الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عربي أيضاً: يحتمل معناه أن يكون معناه كراهة الوضوء بفضل الأجنبية، يعني بعض الرجال إذا جاء إلى ماء وقد قيل: توضأت به فلانة لا شك أن ذهنه ينشغل ويذهب ذهنه كل مذهب، يأخذ يفكر بفلانة لا سيما إن كان يعرفها بشيء مشغل للبال، يقول: ويحتمل أن يكون معناه كراهة الوضوء بفضل الأجنبية، ليذكرها أثناء الغسل والاشتغال بها، والله أعلم.
هذا قاله ابن العربي، ولا شك أن له حظ من النظر؛ لأنه إذا قيل له: هذا ماء بعد فلانة توضأت فلانة إن كانت هذه فلانة مذكورة بشيء مما يشغل البال لا شك أنه ينشغل به، هذا كلام ليس في الروايات ما يدل عليه لكنه استنباط، نعم، والقول بأن حديث الباب صارف للنهي الوارد في الباب السابق من التحريم إلى التنزيه هو الأصل.
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يغتسل بفضل ميمونة، وأولئك يحملونه على أنها لم تخلو به، على أنها لم تخلو به، لكن إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يغتسل معها فمن يشاهدها؟ هي تغتسل وهي جنب، كيف لا تخلو به والنبي عليه الصلاة والسلام يتوضأ بعدها؟ يعني لو كان النبي عليه الصلاة والسلام موجود أثناء اغتسالها لاغتسل معها كما يفعل مع عائشة، مما يدل على أنه يغتسل بعدها، فلا وجه لقولهم أن المسألة أنه يوجد من يشاهدها، إذ لا يمكن أن يشاهدها غير النبي عليه الصلاة والسلام، يعني هل يتصور أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يشاهدها ويغتسل وينتظر بعدها إلى أن تنتهي ثم يغتسل بعدها هذا بعيد، وأولى ما يقال: إن النهي للتنزيه.
روي عن ابن عمر كراهة الوضوء بفضل المرأة إذا كانت حائضاً أو جنباً وخلت به، إذا كانت حائض أو جنب، وأما ما عدا ذلك فلا، يعني إذا كانت تتوضأ عن حدث أصغر فلا أثر لها، وعلى كل حال الكراهية للتنزيه، فإذا وجد غيره فهو أولى وإلا فالوضوء به والاغتسال منه لا إشكال فيه -إن شاء الله-.
سم.
طالب: عفا الله عنك: من خرج رواية شعبة؟
رواية شعبة عند الحاكم في المستدرك، هي ورواية الثوري، عند الحاكم في المستدرك.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء:
حدثنا هناد والحسن بن علي الخلال وغير واحد قالوا: حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث فلم يروِ أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد، وفي الباب عن ابن عباس وعائشة.
قال -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء" يعني بلفظ الخبر.
قال: "حدثنا هناد" وهو ابن السري "والحسن بن علي الخلال" الحلواني، المكي، ثقة ثبت، متقن، توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين "وغير واحد، قالوا: حدثنا أبو أسامة" فالحديث يرويه الإمام الترمذي عن جمع من الشيوخ، هؤلاء كلهم "قالوا: حدثنا أبو أسامة" وهو حماد بن أسامة القرشي مولاهم ثقة ثبت، توفي سنة إحدى ومائتين "عن الوليد بن كثير" المدني ثم الكوفي، وثقه ابن معين وأبو داود "عن محمد بن كعب" القرضي، ثقة عالم "عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج" قالوا: مستور، من الرابعة، والمستورد يطلق بإزاء المجهول، يعني الستارة تعادل الجهالة، ويطلق أيضاً بإزاء مجهول الحال لا مجهول العين، كما يطلق بإزاء مجهول الحال باطناً لا ظاهراً، يطلق المستور ويراد به مجهول الحال في الباطن دون الظاهر، ويطلق ويراد به مجهول الحال مطلقاً، ويطلق ويراد به المجهول بجميع أنواعه، والجهالة سواءً كانت العامة بجميع الأنواع أو الخاصة بالحال أو خاصة الخاصة بالباطن دون الظاهر محل كلام لأهل العلم في كونها جرح أو ليست بجرح، يعني هل الجهالة جرح أو عدم علم بحال الراوي؟ هل هي جرح؟ فإذا وجد مثل هذا نقول: الحديث ضعيف؛ لأن فيه عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج وهو مستور، والحديث ضعيف مباشرة لأن الجهالة جرح؟ أو نقول: يتوقف فيه حتى نعرف حال هذا الراوي؟ فالجهالة في تصرف بعض أهل العلم ما يدل على أنها جرح، ويجرح بها مباشرة، ويضعف الخبر بسببها، وهذا مقتضى جعلهم المجهول في ألفاظ التجريح، مقتضى جعلهم المجهول في ألفاظ التجريح، وأما كون الجهالة عدم علم بحال الراوي ولا تقتضي الجرح ولا يحكم على الحديث بالضعف لمجرد إطلاق الجهالة على أحد رواته فهو ما يدل عليه صنيع أبي حاتم حينما قال في كثير من الرواة: مجهول أي لا أعرفه، مجهول أي لا أعرفه، وعلى هذا عدم معرفة أبي حاتم بالراوي لا تجعلنا نضعف الحديث فضلاً عن أن يبحث الباحث المعاصر عن ترجمة راوي فلم يجد له ذكر فيما بين يديه من الكتب، لذا بعض الطلاب يقول: لم أجد لهذا الراوي ذكراً فيما بين يدي من الكتب فهو مجهول، ثم في النتيجة يقول: الحديث ضعيف؛ لأن فيه فلان وهو مجهول، يعني تقول: لم أقف عليه فيما
بين يدي من الكتب، وفي الحكم لا تقول: ضعيف، قل: أتوقف حتى أجد ما يدلني على ثقة الراوي أو ضعفه، كلام ابن حجر رحمه الله في النخبة يدل على أن الجهالة عدم علم بحال الراوي، ولذا يقول: ومن المهم معرفة أحوال الرواة تجريحاً أو تعديلاً أو جهالة، فجعل الجهالة قسيم للتجريح والتعديل، لا قسم من التجريح كما فعله في التقريب، في مراتب الرواة مراتب الجرح والتعديل جعل الجهالة من الجرح، وغيره ممن كتب في المراتب، وعلى هذا إذا أردنا أن نحكم على هذا الإسناد هل نقول: ضعيف لأن فيه مجهول؟ أو نقول: نتوقف فيه حتى نعرف حال هذا المجهول؟ لا شك أن اللفظ يختلف إطلاقه من إمام إلى إمام، فإذا عرفنا أن أبا حاتم يطلق الجهالة ويريد به عدم معرفته بحال هذا الراوي وإن عرفه غيره فالمسألة مسألة توقف، على أن أبا حاتم قد يطلق الجهالة على من هو مقل من الرواية ولو كان ثقة، إذا كانت روايته قليلة قال: مجهول، ولو كان ثقة، ولو كان من الصحابة، وقال في ترجمة راوٍ نسيت اسمه يقول: من المهاجرين الأولين مجهول، يعني يكفيه أنه صحابي، الصحبة ترفع الجهالة، بل أعلى درجات التوثيق وصفه بالصحبة.
"عن أبي سعيد الخدري" سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري "قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة؟ " وفي بعض الرواية: "أتتوضأ؟ " لأن أبا سعيد رآه يتوضأ، فقال له: أتتوضأ من بئر بضاعة؟ بضم الباء وأجيز كسرها، وبالضاد المعجمة كما هو المعروف بضاعة، وحكي بالصاد بصاعة، بئر معروفة في المدينة في دار بني ساعدة، والدار تطلق ويراد بها الحي، خير دور الأنصار يعني خير قبائلها، وأمر أن تبنى المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب، يعني في الأحياء والقبائل لا أن المراد بها داخل البيوت.
"أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض" جمع حيضة الخرقة التي تستعمل في دم الحيض، الخرقة التي تستعمل في دم الحيض "ولحوم الكلاب والنتن؟ " النتن بإسكان التاء، أو النَتِن فعِل، المراد به المنتن الذي تغيرت رائحته كالجيف مثلاً "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) إن الماء: الماء هذه للجنس هذا الأصل فيها، وقد يراد بها العهد يعني الماء المسئول عنه، المذكور في السؤال، الماء ماء بئر بضاعة طهور: يعني طاهر مطهر لا ينجسه شيء مما يلقى فيه، يعني لكثرته، لكثرته فإن بئر بضاعة كثير الماء لا يتغير بوقوع هذه الأشياء، لا يتغير له لون ولا طعم ولا رائحة.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وقد جود أبو أسامة هذا الحديث" يعني ضبطه وأتقنه، وصححه أحمد وابن معين والحاكم، وابن حزم، ومقتضى التصحيح من هؤلاء الأئمة أن عبيد الله الذي حكم عليه بأنه مستور أنه معروف عند هؤلاء الأئمة لا مستور، يعني مقتضى التصحيح أنه معروف لا مستور.
"فلم يروِ أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد" وهذا الحديث لا شك أنه حجة لمن يقول: إن الماء يبقى على أصله مهما وقع فيه من النجاسات إذا لم يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه، أما إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه فهذا محل إجماع إلا ما يذكر عن الظاهرية من العمل بإطلاق هذا الحديث أنه لا ينجسه شيء ولو تغير، هذا ذكر في بعض الشروح عن الظاهرية والذي يفهم من كلام ابن حزم في المحلى أنه مع الأئمة، إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه هذا محل إجماع؛ لأن المباشر المستعمل لهذا الماء المتغير بالنجاسة إنما هو مباشر للنجاسة، إنما هو مستعمل للنجاسة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد، يعني إذا روي عن أبي سعيد من غير وجه معناه أنه رواه غير عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، فيكون قد توبع عليه، إذا كان روي من غير وجه عن أبي سعيد فيكون قد توبع عليه، وتصحيح الأئمة لا يرفع الجهالة عن عبيد الله؛ لأن المجهول حديثه يرتقي بالطرق الأخرى، فيبقى مستور وحديثه منجبر برواية غيره، وعلى كل حال الحديث صحيح.
"وفي الباب عن ابن عباس" خرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان "وعائشة" مخرج عند الطبراني في الأوسط، وأبي يعلى، والبزار، وابن السكن، وفي الباب أيضاً عن جابر أخرجه ابن ماجه وهو ضعيف جداً.
والحديث قال بعض أهل العلم: أنه استدل به الظاهرية على ما ذهبوا إليه من أن الماء لا يتنجس مطلقاً وإن تغير لونه أو طعمه أو ريحه بوقوع النجاسات فيه، وهذا نسبه بعض الشراح إلى الظاهرية، والمعروف والذي يفيده كلام ابن حزم في المحلى أنه إذا تغير بالنجاسة أنه نجس كقول الأئمة، وأما غيرهم فخصوه، فمنهم من خصه بالتغير فقط وهم المالكية، المالكية الماء عندهم باقٍ على طهارته وعلى طهوريته، والماء طهور لا ينجسه شيء إلا إذا تغير قليلاً كان أو كثيراً، يعني لو أن هذا الماء في هذه العلبة وقع فيها نقطة نجاسة ثم نظرنا فيه ما تغير شيء، لا لونه ولا طعمه ولا ريحه نعم وقعت فيه هذا طاهر وإلا نجس؟ عند المالكية طاهر، عند الجمهور نجس؛ لأنه لاقى النجاسة وهو يسير قليل، وهو يسير، فالمالكية خصوه بالتغير، وجاء فيه حديث أبي أمامة: إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه، لكن هذا الاستثناء ضعيف باتفاق الحفاظ، والمعول في هذا الحكم على الإجماع، وأنه إذا تغير قليلاً كان أو كثيراً فإنه حينئذٍ يكون نجساً، وأما الشافعية والحنابلة فخصوه بحديث القلتين، فخصوه بحديث القلتين الذي يلي هذا، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-، وأما الحنفية فلهم في المسألة أقوال، منهم من قال: إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا إذا كان قليلاً، ويختلفون عن الحنابلة والشافعية في التحديد بالقلتين، فمنهم من يقول: القليل ما إذا حرك طرفه تحرك الطرف الآخر، فتحرك التطرف الآخر دليل على أن النجاسة إذا وقعت في هذا الطرف وصلت إلى الطرف الآخر، سرت إلى الطرف الآخر، أما إذا كان من الكثرة بحيث لا يتحرك طرفه إذا حرك طرفه الأدنى فإن النجاسة لا يتصور أنها تسري من هذا المكان إلى مكان آخر.