الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا شك أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم، لكن إذا غلب على ظنه أنه لا يدرك منها شيء ولا تكبيرة أنه يقطع النافلة في وقتها الموسع.
"وحثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر" لكن من فاتته صلاة الفريضة وجاء وكبر للفريضة ثم أعلن عن صلاة الجنازة وكبر عليها وشرع بها لا يجوز له أن يقطع الفريضة، هم يقولون: إن قلب منفرد فرضه نفلاً يقلبها نفلاً في وقتها المتسع يجوز عندهم، يقلبها نفلاً إذا غلب على ظنه أنه يدرك الجماعة وإلا فلا يجوز.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر"
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: لم أر أحداً من أهل العلم يكره أن يصلى على ولد الزنا وأمه" لأنهما من جملة المسلمين، يقول ابن عبد البر: لا أعلم فيه خلافاً تبعاً لإمامه، لكن قال قتادة: لا يصلى عليه، يقول قتادة: لا يصلى على ولد الزنا، لكن قول الجماهير يصلى عليه هو واحد من المسلمين ولا ذنب له، هناك من المسلمين من لا يصلى عليه البتة، ومنهم من لا يصلي عليه الإمام وعلية القوم ويترك الصلاة عليهم لذويهم ومعارفهم، ومن أراد من عامة المسلمين، وهذه المسألة لأهل العلم فيها أقوال كثيرة، منهم قاتل نفسه والغال وقاطع الطريق والمحارب، المقصود هناك من الأموات من صرح أهل العلم بأنه لا يصلي عليهم الإمام، ومنهم من لا يصلى عليه البتة كالشهيد، نعم لا يصلى عليه، شهيد المعركة، ويأتي ما قاله أهل العلم بالنسبة للنبي عليه الصلاة والسلام هل صلي عليه أم لم يصلَّ عليه؟
سم.
باب: ما جاء في دفن الميت:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء، وصلى الناس عليه أفذاذاً، لا يأمهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه)) فحفر له فيه، فلم كان عند غسله أرادوا نزع قميصه فسمعوا صوتاً يقول:"لا تنزعوا القميص" فلم ينزع القميص، وغسل وهو عليه صلى الله عليه وسلم.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان بالمدينة رجلان أحدهم يلحد، والأخر لا يلحد فقالوا: أيهما جاء أول عمل عمله، فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثني عن مالكٍ أنه بلغه أن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: ما صدقت بموت النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعت وقع الكرازين.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: رأيت ثلاث أقمار سقطن في حجري حجرتي، فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك وهو خيرها.
وحدثني عن مالك عن غير واحدٍ ممن يثق به أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -رضي الله تعالى عنهما- توفيا بالعقيق وحملا إلى المدينة، ودفنا بها.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع؛ لأن أدفعن بغيره أحب إليّ من أن أدفن به، إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه، وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في دفن الميت" حكم دفن الميت معروف حكم التكفين والصلاة وحمل الميت ودفنه كلها فروض كفايات، لا بد منها، يأثم من علم بحال الميت بحيث يدفن من غير تكفين أو يدفن من غير صلاة أو لا يدفن، فإذا قام به القدر الكافي سقط هذا الوجوب على الجميع، صار في حكم المشارك سنة.
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين" وهذا كما في الصحيح عن عائشة وأنس، ولا خلاف فيه بين العلماء، وأن ذلك لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول، سنة إحدى عشرة "ودفن يوم الثلاثاء" توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء، يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: القول بدفنه يوم الثلاثاء غريب، والمشهور عند الجمهور أنه دفن يوم الأربعاء، والسبب في تأخير دفنه عليه الصلاة والسلام اشتغال في أمر البيعة حتى استقر الأمر على الصديق، ولا شك أن وجود النبي عليه الصلاة والسلام بين أظهرهم أقطع للخلاف، وأبعد للنزاع وإن كان ميتاً عليه الصلاة والسلام، لما له من الهيبة، فلا يرفع الصوت بحضرته حياً وميتاً، فتأخيرهم الدفن لكي يكون باعثاً لهم على سرعة الاستخلاف كون الجنازة تؤخر، وهناك أمور مختلف عليها يقال: تترك هذه الجنازة حتى ننتهي لأنها لو دفنت صارت هذه الأمور على التراخي، ومن أعظم ما يختلف فيه بعد موت الإمام الخلافة من بعده.
