الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"قال مالك: "وليس على هذا العمل عندنا" يعني في المدينة، ما نعمل بهذه، ركعة واحدة! "ليس العمل على هذا عندنا، ولكن أدنى الوتر ثلاث" بركعتي الشفع المفصولتين، فيكره الاقتصار على الواحدة عندهم، وعند أحمد أدنى الكمال ثلاث، وأقل المجزئ واحدة، نعم الواحدة ثبتت عن الصحابة، فهي أقل ما يجزئ، وأدنى الكمال ثلاث، وأكثره كم؟ إحدى عشرة؛ لأنها غالب فعله عليه الصلاة والسلام، "قال مالك: وليس على هذا العمل عندنا، ولكن أدنى الوتر ثلاث"، وفي السنن لأبي داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم عن أبي أيوب مرفوعاً: الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاثة، ومن شاء أوتر بواحدة، هذا يدل على أن الوتر بواحدة كافي مجزئ، لكن الثلاث أفضل، والخمس أفضل، والسبع أفضل، لكن الواحدة مجزئة.
" وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر كان يقول: "صلاة المغرب وتر صلاة النهار"، وجاء في الحديث: ((فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر، إلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار)) وهذا في المسند، وهذا عن ابن عمر كان يقول: "صلاة المغرب وتر النهار" أضيفت إلى النهار لوقوعها في آخره، يعني ملاصقة لآخر جزء من النهار، فهي نهارية حكماً، وإن كانت ليلية حقيقة، ليلية حقيقة، وسبق في الأثر الذي خرجه الإمام مالك عن أبي بكر وأنه كان يقرأ في الركعة الأخيرة من صلاة المغرب {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [(8) سورة آل عمران] وقلنا: لأنها وتر النهار، وهذا بمثابة القنوت، "قال مالك: "من أوتر أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصلِ مثنى مثنى، فهو أحب ما سمعت إلي"، ولا ينقض الوتر لحديث:((لا وتران في ليلة)) وفي نقضه يكون قد أوتر ثلاث مرات، وهذا تقدم.
سم.
باب: الوتر بعد الفجر:
أحسن الله إليك.
باب: الوتر بعد الفجر:
عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري عن سعيد بن جبير أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: رقد ثم استيقظ فقال لخادمه: انظر ما صنع الناس؟ وهو يومئذ قد ذهب بصره، فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من الصبح، فقام عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فأوتر، ثم صلى الصبح".
عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وعبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه-، والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة قد أوتروا بعد الفجر.
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنهما- قال: "ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر".
عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- يؤم قوماً فخرج يوماً إلى الصبح فأقام المؤذن صلاة الصبح فأسكته عبادة حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح.
عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: "إني لأوتر، وأنا أسمع الإقامة أو بعد الفجر"، يشك عبد الرحمن أي ذلك قال.
وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه القاسم بن محمد يقول: "إني لأوتر بعد الفجر".
قال مالك رحمه الله: "وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر، ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر".
يقول -رحمه الله تعالى-: باب: الوتر بعد الفجر:
يعني بعد طلوع الفجر وقبل الصلاة، وليس المراد به بعد صلاة الفجر، إنما بعد طلوع الفجر وقبل أداء الصلاة.
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق" أبي أمية البصري، نزيل مكة، ضعيف، قال ابن عبد البر:"ضعيف باتفاق أهل الحديث"، وقد عرف عن مالك -رحمه الله تعالى- التحري والتثبت، وأنه لا يروي إلا عن ثقة، هذا المعروف عن مالك -رحمه الله تعالى-، لكنه اغتر بهذا الرجل، غره بكثرة جلوسه في المسجد، الإمام مالك اغتر فروى عنه، وإلا الأصل أن مالك لا يروي إلا عن الثقات، وهو من أهل التحري والتثبت، لكن من يسلم من الوقوع في الخطأ والوهم؟ الإنسان يشترط على نفسه شيء ثم بعد ذلك يحصل له إخلال بهذا الشرط، ولذا لو قال العالم: إني لا أروي إلا عن ثقة، فهل يقتضي قبول والاحتجاج بكل من روى عنهم بناءً على هذه القاعدة التي اختطها لنفسه؟ أو لو قال: شيوخي كلهم ثقات، أو لا أروي إلا عن ثقات لا يجزئ؛ لأنه قد يغفل، قد يغفل كما غفل مالك -رحمه الله تعالى-.
