المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الرمل في الطواف: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٨١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: الرمل في الطواف:

يقول: "وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: سمعت بعض علمائنا يقول: "ما حجر الحجر فطاف الناس من ورائه إلا إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله" ما دام هو من البيت، الحجر من البيت، فلا بد أن يكون الطواف من ورائه لأنه جزء من البيت، فلو طاف إنسان ودخل في الحجر لم يصح طوافه؛ لأنه لم يستوعب أجزاء البيت، فلا بد أن يكون الطواف من ورائه.

طالب: الحجر لماذا سمي حجر إسماعيل.

والله ما أعرف أصلها، لكنه لأنه حجر.

نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: الرمل في الطواف:

حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف".

قال مالك: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا".

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يسعى الأشواط الثلاثة يقول: "اللهم لا إله إلا أنت وأنتا تحيي بعد ما أمتا" يخفض صوته بذلك.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه رأى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أحرم بعمرة من التنعيم، قال: ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: الرمل في الطواف" الرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وهو دون الخبب، دون السعي، لكنه فوق المشي العادي.

ص: 19

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" المعروف بالباقر، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الباقر جعفر الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين اللي هو الباقر، فجعفر هو الصادق، وأبوه محمد بن علي هو الباقر "عن جابر بن عبد الله" الصحابي الجليل، راوي الحجة النبوية في مسلم وفي غيره، وهذا قطعة من حديثه الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف" وهذا في حجة الوداع، رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه، بمعنى أنه استوعب الأشواط الثلاثة بالرمل، وأما في عمرة القضاء فكان رمله من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشي بين الركنين، يمشي بين الركنين، لماذا؟ لأن المشركين الذين قالوا ما قالوا، وشرع الرمل من أجل مقالتهم ولدفعها وردها كانوا من جهة الحجر، لا يرونهم إذا كانوا بين الركنين، فيمشون؛ لأنهم لا يرون، ويحققون الحكمة من الرمل، وأما في حجة والوداع وقد انتهى سبب التشريع وعلته رُجع إلى الأصل؛ لأن الترك إنما هو من أجل مراءاة المشركين، وإغاظة المشركين، والإبقاء على من قدم من بعيد، ثم ارتفعت هذه العلة، وبقي الرمل مع ارتفاع علته؛ لأنه لا يوجد من يقول: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب ومع ذلك بقي الحكم، وهذا من الأحكام التي شرعت لعلة فارتفعت العلة وبقي الحكم كالقصر، القصر الأصل في مشروعيته {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] فارتفع الخوف صار صدقة، وهذا أيضاً ارتفعت علته وبقي حكمه، وما صار للمشي بين الركنين مبرر؛ لأنه لا يوجد من يراءى في مثل هذا، والمراءاة هذه من أجل إغاظتهم، يعني ما هو بالفعل الدافع لهذا الفعل تشريكهم به مع الله -جل وعلا- ليكون من باب الرياء، لا، وإن جاء لفظ المراءاة لكن المقصود بها الإغاظة، إغاظة الكفار {وَلَا يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [(120) سورة التوبة] وهذا يغيظهم، وما يذكر عن بعضهم أنه إذا كان وطء نسائهم يغيظهم جاز، هذا لا أصل له، يعني الاسترسال في مثل هذا، هذا ينسب لبعض أهل العلم، لكن مع ذلك قول ساقط، بعضهم أطلقوا، أطلقوا.

ص: 20

المقصود أنه في عمرة القضاء يمشي بين الركنين وفي حجة الوداع يستوعب الأشواط الثلاثة بالرمل.

