المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في اللعان - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في اللعان

قال مالك: إذا افتدت المرأة من زوجها بشيء على أن يطلقها فطلقها طلاقاً متتابعاً نسقاً، فذلك ثابت عليه" قال: ادفعي مبلغ كذا وأطلقك، فطلقها، دفعت المبلغ، دفعت عشرة آلاف عشرين ألف، ثم طلقها، طالق، طالق طالق، هذا متتابع نسق ثابت عليه، لكن إن أخذ المال، وقال: أنت طالق، ثم سكت، خلاص بانت منه، الطلاق الثاني ما يقع عليها؛ لأنها ليست في عصمته بعد الصمات، بعد أن سكت وحصل الفاصل وثبت الخلع بانت منه، فإذا أتبعها بطلاق ثان وثالث هذا لا يلحقها، ولذا قال:"فإن كان بين ذلك صمات فما أتبعه بعد الصمات فليس بشيء" لأنه لم يقع موقعه، ليست له بامرأة، بانت منه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

فطلقها طلاقاً متتابعاً نسقاً يعني طلقة بعد طلقة.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا ما دام متتابع، الكلام المتصل غير الكلام المنفصل، لكن إذا كان متصل حكماً، طلقها قال: هي طالق، ثم أخذ يكح ويسعل أو يعطس يعطس مراراً حصل فاصل، لكن هذا متتابع حكماًً بخلاف لو صمت من غير ما بأس فإن الثاني لا يقع عليها.

سم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في اللعان

ص: 13

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمراً العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس، فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأتِ بها)) قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك بعد سنة المتلاعنين.

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفل من ولدها، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالمرأة.

قال مالك: قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ * عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [(6 - 9) سورة النور].

ص: 14

قال مالك: السنة عندنا أن المتلاعنين لا يتناكحان أبداً، وإن أكذب نفسه جلد الحد، وألحق به الولد، ولم ترجع إليه أبداً، وعلى هذا السنة عندنا التي لا شك فيها ولا اختلاف.

قال مالك: وإذا فارق الرجل امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، ثم أنكر حملها لاعنها إذا كانت حاملاً، وكان حملها يشبه أن يكون منه إذا ادعته ما لم يأتِ دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه، فلا يعرف أنه منه، قال: فهذا الأمر عندنا، والذي سمعت من أهل العلم.

قال مالك: وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثاً، وهي حامل يقر بحملها، ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها، وإن أنكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثاً لاعنها قال: وهذا الذي سمعت.

قال مالك: والعبد بمنزلة الحر في قذفه ولعانه، يجري مجرى الحر في ملاعنته، غير أنه ليس على من قذف مملوكة حد

مملوكه.

طالب: نعم؟

ليس على من قذف؟

طالب: مملوكه.

غير أنه ليس على من قذف مملوكه حد.

عندكم، لحظة لحظة.

طالب: مملوكة.

يعني هذا خاص بالمملوكة الأمة وإلا يشمل العبد؟ اللفظ سهل يعني كونه توجد نقطتين ما في إشكال، سهل يعني، نعم؟

قال مالك: والأمة المسلمة، والحرة النصرانية واليهودية تلاعن الحر المسلم، إذا تزوج إحداهن فأصابها، وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] فهن من الأزواج، وعلى هذا الأمر عندنا.

قال مالك: والعبد إذا تزوج المرأة الحرة المسلمة أو الأمة المسلمة أو الحرة النصرانية أو اليهودية لاعنها.

قال مالك في الرجل يلاعن امرأته فينزع ويكذب نفسه بعد يمين أو يمينين ما لم يلتعن في الخامسة: إنه إذا نزع قبل أن يلتعن جلد الحد، ولم يفرِق بينهما.

يفرَق.

ولم يفرَق بينهما.

قال مالك في الرجل يطلق امرأته فإن مضت الثلاثة الأشهر قالت المرأة: أنا حامل قال: إن أنكر زوجها حملها لاعنها.

