المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يلام أو لا يلام؟ استأجر بمائة ألف يقول: من أين - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٨٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: يلام أو لا يلام؟ استأجر بمائة ألف يقول: من أين

يلام أو لا يلام؟ استأجر بمائة ألف يقول: من أين أطلع الإيجار؟ لازم أرفع الأسعار، يعني قيمة السلعة الحقيقية عليه بتكاليفها، في أحد بيقول للبائع: ليش تحسب علي أجرة الدكان أو أجرة العامل أو مصاريف الكهرباء، أو التلفون أو شيء من هذا، يعني لو جاءت السلعة قيمتها مثلاً بالصين، أو باليابان أو بغيرهما بمبلغ كذا، لكنه صرف عن هذه السلع حتى وصلت صرف عليها مكالمات، صرف عليها سمسرة ووسائط إلى تضاعفت تكاليفها، تكاليفهما بما يحف بها، فهذا الذي استأجر الدكان بمائة ألف هل نقول: لازم تبيع مثل يبيع الذي استأجر بعشرة آلاف؟ لا، أقول: ملاحظة الطرفين البائع والمشتري أمر لا بد منه، فلا نلاحظ حال المشتري على حساب البائع أو العكس، لكن على المشتري أن يحتاط لنفسه، إذا احتاط لنفسه وسعر السلعة من أكثر من محل، وأخذ بأقلها لا يلام، لكن إذا استرسل واشترى من أول محل، وبعض الناس يؤثر أن يتشري السلعة الغالية طلباً للراحة، يقول: عندنا في الحي تباع بألف، وهي موجودة في وسط البلد بخمسمائة، ليش أكلف نفسي وأروح وأجي وأضيع وقتي على شان هذا الفارق؟ نقول: مثل هذا ورد على بينة ولا خيار له، والخلاصة أنه إذا كانت الزيادة مما تحتملها أسواق المسلمين فلا خيار، وكون الإنسان يغلب بناء على تفريطه يتحمل، أما إذا كانت الزيادة مما لا يتداول مثله في أسواق المسلمين شخص اشترى سلعة ولبس على الناس فيها وعرضها عرضاً يجعلها تباع بأضعاف قيمتها، لا شك أن هذه خديعة، وغش وخيانة للناس مثل هذا يعزر بردها، نعم.

‌باب: الربا

عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" وقال: ((هم سواء)) رواه مسلم.

وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة -رضي الله تعالى عنه-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الربا

ص: 14

الربا: مقصور، وقد يُمد من ربا يربو إذا زاد، فالربا الزيادة، ومن ذلك قول الله عز وجل:{اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [(5) سورة الحج] يعني زادت، والربا من كبائر الذنوب، وحرب لله ولرسوله، {بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] والمرابي في قول جمع من أهل العلم يبعث يوم القيامة مجنوناً، أخذاً من قول الله -جل وعلا-:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] الربا ولو قلت نسبته إذا ثبت أنه ربا فهذا مآله، وهذا مصيره {فأذنوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] حرب، نسأل الله السلامة والعافية، ومن يقدر ومن يثبت لحرب الله ورسوله، كثير من الناس تساهل في أمر الشبهات، واسترسل فيها، وحام حول الحمى، ثم وقع فيه، واستمرأه، وصار لا يهتم به، والنبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث جابر: لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، آكل الربا الذي يأخذه وهو حقيق وجدير وخليق بذلك؛ لأنه هو المستفيد من الربا، وموكله الذي يدفع الربا؛ لأنه يتعاون مع المرابي آكل الربا، وكاتبه وشاهديه ممن علم بالصفقة، وأنها صفقة محرمة، شريك لهما في الإثم، وداخل في اللعن، نسأل الله السلامة والعافية، اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجل، فآكل الربا مجرم، نسأل الله السلامة والعافية، محارب لله ورسوله، وموكله الذي يمكن الآكل منه، الطرف الثاني في العقد شريك له، وكاتبه وشاهداه متعاونان معه على الإثم والعدوان، فالحكم واحد بالنسبة للجميع، وقال:((هم سواء)) إثمهم واحد، ولو لم يجد المرابي من يشهد له، ولا من يكتب له، ما رابا؛ لأنه يخشى أن ينكره الطرف الآخر، وهو مظنة لذلك، يعني إذا باع البائع مبلغاً من المال بأكثر منه إلى أجل، أو باع ربوياً بجنسه مع التفاضل أو عدم التقابض ربا، على آخر قد يكون الآخر محتاج، لكنه متعاون مع المرابي آكل الربا، والكاتب هو الذي يثبت هذا العقد، إذ لولا كتابة هذا الكاتب، وشهادة هذا الشاهد لأنكر المحتاج، الذي يعقد عقد ربا الإنكار أسهل من الربا، والربا وإن كان في الظاهر أخذ

ص: 15

المال على طريق التراضي لكن لا يكفي في هذا التراضي، بل لا بد أن يكون العقد على مراد الله -جل وعلا-، وعلى ضوء ما جاء على نبيه عليه الصلاة والسلام، وإلا فقد يكون الربا أعظم من السرقة والغصب والنهب، وإن كان الكل حرام، لكن جاءت نصوص الوعيد في الربا أكثر، وحينئذٍ لا يكفي التراضي حتى يكون العقد على مقتضى النظر الشرعي، آكل الربا قد يقول قائل: أنا لا آكل، يتعامل بالربا، ويشتري بيت أو يشتري سيارة، يقول: أنا أكل ما آكل، أعرف أن الجسد الذي ينبت على الحرام سحت، سحت النار أولى به، لكن يقول: أنا أبني بيت وإلا أرابي من أجل أن أشتري سيارة أو أتزوج، لكن ما آكل، والنص في الآكل، التنصيص على الآكل لأنه أبلغ وجوه الانتفاع، ولا ينفي ما عداه، الشرب مثله، وقل مثل هذا في أكل مال اليتيم، الشرب مثل الأكل، سائر الاستعمالات مثل الأكل لكن التنصيص على الأكل لأنه أظهر وجوه الانتفاع.

