المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (9) - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (9)

بلوغ المرام –‌

‌ كتاب الصلاة (9)

شرح: باب: المساجد

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

أسئلة كثيرة جداً لا يمكن الإحاطة بها.

لكن هذا يقول: التكييف -وهذا يوافق ما عندي- يقول: التكييف الأوسط في المسجد عال جداً، لو نبهت على هذا؟

طيب جزاكم الله خير.

يقول هذا: إذا قلنا: إن معنى قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(27) سورة الرحمن] إذا قلنا: إن المقصود بالوجه وهو صفة الوجه ألا يلزم من ذلك أن غير وجهه يفنى؟

لا يلزم منه ذلك، لا يلزم منه ذلك، والتنصيص على بعض الأفراد لا ينفي بقية غيره من الأفراد، فالحكم واحد، والكلام في الصفات إنما هو فرع عن الكلام في الذات.

وهذا يقول: ما هي أفضل طبعة لسنن الترمذي؟

الترمذي معروف أن الشيخ أحمد شاكر حقق جزأين منه، فإذا استفيد من هذين الجزأين، أما الجزء الثالث فهو بتحقيق فؤاد عبد الباقي وسط، أما الرابع والخامس تحقيق إبراهيم عطوة عوض لا شيء، فيستفاد من الجزأين بتحقيق الشيخ أحمد شاكر مع طبعة بشار على ما فيها من نقص يسير لكنها نافعة.

يقول: ما حكم من وضع صناديق النفاية في المسجد؟

على ألا تكون في جهة القبلة أو جهة اليمين.

يقول: سئلتم مئات المرات عن أفضل الطبعات والمحققين لكثير من الكتب فلماذا لا يوضع مذكرة وتنشر في الإنترنت ويحال عليها بدلاً من أن يسأل عنها تقريباً في كل دورة علمية في برامج الإذاعة واللقاءات الخاصة والعامة؟

هذا على البال -إن شاء الله-.

يقول: قد يطرح بعض الإشكال والمسائل ثم تترك بدون إجابة وهذا يشكل كثير منه؟

نعم نقول: إن طرح الإشكال، وطرح السؤال على المتعلم شرعي، وترجم الإمام البخاري: باب: الإمام يطرح المسألة على أتباعه، فطرح الإشكال لا شك أنه من أنفع وسائل التحصيل، ومن أثبت طرق التعلم، ولذا جاء تعليم الدين على طريقة السؤال والجواب في حديث جبريل، لكن قد يكون هذا السؤال جوابه محرر عند من أبقاه فيطرحه على الطلاب إذا وجد عندهم جواب وإلا أجابهم، وقد يرى الملقي المصلحة أن يترك الإشكال دون جواب، لكي يتعب الطالب في البحث عن جوابه في الكتب ويسأل أهل العلم، فإذا حصل له جواب ثبت في قلبه ولم ينسه.

ص: 1

يقول: نظراً لشرف الجهة اليمنى فهل يقال: من باب الاستحسان لبس الساعة باليمين خصوصاً أنها رمز لضبط الوقت الذي هو أعز ما على الإنسان؟

والله هذه تحتاج إلى نظر؛ لأن كونها تلبس في اليمين أو بالشمال ما يعني أنه تشريف لهذه اليد، لو قيل: إنه إرهاق لهذه اليد المطلوب تشريفها ما بعد، إرهاق لها، لكن إذا كان من الكفار من يستعملها في جهة فمخالفتهم مطلوبة، على أن لبس الساعة باليد ما يسلم من مشابهة لحلي من أذن له بالتحلي، لا سيما إذا كانت ذات منظر جميل، أو لون جذاب، أو ما أشبه ذلك، مع أني لا أقول بالمنع، لكن أقول: ينبغي لطالب العلم أو من كان .. ، من تقدمت سنه في العلم وصار قدوة عند الناس أن يترفع عن مثل هذا.

أسئلة الأمس ما أدري وين راحت؟ في أسئلة كثيرة جداً أمس هنا.

هذا يقول: المراد بالوجه في الآية {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] القبالة لا الوجه الاصطلاحي، وكذلك وجه الله في {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ} [(115) سورة البقرة] فليس المراد به الصفة التي لا نؤولها فلا نؤول إلا بقرينة والقرينة هنا الكلام عن الجهات؟

أما بالنسبة لوجه الله في الآية فالذي قرره شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم أن هذه ليست من آيات الصفات، هذه ليست من آيات الصفات، لكن لا يعني أن الوجه في هذه الآية ليس من الصفات، وليس المراد به الوجه الحقيقي لله عز وجل أن يكون الوجه فيما جاء في غير هذه الآية من صفة الخالق أو المخلوق {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [(149) سورة البقرة] وقد يحتاج إلى مثل هذا التأويل، قد يحتاج إلى مثل هذا التأويل، وأنه ليس المراد بالوجه الوجه الاصطلاحي للتوفيق بين النصوص، هذا قد يسلك للتوفيق بين النصوص، وإلا فالوجه الأصل فيه القدر المعروف من البدن، سم.

