المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب: ما جاء في التمتع - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٧٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ باب: ما جاء في التمتع

الموطأ -‌

‌ كتاب الحج (9)

شرح:‌

‌ باب: ما جاء في التمتع

، وباب: ما لا يجب فيه التمتع.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في التمتع:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب أنه حدثه أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس:"لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل" فقال سعد -رضي الله تعالى عنه-: بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه".

وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة".

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: "من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة قبل الحج ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".

قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه".

قال مالك رحمه الله: في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها ثم قدم معتمراً في أشهر الحج، ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها، إنه متمتع يجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هدياً، وأنه لا يكون مثل أهل مكة.

ص: 1

وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو؟ فقال: نعم هو متمتع، وليس هو مثل أهل مكة، وإن أراد الإقامة، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها، وإنما الهدي أو الصيام على من لم يكن من أهل مكة، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب رحمه الله يقول: "من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع. . . . . . . . .

أحسن الله إليك.

ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: ما جاء في التمتع" مر بنا مراراً أن التمتع هو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، ثم الحل منها، الحل الكامل، فالإحرام بالحج من عامه دون أن يرجع إلى أهله، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج تلك السنة ولم يرجع بينهما إلى أهله هذا هو التمتع، التمتع الخاص، الذي هو قسيم للإفراد والقران، أما بمعناه الأعم بحيث يكون قسيماً للإفراد فقط، فهو شامل للقران، فمن حج تمتعاً وفصل بينهما بالحل أو جمع بينهما في سفرة واحدة هو متمتع بالمعنى الأعم، يعني أنه ترفه بسفر واحد، وجمع بين النسكين، ولزمه الدم، إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وعلى هذا يحمل قول من روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه تمتع، وهذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام أنه تمتع يعني بالمعنى الأعم، أو أنه أمر أصحابه بالتمتع، والآمر قد ينسب إليه الفعل، ولغة العرب تحتمل ذلك، لكن المراد به هنا الفصل بينهما، الإتيان بالعمرة ثم الحج في سفر واحد، في سنة واحدة مع التحلل بينهما.

ص: 2

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري "عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب" الهاشمي "أنه حدثه أنه سمع" أنه حدثه أنه سمع، الضمائر أن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب حدث ابن شهاب أنه يعني محمد بن عبد الله سمع "سعد بن أبي وقاص" الزهري أحد العشرة المبشرين بالجنة.

سعيد وسعد وابن عوف وطلحة

وعامر فهر والزبير الممدح

هذا سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة.

"أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس" بن خالد بن وهب الفهري أمير شهير "عام حج معاوية بن أبي سفيان" يعني حجته الأولى في ولايته سنة أربع وأربعين "وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج"، "سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما" يعني سعداً والضحاك "يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس: "لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل"؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] فكيف يتم امتثال هذا الأمر مع أن الإنسان إذا أحرم بالحج يحل حلاً تاماً قبل وقت حلول، قبل وقت الحلول في يوم النحر؟ يقول: لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل، ولذا يقول عمر رضي الله عنه: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله" فدلالة الكتاب والسنة على عدم التمتع، على عدم التحلل بينهما، هذا معنى ما دار في المحاورة، ورأي عمر رضي الله عنه وعثمان، كلهم على هذا، هم يرون أن التمتع الذي فيه الحل كله ينافي قول الله -جل وعلا-:{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] لأنك تحل من إحرامك قبل أن يبلغ الهدي محله.

ص: 3

"لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل" يعني في الآية "فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي" يعني جمع بين اللفظ الذي فيه الذم للقول بئس، وبين الملاطفة بقوله: يا ابن أخي لبيان أن رد القول لا يقتضي القدح في صاحبه، لأن يا ابن أخي هذه ملاطفة وتأنيس، ومثل هذا الأسلوب أدعى للقبول، مثل هذه الملاطفة والتأنيس تجعل الكلام مقبول، بئس ما قلت يا ابن أخي، ويش يقول؟

طالب:. . . . . . . . .

بئس هي تقابل نعم، فعل جامد أنشئ للذم، والمراد هنا ذم القول لا القائل، يعني كون الإنسان يقف على كلام مردود، أو كلام على خلاف سنة يبين الحق، عليه البيان، لكن لا يتعدى ذلك إلى تجريح الأشخاص، وهنا قال: "بئس ما قلت -بئس القول الذي قلته- يا ابن أخي، هذه ملاطفة وتأنيس للرجل، لو قال: بئس ما قلت يا ضحاك، هذه فيها شيء من الجفاء، فكون الكلام يؤدي الغرض نعم مع اشتماله على أمر يجعله مقبولاً هذا هو الحكمة.

"بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك" يعني التمتع "فقال سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه" أنت تستدل بقول عمر وأنا أستدل بفعل النبي عليه الصلاة والسلام وإقراره فالحق مع من؟ قد يقول قائل: إن عمر أمرنا بالاهتداء بهديه والاستنان بسنته، ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) قد يقول قائل هذا الكلام لكن مثل هذا متى يكون مقبولاً؟ إذا خلت المسألة عن الدليل المرفوع، وإلا إذا ثبت في المسألة نص من كتاب أو سنة فلا كلام لأحد، ولذا يقول ابن عباس في هذه المسألة:"يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر؟ " وهذا قد يرد على ألسنة كثير من الناس يشعر أو لا يشعر، تورد عليه النص يقول: ولو

، شيخ الإسلام يقول كذا، تورد عليه النص يقول: المذهب كذا، وهذا الذي عمل وهذا

، يا أخي إن كان عندك جواب عن النص عندك معارض راجح من نص أقوى منه، أو متأخر عنه، أو يمكن حمله على أي وجه من الوجوه المقبولة عند أهل العلم، فعلى العين والرأس وإلا ما يقابل النص بمثل هذا الكلام.

ص: 4

"فقال سعد: "قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه" وهذه هي الحجة الملزمة، وهي مقدمة على الرأي والأقيسة.

الاستدلال بالآية على منع التمتع {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] طيب من أحرم بالعمرة، وجاء بها كاملة ثم حل من الحل كله، ثم أحرم بالحج وأتى بجميع أعماله نحل الحل كله، هذا ما أتم الحج والعمرة؟ أتم الحج والعمرة، يعني لو قيل: إن هذه الآية دلالتها على التمتع أوضح من دلالتها على القران؛ لأن كون العمرة يؤتى بها داخلة في الحج هل هذا تمام؟ ما في تمام إلا إن الدليل الصحيح الصريح دل على جوازها، وأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، وإلا دلالة الآية على التمتع أظهر من دلالتها على القران، "أتموا الحج" أتممنا الحج ويش صار؟ بجميع أفعاله وحللنا منه "أتموا العمرة" أتممنا العمرة، يعني لو قيل: إن التمتع هو الذي ينطبق على هذه الآية، مع أنه ينطبق على الإفراد، وينطبق أيضاً على الإتيان بالعمرة دون حج، وينطبق على ما إذا جمع بينهما، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يأتي عاد الخلاف في هذا، بيجي له كلام -إن شاء الله-.

الآية دلت على وجوب إتمام العمرة، وقد تمت بجميع أفعالها، ثم الإحرام بالحج وإتمامه أيضاً وقد تم في صنيع المتمتع، وقال عليه الصلاة والسلام:((لولا أن معي الهدي لأحللت وجعلتها عمرة)) فهذا نص في موطن النزاع، وعمر -رضي الله تعالى عنه- كان ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة، وأيضاً ينهى عن المتعة، ثبت عنه النهي عن المتعة، وعن عثمان -رضي الله تعالى عنه-.

وكان عمر ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة؛ لأنه يرى الخصوصية، يرى أن الأمر بالفسخ وجواز الفسخ خاص بأهل تلك الحجة مع النبي عليه الصلاة والسلام من الصحابة، وكان يقول كما في البخاري:"إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله" وعرفنا ما في هذا الكلام والإجابة عنه.

ص: 5

يقول: "وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج -في أشهره- وأهدي -يعني متمتعاً- أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة" أقول: هذا مبالغة في جواز التمتع وإن كان الاعتمار بعد الحج في ذي الحجة لا بأس به؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر عائشة أن تعتمر بعد الحج بعد طلبها، وكلام ابن عمر هذا للمبالغة في فضيلة التمتع، وإن كان أبوه لا يرى هذا.

"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن -مولاه- عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: "من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة قبل الحج -لا بعده- قبل الحج ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع" أدركه الحج فهو متمتع "إن حج" لكن لو أدركه الحج ولا حج متمتع وإلا لا؟ هذا ليس بمتمتع، ولذلك يقول: "ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر" ما تيسر من الهدي، وأقله شاة "فإن لم يجد الهدي" لعدم وجوده حقيقة أو لعدم وجود ثمنه "فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج" في الحج يعني في أيام الحج ولو في أيام التشريق، وصيام أيام التشريق جاء النهي عنه، وهو محرم، ولم يستثنَ من ذلك إلا من لم يجد الهدي، فيصوم هذه الثلاثة الأيام؛ لأنه لم يبق من الحج سواها، نعم؟

طالب: يوم النحر؟

لا، يوم النحر إجماع أنه لا يُصام لا للحاج ولا لغيره.

"فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع" إلى بلده ومصره، كما هو المعروف عن ابن عباس، أو إذا رجع من منى، فله أن يصومها بمكة أو في طريقه إلى بلده، وهما قولان معروفان.

ص: 6

"قال مالك: "وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه" فلو لم يحج من عامه فليس بمتمتع، وإن عاد لبلده؛ لأنه يقول: وذلك إذا أقام حتى الحج، إذا عاد لبلده ثم حج، عاد لبلده ثم حج في عامه لم يكن متمتعاً، إنما هو مفرد، إذا سافر بين الحج والعمرة لغير بلده، ينقطع التمتع وإلا ما ينقطع؟ أما على كلام الإمام مالك ثم حج من عامه وسيأتي، أو ما هو أوضح من هذا، نعم، ثم يأتي في الباب الذي يليه ما هو أوضح من هذا، وأنه قيد الرجوع إلى بلده، ومفهوم هذا أنه إذا سافر سفراً ولو مسافة قصر أو أكثر لغير بلده فإنه لا ينقطع التمتع؛ لأنه ما أنشأ سفراً بينهما، فأتى بهما في سفر واحد، والحنابلة عندهم أنه إذا سافر بينهما سفر مسافة تقصر فيها الصلاة فإنه ينقطع التمتع.

"قال مالك في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها" تركها، ترك مكة، وذهب إلى أي بلد من البلدان، جاء إلى الرياض مثلاً للدراسة، وسكن الرياض "ثم قدم معتمراً في أشهر الحج" سكن الرياض، وانقطع عن مكة "ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها: إنه متمتع" لأنه لا ينطبق عليه ما جاء في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] نعم، على الخلاف المعروف، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إذا كان أهله وبقيته ومجيئه وسفره هذا السفر طارئ، نعم، وإقامته بمكة، لا شك أن الحكم يختلف وسيأتي في كلام الإمام مالك من مر بميقات وهو من أهل مكة، سافر ومر بميقات وهو من أهل مكة، إذا جلس للدراسة بالرياض مثلاً سنة كاملة أقام، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يعتبر إقامة، وكونه ينوي الرجوع بعد نهاية الدراسة لا يخل بهذا.

طالب: يتم في البلدين.

يتم في البلدين إيه، نعم.

يقول: "حتى أنشأ الحج منها أنه متمتع" لأنه ليس من حاضري المسجد الحرام، وإن كان أصله منها "فيجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هدياً، وأنه لا يكون مثل أهل مكة" لانقطاعه وسفره عنها.

ص: 7

"وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو؟ قال: نعم هو متمتع" يعني عليه الهدي "وليس هو مثل أهل مكة" وإن نوى الإقامة بها، "وإن أراد الإقامة، وذلك أنه إذا دخل مكة وليس هو من أهلها" وليس هو من أهلها، لماذا؟ لأنه ما يدري، الحين ما بعد سكن، نعم، ما زالت علاقته وارتباطه ببلده، لكن لو افترض أن هذا جاء بعفشه واستأجر بيتاً، وأحرم من الميقات بالعمرة واستوطن مكة، ثم أحرم بالحج بعد ذلك، نقول: هذا من حاضري المسجد الحرام أو ليس من حاضريه؟ يعني كلام الإمام مالك: "وليس هو مثل أهل مكة وإن أراد الإقامة بها، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها وإنما الهدي والصيام على من لم يكن من أهل مكة" وقت الفعل، وقت فعل العمرة والحج، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، هل يقيم أو يرجع إلى أهله بعد الحج؟ هو ليس من أهل مكة حين الاعتمار فوجب عليه الهدي لدخوله في الآية، يعني ما يدري ما يبدو له بعد ذلك، طيب إذا صار يدري، جاء بالعفش كامل واستأجر وسكن، أضف إلى ذلك أنه إن كان له عمل ونُقل إلى مكة، هذا يدري، أنها محل إقامته، لكن هل يقال: إنه ليكون من حاضري المسجد الحرام أن يحرم بالأصل الذي هو العمرة المقدمة قبل الحج، والوصف لازم له لأن الهدي مرتبط بالنسكين، العمرة والحج، فهو متصف حال الإحرام بالعمرة أنه ليس من حاضري المسجد الحرام، ما بعد صار منهم، نعم، وحينما أحرم بالحج صار من حاضري المسجد الحرام، قيل له: أنت في الفصل الثاني لا بد أن تباشر بمكة، انتهى من الاختبارات وبقى شهر على الحج انتقل، وفي طريقه أحرم من الميقات واعتمر وحل الحل كله، ونوى الإقامة بمكة، لكنه حينما أحرم بالعمرة ليس من حاضري المسجد الحرام؛ لأن حاضر المسجد الحرام المقيم بمكة ومن أهل مكة إذا أراد أن يعتمر يخرج إلى الحل لا شك، لكن لا يعني أنه وفد من بلد خارج المسجد الحرام "وأن هذا الرجل يريد الإقامة، ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة" لأنه حين الاعتمار ليس منهم، ليس من حاضري المسجد الحرام، والدم إنما يسقط عن جمع بين النسكين، والحال أنه من حاضري المسجد

