المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في صفة جهنم - باب: الترغيب في الصدقة - باب: ما جاء في التعفف عن المسألة - باب: ما يكره من الصدقة - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٨٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في صفة جهنم - باب: الترغيب في الصدقة - باب: ما جاء في التعفف عن المسألة - باب: ما يكره من الصدقة

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ –‌

‌ كتاب الجامع (14)

‌باب: ما جاء في صفة جهنم - باب: الترغيب في الصدقة - باب: ما جاء في التعفف عن المسألة - باب: ما يكره من الصدقة

.

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يقول: ما حكم القسم بآيات الله؟ يقول: ما حكم صيغة القسم أقسم بآيات الله؟

آيات الله تطلق ويراد بها القرآن، والقرآن كلام الله صفة من صفاته يجوز القسم به، كما أنها تطلق ويراد بها العلامات الدالة على وحدانيته كالليل والنهار، والشمس والقمر، والمخلوقات، وهذه لا يجوز القسم بها إذا كان اللفظ مجملاً يحتمل الجواز وعدم الجواز فالأولى تركه.

طالب:. . . . . . . . .

هو رب نعم، كلامه نعم.

هل هناك دعاء يقال عند شرب ماء زمزم؟

في الحديث: ((ماء زمزم لما شرب له)) والنية كافية في مثل هذا، وإن صرح بعضهم أنه شربه ليصل في العلم إلى مرتبة فلان من أهل العلم، أو في الحفظ إلى حافظة فلان، أو ما أشبه ذلك، وإلا فالأصل النية.

هل في دعاء يقوله الحاج عند ذهابه أو رجوعه من الحج؟

هو دعاء السفر ذهاباً وإياباً، وهو مسافر.

يقول: عمتي أجريت أو أجرت عملية زراعة كلية قبل ثلاث سنوات، وبعد العملية نصحها الأطباء بعدم صيام رمضان، فأفطرت وأطعمت عن كل يوم مسكين، كما أفتى أهل العلم، واستمرت على تلك الحال لعامين، وفي هذه السنة (1428هـ) استطاعت -ولله الحمد- صيام رمضان كاملاً، السؤال: ماذا تفعل بالشهرين الذين لم تستطع صيامهما في وقتهما؟ هل تقضي تلك الشهرين مع العلم أنها أطعمت؟ وهي ترغب في القضاء وتقول: إنها -إن شاء الله- تستطيع الصيام؟

ص: 1

هذه المرأة التي أجرت هذه العلمية، ونصحها الأطباء بعدم الصيام إن كانوا قالوا لها: إن صيامك ميئوس منه في المستقبل، يعني خلاص الصيام لا تستطيعه إطلاقاً، فأطعمت مستصحبة هذه النصيحة فيكفيها الإطعام، وإن كانوا نصحوها ألا تصوم في هذه السنة، واحتمال أن تكون السنة الثانية الله أعلم هل تستطيع أو لا تستطيع؟ فعليها أن تنتظر حتى تيأس من القدرة على الصيام، فينظر فيما قيل لها، هي نصحه الأطباء بعدم الصيام، هل معنى هذا أنها ميئوس من صيامها مستقبلاً، وأطعمت من أجل هذا اليأس؟ هذا يكفيها الإطعام، وإن قالوا: لا تصومي من هذه السنة، واحتمال أن تستطيعي الصيام فيما بعد انتظري، فعليها الانتظار؛ لأن الإطعام لا يجوز ما لم يحصل اليأس التام من الصيام.

يقول: بم يحصل التحلل الأول؟

يحصل بفعل شيئين من ثلاثة: الرمي، والحلق أو التقصير، والطواف"، وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة حل لها كل شيء إلا ما يتعلق .. ، وحل له إلا ما يتعلق بالنساء.

يقول: ما رأيك بشرح كتاب الطهارة لبلوغ المرام للشيخ: سلمان العودة؟

ما قرأت فيه، ولذلك لا أستطيع الحكم عليه.

يقول: أعيش في عشوائية وتخبط وتشعب في الحفظ والطلب خاصة في الفقه، هل أفضل طريقة أن أبدأ في باب معين وأفصله وأحفظ الأقوال والأدلة والراجح في المسألة، ثم أنتقل إلى باب أخر، أو أني أتم الكتاب كاملاً على قول واحد، والدليل مع الراجح، أفيدونا؟

على كل حال هذا يختلف باختلاف وضع الطالب، هل هو طالب مبتدأ أو متوسط أو منتهي، إذا كان مبتدأ لا بد أن ينهي الكتاب على وجه مختصر، يعني تصور المسائل ويفهمها يكفيه مثل هذا في هذه المرحلة، ثم بعد ذلك يستدل لهذه المسائل، ثم المرحلة الثالثة يقارن في هذه المسائل بين أقوال الموافقين والمخالفين مع أدلتهم.

يقول: ما حكم زكاة الذهب الذي تلبسه المرأة مع توضيح الخلاف الواقع فيه؟

على كل حال الذهب المستعمل للقنية هذا كسائر ما يستعمل وما يقتنى لا زكاة فيه، إلا أن أراد الإنسان أن يخرج الزكاة من باب الاحتياط لوجود من يوجب الزكاة فيه، لا سيما وأنه قول معتبر عند أهل العلم.

يقول: هل المباح ما استوت فيه المفسدة والمصلحة؟

ص: 2

لا يلزم أن يترتب عليه مفسدة، إنما ما استوى طرفاه من حيث الطلب والمنع، أي لم يحصل فيه لا طلب ولا منع.

هذا من المغرب يقول: هل صحيح أن زيادة: "فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه الإمام" مدرجة من كلام الزهري؟

على كل حال القراءة خلف الإمام بفاتحة الكتاب ركن من أركان الصلاة؛ لحديث عبادة بن الصامت: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) وهذا هو المرجح، ولازمة لكل مصلٍ إلا المسبوق.

