المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يفعل من قدم من سفر أو أراده في رمضان: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٥٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب ما يفعل من قدم من سفر أو أراده في رمضان:

سفر المعصية، سفر المعصية الجمهور على أنه من سافر سفراً يعصي فيه الله -جل وعلا- فإنه لا يترخص خلافاً لأبي حنيفة، وشيخ الإسلام يميل إلى قول أبي حنيفة، النصوص العامة تشمل من سافر سفر طاعة كالحج والعمرة والجهاد وصلة الأرحام، ومن سافر سفراً مباحاً كالنزهة، أو سافر سفر معصية، النصوص ما فرقت؛ لكن منزع الجمهور ومأخذهم من كون العاصي ينبغي أن يعاق عن متابعة سفره، فلا ييسر عليه السفر، ويسهل عليه ارتكاب الرخص، يعني بدلاً من أن يقال له: صلي الصلاتين، واجمع وتابع سفرك، ويوفر له الوقت، وهو عاصٍ في سفره، سافر ليقطع الطريق، أو لينتهك حرمات، أو ما أشبه ذلك يوفر له وقت، الجمهور ما يرون هذا، ويؤيد قولهم في أكل المضطر من الميتة {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [(173) سورة البقرة] فقيد تناول الأكل من الميتة وهو رخصة بعدم عصيانه في ذلك، وهو منزع حسن.

‌باب ما يفعل من قدم من سفر أو أراده في رمضان:

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا كان في سفر في رمضان فعلم أنه داخل المدينة من أول يومه دخل وهو صائم، قال يحيى: قال مالك -رحمه الله تعالى-: "من كان في سفر فعلم أنه داخل على أهله من أول يومه، وطلع له الفجر قبل أن يدخل دخل وهو صائم".

قال مالك: "وإذا أراد أن يخرج في رمضان فطلع له الفجر، وهو بأرضه قبل أن يخرج فإنه يصوم ذلك اليوم".

قال مالك: "في الرجل يقدم من سفره وهو مفطر، وامرأته مفطرة حين طهرت من حيضها في رمضان أن لزوجها أن يصيبها إن شاء".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما يفعل من قدم من سفر أو أراده في رمضان:

ص: 11

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا كان في سفر في رمضان فعلم أنه داخل المدينة من أول يومه، يعني في أول النهار وبعد طلوع الفجر، كان في سفر وطلع عليه الفجر وهو يعلم أنه يدخل المدينة من أول النهار بعد طلوع الفجر دخل وهو صائم، وإن دخل قبل الفجر يصوم وإلا ما يصوم؟ يلزمه الصيام، هذا شده الشهر، لا يجوز له بحال أن يفطر، وإذا تصور الخلاف فيمن دخل بعد طلوع الفجر فإنه لا يتصور أو يذكر مثل هذا في من دخل قبل طلوع الفجر.

دخل وهو صائم، قال يحيى: قال مالك -رحمه الله تعالى-: "من كان في سفر فعلم أنه داخل على أهله من أول يومه، وطلع له الفجر قبل أن يدخل دخل وهو صائم" يعني على سبيل الاستحباب؛ لأنه في أول النهار مخير، يعني بعد طلوع الفجر مخير، متلبس بالوصف المبيح للفطر، وهو مخير بين أن يصوم ويفطر، ثم إذا دخل من أول النهار هل يمسك أو لا يمسك؟ دخل وهو صائم يعني استحباباً.

قال مالك: "وإذا أراد أن يخرج للسفر في رمضان فطلع عليه الفجر وهو بأرضه قبل أن يخرج فإنه يصوم ذلك اليوم وجوباً" يصوم ذلك اليوم وجوباً، يعني يلزمه الإمساك، مادام طلع عليه الفجر وهو في البلد، يصوم وجوباً، وبذلك قال أبو حنيفة والشافعي، وقال أحمد وإسحاق يجوز له الفطر، يعني في رواية عند أحمد، يعني يجوز له الفطر؛ لأنه وإن طلع عليه الفجر إلا أنه عازم على السفر، واللفظ يحتمل أيضاً أن الإمام مالك يرى أنه إذا دخل عليه الفجر ولزمه الصيام أنه يلزمه الاستمرار فيه، ولا يجوز له أن يفطر، ولو باشر السفر، يعني يلزمه صيام ذلك اليوم، يعني اللفظ هذا يقول:"وإذا أراد أن يخرج للسفر في رمضان فطلع له الفجر وهو بأرضه قبل أن يخرج فإنه يصوم ذلك اليوم" يعني هل يصوم ذلك اليوم إلى أن يباشر السبب وهو السفر أو أنه يصوم ذلك اليوم بكامله إلى غروب الشمس باعتبار أنه شرع في واجب فلا يجوز له أن يخرج منه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 12

إيه لكن الأحاديث السابقة النبي عليه الصلاة والسلام سافر وأفطر في السفر؛ لكن هل شرع في صيام اليوم الذي أفطر فيه في الحضر وإلا في السفر؟ يعني شرع في الصيام بالحضر وإلا في السفر؟ في السفر؛ لأن المكان الذي أفطر فيه النبي عليه الصلاة والسلام عن المدينة مراحل.

