المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث (الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٣٦٢

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[362]

- ‌الخروج من الطاعون

- ‌شرح حديث (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)

- ‌الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة

- ‌شرح حديث (اللهم اشف سعداً وأسلم له هجرته)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (اللهم اشف سعداً وأسلم له هجرته)

- ‌شرح حديث (أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني)

- ‌الدعاء للمريض عند العيادة

- ‌شرح حديث (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات)

- ‌شرح حديث (إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشف عبدك

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشف عبدك

- ‌الأسئلة

- ‌تدريس ووعظ النساء من وراء حجاب

- ‌الأطفال ودخول الجنة

- ‌حكم عيادة المبتدع

- ‌طهور إن شاء الله: دعاء أم إخبار

- ‌العمرة عن الأب الحي

- ‌إعطاء المدرس للطلاب درجات زائدة عن حقوقهم

- ‌مصافحة المرأة لخالها وتقبيله إياها

- ‌كراهية تمني الموت

- ‌شرح حديث (لا يدعونّ أحدكم بالموت لضر نزل به)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا يدعونّ أحدكم بالموت لضر نزل به)

- ‌شرح حديث (لا يدعون أحدكم بالموت لضر نزل به) من طريق أخرى

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا يدعون أحدكم بالموت لضر نزل به) من طريق أخرى

- ‌موت الفجأة

- ‌شرح حديث (موت الفجأة أخذة أسف)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (موت الفجأة أخذة أسف)

- ‌فضل من مات في الطاعون

- ‌شرح حديث (الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم تسمية من مات بحادث سيارة شهيداً

- ‌السرطان ودخوله في داء البطن

- ‌حكم العمليات الاستشهادية

- ‌أخذ المريض من أظفاره وعانته

- ‌شرح أثر خبيب في استعارته الموسى كي يستحد بها عندما أجمع المشركون على قتله

- ‌تراجم رجال إسناد أثر خبيب في استعارته الموسى كي يستحد بها عندما أجمع المشركون على قتله

- ‌استشكال وجوابه

الفصل: ‌شرح حديث (الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد)

‌شرح حديث (الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في فضل من مات في الطاعون.

حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك -وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه- أنه أخبره أن عمه جابر بن عتيك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غُلب، فصاح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال:(غُلبنا عليك يا أبا الربيع!)، فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دعهن، فإذا وجب فلا تبكين باكية، قالوا: وما الوجوب يا رسول الله؟! قال: الموت، قالت ابنته: والله! إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت جهازك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن الله عز وجل قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشهادة سبعٌ سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمْعٍ شهيدة)].

ثم أورد أبو داود باب: فضل من مات في الطاعون، أي: أن ذلك يعتبر شهادة، وهو من قبيل الشهادة من حيث الحُكم، فحكمه حكم الشهيد، وقد بوب النووي رحمه الله في (رياض الصالحين) باباً، فقال: باب ذكر جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة، ويغسلون ويصلى عليهم، ويعني: أنهم شهداء من حيث ثواب الآخرة وليسوا شهداء من ناحية أنهم قتلوا في سبيل الله، وأنهم يأتون يوم القيامة اللون لون الدم، والريح ريح المسك، فهذا هو شهيد المعركة الذي قتل في سبيل الله، وهو الأصل والمعروف في الشهادة، وهناك أناس جُعل حكمهم حكم الشهداء من حيث أنهم يثابون ثواباً عظيماً في الآخرة، كما أن للشهداء أجراً عظيماً، وإن لم تكن أحكامهم كأحكام الشهداء الذين لا يغسلون، ويدفنون في ثيابهم، ويدفنون في دمائهم؛ ليكون ذلك علامة لهم يوم القيامة، كما جاء في الحديث:(اللون لون الدم، والريحة ريح المسك).

ذكر أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب، فصاح به)، هذا يدل على مشروعية عيادة المريض.

قوله: (فوجده قد غلب) يعني: أنه على وشك الموت، أو أنه قد فارق الحياة، (فصاح به) أي: كلمه ليعرف هل ما زال على قيد الحياة (وقال: غُلِبْنَا عليك يا أبا الربيع!) يعني: أنك قد فتَّ، وخرجت روحكَ قبل أن ندرككَ حياً.