"وصلى الناس عليه أفذاذاً" يعني أفراداً أرسالاً "لا يؤمهم أحد" روى ابن سعد عن علي قال: هو إمامكم حياً وميتاً فلا نقدم عليه أحد، قال الباجي: اختلف في الصلاة عليه فقال بعض الناس: لم يصلَّ عليه، وإنما يأتي الرجل والرجال فيدعون له ويترحمون عليه "صلى الناس عليه أفذاذاً" يعني دعا له الناس صلاة لغوية، وهذا له وجه، وجه ذلك لأنه أفضل من الشهيد والشهيد لا يصلى عليه، الشهيد تكفيه الشهادة عن الصلاة عليه، والجمهور وهو الصحيح فيما قاله عياض وغيره: أن النبي عليه الصلاة والسلام صلوا عليه صلاة شرعية حقيقية لا مجرد الدعاء فقط، وكون الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه لا يعني أن غيره لا تطلب له مزيد الرفعة، والدرجة بالصلاة عليه، والمسألة مسألة دين وشرع فيه نصوص، كون الشهيد لا يغسل لئلا يذهب هذا الدم الذي يشهد له يوم القيامة، وطيب رائحته يدل عليه، فمثل هذا لا تنبغي إزالته، فالشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه، وهكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام بشهداء أحد وغيرهم.
تفضل.
طالب:. . . . . . . . .
لكن ما هو بشهيد معركة، هو أعظم من الشهيد عليه الصلاة والسلام، لكن لو مات شهيد فالمبطون والمطعون والغريق كلهم شهداء، والمقتول دون نفسه دون ماله دون عرضه شهداء، لكن
…
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قيل به يدعون له ويترحمون عليه، لكن الصحيح ما ذكره القاضي عياض عن الجمهور أنه صلاة حقيقية، لا هو الباجي قال: قال بعض الناس: لم يصلّ عليه، وإنما كان يأتي الرجل والرجال فيدعون له ويترحمون عليه صلاة لغوية، على كل حال الاحتمال هذا في مثل صلاته عليه الصلاة والسلام على شهداء أحد بعد ثمان سنوات كالمودع لهم، منهم من يقول: إن هذه صلاة لغوية مر عليهم ودعاء لهم عليه الصلاة والسلام، ومنهم من يقول: إنها صلاة شرعية، وهذه خاصة بهم وإلا فالأصل أن الشهيد لا يصلى عليه.
"لا يأمهم أحد فقال ناس: يدفن عند المنبر" لأنه روضة من رياض الجنة "وقال آخرون: يدفن بالبقيع" لأن الني عليه الصلاة والسلام اختاره لأصحابه "فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني الخلاف قد يوجد من الناس اقتراحات وخلافات كذا وكذا، لكن الذي يحسم المواقف النص "فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه)) " وروى الترمذي عن أبي بكر مرفوعاً: ((ما قبض الله تعالى نبياً إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه)) "فحفر له فيه، فلما كان عند غسله عليه الصلاة والسلام أرادوا نزع قميصه" لأن هذه سنة الغسل عندهم على ما تقدم بحثه وتقريره "فسمعوا صوتاً يقول: لا تنزعوا القميص، فلم ينزع القميص وغسل وهو عليه" عليه الصلاة والسلام وتقدم هذا.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" هذا عند أبي داود وغيره، هذا الحديث مخرج عند أبي داود عن عائشة، وابن ماجه عن بريدة وغيرهم.
طالب:. . . . . . . . .
مفرق، المقصود له ما يشهد له، جمله كلها لها ما يشهد لها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم سمعوا هاتف، يسمعون صوته ولا يرون
…
، واللي يغلب على الظن ....