ص: 16

"آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" وقال: ((هم سواء)) " وعلى كل حال فالحديث دليل على أن الربا من كبائر الذنوب؛ لأنه لعن صاحبه، وجاء في ذلك ما هو أشد من مجرد اللعن، جاءت نصوص على الحديث الذي سيأتي بعد هذا حديث ابن مسعود يدل على أن الربا من عظائم الأمور، ولا يقال: هذه نسبة ضعيفة، الربا يقدم الإنسان على الربا ويقول: نسبة ضعيفة، واحد بالمائة، اثنين بالمائة هذه ما تشكل شيء، ولا تؤثر في المشتري، أقول: الإقدام على العقد المحرم حرام، ولا يكفي في هذا التخلص منه، يقدم على عقد يلعن من أجله ثم بعد ذلك يتخلص منه! لا يكفي، نظير من يقدم على الزنا ثم يعقد يصحح، ما يكفي، فالأمر جد خطير، والربا قليله وكثيره في النصوص سوء، وإذا سمع المرابي مثل هذا الكلام كلام النبي عليه الصلاة والسلام وما جاء عن الله -جل وعلا- ولم يتب فالغالب أن قلبه ممسوخ نسأل الله السلامة والعافية، ممسوخ، يحتاج إلى علاج قلبه ليعود ويفيق، وعلى هذا {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} [(275) سورة البقرة] له ما سلف، فإذا تاب المرابي بعد أن عمل في الربا سنين، وتاب قبل مدة، قبل سنين، عشر سنين أو أكثر، شخص من أعمدة البنوك والربا، وقد بدأ التجارة بعشرين ريال، وتاب عن مليارات، قد تبلغ المائة، فله ما سلف {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] والخلاف في المراد برأس المال، هل هو رأس ماله وقت دخوله في التجارة الأولى، أو رأس ماله وقت التوبة؟ والتوبة تجب ما قبلها، أو تهدم ما كان قبلها، فهذا صاحب العشرين ريال الذي دخل في التجارة قبل ستين سنة ثم تاب عن المليارات هل يقال له: ما لك إلا عشرين ريال، وتخلص من البقية؟ أو نقول: لك رأس مالك وقت التوبة؟ يعني هذا أنك إذا وجد ربا لم تقبضه لا يجوز لك أن تأخذه، ليس لك منه إلا رأس مالك؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 17

وكل بيدخل في الزنا ثم يتوب، كل يشرك ويتوب، ومن تاب تاب الله عليه، صح وإلا لا؟ يعني أنت تمنع المشرك الذي عاش سبعين سنة في الشرك ثم تاب؟ يعني أي ذنب الذي رابا عشر سنين أو عشرين أو ستين سنة، أو أشرك سبعين سنة ثم أسلم، والكلام الذي يوجه لمثل هذا أن هذا فيه تسهيل للاستمرار في الربا، مثل تسهيل أمر الزنا وأمر الشرك إذا فتحنا لهم أبواب التوبة، هل معنى هذا أننا نسهل عليهم؟ هل يوفق للتوبة وهذه نيته؟ هل يقول: أبي استأنس وانبسط لي عشرين ثلاثين سنة ثم أتوب؟ مثل هذا من يضمن له أن يعيش إلى أن يتوب؟ هذا الحكم واحد، الذنوب واحدة، ليس في هذا تسهيل أبداً، لكن في هذا حث على التوبة، يعني لما نقول للشخص الذي يملك المليارات بعد عشرات السنين: ما لك إلا عشرين ريال، هل هذا نحثه على التوبة أو نصرفه عن التوبة؟ نعم؟ نصرفه عن التوبة، ومن المحال يعني على طريقة شيخ الإسلام رحمه الله يكرر مثل هذا الكلام في مواضع: من المحال في العقل والدين أن الله -جل وعلا- يحث على التوبة، ويأمر بها، ويوجبها على الناس، ويحب التائب، ويحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده، ثم يصده عنها، يعني لو أن مغني مثلاً، مغني خمسين سنة يغني، ويأخذ الأموال من الناس، وعمر البيت، وتزوج، وأولاد وأسرة، نقول: اطلع البيت؟ تخلص من البيت؟ أو نقول: التوبة تهدم ما كان قبلها، والله غفور رحيم لنرغبه في التوبة؟

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

إذا تاب وتاب الله عليه انتهى الإشكال، مثلما الطيب ينصرف إلى الخبث، الحمير كان طيبة فصارت خبيثة، ويش يصير؟ الكلام مع الدليل وجوداً وعدماً، ما دل الدليل على حله فهو طيب، ما دل الدليل على تحريمه فهو خبيث، الخمرة كانت طيبة فصارت خبيثة، لما كانت مباحة نقول: خبيثة؟ لما كانت مباحة؟ إذاً هذه أوصاف معنوية تنتقل مع الدليل، شوف الحديث الثاني، حديث ابن مسعود.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الربا ثلاثة وسبعون باباً، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم)) رواه ابن ماجه مختصراً، والحاكم بتمامه وصححه.