وفي بلدنا ليس هناك سكتة بين قراءة الفاتحة والسورة بالنسبة للإمام، فمتى يقرأ المأموم الفاتحة؟

يقرأ المأموم الفاتحة إن تيسر له أن يقرأ في سكتات الإمام فبها ونعمت ليجمع بين النصوص كلها، وإذا كان الإمام يواصل القراءة، ولا يمكن المأموم من القراءة في سكتاته فيقرأ والإمام يقرأ، لكنه بفاتحة الكتاب فقط.

يقول: لو فعل الإمام بعض الأمور التي نراها بدعة فهل نتبعه كالقنوت الذي يفعله المالكية في صلاة الصبح؟

والشافعية عندهم القنوت في صلاة الصبح، وعلى كل حال لهم أدلتهم، وإن كان الراجح عدمه، حتى قال بعضهم: إنه محدث، في مثل هذا إذا كان إماماً راتباً ولا يوجد غيره، إن وجد غيره لا تصل معه، صل مع واحد ما يقنت، إذا كنت لا ترى القنوت، وإذا لم يوجد غيره فلا مانع من متابعته؛ لأن له أصل، وإن كان الراجح خلافه، ذكرنا مراراً في رسالة الشيخ محمد ابن الإمام المجدد رحمه الله إلى أهل مكة، يقول: ونصلي خلف الشافعي الذي يقنت في صلاة الصبح، ولا نصلي خلف الحنفي الذي لا يطمئن في صلاته.

طالب:. . . . . . . . .

هذا مقلد يعني طالب علم أداه اجتهاده إلى هذا، وبين عامي أو مقلد يقتدي بمن تبرأ الذمي بتقليده، على كل حال إذا وجد غيره، وأنت لا ترى هذا العمل لا تصلِ معه، وإذا لم يوجد غيره فالاقتداء به لا بأس به، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 3

ما في شك، لكن باعتبار أن هذه المسألة يعني ليست خالية من الدليل، يعني فرق بين مسألة لا دليل عليها أصلاً، يعني هناك بعض الأمور بعض التصرفات من بعض الأئمة لا دليل عليها، مثل هذه لا يتابع عليها؛ لأن العبرة بالمشروع، ولو ترك الإمام شيئاً من المشروع ما يتابع ولا تعد هذه مخالفة، لكن لو جاء بشيء مختلف فيه بين أهل العلم، وقول له وجه، يعني ليس باطل القول، إنما هو مرجوح، لا مانع من متابعته في مثل هذا.

يقول: أنا وأخوتي نريد أن نتصدق بمالنا الخاص لبعض أقاربي من جهة أمي في بلد آخر، وهم محتاجون جداً، ووالدي غضب حين علم، وقال لوالدتي: أبلغيهم أني غاضب عليهم إلى يوم القيامة إن أرسلوا هذه الأموال، حالنا يا شيخ جيدة، ولسنا محتاجين لهذه الأموال، فهل يجوز لنا إرسال هذه الأموال، ولا طاعة لمخلوق حيث أن الأموال من أموالنا الخاصة؟

على كل حال عليكم أن تبروا بأبيكم، وأن تطيعوا فيما أمركم به، ولو اقتضى ذلك التحايل على مثل هذا العمل، بأن تعطوا أمكم شيئاً ترسله لإخوانها في البلد الثاني، تكون ما أرسلتم أنتم لأخوالكم أعطيتم الأم، والأم بدورها قامت بإرسالها إلى إخوانها.

هذا يقول: عن حديث القردة التي زنت في الجاهلية، ورجمها القردة؟

أي نعم هذا في صحيح البخاري في أمور الجاهلية، باب: القسامة في الجاهلية هذا موجود، وليس هو بمرفوع لكنه في الصحيح.

هذه من المغرب تقول: هل يجوز للإنسان أن يقوم الليل كله أشكل علينا قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [(64) سورة الفرقان]؟

النبي عليه الصلاة والسلام ما أحياء ليلة كاملة إلى الفجر، والخلاف في العشر الأخيرة من رمضان، جاء فيها أنه أحيا ليله، وشد مئزره، وأيقظ أهله عليه الصلاة والسلام، لكن مع ذلك ما ثبت عنه أنه صلى ليلة إلى الصبح، وإلا ثبت عنه أنه ينام ويقوم.

يقول: هل قول الإمام بعد الصلاة: من له مبلغ من المال ضائع فليأتي إلي هل هو من إنشاد الضالة؟

لو صنع ذلك عند باب المسجد خارج المسجد لا بأس، أما الإنشاد مثل هذا، المساجد ما بنيت لهذا، وإن كان لا يطلب شيئاً لنفسه، وهو محسن في إنشاده، لكن مع ذلك يتورع عن مثل هذا.

ص: 4

يقول: هل الحية والثعبان لها نفس الحكم؟

الحية والثعبان لها نفس الحكم، حكم إيش؟ يعني قتل جنان البيوت؟ يمكن يقصد هذا، الحية والثعبان منها، ويش معنى جنان البيت؟ هي الحية.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب جهنم

باب: ما جاء في صفة جهنم

حدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة? أن رسول الله ? قال: ((نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم)) فقالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية؟! قال: ((إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً)).

وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "أترونها حمراء كناركم هذه؟ لهي أسود من القار" والقار: الزفت.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في صفة جهنم

جنهم اسم علم من أسماء النار، نسأل الله السلامة والعافية.

يقول: "حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نار بني آدم التي يوقدون)) " يعني في الدنيا لإنضاج ما يُحتاج إلى طبخه، هذه النار المتعارف عليها ((جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم)) يعني التي درجتها مائة، جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، من درجة الحرارة درجة الغليان مائة، نعم؟ بالنسبة للماء نعم، وبالنسبة للنار؟ لأنه حتى بعض المواد يعني الزيت أشد درجتها أعلى من درجة الماء إذا غلى، والزفت والغار أشد إذا غلي تكون درجته أعظم.

