المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم التوسل إلى الله بالأنبياء والصالحين - شرح جامع الترمذي - الراجحي - جـ ١٦

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الطهارة [15]

- ‌ما جاء في التيمم

- ‌شرح حديث عمار في أمر النبي له بالتيمم للوجه والكفين

- ‌الجمع بين حديث: (التيمم للوجه والكفين) وحديث (تيمننا إلى المناكب والآباط)

- ‌ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً

- ‌شرح حديث: (كان رسول الله يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً)

- ‌ما جاء في البول يصيب الأرض

- ‌شرح حديث قصة الأعرابي الذي بال في المسجد

- ‌أقوال العلماء في كيفية تطهير الأرض المتنجسة

- ‌الأسئلة

- ‌توجيه الجمع بين لفظ الجلالة والذئب بحرف الواو في حديث (لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه)

- ‌حكم قبول العطية من القريب والإنفاق منها في الحج

- ‌قراءة سورة الأعراف في صلاة المغرب

- ‌حكم التوسل إلى الله بالأنبياء والصالحين

- ‌حكم قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة

- ‌درجة حديث (من زارني وجبت له شفاعتي)

- ‌حكم رفض المرء تسمية والده لولده

- ‌معنى الظن الوارد في النصوص الشرعية

- ‌حكم الاستماع للأبيات الشعرية المصحوبة بالدف

- ‌الأجر في قتل الوزغ

- ‌معنى مشير

- ‌حكم الصلاة بين السواري

- ‌حكم إطلاق لفظة الطواف على غير الطواف بالبيت

- ‌كروية الأرض ودورانها

- ‌حكم الدعاء أثناء الموعظة

- ‌حقيقة عصمة الأنبياء

- ‌حكم القول بأن النبي فشل في دعوته في مكة ثلاثة عشر عاماً

- ‌معنى قوله تعالى: (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض)

- ‌آدم عليه السلام بين النبوة والرسالة

- ‌الفرق بين النبي والرسول

- ‌درجة حديث خروج الناس من دين الله أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً

- ‌حكم الإيثار في القربات

- ‌حكم الاستياك أثناء الدرس وعند إجابة المؤذن

- ‌حكم العمل بالروايات المتنوعة في الأذان

- ‌حكم تلحين الأذان

- ‌حكم بيع العينة

- ‌حكم تأويل صفة الهرولة بالرحمة والإسراع بالخير

- ‌حكم رفع المأموم السبابة أثناء قراءة الإمام

- ‌حكم تحية المسجد لمن تكرر خروجه من المسجد

- ‌شمول الدعاء بعد التشهد الأخير للفريضة والنافلة

- ‌الفرق بين المعية الخاصة والمعية العامة

- ‌حكمة جعل الغراب من الفواسق الجائز قتلها

- ‌حكم تقديم الزكاة لأعوام مع زيادة المال بعد ذلك أو نقصانه

- ‌حكم الإنفاق على طلاب العلم من الزكاة

- ‌حكم الكدرة والصفرة قبل الحيض وبعده وأثناءه

- ‌حكم زكاة الدين

الفصل: ‌حكم التوسل إلى الله بالأنبياء والصالحين

‌حكم التوسل إلى الله بالأنبياء والصالحين

‌السؤال

ورد في مجلة الإصلاح الإماراتية في قسم الفتوى حكم التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأنبياء والصالحين، ثم ساق الكاتب أدلة على جوازه، فما قولكم؟

‌الجواب

التوسل بالأنبياء والصالحين فيه تفصيل، فإن كان المقصود التوسل بمحبة الأنبياء والإيمان بهم فهذا مشروع، كأن تقول: أتوسل إليك بمحبة نبيك وإيماني به، فهذا جائز، أما التوسل بذواتهم فهذا من البدع، مثل التوسل بذات فلان أو بجاه فلان أو حق فلان، فهذا من البدع، وكون الكاتب يستدل على جواز التوسل بالأنبياء والصالحين مطلقاً بقوله تعالى في سورة الإسراء:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء:57]، ويقول: الوسيلة: القربى، وقيل: الدرجة، وقوله:(أيهم أقرب) معناه: ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به، نقول: لا، فالآية:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء:57]، المراد بالوسيلة فيها: هي التقرب إلى الله بطاعته، فيرجون رحمته ويخافون عذابه.

ثم قال الكاتب: كما قال البغوي وغيره في التفسير، وأيضاً لما أخرجه الترمذي وابن ماجة في سننهما والنسائي في عمل اليوم والليلة والطبراني والحاكم والبيهقي وصححوه عن عثمان بن حنيف:(أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه في، قال عثمان بن حنيف: والله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط) والأدلة في ذلك متظافرة! أقول: هذا الحديث يسمى حديث الضرير، وقد اختلف العلماء: هل هو صحيح أو ضعيف؟! والصواب أنه صحيح، ولكن فيه التوسل بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وبدعائه وهو حي، والرسول صلى الله عليه وسلم يدعو وهو يؤمن، ولهذا قال:(اللهم شفع في نبيك) يعني: اقبل دعاءه، فهذا توسل في حياته بدعائه، وهذا ليس فيه إشكال، وليس فيه خلاف، فكونك تتوسل بدعاء حي حاضر يدعو الله لك لا بأس به، لكن التوسل بميت ممنوع، ولهذا كان الصحابة يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستسقون به إذا أجدبوا، وكان عليه الصلاة والسلام يدعو وهم يؤمنون، فلما مات عليه الصلاة والسلام توسلوا بـ العباس.

وكان عمر إذا أجدب قال: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، قم -يا عباس - فادع الله) فلو كانوا يتوسلون بذاته لتوسلوا بذاته وهو في قبره عليه الصلاة والسلام، لكن لما عدلوا عن التوسل به بعد موته إلى العباس دل على أنهم كانوا يتوسلون بدعائه في حياته، فلما مات صار هذا غير ممكن.

فالتوسل بالأنبياء والصالحين بذواتهم هذا ممنوع عند أهل السنة والجماعة وهو من البدع، كالتوسل بذات الرسول أو بجاهه أو بحقه، فهذا ممنوع، وهو من البدع، أما التوسل بمحبة الرسول والإيمان به واتباعه فهذا هو أصل الدين وهو جائز.

ثم قال الكاتب: ولا فرق في ذلك بين حياتهم ومماتهم، وذلك لأن التوسل في الحقيقة ليس بذواتهم المجردة، وإنما هو بما لهم من منزلة ومكانة وجاه عند الله سبحانه وتعالى، فهو باق في الحياة وبعد الممات.

أقول: هذا خطأ، والصواب أن التوسل بهم في حياتهم فقط بدعائهم، أما بعد الموت فلا يتوسل بهم، إلا إذا توسل بالإيمان بالأنبياء ومحبة الصالحين فلا بأس؛ لأن الإيمان بالرسول ومحبة الصالحين هو عملك أنت، أما التوسل بذواتهم فهذا ممنوع، فلا يتوسل بهم إلا في حياتهم بدعائهم، أما بعد الموت فممنوع، ولهذا يتبين أن هذا خطأ على طريقة أهل البدع.

ص: 14