ص: 18

هذا الحديث حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في التهويل من شأن الربا، "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) " هذا للتنفير من الربا، والحديث يعني بمفرداته قد لا يصل إلى درجة الصحيح، لكن له شواهد من أقواها حديث أبي هريرة عند ابن ماجه أيضاً، والحديث مصحح من قبل جمع من أهل العلم، لكن هل معنى هذا أن الربا اليسير أيسره مثل أن ينكح الرجل أمه، وفي رواية:((علانية)) النفوس تتقزز من مثل هذا، يعني النفوس السوية والفطر السليمة تنفر من مثل هذا بمجرد سماعه، فضلاً عن رؤيته، فضلاً عن مزاولته، والربا قد يتساهل الناس فيه؛ لأن الناس يتصورون بعض الأمور بحسب تأثيرها عليهم، فكثير من الناس لا يدرك خطورة الشرك بينما يستنكر ما هو دونها من الذنوب، يعني قد ينكر أشد الإنكار على امرأة متبرجة مثلاً، ومعه حق في هذا، لكن لا ينكر من يقول: يا فلان، لا ينكر على من يقول: يا فلان، يقول: ذنبه على جنبه، ليش؟ لأنه نظر إلى أثر المعصية عليه، ولذا تجد الناس يتفاوتون في تقدير التبرج، ويتفاوتون في تقدير أثره؛ لأنه حسب تأثيره عليهم، شخص شديد التعلق بالنساء، شديد التأثر برؤيتهن يرى أن أدنى شيء تبرج، ويقع في نفسه من خلال هذه النظرة ما يقع من عظم الأمر عليه فتجده ينكر هذا المنكر أشد مما ينكره زيد من الناس، يعني فرق بين شخص يرى هذه جريمة ومنكر عظيم، وأنه لا بد من تغييره؛ لأنه أثر في نفسه، الأخر ما أثر في نفسه، يقول: المسألة خلافية، والأمر سهل، ما يوجد مثل هذا؟ لكن يتفقون، عامة الناس يتفون على أن نكاح الأم أمر شنيع وخطير، ولذا التمثيل به بالزنا حصل من قبل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فجاء بمثال وقال: إن امرأة صاحت ثم بعد ذلك تبين أن رجل دخل عليها البيت، وفجر بها، ففزع الناس أين هذا الرجل؟ كيف فعل؟ وكيف صنع؟ ثم لما صار من الغد قال: لا الأمر غير هذا، إنها لما .. ، المقصود أن المسألة شركية فيها شرك، في ذبح ديك أو شيء من هذا، أو أنها أصيبت مثلاً بجن فصاحت، ثم قيل لها: اذبحي كذا فتشفين فذبحت، فتساهلوا هذا الأمر بالنسبة للزنا، فالزنا تنفر منه النفوس،

ص: 19

وحق لها أن تنفر منه؛ لأنه من الموبقات، نسأل الله السلامة، من كبائر الذنوب، من عظائمها، لكن أين الزنا بالنسبة للشرك الأكبر الذي لا يغفر؟! فيضرب المثل بالزنا لنفرة الناس عنه، ولتقرر أحكامه في نفوس؛ ولأنه يعلم حرمته الخاص والعام، شخص يتلفظ بلفظ شرك، ثم يقول له صاحبه: هذه الكلمة شرك، نسأل الله السلامة والعافية، قال: لا، شيوخنا يقولون هذا، قال: لكن الله -جل وعلا- يقول كذا، قال: هذا لا يفهمه إلا العلماء، وشيوخنا يقولون كذا، لو هو شرك ما قالوه، ثم بعد ذلك وهم في المجلس دخلت بنت لهذا الرجل وسيمة، لكنها صغيرة، قال له صاحبه الذي يحاوره قال: لماذا لا تتزوج هذه البنت؟ أقل الأحوال اعقد عليها ما تفوتك، قال: بنتي، قال: وبعدين لو صارت بنتك؟ المهم لا تفوتك، قال: بنتي حرام، قال: ويش يدريك أنها حرام؟ قال: الله -جل وعلا- يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [(23) سورة النساء] قال: أنت تفهم هذا ولا تفهم الشرك وهو أعظم؟! الزنا أمر متفق عليه مغروس في النفوس أنه منفور منه، كل يعرف تحريمه، ولذا قال:((أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) والناس يردون في التمثيل إلى ما يعرفونه ويتفقون عليه، كثير من الناس يقول: وبعدين ريال بريالين ويش صار؟ مات؟ ما صار شيء، الناس يبذرون العشرات بل المئات، ما هو بمسألة ريال زاد وإلا نقص، هو محتاج إلى أن يصرف عشرة بتسعة، أي واحد يقضي حاجته، نقول: يا أخي هذا ربا، جريمة عظمى، محاربة لله ورسوله، يقول: ريال إيش الريال؟ ترى لسان حال كثير من الناس يقول هذا، يقول هذا كثير من الناس بلسان مقاله لا بلسان حاله، ويتساهلون في هذا الأمر، ويقولون: إذا كانت النسبة يسيرة أمرها يسير ويمكن التخلص منها، فالإقدام على الحرام حرام، نعم الذي يرد عليك من غير عمداً ولا قصد عقدت عقداً مباحاً ظاهر الإباحة، ثم من آثار هذا العقد ظهر عليك ما يشوبه، الآن تخلص يا أخي، لك أن تتخلص، أما أن تقدم على العقد المحرم وتقول: أتخلص لا يمكن، هذا كلام ليس بصحيح، وجاء التغليظ في شأن الربا، يقول:((الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) والآن الشيء اليسير يختلفون فيه، منهم من

