المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثا) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٢٥٣

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[253]

- ‌فيما عني به الطلاق والنيات

- ‌شرح حديث: (إنما الأعمال بالنيات)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إنما الأعمال بالنيات)

- ‌حديث: (إنما الأعمال بالنيات) من غرائب الصحيح

- ‌شرح حديث: (فقلت لامرأتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله سبحانه في هذا الأمر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (فقلت لامرأتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله سبحانه في هذا الأمر)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم قول الرجل لامرأته: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق)

- ‌حكم الإشهاد في الطلاق

- ‌الفرق بين قول الرجل لزوجته: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق) وقوله: (أنت طالق طالق طالق)

- ‌سبب تقريظ كتاب مدارك النظر

- ‌الخيار

- ‌شرح حديث عائشة: (خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدّ ذلك شيئاً)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدّ ذلك شيئاً)

- ‌أمرك بيدكِ

- ‌شرح حديث أبي هريرة: (أمرك بيدك)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (أمرك بيدك)

- ‌حكم قول: (أمركِ بيدكِ)

- ‌ألبتة

- ‌شرح حديث: (أن ركانة طلق امرأته ألبتة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (أن ركانة طلق امرأته ألبتة)

- ‌شرح حديث: (أن ركانة طلق امرأته ألبتة) من طريق ثانية وتراجم رجاله

- ‌شرح حديث: (أن ركانة طلق امرأته ألبتة) من طريق ثالثة وتراجم رجاله

- ‌الفرق بين (ألبتة) و (أمرك بيدك)

- ‌الوسوسة بالطلاق

- ‌شرح حديث: (إن الله تجاوز لأمتي عما لم تتكلم به أو تعمل به وبما حدثت به أنفسها)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله تجاوز لأمتي عما لم تتكلم به أو تعمل به وبما حدثت به أنفسها)

- ‌الرجل يقول لامرأته يا أختي

- ‌شرح حديث: (أن رجلاً قال لامرأته يا أُخية)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (أن رجلاً قال لامرأته يا أُخية)

- ‌حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول لامرأته: يا أخية) من طريق ثانية وتراجم رجاله

- ‌الاختلاف في إرسال ورفع الحديث الذي فيه: (سمع رجلاً يقول لامرأته: يا أخية) وتراجم رجال الإسناد

- ‌شرح حديث: (إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثاً)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثاً)

- ‌طريق أخرى لحديث: (إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثاً) وتراجم رجاله

- ‌الأسئلة

- ‌معنى قوله في ذات الله

- ‌حكم إطلاق كلمة الذات على الله

- ‌سبب قول إبراهيم: (إنها أختي)

- ‌مشروعية الصلاة والسلام على جميع الأنبياء

- ‌الفرق بين التورية والمعاريض

- ‌الفرق بين التورية والتقية

- ‌الإكثار من التورية دون حاجة

- ‌حكم قول الرجل لزوجته: (أم المؤمنين)

- ‌حكم قول الرجل لزوجته: (يا أختي) أو (يا أمي) على سبيل التوقير والاحترام

- ‌حكم نفي المحدث عن نفسه أنه حدث بالحديث

- ‌حكم اشتراط العصمة للمرأة في عقد النكاح

- ‌حكم قول الرجل لامرأته: (أمركِ بيدكِ) أو (لكِ الخيار)

- ‌حكم استمرار تخيير الزوج لامرأته بقوله: (أمركِ بيدكِ)

- ‌حكم التسمية بعبد المطلب، ورأي ابن حزم في ذلك

الفصل: ‌شرح حديث: (إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثا)

‌شرح حديث: (إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لم يكذب قط إلا ثلاثاً: ثنتان في ذات الله تعالى، قوله: {إِنِّي سَقِيْمٌ} [الصافات:89] وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيْرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء:63]، وبينما هو يسير في أرض جبار من الجبابرة إذ نزل منزلاً فأتي الجبار فقيل له: إنه نزل ههنا رجل معه امرأة هي أحسن الناس، قال: فأرسل إليه فسأله عنها، فقال: إنها أختي، فلما رجع إليها قال: إن هذا سألني عنك فأنبأته أنك أختي وأنه ليس اليوم مسلم غيري وغيرك وإنك أختي في كتاب الله، فلا تكذبيني عنده) وساق الحديث].

