المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٥٥٨

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[558]

- ‌ما جاء في الانتصار للنفس

- ‌شرح حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر)

- ‌شرح حديث (أن رجلاً كان يسب أبا بكر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً كان يسب أبا بكر)

- ‌حكم الانتصار للنفس

- ‌شرح حديث عائشة (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش)

- ‌النهي عن سب الموتى

- ‌شرح حديث (إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه)

- ‌حكم الوقوع في المسلم

- ‌حكم سب موتى الكفار

- ‌شرح حديث (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم)

- ‌النهي عن البغي

- ‌شرح حديث (كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين)

- ‌وقوع النعيم والعذاب للإنسان بعد موته

- ‌شرح حديث (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة)

- ‌ما جاء في الحسد

- ‌شرح حديث (إياكم والحسد)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إياكم والحسد)

- ‌شرح حديث (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم)

- ‌بيان أن أنس بن مالك لم يتأمر على المدينة

- ‌حكم زيارة الأماكن الأثرية

- ‌باب في اللعن

- ‌شرح حديث (إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء)

- ‌شرح حديث (لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضب الله ولا بالنار)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضب الله ولا بالنار)

- ‌شرح حديث (لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء)

- ‌شرح حديث ابن عباس في النهي عن لعن الريح

- ‌تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النهي عن لعن الريح

- ‌الأسئلة

- ‌حكم قول: (عليه من الله ما يستحق)

- ‌حكم لعن من مات على الكفر

- ‌الفرق بين ابن علية الثقة وابن علية الجهمي

- ‌حكم قول: فلان هالك

- ‌حكم الإقسام على الله عز وجل

الفصل: ‌شرح حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر)

‌شرح حديث (بينما رسول الله جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الانتصار.

حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بن المسيب أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بـ أبي بكر رضي الله عنه فآذاه، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثانية، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتصر أبو بكر، فقال أبو بكر: أوجدت علي يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان)].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في الانتصار، أي: الانتصار للنفس، والانتقام لها، هذا هو المقصود من الانتصار في هذه الترجمة.

وأما الانتصار للحق فهذا أمر محمود؛ لأنه ليس للنفس وإنما هو لله، والترجمة إنما هي في الانتصار للنفس الذي هو الانتقام، ومن المعلوم أن الإنسان عندما يحصل له أذى أو أي شيء، فله أن يجازي بمثل ما جوزي به، ولا يزيد، ولكن صبره هو المطلوب، وهو الأولى والأفضل، وهو المرغب فيه، كما قال الله عز وجل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126]، فقوله:((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)) أي: عقوبة ليس فيها زيادة، ولكن هناك شيء أحسن من المعاقبة بالمثل والانتصار للنفس، وهو الصفح والتجاوز، ولهذا قال:((وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)).

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسبه شخص، وتكلم عليه، فسكت ولم يرد عليه، ثم تكلم ولم يرد عليه، ثم تكلم الثالثة فأجابه أبو بكر وانتصر لنفسه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه، فقال أبو بكر: أوجدت علي؟! يعني: أغضبت علي؟ فقال: (نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان)؛ لأن الشيطان يريد أن يحصل الخصام والمنازعة، وكل واحد يتكلم على الآخر، ومن المعلوم أن السكوت فيه السلامة، وإذا حصل الرد فقد يكون بأكثر، وقد يكون بالمثل، ولكنه يترتب على ذلك أن يزيد ذلك الذي تكلم أولاً؛ لأنه يريد أن يفتح له الباب في أن يتكلم عليه، ومعلوم أن ذلك سائغ، ولكن تركه في حق من هو من أهل الكمال مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أولى، فهذا الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم معناه: أنه كان أولى به أن يصفح، وأن يبقى على سكوته، وعلى عدم انتصاره لنفسه، وذلك أكمل له؛ لأنه إذا اقتص حصل له أن أخذ حقه، ولكنه إذا سكت فإنه يحصل الأجر والثواب، ولهذا قال تعالى:((وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)).

والحاصل: أن الإنسان يجوز أن يرد بالمثل، ولكن الترك والصفح والتجاوز أولى وأفضل، لأنه يحصل به الأجر، ويكون ذلك دافعاً وحافزاً للذي تكلم أن يندم، وأن يحصل منه تغير الحال إلى ما هو أحسن، كما قال الله عز وجل:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:34 - 35].

ص: 3