ص: 20

يقول: واحد اثنين بالمائة يسير، هذا أمر لا يمكن أن ينفك منه، إلا ينفك منه، خمسة بالمائة يسير طيب عشرة؟ أحد يقول: كثير؟ يقول: لا، سهل؛ لأن ما في حد، الأمور التي لا حكم لها يرجع إليه بالنص الصحيح من الشرع إذا فتح بابه ما ينتهي الناس، إلى أن يصلوا إلى حد الثلث، والثلث كثير، فما دونه يسير، وعلى هذا جميع صور الربا الموجودة في البنوك يسيرة؛ لأنهم يعطوك أربعة بالمائة، خمسة بالمائة، فعلى هذا ما في ربا، وهذا -نسأل الله العافية- تيسير وتسهيل لأمر هذه الجريمة العظمى، ولو أوصد الباب وسد الباب عن الناس لما وجدت مخالفة، لكن ييسر على الناس، ويسهل عليهم أمر الربا، ويبون الناس يتوبون، أو يبون البنوك تقلع، كثير من البنوك الآن بصدد تغيير معاملاتها إلى ما يتفق مع الشريعة نظراً لأن الناس هجروها، والناس عموم الناس فيهم خير، ولولا بعض البنوك المتساهلة لما وجدت بنك يتعامل بغير ما يبيح الله -جل وعلا-، وفي بنوك لبنان ظهرت تقارير للعام المنصرم فوجد أن البنوك كلها أرباحها تتراوح بين واحد إلى واحد ونصف بالمائة إلا واحد عشرين بالمائة ربحه، فإذا به يتعامل معاملات شرعية، والناس يتدافعون عليه المسلمون عمومهم فيهم خير، ولو ضيق هذا الباب لنقطع دابر الربا، الآن يوم صار في إعلان عن الشركات، وأن بعضها نضيف وبعضها فيه دخن، وفيه كذا، سارعت الشركات إلى تصحيح عقودها، وهذا نعمة، وسبق لمن يخرج مثل هذه البيانات، جزاهم الله خيراً، صار يتسابقون لتصحيح عقودهم، فلو ضيقت الدائرة على الربا والمرابين انقطع دابره بإذن الله تعالى، وأما قولنا: يسير، سهل، إيش يسير؟ في شيء محرم اسمه يسير؟ نعم المحرمات تتفاوت، لكن ربا صريح ولو كانت نسبته يسيرة، يبقى أنه ربا، والإجماع قائم على أن قوله:{أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران] مفهومه ليس بمقصود، وليس بمراد، بل لا مفهوم له عند أهل العلم، فالربا يسيره وكثيره كله محرم، أيسرها يعني أسهلها في نظر الناس، يعني يجلس واحد يصرف للناس وهو عائش على الصدقات، يجلس ويصرف العشرة بتسعة، هذا الربا، يقول: المسألة ريال ويش ريال؟ يعني ما يضر، الناس يبذرون يعطون البزران عشرات، المقصود أن هذا

ص: 21

ليس له ما يبرره.

((أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) وهذا لا زال الناس -ولله الحمد- يستقذرونه ويستقبحونه بشدة، وإن وجد شذاذ يحصل ما حصل منهم مع المحارم، نسأل الله السلامة والعافية، بعد أن مسخت بعض الفطر بسبب ما دخل على بيوت المسلمين من الشر المستطير بواسطة هذه القنوات.

((وإن أربى الربا -أشد الربا- عرض الرجل المسلم)) وهذا يدلنا على أن سياق الحديث سياق التنفير، وأنه لا تراد حقيقته، والزنا عند جمع من أهل العلم أعظم من الربا، فسياق الحديث سياق التنفيذ، والتهويل من شأن الربا، بدليل أن أيسر الربا مثل أن ينكح الرجل أمه، وأربى الربا أشد الربا عرض الرجل المسلم الذي هو الغيبة، من أجل التنفير من الربا والغيبة؛ لأنهما بصدد أن يتساهل الناس في أمرهما، الربا مثلما ذكرنا يتساهل الناس فيه، والغيبة أشد تساهلاً، توجد الغيبة في المجالس بكثرة، وقد توجد بين من ظاهره الصلاح، وقد يستدرج الإنسان، المقصود أن هذا تهويل من شأن الغيبة، وعلى كل حال لوجود مثل هذا، وأن الربا أعظم من الزنا، أعظم من نكاح الأم، أيسره أعظم من الزنا بالأم، وأعظمه أيسر من الغيبة، والنصوص دلت على خلاف هذا، مما جعل بعض أهل العلم يضعف الحديث، وصححه بعضهم بشواهده، وقال: إن المراد به التهويل، والتخويف من شأن الربا والغيبة، نعم؟

طالب: والصحيح -رعاك الله- أن الربا أعظم من الزنا؟

هذا عن جمع من أهل العلم، لكن ....

