المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب: صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌كتاب: صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:

الموطأ -‌

‌ كتاب صلاة الكسوف

شرح: باب: العمل في صلاة الكسوف، وباب: ما جاء في صلاة الكسوف.

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.

‌كتاب: صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:

حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا)) ثم قال: ((يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)).

ص: 1

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد ثم قام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال:((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله)) قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، فقال:((إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أرَ كاليوم منظراً قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((لكفرهن)) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ((ويكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط)).

ص: 2

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن يهودية جاءت تسألها فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائذاً بالله من ذلك، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركباً فخسفت الشمس فرجع ضحى فمر بين ظهراني الحُجَر، ثم قام يصلى وقام الناس وراءه، فقام قياماً طويلاً ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع ثم سجد ثم انصرف، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب صلاة الكسوف" الكسوف: مصدر كسف يكسف كسوفاً، وكسفت الشمس تكسف كسوفاً، وحكي ضم الكاف كُسفت وهو نادر، والكسوف في اللغة: التغير إلى سواد، ومنه كسف وجهه وحاله، وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها.

وفي مسلم عن عروة: "لا تقولوا: كسفت الشمس، ولكن قولوا: خسفت" الحديث الأول هنا في حديث الباب: خسفت الشمس، وجاء في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة إطلاق الكسوف على الشمس، والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر، واختاره ثعلب، ليخص كل آية بلفظ، فيقال: كسفت الشمس وخسف القمر، وذكر الجوهري أنه أفصح، وحكي عكسه، وهو مقتضى كلام عروة أن الخسوف للشمس والكسوف للقمر، لكنه غلط لا سيما ما يتعلق بالقمر {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(7، 8) سورة القيامة] هذا نص على أن ما يحدث للقمر يقال له: خسوف، وأما بالنسبة للشمس فجاءت النصوص باللفظين، هل جاء بالنسبة للقمر لفظ الكسوف في النصوص؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 3

نعم يعني يقال: لا ينكسفان كما أنه يقال: لا ينخسفان على وجه التبعية للشمس جاء ذلك، وإلا فهل حصل القمر أن خسف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام؟ لم يحصل، وهل كسفت الشمس أكثر من مرة في عهده عليه الصلاة والسلام؟ نعم أهل السير مطبقون على أنها لم تكسف الشمس إلا مرة واحدة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يوم موت إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام، لا شك أن مدلول الكسوف من حيث اللغة مدلول الكسوف .. ، هم قالوا: إنه يطلق الكسوف والخسوف على كلٍ من الشمس والقمر بدليل لا ينكسفان في بعض الروايات، ولا ينخسفان في روايات أخرى.

ولا شك أن معنى الكسوف غير معنى الخسوف من حيث اللغة، الفقهاء يقولون: إذا غابت الشمس كاسفة، أو طلعت والقمر خاسف لم يصلوا، إذا غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف، هذا من باب تخصيص كل آية بلفظ، لم يصلوا، لماذا لا يصلون؟ تعليلهم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ إذا غابت الشمس كاسفة غابت انتهى وقت النهي، هم يقولون لذهاب الانتفاع بهما، كأن المسألة من أجل مشروعية صلاة الكسوف من أجل أن ننتفع بهاتين الآيتين، والعلة المنصوصة التخويف، فإذا قلنا: إنه يصلى بعد غروب الشمس وهي كاسفة نحن لا ندري هل انجلى الكسوف أو لم ينجلِ؟ والحكم والأمر بالصلاة معلق برؤية الكسوف ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) وإذا طلعت الشمس والقمر خاسف انتهى لا يُرى، فهذا هو السبب الحقيقي في كون صلاة الكسوف لا تصلى إذا غابت الشمس كاسفة وطلعت والقمر خاسف.

ص: 4

مدلول الكسوف في اللغة غير مدلول الخسوف؛ لأن الكسوف التغير إلى السواد كما تقدم، والخسوف: النقصان، فإذا قيل في الشمس: كسفت أو خسفت لأنها تتغير ويلحقها النقص، يحلقها المعنيان معاً، وكذلك القمر، وحينئذٍ يصوغ إطلاق اللفظين على كلٍ من الآيتين، ولا يلزم من ذلك ترادف اللفظين، نظير ما نحن فيه، وإن كان استطراد، ولعله يفيد -إن شاء الله تعالى- ما قيل بترادف الفرد والغريب، ترادف الفرد والغريب قالوا: هم مترادفان من حيث الأصل، ولا شك أن الفرد في اللغة له معنى، والغريب في اللغة له معنى، لكن من حيث الإطلاق الاصطلاحي كلٌ منهما يطلق على تفرد الراوي برواية الخبر، كون هذا يكثر إطلاقه في التفرد المطلق وهذا في النسبي هذا أمر ثاني، لكن يقال: تفرد به فلان وأغرب به فلان، وإن كان اللفظ من حيث اللغة هذا له معنى وهذا له معنى، كما عندنا الآن.

