المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الترغيب في الجهاد - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: الترغيب في الجهاد

الكتاب مر التعريف به مراراً، والجهاد مصدر جاهد يجاهد مجاهدة، والمراد به بذل الجهد، واستغراق الوسع في مجاهدة ومقاتلة الكفار، كما أن الاجتهاد في مسائل العلم، وبذل الجهد، واستغراق الوسع، واستنباط الأحكام من أدلتها، ولا يطلق الجهاد إلى على ما فيه مشقة، لا يطلق على الشيء اليسير الهين جهاد؛ لأنهم كما يقولون: اجتهد في حمل الرحى، ولا يقولون: اجتهد في بحمل نواة مثلاً، أو حمل قلم؛ لأن هذه المادة الأصل فيما فيه مشقة ومن أعظم ما يشق على الإنسان بأن يبذل مهجته فداء لدينه، هذا أمر شاق، وأيضاً بذل النفس، وبذل الجهد في العلم وتحصيله واستنباط الأحكام من أدلتها لا شك أن هذا شاق، فمن هذه الحيثية قيل له جهاد، وهناك جهاد في غير هذين البابين في غير مقارعة الأعداء ومجاهدتهم، وفي غير تحصيل العلم ونيل أسبابه، أيضاً هناك جهاد للنفس، جهاد للشيطان، والجهاد كما يكون بالسنان يكون باللسان أيضاً وبالمال، وأكثر النصوص بالجهاد تقدم المال عن النفس أكثر النصوص الواردة تقدم المال عن النفس، وأيضاً هناك من أنواع الجهاد الجهاد باللسان، كما جاء في الحديث:((جاهدوا الكفار بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم)) كل هذا جهاد، وفي بعض النسخ تقديم البسملة على كتاب الجهاد، وفي بعضها تأخيرها عن كتاب الجهاد، والأمر كما ذكرنا مراراً، كما يحصل ذلك في كتاب البخاري أيضاً، ولكل منهما وجه، فمن قدم البسملة هذا هو الأصل أن يبدأ بالبسملة، ومن قدم الترجمة عن البسملة قال: إن الترجمة بمنزلة اسم السورة والبسملة بعدها، والأمر -كما قلنا- سهل.

يقول -رحمه الله تعالى-:

‌باب: الترغيب في الجهاد

طالب:. . . . . . . . .

لا لا هذه ما هي من الكتاب أصلاً، لا لا هذا المحقق، باعتبار أن الكتاب كتاب حديث، لتبين للناس.

طالب:. . . . . . . . .

لا لا ليست من الموطأ.

طالب:. . . . . . . . .

لا لا هذه من المحقق، ليست من الموطأ، ولذا لا تجدونها في طبعات قبل طبعات فؤاد عبد الباقي، الطبعات التي قبلها ما توجد.

باب: الترغيب في الجهاد

ص: 3

يعني والحث عليه، وما جاء في نصوص الكتاب والسنة المتوافرة المتظاهرة الصحيحة الصريحة في الترغيب فيه، والحث عليه، وأيضاً سيأتي ترجمة متأخرة بهذا اللفظ، باب الترغيب في الجهاد، ترجمة رقم (18) في الحديث (39) وما يليه، باب الترغيب في الجهاد، والأصل أن يضم هذا الباب المتأخر إلى الباب المتقدم، يعني تجعل هذه النصوص في باب واحد تحت ترجمة واحدة، وسيأتي -إن شاء الله- الكلام على الترجمة الثانية.