طالب: للحديث الذي في المسند -رعاك الله- النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((درهم ربا يأكله ابن آدم أشد من ستة وثلاثين زنية)).

إيه معروف، هذا أيضاً مختلف فيه، مختلف في صحته، وجمع من أهل العلم على أن الزنا أعظم، لكن هذا النص وما يأتي في معناه الربا أعظم، لكن هل نقول: إن أيسر أبواب الربا يعني إذا أردنا حقيقة الكلام أعظم من نكاح الأم؟ وفي بعض الروايات: ((علانية)) إنما يكون سياق الخبر سياق التنفير والتشديد، نعم.

طالب: أحسن الله إليك.

ص: 22

وإذا نظرنا إلى أن أيسر الربا أعظم من أن ينكح، وأربا الربا الذي هو أشده أيسر من الغيبة، فعلى هذا الغيبة أعظم من الزنا، والزنا أعظم من

، الغيبة، نأتي إلى الغيبة، الغيبة أعظم من الربا، والربا أعظم من أن ينكح الرجل أمه، هذا لا شك أنه سياق تأويل وتشديد وتنفير، نعم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) متفق عليه.

نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل)) " وزناً بوزن، بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر، لا قليل ولا كثير، لا بد من التماثل، والجهل به كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل.

((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثل بمثل ولا تشفوا)) يعني: لا تفضلوا ولا تزيدوا بعضها على بعض، لا تزيدوا، ولو حصل الرضا، فلا تجوز الزيادة حينئذٍ، إذا جاء الإنسان إلى صاحب المحل من الذهب، ومعه ذهب مستعمل، وأراد نوعاً جديداً، ورضي أن يعطيه الجديد، وإن كان أقل في الوزن، لا يكفي الرضا، بل لا بد أن يبيع المستعمل ويشتري الجديد، على ما سيأتي في التمر، يبيع القديم بالدراهم، ويقبض القيمة، ثم يشتري بها ذهباً جديداً بقيمته.

((الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل)) لا بد من التساوي ((والفضة بالفضة وزناً بوزن)) مثله، لا يجوز التفاضل، إذا بيع الذهب بالذهب أياً كان نوعه أو صياغته أو صناعته فلا بد من التماثل والتقابض، وقل مثل هذا في الفضة، الفضة بالفضة وزناً بوزن، يعني سواء كانت مصنوعة أو ورق عمله، أو خام ما صنعت، لا بد أن تكون مثل بمثل، ((فمن زاد)) زاد غيره، ((أو استزاد)) يعني طلب الزيادة من غيره ((فهو ربا)) يعني إذا بيع الذهب متفاضلاً، أو بيعت الفضة متفاضلة فهي الربا، وقل مثل هذا إذا بيعت من غير تسليم.

ص: 23

((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض)) يعني لا تفضلوا بعضها على بعض لا تفضلوا المبيع على المبيع عليه ولا العكس شيئاً، ولو كان أمراً يسيراً، ((ولا تبيعوا الورق)) الذي هو الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة ((إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا)) يعني: لا تزيدوا، ولا تفضلوا ((بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) لا بد من التساوي والتقابض، لا بد من التساوي في الوزن، ولا بد من التقابض في المجلس، أما إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد، ذهب بفضة التفاضل لا بأس به، تشتري عشرة دراهم بدينار واحد، وهذا يسمى صرف، لكن لا بد من التقابض، ((ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) وهذا يشمل ما إذا كان من جنس واحد، أو من أجناس، فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد، ويحل محل الذهب والفضة عند عامة أهل العلم ما يستعمل بديلاً عنها قيماً للسلع، من المضروبات، النقود، العملات، المسكوكات كلها تقوم مقامها، إذا كانت من جنس واحد لا يجوز الزيادة بعضها على بعض، ولا بد من التقابض، وإذا كانت عملات مختلفة فلا مانع من الزيادة على أن يتم ذلك في المجلس، فإذا بعنا ريال بدولار لا مانع أن يباع الدولار برلين، أو ثلاثة أو خمسة أو عشرة أو بريال واحد التفاضل لا بأس به، لكن لا بد من التقابض، والشيكات لا تغني عن التقابض، وتحويل المبلغ من حساب إلى حساب لا يغني عن التقابض؛ لأنه لا يتم فوراً، والذين يحولون الدراهم إلى بلدانهم، يحولون النقود إلى بلدانهم يقعون في حرج عظيم، يريد أن يحول أولاً إلى عملته، ثم بعد ذلك تقبض في بلده، لو أن مصرياً مثلاً يعمل في هذه البلاد، وتوفر لديه مبلغ من المال، ولنقل: خمسة آلاف مثلاً، توفرت لديه خلال سنة، وأراد تحويلها بالجنيه المصري، هم يقولون: نحول لك .. ، تستلم هناك في مصر بالجنيه المصري، كم في هذا من محظور؟ في محظور عدم التقابض؛ لأنها تقبض هناك، وعلى هذا يلزم بأن يصرفها قبل تحويلها، أو تحول ريالات وتصرف هناك، يقبضها الوكيل في وقتها، يصرفها الوكيل في وقتها، لكن هم يتضررون بهذا طرداً وعكساً، إن صرفوها هنا فالريال أغلى من الجنيه، وإن صرفوها