ص: 5

فالكلام على النار، بغض النظر عن الموقد عليه، هذه النار التي تنضج هذه الأمور، تلين الحديد، هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جنهم "قالوا -يعني الصحابة-: يا رسول الله إن كانت لكافية؟ " لأنها لا تطاق، هذه النار التي هي جزء من سبعين جزءاً كافية لا تطاق، إذا كانت تلين الحديد فماذا عن أجساد بني آدم؟ تكفي، قال:((إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً)) والفضل هنا يراد به هاه؟ فضلت يعني زيد في نسبتها هذا المقدار تسعة وستين جزءاً، يعني واحد على سبعين هذه النار التي تلين الحديد، فضلاً عن المواد الأخرى، لكن هي تلين الحديد، والحديد ألين لداود عليه السلام، لكن ماذا عن الحجارة؟ هل تلينها النار؟ وهل ألينت لأحد؟ الحجارة تلينها النار؟ لا قد يحصل لها شيء من

، تنكسر مثلاً إذا زيد عليها الحرارة، لكنها لا تلين، والحديد يلين بالنار والحديد ألين لداود، فإذا كان الحجارة أشد من الحديد، وقلب أو قلوب بعض الناس أشد من الحجارة، وهذه إذا كانت الحجارة لا تلين بالنار، وقلوب بعض الناس أشد منها، ويحتاج إلى مثل هذه النسبة، إلى السبعين {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [(98) سورة الأنبياء]{وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [(24) سورة البقرة] نسأل الله السلامة والعافية، قد يقول قائل: هذا القلب كيف قلب يمكن أن يؤكل نيئاً، كيف يكون أقسى من الحجارة؟! النص القطعي دل على ذلك، أقسى من الحجارة، ويشاهد من بعض الظلمة في ظلمهم وعدوانهم وتعديهم ما يدل على أن قلوبهم أقسى، إذا كان القرآن الذي أخبر الله -جل وعلا- عن ثقله لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً، وتجد الإنسان الذي لديه معرفة بالقرآن، وماهر في قراءته، وعلى اطلاع على ما قيل في تأويله، لا يؤثر فيه، ومثل هذا يحتاج إلى ما يلينه، وعلى الإنسان إذا كان من هذا النوع -وكلنا ذلك الرجل نسأل الله أن يردنا- عليه أن يراجع نفسه، القلوب تحتاج إلى مراجعة، وذكر الحسن رحمه الله يقول: تفقد قلبك في ثلاثة مواضع: في الصلاة، وعند قراءة القرآن، والذكر، إن وجدته وإلا فاعلم بأن الباب مغلق، وبعدين مغلق ترجع؟ إن كان الباب مغلق ترجع وإلا تحاول؟ لا بد من

ص: 6

المحاولة، نعم إذا أغلق الباب بينك وبين ربك فمن تصل، والله المستعان، فعلى الإنسان أن يستعد، ويعد العدة للخلاص من هذه النار.

قال: "وحدثني مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: أترونها -يعني نار جهنم- حمراء كناركم هذه؟ لهي أسود من القار" والقار: الزفت" القار معروف، من القدم وهو معروف، هل من مشتقات البترول؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن عندهم بترول؟ هم استخرجوا بترول وإلا؟ هو معروف عندهم القار، لكن طريقة استخراجه قد تختلف عن طريقة استخراج البترول المشتمل على مشتاقات كثيرة.

"ناركم هذه ترونها حمراء كناركم هذه؟! " وجاء في الخبر: ((أنها أوقد عليها ألف عام حتى أحمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى أبيضت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى أسودت، فهي سوداء مظلمة)) نسأل الله العافية هذا موقوف على أبي هريرة، لكن مثله لا يقال بالرأي، فله حكم الرفع، نعم.

أحسن الله إليك

كتاب الصدقة

باب: الترغيب في الصدقة

حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي الحباب سعيد بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تصدق بصدقة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيباً- كان كأنما يضعها في كف الرحمن، يربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل)).

ص: 7

حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وان أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيه، وأني أرى أن تجعلها في الأقربين)) فقال أبو طلحة: افعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطوا السائل، وإن جاء على فرس)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن معاذ الأشهلي الأنصاري عن جدته أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن أن تهدي لجارتها ولو كراع شاة محرقاً)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن مسكيناً سألها وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيه إياه، قالت: ففعلت، قالت: فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا شاة وكفنها، فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك.

وحدثني عن مالك قال: بلغني إن مسكيناً استطعم عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وبين يديها عنب فقالت لإنسان: خذ حبة فأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويعجب، فقالت عائشة: أتعجب كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟!

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب الصدقة

باب: الترغيب في الصدقة

ص: 8

كتاب الزكاة الواجبة المفروضة تقدم، وهذا في الصدقة غير الواجبة، والأليق أن يكون بعد كتاب الزكاة، لكن الإمام جعله في الكتاب الجامع، للمفارقة بينهما من حيث الحكم؛ لأن هذه أقرب إلى السنن والآداب والأخلاق والكرم هذه أقرب ولكل وجه.

قال:

باب: الترغيب في الصدقة

"حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي الحباب سعيد بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تصدق بصدقة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيباً-)) وجاء قول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] الخبيث هو مقابل للطيب ((ولا يقبل الله إلا طبياً)) هل معنى هذا أن الرديء لا يقبل؟ أو المقابل للطيب هنا

؛ لأن الطيب يطلق ويقابله الخبيث، {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] الخبيث منه ما هو حلال ومنه ما هو حرام، أم الحرام فهذا لا يقبله الله -جل وعلا-، لا يقبل الله إلا طيباً، لا يقبل الخبيث بمعنى الحرام، وأما الخبيث بمعنى الدون الأقل فمثل هذا مقبول؛ لأنه ينتفع به، لكن المرغب فيه أكثر هو الطيب، ولو قدر أن إنساناً عنده أنواع من التمر كلها صالحة للأكل من قبل بني آدم، وزاد عنده مقدار من النوع المتوسط أو الأقل، لكنه يؤكل، كثير من الناس يتمناه، لو افترضنا أنه عنده نوع جيد الكيلو بخمسين مثلاً، وعنده نوع آخر الكيلو بثلاثين، وعنده ثالث الكيلو بعشرة، الآن الأجود أبو الخمسين، ودونه أبو الثلاثين، والأقل أبو العشرة، {وَلَا تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَاّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] يعني لو قدر لك تمر سلم عند أحد من النوع الجيد ما أنت بآخذ أبو عشرة إلا أن تقول: آخذ هذا ولا يضيع مالي؛ لأنه ما في بديل، إلا أن تغمضوا فيه، هل نقول: إن هذا الأردأ الأقل لا تجوز الصدقة به، والله -جل وعلا- يقول:{وَلَا تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] قالوا: معناه أنه الأقل، ومثله ما قيل في كسب الحجام ونحوه.