ص: 4

قال رحمه الله: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع)) " لأنهم بمجرد خروجه من بيته لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيل الله إلى أن يرجع وهو في سبيل الله، وتكتب له حسناته كمثل الصائم القائم الذي لا يفتر من صيام ولا من قيام، ولا شك أن هذا فضل عظيم أن يكتب له الأجر وهو قائم، الأجر وهو نائم، الأجر وهو جالس، الأجر وهو في أمور مباحة ما دام لا يخرجه إلا الجهاد في سبيل الله، فأجره دائم مستمر لا ينقطع ما لم يقطع هذا الأجر ويحرم نفسه منه بإتيانه بما ينافيه ويناقضه، إما قطع للنية، أو استعمال هذا الوقت في ما حرم الله عليه؛ لأنه لا يمكن أن يستمع في وقت واحد طاعة ومعصية في آن واحد، وإن كان بعضهم يقول: إن الجهة يبالغ في هذا ويقول: إن الجهة منفكة يمكن يكتب مجاهد وهو عاصي، كما ذكر ابن العربي في عارضة الأحوذي أنه قد يجتمع قوم للشرب في بيت فيسقط عليهم البيت فيموتون، عليهم إثم الشرب، ولهم أجر الشهادة، لا شك أن هذه مبالغة في انفكاك الجهة، يعني مثل ما قال بعض الأشعرية: إنه يجب على الزاني غض بصره بالمزني بها، يعني المبالغة إلى هذا الحد في انفكاك الجهة يقابله مبالغة الظاهرية في أن كل محرم يبطل العمل، أي عمل محرم يبطله، يعني لو صليت وبيدك خاتم ذهب صلاتك باطلة، الصلاة باطلة، عليك عمامة حرير الصلاة باطلة، لكن أحياناً الجهة يمكن أن تنفك، وأحياناً لا يمكن أن تنفك متى تنفك؟ إذا كان النهي عائد إلى أمر خارج عن هذه العبادة، مثل ما قلنا: خاتم ذهب أو عمامة حرير، لكن إذا كانت الجهة لا يمكن أن تنفك بأن عادت النهي إلى ذات المنهي عنه، أو إلى شرطه، فمثلاً قاتل بسيف مسروق هذا يمكن فك الجهة؟ يمكن أن تنفك الجهة؟ لا يمكن أن تنفك الجهة، لكن لو سرق مالاً اشترى به ماء يمكن أن يستعمله للصلاة، أو يستعمله للشرب، يستعمله للطبخ، هذا قالوا: يمكن أن تنفك الجهة مع أن بعضهم قد يرى أن مثل هذا داخل في المؤثر، فإذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه، أو إلى شرطه، فإن العبادة أو العقل

ص: 5

يبطل، بخلاف ما إذا عاد النهي إلى أمر خارج.

قال: "حدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكفل الله)) " يعني ضمن ((الله -جل وعلا- لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله)) لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله بهذا الشرط، كما جاء نظيره في الصلاة ((لا ينهزه إلا الصلاة، فإن له في كل خطوة حسنة)) وهنا لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله، الجهاد فقط دون التشريك، أما إذا جاهد، وأظهر للناس الجهاد، وهو في الحقيقة إنما جاهد واجتهد وبذل وسعه ليقال شجاع، فهذا أحد الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، هذا لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، لكنه مع ذلك التفت إلى شيء من أمور الدنيا، يعني في نفسه أنه في الأصل خرج لإعلاء كلمة الله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، ولا يمنع أن يقصد بذلك شيء من أمور الدنيا كالغنيمة، أو ما أشبه، على ما سيأتي الخلاف فيه، قال:((وتصديق كلماته أن يدخله الجنة)) يعني إن مات يدخله الجنة ((أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة)) يدخله الجنة هذا إذا قتل في سبيل الله، أو يرده تقسيم، قسم يقتل فيدخل الجنة، وقسم يسلم فلا يقتل يرد إلى مسكنه الذي خرج منه، يرد مع ما نال من أجر أو غنيمة، (أو) هذه في قوله:((أجر أو غنيمة)) يحتمل أن تكون للتقسيم، فإذا كان الغنيمة قسيمة للأجر قلنا له: إن غنم لا أجر له، وإن لم يغنم عاد بالأجر، وهل هذا الكلام مستقيم؟ مع ما جاء في خصائص هذه الأمة أنها أحلت لها الغنائم، والنبي عليه الصلاة والسلام يسوق مثل هذا الكلام ليبين شرف هذه الأمة ومزيتها على غيرها، نقول: الغنيمة قسيمة للأجر فمن غنم لا أجر له؟ لكن أجر أو غنيمة، أو نقول: إن من أجر التنكير هنا للتعظيم، من أجر عظيم، إذا لم يغنم أو أجر مع الغنيمة، أو أقل منه في مقابل الغنيمة، كل هذا قيل من قبل أهل العلم، والمسألة لا شك أنها فيها شيء من الإشكال، إذا قلنا: إن (أو) هذه للتقسيم، وإذا قلنا: إنها بمعنى الواو "وربما عاقبت الواو" كما يقول ابن مالك، فيكون مع ما نال من أجر وغنيمة، وهذا متجه.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

