الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "أخبرني مخبر أن عبد الله بن عباس كان يقول: "دلوك الشمس إذا فاء الفيء" يعني فاء رجع، رجع إلى جهة المشرق، كان الفيء من طلوع الشمس إلى أن يقوم قائم الظهيرة في جهة المغرب، فإذا فاء الفيء ورجع إلى جهة المشرق هذا هو الدلوك الذي هو الزوال، وغسق الليل اجتماع الليل وظلمته، ما معنى اجتماع الليل؟ اجتماع الليل وظلمته؟ هم لما قالوا: إن الآية تشير إلى الأوقات الخمسة، قالوا: دلوك الشمس وقت للظهر والعصر، لصلاتي العشي، يعني إذا كانتا مجموعتين أو قيل باستمراره من الزوال إلى الغروب، وغسق الليل إذا قلنا: إنه من الغروب إلى طلوع الصبح فهو وقت لصلاتي الليل المغرب والعشاء، يقول: غسق الليل اجتماع الليل وظلمته، يقول: غسق الليل اجتماعه، وظلمته، {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [(78) سورة الإسراء] يعني أقم الصلاة في هذه الأوقات، فالمراد بالظلمة هنا التأكد من غروب الشمس، وبهذا يدخل الليل، ثم يأخذ في صفته التي هي الظلام، نعم أقرأ.
شرح: باب: جامع الوقوت:
أحسن الله إليك:
"باب جامع الوقوت:
عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله)).
يقول رحمه الله: "عن نافع عن عبد الله بن عمر" وهذا أصح الأسانيد عند الإمام البخاري مالك عن نافع عن ابن عمر، فالحديث مروي بأصح الأسانيد على رأي الإمام -رحمه الله تعالى-، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله)) " تفوته صلاة العصر: الفوات هذا هل المراد به فوات الجماعة أو فوات الوقت؟ الجماعة؛ لأن فوات الوقت أعظم من ذلك: ((فقد حبط عمله))، ((كأنما وتر أهله وماله)) قد يكون لكل إنسان يعني جماعة على خلاف بين أهل العلم فيها في وجوبها واستحبابها، هل تصل إلى حد وتر أهله وماله؟ نقول: نعم، أهله وماله شيء من هذه الدنيا، والدنيا كلها لا تعدل شيئاً بالنسبة للآخرة وأمورها، تكبيرة الإحرام خير من الدنيا وما فيها، ومعلوم أن الأهل والمال جزء من هذه الدنيا، ((ركعتا الصبح –وهما سنة- خير من الدنيا وما فيها))، الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله، بنصب الأهل والمال، وبرفعهما أيضاً، والنصب هو المرجح عند الأكثر، بل قال جمع من أهل العلم: إنه هو الصحيح، وهو الذي عليه الجمهور.
((وتر أهله وماله)) وتر فعل ماض مبني للمجهول، وتر أهله، نائب الفاعل هو، وتر هو، الذي هو في الأصل إيش؟ المفعول الأول، وأهله وماله المفعول الثاني، فالفعل يتعدى إلى مفعولين كما في قوله تعالى:{وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [(35) سورة محمد] والرفع: "وتر أهلُه ومالُه" على أساس أن الأهل نائب الفاعل والمال معطوف عليه، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يميل إلى التفسير الثاني، وتر .. ، {لَن يَتِرَكُمْ} لن ينقصكم، وتر نقص أهله وماله، سلب أهله، سلب الأهل والمال، كأنما سلب الأهل والمال، فنقول: كأنه سلب أهلَه ومالَه، فيكون المسلوب الأهل والمال، والسالب؟ والسالب هو الله -جل وعلا-، والمسلوب هو الذي فاتته صلاة العصر، فكأنه بقي بلا أهل ولا مال.
على رواية الرفع سلب أهلُه ومالُه، يعني أخذ منه أهله وماله، هل يختلف المعنى؟ هل يختلف المعنى أو لا يختلف؟ إذا قلت: أعطيت زيداً درهماً، هل هذا أصح أو تقول: أعطيت درهماً زيداً؟ هو مفعول، كلها مفاعيل، زيد؛ لأنه فاعل في المعنى؛ لأنه آخذ والدرهم مأخوذ، نأتي إلى ما عندنا وتر زيد نفترض المسألة في زيد فاتته صلاة العصر، وما أكثر من مثل زيد، يأتي من الدوام وقد بقي على الأذان ربع ساعة، يقول: بس آخذ لي غفوة وأقوم للصلاة، ثم لا ينتبه إلا المغرب، ما أكثر هذا النوع، ومعلوم ما جاء في المحافظة على صلاة العصر مع الفجر، واقتران ذلك برؤية الباري -جل وعلا- في الآخرة، الحديث الصحيح، فالمسألة ليست بالسهلة، "كأنما وتر أهله" يعني وتر الله زيداً أهله وماله، يعني عندنا موتور، مسلوب، هل المسلوب الموتور زيد وإلا الأهل والمال، يعني كلهم كأنهم قتلوا أو ماتوا وانتهوا زيد وأهله وماله وإلا بقي زيد بدون أهل ولا مال؟ أو بقي الأهل والمال بدون زيد؟ على رواية الرفع المسلوب زيد نفسه، وبقي الأهل والمال، وعلى رواية النصب العكس.
يقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- في الاستذكار: "معناه عند أهل اللغة: الذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب فيها ثأراً، فيجتمع عليه غمان، غم ذهاب أهله وماله، وغم ما يقاسي من طلب القهر"، شخص له ولد خرج مع الباب فقتله مكلف، أو خرج مع الباب فأكله سبع، أيهما أسهل على الإنسان؟ السبع أهون، خلاص انتهى، ارتاح، وهنا يقول ابن عبد البر في الاستذكار:"معناه عند أهل اللغة: الذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب فيها ثأراً" يعني الذي سلبه إياهم مكلف، يبحث عنه يحتاج إلى مدة للبحث عنه، ثم بعد هذه المدة يحتاج إلى مقاضاة ومطالبة وخصومات، المسألة تختلف، ويزداد الأمر غماً وهماً إذا لم يعلم بالوفاة، خرج مع الباب ولا .. ، خلاص ولا عثر له على أثر، ألا يزداد الأمر غماً على أغمام؟ نعم، فيتعب وراءه أكثر، نعم.