المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: العمل في النحر: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٨٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: العمل في النحر:

إلا، الحديث في الصحيح:"ضحى عن نسائه البقر" وهو محمول على الهدي؛ لأنه في وقت الأضحية، في وقت الأضحية، ومنهم من يقول: إن هذه قصة أخرى، وأن الأضحية للحاج، ما فيها إشكال، له أن يجمع بين الأضحية والهدي.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة أم المؤمنين أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا، ولم تحلل أنت من عمرتك؟! " أمر الناس أن يحلوا، وأن يجعلوها عمرة، من لم يسق الهدي أمر بأن يجعلها عمرة، فقالت له حفصة أم المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما شأن الناس حلوا، ولم تحلل أنت من عمرتك؟! فقال: ((إني لبَّدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر)) "، ((فلا أحل حتى أنحر)):{وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] حتى ينحر. نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: العمل في النحر:

حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بعض هديه، ونحر غيره بعضه.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: من نذر بدنة، فإنه يقلدها نعلين، ويشعرها، ثم ينحرها عند البيت أو بمنى يوم النحر؛ ليس لها محل دون ذلك، ومن نذر جزوراً من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان ينحر بدنه قياماً.

قال مالك رحمه الله: لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه، ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر يوم النحر، وإنما العمل كله يوم النحر؛ الذبح، ولبس الثياب، وإلقاء التفث والحلاق، لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب العمل في النحر".

"حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه" جعفر بن محمد الصادق "عن أبيه" محمد بن علي بن الحسين الباقر "عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بعض هديه، ونحر غيره بعضه" رواية الباقر عن جده علي بن أبي طالب منقطعة؟

طالب:. . . . . . . . .

أيه؟ جعفر بن محمد عن أبيه الباقر: محمد بن علي بن الحسين بن علي.

ص: 15

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟ جد أبيه، كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

الرواية منقطعة؛ لكنه ثابت من حديث جابر في صحيح مسلم: "أن النبي عليه الصلاة والسلام نحر بعض هديه، نحر ثلاث وستين بيده الشريفة الكريمة، ووكل الباقي إلى علي، ونحر غيره بعضه" ما قال: ونحرت بعضه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا مانع أن يكني عن نفسه، ويتحدث عن غيره عنه؛ على اعتبار أنه غيره، المقصود أن النبي عليه الصلاة والسلام نحر ثلاث وستين عدد سني عمرة، ونحر غيره الباقي سبع وثلاثين.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: من نذر بدنة؛ فإنه يقلدها نعلين، ويشعرها، ثم ينحرها عن البيت، أو بمنى يوم النحر، ليس لها محل دون ذلك، ومن نذر جزوراً من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء". ويش الفرق بين أن ينذر بدنة، وبين أن ينذر جزوراً؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16

"أنه يقول: من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين، ويشعرها، ثم ينحرها عند البيت، أو بمنىً يوم النحر، ليس لها محل دون ذلك، ومن نذر جزوراً من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء" يعني كأن البدنة لفظ "البدنة" إنما تستعمل فيما يهدى للبيت، وسكان البيت، والنذر والجزور أعم من ذلك، إذا نذر أن يذبح جزوراً، ويفرقه على الفقراء فعله حيث شاء؛ ما يلزم أن ينذر في الرياض، أو في الشمال، أو في الجنوب، أن يذبح جزوراً يفرقها على الفقراء، في أي مكان تبرأ ذمته، لكن إذا نذر بدنة، وارتباط البدنة بالبيت، وما يتعلق به، فإنه كما جاء هنا:"من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين ويشعرها، ثم ينحرها عند البيت" لكي تعرف، إذا عيّن المكان ينظر في المكان؛ ويش السبب الباعث على ذلك؟ " نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأل النبي عليه الصلاة والسلام هل فيه شيء يمكن أن ينذر من أجله؛ هل فيها عيد من أعيادهم؟ هل

؟ فأمره أن يوفي بنذره، فإذا سلم المكان من محظور لا مانع من وفاء النذر فيه، يقول:"من نذر بدنة فإنه يقلدها نعلين، ويشعرها" من أجل أن تعرف، فلا يتعرض لها أحد بأذى "ويشعرها، ثم ينحرها عند البيت" لأن هذا مكان نحر البدن، "أو بمنىً يوم النحر، ليس لها محل دون ذلك" لأنها الأصل فيها أنها لمساكين الحرم "ومن نذر جزوراًَ من الإبل أو البقر؛ فلينحرها حيث شاء" لأن مثل هذا النذر لا ارتباط له بالحرم، فيفعله حيث ما شاء.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان ينحر بدنه قياماً" وهذه هي السنة؛ أن تنحر الإبل قائمة.