"عن سعيد بن جبير أن عبد الله بن عباس رقد ثم استيقظ -نام ثم استيقظ- فقال لخادمه -الخادم لم يسمَ-: انظر ما صنع الناس؟ وهو يومئذ قد ذهب بصره" معروف أن ابن عباس كف بصره في آخر عمره، "فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من صلاة الصبح، فقام عبد الله بن عباس فأوتر ثم صلى الصبح" يعني أوتر، يعني ترك الناس يصلون جماعة، وقال: اذهب انظر ماذا صنع الناس؟ نعم، قال: صلوا، ثم شرع في الوتر، ثم صلى الصبح، هل يظن مثل هذا بابن عباس؟ ما يظن به ذلك، والخبر معروف إن في إسناده هذا الرجل الضعيف، فلا يثبت، قد انصرف الناس من صلاة الصبح، قد يقول قائل: إنه قد يكون في حالة مرض مثلاً، معذور من حضور الجماعة، أو صلوا الناس في المساجد المجاورة ومسجده الذي يؤمه ابن عباس ما بعد صلوا هو يصلي بالناس احتمال، لكن لا يظن به أنه ينتظر ثم يقال: صلى الناس؟ ويريد أن يصلي بعد صلاة الناس في بيته، لا، فإما أن يقال: إنه معذور، أو يقال: صلى الناس في المساجد الأخرى، هذا على فرض ثبوت الخبر، وإلا ففي إسناده ما سمعتم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس وعبادة بن الصامت والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة -العنزي- قد أوتروا بعد الفجر".
أجملهم في هذا البلاغ، أجملهم في هذا البلاغ، ثم فصلهم، ذكر ابن عباس قبل هذا البلاغ، ثم أردفه بذكر عبادة بن الصامت وعبد الله بن عامر والقاسم بن محمد في الآثار اللاحقة.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود قال: "ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر" وعلى هذا عندهم وقت الوتر وقت اختيار ووقت اضطرار، وقت الاختيار ينتهي بطلوع الفجر، ووقت الاضطرار ينتهي بصلاة الصبح.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوماً فخرج يوماً إلى الصبح فأقام المؤذن صلاة الصبح فأسكته عبادة حتى أوتر -أمره بالانتظار- ثم صلى بهم الصبح" وهذا فرع من البيان السابق المجمل، وبيان له.
"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم -بن محمد بن أبي بكر- قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: "إني لأوتر وأنا أسمع الإقامة -للصبح- أو بعد الفجر" يشك عبد الرحمن أي ذلك قال" وإن اتحد المعنى.
"وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه القاسم بن محمد يقول: "إني لأوتر بعد الفجر"، هكذا أثر عن هؤلاء، وكذا هو أيضاً مأثور أيضاً عن أبي الدرداء وحذيفة وعائشة، وبه قال مالك، على ما سيأتي في كلامه، وأحمد في رواية والشافعي في القديم، كلهم يقولون: إن وقت الوتر يستمر إلى صلاة الصبح، خلافاً لمكحول والثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد في رواية: أنه لا يصلى بعد طلوع الفجر، وتقدم شيء من أدلتهم.
"قال مالك: "وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر" يعني يوتر، هذا وقت ضرورة، من نام عن وتره يوتر بعد طلوع الفجر، ولا كراهة حينئذٍ، "ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك" يعني يركب الساعة إلى طلوع الفجر، ثم يقوم فيوتر، ثم يذهب لصلاة الصبح، لا ينبغي له ذلك، "ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر" أي يكره له ذلك.