المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الرخصة في رمي الجمار: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٨٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: الرخصة في رمي الجمار:

على كل حال هذا بالدليل القطعي ثبت جواز الأمرين، ومثل هذا لن يحل الإشكال؛ الرمي قبل الزوال والفتوى به من أجل الضرورة والحاجة لن يحل الإشكال؛ فالمستعجل مستعجل؛ الذي يقدم نفسه للمشقة العظيمة التي قد تصل إلى الموت عند زوال الشمس سوف يقدمها عند طلوع الشمس، ولن يحل الإشكال؛ لكن يوجه الناس، يرشد الناس، يثقف الناس، يفوج الناس؛ يجعلون أفواج يرتبون، ينظمون بطريقة مناسبة، ولا تخالف بذلك الأحكام.

طالب:. . . . . . . . .

ويشلون يكبرون؟

طالب: ظهر وعصر.

يؤذنون؟

طالب: بعد التكبير الله أكبر الله ..

لا لا أللي بيبدأ هذا .. ما .. ما ..

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

بل يوجد الآن من يفتي؛ بصراحة يفتون؛ كان هناك يوجد من يمنع من الرمي قبل

؛ كانوا يمنعون الرمي قبل الزوال.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، ما له علاقة، تكبير مطلق هذا.

طالب:. . . . . . . . .

هذا التكبير؛ التكبير المطلق في أيام التشريق؛ هذا ما هو على هيئة الأذان؛ لأن الزوال مرتبط به أذان صلاة الظهر، فلو أذن شخص مثلاً، ورموا الناس بسبب أذانه، وغرهم في هذا كما لو أفطروا بأذانه.

طالب:. . . . . . . . .

من تبرأ الذمة بتقليده.

طالب:. . . . . . . . .

ما ينفع .. ما ينفع .. لابد .. لابد .. أن يحتاط، نعم لابد أن يحتاط لدينه كما يحتاط لدنياه؛ لابد أن يحتاط لدينه كما يحتاط لدنياه، على كل حال عليه أن يحتاط لدينه. نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: الرخصة في رمي الجمار:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن أبا البدَّاح بن عاصم بن عدي أخبره عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أُرخص للرعاء أن يرموا بالليل يقول: في الزمان الأول.

ص: 17

قال مالك –رحمه الله: تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى -والله أعلم- أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد؛ وذلك يوم النفر الأول، فيرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم ذلك؛ لأنه لا يقضي أحد شيئاً حتى يجب عليه؛ فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك؛ فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد؛ رموا مع الناس يوم النفر الآخر، ونفروا.

وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد نُفِست بالمزدلفة؛ فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر؛ فأمرهما عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما أن ترميا الجمرة حين أتتا، ولم ير عليهما شيئا.

قال يحيى سئل مالك عمن نسي جمرة من الجمار في بعض أيام منى حتى يمسي؟ قال: ليرمي أي ساعة ذكر من ليل أو نهار كما يصلي الصلاة إذا نسيها، ثم ذكرها ليلاً أو نهاراً؛ فإن كان ذلك بعد ما صدر وهو بمكة، أو بعدما يخرج منها فعليه الهدي.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الرخصة في باب الجمار".

الرخصة في رمي الجمار؛ والرخصة في الترك، أو في التأخير، أو في الجمع بين اليومين والثلاثة؛ المقصود أن الرخصة توحي بهذا الأمور كلها.

"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر" ابن محمد بن عمرو "ابن حزم عن أبيه أن أبا البدَّاح" يقال: هذا اسمه، ويقال: اشتهر بهذه الكنية، ولا يعرف اسمه؛ مثل العادة أن من اشتهر بشيء يضيع غيره؛ يعني من اشتهر بالكنية يضيع عليه الاسم، ومن اشتهر بالاسم تضيع الكنية.

"ابن عاصم بن عدي" الأنصاري مولاهم "أخبره عن أبيه" عاصم: صحابي شهد أحد "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء" جمع راع "لرعاء الإبل في البيتوتة" البيتوتة: مصدر بات "خارجين من منى" رعاء الإبل أرخص لهم أن يبيتوا خارج منى؛ لانشغالهم بالرعي بحيث لو تركوا هذه الإبل؛ لتفرقت يميناً وشمالاً؛ والحجاج بحاجتها؛ أرخص لهم فدل على أن المبيت واجب؛ لأنه لو كان ليس بواجب؛ لما احتاجوا أن يرخص لهم؛ السنة لا تحتاج إلى ترخيص، ومثل ما قلنا: لو كان ركناً لما أرخص فيه.