بعض أهل الهيئة أهل الفلك يرون أن الكسوف لا حقيقة له، الآية لا تتغير، الشمس يبقى نورها موجود، القمر يبقى نوره موجود، إنما هو مجرد تغير بالنسبة للرائي، يقول: لا حقيقة له فإنها لا تتغير في نفسها وإنما القمر يحول بيننا وبينها هذا بالنسبة لكسوف الشمس، قولهم في كسوف القمر: إن الأرض تقع بينه وبين الشمس، إذا حال القمر بيننا وبين الشمس تغطى جزء منها أو جميعها، ويأتي ما في الكلام من قبل ابن العربي، هم يقولون: إن كسوف القمر حقيقي؛ لأنه يلزم من القول بأن الأرض تحول دون رؤية القمر؛ لأنه يستمد ضوءه من الشمس، فإذا حالت الأرض بينهما خسف القمر، قولهم هذا يلزم عليه أو هو متفرعٌ من القول بدوران الأرض، لكن المتقدمون منهم لا يرون دوران الأرض، وهم يرون أن كسوف القمر حقيقي، بينما كسوف الشمس غير حقيقي، هؤلاء أهل الهيئة اللي هم علماء الفلك.

ابن العربي يقول: كلامهم غير صحيح، لماذا؟ لأن القمر أصغر بكثير من الشمس، حتى هم يذكرون أرقام نعم أصفارها ما تأخذها الأسطر، أرقام أرقام خيالية، لا يمكن أن .. ، يمكن ما تقرأ، يعني نسبة الأرض إلى الشمس، أو نسبة القمر إلى الشمس أضعاف أضعاف لا يحاط بها، فابن العربي يقول: كيف الصغير يحجب الكبير؟ الصغير كيف يحجب الكبير؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 5

بعد المسافة، لو توضع يدك أما المنبر هل في نسبه بين يدك وبين المنبر ذا؟ تغطيه لقرب مسافة القمر وبعد مسافة الشمس.

طالب:. . . . . . . . .

إيه لا ما هو بحجب الأشعة، الحجب لمصدر الأشعة.

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو حجب مصدر الأشعة، الآن الحجب للمصدر،. . . . . . . . . هذا أكبر من هذا، فإذا قربتهم بالنسبة لك قد تكون الأشعة من الجهات الأخرى على أقطار أخرى منتشرة، فالحجب الآن للمصدر مصدر الأشعة، فكلام ابن العربي فيه ما فيه، وإن كنا قد لا نوافق على ما يقولون؛ لأن هذا أمر قد لا ندركه يعني، وخلافنا معهم إلا أنه بالنسبة لدوران الأرض هذا أمر لا نقول به لمخالفته الصريحة، أما كون الشمس بعد هم يقولون: الشمس ثابتة، وجريانها منصوص عليه في كتاب الله -جل وعلا-، فنحن لا نوافقهم فيما يقولون، هذه المسألة أنا أقول: قد لا يكون علمنا بها تاماً وتصورنا كامل لها، إلا أننا نتعامل معها من خلال النصوص، الشمس تجري بالدليل القطعي، ومن قال: إنها لا تجري هذا يكفر بلا شك، أما مسألة دوران الأرض فهي مسألة خلافية، حتى بينهم هم يختلفون في هذا، ولا شك أنها راسية في أدلتنا الشرعية، وهل يختلف أو يتناقض ويتنافى دورانها مع كونها راسية أو لا يتناقض؟ المسألة عاد قابلة للنظر؛ لأنهم من حيث الاستعمال يقولون: هذه السيارة راسية، راسية وهي تمشي مائتين، وليست ثابتة وواقفة وهي راسية بالفعل، لكن الكلام عندنا نصوص وتفسيره باللغة التي نزل فيها، ما هو باستعمالنا إحنا، يعني ما نستدل بكون الأرض تدور وهي راسية باستدلالنا بكلام بعضنا لبعض أن السيارة راسية وهي تمشي، على كل حال المسألة .. ، وهي مسألة عقيمة لا يترتب عليها عمل، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6

