المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في صلاة الكسوف: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في صلاة الكسوف:

وفي جميع هذه الروايات أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعةٍ ركوعان، هذا ما اتفق عليه الشيخان، وجاء في صحيح مسلم ثلاث ركوعات، وجاء أربعة، وجاء ما يدل على أنها خمسة في كل ركعة، وأهل العلم يختلفون في كيفية التوفيق بين هذه الروايات، ومنهم من يرى أن الصواب ما اتفق عليه الشيخان، وما عدا ذلك وهم، ومنهم من يصحح الجميع ويقول: بتعدد القصة، وهذا مسلك من يجبن عن توهين رجال الصحيح، وعلى كل حال الجبن في هذا الموضوع محمود، لكن يبقى أن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أقسم أو ذكر أن الكسوف لم يحصل إلا مرة، وأن إبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة.

وعلى كل حال هما مسلكان في مثل هذا الاختلاف، منهم من يجزم ويحكم للأصح بأنه هو المحفوظ، وما يقابله يحكم عليه بالشذوذ ولو صح سنده، ولو وجد في الصحيح، ومنهم من يقول بتعدد القصة، وعلى كل حال أهل السير متفقون على أنها لم تحصل إلا مرة واحدة.

‌باب: ما جاء في صلاة الكسوف:

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ فأشارت برأسها: أن نعم، قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي الماء، فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه، ثم قال: ((ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريباً من فتنة الدجال -لا أدري أيتهما قالت أسماء- يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحاً، قد علمنا إن كنت لمؤمناً، وأما المنافق أو المرتاب -لا أدري أيتهما قالت أسماء- فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته)) ".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في صلاة الكسوف" يعني غير ما تقدم.

ص: 20

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة" عن زوجته فاطمة "بنت" عمه "المنذر" بن الزبير بن العوام "عن أسماء" جدتهما، جدة هشام وزوجته لأبويهما "عن أسماء بنت أبي بكر الصديق" ذات النطاقين صحابية جليلة من فضليات الصحابة، تأخرت وفاتها إلى سنة ثلاثٍ وسبعين، ماتت عن مائة سنة، قالوا: لم يسقط لها سن، ولم يتغير لها شيب، متعت إلى أن عاشت مائة سنة .... والله المستعان "أنها قالت: أتيت عائشة" تعني أختها "زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس" وذهب ضوؤها "فإذا الناس قيام يصلون" للكسوف "وإذا هي -تعني عائشة- قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ " سألتها وهي تصلي، ما للناس؟ عائشة تصلي فسألتها أسماء ما للناس؟ مخاطبة المصلي ما حكمها؟ وإجابة المصلي بالإشارة المفهمة؟ جئنا بمثال قبل كم درس وقلنا: لو وقف متأخر في الصف وقال: كم صلوا قال جاره هكذا يعني ما أدري، جائز وإلا ما هو بجائز؟ المسألة حكم شرعي، سؤال يحتاج إلى جواب، والجواب بالإشارة هنا وهنا، يعني ما فعلته أسماء جائز وإلا ما هو بجائز؟ وإشارة عائشة جائزة وإلا غير جائزة؟ جائزة، إذاً ما الذي يجيز هذه ولا يجيز تلك الصورة؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني يتوسع في النافلة، لا، افترض أنها نافلة، قال: كم صلوا؟ صلاة التراويح كم صلوا؟، على القول بوجوب صلاة الكسوف لا فرق، لكن يبقى أنه لو جاء في صلاة التراويح أو التهجد وقال: كم صلوا؟

طالب:. . . . . . . . .

الداعي، الداعي مختلف، الداعي للكلام مختلف، طيب لو شخص مشغل المسجل يقرأ قرآن ويسمع هذا المصلي، يستمع وهو يصلي أليس فيه ما يشغله كشغل من يسأله بل أشد؟ المقصود أن على المصلي أن يقبل على صلاته هذا الأصل، عليه أن يقبل على صلاته بقلبه وقالبه، وأن يحضر قلبه، ويستحضر ما يقرأ وما يسمع من الإمام إن كان مأموماً ليرجع بصلاته كلها إن أمكن وإلا فما قرب من الكل.

