الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وسئل مالك عن رجل نسي أن يتمضمض ويستنثر حتى صلى قال: ليس عليه أن يعيد صلاته وليمضمض ويستنثر ما يستقبل، إن كان يريد أن يصلي.
بعد أن أنهى الإمام -رحمه الله تعالى- الكلام على شرط من شروط الصلاة، وهو الوقت شرع في بيان شرط آخر وهو الطهارة، فقال:
كتاب الطهارة:
باب العمل في الوضوء:
يقول:
كتاب الطهارة:
عرفنا أن أكثر المصنفين يبدؤون بكتاب الطهارة؛ لأهميتها، وهي مفتاح الصلاة، و ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) و ((لا تقبل صلاة بغير طهور)) النصوص كثيرة في هذا، الطهارة شرط بالإجماع.
باب العمل في الوضوء:
الطهارة أعم من أن تكون بالماء أو ببدله، أو أن تكون عن حدث أكبر أو أصغر، المقصود أن الطهارة شرط في صحة الصلاة.
باب العمل في الوضوء:
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال لعبد الله بن زيد بن عاصم" هذا راوي صفة الوضوء، وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان غيره، عبد الله بن زيد بن عاصم يقول: وهو جد عمرو بن يحيى المازني، يقول الحافظ ابن حجر: هذا فيه تجوز، لماذا؟ لأن عبد الله بن زيد بن عاصم عم لأبيه، وليس جداً له، وسماه جداً لكونه في منزلته، في منزلة جده "وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لعبد الله بن زيد بن عاصم: هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ " هل تستطيع؟ ماذا يفهم من هذا الأسلوب؟ هل تستطيع؟ نعم هو تطبيق عملي لكن إيش معنى هل تستطيع؟ يعني ما قال: صف لي، أو توضأ لي، أرني كيف كان يتوضأ؟ هل تستطيع؟ نعم، هم يقولون: فيه ملاطفة، لكن الاستعمال الآن لمثل هذا الأسلوب فيه ملاطفة وإلا فيه .. ؟ نعم كأن فيه شيء من التعجيز، وإلا فالشروح كلهم يقولون: هذا فيه ملاطفة، لا سيما مع كبر سنه، وطول عهده، مع طول العهد، وهذا عم أبيه بمنزلة جده، هل تستطيع؟ يعني هل تستطيع أن تصف كما رأيت أو نسيت شيئاً من ذلك، أو اختلط عليك الأمر؟ لا شك أن الطلب المقرون بالاستطاعة فيه تخفيف للطلب، يعني كونك تقول لشخص: أعطني هذا فيه مشقة، لكن إن كنت تقدر يا أخي أعطني هذا، أو تستطيع إن كان ما يشق عليك، هذا فيه ملاطفة لا شك "هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد بن عاصم: نعم، فدعا بوَضوء" الوَضوء بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به، وبضمها الوُضوء الفعل "فأفرغ على يده فغسل يديه مرتين مرتين، واستنثر ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يديه مرتين" ثبت في صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام أكثر من كيفية، فتوضأ عليه الصلاة والسلام مرة مرة لكل عضو، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه توضأ مرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وثبت عنه كما في هذا الحديث أنه توضأ، يقول أهل العلم: ملفقاً، يعني بعض الأعضاء مرة، وبعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاث، كل هذا جائز.
هنا يقول: "فأفرغ على يده فغسل يديه مرتين مرتين" والمراد بغسل اليدين هنا غسل الكفين، وليس المراد غسل اليدين الذي هو من فرائض الوضوء "فغسل يديه مرتين مرتين، ثم تمضمض واستنثر ثلاثاً" غسل اليدين سنة ما لم يكن الشخص قائم من النوم على ما سيأتي، يستيقظ من النوم على خلاف ذلك، أو يكون عليهما نجاسة فلا بد من غسلهما، وما عدا ذلك غسلهما قبل الوضوء سنة "فأفرغ على يده فغسل يديه مرتين مرتين" بعض من ذكر صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام قال: فأفرغ على يديه من الإناء ثلاثاً، في حديث عثمان وغيره: ثم تمضمض واستنثر ثلاثاً، ويأتي ما في المضمضة والاستنشاق من بيان للحكم.
