المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هناك ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء، ذكرها البيهقي وعقد لها - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٨٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: هناك ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء، ذكرها البيهقي وعقد لها

هناك ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء، ذكرها البيهقي وعقد لها باباً في السنن الكبرى، فقال .. عد منها:((الشفعة كحل العقال)) يعني لفظ منكر، ((ولا شفعة لصبي ولا لغائب)) والحديث السابق يرد، و ((الشفعة لا ترث ولا تورث)) و ((الصبي على شفعته حتى يدرك)) يعني حتى يبلغ، ينتظر بها حتى يبلغ، و ((لا شفعة لنصراني)) و ((ليس لليهودي ولا للنصراني شفعة)) المقصود أن هذه ألفاظ ذكرها البيهقي في سننه، وهي ألفاظ منكرة، نعم.

وقال الحافظ أيضاً:

‌باب: القراض

عن صهيب -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: ((ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقراضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.

وعن حكيم بن حزام -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة: أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي. رواه الدارقطني، ورجاله ثقات.

وقال مالك في الموطأ: عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما، وهو موقوف صحيح.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القراض

ص: 18

القراض أن يتفق اثنان يكون المال من أحدهما والعمل من الآخر، وتسمى مضاربة، يعني في لغة أهل الحجاز قراض، وفي لغة غيرهم مضاربة، مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر؛ لأن هذه المعاملة في الغالب تحتاج إلى سفر، من الضرب في الأرض، فالمضاربة والقراض بمعنى واحد، يتفق اثنان على أن يكون من أحدهما المال، والثاني عليه العمل، هذه مضاربة وقراض، هذا النوع من المعاملة موجود قديماً وحديثاً، وتشريع مثل هذا النوع وهو نوع من الشركة لا شك أن فيه مصلحة لجميع الأطراف، فقد يكون صاحب المال لا يحسن التجارة، وقد يكون مشغولاً بغيرها، منشغلاً عنها بتعلم أو بتعليم أو ما أشبه ذلك، وقد يكون مؤثراً للراحة، فماله يخدمه، والآخر قد يحسن التجارة، وعنده وقت، ولديه جلد، ومحب للعمل لكنه لا مال له، فإذا اشترك هذا مع هذا على أن يكون الربح بينهما هذا عين المصلحة، لكن لا بد أن يكون من أحدهما شيء، والثاني منه شيء أخر، أما أن يشترك على لا شيء، ويتفق على لا شيء، هذا لا يجوز، يعني لو جاء شخص واشترك مع شخص قال: أنا أكفلك وتشتغل باسمي، مني الاسم ومنك العمل، هذه شركة وإلا لا؟ هذه ليست بشركة، هذا أكل أموال الناس بالباطل وليست بشركة، والعلماء يفتون بتحريمها من وجوه، والأنظمة تمنعها، وعلى كل حال لا بد أن يوجد في مقابل المال الذي يأخذه جهد إما بدني أو مالي، هذا النوع من الشركة فيه قضاء على البطالة التي يتذمر منها ويشكو كثير من المجتمعات، فإذا تعاون الناس بمثل هذه الطريقة استفاد الكل، استفاد صاحب المال نمو المال، واستفاد صاحب العمل عمل وربح يتقوت منه، فلا يكون عالة يتكفف الناس.

يقول -رحمه الله تعالى-:

ص: 19

"عن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف جداً" وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، لكنه ضعيف، لا يصل إلى حد الوضع لكنه ضعيف لا يبنى عليه حكم، لكن الأمور المذكورة البيع إلى أجل من حيث الحكم الشرعي حلال أو ليس بحلال؟ {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] حلال بالإجماع، البيع إلى أجل، المقارضة أيضاً أجمع العلماء على جوازها التي هي المضاربة، وخلط البر بالشعير يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، اتفاقاً يجوز، للبيت لا للبيع، نأتي إلى بركة البيع إلى أجل، انتهينا من كون الحديث يعول عليه في إثبات هذا الحكم، لكن هل فيه بركة البيع إلى أجل؟ البيع إلى أجل فيه تيسير على المشتري، وفيه أيضاً إن زيد في قيمة السلعة ربح للبائع، فالبركة من هذه الحيثية صحيحة، ولو لم يثبت الخبر، المقارضة يعني كون الناس يتشاركون على هذا النوع من الشركة، يجتمعون على هذا النوع هذا عنده مال وهذا عنده جهد وعنده فراغ، وعنده خبرة يتعاونان فيسخر هذا المال ويعمل بهذا المال ما يدر على الطرفين، فلا شك أن فيها شيء من البركة؛ لأن صاحب المال يستفيد الربح إن وجد، والعاطل الذي لا مال له يستفيد من كده ويربح بسببه.

