المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ كتاب الحج

الموطأ -‌

‌ كتاب الحج

(1)

شرح: باب: الغسل للإهلال، وباب: غسل المحرم.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسن الله إليك.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب: الحج

باب: الغسل للإهلال

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((مرها فلتغتسل ثم لتهل)).

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها ولدت محمد بن أبي بكر رضي الله عنه بذي الحليفة فأمرها أبو بكر رضي الله عنه أن تغتسل ثم تهل.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشية عرفة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الحج

الكتاب سبق الكلام عنه مراراً في الكتب السابقة في هذا الكتاب وغيره.

والحج بفتح الحاء وكسرها لغتان، الكسر لأهل نجد، والفتح لغيرهم، والكسر المصدر حج يحج حِجاً، والفتح اسمه، اسم المصدر، وقيل: عكسه، المصدر حج يحج حَجاً، والحِج اسم المصدر.

ص: 1

والحج: ركن من أركان الإسلام بإجماع أهل العلم، وجاء ذكره والتشديد في أمره والتهويل من شأنه، وتهويل أمره في النصوص، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -جل وعلا-:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] بالآية استدل علي رضي الله عنه بحديثه لما ذكر أن من كان ذا جدة ومقدرة ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً، وقال تعالى وذكر الآية، والحديث مخرج عند الترمذي وغيره، وفيه ضعف؛ لأنه من رواية الحارث الأعور عن علي، وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أمامة وجمع من الصحابة يرتفع بها الحديث عن كونه موضوعاً، كما ادعى ابن الجوزي إلى أن يكون له أصل كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-.

فالحج ركن الإسلام الخامس عند جمهور أهل العلم، والرابع عند الإمام البخاري قبل الصيام، وذكرنا وأشرنا إلى هذا في شرح كتاب الصيام؛ لأن حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما قال:((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، وصوم رمضان)) هذا الذي في الصحيحين، وذكرنا أن في مسلم تقديم الصيام على الحج، رواية بتقديم الصيام على الحج، فلما قدم ابن عمر الصيام على الحج قال رجل: الحج وصوم رمضان، قال: لا، صوم رمضان والحج، وذكرنا ما قاله أهل العلم في هذه المسألة.

ص: 2

المقصود أن الحج شأنه عظيم، فمن بلغ وكلف واستطاع أن يحج فعليه أن يبادر، ولا يتعذر بأعذار واهية مع القدرة على ذلك، ومع الأسف أن بعض الطلاب وهم طلاب علم في كليات شرعية، لماذا لا تحج يا فلان؟ فيكون عذره والله تسليم البحث في الأسبوع الأول بعد الحج ما أستطيع، نعم، ما أستطيع، العام الماضي من الطلاب من اعتذر بإيش؟ قال: والله ربيع ما نقدر السنة الجائية -إن شاء الله-، ربيع، يقول: ربيع ما نقدر والله ها السنة، يبي يكفت ويروح ويجي نعم، فهذا خذلان هذا، هذا -نعوذ بالله- خذلان، يعني لو قالها شخص حج مراراً، مرار كثير حج عشر مرات، تقول له: اغنم الفرصة أنت قوي ونشيط وقادر والفرصة متاحة بإمكانك أن تحج، يقول: ربيع، والله يعني ما تحمل. . . . . . . . .، فضلاً عن كونه فريضة الله.

تارك الحج أو الصيام أو الزكاة عند جمهور العلماء لا يكفر، وإن قال بكفره بعض العلماء، رواية عن أحمد وقول معروف عند أصحاب مالك فيما ذكره شيخ الإسلام في كتاب الإيمان رحمه الله أن تارك أحد الأركان يكفر، ولو اعترف بوجوبه، لكن القول المقرر عند أهل العلم أنه لا يكفر، أما من ترك الركن الأول فلا حظ له في الإسلام ولم يدخل في الإسلام بالكلية، هذا لم يدخل الذي ترك الركن الأول، وأما بالنسبة للصلاة فالنصوص فيها صحيحة صريحة بأن من تركها كفر، ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة))، ولذا المفتى به أن تارك الصلاة كافر، أما من ترك بقية الأركان فالقول بكفره قول معروف في مذهب أحمد وعند أصحاب مالك، لكن المعتمد عند أهل العلم أنه لا يكفر، لكنه على خطر عظيم؛ لأن من ترك ركناً لا شك أن البناء ينهدم، إذا ترك ركنه الأعظم وأساسه فإنه ينهدم.

والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، الواجب في أصل الشرع، ويجب بالنذر إذا نذره ألزم به نفسه وجب عليه، إذا تلبس به وأحرم به لزمه إتمامه، وإن لم يكن واجباً بأصل الشرع.

باب: الغسل للإهلال

ص: 3

أي التلبية، والأصل رفع الصوت بها، التلبية إنما تكون بعد الدخول في النسك، والمقصود الغسل للإحرام، والإهلال رفع الصوت بالتلبية للدلالة على الدخول في النسك، هي الأمر الظاهر التي تدل على أنه دخل في النسك.

ص: 4

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس" عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه القاسم بن محمد أحد الفقهاء عن أسماء بنت عميس جدته، وهي تحت أبي بكر في هذه القصة، هي تحت أبي بكر؛ لأنها ولدت محمد بن أبي بكر، أبو بكر سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن أمرها، وكانت قبله تحت جعفر بن أبي طالب، وبعد أبي بكر تحت علي بن أبي طالب، "أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء" وفي رواية:"بذي الحليفة" المقصود أن المكان واحد، والبيداء بطرف ذي الحليفة، فهي جزء منها، ولذا جاء في إحرامه أنه أهل بالبيداء، وأهل من المسجد، وأهل من الشجرة، المقصود أنها كلها يشملها مكان واحد، هذا المكان يبعد عن المدينة ستة أميال يعني حوالي عشرة كيلو، أسماء بنت عميس خرجت حاجة وهي في الطلق، يعني بدأ بها الطلق وهي في بيتها، نعم حرصاً منها على أداء هذه الشعيرة مع النبي عليه الصلاة والسلام والاقتداء به، وعندنا من أعظم الأعذار الحمل، مجرد ما تخرج نتيجة التحليل خلاص، ما في أي أمل، فالتساهل واضح، بينما سلف هذه الأمة هذا صنيعهم، الدين رأس المال، الدين رأس المال وما عداه أمر سهل ما يفوت، نعم ديننا يسر، لكن كون الإنسان، إحنا نعتقد أن الدين يسر، والدين يعذر مع المشقة، والدين إذا خشيت الضرر على نفسها أو على حملها تعذر بهذا شرعاً، لكن فرق بين كون الإنسان يترخص ويأخذ بأيسر الأمور مع وجود المشقة، وبين كونه يرتكب العزيمة ليبرهن أنه يأخذ الكتاب بقوة، هذه تطلق في بيتها، الطلق من البيت بدأ، وعشرة كيلو وتلد في المحرم، طيب متى تبي تطهر؟ الآن يحسبون ألف حساب للدورة الشهرية، للحيض، تأتي الأسئلة بكثرة عمن يخشى أن تأتيها الدورة وهي ما طافت بالبيت فتحبس الرفقة وكذا، وقد أفتاها من أفتاها أن تطوف وهي حائض، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:((أحابستنا هي؟ )) يعني يدل على أن الحائض تحبس الرفقة، وهذه نفاس، احتمال يصل إلى الأربعين، ومع ذلك حرصت على أداء هذا الركن والاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، وما فرطت.

ص: 5

"فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني ماذا تصنع؟ الآن المرأة ولدت، يعني بالإمكان أن يقال: ترجع إلى بيتها؛ لأنها إلى الآن ما بعد دخلت في النسك، وما أسهل الرجوع عند الناس اليوم، كان يحرم أو يصل إلى المحرم ما يتلبس بالإحرام، يصل إلى المحرم ثم يبلغه خبر ألا شيء، ثم يقول: وسعها الله الجايئة -إن شاء الله-، وهذه عذرها قوي، يعني في احتمال يصير أربعين يوم، متى تطهر؟ متى تقضي حجها؟ متى؟ النفاس له آلامه، وله أوجاعه، وله تبعاته، ومع ذلك من اعتمد على الله كفاه، الآن استرخى الناس، وهولت الأمور في نفوسهم، وتنصح المرأة إذا حملت أن تلزم الفراش، ولا تصعد درج، ولا تحمل كذا، ثم ابتلوا بأدنى شيء يحصل الإسقاط، أدنى عثرة، وإلى وقت قريب والمرأة في التاسع تجذ النخل العيادين الطوال، يعني ما هو بكلام نظري هذا حقيقي، لكن الناس استرخوا فزيدوا من هذه الأمور، والله المستعان.

"فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم" هي ولدت ....

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الآن اتصلت واحدة قبل أيام قالت: أنا هذه آخر فرصة لي في البلد، ويصعب علي الحج مرة ثانية، وعندي ولد عمره سنة هل أستطيع الحج أو أنا معذورة؟ الولد عمره سنة يمكن يعيش عند أمها عند خالتها، قلت: هل هناك من يكفله؟ قالت: إيه أهلنا كلهم موجودين، عمره سنة يعني ماشي بدونها.

"فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((مرها فلتغتسل ثم لتهل)) " يعني تحرم مع الناس، والنفساء حكمها حكم الحائض، تصنع جميع ما يصنعه الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت، جميع ما يصنعه الحاج، يعني من أمور الحج، ولا يبعد بنا الذهن حتى نصل إلى أمور هي من متطلبات الدين، لا من متطلبات الحج، حتى قال قائلهم: إن الحائض تقرأ القرآن بدليل أن الحاج يقرأ القرآن، وقال:((تصنع ما يصنعه الحاج غير ألا تطوف بالبيت)) وما استثني إلا الطواف إذاً تقرأ القرآن، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6

يعني ما استثني إلا الطواف لأنه من متطلبات الحج، نعم إذا لم تجد هدي قارنة ولم تجد هدي تصوم ثلاثة أيام؟ لأنه ما استثني إلا الطواف، والحاج الذي لا يجد يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، المقصود أن الذهاب إلى مثل هذه العمومات التي ليست من مقاصد الشرع، الشارع حينما تكلم بهذا الكلام يبعد أن يكون مما أراد هذه الأمور، إنما يريد ما يتطلبه الحج.

((مرها فلتغتسل)) الآن النبي عليه الصلاة والسلام يأمر أسماء وإلا يأمر زوجها؟ يأمر أبا بكر بأن يأمرها، وهناك مسألة عند أهل العلم: الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أو لا؟ نعم، أمر به، يعني لو نزلنا هذه القاعدة على أمورنا العادية لتقرب لنا المسألة الشرعية، لو قال الأب لولده الأكبر: قل لفلان -ابنه الأصغر-: لا يدخن، يعني هل هذا الأمر متجه إلى الأصغر فقط أو للجميع؟ يعني الأمور التي تتناول الجميع، قل لفلان: لا يخرج بالليل، قال الأب لولده الأكبر: قل لأخيك: لا يخرج بالليل هل هو أمر للجميع أو للواحد؟ للجميع، العلة معقولة في هذا، لكن لو قال له: قل لفلان يحضر لنا خبز، هل هو أمر للجميع وإلا للمأمور؟

طالب: للمأمور.

للمأمور فقط، فهذه الأوامر تختلف، إذا كان المأمور ممن يشمله هذه الأمر، الآن يقول:((مرها فلتغتسل)) يعني هل أبو بكر ما يغتسل؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أن يغتسل؟ هذا أمر لكنه كلمة وجوب هو أمر على كل حال، والجمهور على أنه سنة، الاغتسال سنة.

طالب: لكنها بالنسبة لها هي.

ويش تستفيد هي من هذا الغسل؟ أليس الغسل من أجل الإحرام؟ تبي تحرم وأبو بكر بيحرم وغيره، والرسول عليه الصلاة والسلام تجرد لإهلاله واغتسل.

طالب: لا بس هي معها مما يصحب من آثار.

لا، الآن أبو بكر أولى منها بالاغتسال؛ لأنه يؤثر فيه الاغتسال وهي لا يؤثر فيها الاغتسال، حدثها دائم لا يؤثر فيها، على كل حال جمهور أهل العلم على أن هذا الاغتسال سنة، وقال بوجوبه أهل الظاهر، والأمر الأصل فيه الوجوب، لكن عامة أهل العلم على أنه مستحب وليس بواجب، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 7

لا، لا الجميع، الاغتسال للإحرام سنة في حق الجميع، ثم لتهل، تحرم وتلبي مع الناس، وتصنع جميع ما يصنعونه، ففي هذا دليل على .... نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا النفساء والحائض مثل غيرها، يعني كما يسن لمن لا حدث عليه يسن لها، هذا غسل الإحرام يسن للجميع، ففي هذا صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض، وقل مثل هذا في الجنب أيضاً يصح إحرامه، وهو جنب، يعني لو جاء وهو جنب وقال: والله الجو بارد ما أنا بمغتسل إلا إذا دخلت مكة أنوي الدخول في النسك وأنا جنب وأذهب وإذا دخلت مكة اغتسلت، إحرامه صحيح وإلا غير صحيح؟ صحيح، هو أولى من الجنب والحائض، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أما قلنا: إنه سنة؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا لا، عامة أهل العلم على أنه سنة لكل أحد، لكن الكلام هل الحائض والنفساء أولى بالغسل أو الطاهر أولى؟

طالب: الطاهر.