ص: 9

أما المحرم لأن كسب الحجام لو كان محرماً لما أعطى النبي عليه الصلاة والسلام الحجام أجرته، يقابله الخبيث بمعنى المحرم مثل مهر البغي، وحلوان الكاهن، وهو المقابل للطيب في قوله:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] هذا لا يقبل، لكن الخبيث بمعنى الأٌقل جودة والدون المنصوص عليه في الآية هذا يرجى قبوله، وإن كان الحث على الأجود أكثر.

((ولا يقبل الله إلا طبياً)) ((إن الله طيباً لا يقبل إلا طيباً)) ((كان إنما يضعها في كف الرحمن)) فيه إثبات الكف لله -جل وعلا-، وجاءت بذلك النصوص القطعية من الكتاب والسنة على ما يليق بجلاله وعظمته، وجاء في الحديث الصحيح:((كلتا يديه يمين)).

((يربيها كما يربي أحدكم فلوه، أو فصيله)) الصغير من نتاج الحيوان، يربى يربيه صاحبه حتى يكبر، وهذه الصدقة يربيها الله -جل وعلا- لصاحبها ((حتى تكون مثل الجبل)) في هذا حث على الصدقة، وأن يحرص الإنسان أن يكون من كسب طيب، وهكذا ما يستعمل في العبادات عليه أن يكون من النوع الطيب تجود به نفسه، وإذا أفطر فليفطر على حلال، وإذا حج فليحج بمال حلال حتى تكون مثل الجبل.

ص: 10

قال: "وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً من نخل" عنده مزارع، لكن أفضل هذه المزارع عنده بيرحاء "كانت أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد" قريبة من المسجد "فجادت نفسه بها" والله ما قال: هذه بالمنطقة المركزية ما يمكن نتصدق بها، نشوف لنا واحدة تشطر بعيدة، قريب مستقبلة المسجد "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} " يعني على مستوى العلماء وطلاب العلم لو زاد نسخة من كتاب، عنده زائد نسخة من كتاب، وأراد أن يدفعها لمن ينتفع بها من طلاب العلم هل يدفع الأجود وإلا يدفع الأقل؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 11

طيب وهو؟ أو نقول: إن هذا من باب الإيثار بالقرب، فيكون الإيثار بالقرب عند أهل العلم مفضول؟ يعني بعض الـ

عنده نسخة مثلاً من البيهقي أصلية وعنده مصورة يقول: تكفيني المصورة وأدفع هذه {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} أنا والله أحب هذه النسخة قيمتها ثلاثين ضعف من النسخة الثانية، نقول: ادفع هذه النسخة وتكفيك المصورة؟ لا سيما أن الفارق ما هو بحسي معنوي، يعني المصورة هذه تقوم مقامها ادفعها لأي طالب علم، قد تدفع الأصلية لطالب علم لا يقدرها قدرها فيتلفها، ومثل هذا لو كان عنده نسخة من البخاري من الطبعات المعتبرة، وورق من النوع الفاخر الغالي، وعنده نسخة ورق ثاني. . . . . . . . . ثاني أو ثالث يعني أقل، هل نقول: إن هذا داخل في قول الله -جل وعلا-: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} ؟ ندفع النسخة الأصلية الغالية وأكتفي بالدون؟ أو نقول: إن هذا إيثار بالقربة؟ لأن اقتناء الكتاب قربة، لكن يبقى أن السبب الإمساك إمساك النسخة ويش الدافع عليه؟ هل الدافع عليه شرعي يتعلق بالعلم أو مادي؟ يعني بإمكانك تقول: والله أنا أمسك هذه النسخة، لماذا؟ لأنها أطول يعني ما قصها المجلد أحتاج الحواشي وأعلق عليها، نقول: هذا مقصد حسن، هذا مقصد شرعي، لكن إن كان إمساكك إياها بأن تقول: والله لو احتجت إلى بيعها تجيب قيمة أضعاف مضاعفة عن تلك، نقول: لا، الدافع مادي.

ص: 12

قام أبو طلحة لما أنزلت هذه الآية: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} "قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله" يرجو ثوابها وأجرها من الله -جل وعلا- "فضعها يا رسول الله حيث شئت" فوض النبي عليه الصلاة والسلام في مصرفها، كيف يصرفها والرسول عليه الصلاة والسلام لا شك أنه أعرف منه بما يترتب عليه من الثوب أكثر؟ ففوضى النبي عليه الصلاة والسلام "فضعها يا رسول الله حيث شئت، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ)) " يعني استحسان ((ذلك مال رابح)) الربح ظاهر، يعني أقل الأحوال الحسنة بعشر أمثالها، عشر أضعاف إلى سبعمائة ضعف، وماذا فوق هذا الربح؟ فوقه فضل أرحم الرحمين، وفضل الله لا يحد ((ذلك مال رابح، ذلك مال رابح)) وبعض الروايات: ((رايح)) بالياء، يعني ماضي في سبيله إلى الله -جل وعلا- ((وقد سمعت ما قلت فيه وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) لأن الصدقة على البعيد صدقة، وعلى القريب صدقة وصلة "فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه" ليجتمع له مع أجر الصدقة أجر الصلة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذه صدقة، لكن ينظر مع القرب هناك أمور مرجحة، هناك أشياء مرجحة، لو كان عندك جار، أو عرفت حال فقير يشرف على الهلاك، يعني حاجته أمس، فلا شك أن مثل هذا مقدم؛ لأن إنقاذ حياته واجب على من يعلم به، ولو كانت حاجته أكثر، لكن لا يصل إلى حد الضرورة، فالمسألة تحتاج إلى موازنة بين هذه الأمور.