الآن عندنا مسألتان واللفظ يحتملهما: إذا أراد أن يخرج في رمضان فطلع الفجر وهو بأرضه، يعني في بلده قبل أن يخرج فإنه يصوم ذلك اليوم وجوباً، يعني يلزمه الإمساك، مع طلوع الفجر، كأنه مقيم، ثم إذا غادر البلد فارق العمران، وباشر السبب المبيح للفطر، وهو السفر هل له أن يفطر أو ليس له أن يفطر؟ على كلام مالك ليس له أن يفطر.

طالب:. . . . . . . . .

هذا احتمال، ليس له أن يفطر، طيب تجيب له النصوص التي فيها أن النبي عليه الصلاة والسلام أفطر في السفر، يقول لك: ما طلع عليه الفجر وهو بأرضه، طلع عليه الفجر وهو في السفر؛ لأن المكان الذي أفطر فيه النبي عليه الصلاة والسلام عن مكة على مراحل، فلا يرد عليه مثل هذا، وهذا يقول به أبو حنيفة والشافعي وأيضاً مالك، مادام شرع في هذا الواجب لا يجوز له أن يخرج منه، وقال أحمد وإسحاق يجوز له أن يفطر؛ لأنه باشر السبب الذي من أجله -الذي هو السفر- الذي يبيح الفطر بالنص، والنبي عليه الصلاة والسلام صام ثم أفطر، والصوم صوم في رمضان أيضاً، يعني شرع في صيام الواجب ثم قطعه للسبب المبيح، ولا فرق بين أن يشرع فيه في بلده أو في السفر، نقول: هذا الاحتمال ظاهر من اللفظ، احتمال ثاني: وهو أنه إذا أراد أن يخرج في رمضان فطلع له الفجر وهو بأرضه قبل أن يخرج فإنه يصوم ذلك اليوم يلزمه الإمساك، إلى أن يخرج، هذا الاحتمال الثاني.

ص: 13

والقول الثاني في المسألة: أنه يجوز له أن يفطر قبل أن يخرج، على كل حال مسألة ابتداء الترخص هل هو من العزم على السفر؟ أو هو من مفارقة البلد ومباشرة السبب؟ الجمهور على مباشرة السبب، وجاء عن أنس رضي الله عنه أنه أفطر قبل أن يخرج، أفطر وهو في بيته ثم خرج، وقال رفع ذلك إلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ لكن الحديث لا يخلو من ضعف، وعلى كل حال الوصف المؤثر والمبيح للفطر هو السفر، ولا يسمى مسافر حتى يخرج من البلد، ما دام في بلده لا يقال له: مسافر، فعلى هذا لا يترخص إلا إذا باشر الوصف المبيح للفطر وهو السفر.

هذه مسألة أخرى، قال مالك: في الرجل يقدم من سفره وهو مفطر

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ كذلك ما يجمع ولا يقصر حتى يباشر السبب.

طالب:. . . . . . . . .

مسألة تغليب جانب الحضر المقصود أنه باشر السبب المبيح للترخص.

طالب:. . . . . . . . .

دخل الوقت وهو في الحضر؟ الجمهور يغلبون جانب الحضر وإن باشر السبب، على كل حال نشوف المسألة الثانية، وهي تحتاج إلى تأمل.

قال مالك: "في الرجل يقدم من سفره وهو مفطر، وامرأته مفطرة" الذي يقدم من السفر في أثناء النهار يلزمه الإمساك أو ما يلزمه؟ خلاف، طيب المرأة إذا طهرت في الظهر مثلاً يلزمها الإمساك وإلا ما يلزمها؟ مثله خلاف، نشوف رأي مالك قال مالك:"في الرجل يقدم من سفره وهو مفطر وامرأته مفطرة حين طهرت من حيضها -يعني أو نفاسها- في رمضان أن لزوجها أن يصيبها –يجامعها- إن شاء".

على هذا الكلام يلزمه الإمساك؟ ما يلزمه الإمساك، يلزمها هي الإمساك؟ لا يلزمها الإمساك على رأي مالك، يعني أصل المسألة: أن من أفطر لسبب مبيح للفطر، سبب شرعي مبيح للفطر، هل يستديم الفطر بقية يومه إذا زال السبب، أو يلزمه الإمساك؛ لأن الفطر معلق بسبب وارتفع السبب؟ هذه أصل المسألة، يعني إن زالت العلة، وزال السبب المبيح للفطر هل يستمر؟ كما يقول أحمد والشافعي: هل يمسك باعتبار أنه زال السبب، هل يمسك كما يقول أحمد والشافعي، أو يستمر في فطره لأن الصوم لا يتجزأ، أفطر في أوله نصف النهار هل هو صوم شرعي؟ نعم، وبهذا يقول مالك وأبو حنيفة.

ص: 14

في المغني لابن قدامة يقول: "فصل: فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً" يعني يخرج من يباح له الفطر باطناً فقط، يعني كمن رأى الهلال وردت شهادته، وما أشبه ذلك.

فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً كالحائض والنفساء والمسافر والصبي والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار ففيهم روايتان:

إحداهما: يلزمهما الإمساك بقية اليوم وهو قول أبي حنيفة.

والثاني: لا يلزمهما الإمساك وهو قول مالك والشافعي، وروي عن ابن مسعود أنه قال:"من أكل في أول النهار فليأكل في آخره" ووجهه أنه وجد السبب المبيح للفطر في أول النهار، وآخر النهار ما هو محل للصيام لأن الصيام لا بد أن يستوعب طرفي الوقت، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا مضى عليه وقت وهو مفطر لا يسمى بقية اليوم صيام شرعي، فكيف يلزم بغير ذلك، هذه وجهة نظر مالك وأبي حنيفة، وأما بالنسبة للرواية الأولى وهي قول الشافعي أنه شهد الشهر، وارتفع العذر المبيح، فكيف يأكل وهو غير معذور {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] ولا شك أن مثل هذا القول أحوط، والأدلة محتملة.

طالب:. . . . . . . . .

لا، أبو حنيفة مع مالك، والشافعي مع أحمد، عندنا هنا في المسألة افترض المسألة في مسافر وصل البيت الساعة تسعة، وكان مفطر مفطراً في مثلاً في جدة، وفي الطائف جاء على الطائرة وصل البلد الساعة تسعة، من تسع إلى خمس ونصف يلزمه الإمساك أم لا؟ أو امرأة حائض طهرت بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس هي في أول النهار مفطرة وجوباً، فهل يلزمها الإمساك في بقية النهار؟ أفطرت لعذر مبيح يبيح لها الفطر ظاهراً وباطناً، والمسافر أفطر لعذر مبيح يبيح له الفطر ظاهراً وباطناً، في أول النهار لهم عذر مبيح، في أثنائه وفي آخره، نعم ليس هناك عذر، ارتفع العذر، أفطروا لعذر وارتفع العذر، شهدوا الشهر يلزمهم أن يصوموا على قول أحمد والشافعي، والرواية الأخرى عن أحمد توافق قول مالك وأبي حنيفة، وهي أنه من ساغ له أن يأكل في أول النهار ما الفرق بينه وبين آخره؟ صوم لا يعتد به، يلزمه قضاؤه، فكيف يلزم بالإمساك؟

ص: 15

هذا يقول: وقال أبو حنيفة: متى زالت علة الفطر وجب إمساك بقية اليوم.

يعني مثل قول أحمد، والذي قاله في المغني يلزمهم الإمساك بقية اليوم وهو قول أبي حنيفة، يعني أنا خلطت يعني جعلت الشافعي مع أحمد وأبو حنيفة مع مالك، لا العكس أبو حنيفة مع أحمد والشافعي مع مالك.

إيش تقول؟

طالب:. . . . . . . . .

يلزمه الإمساك؟ على كل حال تعرفون أنتم المذاهب فيها أكثر من قول، فنقول: أن أخذ المذاهب لا بد أن يكون من كتب أربابها، هذا الأصل؛ لأن الذي ينقل عن المذاهب، وهو من غير المذهب، قد يعتمد رواية غير المعروفة في المذهب، وقد يعتمد على قول غير معتبر في المذهب؛ لأن بعض المذاهب فيها روايات، روايتين، ثلاث، أربع، أكثر، والشافعية عندهم القول القديم والجديد، وأبو حنيفة عندهم الرواية، وظاهر الرواية وعندهم الأصحاب، هل يقدم قول أبي حنيفة ويعتبر قول الصاحبين؟ يعني مسائل معروفة عندهم، فلا شك أن مثل الشراح، شراح الحديث إذا كان ما هو من نفس المذهب، يعني تعتمد على النووي وعلى ابن حجر في نقل إمام الشافعية؛ لأنهم أئمة في هذا الباب، تعتمد على ابن عبد البر في نقل أقوال مالك؛ لأنه إمام من أئمة المالكية، تعتمد على العيني في نقل أقوال أبي حنيفة؛ لأنه فقيه من فقهاء الحنفية؛ لكن تجد في كثير من الأحيان في الشروح ينقلون عن الإمام أحمد رواية ليست هي المذهب، وقل مثل هذا إذا نقل ابن قدامة عن الشافعية أو نقل الزرقاني عن الحنفية، كله موجود، والتحري أن تنقل المذاهب من كتب أصحابها، وهذا كلام صاحب المغني، يقول:"والثاني لا يلزمهم الإمساك، وهو قول مالك والشافعي" ولا يعني أن الشافعية كلهم على هذا القول، يعني قد يكون هذا القول الجديد أو القديم، وعندهم أيضاً المفتى به هو إيش عند الشافعية؟ القول الجديد إلا في بضع عشرة مسألة، ذكرت في مقدمة المجموع، وفي الأشباه النظائر، وغيرها يرجع إليها، فالفتوى فيها على القديم، فاحتمال أن ابن قدامة وقف على القول الجديد، والمفتى به على القديم أو العكس، فيتحرى في نقل المذاهب من كتب أصحابها.

داخل المدينة من أول يومه، يعني بعد طلوع الفجر، خارج المدينة ....

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

ص: 16