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" هذا وصله ابن سعد من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه "عن عائشة أنه قال: كان في المدينة رجلان أحدهم يلحد" وهو أبو طلحة زيد بن سهل "والأخر لا يلحد" وهو أبو عبيدة عامر بن الجراح، وكل على ما عهد عليه الأمر في بلده، الأنصار يلحدون، أهل المدينة يلحدون، وأهل مكة لا يلحدون "والأخر لا يلحد -وهو أبو عبيدة- فقالوا: أيهما جاء أولُ" ممنوع من الصرف للوصف ووزن أفعل، ويجوز صرفه ونصبه على الظرفية أولاً "أيهما جاء أول عمل عمله" فإن جاء أبو طلحة لحد له عليه الصلاة والسلام، وإن جاء أبو عبيدة لم يلحد له عليه الصلاة والسلام، "فجاء الذي يلحد أول" أبو طلحة "فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم" ولا شك أن الحد أفضل لحديث سعد عند مسلم: "ألحدوا لي لحداً، وانصبوا عليّ اللبن نصباً كما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني ما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس مرفوعاً: ((اللحد لنا، والشق لغيرنا)) لكن المراد بغيرنا كما قال الزين العراقي: أهل الكتاب، والحديث فيه ضعف، وعلى تقدير ثبوته ليس فيه نهي عن الشق، إنما فيه تفضيل الحد والإجماع على جواز الأمرين، وإن كان اللحد أفضل، لكن قد لا يتسنى اللحد، تكون الأرض رخوة لا يمكن لحدها وحينئذٍ يعدل عن ذلك إلى الشق.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة هند بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: ما صدقت بموت النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعت وقع الكرازين" تعني المساحي، لما أدخل في قبره وأهيل عليه التراب صدقت، وهذا شأن كل من يفقد محبوباً ما يصدق أنه مات من هول المصيبة، وتجد هذا الشخص من فقد حبيبه يتصور دخوله عليه في كل يوم، يأخذ أيام إلى أن يدب اليأس إلى قلبه، ثم يصدق ويرضى بالواقع، فكيف بأشرف الخلق عليه الصلاة والسلام؟! ما صدقوا بموته الصحابة طاشت عقولهم من هول المصيبة حتى أنكر ذلك عمر رضي الله عنه وأرضاه-، رغم ما جبله عليه من علم وعقل ورأي وقوة قلب، لكن في مثل هذه المواقف يظهر الأفضل، وإن كان الجميع فضلاء، وظهر في هذا الموقف فضل الصديق رضي الله عنه وأرضاه- حتى سمعت وقع الكرازين يعني المساحي، يقول ابن عبد البر: لا أحفظ عن أم سلمة متصلاً، وإنما هو عن عائشة، الذي عندنا في الكتاب أن أم سلمة، والذي ذكره ابن عبد البر وهو مخرج عند ابن سعد من قول عائشة، رواه الواقدي عن ابن أبي سبرة عن الحليس بن هشام عبد الله بن موهب كذا، والصواب عثمان عن أم سلمة فهو وارد عن أم سلمة وعن عائشة رضي الله عنهما، يقول العبودي في رحلاته الكثيرة: أنه شاهد في الهند شخص معه جنازة يحملها على سيكل –دراجة- ومعروف أن هناك الزحام الشديد وعلى دراجة نازل على دراجة لو وضعت بالعرض تأذت وآذت، فجعل لها مثل ما يجعل للكسير جباير، ووقفها بالطول هكذا معه، أنت تريد أن يدفن هكذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا لا ما يصير، لا هو مثل
…
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وازف؟ الجهل الجهل، في هذه المقبرة امرأة دفنت فكان واحد من الذين حضروا الدفن يقترح عليهم أن تجعل على ظهرها مستلقية ووجهها مكشوف لكي ترى السماء، ما أدري هي تبي تبقى مكشوفة وإلا
…
، متر من التراب كيف ترى السماء؟ ونسب ذلك إلى أحد العلماء المعاصرين، وهذا ليس بصحيح.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري" هذه راوية يحيى، وفي رواية ابن القاسم:"حجرتي"، "فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق" على أبيها لأنه عنده علم بالتعبير تعبير الرؤى، "قالت: فلما
…
" ما رد عليها؛ لأنه عرف تأويلها وتأويلها مما تكرهه، وهكذا ينبغي إذا كانت الرؤيا لا تحمل بشارة للرائي فالأولى صرفه عنها، وعدم تأويله لها، لكن وقعت هذه الرؤيا، نعم تعبيرها وقع "فلم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها" يعني أدنى شخص تقال له هذه الرؤيا لا يتردد في تأويلها، وأنها أمر مكشوف، لكن قبل موتهم صعب، تأويلها صعب إلا من صارت له يد في هذا الباب "قالت: فلما توفي رسول لله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقماركِ" يعني الذي رأيتِ في الرؤيا "وهو خيرها" وفيما كانوا عليه في الرؤيا، واعتقاد صحتها، ويكفي أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، لها أصل في الشرع، ولذا يسعى بعض الناس إلى منع تعبيرها ما له أصل في الشرع لا يمكن منعه، نعم أسيء استخدامها، وتوسع في أمرها، يعني كالرقية، ولكل منهما أصل في الشرع، بعض الناس يطالب بمنع جميع الذين يرقون الناس؛ لأنه وجد بعض الناس يستخدم هذا الأمر استخداماً غير طيب، ومثله الرؤيا الشيء الذي ليس له أصل في الشرع لا يمكن منعه، لكن يمكن مراقبته والحد منه، أما كل رؤيا تؤول فهذا ليس بصحيح، وكل إنسان يتصدى كل من أرد أن يلج أبواب الشهرة وأبواب الغناء يرتكب هذا الأمر أو ذاك، وإن كان ليس عنده أدني علم بهذه الأمور، المريض يستمسك بأدنى شيء، والفزع من رؤيا يراها إذا أولت له انبسط فيشتهر بعض الناس بارتكاب أحد هذين الأمرين، ولا شك أن لهما أصل في الشرع، فالمنع بالكلية غير وارد، ولا مانع من أن تراقب هذه الأمور فمن أساء استخدامها يمنع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قد يحصل قضايا من شخص من الأشخاص أو من أشخاص بأعيانهم تجعل لولي الأمر أن يمنعها، ويش المانع؟ ما في ما يمنع من منع من يستخدم الأمر الشرعي على غير وجهه أبداً.