قال مالك في الأمة المملوكة يلاعنها زوجها ثم يشتريها: إنه لا يطؤها وإن ملكها، وذلك أن السنة مضت أن المتلاعنين لا يتراجعان أبداً.

قال مالك: إذا لاعن الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس لها إلا نصف الصداق.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ص: 15

باب: ما جاء في اللعان

اللعان: مصدر لاعن، والأصل فيه المفاعلة الملاعنة، مثل المضاربة والمكاتبة، لكن اللعان لاعن يلاعن لعاناً على غير القياس، وهي أيمان يقولها الرجل يشهد أربعة شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

انتزع الاسم من هذه الجملة: أن لعنة الله عليه، فإذا رأى الرجل زوجته على حال لا ترضى، على الفاحشة، من أين له أن يأتي بأربعة شهداء؟ قد لا يتسنى له ذلك، لا يتسنى له أن يأتي بأربعة شهداء، فجعل له المخرج؛ لأن فراشه لوث، وقد يلحق به مما ليس له من ولد، فإن قذفها جلد الحد، وإن سكت سكت على أمر عظيم، فجاء الحل باللعان.

وفائدته: درء الحد عن الزوج، وانتفاء الولد، فإذا لاعن شهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، سقط عنه الحد.

إن لاعنت سقط عنها الحد أيضاً، وإن رفضت لزمها الحد، يلزمها الحد إن رفضت أن تلاعن، والله يشهد أن أحدهما كاذب، يعني ما في احتمال ثالث، فإما أن يكون صادقاً أو كاذباً، ولا احتمال بينهم، وهذا مما يؤيد رأي أهل السنة أن الكلام إما صدق أو كذب ولا واسطة بينهما، خلافاً للمعتزلة، والله يشهد إن أحدهما لكاذب، فإذا تمت الملاعنة من قبل الزوج بعد أن يعظه الإمام، ويخبره أن عذاب الدنيا أسهل من عذاب الآخرة، فإذا تم لعانه اتجه إلى الزوجة ووعظها وذكرها، فإن لاعنت درء عنها الحد، فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، نسأل الله العافية، فهذا يلعن نفسه، وهذه تقول: إن غضب الله عليه، من أهل العلم من يقول: إن الغضب أشد من اللعن، وطلب في جانب المرأة؛ لأن أمرها في الموضوع أشد؛ لأنها بين أمرين، إما أن تكون صادقة أو زانية، بينما وضع الزوج بين أمرين إما أن يكون كاذباً أو قاذفاً، والقذف أسهل من الزنا، ولذا قيل في حقه: إن لعنة الله عليه، وقيل في حقها: إن غضب الله عليها.

ص: 16

على كل حال الفائدة من اللعان، الحكمة المترتبة على اللعان: انتفاء الحد، وسقوط الحد عن الزوج؛ لأنه قاذف في الأصل، وانتفاء الولد، وفروع هذه المسألة المتفق عليها والمختلف عليها كثيرة، فهل ينتفي الولد بمجرد الملاعنة، أو لا بد من التنصيص على نفيه؟ المسألة خلافية بين أهل العلم.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمراً العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم" في كثير من الروايات أنه مباشرة، جاء عويمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ مباشرة، فالاحتمال أنه سأل بواسطة، ثم سأل بغير واسطة كما ذكر عن علي رضي الله عنه أنه أمر المقداد ثم سأل بعد ذلك.