ص: 13

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطوا السائل، وإن جاء على فرس)) " الحديث مضعف عند أهل العلم، لكن مفاده أنه لو دلت القرائن على أنه ليس بحاجة إلى ما يسأل، هذا مفاده أنه لو جاء على وسيلة تدل على أنه غني، أو جاء بمظهر يدل على أنه ليس بحاجة، فإذا سأل يرد بالشيء اليسير من الصدقة، خشية أن يكون صادقاً في سؤاله ((ولو صدق السائل ما أفلح من رده)) لكن الذي يخشى منه أن يكون كاذباً، وأنه غير محتاج.

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن معاذ الأشهلي الأنصاري عن جدته أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن أن تهدي لجارتها ولو كراع شاة محرقاً)) " يا نساء المؤمنات من باب إضافة الموصوف إلى صفته، من إضافة الموصوف إلى صفته ((يا نساء المؤمنات لا تحرقن إحداكن)) لأن بعض الناس يحتقر الصدقة إذا كانت قليلة، وهذا أشير إليه في القرآن، وأنه من صنيع المنافقين، حتى بعض الناس لا سيما في ظروف السعة، وليس بحاجة إلى أن يتصدق عليه، فإذا جيء له بشيء يسير احتقره، وأشد من هذا إذا حصلت ضيافة لشخص تعود على أنه يسرف في إكرامه، ثم بعد ذلك وضع له أقل من ذلك فإنه يتبرم بهذا، ويضيق به ذرعاً، بعض الناس ما يتحمل مثل هذه الأمور، عود على شيء لا يستطيع الفطام عنه، هذا لا شك أنه من ازدراء نعمة الله، والشيء اليسير وإن كان يسيراً إن كنت لا تحتاجه اقبله من صاحبك، واجبر خاطره، وادفعه إلى غيرك.

((لا تحقرن أحداكن أن تهدي لجارتها ولو كراع شاة محرقاً)) وفي بعض الأحاديث: ((لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) مثله، المعنى واحد، ولو فرسن شاة ....

ما تصلح يا أخي هذه النغمة، هذه موسيقى، فلتغير جزاكم الله خيراً.

((لا تحقرن إحداكن أن تهدي لجارتها)) وفي هذا أدب -أدب شرعي- رفيع، يؤدب فيه من يتدين بهذه الشريعة الكاملة، يقبل.

ص: 14

واحد من الشيوخ الكبار قال له شخص: عندي لك يا شيخ هدية، لقيه في أول يوم قال: عندي لك هدية، عندي في البيت هدية، ثم لقيه من الغد قال: عندي لك هدية يا شيخ، أنا جاي من مكة وعندي لك هدية، في اليوم الثالث قال: عندي لك هدية جزآك الله خير وين هي؟ ذهب وجاء بالهدية فإذا به مسواك سواك أعوج، ثلاثة أيام تردد هدية هدية وآخرها سواك أعوج! هذا احتقار بلا شك، لكن يبقى أنه لو المسألة مرة جابه له، لكن مراراً يتردد عليه عندي لك هدية، عندي لك هدية، يقول الشيخ: رجعت إلى نفسي وقلت: إن هذا الشخص ليس لي عليه أدنى معروف، وخصني بهذه الهدية ولو كانت على هذا المستوى؛ لأنها في مقابل لا شيء، والله -جل وعلا- الذي رباني بنعمه من أول لحظة إلى أن أموت تعاملي معه أعوج، فإذا تعامل الإنسان مع الله -جل وعلا- على ما أراده الله -جل وعلا-، كون الإنسان ينظر في نفسه قبل النظر في غيره هذا لا شك أنه أدعى لتقويم اعوجاجه.

قال: "وحدثني عن مالك" نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

مردود هذا، مردود ما في إشكال.

طالب:. . . . . . . . .

اللي يعلم لا يصلي، اللي يعلم والذي لا يعلم صلاته صحيحة، نعم.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن مسكيناً سألها وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه" أعطيه يعني هذا المسكين إياه تعني الرغيف، ما في غير هذا، كيف تفطر؟ "فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيه إياه، قالت: ففعلت، قالت: فلما أمسينا" دخلنا في المساء، وقرب وقت الإفطار "أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا" يعني عادة كأنه معتاد أن يهدي لهم "ما كان يهدي لنا شاة وكفنها" يعني ما تلف به من خبز ونحوه، ويوجد الآن في بعض المطاعم يسمونه المكفن، يكفنون الشاة أو الخروف بأنواع من رقائق الخبز يسمون مكفن، التسمية لها أصل؛ لأنه يشبه الكفن لنبي آدم "شاة وكفنها" يعني ما تغطى به من الخبز "فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك" هذه نتيجة التوكل والاعتماد على الله -جل وعلا-، الاعتماد على الله -جل وعلا- هذا هو التوكل، وهذه آثاره.

وقال: "وحدثني عن مالك" نعم؟

ص: 15

طالب:. . . . . . . . .

عادة يعني كان له عادة.

طالب:. . . . . . . . .

نعم تكون نافية، احتمال، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

خلنا نشوف هذه قبل.

"فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان" ليس من عادته أن يهدي لنا، لكن أهدى لنا في هذه المرة من أثر التوكل، لما توكلنا على الله -جل وعلا-، وبعثنا ما عندنا، ولم يبق لنا شيء نفطر به، هذا الشخص سيق لنا، ولم تكن عادته الإهداء، وهذا واضح، وهو أولى مما تقدم، ولا شك أن دلالته على المراد أكثر، "فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك".

