الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكره بعض العلماء الصلاة على الميت في المسجد لما يخشى من تلويثه؛ ولأن النبي عليه الصلاة والسلام أذنهم وأعلمهم ونعى لهم النجاشي وخرج بهم إلى المصلى، وعرفنا أنه خرج بهم إلى المصلى ليشتهر أمر النجاشي؛ وليعلن إسلامه لأن كثير من المسلمين لا يدري هل هو أسلم أم لا؟ وليكثر الجمع عليه لما قدمه من أيادٍ في خدمة هذا الدين، فهو رد نافع لهذه الأمة، والحديث وإن كان منقطعاً عند جمهور رواة الموطأ إلا أنه موصول في صحيح مسلم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: صلي على عمر بن الخطاب في المسجد" وروى ابن أبي شيبة أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد، وأن صهيباً صلى على عمر في المسجد، في ذلك دليل على جواز الصلاة على الميت في المسجد، وأما ما يخشى من احتمال تلويث المسجد فهذا احتمال ضعيف مع أنه يحتاط لهذا عند الغسل، فتعمل كافة الاحتياطات، بحيث لا يخرج شيء منه بعد الغسل، وعلى كل حال السنة الثابتة في جواز الصلاة على الميت في المسجد، ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام، وفعل صحابته من بعده.
سم.
باب: جامع الصلاة على الجنائز:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم وأبا هريرة رضي الله عنه كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء، فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه.
وحثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر، قال يحيى: سمعت مالكاً رحمه الله يقول: لم أر أحداً من أهل العلم يكره أن يصلى على ولد الزنا وأمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة على الجنائز"
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عثمان" أمير المؤمنين، ثالث الخلفاء الراشدين، مناقبه أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- "وعبد الله بن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة" يعني يصلى على أكثر من جنازة في وقت واحد صلاة واحدة فتجزئ عن صلاة على كل واحد على حدة، يصلون على الجنائز مرة واحدة، ولا خلاف في جواز ذلك.
هذا يسأل عن التكبيرات رفع اليدين مع تكبيرات صلاة الجنازة؟
هو ثابت عن ابن عمر موقوف عليه، والمرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام ضعيف، بل شديد الضعف، ويعارض فعل ابن عمر فعل ابن عباس رضي الله عنهما، على كل حال الأكثر على أن اليدين ترفعان، كونه ثبت عن ابن عمر الصحابي المؤتسي المقتدي صح عنه ذلك، فالمرجح رفع اليدين.
إذا صلي على الميت في المسجد ثم صلي عليه عند المقبرة فهل لمن صلى عليه في المسجد أن يصلي عليه مرة ثانية في المقبرة مع جماعة أخرى؟
ليس له أن يصلي، إذا صلى عليه مرة يكفي.
يقول: "فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة" وعلى هذا أكثر العلماء، وقال ابن عباس وأبو هريرة وأبو قتادة: هي السنة، ومعلوم أن الصحابي إذا قال: السنة أو من السنة أنه مرفوع حكماً، فيقدم الرجال ثم الصبيان الأحرار ثم العبيد ثم النساء، هذا الترتيب عند أهل العلم، الأكمل فالأكمل، ثم إذا وجد أكثر من واحد من نوع واحد يقدم الأفضل فالأفضل، يعني لو وجد عشرة رجال مثلاً من يقدم منهم؟ يقدم الأفضل فالأفضل منهم، وقال الحسن وسالم والقاسم: إن النساء مما يلي الإمام، والرجال مما يلي القبلة مأخذ هذا؟ نعم؟ نعم جهة القبلة أشرف فيقدم لها الأكمل، جهة القبلة أشرف ولذا الصف الأول أفضل من الثاني، فإذا قدمنا الرجال كأنهم صاروا في الصف الأول، والنساء أخرناهن كأنهن كن في الصف الثاني، وهذا وضعهن في صلاتهن خلف الرجال، فليكن الحكم كذلك في الصلاة عليهن، وقد يسمع الكلام لأول مرة يستغرب، النساء هن الذين بعد الإمام مباشرة، هذا له وجه، لكن جماهير أهل العلم على أن المقدم في هذا مما يلي الإمام الرجال، ولو جئنا إلى عكس ما قاله أولئك الذي يلي الإمام الصف الأول الذي هو الأكمل من الخلف، فليكن الذي يليه من الأمام هو الأكمل، يعني إذا كانت المسألة مجرد علل إذا كانت مجرد التماس علل، فإذا قال أولئك: إن جهة القبلة أشرف فليكن الرجال أحق بها، والنساء وضعهن خلف الرجال مما يلي الرجال، فليكن في الصلاة عليهن كذلك، نقول: إن الأكمل والأتم في الصفوف الذي يلي الإمام من خلفه فليكن الذي يلي الإمام من أمامه أكمل أيضاً، والعبرة في هذا النقل.