ص: 24

هناك ماذا يصير؟ كيف يتضررون لو حولت ريالات هناك وصرفت جنيهات؟ نعم؟ يعني هل الأفضل للمصري مثلاً أو غير المصري أن يحول الريال إلى بلده ثم يصرف هناك؟ يصرفه وكيله الذي يقبضه عنه؟ أو الأفضل أن يصرفها هنا؟ نعم؟ ثم بعد ذلك تحول بعملته؟ كثير منهم من يسأل يقول: يتضررون بهذا لو صرفوها قبل التحويل، تحويلها بعد صرفها أولى، لكن على هذا لا بد من التقابض، إذا صرفت لا بد من التقابض، يقبض الجنيه المصري ثم يحوله، هاه؟ في أحد يشكل عليه هذا من الإخوان الذين يعانون مثل هذا الأمر؟ من أي جنسية كانت؟

طالب: هم اللي يحولون الخادمات وإلا السائقين أقول: ليس بالضرورة أن يكون هناك

يعني ....

وين؟

طالب: يعني بجي يحول مثلاً الخادمة اللي عنده، أراد أن يحول مالها هناك يأتي للبنك فيقول: حول مثلاً العملة الاندونيسية مثلاً وإلا ....

مثل هذا يعطيه شيك مصدق بالمبلغ الذي يريد يصرفه فوراً، يعطيه البنك شيك مصدق وكأنه أقبضه ثم يحول له هذا المبلغ.

طالب: لا، ما في الشيء هذا.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الآن هذا شيك مصدق من قبل البنك، لو قلت: لا أعطني الدراهم الآن؟ نعم؟ أنت الآن على البنك ما هو بيحول لك بنك ما تدري متى يصرف لك؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب والبنك الآن في حوزته وفي خزينته هذا المبلغ كامل ويخيرك أن تقبض أو لا؟ الأحوط أن تقبض، لكن الشيك المصدق الذي يمكن صرفه فوراً لا يحولك على بنك ثاني، يقول لك: غداً أو بعد غد، أو انتهى الدوام أو شيء من ذلك.

طالب:. . . . . . . . .

الآن عندنا عمليتين، عندنا صرف يحتاج إلى تقابض، وعندنا تحويل بنفس العملة، فأنت إذا حولت الريالات إلى جنيهات مصرية أو دولارات، وقال: هذا درهمك، هذه دولاراتك، ودراهمك الأولى معك بيدك، بحيث يكون يداً بيد، هذا لا إشكال فيه البتة، هذا هو الأصل، لكن لو قال لك البنك: والله الدراهم موجودة، تبي دراهم وإلا أصدر لك شيك مصدق؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 25

لا المسألة مسألة تحويل بواسطة البنك نفسه، لكن فرق بين أن يعطيك شيك مصدق والمبلغ في خزينته الآن بحيث لو طلبته أعطاك إياه، وبين أن يكون المبلغ كبير ما عنده شيء هو، نعم ما عنده، لكن يؤمنه لك، يعطيك هذا الشيك المصدق باعتبار أنه يستطيع أن يؤمنه في أي وقت تريده، هذا لا إذا لم يكن في خزينته فهو ما هو حكم المقبوض.

طالب:. . . . . . . . .

لا ما صار يداً بيد، لو قلنا: إنه تحويل في آن واحد، لا بد من التقابض في المجلس في المكان، ثم بعد ذلك يحول، هذا لا إشكال فيه إذا تم الصرف في المكان وقبض كل منهما ما يخصه، ثم تم التحويل ما في إشكال، لكن الإشكال في أن يتم الصرف كلام، ويحول المبلغ إلى بلد ثاني قبل التقابض، هذا ما حصل التقابض.

طالب:. . . . . . . . .

شوف الآن هل البنك الآن في خزينته ما يسدد هذا الشيك؟

طالب: ربما عنده أنا ما أدري ....

طالب: أكيد.

هو بيقل لك: بالخيار، خذ شيك وإلا خذ دراهم؟ تأخذ جنيهات، لكن أحياناً البنك يكون الصرف كبير جداً، ما عنده، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ما في خزينته ما يغطي هذا المبلغ، يعني تقول له: والله حول لي مليون ليرات لبنانية، هل في البنك ما يعادل مليون من الليرات اللبنانية في خزينته؟ ما عنده، مستحيل أن يكون في بنك ما يعادل مليون ريال من الليرات اللبنانية أو التركية أو غيرها من العملات الهابطة، يقولون: خذ شيك مصدق، نقول: لا يا أخي ما في تقابض، الشيك هذا ما عندك ما يقابله، لكن لو كان في الخزينة ما يخيرك بين هذا الشيك المصدق وبين هذا المبلغ المتوفر، لكن أنت نظراً لعظم أو كبر حجم هذا المبلغ تأخذ الشيك مصدق في مقابله هذا فيه مقابضة حكماً، ما هو مثل الشيك العادي أو يحولك على بنك ثاني بشيك ثاني، حتى لو حولك بشيك مصدق على بنك ثاني بيقول: والله فرعنا مثلاً في كذا فيه هذا المبلغ، روح اقبض منه، نقول: ما هو بقابضه؛ لأنك احتمال تذهب إلى البنك الثاني يقول لك: والله انتهى الدوام، ائت يوم السبت، ما يجي؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 26

أنت الآن عندك الشيك المصدق مال، هذا مال الآن ما يستطيع أحد يتصرف فيه، وحجز في وقته؛ لأنك بنفس البنك الأصلي الذي أعطاك الشيك المصدق فهو حجز المبلغ اللحظة هذه، الآن مكنت الصراف لو يقول لك: حولناه إلى حسابك يتم تحويله فوراً وإلا تنتظر؟

طالب:. . . . . . . . .