"وحدثني عن مالك قال: بلغني أن مسكيناً استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب، فقالت لإنسان: خذ حبة" حبة عنب واحدة "فأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويعجب" حبة ويش تسوي هذه؟ يعني لو طرق الباب طارق وأعطي تمرة، احتمال في ظروفنا هذه يرميها في وجه الذي تصدق بها "قالت لإنسان: خذ حبة" يعني من العنب "فأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويعجب" فجعل ينظر إليها هذا الإنسان أو المتصدق عليه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16

أحداهما، يعني تعيينه ما يلزم، ما يدل على شيء "فجعل ينظر إليها ويعجب" إيش لون تتصدق بحبة عنب؟! "فقالت عائشة: أتعجب! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟ " {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [(8) سورة الزلزلة] هذا خير، كم تزن من ذرة هذه؟ ألوف مؤلفة، الإنسان لا يحسب لها حساب، تجد الطعام يبقى نصفه أو ثلثاه نقول: والله ما يسوى من يتصدق به هذا، ويجد كبد رطبة بأمس الحاجة إليه، بقي طعام من وليمة في وقت متأخر من الليل جداً، في الساعة الثانية من الليل، فقال واحد من الحاضرين: دعوني أذهب به إلى الجمعية، قال واحد: اتصلوا على الجمعية، قال واحد: لا أنا بوديه، أنا طريقي على الجمعية أنا بوديه، وذهب به، فماذا صنع بهذا الطعام؟ هل أدخل في مكان يحفظ فيه إلى الغد ليوزع؟ أُكل فوراً، وجد من ينتظره من الفقراء في آخر الليل، الآن يوضع لهم ويأكلونه، ما يحتاج إلى أن يحفظ للغد، فاحتقار مثل هذه النعم، وإن كانت قلية لأنه يوجد من يقبلها، وقد يكون هذا الاحتقار لأن وضعك أو وضع المحتقر يعني يزدري مثل هذه الأمور، لكن يوجد أناس يتمنونه، كما قال بعض الوعاظ: إن بعض الفقراء ينظر إلى الرغيف عند الخباز يترآءه كما يتراء الهلال، يعني كأنه قمر في السماء، يعني مستحيل يناله، هذا موجود، موجود أناس يموتون على وجه الأرض من المسلمين، يموتون جوع، وهذه مسئولية القادر والمستطيع على إغاثته.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 17

والله على حسب الحاجة، إذا كان محتاج إلى طعام مهيأ، والحاجة قائمة فالطعام أفضل، يطعمون الطعام على حبه، وإن كان الحاجة لا مندفعة الآن وبحاجة إلى قوت مستقبل

علماً بأن هذه النوعيات من الناس يعني الفقراء كثير منهم لا يحسن التصرف بالأموال، تجده محتاج إلى أكل وشرب -وحصل هذا- فتصدق عليه بمبلغ فاشترى به تحف، تكسرت هذه التحف قبل ما يصل إلى البيت، يعني ما يحسنون بعضهم، ما يحسن التصرف في الأموال، وأولاده ينتظرون شيئاً يأكلونه، ترى هذا موجود يا الإخوان، ما هي بافتراضات، وأمثلة واقعية، ولذلك يعمد كثير من الإخوة أهل الاحتساب في هذه المشروعات النافعة التي أجرها عظيم عند الله -جل وعلا-، ما يسلم أموال بعض الفقراء، يكون نائب عن الفقير في قبض الأموال من الأغنياء، فيشرف على نفقتهم بنفسه، هو الذي يصرف عليهم، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أكيد هذا موجود بكثرة.

طالب: أي نعم بعض الناس يتساهل في. . . . . . . . .

لا، لا، لا يتساهل، ولو كان شيئاً يسيراً، ولذلك قال:((لا تحرقن أحداكن))، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا

، هذا يتعبد بمال محرم، لا أهل العلم يشددون فيما يتعلق بمواطن العبادة كالمساجد، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

بمال محرم؟

طالب:. . . . . . . . .

يمكن تصحيحه، يعني يكون بانيه من المال المحرم يخرج من ماله هذا المقدار إلى صاحب المال الأصلي، إن كان مغصوب يرد مثله من الغصب، وإن كان كسب ربا يتخلص منه وهكذا.

طالب:. . . . . . . . .

بعد التوبة، بعد التوبة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أيهما؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه أنت بتدفع العنب كله.

طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن فرق بين القوت الضروري والقوت الكمالي، هذا فاكهة، قد زائد على الأكل، فرق بين القوت الضروري كالرغيف، وفرق بين القوت الكمالي هذا مثل الحلاء هذا.

طالب:. . . . . . . . .

اللي هو عائشة.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 18

على كل حال المسألة مسألة ظروف وأحوال تتفاوت، الإنسان قد يجود في يوم ولا يجود في يوم، والمعطي والمانع هو الله -جل وعلا-، وعلى كل حال مثلما قلنا لك: القرص ضروري، قوت ضروري، قد يكون السائل بأمس الحاجة إليه، أما عنبة من العنب لو عاش عمره كله بدون عنب ما ضره.

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

وهو مما يطعم، لكن ليس من الضروري، الطعام أعم من أن يكون ضرورياً أو كمالياً، يعني أنت عندك إيش يسمونها؟ الحافظة التي تحفظ الشاي والقوة مثلاً، ووقف على رأسك قال: صب لي كأس جزآك الله خيراً، يعني هذا مثل لو عندك طعام ترى الناس حاجتهم له؟ لا يختلف.

طالب:. . . . . . . . .

إيه أبد، بلا شك، تفاوت هذا.

طالب:. . . . . . . . .

ويش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال النصوص العامة تدل على مثل هذا، يعني هذه أخبار عن عائشة رضي الله عنها، وهي لائقة بها ما فيها إشكال؟

طالب:. . . . . . . . .

مالك بلغه، مالك يثبت مثل هذه البلاغة، وكلها موصولة، يستصحب هذا، أن كل البلاغات موصولة، وصلها ابن عبد البر إلا أربعة ليست هذه منها، نعم.

أحسن الله إليك

باب: ما جاء في التعفف عن المسألة

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفذ ما عنده، ثم قال:((ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر)).

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة-: ((اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة)).