ص: 17

"سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها" يعني هذه المسائل القبيحة الشنيعة مكروهة؛ لأن مجرد الكلام في هذه الموضوعات فيه ما فيه، كره النبي عليه الصلاة والسلام المسائل وعابها، وأهل العلم يقولون: إن البلاء موكل بالمنطق، ولذا لما ذكر هذا وقع، يعني أنه ليس بالمطرد لكنه وقع على كل حال "حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم" عظم عليه ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كره، فصار سبباً لكراهة النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الأمر، والمسلم يود أن يكون سبباً للمودة والحب لا سبباً للكره والنفور "فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير" يعني الأمور التي تسبب الكره يجتنبها الإنسان، وإذا وقعت منه لا شك أن من أوقعه فيها يلام، يعني هذا الشخص الذي سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن مسألة وهو مجرد وسيط، فصارت سبباً لكراهية النبي عليه الصلاة والسلام، والصحابة كلهم دون استثناء، يريدون أو يحبون أن يدخلوا السرور على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا ينبغي أن يدخل السرور على المسلم، لو أن شخصاً قال لك: اذهب بهذه الورقة إلى فلان، وسلمه إياها، وهذه الورقة ورقة طلاق لابنة فلان، وهذا لا يسره، يسوؤه، أنت ترضى وترتاح أن توصل هذه الورقة، أو تقول: والله أنا ما ودي أصير سبب لكراهة هذا الرجل وتكدير خاطره، ابعث بها غيري؟ يعني أنت تذهب وأنت مرتاح؟ لا، لا؛ لأن هذه سبب لكراهة

، إدخال الغم على أخيك، وهو حكم شرعي لكن مع ذلك لا ينبغي أن تكون سبباً في ذلك.

ص: 18

"لم تأتني بخير، فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها" مصر عويمر؛ لأن المسألة متوقعة، لكن لا ينبغي للإنسان أن يتوقع الشر، نعم يحذر الشر، ويبذل الأسباب لاتقاء الشر، لكن لا يتوقع الشر، يحسن ظنه بالله تعالى، وكثير من الناس جبل على أسوأ الاحتمالات، ولذلك تجده في جميع أموره يضع في نفسه أسوأ الاحتمالات، ولذلك تجده في كدر وغم شديد في طول حياته، وما الذي أداه إلى هذا الأمر؟ ينتظر حتى يحصل ما يحصل، وإلا لاحق على المصائب والمشاكل، خل، انتظرها إذا وقعت اصنع ما شئت، لكن قبل أن تقع تعذب بها قبل وبعد، هذا لا شك أنه نقص في العقل، وسوء ظن بالله تعالى.

يعني بعض الناس إذا رن التليفون من ولده، أو من زوجته أخذ منه الأمر كل مأخذ، توقع أن فيه بلاء، ترى هذا حال كثير من الناس، يعيشون في شقاء من أجل هذه، إذا رأى أدنى اجتماع قال: هذا ولدي صار عليه حادث، وإلا صار عليه كذا، ويحدثنا بعض الناس من هذا النوع أنه إذا رأى اجتماع جلبة من الناس يتوقعه أحد أولاده وهو في غير بلده، في بلد ثان، يقول: يمكنه مسافر وأنا ما دريت، مثل هذا يعيش في شقاء في تعاسة -نسأل الله السلامة والعافية، انتظر يا أخي القدر لا مفر منه، فإذا حصل مما يكره تصرف التصرف الشرعي، وهذا من شدة الحرص غير الشرعي، ولا يسلم من سوء ظن بالله تعالى.

ص: 19

"لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ " فدل على أن من قتل يعني تصرف ونفذ الحد فإنه يقتل به، وهذا افتيات على الأمام وولي الأمر، والحدود لولي الأمر، ولو كان مستحقاً للقتل، يعني هذا الزاني الذي زنى بامرأته محصن مستحق للرجم، فقال: يقتل، لا، يقتل به، ولو كان مستحقاً للقتل؛ لأن هذا افتيات على ولي الأمر، ويفتح باب شر مستطير؛ لأنه إذا كان بينه وبين أحد شيء دعاه إلى بيته مظهراً إكرامه ثم يقتله، ويقول: وجدته على

، أنه وجده على امرأته، أو على بنته، أو ما أشبه ذلك، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال هذا النص في الصحيحين، قال عويمر: أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) في بعض الروايات: ((يقتل به)).