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف يظهر يظهر ينكشف، بعضهم عبر الرؤيا بما يشبه أفعال السحرة، يعني هل يستدل مهما قلنا بمعرفة المعبر أو العابر هل يستدل بشيء من الرؤيا على معرفة الملابس الداخلية؟ أقول: التوسع في هذا الباب ليس بمرضي إطلاقاً، وله أصل في الشرع فالمنع منه بالكلية ليس بمرضي أيضاً.
يقول: "حدثني عن مالك عن غير واحد ممن يثق به" هذا تعديل على الإبهام، والجمهور على أنه غير مقبول، إذا قال: حدثني الثقة، حدثني من أثق به، لا يقبل حتى يسميه فيعرف للناس هل هو بالفعل ممن يثق به أو لا، وأطلقها جمع من أهل العلم لما وقف على أعيانهم عرف أنهم ليسوا ممن يوثق به، الشافعي يقول: حدثني من لا أتهم، ومالك يقول: حدثني من أثق به، لا يقبل هذا على إطلاقه، فلا بد من التسمية لينظر في أمره وحاله، قد يكون عنده ثقة لكن عند غيره ليس بثقة، قد يكون اغتر به فوثقه، قد يكون نظر إليه من جهة لا تؤثر عند غيره في التوثيق، المقصود أن مثل هذا لا يكفي، بل لا بد من التسمية.
ومبهم التعديل ليس يكتفي
…
به الخطيب والفقيه الصيرفي
المقصود أن مثل هذا لا بد أن يسمى، منهم من يقول: إن هذا لازم لمن يقلد هذا الإمام، المالكية يلزمهم أن يعتمدوا توثيق مالك ولو لم يسمه، الشافعية يلزمهم أن يعتمدوا توثيق الشافعي ولو لم يسمه، لكن هل يعتمد البيهقي أو النووي أو ابن حجر أو غيرهم من الشافعية قول الشافعي: حدثني من لا أتهم في إبراهيم بن أبي يحيى لا يمكن، متروك إبراهيم بن أبي يحيى، لكن هو نظر إليه من جهة، أو قاله في حديث بعينه مما ضبطه وأتقنه، المقصود أن هذه المسألة المعتمد عند أهل العلم أنه لا يكفي التعديل على الإبهام.