والمضمضة إدخال الماء في الفم مع التحريك، وهل المج وإخراج الماء من الفم من مسمى المضمضة أو قدر زائد عليها؟ يقول: ثم تمضمض إدخال الماء في الفم مع تحريكه هذه مضمضة، لكن مج الماء بعد ذلك هل هو من مسمى المضمضة وإلا لا؟ بمعنى أنه لو أدخل الماء ثم حركه فابتلعه نقول: تمضمض وإلا ما تمضمض؟ نعم؟ بعض كتب اللغة يدخل المج في مسمى المضمضة، وعلى هذا لا تتم المضمضة إلا بعد مج الماء، وإخراجه من الفم، ومنهم من يقتصر على إدخاله في الفم وتحريكه، والتحريك من مقتضى الصيغة، المضمضة التي هي كالخضخضة تحريك.
"واستنثر ثلاثاً" استنثر عندنا استنشاق واستنثار، هذا الاستنشاق جذب الماء بالنفس إلى داخل الأنف هذا استنشاق والاستنثار إخراج الماء من الأنف بالنفس، وعندنا في الحديث اقتصر على الاستنثار من باب الاكتفاء، فالاستنثار لا بد أن يتقدمه استنشاق، وإن قال بعضهم: إن الاستنثار هو الاستنشاق، لا، نقول: من لازمه الاستنشاق بدليل الجمع بينهما في بعض النصوص، في بعض النصوص استنشق واستنثر ثلاثاً، فيحمل الاستنشاق على إدخال الماء وجذبه إلى داخل الأنف بالنفس، والاستنثار يحمل على إخراجه من الأنف بالنفس.
"ثم غسل وجهه ثلاثاً" فيه تقديم غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء، ثم المضمضة والاستنشاق، ثم بعد ذلك غسل الوجه ثلاثاً "ثم غسل وجهه" العطف عطف الوجه على المضمضة والاستنشاق، العطف يقول أهل العلم: إنه يدل على إيش؟ على المغايرة، إذاً الاستنشاق والاستنثار غير غسل الوجه، ويأتينا في بيان حكم المضمضة والاستنشاق أن الفم والأنف داخلان في الوجه مع خلاف في ذلك، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، وعطف الوجه عليهما دال على المغايرة.
"ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه إلى المرفقين" وإلى هنا غاية والغاية داخلة بدليل ما جاء في وصف وضوئه عليه الصلاة والسلام وأنه أدار الماء على مرفقيه، وغسل يديه حتى أشرع في العضد، فدل على أن المرفقين داخلان، وإن كان دخول الغاية في المغيا ليس مطرداً.
"ثم مسح رأسه بيديه" يعني بالماء الذي بيديه، المبلولتين بالماء "فأقبل بهما وأدبر" أقبل وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، الجملتان الثانية توضيحية للأولى، لكن هل بينهما اتفاق وإلا بينهما اختلاف؟ ذكرت الثانية لتوضيح الأولى، أقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، يعني لو لم يقل بدأ بمقدر رأسه، نفهم من قوله: فأقبل بهما وأدبر أنه بدأ بإيش؟ بمؤخر رأسه، لو لم تأتِ الثانية لبيان الحال، بيان الواقع، لبيان الجملة الأولى لقلنا: إن البداءة بالمؤخر، أقبل، والإقبال يكون إلى جهة الوجه، والإدبار إلى جهة القفا، وللتوفيق بين الجملتين أما أن نقول: إن الواو لا تقتضي الترتيب، نعم، فيكون الأمر فيه سعة، لا تقتضي الترتيب الواو، كما هو الأصل فيها، أو نقول -مع أن فيه تكلف لما قاله دقيق العيد-: فأقبل بهما إلى قفاه، وأدبر بهما عنه، يعني عن القفا، أقبل بهما إلى قفاه كذا قال ابن دقيق العيد، وفيه تكلف، لكن كون الواو لا تقتضي ترتيب ينحل الإشكال.
"بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما" واضح "حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، وهو مقدم الرأس، ثم غسل رجليه" هكذا وصف عبد الله بن زيد وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، وفيه غسل اليدين قبل الوضوء، ثم المضمضة والاستنشاق، ثم غسل الوجه، ثم غسل اليدين إلى المرفقين، ثم بعد ذلك مسح الرأس، ثم بعد ذلك غسل الرجلين، هذا صفة الوضوء إجمالاً.
وذكرنا في أول الكلام أن النبي توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وتوضأ ملفقاً كما هنا، بمعنى أنه غسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاثاً، والمسح بالرأس مرة واحدة؛ لأنه لم يذكر معه عدد، وسيأتي بيان ذلك كله -إن شان الله تعالى-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء، ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر)) ".