"قال مالك: لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه" في الحديث: "حلقت قبل أن أنحر؟ الجواب: ((افعل ولا حرج))، وهنا يقول: "لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه قبل أن ينحر هديه" النهي صريح في الآية: {وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة]، فإذا قلنا: المسألة مسألة وقت حلول، فبمجرد وقت الحلول يحل له أن يحلق رأسه؛ ولو لم ينحر، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 17

المقصود أنه إذا جاء وقت الحلول؛ فالأمر فيه سعة "حتى ينحر هديه" للأمر بذلك في الآية "ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر يوم النحر" ولا ينبغي لأحد أن ينحر قبل الفجر؛ لأن النحر من أعمال ذلك اليوم، وذلك اليوم لم يدخل بعد، فلا يصح قبل الفجر -على كلامه- قبل الفجر يوم النحر "وإنما العمل كله يوم النحر" لأن هذه الأعمال هي أعمال يوم النحر "الذبح، ولبس الثياب" إذا تحلل "وإلقاء التفث والحلاق، لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر" ويوم النحر متى يبدأ؟

طالب:. . . . . . . . .

عندنا يوم، وعندنا ليل، وعندنا نهار، النهار يقابل الليل بلا شك، لكن اليوم يقابل الليل؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يسن التكميل في يوم العيد وليلته، فيطلق ويراد به النهار، قد يطلق ويراد به النهار.

يقول: "لا يكون شيء من ذلك يفعل قبل يوم النحر" وهنا علق الحلق بالنحر امتثالاً للآية، وهذا هو الأصل، لكن الترتيب النبوي نحر قبل أن يحلق، وإلا عكس؟ نعم، نحر قبل أن يحلق، وأيضاً ما سئل عن شيء قدم ولا أُخر إلا قال:((افعل ولا حرج)) ، فلا مانع من النحر قبل الحلق، والعكس. نعم.

أحسن الله إليك.

باب: الحلاق:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:((والمقصرين)).

وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أنه كان يدخل مكة ليلاً وهو معتمر فيطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ويؤخر الحلاق حتى يصبح، قال: ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به حتى يحلق رأسه، قال: وربما دخل المسجد فأوتر فيه، ولا يقرب البيت.

قال مالك: التفث: حلاق الشعر، ولبس الثياب وما يتبع ذلك.

قال يحيى: سئل مالك عن رجل نسي الحلاق بمنى في الحج؛ هل له رخصة في أن يحلق بمكة؟ قال: ذلك واسع، والحلاق بمنى أحب إلي.

ص: 18

قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه، ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر، وذلك أن الله تبارك وتعالى قال:{وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة].

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الحلاق".

"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) " ، دعا للمحلقين الذين يحلقون رؤوسهم بعد أو في نسكهم؛ يحلقون رؤوسهم في نسكهم، والحلق في العمرة إنما يقع بعد الإحرام والطواف والسعي، وفي الحج هو من أعمال يوم النحر، الأصل أن يقع بعد الرمي والنحر؛ لكن إن قدم أو أخر فلا بأس " ((اللهم ارحم المحلقين)) " هذه دعوة صالحة لهم، فأرادوا أن يدعو للمقصرين؛ لأن بعض الناس يفضل التقصير؛ يأنف أن يكون رأسه بدون شعر ألبته، فيود أن يقصر، والتقصير إذا أبقى .. ، إذا أبقت الآلة للموسى شيئاً يأخذه فهو تقصير، ولو كان يسيراً، وعلى هذا المكاين "مكاين الحلاقة" هذه التي رقم واحد واثنين وثلاثة، كلها تقصير إذا بقيت أصول الشعر، والأصل أن الحلق لا يكون إلا بالموسى بحيث لا يبقى للشعر أصول " ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:((والمقصرين)) " الذين يقصرون من رؤوسهم بحيث يبقى من الشعر شيء على الرأس، والدعوة للمقصرين في الثالثة؛ يعني بعد أن امتنع مرتين، أو ثلاثاً قال ذلك؛ فدل أن الحلاق أفضل من التقصير، أفضل من التقصير، أيش؟

طالب:. . . . . . . . .

أيش فيها؟

طالب:. . . . . . . . .

من كان مع النبي عليه الصلاة والسلام؟ لا، لا؛ عامة، عامة لمن كان معه ولمن جاء بعده، ولا شك أن الحلق أبلغ في الامتثال، أبلغ في الامتثال.