ص: 6

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

حقق الأهداف؟ يكون الذي غنم له أجره، ومع ذلك استعجل شيئاً من دنياه، ويرد على هذا كما أورد الشراح أيهما أفضل من شهد بدر وغنم، أو من شهد أحد ولم يغنم؟ أيهما أفضل؟ بدر أفضل، بلا شك، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال:((اعملوا ما شئتم))؟ ومن شهد بدراً وغنم أفضل ممن شهد أحد ولم يغنم، ((مع ما نال من أجر أو غنيمة)) نظيره من حج مريداً الحج فقط، ومن حج مريداً الحج ومع ذلك يبتغي من فضل الله، هل يقدح هذا في حجه؟ لا يقدح هذا في حجه، لكن هل نقول: إن من حج للحج فقط أفضل ممن حج للحج وغيره من فضل الله؟ لا شك أن من تمحض عمله لله -جل وعلا- أفضل ممن شركه شيء أخر، لكن الكلام في هذا الشيء الذي شرك به، هل يؤثر من حيث نقص الأجر؟ هذا ما فيه إشكال، لكن من حيث أنه يقضي عليه، يأتي عليه بالبطلان، لا أبداً، ولذلك أحلت الغنيمة، وما أبيحت وتمدح بإباحتها، وجعل من خصائص هذه الأمة إلا لأن ملاحظتها لا تؤثر في أصل المقصد، إنما من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا الأصل، لا يخرجه إلا الجهاد، هو ما نظر إلى الغنيمة أصلاً، في الأصل، لكن حصلت له الغنيمة يردها وإلا ما يردها، إن نظر قل أجره، والحكم للغالب عند أهل العلم، مع أن ملاحظة أمر الدنيا أسهل من ملاحظة مراءاة الناس، بلا شك يعني يرد على هذا ما ترجم بها أهل العلم: باب ما جاء من إرادة الإنسان بعمله الدنيا، يعني يدخل فيه من خرج للغنيمة فقط، من خرج للغنيمة فقط فهذا داخل، لكن من خرج لتكون كلمة الله هي العليا، ومع ذلك قال: إن جاء شيء مما يستعان به على طاعة الله قد يؤجر عليه، إذا كان قصده الاستعانة به على يرضي الله -جل وعلا-، فالأمور بمقاصدها.

طالب:. . . . . . . . .

يقل أجره.

طالب:. . . . . . . . .

إذا قتل فهو شهيد.

طالب:. . . . . . . . .

. . . . . . . . . ولذلك الذي رجحه ابن القيم إن أفضل المكاسب الغنائم، أفضل المكاسب على الإطلاق الغنائم؛ لأنها هي كسب النبي عليه الصلاة والسلام.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 7

ما يلزم قد يقر في قلب هذا الذي غنم من إرادة أعلاء كلمة الله ونصر دينه أعظم بكثير مما وقر في قلب الثاني الذي لم يغنم، فهذه أمور متفاوتة، قد يكون الإنسان والذي بجواره في الصلاة في المسجد في حال الرخاء الذي يتصرف الإنسان على مقتضى نظره، ويستطيع أن يوازن بين أموره، في حال الرخاء يكون بينهما كما بين السماء والأرض، فيكف بمثل تلك الظروف التي قد يتصرف الإنسان غير مقتضى نظره التام.