إذا توضأ أحدكم: توضأ فعل ماضي، ومقتضى الفعل الماضي أن يكون بعد الفراغ؛ لأنه أمر مضى، يعني كأنه قال: إذا توضأ وانتهى من الوضوء فليجعل في أنفه ماء، لكن هل هذا الظاهر مراد؟ ليس مراداً؛ لأن الماضي يطلق ويراد به الفراغ من الشيء كما هو الأصل، ويطلق ويراد به إرادة الشيء، ويطلق ويراد به الشروع في الشيء، يعني إذا قال شخص: إذا جاء زيد أكرمتك، هل يكفي في ذلك إرادة زيد المجيء؟ نعم لا يكفي، هل يكفي في ذلك شروع زيد في المجيء؟ إذا ركب الدابة من بلده، والمسافة تحتاج إلى أيام، نقول: خلاص جاء زيد، يعني شرع في المجيء؟ أو إذا فرغ وحصل المجيء كاملاً؟ هذا الأصل، لكن ماذا عن مثل قوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة]{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] المراد بذلك إذا أردت، فإذا قرأت القرآن إذا أردت القراءة، خلافاً لأهل الظاهر، حملوه على أصله، وقالوا: الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة.
((إذا كبر فكبروا)) يعني إذا فرغ من التكبير كبر، لكن ماذا عن قوله:((وإذا ركع فاركعوا))؟ إذا فرغ من الركوع نركع؟ نعم؟ لا، إذا أراد الركوع نركع، لا إذا شرع في الركوع نركع ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء)) يعني إذا شرع في الوضوء فليجعل في أنفه ماء ((ثم فلينثر)) هذا أمر، فليجعل الآم لام الأمر، هذا دليل على وجوب الاستنشاق، وجاءت فيه نصوص، هذا وغيرها، والنصوص فيه أقوى مما جاء في المضمضة، والحاجة إلى تنظيفه أدعى إلى الحاجة من تنظيف الفم، نعم، وهو مفتوح، نعم، أم الفم الأصل أنه مغلق، يعني إذا توضأ، ولذا جاء في تنظيفه من النصوص أكثر مما جاء في المضمضة ((فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر)) فهذا الحديث يدل على وجوب إيش؟ الاستنشاق، وجاء أيضاً ما يدل وجوب المضمضة ((إذا توضأت فمضمض)) ويستدل بالوجوب، أو يستدل من قال بالوجوب أن الفم والأنف داخلان في الوجه؛ لأن الذي لا يقول بالوجوب يقول: المضمضة والاستنشاق لم تذكر في أية الوضوء، نعم، الواجب غسل الوجه، يقول من يقول بالواجب أن الفم والأنف من مسمى الوجه، وداخلان فيه، ومن يقول بعدم الوجوب يقول: إن الوجه ما تحصل به المواجهة، والمواجهة لا تحصل بالفم ولا بالأنف، على كل حال الحكم في هذا النصوص فجميع من وصف وضوء النبي عليه الصلاة والسلام ذكر أنه تمضمض واستنشق، وفعله عليه الصلاة والسلام بيان للواجب المأمور به، إضافة إلى ما جاء من الأوامر الخاصة بالمضمضة والاستنشاق، وفيها الأمر أوضح وأكثر.
((فليجعل في أنفه ماء)) يعني يستنشق ((ثم لينثر)) يخرج هذا الماء ((ومن استجمر فليوتر)) استجمر استعمل الحجارة لإزالة الأثر الخارج ((استجمر فليوتر)) استعمل الحجارة، يقطع هذا الاستعمال على وتر، وأقل المجزي على ما سيأتي ثلاث أحجار، لكن إن احتاج إلى رابع يستحب له أن يوتر فيزيد خامس، وهذا هو التفسير المعتمد للاستجمار هنا عند الأكثر، وإن زعم بعضهم أن المراد به استعمال المجمرة البخور الطبيب، استجمر يعني استعمل المجمرة يتطيب مرة أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، أو ما أشبه ذلك، يقطعه على وتر، لكن المعتمد في تفسيره عند عامة أهل العلم أن المراد به استعمال الحجارة في إزالة الأثر الخارج من السبيلين، والله المستعان.
عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة، ووكل بلال أن يوقظه للصلاة، فرقد بلال ورقدوا، حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس، فاستيقظ القوم وقد فزعوا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي وقال:((إن هذا وادٍ به شيطان)) فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي، ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا، وأن يتوضئوا، وأمر بلال أن ينادي بالصلاة أو يقيم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، ثم انصرف إليهم، وقد رأى من فزعهم، فقال:((يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا، فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها، ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها)) ثم التلفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال: ((إن الشيطان أتى بلالاً وهو قائم يصلي فأضجعه، فلم يزل يهدئه كما يهدّأ الصبي حتى نام)) ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، فأخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم" وعرفنا التعريس النوم في آخر الليل، وزيد بن أسلم أدرك النبي عليه الصلاة والسلام؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، فالخبر مرسل في جميع روايات الموطأ، كما قال ابن عبد البر وغيره "أنه قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة" وهناك إيش؟ نعم؟ حين قفل، رجع من خيبر، القصة واحدة أو متعددة؟ نعم؟ هناك قفل من خيبر، وهنا في طريق مكة، نعم، يعني إحنا متصورين المواقع موقع المدينة ومكة في جهة، يعني تختلف الجهة وإلا ما تختلف؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جميع، الآن وإلا قبل؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الآن، تتكلم بعلم؟ تعرف هذا الطريق أنه يؤدي إلى مكة وخيبر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
المعروف أن القصة واحدة، لكن هناك قال: حينما قفل من خيبر، وهناك بطريقة مكة، يقول ابن عبد البر على هذا الحديث: هذا لا يخالف ما في الحديث الذي قبله؛ لأن طريق مكة وطريق خيبر من المدينة واحد، نعم يلتقيان في نقطة ويصير الطريق واحد، يعني لو قال واحد شخص: قابلت زيد وهو جائي من القصيم مثلاً، وقال الثاني: قابلته وهو جائي من مكة، في طريق واحد قابلوه في نقطة واحدة، فأخبر عنه أحدهم أنه جائي من القصيم، والثاني أخبر عنه أنه جائي من مكة، كلام صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ صحيح، إذا كان جائي من طريق مكة على المدينة على القصيم هذا ممكن ويش المانع؟ فتلتقي الطرق في نقاط معينة، ثم تتفرق، وهنا تكون القصة واحدة.
يقول: "ووكل" ضبط بالتخفيف والتشديد، "ووكل بلال أن يوقظهم للصلاة، فرقد بلال ورقدوا، حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس، فاستيقظ القوم وقد فزعوا" ومعروف ما هو السبب؟ الأسف على فوات الوقت، وإن قال بعض الشراح: إنهم فزعوا من أن يلحق بهم العدو؛ لأنهم في قفولهم من خيبر، والرواية الأخرى: من حنين، خافوا من العدو، لكن هذا لا حظ له من النظر، إنما كان فزعهم أسفاً على فوات الوقت، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال:((إن هذا وادٍ به شيطان)) هل نأخذ من هذا أنه كل ما فاتت الصلاة أن هنا شيطان؟ مثل ما نقول في كل من فاتته الصلاة ونام عن الصلاة أنه بال الشيطان في إذنيه؟ أو نقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام عرف أن هذا الوادي فيه شيطان، ولا يلزم أن كل من فاتته الصلاة بعذر أو بغير عذر أنه في شيطان؟ نعم الثاني، ولذا كثير من أهل العلم لا يستحبون أن ينتقل الإنسان من مكانه؛ لأنه كونه في شيطان الأمر مغيب ما يدرى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يدرى قال: ((إن هذا وادٍ فيه شيطان)) "فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي" يعني غير بعيد، ما أبعدوا، "ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا، وأن يتوضئوا" هذا يدل على أن الوضوء لا بد منه، ولو خرج الوقت "وأمر بلالاً أن ينادي بالصلاة أو يقيم" وعرفنا أنه في رواية أحمد: أذن وصلى الركعتين، ثم أقام، والفقهاء يختلفون في الأذان والإقامة للفوائت، فيقول مالك والشافعي والأوزاعي: من فاتته الصلاة أقام ولم يؤذن، بناء على أن الأذان إعلام بدخول الوقت، والوقت انتهى، وقال أحمد: يؤذن ويقيم، بناء على ما جاء في هذا الخبر، أذان وإقامة، والأذان كما يكون للإعلام بدخول الوقت يكون لإعلام القوم للاجتماع للصلاة، لا سيما إذا كان فيهم كثرة، نعم، لو افترض أن مجموعة برحلة، طلاب قاموا برحلة من أجل أن يجتمعوا للصلاة، ولو فات وقتها يؤذن، كما حصل له عليه الصلاة والسلام، لكن لو واحد، شخص واحد يؤذن وإلا ما يؤذن؟ العلة مرتفعة، لا يعلم بدخول الوقت، ولا يعلم غيره أيضاً للاجتماع للصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
معروف هذا قول عند أهل العلم، لكن العلة عندهم من يقول به معقولة، وقال أحمد: يؤذن ويقيم لكل صلاة، وقال الثوري: ليس عليه في الفوات أذان ولا إقامة.