لا ما هو بفوراً، البنك اللي أنت قائم عليه الآن فوراً، لكن لو مثلاً من مكينة صراف ما يجيء.

طالب:. . . . . . . . .

إيه؟

طالب:. . . . . . . . .

والله ما أدري، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

ما هو بفوراً، ما يجي، لا، لا، ما يجي فوراً، لا، لا.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، شوف، ما يجي فوراً يا أخي، هو يحجز المبلغ من صاحبه الأول، لكن ما يأتي إلى الثاني إلا بعد مدة، وهذه حيل منهم؛ لأن الساعة تنفعهم، البنوك بقاء المال عندهم ساعة تنفعهم، كم يباع فيها من سهم، ويشترى من سهم في هذه اللحظة؟! المقصود أن هذه الأمور تحتاج إلى مزيد احتياط، ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، وأمر الربا شأن خطير جداً، فلا بد من أن يحتاط، من أراد الصرف قال: هات الجنيهات وخذ الريالات، مثل ما نقول: بع القديم واشترِ جديد، بع القديم واقبض الدراهم؛ لأنه يقول لك: أبيع القديم مثلاً جئت لصاحب الدكان هذه قطعة من الذهب قديمة مستعملة بكم؟ والله أشتريها بألفين، طيب خذها بألفين، ما أعطاه الدراهم، اشترِ بالألفين من عندي، هذه فيه تقابض؟ ما فيه تقابض، لا بد أن يقبض القيمة ثم يشتري بها الذهب الجديد، فعلى هذا

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ما في بأس، ما في بأس، أنت ما طلعت إلا تبي تشتري.

طالب: نعم؟

أقول: أنت ما طلعت إلى سوق الذهب إلا تبي تشتري، حتى في حديث -على ما سيأتي- في تمر خيبر النية مبيتة أنه يبي يشتري من النوع الجيد، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 27

إيه، إيه هذا الذي يشكو منه كثير من الإخوان، يقولون: إنه ما يتم الصرف .. ، يقولون: مستحيل أن يعطيك جنيهات مصرية ويحولها لك جنيهات مصرية، فهم متضررون على الحالين، فالمسألة مشكلة، لكن بإمكانه أن يصرف الآن، ويودعها عندهم، ويأخذ الشيك مصدق ويرسل الشيك، يصرفها عندهم بالجنيهات المصرية وبالعملات الأخرى، ويودعها عندهم، ويأخذ بدلها شيك مصدق ويرسل الشيك، ما في غير هذا.

طالب:. . . . . . . . .

إيه شيك، ما في أوضح منه.

((ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) لا بد أن يكون يداً بيد حقيقة لا حكماً، لا بد من أن يكون الأخذ والإعطاء في آن واحد حقيقة، حكماً زيد مدين لعمرو بألف ريال، وزيد عنده محل ذهب، فجاء عمرو واشترى من الذهب بألف ريال بقدر الدين الذي له، وقال: ادفع ألف، قال: والله الألف بذمتك، عندك لي ألف، فيه يداً بيد وإلا ما فيه؟ نعم؟ إذاً لا بد قبل ذلك أن يستوفي الألف ثم يشتري به ذهباً، هذا حقيقة، معنا يا الإخوان؟ أقول: زيد مدين لعمرو بألف ريال، وزيد عنده محل ذهب، جاء عمرو أشترى ذهب بألف ريال، قال: ادفع، لا بد يداً بيد، قال: لا اللي بذمتك، يكفي وإلا ما يكفي؟ وإلا نقول مثل بيع الذهب بالذهب، لا بد أن يبيع ويشتري، لا بد أن يبيع التمر ويشتري بقيمته، فيه قبض حكمي، هذا قابض؛ لأنه في ذمته له، فهو في حكم القابض، لكن كون النص يدل على القبض حقيقة يداً بيد تأكيد بألفاظ كلها تدل على أنها اليد لها دور يد الآخذ ويد المعطي كلها حاضرة في الحال في مجلس العقد، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ما يصلح مقاصة، نعم.

طالب: وعن عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- قال ....

هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

دين؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، لا بد نقد، لا يستدين بغير ذلك، لا ولا بدراهم، لا ما يجوز إلا بالوكالة يبيعه سمسار وكيل عنه، أما يشتري منه ولا ينقده الثمن لا، ويش إحنا نتكلم من اليوم؟ نعم.

ص: 28

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) رواه مسلم.