طالب:. . . . . . . . .

نعم هذا مشكل، لكن قد يقال: إنه بالنسبة لهؤلاء كل إنسان في هذا المجال لا يمكن أن يساويه إنسان من كل وجه سواء غنم أو لم يغنم؛ لأن هذه أمور تقديرها عند الله -جل وعلا-؛ لأن هذا مرده إلى قوة الإخلاص، وصدق المقصد لله -جل وعلا-، بعض الإنسان ترده أمور الدنيا ولا تنقصه من حياته شيء، كما جاء في حديث الصحابي: منا من تعجل، فتحت له الدنيا فهو يهدبها، مثل مصعب بن عمير

إلى آخره، لا شك أن الدنيا لها أثر على الآخرة، وهي ضرتها، لكن يبقى أن هذه أمور قد تكون معارضه بما هو أقوى من ذلك، قد ينوي بها قتل الكفار، قد ينوي بها الاستعانة بما يرضي الله -جل وعلا- فتكون في ميزان حسناته.

ص: 8

قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الخيل لثلاثة لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر)) " ثلاثة، قسمة ثلاثية ((لرجل أجر)) يعني يؤجر على اقتنائها ((ولرجل ستر)) لا يؤجر عليها لذاتها، ولا يأثم باقتنائها، الثالث لا يؤجر عليها، بل يأثم باقتنائها، التفصيل:((فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله)) مجهزها للغزو، جهزها للغزو، سواء كان بنفسه أو بإعارتها لغيره ((ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة)) أطال لها الحبل الذي تربط به ((في مرج)) يعني مكان فيه كلأ وعشب، وهو في الغالب يكون منخفض ((أو روضة)) تكون مرتفعة ((فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها)) الحبل هذا ((طيلها ذلك فاستنت -جرت- شرفاً أو شرفين)) يعني شوطاً أو شوطين، سواء كان مرتفعاً كما هو المحل، كما هو شأن المحل المشرف شوطاً أو شوطين ((كانت آثارها -أقدامها على الأرض- وأرواثها حسنات له)) لماذا؟ للنية العامة، التي من أجلها اقتنى هذا الخيل وربطه، وهو أنه في سبيل الله ((ولو أنها مرت بنهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقي به)) يعني من غير نية، حديث عمر:((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) هذا ما ورد أن يسقي، ما أراد أن يسقي ولا قصد ولا نوى لها أن تستقي، ومع ذلك كان ذلك له حسنات اكتفاء بالنية العامة، يعني الإنسان إذا اشترى كتاب، ووضعه في المسجد لمن يقرأ فيه أو مصحف تكفي هذه النية في تحصيل أجر كل من قرأ فيه، هل يلزم أن نقول: ينوي كل من قرأ فيه أن ينوي به المُوقِف، يعني يجلس عند هذا الكتاب، ثم إذا رفعه فلان ونظر فيه نوى أن يقرأ فيه ليؤجر؟ نيات تفصيلية ما تلزم، تكفي النية العامة، فهي له أجر، هذا الذي ربطها في سبيل الله له أجر.

ص: 9

((ورجل ربطها تغنياً وتعففاً)) ليستغني بها عن سؤال الناس، بإجارتها مثلاً، يؤجرها يحمل عليها ((تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله في رقابها، ولا في ظهورها)) لم ينس زكاتها إذا أعدها للتجارة، أو لم ينس زكاة ريعها إذا أعدها للإجارة، أو إعارتها على إن في المال حق سوى الزكاة ((في رقابها ولا في ظهورها)) فهي لذلك ستر، هذا يستتر بها عن سؤال الناس، ويستعف بها عن مسألتهم، ورجل إذا نوى بهذا الاستتار، وهذا التعفف أن يستتر بها عن سؤال الناس الذين جاءت النصوص بذمه، أو يستغني بها في تأمين نفقته، ونفقة من يمون ويقوت بهذا النية يؤجر عليها.