الكسوف عندهم هو بالنسبة للرائي؛ لأنه شيء يحجب شيء وينتهي ضوءه، لكن الذي بين أيدينا من النصوص هو أنهما آيتان من آيات الله وجد هذا الكسوف من أجل التخويف، يخوف بهما عباده، وإذا قلنا مثل هذا الكلام -كلام أهل الهيئة- وأضفنا إلى ذلك أنه يدرك بالحساب، وعلمنا به قبل وقوعه ذهبت الحكمة من وجوده كما هو الواقع، قبل شهر يعلنون: أن الشمس تبي تكسف في يوم كذا في الدقيقة كذا عن مكان كذا وتنجلي في وقت كذا، هل يدرك بالحساب؟ مسألة خلافية والواقع يشهد بأنه يدرك، لكن الإخبار بهذا الكسوف وبذلك الخسوف ليس من مصلحة المكلف؛ لأن الحكمة الشرعية من وجود الكسوف تنتفي، النبي عليه الصلاة والسلام أفضل الخلق وأعلم الخلق وأتقى الخلق وأخشاهم لله عز وجل خرج يجر رداءه يظنها الساعة، فمثل هذا والفزع إلى الصلاة دليل على أن هناك شيء مخيف، وطلب كشف هذا الأمر يدل على أنه لا ينتظر وجوداً ولا انتهاءً؛ لأنا نطلب كشفه، إذا عرفنا أنه بينكشف في ساعة كذا إذاً دعاؤنا عبث، إذا كان وجوده في الساعة الفلانية وانكشافه في الدقيقة أو الثانية الفلانية إذاً دعاؤنا عبث ننتظر حتى ينكشف كما يقول كثير من الناس الآن، والذي أوجد هذا التغير في هذا الجرم الكبير قادر على أن يوجد ما هو أعظم منها، هذا اختلال في سير هذه المخلوقات العظيمة، والذي أوجد هذا الاختلال قادر على أن يوجد ما يتعلق بالبشر، ما يضرهم، والله المستعان.

طالب:. . . . . . . . .

يعني مسألة إدراكه هل يدرك بالحساب أو لا يدرك؟ نقول: على كل حال سواءً أدرك أو لم يدرك إعلانه لعموم الناس خطأ؛ لأنه بهذا الإعلان تذهب الفائدة والحكمة التي من أجلها وجد هذا الكسوف وهي التخويف.

طالب:. . . . . . . . .

الجمهور على أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة، ونقل النووي الإجماع على ذلك، وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها قال:"باب وجوب صلاة الكسوف" وحكي عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة، ونقل عن أبي حنيفة الوجوب أيضاً، وفي الكسوف من الحكم

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

عامة أهل العلم على أنها سنة مؤكدة، لكن الأمر صريح:((فإذا رأيتموهما فصلوا)) الأمر صريح، والأصل فيه الوجوب.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 7

نعم ما نعرف صارف إلا ((هل علي غيرها؟ )) ما في إلا ((هل علي غيرها؟ )) قال: ((لا، إلا أن تتطوع)).

في الكسوف من الحكم ظهور التصرف الإلهي في هذين الخلقين العظيمين، وإزعاج القلوب الغافلة، وإيقاظ هذه القلوب المنصرفة، يقولون: فيه تنبيه على خوف المكر، ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له فكيف بمن له ذنب؟! لأن هذه الأمور يخوف فيها المطيع والعاصي، وأشد من خاف النبي عليه الصلاة والسلام.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب العمل في صلاة الكسوف:

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي في زمنه، في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام، فقال القائل: إنها انكسفت لموت إبراهيم، والعرب كانت تزعم أنهما لا ينكسفان إلا لموت أحد، لموت عظيم "فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس"، "خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى" العطف بالفاء يدل على أنه مباشرة، حتى أخذ بعضهم أنه عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على الوضوء فلهذا لم يحتج إلى الوضوء مباشرة صف، صلى على طول، لكن الحافظ ابن حجر يقول: فيه نظر؛ لأن في السياق حذف، الرواية الأخرى تدل على أنه تمهل، وحدث منه بعض التصرفات مروراً بالحجر وغيرها على ما سيأتي.

"فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام فأطال القيام نحواً من سورة البقرة" كما في الحديث اللاحق حديث ابن عباس "نحواً من سورة البقرة" وجاء أيضاً في حديث ذكره الفاكهاني أنه في القيام الأول قرأ سورة البقرة، وفي القيام الثاني قرأ آل عمران، وفي الثالث قرأ النساء، وفي الرابع قرأ المائدة، هذا ذكره الفاكهاني، أيهما أطول آل عمران وإلا النساء؟ النساء أطول، فهل هذا مؤيد بما معنا من أحاديث أو مردود؟

"فأطال القيام ثم ركع" نعم لأنه يأتينا في الروايات كلها: "وهو دون القيام الأول"، "وهو دون القيام الأول"، "وهو دون القيام الأول" هذه نعرض لها في وقتها في الحديث الثاني -إن شاء الله تعالى-.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 8

قرأ آل عمران ثم النساء هم يجيبون عن هذا، يعني إن ثبتت هذه الرواية بأنه يحتمل أنه رتل سورة آل عمران حتى صارت أطول من النساء؛ لأنه معروف من فعله عليه الصلاة والسلام أنه يرتل، ويمد بعض السور حتى تكون أطول من أطول منها، ولا يكون حينئذٍ فيه تعارض.

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال على فرض صحتها.

"فأطال القيام ثم ركع" يقول ابن حجر: ولم أرَ في شيء من الطرق بيان ما قاله فيه -يعني في الركوع- إلا أن العلماء اتفقوا على أنه لا قراءة فيه، وإنما فيه الذكر كالتسبيح ونحوه، وقد جاء النهي عن القراءة في الركوع والسجود، النهي عن القراءة في الركوع والسجود، "ثم ركع فأطال الركوع ثم قام قائلاً: سمع الله لمن حمده، فأطال القيام" يعني وقرأ بعد ذلك الفاتحة ثم السورة "وهو دون القيام الأول" المراد بالقيام الأول هنا الذي قرأ فيه سورة البقرة، خلونا مع القيامات الأربعة بالسورة من أجل أن نميز بينها؛ لأنه دون الأول دون الأول دون الأول، لا نستطيع أن نميز إلا بالسور، فنسمي القيام الأول: قيام سورة البقرة، والثاني: آل عمران، والثالث: النساء والرابع: المائدة، خلونا على هذا من أجل أن نفهم الحديث وما جاء بعده.

"وهو دون القيام الأول" اللي هو قيام سورة البقرة، هذا ما فيه إشكال "ثم ركع فأطال الركوع -بالتسبيح ونحوه- وهو دون الركوع الأول" وهذا ما فيه إشكال أولية مطلقة "ثم رفع فسجد سجوداً طويلاً" كما في بعض الروايات "ثم فعل في الركعة الآخرة" يعني الثانية المشتملة على ركوعين، وقد فصلت في رواية: عمرو الآتية "ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف -من صلاته- وقد تجلت الشمس" عاد إليها نورها وضوؤها "فخطب الناس" وعظهم وذكرهم وكشف الشبهة أزال الشبهة التي في أذهانهم، "فحمد الله وأثنى عليه" تفريعية، "فحمد الله وأثنى عليه ثم قال .. " واستدل بهذا من يقول: بأن صلاة الكسوف لها خطبة كالجمعة، "فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال .. " إلى آخره هذه خطبة، وهذا معروف عند الإمام الشافعي وإسحاق، والأكثر على أنه لا خطبة لصلاة الكسوف.

ص: 9

كيف نجيب عن مثل هذا؟ "فخطب الناس، حمد الله، وأثنى عليه" نقول: في كلمة، في موعظة اقتضتها الحاجة لا أنها مرتبطة بالصلاة، إنما اقتضتها الحاجة لكشف لبس وموعظة وتذكير يقتضيه المقام، لكن إذا لم يقتضي المقام تذكير، إذا لم يوجد من يقول: إن الشمس تنكسف لموت أحد، وعلى هذا لو حصل الكسوف في يوم الجمعة وعظ الناس وذكروا في خطبة الجمعة هل هم بحاجة إلى خطبة ثانية؟ على القول بأن لها خطبة يقتضي على قول الشافعي وإسحاق، على القول الآخر أنه تم وعظهم وتذكيرهم في خطبة الجمعة ولا داعي لأن يخطبوا مرة ثانية، الظاهر أنها موعظة، يعني في مكانه يتكلم الإمام بما يراه مناسباً للحاجة، وهذا قول الأكثر.

"ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات)) يعني علامتان من آيات الله الدالة على وحدانيته -جل وعلا- وعظمته ((لا يخسفان لموت أحد)) لأنه ذكروا أنها إنما انكسفت لموت إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يجتث هذه الشبهة من قلوبهم ((لموت أحدٍ ولا لحياته)) هل في أحد قال: إن الشمس تنكسف لحياة أحد؟ نعم ممكن؟

طالب:. . . . . . . . .

الموت لكن لحياة؟!

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لا يعدم أن يوجد من يقول لحياة إلا أن الموت أظهر، العظيم تعرف عظمته قبل موته، لكن كيف نعرف أن هذا الذي ولد عظيم؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني هو مجرد اعتقاد، ومنهم من يقول: إنه مبالغة في الإنكار، كما في حديث:"لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها" نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الاعتقاد ممكن أن يعتقد لا على التعيين، ما يقال: إن هذا الذي ولد اليوم هذا عظيم، يعني لا على التعيين ممكن، لكن الذي مات على التعيين لمن علم به.

ص: 10

((ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) ((إذا رأيتم ذلك)) في رواية: ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) ((فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) وهناك: النبي عليه الصلاة والسلام صلى، وفي بعض الروايات -وهي صحيحة في الصحيح-:((فصلوا)) وهذا أمرٌ بالصلاة، ومقتضاه أنها مرتبطة برؤية الكسوف، وعلى هذا لو حصل الكسوف في وقت نهي على القول بوجوبها لا إشكال، تصلى في وقت النهي، لكن على القول بأنها سنة، فمن يقول: لا تفعل ذوات الأسباب في وقت النهي ما تصلى، وهذا معروف عند الحنابلة والحنفية هذا قول، والمالكية في الجملة، لكن هذه الصلاة بعضهم يرى وجوبها فلا تدخل.

على كل حال مسألة فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي مسألة خلافية، لكن هذه الصلاة فيها من القوة والأمر الخاص وترتيب هذا الأمر على هذه الحادثة فيه ما يصلح لمقاومة أو لمعارضة أحاديث النهي، فالأظهر أنها تصلى.

((فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) من أجل؟ يعني قدموا شيئاً يكون سبباً لكشف ما بكم، كما أنه تسن الصدقة قبل صلاة الاستسقاء، الإنسان لا بد أن يقدم بين يدي طلبه شيء، الآن الصلاة طلباً لانكساف أو لانكشاف ما بهم، ويقدم بين يدي هذا الطلب ما يقرب إلى الله -جل وعلا-.

ص: 11

مسألة سجود الشمس كل ليلة واستئذانها تسجد تحت العرش كل ليلة وتستأذن ولا يلزم من ذلك أن تفارق فلكها؛ لأن هذه أمور غيبية، ولو قلنا: إنها تفارق الفلك والآن بعد أن اكتشفت جميع أجزاء الأرض وأن الشمس لا تغاب عن الأرض، إذا غابت عن جزء طلعت على جزءٍ آخر، فأقول: إن هذا من الأمور الغيبية التي لا تدرك بالرأي، فإذا صحت عندنا الأخبار علينا التسليم، يعني كما نقول في النزول الإلهي؛ لأن بعضهم يورد -هذا حديث صحيح- الله -جل وعلا- ينزل آخر كل ليلة في الثلث الأخر بالأدلة القطعية وصلت إلى حد القطع، والثلث الأخير متفاوت من بلد إلى بلد، وأيضاً قد يكون فيه شيء من المعارضة، وجه معارضة لأحاديث الاستواء، وأدلة العلو، والذي قرره شيخ الإسلام أنه ينزل في آخر كل ليلة، وأنه لا يخلو منه العرش، سمعنا وأطعنا، هذا شيء لا يمكن أن نحيط به، وعلينا أن نعمل، وهذا من باب امتحان المكلف، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.

"ثم قال: ((يا أمة محمد)) وفيه معنى الإشفاق، يعني كما يخاطب الوالد ولده ((والله -هذا قسم- ما من -من زائدة- أحد أغير من الله)) ((ما من أحد أغير من الله -جل وعلا-)) الله -جل وعلا- يغار أن تنتهك محارمه، ((ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته)) ولذا ظهور هذه الفاحشة مؤذن بخطر عظيم، مؤذن بتعجيل العقوبة، كثرة الزنا، وانتشار الفاحشة مؤذن بتعجيل العقوبة، ((يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم)) من عظيم قدرة الله -جل وعلا-، وانتقامه من المجرمين، وهذا هو الظاهر، وهو المناسب للبكاء، ومنهم من يقول: لو تعلمون ما أعلم من عظيم سعة رحمته وحلمه لبكيتم على ما فاتكم من ذلك، لكن الأول أقرب هو المناسب للبكاء ((لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً)) لتفريطكم، وهذا المواجه به الصحابة أفضل الأمة، فكيف بمن جاء بعدهم ممن جمع بين سوء العمل مع حسن الظن وطول الأمل؟ جاء في الوصف وصف خيار الأمة أنهم {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ} [(60) سورة المؤمنون] فجمعوا بين الخوف والوجل مع حسن العمل، على ضد ما نحن عليه، ونحن أولى بأن يوجه لنا هذا الكلام.