"أن سعد بن أبي وقاص" آخر العشرة موتاً، سنة خمس وخمسين، "وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل" أيضاً أحد العشرة، توفي سنة خمسين "توفيا بالعقيق" كل في سنة موته، ما توفيا دفعة واحدة، وهو موضع قرب المدينة "وحملا إلى المدينة" وكل بعد موته، يعني ما حملا دفعة واحدة، لم يتوفيا دفعة واحدة، ولا حملا دفعة واحدة، بل حملا بعد موتهما "ودفنا بها" ويحتمل أن النقل لكثرة من كان بالمدينة من الصحابة ليتولوا الصلاة عليهما، أو لفضل أعتقد في الدفن بالبقيع، أو لكي يقرب الأمر على أهلهما لزيارتهما، المقصود أن المقاصد كثيرة، وهذا إذا وجد مثل هذه الأسباب جاز نقل الميت من بلد إلى أخر، ما لم يترتب عليه التأخير الذي يخالف الأمر بالإسراع بالجنازة، والمسألة
…
، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو أوصوا ولا يترتب على هذا تأخير وهو في بلد إسلام أو بلد كفر بلد الكفر ينقل إلى بلاد الإسلام أما بلاد الإسلام فلا يختلف الأمر لا سيما إذا ترتب على ذلك تأخير للدفن، والعلماء يختلفون في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، قال بعضهم يكره، وصرح بعضهم بالكراهة لما فيه من التأخير، تأخير الدفن، وقيل: يستحب، حسب الأسباب التي سبق ذكرها والأولى أنه جائز، يجوز النقل من بلد إلى بلد لا سيما إذا لم يترتب عليه تأخير شديد يعارض الأمر بالإسراع، التأخير لا شك أن الأصل التعجيل، لكن إذا وجد مصلحة راجحة فلا مانع من التأخير، الرسول عليه الصلاة والسلام أُخر من الاثنين إلى الأربعاء، إذا وجدت مصلحة راجحة لا مانع من التأخير، مثل شخص وجد مقتولاً ولا يدرى ما سبب قتله، أُخر لكي يتأكد من وضعه وأمره مثل هذا لا بأس به.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع" عروة يقول: "ما أحب أن أدفن بالبقيع" مقبرة المدينة "لئن أدفن بغيره أحب إلى من أن أدفن به" ثم بين السبب؟ فقال: "إنما هو أحد رجلين" لأن المقبرة في وقته قد اكتملت، فهو لا بد أن يوضع مع أحد رجلين "إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه" لأنه قد يعذب في قبره فيتأذى بذلك "وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه" هو ما كره مجالسة الصالح إنما احترام لهذا الصالح، كره أن تنبش عظامه من أجله، عروة بني له قصر في العقيق، وخرج من المدينة لما رأى من تغير أهلها، فمات هناك، عروة أحد فقها العلماء العباد رأى تغير في أهل المدينة فانتقل إلى العقيق واعتزل الناس وهذا في عصر خيار الأمة، فكيف بعصرنا الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن والشرور والآثام، وحصل فيه ما يحير ويبهر على كافة المستويات، والله المستعان.
ومسألة العزلة والخلطة مسالة معروفة عند أهل العلم، وألفت فيها المصنفات وشراح الحديث من قرون، يعني من سبعة قرون وثمانية قرون يؤثرون العزلة، حتى قال قائلهم: والمتعين في هذه الأزمان العزلة -هذا يقوله في القرن الثامن- لاستحالة خلو المحافل عن المنكرات، فلا شك أن العزلة فيها نجاة، وفيها خلاص، وقد جاء في الحديث الصحيح:((يوشك أن خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال يفر بدينه من الفتن)) وهذا يتفاوت الناس فيه فمن كان نفعه أعظم فالخلطة بحقه أفضل، ومن خشي على نفسه أن يتأثر وتأثيره على الناس أقل فالعزلة في حقه أفضل.
سم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يتوسد القبور، ويضطجع عليها.
قال مالك رحمه الله: وإنما نهي عن القعود عن القبور فيما نُرى للمذاهب.
وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه يقول: كنا نشهد الجنائز فما يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر" الوقوف يعني القيام للجنازة إذا مرت، والجلوس على المقابر يعني على القبور.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد" بن قيس الأنصاري "عن واقد بن عمرو بن سعد" بن معاذ الأشهلي الأنصاري "عن نافع بن جبير بن مطعم" بن عدي القرشي "عن مسعود بن الحكم" بن الربيع بن عامر الأنصاري "عن -أمير المؤمنين رابع الخلفاء- علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد" كان يقوم في الجنائز، بل أمر بذلك كما صح عن جمع من الصحابة، منهم عامر بن ربيعة وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وفي الصحيحين عن جابر قال: مرت بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم، وقمنا فقلنا: إنها جنازة يهودي، فقال:((إذا رأيتم الجنازة فقوموا)) وفي الصحيحين من حديث سهل بن حنيف وقيس بن سعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في جنازة اليهودي هذه ((أليست نفساً؟ )) وفي القيام تعظيم لشأن الموت، وهو تعظيم لله عز وجل الذي قبض الأرواح، وتعظيم شأن الموت تعظيم لما بعده من الأهوال، والأهوال إنما تعظيمها لعظم موجدها وهو الله -جل وعلا-، لا شك أن الموت له رهبة وله وقع في النفوس الحية بخلاف القلوب الميتة، وقد كان الناس منذ أمد قريب إذا مرت بهم الجنازة صار لهم شأن أخر يتأثرون أياماً، الآن الصغار قبل لا يطيقون رؤية الجنازة، والكبار يتأثرون تأثراً بالغاً، الآن الصغار يناهزون الاحتلام وقد رأينا جمع منهم يعبثون بالجنائز يلعبون، تنتظر الصلاة عليها وهو يرفع الغطاء عنها أو ينزله، وأما بالنسبة للكبار فحدث ولا حرج، وقد رأيت كاهلاً في الخمسين من العمر يدخن على شفير القبر، أين القلوب؟ القبر يذكر، والجنازة تذكر، لكن من يتذكر قلوب؟! قلوب ران عليها الذنوب.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، مواعيد، ونكت، وطرائف، وحدث ولا حرج مما يحصل في المقابر مواعيد، بل يحصل معاصي "كان يقوم على الجنائز ثم جلس بعدُ" بالبناء لأنه مقطوع عن الإضافة مع نية المضاف إليه، يعني بعد ذلك، جلوسه هذا عليه الصلاة والسلام يحتمل أمرين: أنه نسخ للقيام والأمر بالقيام، وحينئذٍ لا يكون القيام مشروعاً بعد نسخه، وبهذا قال جمع من أهل العلم، بل قال بعضهم: يكره القيام بعد نسخه، ومنهم من قال: إن الجلوس لبيان الجواز، وحينئذٍ يكون صارفاً للأمر، بدلاً من أن يكون الأمر للوجوب يكون للاستحباب، وبهذا قال جمع من أهل العلم، والمسألة محتملة إن كان جلوسه عليه الصلاة والسلام لبيان الجواز وهو احتمال فهذا تبقى مشروعية القيام، لكن لا على سبيل الإلزام، وإن كان جلوسه نسخاً لما كان قبل ذلك فلا يبقى للقيام مشروعية، لكن إذا أمر بشيء ثم ترك ما نهي عنه ترك، الأمر به أولاً الأصل فيه الوجوب، ثم ترك الأمر به هل يعني هذا أنه يقتضي النسخ؟ نعم لو نهي عنه لا إشكال في أن الحكم تغير وانتهت المشروعية، وأقل الأحوال حينئذٍ الكراهة، لكن أمر به ثم ترك الأمر أو ترك القيام، علي كل حال الاحتمال قائم، وبكل من الاحتمالين قال بعض العلماء، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى أن المشروعية باقية إلا أن هذا صارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وجمع من أهل العلم يرون أنه منسوخ، والاحتمال مثل ما ذكرنا قائم.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور، ويضطجع عليها" نعم أخرجه الطحاوي بإسناد رجاله ثقات، وهو ثابت عن علي رضي الله عنه، وفي البخاري قال نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور، علي يتوسد القبور، ويضطجع عليها، وفي البخاري عن نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور، ثبت النهي عن ذلك في حديث أبي مرثد الغنوي:((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) هذا مخرج في مسلم، وروى مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) وإذا كان النهي عن المشي بالنعال بين القبور لا على القبور منهي عنه، فكيف بإهانة أصحاب القبور بالجلوس عليها، والمشي عليها، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ما يقول:((لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) وفي صحيح مسلم من حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) الإمام مالك -رحمه الله تعالى- ساق خبر علي مقراً له، ويرى جواز ذلك، لكن ما موقفه من حديث أبي مرثد تأوله "قال مالك: وإنما نهي عن القعود عن القبور فيما نُرى -يعني نظن- للمذاهب" يعني لقضاء الحاجة، يعني ولا تعقدوا عليها لقضاء حاجة، أما مجرد الجلوس فلا، مقبول التأويل وإلا غير مقبول؟ نعم؟ ولا تقعدوا عليها يعني لقضاء الحاجة، ولذا يقول: "وإنما نهي عن القبور فيما نرى للمذاهب" المذاهب يعني الذهاب لقضاء الحاجة ثم أطلق على قضاء الحاجة نفسها، إذا أراد المذهب أبعد عليه الصلاة والسلام، يعني أراد قضاء الحاجة، فالمذاهب هي قضاء الحاجة، ويحتج بفعل علي رضي الله عنه، وفعل عمر رضي الله عنه، لكن إذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام فلا يعارض بقول أحد كائناً من كان، يقول ابن بطال وهو من المالكية: تأويل مالك بعيد، وهو من المالكية.