المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في الخلية والبرية - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في الخلية والبرية

لا، المعنى واحد، المعنى ما يختلف، فإن قال:، ويريد به مجرد الإبانة ولو كانت رجعية يريد بها الإبانة التي تحصل عن واحدة إذا انتهت العدة، أو أراد بها من الآن، يدين، يقول:"لو كان الطلاق ألفاً ما أبقت منها شيئاً، من قال: فقد رمى الغاية القصوى" ما في لفظ أبلغ من على هذا الكلام.

قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم كان يقضي في الذي يطلق امرأته أنها ثلاث تطليقات" ومروان من أهل العلم، يعني من الفقهاء "كان يقضي في الذي يطلق امرأته أنها ثلاث تطليقات".

"قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي".

وما دام الأمر محتمل للثلاث التي تبينها إبانة تامة كبرى، وبين الواحدة التي تبينها إذا خرجت من عدتها فيدين، وينظر إلى قصده؛ لأنها إلى الكنايات أقرب منها إلى الصريح كما في الباب الذي يليه، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في الخليّة والبرية

الخلية.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الخلية والبريّة

والبرية، إذا قال لزوجته: أنت خلية، أو أنت برية، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أنه كتَب

كُتب.

أحسن الله إليك.

أنه كُتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- من العراق أن رجلاً قال لامرأته: حبلك على غاربك، فكتب عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- إلى عامله: أن مره يوافيني بمكة في الموسم، فبينما عمر -رضي الله تعالى عنه- يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه، فقال عمر:"من أنت؟ " فقال: أنا الذي أمرت أن أجلب عليك، فقال له عمر:"أسألك برب هذه البنية، ما أردت بقولك حبلك على غاربك؟ " فقال له الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك، أردت بذلك الفراق، فقال عمر بن الخطاب:"هو ما أردت".

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- كان يقول في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام: إنها ثلاث تطليقات.

قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في ذلك.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- كان يقول في الخلية والبرية: إنها ثلاث تطليقات كل واحدة منهما.

ص: 16

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلاً كانت تحته وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها، فرأى الناس أنها تطليقة واحدة.

وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول في الرجل يقول لامرأته: برئت مني وبرئت منك: إنها ثلاث تطليقات بمنزلة.

قال مالك في الرجل يقول لامرأته: أنت خلية وبرية أو بائنة: إنها ثلاث تطليقات للمرأة التي قد دخل بها، ويدين في التي لم يدخل بها، أو واحدة

أواحدة.

أحسن الله إليك.

أواحدة أراد أم ثلاثاً؟ فإن قال: واحدة أحلف على ذلك وكان خاطباً من الخطاب؛ لأنه لا يخلي المرأة التي قد دخل بها زوجها ولا يبينها ولا يبريها إلا ثلاث تطليقات، والتي لم يدخل بها تخليها وتبريها وتبينها الواحدة.

قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك

واللفظان متقاربان، فالخلية الخالية من الزوج، ومن تكاليف الزوج، والبرية أصلها البريئة، مثلها، تبرأ من عهدة الزوج، وهذان اللفظان من كنايات الطلاق، وقوع الطلاق بها يحتاج إلى نية.

قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أنه كُتب إلى عمر بن الخطاب من العراق -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أن رجلاً قال لامرأته: حبلك على غاربك" الأصل أن الحبل بيد الزوج، كما أن حبل الدابة بيد قائدها، فإذا ترك حبلها على غاربها وهذا الأصل في الدابة ذهبت حيث تشاء، فشبهت المرأة حينما يستغني عنها زوجها بهذه الدابة التي يستغني عنها صاحبها، يجعل حبلها على غاربها فتذهب حيثما شاءت.

"حبلك على غاربك، فكتب عمر بن الخطاب إلى عامله: أن مره أن يوافيني" يوافيني وإلا يوافيَني؟ نعم؟ أن مره، كتب عليه أن مره يوافيني أو يوافيَني؟ يوافيني جواب الأمر، جواب الطلب، أو جواب شرط مقدر، إن تأمره يوافيني، مستقيم المعنى وإلا غير مستقيم؟ أو للام التعليل، مره ليوافيَني، مثل:{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(6) سورة مريم] ما قال: يرثْني؛ ليكون جواب الطلب، وإنما هو للتعليل.

ص: 17

فيكون هنا: أن مره يوافيني على كل حال، لكن لو كانت جواباً للطلب قال: مره يوافني، لو كان الجواب للطلب لقال: مره يوافني، لكنها تعليلية، كما في قوله:"يرثني" ولو كانت جواباً للطلب لقال: يرثني.