"أم كيف يفعل؟ ".

من أهل العلم من يقول: إذا ظهرت علامات ووجدت قرائن تدل على صدقه، وأنه مستحق للقتل أنه يعزر ولا يقتل؛ لأنه مجرد افتيات، وأما المقتول فهو مستحق للقتل، هذا قول لبعض أهل العلم، لكن حديث عويمر ظاهر في أنه يقتل قطعاً لدابر الفساد وإراقة الدماء؛ لأن هذه أمور لا تنتهي.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

"أيقتله فتقتلونه؟ " وفي بعض الروايات: قال: ((نعم)) يعني يقتل.

ص: 20

"أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)) " أيقتله؟ أم كيف يفعل؟ ثم بعد ذلك وقع ما سأل عنه، وهنا يقول أهل العلم: إن البلاء موكل بالمنطق، ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)) وهذا دليل على أن آية الملاعنة نزلت في قصة عويمر، وجاء ما يدل أيضاً على أنها في هلال بن أمية، منهم من يقول: إنه لا يمتنع أن ينزل النازل لأكثر من سبب، يتعدد السبب والنازل واحد، وقد تكون القصتان متقاربتين في الزمن، وأنزل بسببهما هذا، وقد يفهم الصحابي أن الآية نزلت في هذه القصة، ويفهم غيره أنها نزلت في القصة الأخرى، وكلاهما صالح لأن يكون سبباً للنزول، يعني يخفى عليه قصة الثانية، فيتذكر هذه فيكون السبب، الصحابة لما نزل قول الله -جل وعلا-:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [(82) سورة الأنعام] قالوا: وأينا لم يظلم نفسه؟! في بعض الروايات فأنزل الله -جل وعلا-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] مع أنه في بعض الروايات لما استشكلوا قال: ((ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إن الشرك لظلم عظيم؟ )) على كل حال قد يكون اجتهاد من الراوي، تنزيل الآية على الواقعة اجتهاد، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو سأل من قبل، يعني بعض الناس تكون عنده النازلة ويريد أن يسأل عنها، ولا يريد أن يضيفها لنفسه، فيقول: ما الحكم لو حصل كذا وكذا؟ أولاً: يسأل بواسطة ثم يسأل بنفسه، الاحتمال قائم، لكن أهل العلم قاطبة على أنها إنما كان السؤال والبلاء موكل بمنطقه هو، على كل حال الحكم واضح، والمقصود من القصة ظاهر، ((قد أنزل فيك وفي صاحبتك)) يعني آيات اللعان.

ص: 21

" ((فاذهب فأتِ بها)) قال سهل: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها" إن أمسكتها فهو كاذب "فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم" طلقها اجتهاداً منه، وإلا فالأصل أن بمجرد اللعان تثبت الفرقة المؤبدة، ما يحتاج يطلق ولا واحدة، الآن الفراق حصل فرقة مؤبدة، لا تحل له، ولو نكحت ألف زوج، خلاص انتهى.

"قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك بعد سنة المتلاعنين".

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجلاً لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفل من ولدها" يعني تبرأ منه، ونفاه عن النسبة إليه "ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالمرأة" لأن الولد للفراش، وأبوه تبرأ منه، ولاعن من أجله، ومن فائدة اللعان انتفاء الولد فانتفى عنه، وبقي منسوباً لأمه كولد الزنا، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، نعم يعني لو حصل الزنا في طهر جامعها فيه، هل يلاعن أو لا يلاعن؟ كونه يقذف ويلاعن ليدرأ عنه الحد هذا شيء؛ لأنه إذا وقع الزنا -نسأل الله العفو العافية والسلامة- من الزوجة قد يكون طلاقه والستر عليها أولى، ما يحتاج إلى أن يقذفها ويلاعن، وهذا إذا تحقق من عدم الحمل، على كل حال هو قاذف، وإنما شرع اللعان لدرء الحد عنه، إذاً لا يدخل في أمر يلزمه بالحد، ولو كان صادقاً، فيستر عليها ويوديها إلى أهلها ويطلقها، وإن أخبرهم بسبب الطلاق، أخبر ولي الأمر من أجل أن يحرص على حفظها فهذا مطلوب.