((ورجل ربطها فخراً ورياء، ونواء للإسلام)) وهذا التقسيم يأتي على كثير من أمور الدنيا، يعني شخص فتح محل تجاري، ما الذي يقصده من المحل التجاري هذا؟ إذا قصد بذلك التيسير على الناس وإنظار المعسرين، والتصدق من هذا المحل يؤجر على هذه النية العامة، لكن إذا قصد بذلك استغلال الناس، أو قصد بذلك مجرد التعفف به والاسترزاق منه، كل على نيته.

((ورجل ربطها فخراً)) يفتخر به على الناس ((ورياء ونواء لأهل الإسلام)) مثل السيارات الفارهة، كثير من الناس تجده يسلك المسالك غير المرضية لتحصيلها، إما باستدانة تجعله يضيق على نفسه، وعلى من تحت يده، من أجل أن يقال فخراً: يركب السيارات الكذا الفارهة، عاد عندهم أسماء لها، قد لا نستوعبها، المقصود أنه في كثير من السيارات الباهضة الأثمان الكثير ممن يشتريها -لا نقول: الجميع- إنما يركبها فخراً ورياء، هذا عليه وزر، لا سيما إذا كانت على حساب شيء من الواجبات.

ص: 10

((ونواء لأهل الإسلام)) نواء يعني عداء ومناوأة لأهل الإسلام، يستغل بها الفرص، كما أنه يوجد من يشتري بعض السيارات الفارهة يقتنص بها من يشاء، بعضهم يشتري السيارة بخمسمائة ألف، بستمائة ألف، من أجل إيش؟ إذا رآها من رآها ممن ضعفت نفسه إما امرأة عرفت بشيء من التساهل بالركوب مع الآخرين، أو صبي؛ لأن هذه الأمور مثل ما يحدث الآن في كثير من تصرفات الناس تجده إنما يفعل هذا من أجل أن يقتنص به بعض الضعاف ضعاف النفوس، هذا موجود هذا أيضاً نواء لأهل الإسلام، لا يلزم أن يكيد للإسلام بالكلية، وإنما يكيد لهؤلاء المغفلين.

طالب:. . . . . . . . .

ما يلزم اجتماع، إذا ربطها فخراً ورياء هذا معروف أنه يأثم به، وهي عليه وزر، وكذلك نواء لأهل الإسلام نسأل الله العافية.

قال: ((فهي على ذلك وزر)) يعني في وقت

بعض الناس، بعض السماسرة الآن تجد ما عنده شيء ألبتة، ثم بعد ذلك يشتري سيارة يستدين لمدة عشر سنوات أقساط لهذه السيارة من أجل إيش؟ يقتنص بها الزبائن؛ لأن الناس يرتاحون في تجاراتهم لمن مظهره التجارة، ويظنون به أنه كفء لأن يعطى الأموال يضارب بها، يعني لو جاءك شخص على سيارة بنصف مليون مثلاً، وقال: أنا عندي تجارة وهات ما عندك ندخله في تجارتنا، ولك نصيبك من الربح بقدر مالك، أو جاءك شخص على سيارة تالفة لا شك أنك سوف تثق بالأول أكثر من الثاني، تقول هذا إيش عرفه للتجارة؟ لو كان عنده تجارة كان اشترى سيارة تنقل رجله، ويتخذونها لهذا الأمر، تجده ما عنده شيء أصلاً، ويستدين لمدة عشر سنوات، أقساط لهذا الهدف، ولو لم يكن نواء وعداء لأهل الإسلام إنما تغرير بهم، هذا يغرر بمثل هؤلاء.

ص: 11

((فهي على ذلك وزر)) وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر" يعني ماذا لمن يقتني الحمر؟ أو ماذا عليه؟ هل هي مثل الخيل؟ هل الحمر مثل الخيل لثلاثة؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لا قال: نعم ولا لا، ما قال: نعم ولا لا، لماذا؟ لدخولها في عموم الآية:{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [(7 - 8) سورة الزلزلة] لو عندك حمار وأنت في طريقك وجدت رجلاً بحاجه إلى مساعدة معه متاع حملته وحملت متاعه لك أجر، هذا من الخير الذي تعمل، لكن إذا قصدت بها الإضرار مثلاً ربطتها في مجالس الناس، ظل ينتفع به الناس، وتركتها تبول وتروث فيه، وهذا قصدك وهذا من همك، هذا عليك وزر؛ لأن هذا شر.