ص: 18

"يرمون يوم النحر" يرمون جمرة العقبة "ثم يرمون الغد" في الحادي عشر "ومن بعد الغد ليومين" مجموعين؛ يعني يرمون من الغد نصيب الحادي عشر، والثاني عشر كجمع التقديم "ثم يرمون يوم النفر. " يعني إن جلسوا إلى اليوم الثالث؛ يرمون يوم النفر؛ لأن يوم النفر لا يحتاج إلى أن يجمع إلى غيره؛ لأنه خفيف؛ المقصود أن هذا الذي من الحديث، ومالك -رحمه الله تعالى- تأوله على غير هذا؛ أنهم يرمون يوم العيد جمرة العقبة، ثم يؤخرون بقية الرمي إلى آخر يوم؛ فيجمعونها، ويقول: لا يقضي أحد شيئاً حتى يقضي ما يجب عليه؛ إلى الآن ما بعد وجب عليه، والظاهر من الحديث أنه جمع تقديم؛ وفهم مالك -رحمه الله تعالى- أنه نظير جمع التأخير.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سيعد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل" لما فاتهم رميه نهاراً؛ يرموا بالليل ما فاتهم بالرمي نهاراً؛ فهؤلاء معذورين، وعلى كل حال كون الإنسان يتولى الرمي بنفسه أولى من التوكيل؛ ولو اقتضى ذلك التأخير إلى الليل.

يقول: إنه أرخص للرعاء أن يرموا باليل، يقول:"في الزمان الأول" يعني في زمن الصحابة.

ص: 19

"قال مالك: تفسير الحديث" -حديث عاصم بن عدي الذي تقدم- تفسير الحديث "الذي أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نُرى" يعني نظن "-والله أعلم-" يعني بما أراده الرسول عليه الصلاة والسلام من حديثه؛ وفي هذا تحري من الإمام مالك -رحمه الله تعالى- عند إقدامه على تفسير الحديث؛ لأن تفسير الحديث مفاده أن هذا مراد النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث، فإذا أقدم على تفسير الحديث من غير أن يقف فيه على ما يدل على تفسيره سواء كان من النصوص، أو من لغة العرب؛ لاشك أنه جاء التحذير منه؛ وهذا قول على رسول الله بغير علم، كان سلف هذه الأمة يتوقون الكلام في الغريب؛ ولما سئل الأصمعي عن الصقب في حديث الجار أحق بصقبه؛ قال: أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما العرب تزعم أن الصقب هو اللزيق؛ العرب تزعم أن الصقب هو اللزيق؛ فإذا كان الأصمعي الذي يحفظ مئات الألوف من الأبيات من لغة العرب؛ من ديوان العرب؛ يقول هذا الكلام؛ فكيف بغيره الذي لا يفهم كثير من مفردات اللغة؛ فضلاً عن أن يكون حافظاً لها؟ يعني لا يفهمها لو قرأها؛ فكيف بحفظها؛ يقدمون بكل جرأة، ويتحدثون عن النصوص، ويشرحون، ويجزمون بمراد الله، ومراد رسوله عليه الصلاة والسلام بأن مراده هذا من غير تردد؛ ويمثل هذا الإقدام، وهذه الجرأة؛ لاشك أنها مذمومة؛ لكن لو أن الإنسان سمع نصاً، وسئل عنه، ولم يكن له به علم، ولا سابق مراجعة، وقال: لعل المراد كذا، لعل المراد كذا؛ فمثل هذه الحالة لا يلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما ذكر حديث السبعين الألف ثم دخل إلى منزلة؛ توقعوا لعلهم كذا .. لعلهم كذا .. لعلهم كذا .. ما ثرَّب عليهم النبي عليه الصلاة والسلام، وهنا الإمام مالك يقول:"فيما نُرى"، ما قال: فيما نَرى، فيما نَرى! وهو مالك نجم السنن! إمام دار الهجرة! تجد الآن الطالب وهو في مرحلة الطلب؛ والذي نراه؛ الذي عليه الأئمة كذا، والذي نراه؛ والإمام مالك يقول:"فيما نُرى" يعني نظن "-والله أعلم-" وكل العلم إلى عالمه؛ يعني والله أعلم بمراد رسوله عليه الصلاة والسلام "أنهم يرمون يوم النحر" جمرة

ص: 20

العقبة "فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر؛ رموا من الغد" رموا من الغد؛ يعني اليوم الثالث، الثاني عشر "وذلك يوم النفر الأول؛ فيرمون لليوم الذي مضى" الحادي عشر "ثم يرمون ليومهم ذلك" الثاني عشر على الترتيب، يرمون ليوم الحادي عشر، الأولى ثم الثانية، ثم العقبة، ثم يرجع مرة ثانية فيرمي الأولى ثم الثانية ثم جمرة العقبة، وعلل الإمام مالك ذكر العلة وأنه استمد ذلك من القياس؛ قال:"لأنه لا يقضي أحد شيءً حتى يجب عليه".