المقصود أن هذا ما فيه إشكال إذا لم يحصل حمل، لكن إذا حصل حمل والحمل متردد بين الزنا وبين جماعه هو؛ لأن الزنا وقع في طهر جامعها فيه، فلا يدرى هذا الحمل منه أو من الزنا؟ ما دام الاحتمال قائماً هل يجوز له أن ينفيه؟

طالب:. . . . . . . . .

الأصل أن الولد له، ما دامت في عصمته فالولد له، لكن إذا لاعن هل ينتفي الولد مع احتمال أن يكون منه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . . .

ص: 22

لا، ما ينتفي ولو لاعن، ما دام الاحتمال قائم أنه منه، يعني ما الذي يدريك أنه من الزوج أو من الزاني، وطئها بالليل وحصل الزنا بالنهار، أو هذا في أول النهار وهذا في آخره.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، إذا زنت وحملت في طهر لم تجامع فيه مقطوع به أنه ليس له، لكن ما دام الاحتمال قائماً، والحكم الشرعي أنها في عصمته، وقد وطئها واحتمال قوي أن يكون الولد منه، هذه مسألة لا بد منه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لكن القول قوله، هنا أقول: إذا حصل إذا لاعن وأراد نفي الولد، وقد جامعها فيه ينظر إلى القرائن، فإن جاءت به كذا فهو كذا، وإن جاءت به كذا فهو كذا، والتحاليل وما التحاليل والجينات.

طالب:. . . . . . . . .

لا، إذا كان فيه احتمال لا يجوز أن يتبرأ منه، ولو استفاد، لكن العبرة فيمن؟ في الواضع الأول، يعني الذي خلق من مائه، نسأل الله العافية.

"قال مالك: قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [(6 - 9) سورة النور] "

"قال مالك: السنة عندنا أن المتلاعنين لا يتناكحان أبداً" يعني فرقة مؤبدة، وهذا قول الجمهور، ومنهم من يرى أنه إذا أكذب نفسه، وقال: كذبت عليها، أنه أسوة الخطاب، يعني مثل غيره من الخطاب "وإن أكذب نفسه جلد الحد، وألحق به الولد، ولم ترجع إليه أبداً، وعلى هذا السنة عندنا التي لا شك فيها ولا اختلاف"

ص: 23

"قال مالك: وإذا فارق الرجل امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، ثم أنكر حملها لاعن إذا كانت حاملاً، وكان حملها يشبه أن يكون منه" يعني إذا كان الاحتمال يشبه أن يكون منه إذا ادعته ما لم يأتِ دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه، فلا يعرف أنه منه، طيب، إذا فارق الرجل امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، يعني وقع منها الزنا فطلقها ثلاثاً، عند من يقول بطلاق الثلاث، والإمام مالك يقول به، ثم أنكر حملها، لاعنها إذا كانت حاملاً.

هل نقول: إنه يلزمه، يتعين في حقه الجلد حد القذف لأنه قذف امرأة أجنبية، واللعان إنما هو في حق الزوجين؟ طلقها طلاق بائن، وهي أجنبية منه، كما لو قذف أجنبية، هل نقول: يلزم الحد ولا أثر للعان هنا، أو نقول: يلاعن؟ لأنه، نعم من أجل الولد، ولذلك قال:"إذا فارق امرأته فراقاً باتاً ليس له عليها فيه رجعة، ثم أنكر حملها لاعنها إذا كانت حاملاً، وكان حملها يشبه أن يكون منه إذا ادعته، ما لم يأتِ دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه فلا يعرف أنه منه" يعني إذا أتت به لدون أو لأكثر ستة أشهر، الآن احتمال أن يكون منها؛ لأن الحمل غالبه ستة أشهر، لكن إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر، لا شك أن هذا الزمان يشك فيه، فلا يعرف أنه منه أو من غيره.