ص: 19

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه" القاسم بن محمد، ": أنه كان يدخل مكة ليلاً وهو معتمر" يدخل مكة ليلاً وهو معتمر، وعرفنا من حديث ابن عمر –سابقاً-: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان، أنه هو نفسه يبيت بذي طوى، ثم يدخل الصبح، ويرفع ذلك إلى النبي عليه الصلاة والسلام "يدخل مكة ليلاً وهو معتمر فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ويؤخر الحلاق حتى يصبح" يعني ما يشترط الترتيب بين السعي والحلاق؛ لو انتهى من سعيه وهو تعبان ثم نام، وأخر الحلق إلى الظهر؛ مثلاً أو إلى العصر، إلى أن يرتاح؛ لا بأس؛ لكنه يبقى محرم "قال: ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به حتى يحلق رأسه" لا يتطوع بطواف وقد بقي عليه من واجبات الحج أو العمرة شيء، لا يتطوع وقد بقي عليه من الواجب شيء، "قال: وربما دخل المسجد فأوتر فيه، ولا يقرب البيت" لا مانع؛ يبقى عليه الحلاق ثم يوتر؛ لا بأس؛ لأن هذا الوتر ليس من أعمال النسك، أعمال النسك المستقلة قد بقي عليه من الأعمال الواجبة؛ مثل هذا لا ينبغي حتى يفرغ من نسكه.

"قال مالك: التفث: حلاق الشعر، ولبس الثياب، وما يتبع ذلك" يعني إلقاء التفث.

"قال يحيى: سئل مالك رجل نسيَ الحلاقة بمنى في الحج؛ هل له رخصة أن يحلق بمكة؟ قال: ذلك واسع" لأن منى من الحرم ومكة من الحرم "والحلاق بمنى أحب إلي" لأنه أسرع في الامتثال، والمبادرة إلى فعل الواجب.

"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاق فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه" يعني من استدلاله بالآية ظاهر "ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر" يعني بعدما ينهي الأعمال؛ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 20

بأيش؟ الأصل أنه يحلق بالحرم؛ يقول: "الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه" وهنا يقول: هل له رخصة أن يحلق بمكة؟ قال: "ذلك واسع" لأنها كلها حرم "لكن الحلاق بمنى أحب إلي" لأنه أسرع في الامتثال، ثم قال:"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن أحداً لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هدياً إن كان معه": {وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] ، وهذا ظاهر في الاستدلال "ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنىً يوم النحر" ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر، وذلك يكون بالرمي والحلق عند الأكثر، ويكون بالرمي فقط عند بعضهم، وهذا هو التحلل الأول، وأما الثاني فلا يكون إلا بتمام الأركان "وذلك أن الله تبارك وتعالى قال:{وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة]. التقصير.

باب: التقصير:

حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج، لم يأخذ من رأسه، ولا من لحيته شيئاً حتى يحج، قال مالك: ليس ذلك على الناس.

وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا حلق في حج، أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه.

وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رجلاً أتى القاسم بن محمد فقال: إني أفضت، وأفضت معيَ أهلي، ثم عدلت إلى شعب، فذهبت لأدنو من أهلي، وقالت: إني لم أقصر من شعري بعدُ؛ فأخذت من شعرها بأسناني، ثم وقعت بها؛ فضحك القاسم، وقال: مرها فلتأخذ من رأسها بالجلمين، قال مالك: أستحب في مثل هذا أن يهرق دماً، وذلك أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: من نسي من نسكه شيئاً فليهرق دماً.

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه لقي رجلاً من أهله يقال له: المجبَّر، قد أفاض ولم يحلق ولم يقصر؛ جهل ذلك، فأمره عبد الله: أن يرجع فيحلق، أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض.

ص: 21

وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه، وأخذ من لحيته، قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرماً.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- لما ذكر الحلاق أردفه بالتقصير، وكل منهما مجزئ مسقط للطلب، وإن كان الحلاق أفضل من التقصير، والتقصير المراد به: أخذ بعض الشعر وترك البعض من عموم الرأس، من مجموعه، لا من جميعه، ولا يجزئ الشيء اليسير؛ لأنه لا يسمى تقصير أو الربع على ما يذهب إليه بعض أهل العلم؛ بعضهم يقول: يكفي ثلاث شعرات، وبعضهم يقول: الربع، وبعضهم يقول: يكفي ما يمسح في الوضوء، والمعتمد أنه مجموع الرأس في التقصير وفي المسح في الوضوء، فرق بين جميع ومجموع، المجموع: التعميم؛ لكن لا يلزم أن تكون كل شعرة بعينها نجزم بأنه وصلها المسح أو التقصير.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه" لم يأخذ من رأسه؛ من شعر رأسه "ولا من لحيته شيئاً حتى يحج" يوفر ذلك للحج.

