المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ –‌

‌ كتاب النكاح والطلاق (2)

‌باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح

- باب: نكاح المحلل وما أشبهه - باب: ما لا يجمع بينه من النساء - باب: ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته - باب: نكاح الرجل أم امرأة قد أصابها على وجه ما يكره - باب: جامع ما لا يجوز من النكاح - باب: نكاح الأمة على الحرة - باب: ما جاء في الرجل يملك امرأته وقد كانت تحته ففارقها.

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة تشترط على زوجها أنه لا يخرج بها من بلدها، فقال سعيد بن المسيب: يخرج بها إن شاء.

قال مالك رحمه الله: فالأمر عندنا أنه إذا اشترط الرجل للمرأة، وإن كان ذلك عند عقدة النكاح أن لا أنكح عليك، ولا أتسرر إن ذلك ليس بشيء إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق، أو عتاقة فيجب ذلك عليه ويلزمه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح

هناك شروط النكاح، والشروط في النكاح، شروط النكاح التي لا يصح إلا بها، والشروط في النكاح هي التي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر، فمن هذه الشروط ما هو لازم، ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو جائز، يجوز الوفاء به وعدم الوفاء به، وهنا يقول:

باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح

وذكر السفر وعدم التزوج أو التسري عليها، وأن ذلك لا يلزم الزوج أن يعمل به، ولا يفي بهذا الشرط.

ص: 1

يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن المرأة تشترط على زوجها أنه لا يخرج بها من بلدها" يعني لا يسافر بها، اشترطت عليه في العقد، شرط وليها أن لا يسافر بها "فقال سعيد بن المسيب: يخرج بها إن شاء" ومعلوم أن هذا السفر المقصود به السفر المباح، خلاف السفر المحرم، فإن هذا لا يجوز ولو لم يشترط، أما السفر المباح من بلد إلى بلد من بلدان المسلمين فرأي سعيد بن المسيب أنه لا يلزم الوفاء به، ويخرج بها متى شاء، ما دام أن السفر مباح، ويجوز له أن يسافر هو، يسافر بزوجته شريطة أمن الطريق.

المذهب عند الحنابلة أنه صحيح ولازم، إذا اشترط عليها أن لا يخرجها من بلدها ولا يسافر بها، أنه يلزمه الوفاء بهذا الشرط وأن حق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج، هذا لازم عند الحنابلة، فإن وفى به وإلا فلها الفسخ، إن وفى به وإلا فيكون لها الفسخ.

ص: 2

هذه الشروط التي يشترطها أحد الزوجين على الآخر مما أصله مباح، هذه في الأصل يلزم الوفاء بها؛ لأنها لا تخالف شرطاً شيئاً من كتاب الله -جل وعلا-، والمسلمون على شروطهم، لكن إن تضرر أحد الزوجين أو شق عليه ما اشترط على نفسه فالمسألة كسائر الأمور عرض وطلب، يعني إذا اشترطت أن لا يسافر بها فرأى من المصلحة الملحة أن يسافر، فقالت: لا أسافر معك، لها ذلك، لها أن تبقى بدون سفر، لكن لها أن تفسخ، ولا يلزمه ولا يأثم بعدم الوفاء به، كما أنها لو اشترطت عليه أن تكمل دراستها أو تعمل بعد تخرجها، تعمل في الوظيفة، ثم رأى أن متابعة دراستها فيه تضييع لحقوقه، فقال: أنا لا أرضى بالدراسة، قالت: بيننا وبينك شرط في العقد، قال: والله أنا حر، والخيار حينئذٍ للمرأة، إن أرادت أن تبقى على شرطها وتصر وتذهب إلى أهلها، إذا خيرها بين أمرين: أحدهما يملكه هو يملك الفراق، إذا خيرها بين أمرين يملك أحدهما كان له الخيار، وأيضاً إن أصرت على شرطها وذهبت إلى أهلها لعدم وفائه بهذا الشرط فليس له من مهره شيء، إنما هو بما استحل من فرجها، وإذا قال لها: أنا أتضرر بالدراسة أو بالعمل بعد الدراسة فإن شئت بقيت بدون هذا الشرط، وإن شئت فالحقي بأهلك، فالمسألة مسألة هل يأثم بعدم الوفاء أو لا يأثم؟ لا شك أنه إن بيت هذه النية وقت العقد لا شك أنه آثم؛ لأنها إذا قالت له: أكمل الدراسة، قال: ما يخالف سووا اللي تبون، اشترطوا ما شئتم والحل بيدي؛ لأنها إذا دُخل بها، وأنجبت منه ولد أو ولدين، سوف تتنازل عن هذا الشرط إذا ضغط عليها؛ لأن لا شك أن منزلتها نزلت قليلاً، لا سيما في وضعنا الذي نعيشه الآن، المطلقة وذات الأولاد لا يلتفت إليها إلا من دون هذا الرجل بمراحل، فكانوا في السابق لا يهتمون لهذه الأمور تطلق من فلان ويتزوجها فلان، تنجب من فلان ومن فلان ومن فلان، اثنين ثلاثة أربعة خمسة، ما في إشكال، أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب الطيار، فلما قتل تزوجها أبو بكر، فلما مات تزوجها علي، وأنجبت من كل منهم، أنجبت أولاد من جعفر، ومن أبي بكر، ومن علي، أنجبت أولاد، ومثلها كثير، عائشة بنت طلحة تزوجت خمسة فخطبها الوليد بن عبد الملك سادس، ورفضته وهو

ص: 3

الخليفة، المقصود أنه في ظرفنا الذي نعيشه لا بد أن تتنازل المرأة في مثل هذه الحالة، يعني لو اشترطت أن تدرس بعد التخرج، ثم قال، وكتب في العقد الشرط، ثم قال بعد أن دخل بها، وجاءت بولد: أنا لا أرضى بالتدريس، حينئذٍ هي بين أمرين، أحلاهما مر بالنسبة لها، إما أن تفارق وتذهب إلى أهلها، ولن يتقدم لها إلا دونه بمراحل، وكذلك لو اشترطت أن لا يتزوج عليها على ما عندنا.

يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "فالأمر عندنا أنه إذا شرط الرجل للمرأة" يعني شرط على نفسه لها، "وإن كان ذلك" يعني الشرط عند عقدة النكاح، عند العقد سجل في الوثيقة "أن لا أنكح عليك، ولا أتسرر" يعني لا أتزوج ثانية ولا ثالثة ولا رابعة "ولا أتسرر" يعني لا أشتري أمة أطأها "إن ذلك ليس بشيء" لماذا؟ لأن هذا شيء أباحه الله -جل وعلا-، فلا يمنع بشرط من اشترط، ما دام الأمر مباحاً ليس لأحد أن يمنعه، هذا وجهة نظر من يقول: إنه ليس لها أن تشترط عليه، وإن اشترطت فلا يلزم الوفاء به "إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق" يعني أكد الشرط بيمين بطلاق، بفراق، إن تزوجت عليك فأنت طالق، أو فهي طالق، أو ما أشبه ذلك "أو عتاقة" فإن هذا يقع، إذا اشترطت عليه أن لا يتزوج، فقال: إن تزوجت عليك فعبيدي أحرار، فإنهم حينئذٍ يعتقون، فيجب ذلك عليه ويلزمه.

ص: 4