"وأمر بلال أن ينادي للصلاة أو يقيم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، ثم انصرف إليهم، وقد رأى من فزعهم، فقال عليه الصلاة والسلام" مسلياً لهم ومؤنساً بأن هذا الأمر ليس في أيديهم؛ لأنه لم يتعمدوه، قال:((أيها الناس إن الله قبض أرواحنا)) {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ} [(42) سورة الزمر] فالنوم وفات ((إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في غير هذا)) في حين غير هذا، يعني قبل هذا، بساعة بحيث ندرك الوقت ((فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها)) قام إليها ((فليصلها كما كان يصليها في وقتها)) لا يقول: الآن خرج الوقت أخفف، لا، القضاء يحكي الأداء ((فليصلها كما كان يصليها في وقتها)) ولذا عليه الصلاة والسلام أذن وصلى ركعتين، ثم أقام ولم يعجل عليه الصلاة والسلام "ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال:((إن الشيطان أتى بلالاً وهو قائم يصلي فأضجعه ثم لم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام)) " شيء ملاحظ، الصبي تجعله أمه في حجرها وتضربه ضرباً خفيفاً حتى ينام، هذه تهدئة، فجاء الشيطان إلي بلال وفعل به هكذا حتى نام، الشيطان ماذا يستفيد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم لأغوينهم، يريد الناس كلهم ينصرفون عن هذه العبادة.
"ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، فأخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي أخبر" قال له: إنه أضجعه وهدئه كما يهدأ الصبي، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أبا بكر، "فقال أبو بكر: أشهد إنك رسول الله عليه الصلاة والسلام".
اللهم صل عليه، والله المستعان.
((من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر)) هذا بمعنى ما تقدم.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: في الرجل يتمضمض ويستنثر من غرفة واحدة أنه لا بأس به" لا بأس به يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة، سواء كان مرة واحدة، أو مرتين، أو ثلاثاً، وقوله:"لا بأس به" يدل على أنه جائز عنده، وإن لم يكن أرجح؛ لأن المضمضة والاستنشاق إما أن يكون بكفة واحدة، أو كل منهم بكف مستقل، فالصور محتملة في المضمضة والاستنشاق: إما أن يتمضمض ويستنشق بثلاث غرفات، كل غرفة للمضمضة والاستنشاق معاً، أو يتمضمض بغرفة واحدة ثلاث مرات، ويستنشق ثلاث مرات في غرفة واحدة، أو يتمضمض ثلاث مرات بثلاث غرفات، ويستنشق كذلك، يعني بست، وأرجحها أن يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة؛ لأنها التي قال فيها الإمام مالك: إنه لا بأس به.
ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب: من مضمض واستنشق من غرفة واحدة" وذكر حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، وفيه:"ثم غسل أو مضمض واستنشق من كف واحدة فعل ذلك ثلاثاً" وهذه أرجح الصفات.
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر" بلغه هذا موصول في صحيح مسلم من طرق كثيرة "أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات سعد بن أبي وقاص فدعا بوضوء" يعني دعا بماء يتوضأ به "فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن" هل لهذا الوضوء وهذا الدخول علاقة بموت سعد؟ إما أن يكون عبد الرحمن احتاج الوضوء، وحينئذٍ لا يلزم أن يكون هناك ارتباط بين موت سعد بن أبي وقاص وبين هذا الوضوء، وإما أن يكون توضأ ليصلي ليستعين بالصلاة على هذه المصيبة {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [(45) سورة البقرة] لا شك أن مثل موت هذا الصحابي الجليل الذي شُهد له بالجنة مصيبة يستعان عليها بالصبر والصلاة، كما أمر الله -جل وعلا-، ولا يبعد أن يكون هذا هو المراد، وعلى كل حال هو دعا بوضوء "فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء" يعني بحيث تغسل ما أمرت بغسله، ولا تترك منه شيئاً مع إمرار ما يكفي من الماء للعضو "فإن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ويل للأعقاب من النار)) " أسبغ الوضوء وإسباغ الوضوء