والذي بعده؟

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب وزناً بوزن، مثلاً بمثل، والفضة بالفضة وزناً بوزن، مثلاً بمثل، فمن زاد أو استزاد فهو ربا)) رواه مسلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ص: 29

"وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح)) " الذهب والفضة والبر والشعر والتمر والملح ستة، كلها ((مثلاً بمثل، سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) هذه الربويات الستة المجمع عليها، وما عداها مما يشاركها في العلة فتحريمه بالإلحاق، بالقياس عند الجمهور، والظاهرية لا ربا إلا في هذه الستة، عند الظاهرية لا ربا إلا في هذه الستة، وعند الجمهور يلحق بها ما يشاركها في العلة، فيلحق بالذهب والفضة ما يتعامل به من النقود، ويكون قيماً للمبيعات، ويلحق بالبر والشعير والتمر ما يشاركها في العلة من المطعومات مما يكال ويدخر ويقتات، ((مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) اختلفت هذه الأصناف المذكورة بعضها مع بعض؟ أو هي مع غيرها مما يشاركها في العلة أو مما يختلف معها؟ ننظر إلى الموجود، الذهب صنف، والفضة صنف، إذا اختلف المبيع مع المبيع معه صار صرف ذهب بفضة كيف شئتم، من حيث الوزن، كيف شئتم من حيث الوزن، إذا كان يداً بيد، هذا الذهب مع الفضة، نأتي إلى الذهب مع البر، فبيعوا اختلفت الذهب جنس أو صنف والبر صنف، اختلفت هذه ((فبيعوا كيف شئتم)) إذا كان يداً بيد يشترط هذا وإلا ما يشترط؟ يعني ما يجوز أن تشتري البر نسيئة، تشتريه بقيمة، ولولا هذا لما أبيح البيع إلى أجل في الربويات، ما يمكن. . . . . . . . . البيع بأجل إذا كان يداً بيد، لكن استثنوا القيم، نأتي إلى الأنواع الأخرى: بر بشعير، صنف واحد وإلا أصناف؟ بر بشعير هل نقول: إنه اختلفت هذه الأصناف نشتري صاعين شعير بصاع بر وإلا ما نشتري؟ إذا كان يداً بيد؟ نعم؟ سيأتي في حديث النهي عن بيع الطعام "كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الطعام بالطعام مثلاً بمثل)) وكان طعامنا يومئذٍ الشعير" وسيأتي الخلاف في أن البر مع الشعير صنف واحد أو صنفين، والجمهور على أنهما صنفان، وسيأتي قول مالك: إنهما صنف واحد ولا يجوز إلا مثلاً بمثل يداً بيد.

ص: 30

((والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر)) بر بتمر صاع بصاعين يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لكن إذا كان يداً بيد، اختلفت الأصناف، يعني الخلاف في البر والشعير هل هما صنفان أو صنف واحد سيأتي، والأكثر على أنهما صنفان، فتشتري صاع بر بصاعين شعير لا بأس إذا كان يداً بيد، وعلى قول مالك: إنهما صنف واحد؟ لا يجوز إلا مثلاً بمثل، يداً بيد.

((والتمر بالتمر، والملح بالملح)) بر بملح يجوز التفاضل وإلا ما يجوز؟ يجوز، تمر بملح يجوز وإلا ما يجوز؟ تمر بشعير يجوز إذا كان يداً بيد.

والحديث الذي يليه: حديث أبي هريرة:

"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب وزناً بوزن)) لا بد من التماثل في الوزن ((مثلاً بمثل، والفضة بالفضة وزناً بوزن مثلاً بمثل، فمن زاد -فأعطى الزيادة- أو استزاد -يعني طلبها- فهو ربا)) نسأل الله السلامة والعافية، وهذا تقدم شرحه في الحديث الذي قبله.

((الذهب بالذهب والفضة)) هذا وزن، ذهب بذهب وزن بوزن، والفضة وزن بوزن، وما بعدها من البر والشعير والتمر والملح وزن وإلا كيل؟ كيل، هل يجوز كيل الموزون أو وزن المكيل؟ هل يجوز بيع الذهب والفضة بالكيل؟ صاع فضة بصاع فضة؟ أو نقول: هذا لا بد فيه من الوزن؟ لا بد فيه من الوزن، والبر نشتري عشرة كيلو بر بعشرة كيلو؟ أو نقول: لا بد أن نشتري صاعين أو ثلاثة بصاعين أو ثلاثة؟ نعم؟ سيأتي تحقيقه -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بقيت الإشارة إلى أن الربا نوعان:

ص: 31

ربا الفضل، وربا النسيئة، والمقصود بربا الفضل: ربا الزيادة، وربا النسيئة ربا التأخير وعدم التقابض، وكل منهما محرم، وأما ربا النسيئة فالإجماع قائم على تحريمه، وجاء فيه الحديث الصحيح ((لا ربا إلا في النسيئة)) وعلى هذا يذكر عن ابن عباس أنه يجيز ربا الفضل، مع أنه ثبت عنه أنه يحرمه، وعامة أهل العلم على تحريمه، وأما الحديث ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:((لا ربا إلا في النسيئة)) لكن لا ربا أعظم من ربا النسيئة، لا ربا أعظم منه إلا في النسيئة، يعني ربا النسيئة أعظم من ربا الفضل، على أنه لا يتصور ربا نسيئة إلا بفضل، لا يتصور لا سيما في المعاملات الدائرة اليوم إلا مع النسيئة، ما في أحد يقول: هات ألف وأعطيك ألف ومائة حالة، أو أخذ عليك مكسب أربعة في المائة يداً بيد، ما يمكن، إلا أن مع ربا الفضل ربا النسيئة، نعم في الأنواع الأخرى التي يتصور فيها الجودة والرداءة يتصور فيها ربا الفضل دون ربا النسيئة، تمر رديء بتمر جيد يداً بيد، يتصور فيها ربا الفضل فقط، أو الشعير أو غيرها من الأنواع، وهذا أيضاً انعقد الإجماع على تحريمه بعد أن ذُكر الخلاف الأول وارتفع، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 32