"بمكة في الموسم، فبينما عمر يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال عمر: "من أنت؟ " فقال: أنا الذي أمرت أن أُجلب عليك" أن أقدم عليك "فقال له عمر: "أسألك برب هذه البنية" فعيلة بمعنى مفعولة مبنية، وهي الكعبة "ما أردت بقولك حبلك على غاربك؟ فقال الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك" لماذا؟ لأنه لا يريد وقوع الطلاق، ومع ذلك إذا كذب الإنسان في بيان مراده لا سيما في مثل هذه المواضع التي للنية فيها أثر كبير في وقوع الطلاق وعدمه فإنه حينئذٍ يعاشر المرأة من غير حلها، يعني طلاق واقع فقال: إنه ليس بواقع، أو لبس على المسئول من أجل أن لا يوقعه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

إذا حكم له فإنما يحكم له بقطعة من نار، ((إنما أقضي على نحو ما أسمع)) ليس للمفتي وليس على القاضي أن يحكم بغير ما يسمع، ولا يحكم بعلمه، ما دام أخبره بالخبر؛ لأنه إذا جاء يسأل عن الطلاق مثلاً، وقال: طلقت مرتين وجحد الثالثة، المسئول ما له علاقة يتحمل هو، فقال: رجعية، راجعها، وهي في الحقيقة ثلاث لا رجعة فيها، من الذي يتحمل المسئولية؟ السائل، لماذا يسأل وهو يجحد مثل هذا؟ يجحد ما له أثر في الحكم، ولا تحل له بحكم الحاكم، لا في الأموال ولا في الفروج، وإن كان الحنفية يتساهلون في مثل هذا، حكم الحاكم يبيح ما حكم له به، وإن كان غير مطابق للواقع.

"فقال له الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك أردت بذلك الفراق، فقال عمر بن الخطاب: هو ما أردت" يعني الذي أردته ونويته هو الذي يقع؛ لأن الكنايات لا بد أن تقترن بنية الوقوع، بخلاف الصريح، الصريح لو تلفظ فقال: هي طالق، خلاص لو قال: ما أردت الطلاق، لو قال: طالق من وثاق، أو قال: أردت أن أقول طاهر، فقلت: طالق، هذا يقع، ما يحتاج إلى نية، ومعناه أنه يقع في الحكم الظاهر، أما بالنسبة لما بينه وبين ربه يدين.

ص: 18

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يقول في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام: إنها ثلاث تطليقات" وهذا اللفظ إذا قاله الزوج لزوجته فيه خلاف طويل بين أهل العلم، بلغت الأقوال فيما ذكره القرطبي في سورة التحريم ثمانية عشر قولاً، لكن هي كناية، إن أراد بها الطلاق وقع الطلاق، وإن أراد الظهار وقع الظهار، وإن لم يرد شيئاً من ذلك فهي يمين، كفارتها كفارة اليمين {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [(1) سورة التحريم] ثم قال:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [(2) سورة التحريم] فهذا حكمه حكم اليمين "إنها ثلاث تطليقات".

"قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في ذلك".

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول في الخلية والبرية: إنها ثلاث تطليقات" يعني مثل، كل واحدة منهما ثلاث تطليقات مثل، لكنها مع ذلك كناية الحكم فيها موقوف على نية المتكلم، على نية الزوج.

قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلاً كانت تحته وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها، فرأى الناس أنها تطليقة واحدة" يعني شأنكم بها خذوها، لكن مع ذلك هي كناية تحتاج إلى نية.

يعني شخص زوجته في النفاس فلما طهرت من نفاسها أحضرها أبوها أو أخوها إلى زوجها، فقال -ماناً على الزوج-: أرحناك من التعب، من تعب إحضارها، فقال: أبد، ارجع بها معك، يريد أن يدفع هذه المنة، هل يقع مثل هذا طلاق؟ لا يقع طلاق، لكن إن أراد بها، أرجع بها معك، فلا حاجة لي بها، وينوي بذلك الطلاق، طلاق، مثل شأنكم بها، كناية، تحتاج إلى نية.

قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول في الرجل يقول لامرأته: برئت مني وبرئت منك: إنها ثلاث تطليقات بمنزلة " وهذه أيضاً كناية؛ لأن البراءة من أي متعلق بالنسبة لما بينهما من عقد قد تبرأ منه، برئت مني، في النفقة، وبرئت منك في الخدمة مثلاً، وتبقى علائق النكاح، بقيت لأنها كناية ليست صريحة في الطلاق، فتحتاج إلى نية تحدد المراد.

ص: 19