"وعن جابر بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة)) ..

أقوام، أقوام.

طالب: قوم يا شيخ.

أقوام. . . . . . . . .

طالب: في المتن قوم، قوم في أصل المتن.

عندك الزهيري؟

طالب: إي نعم.

ص: 2

هو يعتمد على بعض النسخ، لا يلزم أن يكون مصيب في كل ما يثبت، لا يلزم هذا أبداً نعم، نعم؟ على كل حال هو واحد ممن طبع الكتاب لا يعني أنه مصيب في كل ما يثبت، نعم.

"وعن جابر بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم)) رواه مسلم".

ص: 3

حديث "جابر بن سمرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين)) " اللام هذه هل نقول: إنها موطئة لقسم محذوف فتكون على الجادة؟ ((والذي نفسي بيده لينتهين أقوام)) وعلى كل حال إنما جيء بها لتأكيد التحذير من .. ، ((يرفعون أبصارهم)((أقوام)((لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء)) لما منع المصلي من الالتفات والانصراف إلى جهة اليمين وجهة الشمال بقي من الجهات جهة العلو والسفل، والاستقبال الاستقبال أكثر أهل العلم على أن السنة للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، والمالكية يرون أنه ينظر إلى جهة القبلة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] فالأمر متردد، المشروع متردد بين استقبال الجهة بالوجه أو موضع السجود هذا تمام القسمة؛ لأن الوجه إما أن ينحرف يميناً أو شمالاً، ومضى الكلام فيه، وحديث الباب إلى جهة العلو، بقي من الجهات مما يتمم القسمة النظر إلى جهة القبلة أو إلى موضع السجود، وهذا قال أهل العلم جمهورهم بالنظر إلى موضع السجود، والمالكية يقولون: الأولى أن ينظر إلى جهة القبلة، وأما رفع البصر إلى السماء فجاء فيه التحذير الشديد، التخويف ((لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم)) يرفعون أبصارهم في الصلاة لا خارج الصلاة، النظر إلى السماء خارج الصلاة جاء الحث عليه {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ} [(17 - 18) سورة الغاشية] هذا خارج الصلاة مأمور به على جهة التفكر والاعتبار، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب: النظر إلى السماء، واقتصر بعد الترجمة على قوله -جل وعلا-:{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [(18) سورة الغاشية] ولم يذكر الآية الصريحة، صريحة المطابقة للترجمة، يعني الأصل أن يقول: باب النظر إلى السماء {وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ} [(18) سورة الغاشية] لأنها نص، فاقتصر على قوله:{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [(18) سورة الغاشية] فالأمام رحمه الله يترك الاستدلال بالظاهر الجلي ويعمد إلى الغامض

ص: 4

الخفي؛ لأنها مثل الاستدلال بالآية الصريحة أمره سهل عند طالب العلم يدركه أدنى واحد، لكن الاستدلال على الترجمة بالآية الخفية الدلالة {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ} [(18) سورة الغاشية] إما أن يكون البخاري اقتصر عليها وأراد ما بعدها، كأنه قال: الآية وما بعدها، وهذا يسلك، يستدل على حكم شرعي بطرف آية والدليل فيما لم يذكر، والدليل قوله تعالى: كذا، الآية، أو يكون مراد البخاري أدق من ذلك وأخفى أن من نظر إلى الإبل لا سيما إذا كانت قائمة أنه لا بد أن ينظر إلى السماء، إذا نظر إلى الإبل لا بد أن ينظر إلى السماء كيف؟ لأن الإبل أرفع في قامتها من المخاطب، مهما بلغ في الطول، فإذا كان أرفع ورفع بصره إلى الإبل لا بد من لازم ذلك أن ينظر إلى السماء، فالنظر إلى السماء خارج الصلاة للعبرة والاتعاظ والتفكر في مخلوقات الله -جل وعلا- عبادة، عبادة جاء الحث عليها في نصوص كثيرة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} [(190) سورة آل عمران] ما كل إنسان يدرك هذه العبر، وهذه العظات، فتفكر ساعة له شأن عظيم، لكن هل من مدكر؟. . . . . . . . . يقول: الأمور طبيعية، ونواميس ماشية فيما كتب لها، وليس لها من الحكم والعلل إلا أنها وجدت. . . . . . . . . أبداً، جاء الحث على الاعتبار والتفكر والاتعاظ وهذا من خير ما يزيد في إيمان المسلم {لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} من أولو الألباب؟ {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} أهل الذكر، المفردون، الأحياء حياة حقيقية، لكن رفع البصر إلى السماء حيد وميل عما أمر به الإنسان {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(149) سورة البقرة] فلا يجوز لإنسان بل يكره كراهة شديدة أن يلتفت يمنةً أو يسرة، وأما رفع البصر إلى السماء فترتيب العقوبة عليه يدل على أنه محرم، أنه محرم، وليس في الحديث ما يدل على إبطال الصلاة برفع البصر إلى السماء؛ لأنه ليس فيه أنه لا صلاة له، أو صلاته باطلة، وإن قال الظاهرية: تبطل به الصلاة؛ لأن عندهم كل شيء، كل نهي يقارن عبادة ولو عاد إلى أمر