يقول: "وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر، فقال: ((لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة)) " فالعموم يعمل به ما لم يرد ما يخصصه، العموم يعمل به حتى يرد ما يخصصه {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [(7) سورة الزلزلة] نكرة في سياق الشرط فتعم، {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [8) سورة الزلزلة] كذلك، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الآن عندنا التنصيص على الخيل، والرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الحمر، فأجاب بهذه الآية الجامعة الفاذة التي تجمع الحمر والبغال والسيارات والطائرات، وكل ما يمكن أن ينتفع به، إذا أراد بها خير أجر، وإن أراد بها شر صارت عليه وزر، إن فعل فيها خير أجر عليه، وإن فعل فيها شر أثم به.

قال رحمه الله: "حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن عطاء بن يسار أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ )) " في الدنيا وإلا في الآخرة؟ أو في الدارين؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

إيش معنى الخيرية هنا؟ يعني الأفضل؟

ص: 12

على كال حال المرد كله إلى أمر الآخرة؛ لأنه قد يكون بالنسبة لمقاييس الدنيا رجل الذي بعده رجل معتزل في غنيمته قد لا يكون هذا خير الناس منزلاً بالنسبة للدنيا، وإنما كفى الناس عن شره، صار من خير الناس منزلاً يوم القيامة، فالمرد إلى الآخرة على كال حال، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

((يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال)).

طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن هذه الخيرية هل نقول: إنها بالنسبة لمقاييس الدنيا الذي يتعرض للبرد والشمس والحر وشظف العيش أفضل من الذين في البيوت من حيث الدنيا لا، إنما المقصود في الآخرة، هو أسلم ممن يخالط، ويأتي هذا في العزلة والخلطة.

((ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ رجل آخذ بعنان فرسه)) يعني بلجام فرسه ((يجاهد في سبيل الله)) هذا لا شك أنه من خير الناس، هذا بالنسبة لمن يجاهد في سبيل خير الناس.

ص: 13

((ألا أخبركم بخير الناس منزلاً بعده؟ )) الذي يليه ((رجل معتزل في غنيمته، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد الله لا يشرك به شيئاً)) أما فضل الجهاد فجاءت به النصوص هذا لا شك أنه من أفضل المنازل، أما بالنسبة للعزلة فلا شك أنها في أوقات الفتن التي يخشى أن يتعدى شرها وضررها على الإنسان فالعزلة خير له، وإلا فالخلطة أفضل، الذي يخالط الناس ويصبر على شرهم أفضل بكثير ممن يعتزلهم ولا يصبر عليهم، لكن المسألة في أوقات الفتن التي يخشى أن تتعدى هذه الفتن إلى الشخص، فمثل هذا عليه أن أو الأفضل له أن يعتزل، والناس لا شك أنهم يتفاوتون في هذا المقام، فبعض الناس العزلة له خير مطلقاً، وبعضهم الخلطة خير له مطلقاً، فالذي يستطيع أن يؤثر في الناس ينفع الناس، هذا الخلطة أفضل له، بحيث لا يتأثر بما هم عليه من شرور، والذي لا يستطيع أن يؤثر وهو قابل للتأثر، مثل هذا يقال له: اعتزل، وللخطابي أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البوستي، المعروف صاحب معالم السنن، له كتاب في العزلة، جمع فيه النصوص في الطرفين، ووازن بينها، على كل حال كل إنسان يعرف من نفسه تأثره وأثره في غيره، لو أن إنسان عنده شيء من العلم ينفع الناس هل يقال له: اعتزل؛ لأن الزمن زمن فتنة؟ نعم إذا خشي من بعض ما عنده من علم أن يؤثر في الناس أثراً غير مناسب، كما كان أهل العلم يمنعون من يدرس إذا خشي أن يخلط، إذا خشي عليه التخليط منع، وجعل في بيته لا يخالط الناس، فهذا له حكم، لكن الإنسان الذي نفع الله به، يعلم الناس الخير هل يقال له: اعتزل باعتبار أن خير الناس بعد المجاهد الذي يعتزل في غنيمته؟ اعتزل في غنيمتك، قل: لا، الخلطة والعزلة تختلف من شخص إلى آخر، فبعض الناس مخالطته للناس أفضل، وبعضهم عزلته اعتزاله للناس أفضل، والشراح منذ القرن الثامن والتاسع كأنهم يطبقون على أن العزلة أفضل مطلقاً، ويعلقون لقولهم الاستحالة خلو المحافل عن المآثم، عن المعاصي، عن المنكرات، وواقع الناس اليوم لا شك أن المنكرات موجودة وبكثرة وظاهرة، لكنها في أماكن دون أماكن، فبالإمكان أن يعتزل الإنسان وهو في بلد بلد كبير، يعني كثير من الأحياء ليس فيها كثير من المنكرات، وبعض المحلات