تفسير الإمام مالك لاشك أنه مخالف لظاهر الحديث؛ لاشك أنه مخالف لظهار الحديث؛ لكن مع ذلك ذكر العلة التي جعلته يختار هذا التفسير؛ قال: لأنه لا يقضي أحد شيءً حتى يجب عليه؛ "فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء بعد ذلك؛ فإن بدا لهم النفر" متعجلين "فقد فرغوا" من الرمي؛ رموا يوم النحر، ورموا في الثاني عشر؛ رمي الحادي عشر والثاني عشر؛ فرغوا من الرمي، "وإن" كانوا "أقاموا" بمنىً "إلى الغد" الثالث عشر فلم يتعجلوا "رموا مع الناس يوم النفر الآخر، ونفروا" يعني انصرفوا.

قال: "وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه" نافع مولى ابن عمر "أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد" ابنة الأخ هذه لم تسم، ولم يسم أخوها؛ لكن مِن أخوتها؛ من أخوة صفية بنت أبي عبيد الثقفي المختار؛ المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة؛ وصفية زوجة عبد الله بن عمر؛ وأخوها المختار بن أبي عبيد، ولا هل هذه البنت له أو لغيره.

ص: 21

ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد الثقفية؛ زوج عبد الله بن عمر "نُفِست بالمزدلفة" يعني ولدت بالمزدلفة "فتخلفت هي وصفية" أي عمتها؛ تخلفت هي وعمتها صفية "حتى أتتا منىً" يعني قد لا يستوعب الإنسان ويتصور أن امرأة تلد بالمزدلفة؛ كيف تحج وهي على هذه الحال؟ مر بنا أن أسماء بنت عميس ولدت في المحرم؛ يعني على بعض عشرة كيلوات من بيتها؛ يعني أخذها الطلق قطعاً قبل أن تخرج من بيتها؛ هنا وفي أيامنا هذه حرص على إبراء الذمة من الواجب؛ ركن من أركان الإسلام، ونسمع في أيامنا أنه مجرد ما يعرفون بالتحليل أن هناك شبة حمل؛ خلاص على الظهر؛ ما فيه لا خروج ولا دخول؛ فضلاً عن الحج؛ يمكن الصلاة بالإيماء، ومع ذلك يوجد ممن ينتسب إلى طلب العلم يقول: والله هالسنة ربيع؛ أحج السنة القادمة -إن شاء الله- سمعنا هذا، أو تسليم البحث بعد الحج مباشرة؛ هذه علل عليلة لا يقابل بها ركن من أركان الإسلام؛ فانظر حال الصحابة التي تلد بالمحرم؛ الطلق بدأ بها قبل أن تخرج من بيتها، وهذه ولدت بالمزدلفة "فتخلفت هي وصفية" هي ضمير فصل لا محل له من الإعراب؛ تُوُصِّل به إلى العطف على ضمير الرفع المتصل "حتى أتتا منىً بعد أن غربت الشمس من يوم النحر" النُفساء تحتاج إلى وقت؛ وقت الولادة يحتاج إلى شيء من العناية؛ فتأخروا ما وصلوا منى إلى أن غربت الشمس من يوم النحر "فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا" يعني بالليل "ولم يرى عليهما شيئاً. " لعذرهما، واستحب الإمام مالك الهدي مع ذلك؛ على كل حال الرمي بالليل محل خلاف بين أهل العلم، وفي حديث أسامة بن شريك: رميت .... لا؛ أسامة: سعيت قبل أن أطوف.

طالب: سعيت قبل أن أطوف.

نعم سعيت قبل أن أطوف؛ على كل حال مما سئل عنه النبي عليه الصلاة والسلام في يوم النحر: رميت بعد ما أمسيت؟ قال: ((افعل ولا حرج))، والمساء كما يطلق على ما قبل غروب الشمس يطلق على ما بعده؛ لاسيما في هذه الظروف التي نعيشها مع المشقة الشديدة؛ الفتوى بجواز الرمي ليلاً أولى من التوكيل.

ص: 22

"قال يحيى: سئل مالك عمن نسي جمرة من الجمار في بعض الأيام من منى حتى يمسي؟ قال: ليرمي أي ساعة ذكر من ليل أو نهار؛ كما يصلي الصلاة إذا نسيها ثم ذكرها ليلاً، أو نهاراً؛ فإن كان ذلك بعد ما صدر وهو بمكة" يعني بعدما خرج من منى إلى مكة، ورجع منها إلى مكة، "أو بعدما يخرج منها، فعليه الهدي" واجب؛ لأنه انتهى وقته؛ لكن لو ذكر؛ هو صدر إلى مكة، ثم ذكر أن عليه رمي، ثم رجع في وقت الرمي؛ فلا شيء عليه، أما إذا انتهى وقته، أو خرج من مكة؛ فانتهى وقته؛ فحينئذ يلزمه الهدي.

نأخذ الإفاضة وإلا يكفي.

طالب:. . . . . . . . .

نقف على الإفاضة.

اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

ص: 23