أتمامه واستيعاب العضو المأمور بغسله أو مسحه بالماء "فإن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ويل للأعقاب من النار)) " الويل جاء تفسيره بأنه الهلاك أو الحزن والمشقة كما في النهاية لابن الأثير، وجاء أنه كلمة عذاب أو وادٍ في جهنم، كما روى الترمذي من حديث أبي سعيد، والأعقاب: جمع عقب، مؤخر القدم، والحديث له سبب، جاء النبي عليه الصلاة والسلام والناس قد أرهقتهم صلاة العصر، يعني ضاق وقتها يعني وقتها الاختياري، فجاء النبي عليه الصلاة والسلام ووجدهم يتوضئون، وكأنه لاحظ عليهم عدم الإسباغ، لا سيما في العقب، فقال لهم:((ويل للأعقاب من النار)) ثلاثاً، فلا بد من إيصال الماء إلى جميع العضو المفروض غسله ((ويلٌ للأعقاب من النار)) فهذا يدل على أن العقب لا بد من غسله، وهو مؤخر القدم، وهل المتوعد العقب أو صاحبه الذي قصر في غسله؟ يعني ويل للعقب نفسه أو ويل لصاحب هذا العقب لتقصيره في غسله؟ يعني يتصور هذا؟ ((ويلٌ للأعقاب من النار)) إذا قارناه بما تحت الكعبين من
الإزار في النار، كل ضلالة في النار، هل المراد الجزء من الثوب الذي تحت الكعبين ((ما أسفل من الكعبين ففي النار)) هل المتوعد الثوب وإلا صاحب الثوب؟ صاحب الثوب ((كل ضلالة في النار)) هل المراد الضلالة نفسها أو صاحبها؟ صاحبها، وهنا ((ويل للأعقاب من النار)) المتوعد صاحب العقب أو العقب نفسه؟ هل هذا يختلف عن النصين السابقين وإلا مثلها؟ نعم يختلف؛ لأنه إذا عذب العقب تعذب صاحبه، بخلاف الضلالة إذا انفردت، بخلاف الثوب إذا انفرد، وسواء قلنا: إن العقب يعذب في النار، أو صاحبه يعذب في النار فالمسألة واحدة، لا يقول الإنسان: تعذيب جزء من البدن لا يؤثر، كما يقول بعضهم: إن الذنوب والمعاصي والكبائر متوعد عليها في النار، لكن المسلم يرجى له خير لا يخلد في النار، يعني هل يطيق الإنسان ويصبر على العذاب ولو لحظة؟ أبو طالب خفف عنه العذاب، لكن إيش معنى التخفيف؟ هو في ضحضاح من نار، وفي رواية:((نعلان من نار يغلي منهما دماغه)) الأمر ليس بالهين، ليس بالسهل، إذا قلت له: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار بعض الناس ما يتصور يقول: بصره، يحسب اللي يعذب الثوب، يقول بالنص بعضهم قال ذلك، بالنار بالنار، الأجساد لا تقوى على النار.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو المعذب صاحبه بلا شك، من الإزار، جاء بيانه ((من أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) لا، الأمر ليس بالسهل بحيث يتساهل ويقول: النار النار لا تطاق، الجبال تذوب، الله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن محمد طحلاء" تميمي مولاهم "عن عثمان بن عبد الرحمن" التيمي المدني ثقة "عن أبيه أن أباه حدثه" عبد الرحمن بن عثمان التيمي صحابي قتل مع ابن الزبير "أنه سمع عمر بن الخطاب يتوضأ بالماء لما تحت إزاره" سمع عمر يتوضأ فالمسموع القول، فلا بد أن نقدر: سمع عمر بن الخطاب يقول: يتوضأ، يعني المتوضئ بالماء لما تحت إزاره، هو كناية عن موضع الاستنجاء تأدباً، توضأ بالماء لما تحت إزاره، توضأ يعني تتطهر، ويستنجي بالماء لما تحت الإزار، يعني الفرجين تأدباً، وهذا لبيان أن الماء أفضل وإلا مجزئ؟ السياق يدل على إيش؟ توضأ بالماء لما تحت إزاره نعم؟ لكن هل ظاهره يقتضي تفضيله على الاستجمار أو أنه مثل الاستجمار يجزئ؟ يتطهر بالماء لما تحت إزاره، الشراح يقولون: إن هذا بيان لأن الماء أفضل من الحجارة، لا شك أن الماء يزيل ما لا تزيله الحجارة، الماء يقطع الأثر بالكلية، بينما الاستجمار بالحجارة لا بد أن يبقى شيء، والقدر المجزئ منه ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، والاستجمار أو الاستنجاء بالماء ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، وهو مجزئ بالاتفاق، وإن منع بعضهم الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم، لكن ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، وثبت الإجماع على ذلك، ومن خالف انقرض مع قوله، وكذلك الاستنجاء ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، وهو مجزئ أيضاً حتى مع وجود الماء يجزئ، وهل إزالة الخارج بأحد المطهرين أفضل كما ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام، أو الجمع بينهما أفضل وأكمل؟ نعم؟ في القصة -وإن كان فيها مقال- قصة آل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] نعم هو ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما، لكن في قصة قباء مع ما فيها من، أو ما قيل فيها من كلام، النبي عليه الصلاة والسلام قال .. ، إنه مدحهم، نعم، فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء، وقالت عائشة: مرن أزواجكن فإني أستحييهم، أن يتبعوا الحجارة الماء، لكن الثابت عنه عليه الصلاة والسلام استعمال الماء فقط أو الحجارة فقط، فهل نقول: الأفضل الجمع بينهما؛ لأنه أكمل؟ أو نقول: الأفضل الاقتصار على ما ثبت
عنه عليه الصلاة والسلام؟ نفترض أن شخص استجمر وانتهى، ما بحضرته ماء، ثم وجد الماء نقول: خلاص أنت استجمرت يكفيك أفضل من أن تجمع بينهما؟ نعم، الآن هل نقول: إن الاستجمار حاجة، أو نقول: إنه رافع مطهر تطهير كامل مثل الماء؟ لأن عندنا التيمم ثابت بالنص القطعي، لكن ما هو كالوضوء قطعاً؛ لأنه جاء في الحديث:((فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته)) والاستجمار مع ثبوته، ومع ما جاء فيه إلا أنه لا يزيل الأثر بالكلية، فهل نقول لمن استجمر ثم وجد الماء -اقتصر على الاستجمار لعدم وجود الماء ثم وجد الماء- هل نقول: الأفضل أن تزيل الأثر بالكلية بالماء فتتبع الماء الحجارة أو الحجارة الماء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا من قال: أنا عندي ماء أبستجمر ويكفي، يكفي ما أحد بيقول له: ما يكفي، نعم، ما في أحد يقول: إنه ما يكفي، لا يكفي، لكن هل يقول: الأفضل لي أنتم تقولون: إن الاستجمار ما يزيل الأثر بالكلية، وأنا أريد أن أزيله بالكلية، نقول له: لا، نحن متفقين أن الاستجمار ما يزيل بالكلية؟ نعم؟ يعني هل هو مثل الماء؟ ينازع في هذا أحد؟ ما ينازع في هذا أحد، لكن قال: أنتم تقولون: أبداً أن الاستجمار ما يزيل الأثر بالكلية، وأنا استجمرت ووجدت ماء فأزيله بالكلية، نقول له: لا، لا تزيله، لا تجمع بينهما؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما جمع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معفوٌ عنه، لكن يبقى أنه أثر، كونه يتعبد بهذا شيء، يتعبد بهذا ويقول: أنا لا يكفيني ما كفى الرسول، هذا أمر مفروغ منه أنه دخل في حيز البدعة، لكن يقول: من باب التنظف أنتم تقولون .. ، أنا أقول: استجمرت في الفرض السابق، ووجدت في السراويل أثر صفرة، إحنا نتفق على أنه لا يزيل الأثر بالكلية، نعم، أنا لا أريد مثل هذا يتكرر، تقول له: لا، ما يجوز، هو لا يتعبد بهذا، ما يقول: إن الاستجمار ما يجزئ، يقول: يجزئ لكن يقول: هذا الأثر الباقي لا بد أن أزيله.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هو ما يعتقد شيء قدر زائد على ما فعله عليه الصلاة والسلام، نعم، أما إذا قال: ما يجزئ نقول: لا يا أخي كفى من أهو أتقى منك وأورع، وأحرص منك على الامتثال.
اللهم صل على محمد
…
"قال يحيى: سئل مالك عن رجل توضأ فنسي فغسل وجه قبل أن يتمضمض" يعني سئل عن شخص غسل وجهه ثم تمضمض، "أو" وهذا للتقسيم لا للشك "أو غسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه" يعني سئل مسألتين، الأولى: شخص غسل وجهه قبل أن يتمضمض، وسئل عن شخص آخر غسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه، يعني ما الحكم؟ فقال رحمه الله:"أما الذي غسل وجهه قبل أن يتمضمض فليمضمض" يعني فاه، "ولا يعيد غسل وجهه" لأن المضمضة مع غسل الوجه في حكم العضو الواحد، نعم، في حكم العضو الواحد، لو جاءك واحد وقال: أنا غسلت شق وجهي الأيسر قبل الأيمن، تقول: أعد؟ نعم، لا، فالمضمضة والاستنشاق مع الوجه في حكم العضو الواحد، ولذا يقولون: الأول غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق، في فرائض الوضوء، فعلى هذا لا يعيد؛ لأنه ما هو بفرض مستقل، المضمضة والاستنشاق، ولذا قال:"فليمضمض ولا يعيد غسل وجه" وأيضاً المضمضة عنده سنة، ولا يعاد الواجب من أجل سنة.