ص: 20

((وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) من أجل إيش؟ يعني البر غالي الثمن والشعير رخيص، فإذا خلط هذا بهذا فبدلاً من أن يشتري طعام من البر لمدة سنة بألف يشتري بخمسمائة بر أو بمائة شعير، ويكفيه ستمائة بدل من الألف، وأيضاً البركة من جهة أخرى، الطعام الجيد في الغالب ينفذ بسرعة، صح وإلا لا؟ لماذا؟ يؤكل، لكن إذا خلط بغيره ونزلت جودته عن مائة بالمائة إلى ثمانين بالمائة، بدل من أن يؤكل الطعام بشهر يؤكل بشهرين، والنبي عليه الصلاة والسلام أكل الشعير، وخبز الشعير، والله المستعان، يعني هذا ما يضير الإنسان أن يأخذ نوع من غير الجيد، لكن ما يقال له: تأكل شيء لا تسيغه، لا، لا يلزم بأكل شيء لا يسيغه، لكن لو تواضع وأكل من الأقل مما يسيغه كان طيب، وتحصل البركة حينئذٍ من جهات، وكان في البادية يفضلون بعض الأنواع من التمر الأقل على النوع الأجود، بحيث كانوا يغشون بالجيد، يغشون بالسكري الجيد، ليش؟ لأن السكري ينتهي بسرعة، فيأخذون من النوع الأقل ليمتد مدة طويلة، ومنه هذا النوع، للبيت لا للبيع، نعم تأكل أنت الأقل، تستعمله لنفسك لا بأس، ما لم يكن بخل أو شح أو تقتير على النفس، هذا شيء أخر، لكن من باب التواضع، ومن باب الصدقة بالقدر الزائد مثلاً، أو التوسع به في أمور أخرى لمقاصد حسنة مطلوب هذا، نظير هذا خلط اللبن بالماء، يعني للشرب يكثر وبحيث يشرب الجميع من أهل البيت لكن للبيع؟ لا، خلط البر بالشعير للبيع غش، خلط اللبن بالماء للبيع أيضاً غش فلا يجوز، وعلى كل حال هذه الأمور بالتجربة ثبتت بركتها، لكن لا يعني أن الخبر والحديث صحيح ولا ثابت.

والحديث الذي يليه:

ص: 21

عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي. هذا المضارب الذي دفع المال، ومن باب الاحتياط له أن يشترط على صاحبه أن لا يعرض المال للتلف، فيشترط عليه، كونه يشترط عليه أن لا يبيع سلع محرمة هذا أمر مفروغ منه، لا بد إذا غلب على ظنه، أو خطر على باله أن هذا الشخص يمكن أن يتساهل ويبيع أشياء محرمة لا بد أن يشترط عليه، وقل مثل هذا في المستأجر، إذا جاء شخص يستأجر محل، أو يستأجر بيت وخشيت يعني دلت القرائن على أنه يمكن أن يستعمل البيت هذا في أمور لا تجوز عليك أن تشترط، لا بد أن تشترط لئلا تكون متعاوناً مع هذا الشخص على الإثم والعدوان، حكيم بن حزام وهو على اسمه في باب التجارة حكيم، كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة يعني يدفع مالاً لمن يضارب به، ويكون الربح بينهما مقارضة، يعني مضاربة أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، عرضة لأن تموت، تقول: أشتري بهذا المليون الذي أعطيتني أبل، قد تموت، اشتري غنم تموت، بقر تموت، وإلا الشواهد كثيرة، يعني إذا جاءت الباخرة فيها نسبة كبيرة ميتة، فمن هذا الباب يشترط عليه، فضلاً عن أن تكون هذه السلعة من السلع الغالية، يعني يعطيه مثلاً مليون يشتري له اثنين من الإبل على خمسمائة ألف، واحد قرصته حية ومات، وواحد كثر الأكل ومات وانتهى المليون، لكن لو اشترى بهذا المليون عشرة آلاف نسخة من فتح الباري مثلاً، ما تموت، تبقى يعني، يعني لو جاءها رطوبة جاءها شيء لكن يبقى شيء كثير، لكن هذا البعير الذي اشتري بنصف مليون قرصته حية ومات وانتهى الإشكال، من أجل هذا كانوا يتخوفون مما يتعرض للموت.