قوله: (فصاح النسوة وبكين) أي: لما سمعن صوت الرسول يخاطبه ويناديه صِحن وبكين.

قوله: (فجعل ابن عتيك) وهو الراوي، (يُسكتهن).

قوله: (دعهن، فإذا وجب فلا تبكين باكية) أي: إذا حصل الموت فلا تبكين باكية، أي: لا تنح نائحة، فالمقصود بالبكاء هنا النياحة، وأما البكاء الذي هو دمع العين وحزن القلب فهذا لا بأس به، وقد حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم:(إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم! لمحزونون)، فالبكاء الذي هو دمع العين، وحزن القلب إنما هو رحمة من الله عز وجل، ولا يملكه الإنسان، وأما أن يرفع صوته فهذا هو الأمر محرم، وقد تبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة والشاقة، والصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، وهذا شيءٍ يستطيع الإنسان أن يتركه، وأما مجرد البكاء ودمع العين وحزن القلب فهذا لا يملكه الإنسان، وإنما يأتي من غير اختيار، وهو معذور في ذلك.

قوله: (وما الوجوب يا رسول الله! قال: الموت)، أي: إذا حصل موت.

قوله: (قالت ابنته: والله! إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت جهازك) أي: أنها تثني عليه، وقولها:(إني أرجو أن تكون شهيداً) تعني: شهيد المعركة، (لأنك قد قضيت جهازك) تعني: أنه قد استعد وتجهز للقتال، فمات قبل أن يخرج، وقولها هذا فيه دليل على عدم الجزم بالشهادة.

قوله: (إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته)، فقد نوى الخروج في سبيل الله، فتجهز وتهيأ وأعد لذلك العدة، فأوقع الله أجره على قدر نيته، وهذا يدلنا على أن النية لها أثر عظيم، فهو يموت دون أن يفعله ومع ذلك، فإنه يحصل الأجر على ذلك، وقد جاء في الحديث الذي في غزوة تبوك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في الطريق قال:(إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العذر) أي: أنهم بنياتهم مع المجاهدين في سبيل الله، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في فقه غزوة تبوك: إن الجهاد يكون بالنية، ويكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالمال وبالنفس، فالإنسان يجاهد بنفسه وبماله وبنيته وبلسانه، فكل هذه يقع بها الجهاد، وهذا الحديث يدل على ذلك، فقد أوقع الله أجره على قدر نيته، والحديث الذي ذكرناه آنفاً في غزوة تبوك يدل على أنهم مجاهدون بنياتههم وبقلوبهم المتعلقة والحريصة على الخروج في سبيل الله، ولكنهم لم يستطيعوا ذلك، ولم يقدر النبي على تمكينهم منه؛ لكونه لم يجد الظهر الذي يحقق به رغبتهم في ذلك، ولهذا قال الله فيهم:{إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} [التوبة:92].

قوله: (وما تعدون الشهادة فيكم؟ قالوا: القتل في سبيل الله) فهذا هو الذي يعرفونه أن الشهادة هي القتل في سبيل الله، فإذا قتل الإنسان في سبيل الله، أو مات في سبيل الله وكان غازياً وخارجاً لقتال الكفار فهذا هو الذي يكون في سبيل الله.

قوله: (الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله)، ثم ذكر هذه السبع، (المطعون شهيد) وهذا هو محل الشاهد، فالمطعون هو الذي أصابه الطاعون ومات به.

قوله: (والغريق شهيد) وهو الذي مات بالغرق.

قوله: (وصاحب ذات الجنب شهيد)، وذات الجنب مرضٌ يكون في الجنب، ويموت بسببه الإنسان.

قوله: (والمبطون شهيد) وهو الذي أصابه المرض في بطنه، كأن يكون فيه إسهال ومات بسبب ذلك، فإنه يكون شهيداً، لأنه مات من وجع البطن.

قوله: (وصاحب الحريق شهيد) يعني: الذي مات في الحريق.

قوله: (والذي يموت تحت الهدم شهيد) يعني: هو الذي يسقط عليه بنيان أو جدار فيموت بسبب ذلك.

قوله: (والمرأة تموت بجمعٍ شهيدة) يعني: في الولادة، أي: أنها تموت وفي بطنها ولد، أو تموت في نفاسها، فإنها تكون شهيدة.

ص: 32