ص: 5

خارج عنها يبطلها، فالنهي عندهم يقتضي البطلان مطلقاً، سواءً كان عائداً إلى ذات المنهي عنه، أو إلى شرطه، أو إلى وصفه الملازم له، أو إلى أمر خارج عنه، نعم.

"وله: عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان)) ..

ولا وهو.

((ولا وهو يدافعه الأخبثان)).

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع)) رواه مسلم والترمذي، وزاد:((في الصلاة)) ".

ص: 6

نعم مضى الصلاة بحضرة الطعام إذا حضر العشاء وقت الصلاة، وقت صلاة المغرب المنصوص عليها، فابدءوا بالعشاء؛ لأن النفس تكون تائقة إليه، فينشغل به المصلي عن صلاته، وهنا في مدافعة الأخبثين:((لا صلاة)) لا هذه نافية ((لا صلاة بحضرة طعام)) والمنفي هنا الصلاة الشرعية، قد توجد صورتها، لكن حقيقتها الشرعية منفية كما في حديث المسيء:((صلِ فإنك لم تصلِ)) يعني لو قال قائل: إنه صلى، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:((لم تصلِ)) فلو قال قائل: صلى مريداً بذلك الحركات، صورة الصلاة الظاهرة صلى، لكن الصلاة الشرعية التي تبرأ بها الذمة ما صلى، المسقطة للطلب، وهل نقول هنا مثل ما قيل هناك: إن صلاة المسيء باعتبارها باطلة ساغ نفيها؟ ساغ نفيها باعتبارها غير مجزئة، فهل نقول هنا: إن الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الأخبثين باطلة؟ فيتجه النفي إلى الحقيقة الشرعية؟ وإن كانت الصورة موجودة، أهل العلم يقولون في مثل هذه الصورة: يطلقون الكراهة، يطلقون الكراهة، فلو صلى بحضرة الطعام أو مع مدافعة الأخبثين صلاته صحيحة لكنها ناقصة الأجر والثواب بقدر ما يشغله الانشغال بالطعام أو بالمدافعة من إقبال على ربه ومناجاة له، وما نقصه من خشوع في صلاته، هذا فيما يمكن رفعه مما يشغل عن الخشوع، فماذا عما لا يمكن دفعه؟ كحر شديد أو برد شديد، أو جوع مع عدم وجود طعام؟ الانشغال موجود، تقدم حديث:((إذا اشتد الحر فأبردوا فإن شدة الحر من فيح جهنم)) هذا في المقدور عليه وفي حدود الوقت، لكن قد يوجد ما يشغل الإنسان مما لا يستطيع دفعه، والناس يتفاوتون في هذا تفاوت كبير، بعضهم لا يطيق الحر ولا بالليل بعد غروب الشمس، لا يطيق، فهل يقال مثل هذا: انتظر حتى يذهب عنك هذا الأمر الذي يذهب الخشوع؟ نقول: صلِ على حالك، احرص على الخشوع واحرص على استحضار وحضور القلب، لكن ما لا تستطيعه لا تكلف به.

والمراد بالأخبثين البول والغائط، ويلحق بهما ما يشبههما من ريح.