"فيجعلون الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة" ويقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه" يسلم سلام التحليل من الصلاة التي افتتحها بالتكبير حتى يسمع من يليه، يعني كغيرها من الصلوات، وكذا كان يفعل أبو هريرة وابن سيرين، وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي يجهر بالتسليم، ويروى عن مالك رواية أنه يسر بالتسليم، وبه قال الشافعي، إذاً كيف نعرف أن الإمام انتهى من صلاته على الجنازة؟ بانصرافه، يعلم تمام الصلاة بانصراف الإمام على قولهم بالإسرار، وإلا فالقول المعتمد في المسألة هو الجهر بالتسليم كالجهر بالتكبير.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر" يعني من الحدثين، وبهذا قال جماهير أهل العلم، بل نقل ابن عبد البر الاتفاق على ذلك إلا ما يروى عن الشعبي، فالشعبي جوز صلاة الجنازة من غير طهارة، والجمهور دليلهم:((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((لا تقبل صلاة من غير طهور)) وهذه صلاة، لها جميع أحكام الصلاة، جوز شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- التيمم لمن خشي أن ترفع الجنازة، وجهة نظره رحمه الله أنه بديل عن الطهارة والطهارة لا يتمكن منها في الوقت المناسب المطلوب؛ لأنها لا يمكن أن يتطهر الطهارة الكاملة بالوضوء، فلما لم يستطع أن يتطهر بالوضوء يعدل إلى البدل وغيره لا يرون ذلك، لماذا؟ لأنه مع القدرة على استعمال الماء لا يصح التيمم، وذكرنا في أول الكتاب في المفاضلة بين الشروط بين الوقت والطهارة، وقلنا: إن رأي مالك تقديم الوقت عن الطهارة خلافاً للجمهور، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى رأي مالك، وهذا عند التزاحم والمسألة سبقت.
على كل حال إذا كان يدرك القيراط بالطهارة الكاملة لا يسوغ له بحال، لكن إذا خشي، يقول: صلاة بطهارة ناقصة أفضل من لا شيء؛ لأنه بين أن يصلي بالتيمم أو لا يصلي، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- عنده أقوال لا شك أنها تنبأ عن إحاطة وإدراك لمقاصد الشريعة، وفهم ثاقب، لكن يجبن عنها كثير من الناس، إذا ضاف قوماً وهذا البيت مملوء من النساء مثلاً، شخص ضاف قوماً نزل عند قوم، وفيه خليط من الرجال والنساء الكبار والصغار فاحتلم وخشي أن يتهم، شيخ الإسلام يجوز له التيمم، لكن هل يقول بهذا أحد؟ هل يستطيع أن يجرأ أحد يقول بهذا القول؟ هل يستطيع أحد أن يقول: تطوف الحائض إذا خشيت فوات الرفقة وحبسهم؟ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((أحابستنا هي؟ )) لا شك أن شيخ الإسلام عنده من العلم ما يجعله يقدم على مثل هذه الأقوال، عنده علم وفهم لمقاصد الشرع، وعنده أيضاً لهذه المسائل نظائر وأقيسه تجعله يقول بهذا القول، وهذا ظاهر في كل من تضلع من العلم تكون له مثل هذه الأقوال التي ترى في بادئ الأمر أنها شواذ، فإذا اجتمع عند المرء سعة إطلاع، وقوة علم وقوة حفظ وفهم وإدراك وإحاطة لا شك أنه سوف يوجد عنده مثل هذه الأقوال، لكن لا يعني أنه معصوم كل ما يقوله هو الصواب، ما يلزم، على الإنسان أن يكون وقافاً عند النصوص، وأهل العلم يؤكدون على أنه إن أمكنك ألا تحك رأسك إلا بأثر ففعل، لكن إذا أعياك الأمر ولا وجدت، ما بقي في المسألة إلا اجتهاد فاجتهد إن كنت من أهل العلم، نعم؟
نعم هذه مسألة مهمة تحصل كثيراً، لا سيما في الحرمين أو الحرم المكي الذين يتأخرون عن صلاة الجنازة والإعلان عنها، صلى الفريضة وبعد أن انتهى من الأذكار كبر للراتبة، ثم قيل: الصلاة على الميت، وشرع الإمام في الصلاة عليه.
هل يقطع النافلة التي وقتها موسع ويصلي على الجنازة التي تفوت أو يستمر امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] هو يقطع النافلة للفريضة ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) يقطع النافلة فهل يقطعها لصلاة الجنازة إذا خشي فواتها؟