ص: 21

"وإذا هي -تعني عائشة- قائمة تصلي، فقالت: ما للناس؟ " قائمين مضطربين فزعين ما لهم؟ ما شأنهم؟ "فأشارت عائشة بيدها نحو السماء" تشير إلى الكسوف "وقالت: سبحان الله" من التي قالت: سبحان الله؟ عائشة، المرأة إذا نابها شيء في صلاتها تسبح؟ تصفق هذا الأصل، لكن هل نابها شيء الآن؟ من التي قالت: سبحان الله أسماء وإلا عائشة؟ "فأشارت بيدها نحو السماء وقالت: سبحان الله" هذا يدل على أنها عائشة، "فقلت" هذا تعجب بذكرٍ مشروع، أقول: هذا تعجب بذكر مشروع لا يسمعها رجال، وجاء العموم:((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) هو شامل للرجال والنساء، ثم جاء المخصص للنساء، المقصود أن مثل هذا ليس مجالاً للتصفيق إنما هو للتعجب، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أن هذا ليس مقامه مقام التصفيق "فقلت: هذه آية؟ " علامة للتخويف، من قوله تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَاّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء]"فأشارت برأسها: أن نعم" برأسها هذه إشارة ثانية "فقلتٌ: آية؟ " أسماء تقول: هذه آية؟ "فأشارت -عائشة- برأسها نعم" إشارة ثانية وسؤالٍ ثاني، وفي رواية:"أي نعم"، "قالت: فقمت" أسماء "قالت: فقمت حتى تجلاني" قمت في الصلاة يعني معهم "حتى تجلاني" غطاني "الغشيُ" "حتى تجلاني الغشي" والغَشْي والغُشيّ نوع من الإغماء سببه طول التعب، تعب الوقوف، والمراد به هنا الحالة القريبة من الإغماء، حالة قريبة من الإغماء، يعني مثل الدوخة، وهذا يصاب به الإنسان إذا بلغه أمرٌ لا يحتمل، لا سيما إن وجد معه ضعف في البنية أو في الاحتمال والصبر، أو فقر دم يصاب بمثل هذا، "وجعلت أصب فوق رأسي الماء" في تلك الحالة يعني وهي تصلي؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

فقمتُ قمت للصلاة، يعني معهم.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، معهم "حتى تجلاني الغشي .. " نعم؟ كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 22

"وجعلتُ أصب فوق رأسي الماء" في تلك الحالة ليذهب هذا الغشي، وهذا يدل على أن حواسها موجودة ومدركة، يعني ما هو بإغماء كامل قريبٌ منه، دوخة يسمونها دوخة، "فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه" من عطف العام على الخاص "ثم قال:((ما من شيء من الأشياء كنت لم أره إلا قد رأيته)) " رؤية حقيقية كما هو الأصل "في مقامي هذا" (هذا) صفة صلة لإيش؟ لمقامه، الإشارة يوصف به وإلا يوصف؟ يوصف وإلا يوصف به؟ يوصف به، من يحفظ كلام ابن مالك؟ اللي يحفظ كلام ابن مالك نعطيه هذا الكتاب.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا.

ونعتوا بمشتقٍ كصعبٍ وذرب

وشبهه كذا وذي والمنتسب

وين العربية يا الإخوان؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟ ويش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

((في مقامي هذا حتى الجنةُ والنارُ)) (حتى الجنةَ والنارَ)(حتى الجنةِ والنارِ) ضبطت بالحركات الثالث، فعلى رواية الرفع ها؟ حتى إيش؟ تكون إيش؟ ابتدائية، الجنة: مبتدأ خبره محذوف تقديره إيش؟ مرئية، حتى الجنة والنار مرئيتان، أو حتى الجنة مرئية والنار كذلك، والنصب على أنها عاطفة على ضمير النصب في (رأيته)، إلا قد رأيته حتى الجنةَ، حتى رأيت الجنةَ، والعطف على نية تكرار العامل، والجر على أنها جارة أو عاطفة على المجرور وهو إيش؟ ما من شيء، وإذا قلنا: عاطفة على (شيء) إما أن نجرها على لفظ (شيء) أو؟ أو إيش؟ على محله، ويش محله شيء؟ ما شيءٌ الأصل نعم مرفوعة.

((ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور)) تمتحنون تختبرون في القبور، أوحي إليه وأعلم بذلك في ذلك الوقت ((مثل فتنة الدجال أو قريباً منها)) فتنة الدجال الكذاب "قالت" فاطمة -فاطمة بنت المنذر-:"لا أدري أيتهما قالت أسماء" مثل أو قريباً هل بينهما فرق من حيث المعنى في فرق؟

طالب:. . . . . . . . .

مثل نعم مطابقة، طيب أو قريباً؟ لكن هل تمكن المماثلة التامة من كل وجه؟ هل هي ممكنة؟

طالب:. . . . . . . . .

مثل أو قريباً، على كل حال هذا تحري ودقة في التعبير.