ص: 7

الألم الذي يقطع على المصلي خشوعه، شخص به ألم شديد ينتظر الطبيب يعطيه مسكن مثلاً، نقول: انتظر لا تصلي حتى يخف عليك الألم؟ لا شك أن الألم في قطعه للخشوع أعظم مما ذكر من طعام وغيره، هنا مجرد ربع ساعة نصف ساعة تذهب إلى الدكتور تأخذ إبرة ويسكن الألم، وتقبل على صلاتك تؤديها على الوجه المطلوب، هو مثله إن العلة ظاهرة، العلة ظاهرة بأن هذه المذكورات سبب النهي عنها وإن جاء على صيغة النفي لكن المراد به النهي، وهو أبلغ سببها إذهاب الخشوع بالكلية أو تقليل الخشوع، ويكون في حكمها ما يشاركها في العلة، فإذا كان الألم يعتصره نقول: انتظر، تأخذ مسكن، تأخذ إبرة، تأخذ شيء، إذا برد عليك الألم، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يؤخر الصلاة بهذا العذر، لا، لا يؤخر الصلاة، إلا إذا كان لا يطيق يصلي هذا شيء آخر، إذا كان الألم وصل فيه إلى مبلغ لا يستطيع معه الصلاة هذا عذر، لكن هو يستطيع أن يصلي لكن مع شغل البال بهذا الألم، فإذا كان مشتاق الطعام يؤخر الصلاة ليقضي نهمته من هذا الطعام فالذي يعتصره الألم من باب أولى.

وعرفنا مراراً أن مذهب الظاهرية أنه إذا نهي عن شيء في الصلاة ولو كان خارجاً عنها أنه يقتضي البطلان، فإذا صلى مع حضرة الطعام أو يدافع الأخبثين فإن صلاته باطلة عندهم؛ لأن كل نهي عندهم يقتضي البطلان، نعم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع)) رواه مسلم والترمذي، وزاد:((في الصلاة)).

ص: 8

حديث "أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التثاؤب من الشيطان)) " التثاؤب من الشيطان؛ لأنه دليل على الخمول والكسل والإخلاد إلى الراحة، وغير ذلك مما يعوق عن العبادة أو يثبط عنها، والتثبيط عن العبادة هي عادة الشيطان وديدنه، وينشأ هذا التثاؤب إما من الإفراط في الأكل، أو الإفراط في ترك النوم، وقد ينشأ عن الإفراط في كثرة النوم، المقصود أن المطلوب من المسلم الاعتدال، الاعتدال في الأكل الشرب، النوم، الكلام، النظر، جميع تصرفاته المطلوب من المسلم أن يكون متوسطاً فيها، لا إفراط ولا تفريط، فلا يكثر من النوم بحيث تفوته مصالح دينه ودنياه، ولا يقلل من النوم بحيث يعود عليه ذلك بالضرر في دينه ودنياه، بل يتوسط في أموره، ولذا جاء عنه عليه الصلاة والسلام أن من سنته وهديه أنه ينام ويصلي، وما حفظ عنه أنه أحيا ليلة إلى الصباح، وإن كان في العشر الأواخر من رمضان يشد المئزر، ويعتزل الأهل، لكن إن قلنا: إنه في العشر الأواخر لا ينام كما قال بذلك جمع من أهل العلم، لا يعني هذا أن هذا ديدنه عليه الصلاة والسلام، والناس في هذا الباب بين مفرط ومفرط، تجد بعض الناس تسرع إليه الشيخوخة والهرم والخرف كله بسبب تقليل النوم، تقليله عن الحد الأدنى، أو يصاب بالعاهات والأمراض بسبب كثرة النوم، فالمطلوب من المسلم أن يكون متوسطاً في أموره كلها، ينام النوم الكافي ولا يزيد عليه، يأكل الأكل الذي يقيم صلبه ولا يزيد عليه، يشرب ما يحتاج إليه ويدفع به العطش ولا يزيد على ذلك، الكلام بقدر الحاجة، النظر بقدر الحاجة، وغير ذلك من التصرفات، وما يؤتى الإنسان، وما يبتلى بمرض القلب، أحياناً بموت القلب إلا من الفضول، فضول الطعام والشراب والنوم والنظر وغير ذلك، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يبالغ في تقليل الأكل الذي لا يكفيه بحيث لا يكفيه ما يأكله كما يفعله كثير ممن يزعم أنه من الخاصة، ممن ينتسب إلى الزهد والفقر، وليس الفقر المراد به الفقر العرفي، الفقر عندهم مرادف للزهد، قد ذكر الذهبي في السير عن بعضهم أنه يواصل أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب، بقدر ما حصل من المدة المضروبة بين موسى، ما ضربه الله -جل

ص: 9