"وأما الذي غسل ذراعيه قبل وجهه" شخص غسل ذراعيه اللي هو الفرض فرض الوضوء، "ثم غسل وجه" ماذا كان الجواب؟ يقول:"فليغسل وجهه، ثم ليعد غسل ذراعيه" وهذا يدل على أن الترتيب عنده واجب، ويأتي ما فيه "حتى يكون غسلهما بعد وجهه" يعني كما أمر الله -جل وعلا-، وكما بينه رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول:"إذا كان ذلك في مكانه، أو بحضرة ذلك" يعني بقربه "فإن بعد فإن جفت أعضاؤه أعاد المنكس وحده" يعني المغسول قبل الذي ينبغي أن يغسل بعده "أعاد المنكس وحده فيغسل وجهه ولا يعيد غسل ذراعيه سواء في ذلك العامد والساهي" لأن ترتيب الفرائض عنده سنة، عنده تريب الفرائض صرحوا بأنه سنة، في المنتقى للباجي يقول: مقتضى هذه المسألة أن الترتيب ليس بشرط لصحة الطاهرة، يعني عند مالك، مقتضى ذلك، مقتضى هذه المسألة أن الترتيب ليس بشرط لصحة الطاهرة، من أين فهم هذا؟ "ثم ليعد غسل ذراعيه، حتى يكون غسلهما بعد وجهه" يعني لو وقفنا على هذا قلنا: إن مالك يوجب الترتيب "إذا كان ذلك في مكانه" طيب إذا لم يكن في مكانه مفهوم الكلام أنه لا يعيد خلاص انتهى ولذا من هذا فهم الباجي في المنتقى مقتضى هذه المسألة أن الترتيب ليس بشرط لصحة الصلاة عنده، ويكون أمره للإعادة على وجه الاستحباب، وصرحوا بهذا أن الترتيب ليس بشرط لصحة الطهارة، وبه قال أبو حنيفة، وروي عن مالك أنه شرط، وبه قال الشافعي وأحمد.
هل هناك ما يدل على الاشتراط أو عدم الاشتراط؟ ترتيب الوضوء جاء في كتاب الله -جل وعلا-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة]
…
إلى آخره، ورتبت هذه الأعضاء بعضها على بعض بالواو عُطف نُسقت على بعض بالواو، والواو لا تقتضي الترتيب، الواو لا تقتضي الترتيب، وهذه حجة من يرى عدم وجوب الترتيب، يقول: الأعضاء نسق بعضها على بعض بالواو، والواو لا تقتضي الترتيب، فالمطلوب أن نغسل هذه الأعضاء على أي وجهٍ كان، وعرفنا أن هذا مذهب الإمام مالك، وبه يقول أبو حنيفة، يروى عن مالك وهو قول الشافعي وأحمد: أن الترتيب شرط لصحة الوضوء، فلا يصح الوضوء إذا غسل قدم وأخر بأن غسل اليدين قبل الوجه، أو الرجلين قبل اليدين، وما أشبه ذلك، وعرفنا أن دليل القول الأول أن العطف جاء بالواو، وهي لا تقتضي الترتيب، وحجة القول الآخر قول الشافعي وأحمد وراوية عن مالك أن جميع من وصف وضوء النبي عليه الصلاة والسلام وصفه مرتباً، وفعله بيان للواجب المأمور به في الآية، وبيان الواجب واجب، ولو لم يجب لأخل به ولو مرة عليه الصلاة والسلام، أيضاً أهل العلم يلحظون أن السياق في الآية فيه ما يدل على وجوب الترتيب، وهو إدخال الممسوح بين المغسولات، قالوا: في الآية قطع النظير عن نظيره، وإدخال الممسوح بين المغسولات يدل على وجوب الترتيب؛ لأن العرب لا تفعل ذلك إلا لحكمة، يعني لو لم يجب الترتيب نعم لنسق المغسولات على بعض، ثم أردف الممسوح والعكس، لكن قطع النظير عن نظيره وأدخل الممسوح بين المغسلات فدل على أنه لا بد من مراعاة هذا الترتيب، وعلى كل حال النبي عليه الصلاة والسلام توضأ مرتباً، فعل ذلك ولم يخل به، ولم يعرف على أحد من أصحابه أنه أخل بهذا الترتيب، وفعله بيان للواجب، وأهل العلم يقولون: بيان الواجب واجب، نعم؟
. . . . . . . . .