قوله: [(إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكذب إلا ثلاث كذبات)] وكل هذا الثلاث فيها تورية، وفيها مجال لمعانٍ أخرى غير أن يكون الإنسان كاذباً؛ ولكن في الظاهر حسب ما يفهم السامع هي كذب، ولكنه في الحقيقة ليس بكذب.

قوله: [(ثنتان في ذات الله عز وجل: إحداهما: قوله: {إِنِّي سَقِيْمٌ} [الصافات:89])] يعني: أنه مريض، فيه سقم، وقيل: هذا محمول على أن قلبه فيه تألم وفيه تعب من فعلهم وصنيعهم وكونهم يعبدون الأوثان، فقلبه فيه السقم، من جهة التعب والتألم، وهو حقيقة، وكونه مريض أو متعب أو لا يستطيع الذهاب، هذا احتمال، وهذا هو الذي فهموه، وفيه معنىً آخر وهو أن قلبه سقيم متألم متأثر لصنيعهم ولفعلهم وكونهم يعبدون الأوثان ويعبدون هذه الأحجار التي لا تملك شيئاً لنفسها فضلاً عن غيرها.

قوله: [(وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيْرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء:63])] وهذا من باب الإلزام في المناظرة، يعني: إذا كان هذا معبودكم وأنتم ترجون منه النفع فإذاً: هو الذي فعل هذا، أي إذا كان كذلك فهو الذي فعل هذا، وهو لا يفعل هذا؛ لأنه جماد، ولا يدفع الضر عن نفسه ولا عن غيره، ولا يفيد نفسه ولا يفيد غيره.

قوله: [(في ذات الله عز وجل] أي من أجل الله جل وعلا، وحتى الثالثة فهي من أجل الله عز وجل؛ لأنها لدفع الضرر عن زوجته، وهي في ذات الله؛ ولكن لما كانت الثنتان متمحضتين في أن ذلك لله وأما هذه ففيها شيء من حظ النفس وفيها شيء يتعلق بمصلحته وفائدته لكونها زوجته؛ قال عن الاثنتين أنهما [(في ذات الله)] وإن كانت الثلاث كلها في ذات الله من جهة أنه يريد بالثالثة أن يحمي زوجته وأن يحفظ زوجته وأن يدافع عن زوجته وأن يخلص زوجته من أن يقع لها شر أو بلاء، فهذه في ذات الله عز وجل، وهذه كلها تورية.

قوله: [(إن هذا سألني عنك فأنبأته أنك أختي، وإنه ليس اليوم مسلم غيري وغيرك، وإنك أختي في كتاب الله)]، لعل المقصود بذلك في ذلك المكان، وإلا فإنه في غير ذلك المكان يوجد مسلمون كثير، ومنهم لوط، كما قال تعالى:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت:26] وكان في زمانه، فيحمل على أنه في ذلك المكان ليس هناك مسلم سواه وإياها.

والمقصود أن قوله: [(إنها أختي)] فيه التورية للتخلص من الشر الذي قد يحصل له، والتورية عند الحاجة إليها سائغة.

وهذا يأتي كثيراً في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يمزح صلى الله عليه وسلم ولا يقول في مزحه إلا حقاً، ومن ذلك قصة المرأة التي قال لها:[(لا يدخل الجنة عجوز)]، فالرسول صلى الله عليه وسلم يريد أنها لا تدخل الجنة وهي عجوز، وإنما تدخل وقد عاد إليها شبابها، وهي فهمت أنها لا تدخل الجنة، فتألمت، ثم بعد ذلك بيَّن أنهن يدخلن وهن شابات، فهذه تورية.

والجمع بين هذا الحديث والذي قبله: أن هذا للضرورة، وهو تورية وليس فيه احتمال بالمعنى الباطل، وهو ما قاله إلا للحاجة، ما قاله اختياراً وإنما قاله مضطراً، ولهذا قال لها ما أراد؛ لأنه شيء جديد وليس بشيء مألوف عنده أنه يخاطبها ويقول لها: يا أختي، أو يتكلم معها بـ (أختي)، ما قال إلا هذه المرة، ومع ذلك بيّن لها.

ص: 34