ص: 19

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لم رددته؟ )) فقال: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خيراً لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما ذلك عن المسألة، فأما ما كان من غير مسألة فإنما هو رزق يرزقكه الله)) فقال عمر بن الخطاب: أما والذي نفسي بيده لا أسأل أحداً شيئاً، ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته.

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئاً نأكله، وجعلوا يذكرون من حاجتهم، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلاً يسأله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لا أجد ما أعطيك)) فتولى الرجل عنه وهو مغضب، وهو يقول: لعمري إنك لتعطي من شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنه ليغضب علي أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافاً)) قال الأسدي: فقلت: للقحة لنا خير من أوقية، قال مالك: والأوقية أربعون درهماً، قال: فرجعت ولم أسأله، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بشعير وزبيب، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله عز وجل.

وعن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمعه يقول: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع عبد إلا رفعه الله، قال مالك: لا أدري أيرفع هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في التعفف عن المسألة

ص: 20

التعفف عن المسألة أما التعفف منها مع الاكتفاء فواجب، ومع الحاجة مطلوب إلا إذا بلغت به الحاجة مبلغاً لا تبقى معه حياته، فحينئذٍ يجب عليه أن يسأل، ولا يجوز له أن يتعفف إذا وصل به الأمر إلى أن يموت لو ترك المسألة، وأما التعفف عن المسألة إذا وجد عنده ما يغنيه فهو واجب، وإذا كانت حاجته داعية من غير ضرورة الحاجة داعية لكن لا يموت بسببها فهي محل التفصيل.

قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري ? أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم" سألوه أول مرة فأعطاهم "ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفذ ما عنده، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم)) " لأنه عليه الصلاة والسلام ما عرف عنه أنه يكنز الأموال ويدخرها لنفسه، وقال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح:((ما يسرني أن لي مثل أحدٍ ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين)).

((ما يكون عندي من خيرٍ)) يعني المال {إِنْ تَرَكَ خَيْراً} [البقرة: 180] يعني مالاً، ((ما يكون عندي من خيراً فلن أدخره عنكم)) يعني ما عرف في كنز الأموال عليه الصلاة والسلام، ((ومن يستعفف يعفه الله)) يوطن نفسه على العفة، تصير عنده ملكة، يصير السؤال عنده يستحضر الذل الناشئ عن السؤال ويستعفف، فأن الله -جل وعلا- يعفه، وهكذا الغرائز التي أصلها ثابتة، وبعضها مكتسب، قد يكون الإنسان ليس عنده أو ما جبل على شيء من الغرائز أو الأخلاق المحمودة، لكنه مع ذلك يحاول أن يكتسب هذه الأمور فتحصل له بالاكتساب، يستعفف يعفه الله، تعلم يعلمه الله، يتحلم يرزق الحلم، يتصبر يرزق الصبر، وهكذا.

((ومن يستغن يغنه الله)) يعني يأطر نفسه على هذا، ولا يلتفت إلى ما في أيدي المخلوقين تحصل له النتيجة، لكن إذا نظر وعلق آمالاه بالمخلوقين فإنه يوكل إلى مثل هذا، ويستمر وتستمر الحاجة عنده وتستمر الفاقة، ولا ينتفع بما يأخذ.

ص: 21

((ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر)) الصبر جاء مدحه والحث عليه في نصوص الكتاب والسنة {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] هذا إذا لم يحصل له ما صبر نفسه عليه في الدنيا يكون أجره مدخر يوم القيامة، وفي الغالب أنه يحصل له ما يريد مع الصبر {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} [(200) سورة آل عمران] فلا بد من الصبر والمصابرة ومداومة ذلك والمرابطة عليه حتى تحصل النتيجة التي هي الفلاح.

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة-: ((اليد العليا خير من اليد السفلى)) " ثم فسره بقوله: ((واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة)) لأن السفلى تقول: هكذا، يد السائل هذا وضع يده، والمنفق يده فوق، هذا هو الواضح منه، وهو تفسير الحديث في الحديث، ومع ذلك يقول بعض الزهاد المتصوفة الذين يؤثرون الكسل والخمول، ولا يرغبون في العمل والتكسب، ويتوكلون على أزواد الناس، يقولون: لا اليد العليا هي الآخذة، واليد السفلى المعطية، لماذا؟ قالوا: الآخذ نائب عن الله {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [(17) سورة التغابن] هذا جاء يأخذ قرض لله -جل وعلا-، فيده نائبة عن الله -جل وعلا-، ولا يمكن أن تكون نائبة عن الله وهي السفلى، يعني هذا تبرير لكسلهم وعجزهم، وإلا فالمشاهد والذي يدل عليه الواقع، وهو أيضاً الثابت في الأخبار أن اليد العلياء هي المنفقة، والسفلى هي السائلة حقيقة ومعنى، حسناً ومعنى، المعطية هي العلياء، في الحس والمعنى، الحس ظاهر لأن اليد فوق، ما في أحد بيقول لك: خذ، في أحد بيقول لك: خذ؟ ما في، بيقول: خذ، هذا من حيث الحس، المعنى أيضاً، يعني إيش معنى العلو والتعالي؟ لكن لا يستصحب معنى علو وتجبر علو في الأرض وما أدري إيش؟ لا، ومع ذلك عليه أن يتواضع لله -جل وعلا-؛ لأن المال مال الله.