"قال مالك: "وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا" يعني أنهم يرملون في الأشواط الثلاثة من أول طواف يطوفه الداخل في النسك، هذا هو الذي عليه الأمر ببلده وهو اختيار أهل العلم، إلا من قال: إن هذه ارتفعت وليست سنة وإنما هي لعلة وارتفعت كما يذكر عن ابن عباس، المقصود أنها بقيت ورمل الصحابة بعد النبي عليه الصلاة والسلام، ورمل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وجود العلة، كونه رمل في حجة الوداع يدل على أنه حكم باقٍ إلى قيام الساعة.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر

" على كلٍ الرمل قد لا يتمكن منه الإنسان مع الزحام، فهل نقول لمن قدم وشرع في حقه الرمل: ابتعد عن محل الزحام وطف من وراء الناس وارمل؟ أو نقول: الأفضل أن تقرب من الكعبة ولو تركت هذه السنة؟ أهل العلم يقررون أن الفضل المرتب على العبادة نفسها أولى بالمحافظة من الفضل المرتب على مكانها أو زمانها ما لم يكن المكان أو الزمان مما يشترط لصحتها، أما إذا كان أفضل فالمفاضلة بين ما يتعلق بذات العبادة وبين ما يتعلق بمكانها وزمانها أهل العلم يرجحون ما يتعلق بذاتها.

طالب:. . . . . . . . .

الرمل أفضل نعم، ولو أبعد؛ لأن هذا يحقق فضل في ذات العبادة.

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال الطواف الذي فيه الرمل هو أول طواف يطوفه القادم، يسمى طواف القدوم، سواءً كان للقدوم بالفعل الذي هو سنة، أو ركن العمرة، أو ركن الحج، بمعنى أنه لو جاء الحاج مفرد أو قارن وذهب إلى عرفة مباشرة وما طاف للقدوم، طاف طواف الإفاضة يرمل؛ لأن هذا أول طواف يطوفه القادم، أما المقيم بمكة نعم في آخر الباب، "كان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة" لأنه مرتبط بالقدوم، وأصل المشروعية فيها: يقدم محمد وأصحابه، فدل على أن لهذه المادة أثر في الحكم.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف" يعني كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.

"وحدثني عن مالك" نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 21

ويش اللي يحرم بعمرة؟ خلاص رمل أو لما قدم يكفيه.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يسعى الأشواط الثلاثة يقول: "اللهم لا إله إلا أنتا وأنت تحيي بعد ما أمتا" يعني يسعى يرمل وإلا فالسعي أشد، السعي أشد من مجرد الرمل، لكن يستعار هذا لهذا وهذا لهذا، ولذا يقولون: طاف بين الصفا والمروة، وسعى حول البيت، وهنا يقول: يسعى الأشواط الثلاثة وإلا فالأصل أن الطواف مع الرمل بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة بين العلمين.

"وكان يقول: اللهم لا إله إلا أنتا، وأنت تحيي بعد ما أمتا" وهذا شعر، فهل يقول الطائف شيء من الشعر؟ هذا فعل صحابي عن أباه عروة بن الزبير تابعي، فهو مقطوع، وهذا اجتهاد منه، وإن اقتصر على ما ورد من الأدعية لا سيما المرفوعة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، أو جاءت من أدعية الكتاب أو السنة، أو الأدعية المطلقة التي لا محظور فيها كان أولى.

"يقول: اللهم لا إله إلا أنتا، وأنت تحيي بعد ما أمتا، يخفض صوته بذلك" لئلا يظن أنه مرفوع فيتعبد به، فمثل هذه الاجتهادات التي يجتهدها بعض الناس، ويخشى من اقتداء غيره به مثل هذا يخفيه لئلا يتعبد بغير مشروع.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه رأى عبد الله بن الزبير أحرم بعمرة من التنعيم قال: ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة" مثل ما في الخبر الذي قبله.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى" لأنه ما قدم فلا يطوف للقدوم، إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت إلا إذا رجع، حتى يرجع من منى، يعني بعد رمي جمرة العقبة؛ لأنه لم يقدم، والطواف للقدوم إنما يشرع للقادم، والسعي إنما يصح بعد طواف مشروع، وهذا لم يشرع فيه الطواف إذاً لا يسعى بعده "كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى" يعني بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر "وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة" لأن الرمل مرتبط بأول طواف يطوفه إذا قدم، وهو لم يقدم فلا يشرع في حقه.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 22