ص: 23

"لا أدري أيتهما قالت أسماء"((يؤتى أحدكم)) الآتي الملكان أسودان أزرقان، جاء تسميتهما بأنهما منكر ونكير، يعني على ما قيل في الخبر المتضمن التسمية ((يؤتى أحدكم في قبره فيقال له: ما علمك؟ )) ما: مبتدأ وعلمك: خبره ((بهذا الرجل)) محمد صلى الله عليه وسلم، ما قالوا: ما رأيكم برسول الله؟ لأن هذا تلقين للجواب، تلقين للجواب، إنما قالوا: بهذا الرجل ليجيب بما يعتقد ((فأما المؤمن أو الموقن)) المصدق بنبوته عليه الصلاة والسلام "لا أدري أي ذلك قالت أسماء" المؤمن أو الموقن وكذلك هذا تحري ((فيقول: هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءنا بالبينات -المعجزات الدالة على نبوته- والهدى -الدلالة والإرشاد- فأجبنا وآمنا)) وهذا يرجح المؤمن أو الموقن؟ المؤمن ((واتبعنا)) بحذف ضمير المفعول للعلم به، يعني فأجبناه وآمنا به واتبعناه ((فيقال له: نم صالحاً -صالحاً حال- قد علمنا إن كنت لمؤمناً)) من يعرب هذه: ((إن كنت لمؤمناً)) (إن) هذه مخففة من الثقيلة، واسمها؟ ضمير الشأن، و ((كنتَ لمؤمناً)) جملة كاملة، والجملة في محل إيش؟ محل خبر (إن)، (إن) عاملة هذه وإلا مهملة؟

طالب:. . . . . . . . .

عاملة وإلا مهملة؟ إذا خففت (إن) لكن أيهما أفضل؟ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه]

وخففت (إن) فقل العملُ

. . . . . . . . .

((وأما المنافق)) من لم يصدق بقلبه بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام ((أو المرتاب)) الشاك، "لا أدري أيتهما قالت أسماء" وهذا أيضاً فيه تحري في موضعٍ ثالث ((فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته))، فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيضرب بمطرقة من حديد)) نسأل الله السلامة والعافية.

طالب:. . . . . . . . .

يسأل المؤمن امتحاناً له، ويسأل المنافق ليظهر زيف دعواه، لكن الكافر أصلاً ما ادعى أنه يتبع محمد عليه الصلاة والسلام.

طالب:. . . . . . . . .

واليهود تفتن إيه، يفتنون؛ لأنهم يزعمون أنهم على دينٍ صحيح فيظهر لهم زيف دعواهم، على كل حال هذه أمور غيبية يدار فيها مع النصوص.

ص: 24

((سمعتُ الناس يقولون شيئاً فقلته)) يستدل بهذا من يذم التقليد، لا سيما في الأصول والعقائد، ولا شك أن الخبر ذمٌ لمن قلد في الأمور الظاهرة الجلية، لكن هناك من أمور العقائد مسائل دقائق لا يمكن إدراكها من جميع الناس، قد يدركها بعض الناس أما جميع الناس لا يمكن، فهل التقليد يذم من كل وجه؟ عوام المسلمين فرضهم التقليد، نعم الأمور الكلية المعروفة من الدين بالضرورة لا تحتمل التقليد، مثل الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام، هل يقول: أنا والله أنا عشت ببلدٍ يقولون: إن نبينا محمد وأقول أنا مثلهم؟ أو لا بد من الاعتقاد الجازم بأنه نبيٌ مرسل مصدق بلغ الرسالة وأدى .. ؟ نعم لا بد من الاعتراف بهذا، واعتقاد مثل هذا الأمر، وتصديقه بجميع ما أخبر به، وطاعته فيما أمر، المقصود أن الإيمان بالأمور الكلية لا بد منها، ولا يحتمل التلقيد، أما الجزئيات ولو كانت في الأصول يسوغ فيها التقليد.

طالب:. . . . . . . . .

العقيدة فيها مسائل كبرى لا يسع أحد جهلها، وفيها مسائل دقائق لا يدركها إلا أفراد الناس، لو كلف بها عموم المسلمين ما مشى أحد، صح وإلا لا؟ حتى الفروع أيضاً فيها ما لا يحتمل التقليد، وفيها ما يلزم فيه التقليد.

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنك تعتقد، يكفيك استفاضتها، وأنها بلغتك بطريقٍ ملزم مفيدٍ للعلم.

طالب:. . . . . . . . .

أما مسألة عدم الجزم بها المسائل الكبرى لا بد من اعتقادها والجزم بها، أما معرفة أدلتها فكونها يدركها هذا العامي بطريقٍ ملزم استفاضة بين المسلمين كلهم تكفيه، العامي الذي لا يحفظ من النصوص شيء كيف يلزم بأدلة؟ وقد لا يستطيع الحفظ أصلاً، لو حفظ ليل نهار ما قدر.

طالب:. . . . . . . . .

الأصول الثلاثة كانت يمتحن بها الناس، ويحفظون إياها في المساجد، كثير من العوام لا يستطيع حفظها، يعني إذا سألته من ربك؟ قال: ربي الله، وإذا سألته من نبيك؟ اكتفى بالأجوبة الثلاثة، والله المستعان.

طالب:. . . . . . . . .

الكسوف عرفنا صفة الكسوف، وأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، من جاء والإمام راكع أو قبل الركوع الثاني هو انتهى من الركوع الأول وقام إلى القراءة للركوع الثاني من الركعة الأولى يقول أهل العلم: إن الركوع الثاني زائد لا تدرك به الركعة، والعبرة بالركوع الأول الذي هو ركن الصلاة

ص: 25