ص: 14

والأسواق، وأمور الناس وبعض محافل الناس العامة لا تسلم من منكرات، هل نقول لطالب العلم أو لغيره ممن يريد نجاة نفسه نقول: لا تنزل إلا الأماكن التي فيها المنكرات، واعتزل بالأحياء التي تسلم من المنكرات، أو نقول: انزل إلى هذه المحلات التي تشتمل على المنكرات، وأنكر وغير بقدر استطاعتك، نعود إلى المسألة الأولى: إن كان ممن يستطيع أن يغير ويؤثر فهذا هو المتعين في حقه وإلا فلا ينزل إلى هذا الأماكن خشية أن يتأثر ((يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد الله لا يشرك به شيئاً)).

قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره" وفي بعض أحاديث عبادة قال: بايعناه على ما بايع عليه النساء، مع أن المقطوع به المجزوم أن بيعة الرجال وقعت قبل بيعة النساء، لكنهم يحيلون على ما في القرآن، الذي يعرفه الخاص والعام، ذكرنا هذا مراراً، ونظرنا له بأن من جامع في نهار رمضان يقال له: عليك كفارة ظهار، ما يقال: عليك كفارة مجامع، وإن كانت ثابتة في الأحاديث الصحيحة، لكن كفارة الظهار مضبوطة بالقرآن المعروفة لدى الخاص والعام، والبيعة التي بايع عليها الرجال هي مثل بيعة النساء المضبوطة بالقرآن.

ص: 15

يقول: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر" على السمع والطاعة وهذه للرسول عليه الصلاة والسلام، ولأولي الأمر من بعده على السمع والطاعة، ما لم يأمروا بمعصية؛ فإنه حينئذٍ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "في العسر واليسر" يعني في حال السعة وفي حال الضيق، في حال الغناء وفي حال الفقر؛ لأن بعض الناس ولاؤه يدور مع حالته، وهمه الدنيا إن أعطي منها رضي، وإن لم يعطَ منها سخط "في العسر واليسر، والمنشط والمكره" في حال النشاط، وفي حال ما تكرهه النفس، فإذا أمر بأمر ليس فيه معصية، عليه أن لا يلتفت إلى حاله إلا إذا كان عاجز، إذا عجز فالذي لا يستطيع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن لا ينظر إلى أن هذا يناسبه وهذا لا يناسبه، ويتخير من الأوامر ما يناسبه دون ما لا يناسبه، فعليه الطاعة، بغض النظر في كونه يناسبه أو لا يناسبه.