"قال مالك: ليس ذلك على الناس" يعني ليس مما يجب على الناس أن يتركوا هذا.

"وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه" ابن عمر في النسك يأخذ ما زاد عن القبضة من لحيته، متأولاً قول الله -جل وعلا-:{مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] ، فالواو هذه للجمع، فإذا حلق رأسه ماذا يبقى للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية؛ ما يبقى إلا اللحية، فيقصر من لحيته متأولاً هذه الآية، وهذا اجتهاده ولم يوافق عليه رضي الله عنه وأرضاه- وإنما:{وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] هذه بمعنى "أو" التي هي للتقسيم، التي هي للتقسيم والتنويع.

يقول: "وحدثني عن مالك ربيعة .... " وليس في هذا مستمسك للمن يأخذ من لحيته، معرضاً عما جاء من النبي عليه الصلاة والسلام من الأمر بإعفائها، وتوفيرها، وإكرامها. . . . . . . . .

ص: 22

يقول: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رجلاً أتى القاسم بن محمد، فقال: إني أفضت وأفضت معي بأهلي، ثم عدلت إلى شعب، فذهبت لأدنو من أهلي، فقالت: إني لم أقصر من شعري بعد، فأخذت من شعرها بأسناني" ما عندهم مقص، هو يحتاج أن تحل من أجل أن تحل له "فأخذت من شعرها بأسناني، ثم وقعت بها، فضحك القاسم، وقال: مرها فلتأخذ من شعرها بالجلمين" يعني كأنه يرى أن هذا الشعر الذي أخذ بالأسنان لا يجزئ؛ لأنه ما يقال له: قص ولا تقصير "قال مالك: أستحب في مثل هذا أن يهرق دماً" أن يهرق دماً؛ لأن مثل هذا لا يجزئ "وذلك أن عبد الله بن عباس قال: من نسي من نسكه شيئاً فليهرق دماً" كلام ابن عباس معروف عنه: "من ترك نسكاً فليهرق دماً" واعتمده جمهور أهل العلم في إيجاب الدم على من ترك واجباً.

"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه لقي رجلاً من أهله يقال له: المجبَّر" يقال له المجبَّر؛ لأنه حصل له أن وقع وانكسر، وحصل فيه كسور، ثم جبر، فقيل له: المجبَّر "قد أفاض ولم يحلق ولم يقصر؛ جهل ذلك" جهل أن الحلاقة والتقصير واجب من واجبات النسك "فأمره عبد الله: أن يرجع" لأن هذا من أعمال النسك التي تفعل في الحرم في حدود الحرم "فأمره عبد الله: أن يرجع فيحلق، أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض" ثم يرجع إلى البيت فيفيض؛ كيف يرجع إلى البيت فيفيض؟ هو ما طاف طواف الإفاضة، إذا ما طاف طواف الإفاضة يتصور أنه رجع؟ خرج من الحرم؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

من أجل الترتيب؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

هو ما في شك، أنه يحملهم على العزيمة، يحملهم على العزيمة، فما دام ترك الترتيب يأمره بالإعادة من أجل الترتيب، وإلا إذا كان أفاض قبل الحلق لا شك أنه يجزئه: ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)).

طالب:. . . . . . . . .

وينه؟

طالب:. . . . . . . . .

"فأمره عبد الله أن يرجع" من أين يرجع؟ يرجع فيحلق، أو يقصر، ثم يرجع إلى البيت فيفيض" يعني احتمال أنه خرج إلى الحل.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

ص: 23

يعني أفاض ولم يحلق ولم يقصر، خرج من منى إلى البيت فأفاض فيه، فأمره عبد الله أن يرجع إلى منى فيحلق ثم أمره أن يرجع إلى البيت فيفيض؛ يعني كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حلق بمنى .. ، هذا لما انتقل من منى إلى مكة إلى البيت، قال له: ارجع إلى منى، ثم احلق؛ فإذا حلقت ارجع إلى البيت فأفض، وهذا لا شك أن حمل على العزيمة، وهو لائق بابن عمر في مثل هذا المقام، وإن لم يكن واجباً.

"وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجلمين فقص شاربه" لئلا يحتاج إليه بعد الإحرام فلا يتيسر له "وأخذ من لحيته" هذا سالم بن عبد الله اقتداءً بأبيه؛ لكن عرفنا ما في المسألة، وأن العبرة، والحكم، والمرد في مثل هذا إلى الله ورسوله "قبل أن يركب، وقبل أن يحل محرماً" لأنه إذا أهل محرماً؛ لا يجوز له أن يفعل شيئاً من ذلك.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

ص: 24