ص: 22

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر" لأنه سمع كلام من النبي عليه الصلاة والسلام فاستعمله بعمومه، واللفظ العام يعمل به ما لم يرد مخصص "فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لم رددته؟ )) فقال: يا رسول الله: أليس أخبرتنا أن خيراً لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئاً" هذا عام استعمله عمر بعمومه، وهو في الحقيقة يراد به الخصوص "أن خيراً لأحدنا ألا يأخذ من أحد شيئاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما ذلك عن المسألة)) " أن تروح تسأل الناس، تستشرف لما في أيدي الناس، تطلب من الناس ((فأما ما كان من غير مسألة فإنما هو رزق يرزقكه الله)) لا سيما إذا كان من السلطان، من ولي الأمر، من بيت المال، إذا جاء من غير مسألة ولا استشراف فخذه، وإذا كان عن مسألة واستشراف فلا يأخذ، وأيضاً إذا كان من غير مسألة ولا استشراف كما جاء في صحيح مسلم: "ما لم يكن ثمن لدين، وأما إذا كان ثمن لدينك فلا" هذا في صحيح مسلم؛ لأن بعض الناس يعطي هذا الشخص ليتنازل له عن شيء، سواء كان من أمور الدنيا، أو من أمور الدين، فإذا كان من أمور الدين فالهرب الهرب "فقال عمر بن الخطاب: أما والذي نفسي بيده" إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته "لا أسأل أحداً شيئاً" يعني ولو اضطر إلى المسألة؟ عمر اقسم بالله -جل وعلا- ألا يسأل أحداً شيئاً "ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته" فهو عمل بالنص العام وبالخاص، عمل بالنص العام في ما لم يدخله خصوص، وعمل بالنص الخاص "أما والذي نفسي بيده لا أسأل أحداً شيئاً، ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته" فعمل رضي الله عنه وأرضاه- بالشقين.

ص: 23

قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه)) " حث على العمل، وديننا دين العمل للآخرة؛ لما خلق له الإنسان، تحقيق العبودية، ومع ذلك فلا تنسى نصيبك من الدنيا، تأخذ الحبل وتتسبب وتحتطب وتبيع، أو تعمل عملاً يناسبك، ويليق بك، وتحسنه، تنتفع به وتنفع به غيرك ((خير له من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله)) يسأله ويتكففه ((أعطاه أو منعه)) لأن المعطي والمانع هو الله -جل وعلا-.

ص: 24

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئاً نأكله" إذا كان ما عندهم شيء هذا الأسدي مع أهله ما عندهم شيء يأكلونه، فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وجعلوا يذكرون من حاجتهم، أهله جعلوا يذكرون له من حاجتهم ما يجعله يهتم لطلبهم، ويلبي طلبهم "فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلاً يسأله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا أجد ما أعطيك)) فتولى الرجل عنه وهو مغضب، وهو يقول: لعمري إنك لتعطي من شئت" هذا لا يليق بمسلم أن يقول هذا في حقه عليه الصلاة والسلام، جاء في حق خارجي:"اعدل"، وجاء في حق الأعرابي ما جاء، عيينة بن حصن أو غيره، ذكروا ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام، وأساءوا الأدب "إنك لتعطي من شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليغضب علي أن لا أجد ما أعطيه)) " النبي عليه الصلاة والسلام قاسم، والله -جل وعلا- هو المعطي وهو المانع ((إنما أنا قاسم، والله هو المعطي)) ((لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم وله أوقية، أو عدلها فقد سأل إلحافاً)) أربعين درهماً، كم تعادل بالريال؟ المائتين ستة وخمسين، يعني حدود أحد عشر ريال عربي فضة، إن قلنا: إن الريال العربي بعشرين، يعني مائتين ريال أو ثلاثمائة ريال ((من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافاً)) يعني الذي جاء النهي عنه، قال الأسدي هذا الذي جاء يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام:"للقحة لنا خير من أوقية" هذه يمكن تسوى أواقي "قال مالك: والأوقية أربعون درهماً"، "قال: فرجعت ولم اسأله" لماذا؟ لأنه ما دامت عنده هذه اللقحة فقد يكون سؤاله إلحافاً على ما جاء في الخبر "قال: فرجعت ولم اسأله، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بشعير وزبيب، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله عز وجل" يعني أخذه من غير مسألة ولا استشراف، ومثل هذا هو المأمور بأخذه.

ص: 25

قال: "وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمعه يقول: ما نقصت صدقة من مال" هذا خبر الصادق الذي لا ينطق عن الهواء، لكن قد يقول قائل: أنا عندي ألف زكاته خمسة وعشرون، خمسة وعشرون إذا حذفنا الخمسة والعشرين من الألف صار الباقي تسعمائة وخمسة وسبعين نقص الألف، الزكاة معناها النماء والتطهير، والزيادة كيف؟ تصير الألف تسعمائة وخمسة وسبعين، يعني نقص حسي ظاهر، لكن الزيادة المعنوية والحسية أضعاف مضاعفة عن هذه النقص، والنصوص تدل على هذا، والواقع يشهد له.

((ما نقصت صدقة من مال)) جاء بعض الزيادات التي لا أصل لها: ((بل تزيده، بل تزيده)) نعم؟ يعني الزيادة في الخبر، وإن كانت من حيث عموم النصوص والقواعد العامة تدل على أن الزكاة زيادة ونماء ((وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً)) بعض الناس يظن أنه إذا عفا عمن ظلمه يكون مهضوم، أو يظن به أنه لا يستطيع الانتقام، لا، يخيل إليه أنه يذل بهذا العفو؛ لئلا يقال: إنه ترك الانتقام عجزاً، والحديث يقول:((وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً)) نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا يتفاوت يعني {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] هذا الأصل، لكن إذا كان العفو عن فلان من الناس الذي له سوابق، وله جرائم متعددة يغريه ويجرئه على الزيادة من ذلك هذا لا يعفى عنه.

((وما تواضع عبد إلا رفعه الله)) بعض الناس يظن أن التواضع ضعة، هذا الكلام ليس بصحيح، التكبر هو الضعة.

تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ

على صفحات النجم وهو رفيعُ

ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه

إلى طبقات الجو وهو وضيعُ

فالمتواضع هذا هو الذي في أعين الناس رفيع ضد المتكبر الذي كل الناس يحتقرونه، كل الناس يحتقرون هذا المتغطرس وهذا المتكبر، وأما المتواضع فإن كل الناس يقدرونه ويحترمونه ((وما تواضع عبد إلا رفعه الله)) "قال مالك: لا أدري أيرفع هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ " ومثله لا يقال بالرأي، وعلى كل حال الحديث موصول في صحيح مسلم، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما يكره من الصدقة

ص: 26