ص: 12

وعلى كل حال الطبيب الحاذق -كما يقول أهل العلم- يقابل العلة بما يضادها لا بما يزيدها، يقابل العلة بما يضادها، يعني رأيت الناس منصرفين عن الدين تعالجهم بنصوص الوعيد، ما داموا منصرفين يحتاجون إلى من يردهم، ما تقابلهم بفقه التيسير، لكن إذا وجدت أو عشت في بلدٍ فيه تشديد وغلو ومبالغة، أو أمامك شخص يتصف بهذا الوصف تعالجه بنصوص الوعد بسعة رحمة الله -جل وعلا-، لتكسر ما عنده، ولذا جاءت النصوص بهذا وهذا، جاءت بالوعد والوعيد، والموفق من يجمع بينهما، فلا يرجح الوعيد فيحمله ذلك على الخوف والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، ولا يرجح الوعد فيأمن من مكر الله، وعلى هذا ينبغي أن يعالج كل إنسان بما يناسبه من النصوص.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس أنه قال: "خسفت الشمس" يعني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى الناس معه، فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة" يقول هذا من؟ ابن عباس، واستدل بهذا من يقول: بأن قراءة صلاة الكسوف سرية، إذ لو كانت جهرية لعلم ابن عباس، لكن لا يمنع أن تكون جهرية ولبعده لم يسمع.

طالب:. . . . . . . . .

بعض الصحابة صلى من الزلزلة، بعضهم صلى، والجمهور على أنه لا يصلى إلا للكسوف.

ص: 13

يقول: "فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى الناس معه، فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع من الركوع فقام قياماً طويلاً -يعني بنحو آل عمران كما تقدم- وهو دون القيام الأول" وهذا القيام الثاني، والأول هنا أولية مطلقة، الأول الذي لم يتقدمه شيء "ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الركوع الأول -الذي لم يتقدمه ركوع- ثم سجد -يعني سجد سجدتين- ثم قام قياماً طويلاً -يعني بنحو سورة النساء- وهو دون القيام الأول" القيام الأول أي أول؟ الذي قبله أو الأول أولية مطلقة؟ يعني الأولية هنا بيحتمل أن تكون أولية نسبية؛ لأن كل شيء أول بالنسبة للذي يليه، وهناك أولية مطلقة، يكون عندنا واحد أول والثلاثة التي تليه دون القيام الأول أولية مطلقة، أو دون القيام الأول الذي قبله، وعلى هذا يكون كل قيام دون الذي قبله، فالقيام رقم واحد أطولها، ثم الثاني يليه، ثم الثالث يلي الثاني، ثم الرابع يلي الثالث وهكذا، لكن إذا قلنا: دون القيام الأول أولية مطلقة قلنا: يمتاز الأول بالطول والثلاثة مساوية، طولها واحد لماذا؟ لأنه قيل في وصف الثاني والثالث والرابع دون القيام الأول، إذاً هي مستوية، واللفظ محتمل.

طالب:. . . . . . . . .

هذا إن ثبت، إن ثبت، لكن جاء ما يدل على أنه كل واحد دون الذي يليه، وأيضاً سنة الصلاة أن كل ركعة دون التي قبلها، الركعة الأولى أطول من الثانية، والثالثة أقصر من الثانية وهكذا.

"ثم سجد" بعض الروايات: "سجوداً طويلاً" سجد سجوداً طويلاً، يقول:"ثم قام قياماً طويلاً" يعني بنحو النساء "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً" يعني بنحو المائدة "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الركوع الأول، ثم سجد سجدتين، ثم انصرف" من صلاته يعني بالسلام "وقد تجلت الشمس" الواو واو الحال، الحال أن الشمس قد تجلت قبل انصرافه منها، قبل انصرافه من الصلاة، لو انصرف من الصلاة والكسوف لم ينجلِ ينشغل بالذكر ولا تعاد الصلاة، ينشغل بالأذكار والتلاوة والدعاء والتضرع ولا تعاد الصلاة.