الطاهر لأنه يرتفع حدثه، النفساء هذه ما يؤثر فيها غسل، لكن الدخول في هذا النسك العظيم يحتاج إلى أن يكون على أكمل طهارة أو ما قرب منها عند من لا يمكنه الكمال، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

للنسك، للنسك هو للنسك للدخول في النسك فيستوي فيه الجميع، للدخول في النسك، ولذلك يبحثون مسألة إذا لم يجد ماء للغسل يتيمم وإلا ما يتيمم؟ يتيمم للدخول في النسك وإلا ما يتيمم؟

طالب:. . . . . . . . .

هو معروف خلاف معروف.

طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن هل العلة التنظيف هنا وإلا العلة أنه تعبد مثل غسل الجمعة وغيره، بحيث يشرع لو كان مغتسل من قبل، يعني

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم للدخول في هذا النسك العظيم يشرع الغسل، والنبي عليه الصلاة والسلام اغتسل، وصحابته اغتسلوا، واغتسلوا لدخول مكة، واغتسلوا للوقوف بعرفة من دون موجب.

طالب:. . . . . . . . .

ويش هو؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 8

هو ما يرفع حدث، الحدث لا يرتفع، لكن هذا العمل الذي هو نية الدخول في النسك له غسل، يشرع له غسل، وهي تنوي الدخول في النسك فهي كغيرها، دعنا من شخص يبي يصلي قبل الإحرام، ويبي .. ، هذه مسألة ثانية، يرفع الحدث من أجل الصلاة، لذلك الدخول في النسك يصح من الجنب، يصح من حائض، من نفساء من غيرهما، لكن من أجل الدخول في النسك يغتسل، سواءً ارتفع الحدث أو لم يرتفع.

في اغتسال للإحرام مطلقاً؛ لأنها إذا أمرت الحائض والنفساء مع عدم ارتفاع الحدث فغيرهما أولى؛ لأنه يؤثر فيه الغسل، لا سيما إذا لاحظنا أن النسك يقع بعد صلاة على الخلاف الذي سيأتي.

طالب:. . . . . . . . .

للطهارة نعم يطهر، الطهارة الصغرى لا بأس، بعد

إذا لم يستطع؛ لأنه على كل حال يشبه الغسل من وجه في رفع الحدث.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة" محمد بن أبي بكر الذي ولد في آخر القعدة، وأدرك من حياة النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة أشهر هل يثبت له صحبة؟ وهل هو من التابعين بإحسان؟ المقصود أن سيرة الرجل معروفة ولا داعي للكلام فيه، أما الصحبة فالنزاع طويل في إثباتها له بمجرد ولادته في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعدم إدراكه إلا ثلاثة أشهر، لا سيما وأن سيرته فيها ما فيها.

بذي الحليفة، وفي الرواية السابقة: بالبيداء، ولا تنافي بينهما كما تقدم؛ لأن البيداء بطرف ذي الحليفة، بعض الروايات: في الشجرة، كما جاء الخلاف في موضع إهلاله عليه الصلاة والسلام، وهي كلها يجمعها مسمىً واحد.

"فأمرها أبو بكر أن تغتسل" أمرها أبو بكر امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تهل، فهذا الغسل للدخول في النسك مشروع، والنبي عليه الصلاة والسلام تجرد لإهلاله واغتسل، وأمر بذلك فأقل الأحوال أن يكون سنة، الاغتسال للإهلال.

ص: 9

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة" ولدخوله مكة يعني بعد أن يحرم؛ لأنه ثبت عنه كما في الصحيح أنه كان يبيت بذي طوى، ثم إذا أصبح اغتسل ودخل مكة، أصبح وصلى الصبح اغتسل ثم دخل مكة، ويذكر ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يفعله، فهذا أيضاً الغسل لدخول مكة فعله ابن عمر الصحابي المؤتسي، ورفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

يقول ابن المنذر: الاغتسال لدخول مكة مستحب عند جميع العلماء، وليس في تركه عندهم ليس في تركه شيء عندهم، ويجزئ عنه الوضوء؛ لأنه يراد منه الاغتسال لدخول مكة والطواف، فيكفي إذا ارتفع الحدث، ولا يلزم الغسل إلا لجنب.

