثل هذا لمن هو دون عمر بكثير، فكيف بالمحدث الملهم الذي ما قال لشيء: إني لأظنه كذا إلا كان كما قال، ويقول الشيء ويشير به فينزل القرآن بموافقته إذا نزل الأمر الديني بموافقة قوله، فكذلك وقوع الأمر الكوني القدري موافقاً لقوله، ففي الصحيحين عن عائشة
…
إلى آخره، ثم جاء بالأحاديث التي تمدح عمر.
الحديث الأول حديث اللقحة أيضاً تكلم عليه ابن القيم رحمه الله قبل ذلك يعني كلام ابن القيم رحمه الله عن هذه المسألة طويل جداً، ومحرر، ويكشف كثير من هذه الأمور، ويزيل كثير من الشبهات؛ لأن المسألة من المضايق، من مضايق الأنظار.
الذي معي الطبعة الأولى، وما فيها فواصل، ولا فيها عناوين، ولا فيها، نعم.
قال: الفأل يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، والطيرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك، فلهذا استحب النبي عليه الصلاة والسلام الفأل، وأبطل الطيرة.
وأما حديث اللقحة ومنع النبي عليه الصلاة والسلام حرباً ومرة من حلبها، وأذنه ليعيش في حلبها فليس هذا بحمد الله في شيء من الطيرة؛ لأنه محال أن ينهى عن شيء ويبطله، ثم يتعاطاه هو، وقد أعاذه الله سبحانه من ذلك.
قال أبو عمر: ليس هذا عندي من باب الطيرة؛ لأنه محال أن ينهى عن شيء ويفعله، وإنما هو من طلب الفأل الحسن، وقد كان أخبرهم عن أقبح الأسماء أنه حرب ومرة، فأكد ذلك حتى لا يتسمى بها أحد، ثم ساق من طريق ابن ربيعة عن جعفر
…
إلى آخره.
المقصود أن ابن القيم رحمه الله أشبع الموضوع في أواخر الكتاب، أعني في آخر الجزء الثاني أو في أواخره، وذكر جميع الأحاديث الواردة في الباب وأجاب عنها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.