ص: 14

"فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته)) " بل هما مخلوقان من مخلوقات الله عز وجل ((فإذا رأيتم ذلك -الكسوف- فاذكروا الله)) قالوا: يا رسول الله: رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا؟ " تقدم وهو في محرابه تقدم "رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت -يعني تأخرت وتقهقرت- فقال صلى الله عليه وسلم:((إني رأيت الجنة)) " رؤية حقيقية عينية، كشفت له عليه الصلاة والسلام، ورفعت الحجب بينه وبينها إكراماً له عليه الصلاة والسلام، ولا يمنع من إرادة المعنى الحقيقي أي مانع، ((إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً)) فيه دليلٌ على وجود الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان خلافاً للمعتزلة، ((عنقوداً)) أي أردت أن أضع يدي عليه، وفي روايةٍ: ((فحيل بيني وبينه)) ((ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)) لماذا؟ لأن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وهذا من ثمارها ((ورأيت النار فلم أرَ كاليوم)) يعني كالوقت الذي هو فيه ((منظراً قط أفظع)) يعني أقبح ولا أشنع ((من ذلك المنظر، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((لكفرهن)) " الكفر اللغوي الستر والتغطية، تغطية الجميل والمعروف، ويشارك النساء من يتصف بهذا الوصف من الرجال، فكيف بمن يتصف بما هو أعظم منه؟! لأن الرجل إذا سمع هذا الكلام انبعثت عنده آمال كثيرة، ورأى فضله على النساء بمجرد أنهن يكفرن العشير، عند الرجال من المخالفات ما هو أعظم من ذلك، فإذا وجد مثل ذلك أو ما هو أعظم منه استوجب دخول النار، نسأل الله العافية " ((لكفرهن)) قيل: أيكفرن بالله تعالى؟ قال: ((ويكفرن العشير)) الذي هو الزوج المعاشر ((ويكفرن الإحسان)) أي ..

طالب:. . . . . . . . .

ص: 15

لا أكثر الروايات ما فيها هذا ((يكفرن العشير)) هذا تفسير، ((ويكفرن الإحسان)) إحسان الزوج، وهو عطف تفسيري يسمونه عطف تفسيري ((لو أحسنت)) هذه شرطية، ويحتمل أنها امتناعية ((لو أحسنت)) المخاطب ((لو أحسنت)) هذا خطاب لمفرد لكنه متجه لكلِّ من يتأتى خطابه بمثل هذا الكلام ((لو أحسنت لإحداهن الدهر كله)) يعني مدة عمرها ((ثم رأت منك شيئاً)) والتنكير للتقليل، هذا واقع النساء قليلاً لا يوافق غرضها من أي نوعٍ كان، لو كانت خراجة ولاجة، تخرج في كل يوم، ثم منعت في يوم واحد، قالت: العمر كله محبوسة في هذا البيت، ولو أنفقت عليها الأموال ومنعت مما تريد في يوم من الأيام لادعت أنها ما رأت خيراً قط، نعم، والعبارة التي يرددنها:"أنها ما رأيت نوح، ولا باب مفتوح" هذه مشهورة عند الحريم، ثم رأيت منك شيئاً قليلاً لا يوافق غرضها من أي نوع كان ((قالت: ما رأيت منك خيراً قط)) وهذا بيان للتغطية المذكورة والستر وكفر الإحسان المذكور في الحديث.

والإمام البخاري رحمه الله ترجم على الحديث: باب: صلاة الكسوف جماعةً، يعني وإن لم يحضر الإمام الراتب فيؤمُّ لهم بعضهم عند الجمهور، وعن الثوري إن لم يحضر الإمام صلوا فرادى، البخاري هذه الترجمة من أين أخذها من الحديث؟ النبي عليه الصلاة والسلام هو الإمام الراتب وهو الذي صلى بهم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16