هنا نقول: الحائض والنفساء لدخول مكة تغتسل وإلا ما تغتسل؟ الآن اغتسلت للإحرام فهل هذا الغسل الذي يذكره ابن عمر ويرفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام لمجرد دخول مكة أو للطواف؟ إذا قلنا لمجرد دخول مكة قلنا: تغتسل الحائض والنفساء، وإذا قلنا: إنه للطواف قلنا: لا تغتسل الحائض ولا النفساء، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 10

مرها فلتغتسل؟ هذه المسألة ذكرناها مراراً أنه يرد الأمر الصريح الذي لا نقف على صارف له، ومع ذلك الأئمة الأربعة وأتباعهم يحملونه على الاستحباب، ومثله النهي الصريح الصحيح الذي الأصل فيه التحريم، ولا يوقف له على صارف، ومع ذلك عامة أهل العلم على الاستحباب، ولا يقول بالوجوب إلا أهل الظاهر، فهل نقول بمقتضى الدليل، وإن خالفنا عامة أهل العلم، أو نقول: إن عامة أهل العلم ما عدلوا عن الوجوب إلى الاستحباب أو من التحريم إلى الكراهة إلا لصارف لعلنا قصرنا في البحث عنه، أو قصرت همتنا عنه، يعني ما فهمناه، لأمر لم نفهمه أو لم نقف عليه؟ وعلى كل حال هيبة عامة أهل العلم لا بد أن تكون في ذهن طالب العلم، وأنه لا يقدم إلا بأمر لا يستطيع دفعه، وإن كان الأصل والعمدة عند العامة والخاصة الدليل فهل نقول: إنهم وقفوا على صارف قصرنا في البحث عنه، أو لم نقف عليه، أو لم يصلنا؟ أو نقول: الأصل الوجوب ولا صارف ولا علينا من عامة ولا خاصة؟ بالنسبة للصارف هنا: ((مرها فلتغتسل)) هل نقول: إن هذا مثلاً غسل تعبدي لا يعقل له علة، وأن الحدث باق لن يرفع حدث هذا الغسل، فوجوده شبه العدم، وأثره ضعيف، ولولا الأمر الشرعي به كان ما له أثر، نعم، لولا الأمر الشرعي ((مرها فلتغتسل)) ما له أثر، فمثل هذا قد يعتبرونه صارف عندهم، لكن افترض أن المسألة لا صارف لها بوجه من الوجوه، ولم نقف بعد طول البحث، هل الإنسان -لا سيما طالب العلم المتأهل للنظر في الأدلة المطلع- هل له أن يتخطى عامة أهل العلم، ويفتي بمقتضى الدليل؟ أو نقول: ما حمله وصرفه أهل العلم ومن يعتد بقوله من أهل العلم إلا لوجود صارف ولو لم يطلع عليه؟ وهذه مسألة لا بد من اعتبارها، أقول: هذه مسألة يحتاجها طلاب العلم، كثير من المسائل من مثل هذا، تجد أمر صريح صحيح ما فيه أدنى إشكال، وتبحث عن صارف لا تجد، لكن تفاجئ أن عامة أهل العلم على أنه استحباب، ولا شك أن الأمر كما يرد للوجوب يرد للاستحباب، لكن الأصل فيه للوجوب.

طالب:. . . . . . . . .

أما عدم الذكر لا يدل على العدم.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 11