ص: 16

"وألا ننازع الأمر وأهله" الأمر لأهله ما دام ثبتت البيعة لزيد من الناس لا يجوز الخروج عليه، ولا يجوز عصيانه إلا إذا أمر بمعصية من جهة الخروج عليه معلق بالكفر البواح، أو ترك الصلاة ((لا ما صلوا)) ((لا ما لم تروا كفراً بواحاً)) ومع ذلك يشترط أهل العلم القدرة، أما إذا لم توجد القدرة فلا يجوز الخروج، ولو وجد الكفر البواح، وترك الصلاة؛ لأنه يترتب على ذلك من المفاسد وإراقة الدماء ما هو أعظم من الصبر على هذا الرجل، على هذا الوالي، وإن كان كافراً كفراً بواحاً، أو لا يصلي، فأهل العلم يشترطون ذلك، ومع ذلك يقول عبادة:"وأن نقول أو نقوم بالحق حيث ما كنا" الطاعة في العسر واليسر والمنشط المكره لا تنافي النصيحة، لا شك أن الولاة كغيرهم من الناس ليسوا بمعصومين، يقع منهم ما يقع، وقد يقع منهم أكثر من غيرهم، باعتبار أنهم مكنهم الله من كثير من الأمور التي تيسر ما لا يتيسر لغيرهم، ومع ذلك يبقون بالنسبة لوجوب الطاعة تجب الطاعة ولو حصل منهم ما حصل، ولو حصل الظلم، ولو حصل الجور، ولا ينازعون الأمر بحال من الأحوال إلا بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن النصيحة واجبة ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) فبذل النصيحة لولي الأمر من أهم المهمات، بل من أوجب الواجبات، وينص أهل العلم في شرح حديث النصحية أنه من الغش لولي الأمر أن يغر بالثناء الكاذب، فلا يثنى عليه بما لم يفعل، ولا يغمط ما يفعل؛ لأن الناس في هذا الباب على طرفي نقيض، إما أن يبالغ في المدح، وهذا في الغالب الذي يبالغ في المدح بما ليس فيه أن هذا قصده شيء من أمور الدنيا، ولا يلبس ولا يشنع ولا يشهر بشيء لم يحصل، أو يضخم الشيء اليسير يجعله كبيراً على أن تكون النصيحة كما هو الأصل سراً بينه وبينه، فهي أجدى لأن النصيحة وإن كان نصيحة علنية فهي من باب الأمر والنهي، من باب التغيير، من باب الإنكار يشترطون أن لا يترتب عليها من المفسدة ما هو أعظم منها، فهذه أمور ملاحظة ومرعية عند أهل العلم.

ص: 17

"وأن نقول أو نقوم بالحق حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم" واللوم إنما هو باللسان، يعني لو قيل مثلاً: هذا مجنون، كيف يدخل نفسه في ما لا يعنيه؟ نقول: لا هذا ليس بمجنون، هذا محض النصيحة، وهذا أدى ما عليه، لكن إذا تعدت المسألة اللوم، إذا خاف على نفسه، على ماله، على ولده، له أن يترك، وهو معذور في هذه الحالة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، المنصوص عليه لا نخاف في الله لومة لائم، اللوم إنما يكون باللسان، اللسان ما يثني، لكن لو خشي على جسده، خشي على ماله، على ولده هناك يكون فيه مندوحة على أن ينكر المنكر بقلبه.

طالب:. . . . . . . . .

يبقى أنها عند، هذه مسألة، في عزائم وفي رخص، يعني من ارتكب العزيمة وصبر على الآثار المترتبة عليها هذا له ذلك، لكن يبقى أن له مندوحة، وله رخصة، ولا يؤاخذ إن خشي على نفسه، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

باللسان نعم بلا شك، له أجر الجهاد، كل جهاد بحسبه، جهاد النفس، جهاد الشيطان.

طالب:. . . . . . . . .

فالباب طويل وبعده الإيمان والنذر، وإحنا ما عندنا إلا اليوم وغداً وأربعة دروس في الأسبوع القادم فقط، ما في غيرها، يعني باقي مع هذا الدرس خمسة دروس فقط، والكلام في الجهاد وفي الأيمان والنذر طويل نحتاج إلى أن نكمل على أي حال.

ص: 18