ص: 8

الحرام، فمثل هذا لا يحكم له بأن من الحاضر حتى يستوطن.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج" وحينئذٍ يكون عليه "ما تيسر من الهدي" شاة فأعلى "فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" قال ابن عباس: إلى مصره، وقال بعضهم: الرجوع من منى إلى مكة، فيصومها في الطريق، له أن يصومها في الطريق، في مكة، قبل أن يصل إلى أهله.

"فسبعة إذا رجع" هذه يتجه فيها الخلاف هل هو إلى مصره أو إلى مكة؟ نعم، وسبعة إذا رجعتم إلى أين؟ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يعني الرجوع يطلق على الشروع فيه أو على تحققه بتمامه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كله رجوع؛ لأن الشروع يطلق على الفعل؛ لأن رجع فعل ماض، ومر بنا مراراً أن الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، ويطلق ويراد به الشروع، ويطلق ويراد به تحقق الفعل والفراغ منه، هنا إذا تحقق الفعل وفرغ منه، فرغ من الرجوع لا إشكال، أنه يسمى رجع، حج من الرياض ثم وصل إلى الرياض نقول: رجع،، وإذا شرع في الحج ولم يفرغ من أعماله، لنتصور أنه صام الثلاثة قبل العيد وبقيت السبع قال: أصومها أيام التشريق؛ لأنني أريد الرجوع، والله -جل وعلا- يقول:{إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يعني أردتم الرجوع، كما في قوله:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل]{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم، وأنا أريد الرجوع، يصلح وإلا ما يصلح؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 9

لأنه في الحج، ما زال في الحج، وحكم ما كان في الحج يختلف عن حكم ما كان بعد الرجوع، إذا رجع، يعني إذا رخص في صيام أيام التشريق الثلاثة لمن لم يجد الهدي فإنما يرخص في الثلاثة الأولى؛ لأنها آخر فرصة له، آخر فرصة له أيام التشريق، فإذا صامها أحرم من اليوم الخامس مثلاً، وصام السادس والسابع والثامن لا يجوز له أن يصوم أيام التشريق، وإن كان ممن يريد الرجوع فلا يرد مثل هذا، إنما الاحتمال قائم بين الشروع في الرجوع وبين تحقق الرجوع والفراغ منه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، الكلام ما هو في هذا، هذا إذا اعتمر وهو لم ينو إلى الآن هذا ما في إشكال أنه ليس من حاضر، لكن إذا قادم بنية الإقامة.

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو مقبول، قالوا في ترجمته: مقبول.

طالب:. . . . . . . . .

إيه إيه، مقبول، مر بنا هذا، مر بنا هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان مفرد، مروي، هذه الأحاديث وكون وجوه الإحرام الثلاثة كلها مروية عن النبي عليه الصلاة والسلام من فعله، كلها صحيحة، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أفرد، أهل مفرداً، نعم، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه تمتع، فتمتعوا معه، والمرجح في حجته عليه الصلاة والسلام أنه كان قارناً، وهذا أكثر، نعم، وأجبنا عن هذا سابقاً مراراً يعني ما هي بمرة ولا مرتين، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نصوص صريحة في كونه أفرد عليه الصلاة والسلام. . . . . . . . . قرن، وجاء أيضاً أنه تمتع وتمتعنا معه.

طالب:. . . . . . . . .

ما فيه إلا أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أهل مفرداً، نعم، ومن رجح التمتع قال: إن الله -جل وعلا- اختار لنبيه القران ولا يختار لنبيه إلا الأكمل، ومن رجح التمتع قال: لأنه أمر به أصحابه، واعتذر عن كونه لم يهل بالعمرة، المسألة مسألة استرواح يعني ميل من أهل العلم، ورجحان يلوح لهم ما لا يلوح لغيرهم، كلهم -إن شاء الله- مجتهدون مأجورون، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يحرم من وين؟

طالب:. . . . . . . . .

هو لما جاء من وطنه مريداً الاستيطان لا يجوز له أن يتعدى الميقات.

طالب:. . . . . . . . .

بيحرم من الميقات، من أين بيحرم؟

ص: 10