((إذا رأيتم ذلك فصلوا)) نعم، وهذا مقتضٍ لأمر الجميع، وفي الحديث المبادرة إلى الطاعة عند رؤية ما يحذر منه، واستدفاع البلاء بذكر الله تعالى وأنواع طاعته، وفيه معجزة ظاهرة للنبي عليه الصلاة والسلام حينما كشفت له الجنة والنار، وما كان عليه عليه الصلاة والسلام من نصحٍ لأمته وتعليمهم ما ينفعهم، وتحذيرهم مما يضرهم، ومراجعة المتعلم العالم فيما لا يدركه فهمه، راجعوه حينما تقدم وتناول شيئاً، قالوا: رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، يسألونه ما السبب في هذا؟ فهي مراجعة من المتعلم العالم فيما لا يدركه، هؤلاء لا يدركون ما حصل، والتحذير من كفران المعروف، وجحد الحقوق، ووجوب شكر المنعم، فإذا وجب مثل هذا للزوج على زوجته فكيف بمن لا تحصى نعمه؟! وإطلاق الكفر على ما يخرج من الملة يعني كفرٌ دون كفر، وتعذيب العصاة من هذه الأمة، وجواز العمل القليل في الصلاة تقدم وتأخر هذا عملٌ قليل داخل الصلاة، وفيه: أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان خلافاً للمبتدعة الذين يقولون: إنما تخلق عند الحاجة إليها، وهذا قول المعتزلة.

طالب:. . . . . . . . .

هذا مجرد استفهام وإلا جاء في النصوص ما يدل على هذا وهذا على حدٍ سواء، جاء فيه هذا وجاء فيه ذاك، لكن أكثر ما يراد بالأكبر المقترن بـ (أل)، وإذا خلا من (أل) فالغالب أنه يراد به الأصغر دون كفر.

ص: 17

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن -بن سعد بن زرارة الأنصارية- عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودية" وفي رواية عند البخاري: "دخلا عجوزان من يهود المدينة" يعني على عائشة، وهو محمولٌ على .. ، الآن يهودية، واللي دخل ثنتين لا يمنع أن يكون الداخل اثنتين والمتكلم واحدة "أن يهودية جاءت تسألها" شيئاً تعطيه إياها "فقالت" اليهودية لعائشة:"أعاذك الله من عذاب القبر" هذا أمرٌ مقرر في الشرائع السابقة "فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم" قائلة: "أيعذب الناس في قبورهم؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عائذاً بالله من ذلك)) ((عائذاً بالله من ذلك)) منصوب على المصدرية بفعل محذوف بلفظ المصدر: أعوذ بالله عائذاً به من ذلك ((عائذاً بالله من ذلك)) أي من عذاب القبر، والمعتزلة ينكرون عذاب القبر، وقد طلب من شخص من أهل السنة أن يصلي على معتزلي فرفض، رفض، بإلحاح شديد قبل، وكأنه ليس من أهل العلم، فلما قَبِل كبر التكبيرة الثالثة فقال:"اللهم إن عبدك فلان ممن ينكر عذاب القبر فأذقه إياه" نسأل الله العافية.

ص: 18

"ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركباً" يعني ركب إلى تجهيز هذه الجنازة التي إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام، ركب بسبب موت إبراهيم "فخسفت الشمس فرجع -من الجنازة- ضحى، فمر بين ظهراني -على التثنية- الحجر" أي بيوته عليه الصلاة والسلام "ثم قام يصلى صلاة الكسوف، وقام الناس وراءه يصلون فقام قياماً طويلاً" نحو البقرة على ما تقدم "ثم ركع ركوعاً طويلاً" قريباً من قيامه "ثم رفع فقام قياماً طويلاً" وتقدم ما يدل على أنه بقدر آل عمران "وهو دون القيام الأول"، "ثم ركع ركوعاً طويلاً" يقرب من قيامه "وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" هذا كله تقدم "ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" وعرفنا المراد بالأولية في هذه المواضع هل هي مطلقة أو نسبية؟ "وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع -رأسه من السجود- ثم سجد -سجدتين طويلتين- ثم انصرف" من صلاته بعد التشهد بالسلام "فقال ما شاء الله أن يقول" يعني مما تقدم ذكره في حديث عائشة وغيره "ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" قال ابن المنير: مناسبة ذلك أن ظلمة النهار بالكسوف تشابه ظلمة القبر وإن كان نهاراً، والشيء بالشيء يذكر، وفيه: أن عذاب القبر حق خلافاً للمعتزلة، قصة الأعرابي التي استدل بها في قوله -جل وعلا-:{حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(2) سورة التكاثر] على البعث لما سمع القارئ يقرأ: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(2) سورة التكاثر] قال الأعرابي: "بعث القوم ورب الكعبة" من أين أخذ؟ من الزيارة الزائر لا بد أن يقفل ويرجع.

ص: 19