"ولا تحمله في بحر" جاءت الباخرة وهي محملة بالبضائع لفلان غرقت وانتهى خلاص، غرقت الباخرة، لكن في تريلات في سيارات انقلبت التريلة وانقلب القطار تبقى المواد موجودة، ما هو مثل الغرق، يعني شيء دون شيء، يعني تلف دون تلف.

ص: 22

"ولا تنزل به بطن مسيل" يعني مجرى السيل في الوادي، وهذا خطر، فلا تجعل فيه لا الأرواح، لا ينام الإنسان في بطن مسيل، ولا مجرى وادي، ولا يعمر مسكن في بطن مسيل ولا وادي، ولا يجعل بضاعته في هذا المكان؛ لأن السيل يأتيه بغتة، ثم بعد ذلك يقضي عليه، وبعض الناس ما عندهم خبرة، يريد أن يؤمن مسكن، وعمر كثير من الناس في أودية فلما جاءت السيول غرقوا، وطمرت السيول بيوتهم، لكن المسئولية على من؟ على أهل الخبرة من البلدية وغيرهم، ما تعطي تراخيص في مثل هذه الأماكن، وإلا الناس كثير منهم ما يحسب حساب، ومُثل خصمان أمام قاضٍ فقال المدعي: إن هذا اعتدى على شيء من أرضي، وأخذ من الوادي أيضاً، قال: أنت طالب بأرضك والوادي يأخذ حقه، أنت ما لك إلا تطالب أرضك، وبالفعل لما جاء الوادي ضف وشال كل ما أمامه، فمثل هذا لا شك أنه خطر، وجعل الأموال في هذا المكان مخاطرة وتعريض للمال للتهلكة.

"فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي" يعني عليك أن تضمن، أنا الآن أشترط عليك أن لا تضع المال في هذه الأشياء التي تتلفها جملة، أما التلف الجزئي يوجد، وفي جميع البضائع، وفي جميع الظروف والأحوال يوجد التلف الجزئي، لكن شيء دون شيء، التلف الجزئي أسهل من أن تتلف البضاعة بكاملها.

"رواه الدارقطني، ورجاله ثقات" بل سنده في غاية الصحة.

"وقال مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما، وهو موقوف صحيح" وهذا دليل على أنه المضاربة موجودة في عصر الصحابة من غير نكير، وفعلها الخليفة الراشد، فهي جائزة لا إشكال فيها، وهي مجمع عليها، ونقل الإجماع عليها.

الطالب:. . . . . . . . .

لا لا، هذه ما هي مضاربة، هذا نصب واحتيال.

الطالب:. . . . . . . . .

هذا احتيال أن يأخذ اسم غيره ويقدمه على صندوق التنمية، أو على بنك يساهم به، سواء كان بأجرة أو قيمة أو بدون أجرة كل هذا لا يجوز، وهذا يوقع في كثير من الحرج والإشكالات، فإذا ساهم باسم فلان ثم ارتفعت الأسهم أضعاف ثم جحده فلان، والله الأسهم باسمي أنا أروح أبيعها، والمحاكم فيها كثير من هذه المشاكل، يعني العقود التي لها ظاهر وباطن مثل هذه توقع في إشكالات، وفي خصومات ونزاع، والشرع لا يأتي بمثل هذا.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك

ص: 23