"قال: فهذا الأمر عندنا، والذي سمعت من أهل العلم".

"قال مالك: وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثاً وهي حامل يقر بحملها، ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها" لماذا؟ لأن الولد ثبت له، أقر به، أقر بالحمل أنه له، والقذف وقع بعد فراقها، في الصورة الأولى بعد فراقها فراقاً باتاً، لكن يستفاد من اللعان انتفاء الولد، في الصورة الثانية: هو يقر بالحمل، يقول: منه، الحمل منه، من الزوج، وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثاً، مثل الصورة السابقة، إلا أنه في الصورة السابقة لا يقر بالولد، وفي الصورة اللاحقة يقر بالولد، ويكون حينئذٍ أوقع القذف على امرأة أجنبية، ما له أي فائدة، فتكون كغيرها، ما في ولد يمكن أن ينفى، الولد أقر به.

ص: 24

"يقر بحملها، ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها، وإن أنكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثاً لاعنها كالصورة الأولى".

"قال: وهذا الذي سمعت".

"قال مالك: والعبد بمنزلة الحر في قذفه ولعانه" يعني إذا قذف زوجته فإنه يلاعن، أو يجلد الحد "يجري مجرى الحر في ملاعنته غير أنه ليس على من قذف مملوكة حد" لأن شرط الحد إقامة حد القذف أن يكون المقذوف حراً.

مملوكةً أو مملوكه، لا يحد في الدنيا، وإنما يحد في الآخرة، نسال الله العافية.

"قال مالك: والأمة المسلمة والحرة النصرانية واليهودية تلاعن الحر المسلم إذا تزوج إحداهن فأصابها؛ لأنها زوجة، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] فهن من الأزواج، وعلى هذا الأمر عندنا.

"قال مالك: والعبد إذا تزوج المرأة الحرة المسلمة، أو الأمة المسلمة، أو الحرة النصرانية، أو اليهودية لاعنها" لماذا؟ لأنه زوج، وهناك تلاعن لأنها زوجة، وهنا يلاعن لأنه زوج.

"قال مالك في الرجل يلاعن امرأته فينزع ويكذب نفسه بعد يمين أو يمينين" يعني قبل الفراغ من اللعان، في أثناء اللعان، ما لم يلتعن في الخامسة، يعني ما لم يفرغ، إذا فرغ من لعانه، خلاص انتهى، ليس له رجعة، وإذا لم يفرغ من لعانه أمكنه الرجوع، ما لم يلتعن في الخامسة: إنه إذا نزع قبل أن يلتعن جلد الحد، ولم يفرَق بينهما.

"قال مالك في الرجل يطلق امرأته، فإذا مضت الثلاثة الأشهر قالت المرأة: أنا حامل قال: إن أنكر زوجها حملها لاعنها".

"قال مالك في الأمة المملوكة يلاعنها زوجها ثم يشتريها: إنه لا يطؤها وإن ملكها" يعني يستفيد منها على أنها أمة مملوكة، جميع ما يستفاد من المملوكين إلا الوطء، وذلك أن السنة مضت أن المتلاعنين لا يتراجعان أبداً.

يعني نظير ما لو أهدى الرجل الأمة ولده أو بنته وقد جامعها فإنها لا تحل للولد ولا للأب، يستفيد منها في الخدمة، لكن لا يجوز له أن يطأها.

"قال مالك: إذا لاعن الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس لها إلا نصف الصداق" لأنه في حكم الطلاق، حكم الطلاق قبل الدخول، فليس لها إلا نصف الصداق، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 25