إيه لكن عدم الذكر لا يدل على العدم، يعني يجئنا في مسائل كثيرة أن مثلاً فسلم عليه ما نقول: رد السلام، نقول: هذا صارف؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو إذا وجد نص صحيح صريح يعني ما خالفه من العدم إما أن نقول: لعلمهم بهذا الأمر واستفاضته عندهم ما نقل كرد السلام، سهل الجواب عن هذا، لكن أقول: هذه مسألة تواجه طلاب العلم كثيراً، ويحتارون فيها، ولا شك أنها محيرة، يعني طالب العلم عليه أن يهاب أهل العلم، ولا يجرؤ حتى يجزم أنه لا يوجد صارف وأن يسبقه أحد من أهل العلم، لا يبتدع قول ما سبق إليه، والكل يعني سواءً الجمهور وغير الجمهور عمدتهم الدليل والأصل فيه الوجوب، وبناءً على قاعدتهم أنه يجب، لكن ما قالوا به، لماذا؟ لذا نجد من يرجح قول الظاهرية باستمرار مثل الشوكاني والصنعاني وغيرهم، ولا ينظرون إلى الجمهور أدنى نظر مع صراحة الدليل، وهذا هو الأصل، لكن طالب العلم ينبغي أن يجبن عن الإقدام بمثل هذا حتى يستوي، حتى يتأهل التأهل التام ويكون لديه من الإطلاع مثل ما عندهم، ماذا نقول؟ ويش نرجح؟ نقول: علينا بالدليل ولا علينا من أحد ولو خالفنا عامة أهل العلم الأربعة كلهم وأتباعهم إلى قيام الساعة، ترى مسألة مشكلة يا الإخوان، كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ويقلد العامة وإلا يجرؤ؟ يعني من سبر حال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يجد هذا المنحى، لكن الشيخ من مثل الشيخ نعم في الفهم والاطلاع، حتى أنا سألت الشيخ ابن باز عن هذه المسألة قال: العمدة الدليل، ولو خالفه عامة أهل العلم، لكن يبقى لمثل هؤلاء أن يقولوا مثل هذا الكلام، لكن طالب علم مبتدئ أو متوسط عليه أن يهاب أهل العلم، ويهاب أقوالهم، ويتهم نفسه بالتقصير، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ولم يسبقه إلا الظاهرية؟ يعني على الخلاف في اعتبار أقوالهم والاعتداد بها، لكن من أهل العلم من يرى أنه لا يعتد بهم في الخلاف ولا في الإجماع، وجودهم كعدمهم، فينقلون الإجماع مع وجود خلافهم.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 12

شوف يا أخي كون الظاهرية والحنفية قالوا به، يعني واحد من الأئمة الأربعة يجعلك ما تردد؛ لأن هؤلاء مذاهبهم لها أصولها وقواعدها وعمدتها الدليل، وأيضاً لهم أتباع حرروها ونقحوها وتتابعوا عليها، يعني الإنسان ما يتردد في كونه يقلد واحد من الأئمة الأربعة، ويتبع الدليل في الأصل، لكن يتشجع لما يرى أن واحد من الأئمة قال بهذا، يعني عمدة الجميع الدليل، ينبغي أن يكون العمدة الدليل، لكن أيضاً ما هي بمسألة اتهام للدليل أو تقليل من شأن الدليل، المسألة اتهام للنفس هل أنت أحطت بالسنة بحيث لا تجد صارف، يعني هل تجزم إذا بحثت مسألة أنك ما وجدت صارف، أنه لا يوجد صارف بالفعل، أما قالوا في نظير هذا أنه لو وجد دليل صحيح صريح يدل على مسألة بعينها وعامة أهل العلم على خلافه ما يقولون: نجزم بأنه منسوخ ولو لم نقف على الناسخ؟ ما قالوا بهذا؟ قالوا بهذا أهل العلم، فليكن هذا من جنسه، يعني إحنا ما أبطلنا الدليل بالكلية نعم إنما صرفه وهذا جزء مما يقال بوجود ناسخ لم نقف عليه، لأن مثل هذا نسخ جزئي، يعني كوننا نحمل الدليل من الوجوب إلى الاستحباب عملنا بالدليل؛ لأن من معاني الأمر الاستحباب فعملنا به، نعم عديناه مرحلة، فخففنا من أمره لوجود صارف ولو لم نقف عليه بناءً على أن أهل العلم كلهم قالوا بمقتضاه.

فمثل هذه الأمور ينبغي أن يعتني بها طالب العلم ولا أقول: إن الإنسان يهون من شأن الدليل، أهل العلم قاطبة عمدتهم الدليل، ما في أحد يبي ينطلق من غير دليل، لكن كون هذا الدليل بلغ فلان أو لم يبلغ فلان، هذه مسألة، كونه بلغه وفهمه على وجه غير ما فهمه عليه فلان مسألة أخرى، وكلهم مجتهدون، وكلهم مأجورون، المصيب له أجران، والمخطئ له أجر، ولكن على طالب العلم أن يعنى بالمسائل، ويبحث عن أدلتها، ويبحث عن كيف استنبط أهل العلم هذا الحكم من هذا الدليل.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 13